الصفحات

الاثنين، 24 يوليو 2023

الطعن 102 لسنة 6 ق جلسة 18 / 2 / 1961 إدارية عليا مكتب فني 6 ج 2 ق 87 ص 665

جلسة 4 من فبراير سنة 1961

برياسة السيد/ سيد علي الدمراوي نائب رئيس المجلس وعضوية السادة سيد إبراهيم الديواني ومصطفى كامل إسماعيل وحسني جورجي ومحمد مختار العزبي المستشارين.

---------------

(87)

القضية رقم 801 لسنة 5 القضائية

موظف - ترقية - شرطة - مجلس البوليس الأعلى 

- نظام الترقية قبل صدور القانون رقم 210 لسنة 1951 - حق مجلس البوليس الأعلى في ترقية أحد المعاونين مع تأخير أقدميته في الدرجة المرقى إليها بدلاً من تركه في الترقية - القول بأن تأخير الأقدمية عقوبة غير سليم - أساس ذلك.

---------------
قبل صدور القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة كانت الترقيات بالجدارة ومن ثم فإنه مما لا شك فيه أن مجلس البوليس الأعلى كان يملك تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة وقد كانت صحيفة خدمته تبرر هذا التخطي وفي هذه الحالة كان سيترتب على تخطيه في الترقية أن يبقى في الدرجة السادسة وأن يسبقه جميع من يلونه في الأقدمية في الدرجة السادسة الذين يتقرر ترقيتهم إلى الدرجة الخامسة، فإذا كان مجلس البوليس الأعلى رأى أن لا يحرم المدعي من الترقية مكتفياً بتأخيره في الأقدمية ثلاثين معاوناً فإن مثل هذا القرار مما يدخل في اختصاصه ولا يحتج على ذلك بأن قرار التأخير في الأقدمية لا يعدو أن يكون عقوبة، وإذ كان المدعي قد سبق معاقبته بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه، فإنه يكون قد عوقب مرتين من أجل جرم واحد، لا يجوز الاحتجاج بهذا القول لأن الترقية لم تكن حتمية بل هي جوازية للمجلس حسبما يتبين من صحيفة خدمة الموظف المعروض أمر ترقيته، فإذا وجد أن صحيفة لا ترشحه للترقية جاز له تخطيه ويكون سبب التخطي في هذه الحالة سوء صحيفة الموظف بما ارتكبه من مخالفات ووقع عليه من أجلها من جزاءات، فالتخطي في الترقية في هذه الحالة ليس عقوبة ثانية من أجل جرم واحد وإنما هو نتيجة لسوء صحيفة خدمة الموظف مما يجعله غير جدير بالترقي، ومن ثم فإن قرار مجلس البوليس الأعلى بتأخير أقدمية المدعي ثلاثين معاوناً لم يكن عقوبة ثانية وإنما كانت نتيجة لسوء صحيفة المدعي وقد رأى المجلس عدم حرمانه من الترقية والاكتفاء بهذا التخطي.


إجراءات الطعن

في 27 من أبريل سنة 1959 أودع السيد رئيس هيئة مفوضي الدولة سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 801 سنة 5 القضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 26 من فبراير سنة 1959 في الدعوى رقم 12215 لسنة 8 القضائية المقامة من السيد/ الحسيني أحمد الحديدي ضد وزارة الداخلية والقاضي "بقبول الدعوى شكلاً وفي الموضوع بإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 525 بتاريخ 16 من يوليه سنة 1948 فيما تضمنه من تأخير أقدمية المدعي ثلاثين معاوناً مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات" وطلب السيد رئيس هيئة المفوضين - للأسباب التي استند إليها في عريضة الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى. وقد أعلن هذا الطعن إلى الحكومة في 28 من يونيه سنة 1959 وإلى المطعون ضده (المدعي) في 2 من يوليه سنة 1959 وعرض على دائرة فحص الطعون بجلسة 26 من يونيه سنة 1960 فقررت إحالة المدعي إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 19 من نوفمبر سنة 1960 وبعد المداولة في الجلسات قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 21 من يناير سنة 1961 ثم قررت مد أجل إصدار الحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المدعي بعريضة مؤرخة 26 من يوليه سنة 1954 أقام الدعوى رقم 12215 لسنة 8 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزارة الداخلية طلب فيها الحكم "بإلغاء قرار مجلس البوليس الأعلى الصادر في 5 من يوليه سنة 1948 والخاص بتأخير أقدمية المدعي ثلاثين معاوناً وبتعديل أقدميته للدرجة الخامسة إلى أول يناير سنة 1948 وجعل اسمه في كشف الأقدمية بعد السيد/ إبراهيم أحمد منصور مع إلزام الوزارة المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وحفظ كافة حقوق المدعي التي تترتب على هذا التعديل" وقال المدعي شرحاً لدعواه أنه تخرج في كلية الحقوق في سنة 1937 وعين بوظيفة معاون إدارة في 11 من يوليه سنة 1939 في الدرجة السادسة وكان اسمه في كشف الأقدمية تالياً لاسم السيد/ إبراهيم أحمد منصور وفي سنة 1945 أسندت إليه أعمال التموين بمركز كفر صقر في وقت كانت تعليمات التموين فيه متضاربة، وفي ديسمبر سنة 1945 لاحظ أحد مراجعي حسابات التموين أن هناك إذنين بمقدار 952 أقة سكر صرفاً من تاجري جملة زيادة وقد أجرت النيابة العمومية تحقيقاً في الموضوع تبين لها فيه أن المسئول عن هذين الإذنين هو كاتب التموين الذي يمسك الدفاتر ويحرر التصريحات ويوقعها - أما المدعي فمسئوليته لا تعدو أن تكون تقصيراً منه في مراجعة الدفاتر وهذا التقصير يسأل عنه إدارياً إذا شاءت الوزارة ولم تطلب النيابة مجازاته إدارياً ومع ذلك فقد عاقبته الوزارة بخصم خمسة عشر يوماً من راتبه وحرمانه من علاوة كان يستحقها في ذلك الوقت فتظلم المدعي من هذا القرار، وفي شهر يوليه سنة 1948 رقي المدعي إلى الدرجة الخامسة وفي شهر يناير سنة 1954 رقي إلى الدرجة الرابعة وصدرت حركة ترقيات إلى وظائف مأموري مراكز ولما لم يجد المدعي اسمه في هذه الحركة بحث عن السبب فتبين له أن مجلس البوليس الأعلى عندما أصدر قراره في 5 من يوليه سنة 1948 بترقيته إلى الدرجة الخامسة نص في ذات القرار على تأخير أقدميته ثلاثين معاوناً وقد ظل هذا الشق من القرار خافياً عن المدعي حتى علم به في أواخر يونيه سنة 1954، وقال المدعي أن هذا القرار صدر باطلاً لمخالفته للمادة 11 من قانون هيئات البوليس التي توجب سماع أقوال الضابط عند تخطيه وإذا كان هذا القرار هو نتيجة للجزاء الإداري السابق للوزارة توقيعه على المدعي فإنه يكون عقوبة ثانية ولا يجوز توقيع عقوبتين على جرم واحد في أوقات متفرقة كما أن مجلس البوليس الأعلى لا يملك تأخير أقدمية موظفي هيئات البوليس إذ أن سلطته في التخطي مقصورة على ضباط البوليس وحدهم - وقد ردت الوزارة على الدعوى بأنه بناء على ما ثبت في الجنحة رقم 283 لسنة 1947 كفر صقر من تهاون واستهتار المدعي في تصاريح التموين منذ كان منتدباً لمراقبة تموين الشرقية تقرر مجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من ماهيته في 12 من يونيه سنة 1947 ثم قرر مجلس البوليس الأعلى في 5 من يوليه سنة 1948 ترقية المدعي إلى الدرجة الخامسة من 11 من يوليه سنة 1948 مع تأخير أقدميته ثلاثين معاوناً وسجل ذلك بملف خدمته وفي 22 من يناير سنة 1953 تقرر ترقية المدعي إلى الدرجة الرابعة ومضت الوزارة تقول أن القرار رقم 525 الصادر في 11 من يوليه سنة 1948 بترقية المدعي إلى الدرجة الخامسة مع تأخير أقدميته ثلاثين معاوناً قد استقر بفوات موعد الطعن فيه وإنه إن صح للمدعي أن يحتج بعدم إعلانه بقرار تأخير أقدميته ليستعمل حقه في الطعن فيه فإنه ليس له أن يحتج بذلك بعد صدور القانون رقم 210 لسنة 1951 الذي خول للموظف حق الوقوف على وضعه في الأقدمية وغير ذلك من بيانات من ملف خدمته وهذا بالإضافة إلى أن الوزارة على صلة مستمرة بموظفيها عن طريق الأوامر العمومية التي تصدر أسبوعياً شاملة التنقلات والترقيات والجزاءات وخلافها ويتحتم على كل ضابط الاطلاع على هذه الأوامر وقت صدورها ليكون على علم بما يجرى في الوزارة ومن ثم فيكون المدعي بتراخيه قد فوت على نفسه موعد الطعن في القرار المشار إليه - وبجلسة 26 من فبراير سنة 1959 أصدرت محكمة القضاء الإداري الحكم المطعون فيه وهو يقضي بإلغاء قرار وزير الداخلية رقم 525 الصادر في 16 من يوليه سنة 1948 فيما تضمنه من تأخير أقدمية المدعي ثلاثين معاوناً مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعي قد تحددت أقدميته في الدرجة السادسة ولم يكن جائزاً عند ترقيته إلى الدرجة الخامسة في دوره أن يتقدمه في هذه الدرجة من كان تالياً له في الأقدمية وعلى فرض أن التأخير عقوبة فما كان يجوز أن يصدر بها قرار من وزير الداخلية وإنما كان يتعين أن يصدر بهذا التأخير قرار من مجلس التأديب وهذا فضلاً عن أنه سبق مجازاة المدعي عن الإهمال الذي نسب إليه. وقد طعن السيد رئيس هيئة المفوضين في هذا الحكم طالباً إلغاءه والقضاء برفض الدعوى واستند في طعنه إلى أنه قبل صدور القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة كانت الترقيات تجرى على أساس الجدارة وقد كان مجلس البوليس الأعلى يملك تخطي المدعي في الترقية بسبب ما نسب إليه من تقصير ومن ثم فقد كان للمجلس من باب أولى أن يؤخر أقدمية المدعي ثلاثين معاوناً.
ومن حيث إن الثابت أن المدعي حصل على ليسانس الحقوق في سنة 1937 والتحق بخدمة وزارة الداخلية في وظيفة معاون إدارة في 16 من يوليه سنة 1939 واعتبر في الدرجة السادسة من تاريخ التحاقه بالخدمة وفي شهر مايو سنة 1944 وقعت عليه عقوبة الإنذار لأنه صرف كميات من الكيروسين لبعض الأفراد أقل من المقرر لهم وصرف الفرق لآخرين - وفي شهر مارس سنة 1945 عوقب بخصم عشرة أيام من مرتبه لإهماله في مسألة تحديد إيجار وقف خيري الكونت سليم شديد المشمول بنظارة مديرية الشرقية وفي أول مايو سنة 1945 ندب للعمل بمراقبة تموين مديرية الشرقية وفي أثناء وجود المدعي هناك تبين وجود تلاعب في الكميات المنصرفة من تموين السكر بمركز كفر صقر إذ صرفت كمية قدرها 610 أقة سكر لأحد تجار التجزئة عن شهر أغسطس سنة 1945 كما صرف لتاجر آخر كمية قدرها 352 أقة عن شهر سبتمبر سنة 1945 وقد تولت النيابة العامة التحقيق وأوقف المدعي عن عمله بسبب ذلك في 10 من فبراير سنة 1946 وأعيد لعمله في 13 من مارس سنة 1946 وقد كشف تحقيق النيابة عن أن بعض أعمال التموين الهامة كمراجعة دفاتر التجار على التصريحات كان يؤديها أحياناً شخص ليس من موظفي التموين بل هو شقيق أحد تجار التجزئة كما تبين أن المدعي كان يترك ختمه أحياناً لكاتب التموين للتوقيع به كما ثبت أن التصريحين اللذان بموجبهما صرفت الكميتان من السكر المشار إليهما آنفاً قد أعدما بعد مراجعتهما مما تعذر معه إثبات تزويرهما من عدمه وقد نسبت النيابة إلى المدعي الإهمال في مراجعة الدفاتر وانتهت إلى قيد القضية جنحة ضد مجهول وأمرت بحفظها لعدم معرفة الفاعل ورأت النظر في أمر المعاون إدارياً، وقد رأت الوزارة أن المدعي قد أهمل في مراجعة دفاتر التجار بنفسه واعتمد في ذلك على كتاب التموين وعلى شخص آخر لا صلة له بمكتب التموين كما أن المدعي استمر في اتباع نظام التصاريح رغم توجيه نظره إلى ضرورة إيقاف هذا النظام ولجأ إلى إعدام التصاريح عند المراجعة الشهرية مما ينبئ عن سوء إدارته، ولذلك قررت الوزارة في 12 من يونيه سنة 1945 مجازاته بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه مع نقله من مديرية الشرقية فنقل إلى مديرية أسوان وفي سنة 1948 حل دوره للترقية إلى الدرجة الخامسة فاستعرض مجلس البوليس الأعلى حالته وقرر في 5 من يوليه سنة 1948 ترقيته إلى الدرجة الخامسة اعتباراً من 11 من يوليه سنة 1948 مع تأخير أقدميته ثلاثين معاوناً وبناء على ذلك أصدرت الوزارة القرار المطعون فيه برقم 525 بتاريخ 11 من يوليه سنة 1948 بترقية المدعي إلى الدرجة الخامسة مع تأخير أقدميته ثلاثين معاوناً.
ومن حيث إنه قبل صدور القانون رقم 210 لسنة 1951 بنظام موظفي الدولة كانت الترقيات بالجدارة ومن ثم فإنه مما لا شك فيه أن مجلس البوليس الأعلى كان يملك تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة وقد كانت صحيفة خدمته تبرر هذا التخطي وفي هذه الحالة كان سيترتب على تخطيه في الترقية أن يبقى في الدرجة السادسة وأن يسبقه جميع من يلونه في الأقدمية في الدرجة السادسة الذين يتقرر ترقيتهم إلى الدرجة الخامسة فإذا كان مجلس البوليس الأعلى رأى أن لا يحرم المدعي من الترقية مكتفياً بتأخيره في الأقدمية ثلاثين معاوناً فإن مثل هذا القرار مما يدخل في اختصاصه ولا يحتج على ذلك بأن قرار التأخير في الأقدمية لا يعدو أن يكون عقوبة، وإذ كان المدعي قد سبق معاقبته بخصم خمسة عشر يوماً من مرتبه، فإنه يكون قد عوقب مرتين من أجل جرم واحد، لا يجوز الاحتجاج بهذا القول لأن الترقية لم تكن حتمية بل هي جوازية للمجلس حسبما يتبين من صحيفة خدمة الموظف المعروض أمر ترقيته فإذا وجد أن صحيفته لا ترشحه للترقي جاز له تخطيه ويكون سبب التخطي في هذه الحالة سوء صحيفة الموظف بما ارتكبه من مخالفات ووقع عليه من أجلها من جزاءات فالتخطي في الترقية في هذه الحالة ليس عقوبة ثانية من أجل جرم واحد وإنما هو نتيجة لسوء صحيفة خدمة الموظف مما يجعله غير جدير بالترقي، ومن ثم فإن قرار مجلس البوليس الأعلى بتأخير أقدميته ثلاثين معاوناً لم يكن عقوبة ثانية وإنما كان نتيجة لسوء صحيفة المدعي وقد رأى المجلس عدم حرمانه من الترقية والاكتفاء بهذا التخطي.
ومن حيث إنه لذلك يكون قرار الوزارة المطعون فيه قد صدر صحيحاً ويكون الحكم المطعون فيه إذ ذهب هذا المذهب قد خالف القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه وبرفض دعوى المدعي مع إلزامه بالمصاريف.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق