جلسة 26 من نوفمبر سنة 1959
برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.
--------------
(109)
الطعن رقم 225 لسنة 25 القضائية
ضرائب "ضريبة الأرباح التجارية والصناعية" "الاتفاق على وعاء الضريبة" "محاولة الاتفاق مع الممول قبل إحالة النزاع للجنة".
وجوبها:
المرحلة التي تحاول فيها المأمورية الاتفاق مع الممول قبل إحالة النزاع على لجنة التقدير هي مرحلة واجبة قدر المشرع تحقق المصلحة في التزامها بالنسبة للممول أو المصلحة. إغفال إجرائها يترتب عليه عدم جواز طرح النزاع على لجنة التقدير.
حرمان الممول منها:
عدم مراعاة المصلحة للإجراءات التي نصت عليها اللائحة التنفيذية بإعلان الممول بالنموذجين 19 و20 في المواعيد المنصوص عليها قبل إحالته على لجنة التقدير وحرمانه منها يترتب عليه بطلان الإجراءات.
المحكمة
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن مأمورية ضرائب بني سويف أخطرت مورث الطاعنين بالنموذجين رقمي 19 و20 ضرائب في 6 من يوليه سنة 1950 بتقدير الضريبة المستحقة عليه عن أرباحه التجارية الناتجة عن تجارة الأقطان في المدة من سنة 43 - 46، وتسلم المورث هذين الإخطارين في 10 من يوليه سنة 1950، وقد أحالته المأمورية في نفس الوقت بالنموذج 21 إلى لجنة تقدير الضرائب، فدفع أمامها ببطلان الإجراءات التي اتخذتها المأمورية لأنها فوتت عليه المهلة المنصوص عليها في المادتين 25 و26 من اللائحة التنفيذية للقانون 14 سنة 1939 - وقد أصدرت اللجنة قرارها في 22 من يونيه سنة 1950 برفض هذا الدفع وتحديد أرباحه عن السنوات المذكورة بالمبالغ الواردة في ذلك القرار، فطعن مورث الطاعنين في قرار اللجنة بالدعوى رقم 67 سنة 50 تجاري كلي بني سويف طالباً إلغاء قرار لجنة التقدير واعتباره كأن لم يكن، ودفع أمام المحكمة ببطلان الإجراءات التي اتخذتها المأمورية وبالتالي قرار اللجنة الذي بني على هذه الإجراءات، وقد أصدرت محكمة بني سويف الابتدائية حكمها في 28 من إبريل سنة 1951 بقبول الطعن شكلاً وبرفض الدفع ببطلان الإجراءات وقبل الفصل في الموضوع بندب خبير الضرائب الحكومي لفحص المستندات وتحديد صافي أرباح الطاعن عن سنى النزاع، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بجلسة 26 من سبتمبر سنة 1953 بتحديد أرباح الطاعن عن سنى النزاع بالمبالغ التي أظهرها الخبير وهي على التوالي 150 جنيهاً و400 مليم و1076 جنيهاً و1399 جنيهاً و1678 جنيهاً و800 مليم، استأنف مورث الطاعنين هذا الحكم وكذلك الحكم الصادر في 28 من إبريل سنة 1951 وقيد الاستئناف برقم 42 سنة 71 ق. وبجلسة 27 من مايو سنة 1954 دفع الحاضر عن المستأنف بسقوط حق مصلحة الضرائب في المطالبة بالضرائب عن جميع سنوات النزاع تأسيساً على بطلان إجراءات المأمورية وبطلان قرار لجنة التقدير، وقد أصدرت محكمة استئناف القاهرة حكمها في 25 من نوفمبر سنة 1954 بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع أولاً - برفض الاستئناف عن الحكم الصادر بتاريخ 28 من إبريل سنة 1951 وتأييد ذلك الحكم فيما قضى به من رفض الدفع ببطلان الإجراءات. ثانياً - برفض الدفع الخاص بسقوط الحق في الضريبة المستحقة في سنى النزاع. ثالثاً - بتعديل الحكم الصادر في 26 من سبتمبر سنة 1953 واعتبار أرباح مورث المستأنفين في السنوات 1943 - 1944 و1944 - 1945 و1945 - 1946 بالمبالغ الآتية على التوالي 776 جنيهاً و400 مليم و949 جنيهاً و800 مليم و1228 جنيهاً وألزمت المستأنفين بالمصاريف المناسبة عن الدرجتين ومصلحة الضرائب بباقي المصروفات عنهما وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة - فطعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض في 9 من مايو سنة 1955، ونظر الطعن بدائرة فحص الطعون بجلسة 9 من يونيه سنة 1959 وفيها أصر الحاضر عن الطاعنين على طلباتهم كما طلبت النيابة العامة إحالة الطعن إلى الدائرة المدنية والتجارية لتقضي بنقض الحكم المطعون فيه - وأصدرت دائرة فحص الطعون قرارها في 9 من يونيه سنة 1959 بإحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 12 من نوفمبر سنة 1959، وفي تلك الجلسة صمم الطاعنون على طلب نقض الحكم، كما صممت مصلحة الضرائب على طلب رفض الطعن، وكذلك صممت النيابة العامة على طلباتها.
وحيث إن الطاعنين ينعون في السبب الأول من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه أنه خالف القانون وذلك فيما قضى به الحكم من رفض الاستئناف عن الحكم الصادر في 28 من إبريل سنة 1951 القاضي برفض الدفع ببطلان الإجراءات - ذلك أن مأمورية الضرائب قد حررت النموذج 19 ضرائب بتاريخ 5 من يوليه سنة 1950 وحررت النموذج 20 من ذات التاريخ وصدرت النموذجين معاً بتاريخ 6 من يوليه سنة 1950 برقمي 5551 و5552 داخل مظروف واحد سلم إلى مورث الطاعن في يوم 10 من يوليه سنة 1950 كما أحالت الموضوع في يوم 5 يوليه سنة 1950 إلى لجنة التقدير بالنموذج رقم 21 وبذلك حرمت مورثهم في المهلتين المقررتين والمدونتين بصيغة النموذجين وهما عشرين يوماً وعشرة أيام وفي ذلك إهدار لنصوص المادتين 47 و52 من القانون رقم 14 لسنة 1939 والمادتين 25 و26 من اللائحة التنفيذية. وإذا أهملت النصوص الإجرائية فإن إهمالها يستتبع البطلان حتماً بغير حاجة للنص عليه - وقد نصت المادة 25 من قانون المرافعات على أنه "يكون الإجراء باطلاً إذا نص القانون على بطلانه أو إذا شابه عيب جوهري ترتب عليه ضرر للخصم" وهذان الشرطان متوافران، ومتى ثبت ذلك وتبين أن إجراءات المأمورية باطلة فإن ما ترتب عليها باطل وبالتالي لا يكون لها أثر في قطع التقادم.
وحيث إنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه إنه أورد في خصوص رفض الدفع بالبطلان ما يلي: "ومن حيث إن القانون رقم 14 لسنة 1939 لم ينص على البطلان في حالة عدم مراعاة المواعيد التي نصت عليها المادتان 25 و26 من اللائحة التنفيذية للقانون المذكور كما أنها ليست من قبيل المواعيد المنصوص عليها في قانون المرافعات والتي يترتب عليها البطلان". وفضلاً عن ذلك فإنه لم يترتب على مخالفتها أي ضرر للطاعن لأن لجنة التقدير هي المختصة أصلاً بتقدير الضريبة. أما المأمورية فعملها ينحصر في المناقشة في إمكان الاتفاق على الضريبة. ومن ثم يكون هذا الدفع في غير محله ويتعين رفضه" - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه غير صحيح في القانون، ذلك أن المادة 25 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 14 لسنة 1939 المعدلة بالقرار الوزاري رقم 39 لسنة 1946 نصت "على أنه إذا كان الممول لم يقدم إقراراً عن أرباحه أو قدم إقراراً ولم يقتنع به المأمور رغماً عن الإيضاحات التي طلبها. فإن مأمور الضرائب يخطر الممول بالأرباح التقديرية التي يرى اتخاذها أساساً لربط الضريبة (على النموذج رقم 19 ضرائب) وتحدد له عشرين يوماً لإرسال قبوله أو ملاحظاته. فإذا لم يقبل الممول التقدير وأرسل ملاحظات لم يقتنع بها المأمور أو لم يبعث بملاحظات ولم يتم الاتفاق بين المأمور والممول. فإن المأمور يخطره بعزمه على إحالة الموضوع إلى لجنة التقدير وذلك على (النموذج رقم 20 ضرائب) إذا لم تقبل وجهة نظر المأمور في ظرف العشرة أيام التالية لاستلام النموذج سالف الذكر - فإذا وافق الممول على وجهة نظر المأمور في خلال المهلة السابقة يتولى المأمور عرض أساس الربط على المدير المحلي لاستصدار الورد الذي تدفع بموجبه الضريبة" كما نصت المادة 52 من القانون رقم 14 لسنة 1939 على أن تحيل مصلحة الضرائب إلى لجان التقدير جميع المسائل التي لم يتم اتفاق عليها بين المصلحة والممول مع موافاتها بكل ما قدمه الممول من الإقرارات والبيانات ومع موافاتها كذلك بملاحظات المصلحة - ومفاد هذه النصوص المنطبقة على وقائع النزاع أن مأمورية الضرائب يجب أن تعرض تقديراتها على الممول أولاً. فإذا رفضها كان لها أن تحيل ما لم يتم الاتفاق عليه بينها وبين الممول على لجنة التقدير. وهذه المرحلة التي تحاول فيها المأمورية الاتفاق مع الممول قبل إحالة النزاع على لجنة التقدير هي مرحلة واجبة قدر المشرع تحقق المصلحة في التزامها سواء بالنسبة للممول أو لمصلحة الضرائب. ويترتب على إغفال إجراء هذه المحاولة عدم جواز طرح النزاع على لجنة التقدير - والأصل في الإحالة على لجنة التقدير أن تتم وفقاً للائحة التنفيذية، وأن تراعى الإجراءات التي نصت عليها بإعلان الممول بالنموذجين رقمي 19 و20 ضرائب في المواعيد المنصوص عليها قبل إحالته على لجنة التقدير، ومتى كان الثابت أن مصلحة الضرائب قد خرجت على هذا النظر وأحالت مورث الطاعنين إلى لجنة التقدير في ذات يوم الذي أعلن فيه بالنموذجين رقمي 19 و20 ضرائب، ودون إتاحة الفرصة له من الإفادة بالمواعيد المنصوص عليها في اللائحة التنفيذية والمبينة بهذين النموذجين، فإن إحالته إلى لجنة التقدير بالتأسيس على هذه الإجراءات الباطلة يكون باطلاً. ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بتأييد الحكم القاضي برفض الدفع ببطلان الإجراءات قد خالف القانون بما يستوجب نقضه بلا حاجة لبحث ما خلا ذلك من أوجه الطعن.
وحيث إن الاستئناف صالح للفصل فيه - ولما سبق بيانه - يتعين إلغاء الحكم المستأنف الصادر في 28 من إبريل سنة 1951 والقضاء ببطلان قرار لجنة التقدير الصادر في 22 من يوليه سنة 1950 واعتباره كأن لم يكن. كما يتعين تبعاً لذلك إلغاء الحكم المستأنف الصادر في الموضوع بتاريخ 26 من سبتمبر سنة 1953.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق