الصفحات

الاثنين، 3 يوليو 2023

الطعن 347 لسنة 45 ق جلسة 7 / 6 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 294 ص 578

جلسة 7 من يونيه سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عز الدين الحسيني نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة المستشارين: أحمد سابق، مصطفى قرطام، أحمد صبري أسعد وجلال الدين أنسي.

------------------

(294)
الطعن رقم 347 لسنة 45 القضائية

(1، 2) بيع. دعوى. شفعة. إثبات.
(1) شمول عقد البيع عقارات متعددة منفصلة عن بعضها. جواز طلب الشفعة في العقار الذي توافرت فيه للشفيع أسبابها. لا يعد ذلك تجزئة للصفقة. الاستثناء. أن يكون الباقي من العقارات غير صالح لما أعد له من انتفاع بدون العقار المشفوع فيه. عبء إثبات ذلك. على عاتق مدعيه.
(2) كفاية اختصام الشفيع للبائع والمشتري للأطيان المشفوع فيها. لا محل لاختصام البائع الآخر في ذات العقد لعقار آخر منفصل عن الأول. العوار اللاحق بخصومة الأخير. لا يستفيد منه طرفا البيع الأول.

--------------------
1 - إذا شمل البيع عقارات متعددة في ذات العقد، وكانت منفصلة بعضها عن البعض، فإن الأصل أن للشفيع أن يأخذ بالشفعة ما توافرت له فيه أسبابها دون العقارات الأخرى التي لا يستطيع أن يشفع فيها لو أنها بيعت مستقلة. واستثناء من هذا الأصل يشترط لعدم جواز التجزئة في الشفعة في هذه الحالة أن تكون العقارات مخصصة لعمل واحد أو لطريقة استغلال واحدة، بحيث يكون استعمال حق الشفعة بالنسبة إلى جزء منها يجعل الباقي غير صالح لما أعد له من انتفاع. ولما كان عبء الإثبات يقع على عاتق من يدعي خلاف الأصل، وكان الطاعن لم يقدم لهذه المحكمة ما يدل على تمسكه أمام محكمة الموضوع بأن العقارين المبيعين إليه رغم انفصالهما مخصصان لعمل واحد أو لطريقة استغلال واحدة وأن استعمال حق الشفعة بالنسبة إلى أحدهما يجعل العقار الآخر لا يصلح للانتفاع المعد له، فإنه بحسب الحكم أن يقيم قضاءه بعدم وجود تجزئة في الأخذ بالشفعة على أن الأطيان المطلوب أخذها بالشفعة منفصلة وقائمة بذاتها عن تلك التي اشتراها الطاعن من المطعون عليه التاسع، دون أن يكون الحكم ملزماً بالتحدث عن شرط تطبيق قاعدة عدم جواز تجزئة الشفعة في حالة تعدد العقارات المبيعة إذا كانت منفصلة طالما أن المشتري لم يتمسك بتوافر هذا الشرط.
2 - إذا كان الثابت من عقد البيع المشهر في...... أنه يتضمن بيعين كل منهما مستقل عن البيع الآخر تماماً، ففي حين باع المطعون عليه الثامن إلى الطاعن الأطيان المشفوع فيها، فقد باع له المطعون عليه التاسع أطياناً أخرى، ولما كانت المحكمة قد انتهت إلى أن الحكم بالشفعة - في هذه الحالة - ليس فيه تجزئة للصفقة، فإن الخصومة في دعوى الشفعة الراهنة تستقيم باختصام الطاعن والمطعون عليه الثامن، ومن ثم لا يفيد الطاعن من الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن أو اعتبار المدعي تاركاً دعواه أو بسقوط الخصومة بالنسبة للمطعون عليه التاسع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن بموجب عقد مسجل في 25/ 11/ 1968 اشترى الطاعن من المطعون عليه الثامن 3 ف و11 ط ومن المطعون عليه التاسع 1 ف و18 ط أطياناً مبينة بالعقد، فأقام المرحوم...... مورث المطعون عليهم السبعة الأول الدعوى رقم 739 لسنة 1968 كلي أسيوط ضد البائعين والمشتري وطلب فيها أخذ المساحة الأولى بالشفعة مقابل الثمن المودع خزانة المحكمة ومقداره 996 ج مع التسليم، تأسيساً على أنه شريك على الشيوع في الأطيان التي تقع فيها المساحة المذكورة دفع الطاعن بعدم قبول الدعوى لأن الحكم بالشفعة فيه تجزئة للصفقة، كما دفع بسقوط الحق في الأخذ بالشفعة لعدم إيداع الثمن الحقيقي للأطيان المشفوع فيها. وفي 22/ 3/ 1971 حكمت المحكمة برفض الدفعين وبأحقية الدعوى في أخذ الأطيان بالشفعة مقابل الثمن الذي أودعه خزانة المحكمة وقدره 996 ج وبتسليمها إليه. استأنف الطاعن والمطعون عليهما الثامن والتاسع هذا الحكم بالاستئناف رقم 91 سنة 46 ق أسيوط. وفي 8/ 2/ 1975 حكمت المحكمة بعدم جواز الاستئناف المرفوع من المستأنف الثالث (المطعون عليه التاسع) لعدم وجود مصلحة له في رفعه، وفي الاستئناف المرفوع من المستأنفين الأول والثاني (الطاعن والمطعون عليه الثامن) بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
حيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى فيها الطاعن بثانيها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور، وفي بيان ذلك يقول أنه دفع بعدم جواز التجزئة في الشفعة على أساس أن الشفيع قصر دعواه على طلب أخذ مساحة 3 ف و11 ط بالشفعة دون الأطيان الأخرى المبيعة معها بذات العقد، وأن من شأن تبعض الصفقة الواحدة على هذا النحو أن تصبح الأطيان التي لم يشفع فيها غير صالحة لما أعدت له من انتفاع. وقد جاء الحكم المطعون فيه قاصراً عن بحث ذلك، وبنى قضاءه في هذا الخصوص على أن الأطيان المشفوع فيها منفصلة تماماً عن الأطيان الأخرى المبيعة للطاعن من بائع آخر، في حين أن الاتصال بين العقارات بالنسبة للأطيان الزراعية ليس هو الميعاد في عدم جواز التجزئة في الشفعة وإنما معياره أن تكون الأرض الباقية غير صالحة لما أعدت له من انتفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه إذا شمل البيع عقارات متعددة في ذات العقد، وكانت منفصلة بعضها عن البعض، فإن الأصل أن للشفيع أن يأخذ بالشفعة ما توافرت له فيه أسبابها دون العقارات الأخرى التي لا يستطيع أن يشفع فيها لو أنها بيعت مستقلة. واستثناء من هذا الأصل يشترط لعدم جواز التجزئة في الشفعة في هذه الحالة أن تكون العقارات مخصصة لعمل واحد أو لطريقة استغلال واحدة، بحيث يكون استعمال حق الشفعة بالنسبة إلى جزء منها يجعل الباقي غير صالح لما أعد له من انتفاع. ولما كان عبء الإثبات يقع على عاتق من يدعي خلاف الأصل، وكان الطاعن لم يقدم لهذه المحكمة ما يدل على تمسكه أمام محكمة الموضوع بأن العقارين المبيعين إليه رغم انفصالهما مخصصان لعمل واحد أو لطريقة استغلال واحدة وأن استعمال حق الشفعة بالنسبة إلى أحدهما يجعل العقار الآخر لا يصلح للانتفاع المعد له، فإنه بحسب الحكم أن يقيم قضاءه بعدم وجود تجزئة في الأخذ بالشفعة على أن الأطيان المطلوب أخذها بالشفعة منفصلة وقائمة بذاتها من تلك التي اشتراها الطاعن من المطعون عليه التاسع، دون أن يكون الحكم ملزماً بالتحدث عن شرط تطبيق قاعدة عدم جواز تجزئة الشفعة في حالة تعدد العقارات المبيعة إذا كانت منفصلة طالما أن المشتري لم يتمسك بتوافر هذا الشرط، ويكون النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه البطلان في الإجراءات والقصور، وفي بيان ذلك يقول إن المطعون عليه التاسع اختصم في الدعوى بصفته أحد البائعين للأطيان المشفوع فيها، وقد دفع باعتبار الدعوى كأن لم تكن لعدم إعلانه بها خلال ثلاثة أشهر من تاريخ تقديم صحيفتها إلى قلم الكتاب كما دفع باعتبار المدعي تاركاً دعواه لعدم تنفيذ قرار المحكمة بإعادة إعلانه بعد الوقف الجزئي، ودفع كذلك بسقوط الخصومة طبقاً لنص المادة 134 من قانون المرافعات. وقد قضت محكمة أول درجة برفض الدفعين الأول والثالث بينما أغفلت الفصل في الدفع الثاني، ورغم تمسك المطعون عليه التاسع مع باقي المستأنفين بهذه الدفوع أمام محكمة الاستئناف إلا أنها قضت بعدم جواز الاستئناف بالنسبة للمطعون عليه التاسع وحجبت بذلك نفسها عن الفصل في هذه الدفوع التي كان من شأن قبولها انقضاء الخصومة في الدعوى برمتها لتعلقها بموضوع غير قابل للتجزئة.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الثابت من عقد البيع المشهر في 25/ 11/ 1968 أنه يتضمن بيعين كل منهما مستقل عن البيع الآخر تماماً، ففي حين باع المطعون عليه الثامن إلى الطاعن الأطيان المشفوع فيها، فقد باع له المطعون عليه التاسع أطياناً أخرى، ولما كانت المحكمة قد انتهت - وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب الثاني - إلى أن الحكم بالشفعة ليس فيه تجزئة للصفقة، فإن الخصومة في دعوى الشفعة الراهنة تستقيم باختصام الطاعن والمطعون عليه الثامن، ومن ثم لا يفيد الطاعن من الحكم باعتبار الدعوى كأن لم تكن أو اعتبار المدعي تاركاً دعواه أو بسقوط الخصومة بالنسبة للمطعون عليه التاسع، ويكون النعي على الحكم بهذا السبب غير مقبول.
وحيث إن حاصل السبب الأول الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور، ذلك أن الطاعن تمسك أمام محكمة الاستئناف بسقوط حق الشفيع في الأخذ بالشفعة لنزوله عنه، واستدل على ذلك بإقرار كتابي مؤرخ في 30/ 10/ 1967 أفصح فيه الأخير عن عدم رغبته في شراء الأطيان المشفوع فيها، وبرغم ما لهذا الإقرار من دلالة صريحة على نزول الشفيع عن حقه في الأخذ بالشفعة فقد ذهب الحكم المطعون فيه إلى عدم وجود دليل على التنازل عن هذا الحق، وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن لمحكمة الموضوع السلطة المطلقة في تفسير الإقرارات والاتفاقات والمشارطات بما تراه أدنى إلى نية عاقديها أو أصحاب الشأن فيها، مستهدية بوقائع الدعوى وظروفها دون رقابة لمحكمة النقض عليها في ذلك ما دامت لم تخرج في تفسيرها عن المعنى الذي تحتمله عبارات المحرر، ولما كان الثابت من الإقرار المؤرخ 30/ 10/ 1967 الصادر من الشفيع (مورث المطعون عليهم السبعة الأول) للدكتور...... أن الأخير قد عرض عليه شراء الأطيان المشفوع فيها فأبدى عدم رغبته في شرائها، وكانت محكمة الموضوع قد استخلصت من عبارات الإقرار وظروف الدعوى والمستندات المقدمة فيها أن الإقرار حرر بمناسبة بيع صادر من والد البائعين إلى مشتري آخر بمجرد أن عرض العقار المشفوع فيه على الشفيع وعدم قبوله شراءه لا يعد تنازلاً عن حقه في الشفعة، وهو استخلاص موضوعي سائغ تحتمله عبارات الإقرار، فإن النعي على الحكم بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثالث والخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والقصور، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك بسقوط حق الشفيع لعدم إيداعه الثمن الحقيقي للأطيان المشفوع فيها على أساس أن ثمنها مع الأطيان الأخرى طبقاً لما أثبت بحاشية عقد البيع مبلغ 3000 ج، وقد اعتمدت محكمة الموضوع الثمن المثبت أصلاً بالعقد ومقداره 1500 ج على أنه الثمن الحقيقي واستخلصت من ذلك أن ثمن الأطيان المشفوع فيها يعادل المبلغ الذي أودعه الشفيع، دون أن تأخذ في الاعتبار عدم تساوي الأطيان في الجودة واختلافها في القيمة تبعاً لذلك، فضلاً عما قدمه الطاعن من مستندات تدل على أن ثمن المثل لهذه الأطيان يزيد عما أودعه الشفيع مقابل ثمنها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الثابت من الأوراق أن الشفيع دفع أمام محكمة الموضوع بصورية الثمن المبين بعقد البيع النهائي وتمسك بأن الثمن الحقيقي هو الوارد بالعقد الابتدائي المؤرخ 29/ 5/ 1968 - والذي أشهر تحت رقم 1549 بتاريخ 25/ 11/ 1968. أنه ذكر في طلب هذا العقد بالبند الثاني منه أن البيع قد تم للصفقتين مقابل ثمن مقداره 1500 ج دون تحديد لثمن الفدان في كل قطعة، وقد أثبت في حاشية العقد تصحيحاً يتضمن أن الثمن قد عدل 2000 ج بناء على التماس من المشتري برفعه إلى تلك القيمة وكان ذلك بتاريخ 29/ 11/ 1968 ومن ثم فإن المحكمة لا تلتفت إلى هذا التعديل في أصل الثمن الثابت على هامش العقد لأنه عدل بفعل المشتري بقصد الربح من وراء ذلك وتعجيز الشفيع عن الأخذ بالشفعة، وتأخذ بالثمن الوارد في صلب العقد الابتدائي المؤرخ 29/ 5/ 1968 والموقع عليه من البائعين والمشتري وهو 1500 ج للصفقة كلها، لأنه ليس من المعقول أن يظل المشتري ساكناً طوال هذه المدة حتى 29/ 10/ 1968 وهو تاريخ إجراء التعديل في الثمن وأن الثابت من مطالعة إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة أنه قدم لقلم الكتاب في يوم 29/ 10/ 1968... ولما كان الثمن المبين بالعقد هو 1500 ج ولم ينازع المشتري في أن ثمن الفدان في الأرض الكائنة بحوض القاضي 34. ومن ثم يكون ثمن الفدان الواحد 268 ج و800 م وثمن الـ 3 ف و11 ط هو مبلغ 929 ج و605 م حسبما جاء بعقد البيع المؤرخ 29/ 5/ 1968 وبالتالي يكون إيداع الثمن قد تم صحيحاً، ولما كان استخلاص الثمن الحقيقي للأطيان المشفوع فيها من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع متى كان استخلاصه لها سائغاً، وكان ما قرره الحكم في هذا المجال يكفي لحمل قضائه ويؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، فإن النعي بهذا السبب يكون مجرد جدل موضوعي في تقدير الدليل مما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق