الصفحات

الجمعة، 14 يوليو 2023

الطعن 1914 لسنة 56 ق جلسة 9 / 5 / 1991 مكتب فني 42 ج 1 ق 166 ص 1034

جلسة 9 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد المستشار/ عبد المنصف أحمد هاشم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ ود. رفعت عبد المجيد ومحمد خيري الجندي نواب رئيس المحكمة ومحمد شهاوي.

---------------

(166)
الطعن رقم 1914 لسنة 56 القضائية

(1) تعويض. حكم "حجية الحكم". مسئولية.
الحكم نهائياً بإدانة الطاعن بتهمتي الإصابة الخطأ والقيادة بحالة ينجم عنها الخطر. يقيد المحكمة المدنية عند فصلها في دعوى التعويض عن إتلاف السيارة التي اصطدم بها. علة ذلك. الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية المادتان 456 إجراءات جنائية، 102 إثبات. (مثال).
(2) تعويض "تقدير التعويض". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير التعويض".
محكمة الموضوع. استقلالها بتقدير التعويض. كفاية بيان الحكم لعناصر الضرر المستوجب للتعويض.
(3) تعويض. مسئولية.
اختلاف مصدر إلزام مرتكب الفعل الضار عن مصدر إلزام شركة التأمين مع تحقق شروط مسئوليتها. أثره. تضامنهما في أداء التعويض. للدائن التنفيذ به كله قبل أيهما. توقف رجوع الموفى على الآخر على ما بينهما من علاقة.

---------------
1 - مفاد ما نصت عليه المادتان 456 من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية. وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له (1) وإذ كان الفعل غير المشروع الذي رفعت الدعوى الجنائية على أساسه هو بذاته الذي نشأ عنه إتلاف السيارة والذي يستند إليه المطعون ضده الأول في المطالبة بالتعويض عن هذه التلفيات، فإن الحكم الجنائي المذكور إذ قضى بإدانة الطاعن لثبوت الخطأ في جانبه يكون قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله ويحوز في شأن هذه المسألة المشتركة حجية الشيء المحكوم فيه أمام المحكمة المدنية وتتقيد به هذه المحكمة ويمتنع عليها أن تخالفه أو تعيد بحثه. وإذ التزم الحكم المطعون فيه بحجية الحكم الجنائي في هذا الخصوص فإنه يكون قد اختار صحيح القانون.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن تقدير التعويض هو من إطلاقات محكمة الموضوع بحسب ما تراه مناسباً مستهدية في ذلك بكافة الظروف والملابسات في الدعوى. فلا عليها إن هي قدرت التعويض الذي رأته مناسباً بدون أن تبين أو ترد على ما أثاره الطاعن من ظروف، وأنه إذا لم يكن التعويض مقدراً بالاتفاق أو بنص في القانون فإن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقديره دون رقابة عليها من محكمة النقض وبحسب الحكم أن يكون قد بين عناصر الضرر الذي يقدر التعويض عنه.
3 - إذ استند المطعون ضده الأول في طلباته قبل الطاعن إلى أحكام المسئولية التقصيرية باعتباره مرتكب الفعل الضار، واستند في طلباته الموجهة إلى المطعون ضده الأخير إلى وثيقة التأمين، فيكون مصدر إلزام كل منهما مختلفاً عن مصدر إلزام الآخر ويكونا متضامنين في أداء التعويض ويترتب عليه متى تحققت شروط مسئولية كل منهما وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون كل منهما مسئولاً عن كل الدين ويستطيع الدائن التنفيذ به كله قبل أيهما، ويتوقف رجوع من يوفى منهما بكامل الدين على الآخر على ما قد يكون بينهما من علاقة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم الأربعة الأول أقاموا الدعوى رقم 2857 سنة 1983 مدني طنطا الابتدائية بطلب الحكم بإلزام الطاعن بالتضامم مع المطعون ضده الأخير بأن يدفعا لهم مبلغ 22000 جنيه، وقالوا بياناً لدعواهم إنه بتاريخ 21 من أغسطس سنة 1981 تسبب الطاعن بخطئه في إصابتهم جميعاً بالإصابات المبينة بالتقارير الطبية المرفقة بأوراق الجنحة رقم 2919 سنة 1981 - بركة السبع والتي قضي فيها بإدانة الطاعن بحكم صادر باتاً، وإذ لحقتهم أضرار مادية وأدبية نتيجة هذه الإصابات بالإضافة إلى تهشم السيارة التي كانوا يستقلونها ويقدرون التعويض الجابر لها بالمبلغ المطالب به وكانت السيارة أداة الحادث مؤمناً عليها لدى الشركة التي يمثلها المطعون ضده الأخير فقد أقاموا الدعوى بطلبهم سالف البيان، وبتاريخ 25 من يناير سنة 1984 قضت المحكمة بإلزام الطاعن بالتضامم مع المطعون ضده الأخير بأن يدفعا للمطعون ضده الأول مبلغ 2500 جنيه كتعويض عما أصاب سيارته من تلفيات و500 جنيه عما لحقه من ضرر مادي وأدبي بسبب الإصابة وللمطعون ضدها الثانية مبلغ 300 جنيه والثالثة مبلغ 200 جنيه والرابعة 200 جنيه تعويضاً عما لحقهم من أضرار مادية وأدبية. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 236 سنة 34 قضائية، كما استأنفه المطعون ضده الأخير بالاستئناف رقم 345 سنة 34 قضائية وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الثاني إلى الأول قضت بتاريخ 3/ 4/ 1986 في موضوع الاستئناف رقم 345 سنة 34 قضائية بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام المستأنف - المطعون ضده الأخير - بمبلغ 2500 قيمة التعويض عن تلفيات السيارة ورفض الدعوى قبله في هذا الشق من الطلبات وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك، وفي موضوع الاستئناف رقم 236 سنة 34 قضائية بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه تقيد في ثبوت الخطأ في جانبه عن واقعة إتلاف السيارة بحجية الحكم الجنائي القاضي بإدانته عن تهمة الإصابة الخطأ، في حين أن واقعة إتلاف السيارة لم تكن من بين التهم التي حوكم الطاعن عنها جنائياً فلا يكون للحكم الجنائي المذكور أية حجية بالنسبة لطلب التعويض عن الواقعة سالفة الذكر وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن مفاد ما نصت عليه المادتان 456 من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية. وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الدعوى الجنائية رفعت على الطاعن بتهمة الإصابة الخطأ وقيادة سيارة بحالة ينجم عنها الخطر وأن المحكمة قضت بإدانته وصار هذا الحكم باتاً، وإذ كان الفعل غير المشروع الذي رفعت الدعوى الجنائية على أساسه هو بذاته الذي نشأ عنه إتلاف السيارة - والذي يستند إليه المطعون ضده الأول في المطالبة بالتعويض عن هذه التلفيات، فإن الحكم الجنائي المذكور إذ قضى بإدانة الطاعن لثبوت الخطأ في جانبه يكون قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله ويحوز في شأن هذه المسألة المشتركة حجية الشيء المحكوم فيه أمام المحكمة المدنية وتتقيد به هذه المحكمة ويمتنع عليها أن تخالفه أو تعيد بحثه، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بحجية الحكم الجنائي في هذا الخصوص فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه قدر التعويض عن التلفيات التي لحقت بسيارة المطعون ضده الأول تقديراً جزافياً بمبلغ 2500 جنيه دون أن يستند في ذلك إلى ما له أصل ثابت في الأوراق ومن أقوال شهود أو تقرير خبرة أو فواتير إصلاح وقد تمسك الطاعن أمام محكمة الاستئناف بوجود مبالغة في هذا التقدير غير أن الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع وانتهى إلى تأييد تقدير الحكم الابتدائي لمبلغ التعويض المذكور وبذلك يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردوداً ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تقدير التعويض هو من إطلاقات محكمة الموضوع بحسب ما تراه مناسباً مستهدية في ذلك بكافة الظروف والملابسات في الدعوى. فلا عليها إن هي قدرت التعويض الذي رأته مناسباً بدون أن تبين أو ترد على ما أثاره الطاعن من ظروف، وأنه إذا لم يكن التعويض مقدراً بالاتفاق أو بنص في القانون فإن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقديره دون رقابة عليها من محكمة النقض وبحسب الحكم أن يكون قد بين عناصر الضرر الذي يقدر التعويض عنه، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه وأحال إليه قد قدر مبلغ التعويض عن التلفيات التي لحقت سيارة المطعون ضده الأول بسبب العمل غير المشروع الذي وقع من الطاعن بمبلغ 2500 جـ مستهدياً في ذلك بما ثبت بمحضر المعاينة الذي أجرى بمعرفة مهندس مرور المنوفية والمرفق ضمن أوراق الجنحة المتضمنة لأوراق - الدعوى من إصابتها بتلفيات عديدة على النحو المبين بذلك المحضر، وما بان من محضر تسليم السيارة المقدم من المطعون ضده سالف الذكر والذي يفيد تسلمه لها من الموزع في تاريخ مقارب للحادث، وكان ذلك من الحكم كاف لحمل قضائه في هذا الشأن فإن النعي عليه بالقصور في التسبيب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بأن السيارة أداة الحادث مؤمن عليها إجبارياً لدى الشركة التي يمثلها المطعون ضده الأخير وهي ملزمة بتغطية كافة الحوادث التي تنشأ عن السيارة المؤمن عليها ومنها الإتلاف الحاصل لسيارة المطعون ضدهم الأربعة الأول، غير أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى قبل شركة التأمين بالنسبة لطلب التعويض عن تلك التلفيات ولم يرد على دفاع الطاعن في هذا الشأن، وهو ما يعيبه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الأول قد استند في طلباته قبل الطاعن إلى أحكام المسئولية التقصيرية باعتباره مرتكب الفعل الضار، واستند في طلباته الموجهة إلى المطعون ضده الأخير إلى وثيقة التأمين، فيكون مصدر إلزام كل منهما مختلفاً عن مصدر إلزام الآخر ويكونا متضامنين في أداء التعويض ويترتب عليه متى تحققت شروط مسئولية كل منهما - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون كل منهما مسئولاً عن كل الدين ويستطيع الدائن التنفيذ به كله قبل أيهما، ويتوقف رجوع من يوفى منهما بكامل الدين على الآخر على ما قد يكون بينهما من علاقة، لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه قد خلص - ودون نعي عليه في هذا الخصوص - إلى تحقق مسئولية الطاعن عن التعويض باعتباره مرتكب العمل الضار، وكان هذا وحده كاف لحمل قضائه بإلزامه بكل التعويض المقرر عن تلفيات السيارة المملوكة للمطعون ضدهم الأربعة الأول، ومن ثم فإن انتهاء الحكم المطعون فيه إلى عدم مسئولية شركة التأمين - التي يمثلها المطعون ضده الأخير عن تعويض التلفيات التي حدثت بالسيارة سالفة الذكر - أياً كان وجه الرأي فيه - لا يشكل ضرراً بالطاعن ولا يقبل منه من ثم ما أثاره في هذا الخصوص.
ولما تقدم يتعين القضاء برفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق