الصفحات

الاثنين، 19 يونيو 2023

الطعن 957 لسنة 49 ق جلسة 19 / 5 / 1980 مكتب فني 31 ج 2 ق 272 ص 1439

جلسة 19 من مايو سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى الفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور سعيد عبد الماجد، ومحمد فتح الله، وسيد عبد الباقي، والدكتور أحمد حسني.

----------------

(272)
الطعن رقم 957 لسنة 49 القضائية

(1) أحوال شخصية "ولاية على المال". اختصاص. "اختصاص نوعي". عقد. "تكييفه".
تكييف التصرف من الوالد لابنه بأنه عقد بيع أو هبة مستترة. اختصاص المحكمة المدنية بالفصل فيه. لا شأن لمحكمة الأحوال الشخصية بذلك.
(2) أحوال شخصية "ولاية على المال". حكم "حجية الحكم". عقد "تكييف العقد".
القرار الصادر من محكمة الأحوال الشخصية بالإذن للولي الشرعي ببيع بعض أطيان ابنه القاصر. عدم تضمنه فصلاً في تكييف سند ملكية القاصر باعتباره بيعاً أو هبة مستترة. لا حجية له في النزاع القائم بين الولي الشرعي وآخرين بشأن تكييف هذا التصرف. علة ذلك.
(3، 4) أحوال شخصية "ولاية على المال".
(3) المال الآيل للقاصر عن طريق التبرع من أبيه صريحاً أو مستتراً. جواز تصرفه فيه دون إذن المحكمة. عدم التزامه بالجرد أو تقديم كشف حساب عنه. م 13. ق. 119 لسنة 1952.
(4) المال الآيل للقاصر عن طريق التبرع من أبيه. تصرفه فيه بالبيع. لا يشترط في هذا التصرف خلوه من العين الذي يزيد عن خمس القيمة. هذا القيد مقصور على التصرفات الخاضعة لاستئذان المحكمة.
(5) إثبات "البينة".
عدول المحكمة عن سماع باقي الشهود بجلسة التحقيق لعدم إعلان بعض الخصوم بتلك الجلسة. عدم جواز استناد الخصم إلى شهادة الشاهد الذي سمعت أقواله فيها.

-----------------
1 - الخلاف حول ما إذا كانت ملكية القاصر للأطيان موضوع النزاع قد آلت إليه من والده علي سبيل الهبة أم بطريق البيع هو في حقيقته نزاع حول تكييف عقد البيع الصادر للقاصر من أبيه وهل كان بيعاً حقيقياً دفع فيه الثمن من طرف ثالث تبرعاً للقاصر أن كان هبة مستترة من الأب في صورة عقد بيع. وهو بهذا الوصف تكييف لا شأن لمحكمة الأحوال الشخصية به بل هو من صميم اختصاص المحكمة المدنية.
2 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن المنع من إعادة طرح النزاع في المسألة المقضي فيها، يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين، ولا تتوافر هذه الوحدة إلا أن تكون هذه المسألة أساسية لا تتغير، وأن يكون الطرفان قد تناقشا فيها في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقراراً جامعاً مانعاً، وأن تكون هي بذاتها الأساس فيما يدعي به في الدعوى الثانية بين نفس الخصوم. وكان البين من الاطلاع على القرار الصادر من محكمة الأحوال الشخصية بتاريخ..... أنه لم يصدر في خصومة ما بل صدر بناء علي الطلب الذي تقدم به المطعون ضده الثاني لنيابة الأول الشخصية للإذن له ببيع عشرة أفدنة من المساحة التي يمتلكها نجله القاصر، والتي باعها له توفيقاً لأوضاع ملكية الأسرة طبقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969، وأنه قرر في التحقيقات التي أجرتها النيابة أن هذا البيع كان تبرعاً منه لنجله القاصر. وقد صدر قرار المحكمة متضمناً الإذن له بالبيع مزاداً دون أن يتضمن في منطوقه أو في أسبابه أية إشارة لما إذا كان عقد البيع سند ملكية القاصر الصادر له من الولي الشرعي يعتبر بيعاً بعوض أو هبة مستترة، ودون أن يكون أطراف الخصومة الحالية المشترين لقدر من هذه الأطيان من الولي بعقد بيع ابتدائي والمشترون لها بطريق المزاد العلني - ممثلين عند نظر طلب الولي الشرعي أو صدور قرار الإذن بالبيع. فإن هذا القرار لا يحوز حجية تمنع هؤلاء الخصوم من أن يطرحوا على القضاء النزاع حول حقيقة طبيعة العقد الصادر من الولي للقاصر وذلك للفصل فيه. ويكون الحكم المطعون فيه حين قضى بأن عقد بيع الأطيان الصادر من الولي لابنه القاصر يستر هبة له من والده فإنه لا يكون قد خالف قضاء سابقاً حائزاً قوة الأمر المقضي.
3 - إن المادة 13 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال إذ نصت على أنه "لا تسري القيود المنصوص عليها في هذا القانون على ما آل إلى القاصر من مال بطريق التبرع من أبيه صريحاً كان التبرع أو مستتراً، ولا يلزم الأب بتقديم حساب عن هذا المال". فقد دلت على إعفاء الولي الشرعي من كافة القيود الواردة في القانون سواء كانت قيود حظر موضوعية، أو قيوداً متعلقة بالإدارة أو التصرف بالنسبة للمال الذي آل منه للقاصر بطريق التبرع فيعفى من إجراءات الحصول على إذن من المحكمة حيث يشترط الإذن لجواز التصرف، كما يعفى من الأحكام الخاصة بالالتزام بالجرد وبتقديم الحساب.
4 - تنص المادة السابعة من المرسوم بقانون 119 لسنة 1952 في فقرتها الثانية على أنه "لا يجوز للمحكمة أن ترفض الإذن إلا إذا كان التصرف من شأنه جعل أموال القاصر في حظر أو كان فيه غبن يزيد على خمس القيمة". ومفاد ذلك أن اشتراط خلو التصرف من الغبن الذي يزيد على خمس القيمة قاصر على التصرفات الخاصة لاستئذان المحكمة، وإذ كان عقد البيع الصادر من الولي الشرعي ببيع أطيان النزاع - التي آلت للقاصر بطريق التبرع من أبيه - إلى المطعون ضدها الأولى غير مقيد بصدور إذن من المحكمة بإبرامه، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بصحته ونفاذه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
5 - إذ كان الثبت بالأوراق أن محكمة الاستئناف بعد أن استمعت إلى أقوال الشاهد الأول للمطعون ضدها الأولى بجلسة....... رأت عدم المضي في التحقيق لعدم إعلان بعض الخصوم بتلك الجلسة فإنه لا يسوغ للطاعنين التمسك بأقوال هذا الشاهد بالجلسة المذكورة لأن المحكمة لم تعول عليها لابتنائها على إجراء باطل.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم2454 لسنة 74 مدني كلي الجيزة علي المطعون ضده الثاني بصفته ولياً شرعياً على نجله القاصر بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 10/ 10/ 1972 الصادر لها منه بيعها أرضاً زراعية مساحتها 6 ف و13 ط و11 س لقاء ثمن قدره 19682 ج و250 م بواقع 3000 جنيه للفدان. تدخل الطاعنون هجومياً طالبين رفض الدعوى بمقولة أنهم اشتروا هذه الأطيان في مزاد أجرته نيابة الأحوال الشخصية بناء على قرار محكمة الأحوال الشخصية الصادر في 27/ 6/ 1974 بالتصريح للمطعون ضده الثاني ببيع الأطيان المملوكة لابنه القاصر بالمزاد العلني وقد رسا المزاد عليهم بثمن قدره 33000 ج و 631 م بواقع 5030 جنيهاً للفدان الواحد، استلم الولي الشرعي كامل الثمن ثم صدر قرار من محكمة الأحوال الشخصية بتاريخ 3/ 10/ 1974 باعتماد رسو المزاد عليهم وأصبح قرارها نهائياً لعدم الطعن عليه. وأضاف الطاعنون بعد ذلك طلب محو التسجيلات المترتبة على صحيفة الدعوى وتسليم المساحة المبيعة إليهم. طلب المطعون ضده الثاني رفض الدعوى والحكم للمتدخلين بطلباتهم استناداً إلى بطلان عقد المطعون ضدها الأولى لعدم صدور إذن بالبيع من محكمة الأحوال الشخصية، وردت الأخيرة علة ذلك بأن المطعون ضده الثاني - توفيقاً لأوضاع ملكية الأسرة وقانون الإصلاح الزراعي رقم 50 لسنة 1969 كان قد تصرف في هذه الأرض لابنه القاصر على سبيل الهبة في صورة عقد بيع عرفي مؤرخ 10/ 1/ 1970 استعان فيه بعمة القاصر التي قررت أنها دفعت الثمن تبرعاً له. وقد اعتمد التصرف في 21/ 1/ 1974 وتم إشهار العقد 28/ 3/ 1974. وإذ باع الأب لها هذه الأرض بموجب العقد العرفي المؤرخ 10/ 10/ 1972 موضوع الدعوى فإنه لم يكن في حاجة إلى إذن المحكمة طالما أن المساحة المبيعة قد آلت إلى القاصر تبرعاً من أبيه عملاً بحكم المادة 13 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 وبذلك يكون عقدها صحيحاً ونافذاً. ورد المتدخلون على ذلك بأنهم يتمسكون بعقد البيع الظاهر الذي دفع فيه الثمن من عمة القاصر بينما يتمسك المطعون ضدها الأولى بعقد الهبة المستتر وأنه إزاء هذا التعارض في المصالح تكون الأفضلية لهم عملاء بحكم المادة 244 من القانون المدني. وبتاريخ 25/ 6/ 1975 قضت محكمة الجيزة الابتدائية بقبول التدخل وإلزام المطعون ضده الثاني بتسليم المتدخلين القدر الذي رسا عليهم مزاده والمبين بمحضر مرسى المزاد المؤرخ 28/ 8/ 1974 وبعدم قبول دعوى المطعون ضدها الأولى تأسيساً على إعمال العقد الظاهر الذي يتمسك به المتدخلون طبقاً للمادة 244/ 2 من القانون المدني بما لا يجوز معه للولي أن يتصرف فيما زاد على 300 جنيه إلا بإذن المحكمة، ويكون عقد البيع موضوع الدعوى الصادر للمطعون ضدها الأولى بدون إذن من محكمة الأحوال الشخصية غير صحيح وغير نافذ في حق الصغير. استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم بالاستئناف رقم 3360 لسنة 92 ق - وبتاريخ 6/ 6/ 1977 قضت محكمة استئناف القاهرة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ونفي أن التصرف الصادر من الولي الشرعي لابنه القاصر في 10/ 1/ 1970 كان عقداً صورياً يخفي تبرعاً منه للقاصر وأن الطاعنين كانوا يعلمون بذلك عند شرائهم الأطيان التي رست عليهم بالمزاد وبعد أن استمعت المحكمة إلى أقوال شهود الطرفين قضت بتاريخ 5/ 3/ 1979 بإلغاء الحكم المستأنف وبصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 10/ 10/ 1971 تأسيساً على أن تصرف الولي الشرعي لولده القاصر كان تبرعاً، ومن ثم يكون له التصرف في الأرض بدون إذن محكمة الأحوال الشخصية ولا محل لأعمال حكم المادة 244 من القانون المدني لعدم وجود التعارض في المصلحة الذي قال به الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعنون بالأول والثاني منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون إن محور النزاع بينهم وبين المطعون ضدها الأولى كان يدور حول ما إذا كانت الأطيان موضوع عقد البيع المؤرخ 10/ 10/ 1972 قد آلت إلى القاصر من والده المطعون الثاني بطريق البيع أم بطريق الهبة المستترة، وقد تصدت محكمة الاستئناف للفصل في هذا النزاع، وانتهت في حكمها المطعون فيه إلى أن هذه الأطيان قد آلت إلى القاصر من والده بطريق الهبة التي تمت في صورة عقد بيع، في حين أن الاختصاص بنظر هذا النزاع معقود لمحكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال بالتطبيق لأحكام المواد 871 و885 و969 من قانون المرافعات. وإذ كانت تلك المحكمة سبق أن فصلت في هذا النزاع عندما أصدرت قرارها بتاريخ 27/ 6/ 1974 ببيع أطيان القاصر بالمزاد العلني، إذ رأت في حدود ولايتها أم ملكية القاصر لأطيان النزاع قد آلت إلية بطريق المعاوضة، وليس بطريق التبرع كما ادعى الولي في طلب الإذن ببيع هذه الأطيان، وكان هذا فصلاً في خصومه فإن قرارها يعتبر حكماً قضائياً له حجية الأمر المقضي وإذ أصبح نهائياً فقد كان يتعين علي محكمة الاستئناف أن تعتد بحجيته بع أن تمسك الطاعنون به في مذكرتهم المقدمة بجلسة 18/ 12/ 1978 وإذ تصدت محكمة الاستئناف لنظر هذا النزاع وأهدرت حجية القرار النهائي الصادر من محكمة الأحوال الشخصية للولاية على المال المختصة، فإن حكمها المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن الخلاف حول ما إذا كانت ملكية القاصر للأطيان موضوع النزاع قد آلت إليه من والدة المطعون ضده الثاني على سبيل الهبة أم بطريق البيع هو في حقيقته نزاع حول تكييف عقد البيع المؤرخ 10/ 1/ 1970 الصادر للقاصر من أبيه وهل كان بيعاً حقيقياً دفع فيه الثمن من طرف ثالث تبرعاً للقاصر أم كان هبة مستترة من الأب في صورة عقد بيع. وهو بهذا الوصف تكييف لا شأن لمحكمة الأحوال الشخصية به بل هو من صمم اختصاص المحكمة المدنية، ويتعين عليها أن تقول كلمتها فيه، فإذا كانت محكمة الاستئناف قد استخلصت من التحقيق الذي أجرته ومن ظروف الدعوى وأدلتها أن عقد بيع الأطيان الصادر من المطعون ضده الثاني لنجله القاصر هو في حقيقته هبة مستترة فإنها لا تكون قد خرجت بذلك عن حدود اختصاصها، لما كان ذلك. وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن المنع من إعادة طرح النزاع في المسألة المقضي فيها - يشترط فيه أن تكون المسألة واحدة في الدعويين، ولا تتوافر هذه الوحدة إلا أن تكون هذه المسألة أساسية لا تتغير، وأن يكون الطرفان قد تناقشا في الدعوى الأولى واستقرت حقيقتها بينهما بالحكم الأول استقرار جامعاً مانعاً، وأن تكون هي بذاتها الأساس فيما يدعي به في الدعوى الثانية بين نفس الخصوم، وكان البين من الاطلاع على القرار الصادر من محكمة الأحوال الشخصية بتاريخ 27/ 6/ 1974 أنه لم يصدر في خصومة ما بل صدر بناء على الطلب الذي تقدم به المطعون ضده الثاني لنيابة الأحوال الشخصية للإذن له ببيع عشر أفدنة من المساحة التي يمتلكها نجله القاصر، والتي باعها له توفيقاً لأوضاع ملكية الأسرة طبقاً لأحكام القانون رقم 50 لسنة 1969، وأنه قرر في التحقيقات التي أجرتها النيابة أن هذا البيع كان تبرعاً منه لنجله القاصر. وقد صدر قرار المحكمة متضمناً الإذن له بالبيع مزاداً دون أن يتضمن في منطوقه أو في أسبابه أية إشارة لما إذا كان عقد البيع سند ملكية القاصر الصادر له من الولي الشرعي يعتبر بيعاً بعوض مستترة، ودون أن يكون أطراف الخصومة الحالية - ممثلين عند نظر طلب الولي الشرعي أو صدور قرار الإذن بالبيع. فإن هذا القرار لا يحوز حجية تمنع هؤلاء الخصوم من أن يطرحوا على القضاء النزاع حول حقيقة وطبيعة العقد الصادر من الولي للقاصر وذلك للفصل فيه. ويكون الحكم المطعون فيه حين قضي بأن عقد بيع الأطيان الصادر من الولي لابنه القاصر يستر هبة له من والده فإنه لا يكون قد خالف قضاء سابقاً حائزاً قوة الأمر المقضي ويكون النعي عليه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون أن عقد البيع المؤرخ 10/ 10/ 1972 الصادر من الولي الشرعي نيابة عن ابنه القاصر ببيعه أطيان النزاع إلى المطعون ضدها الأولى، اعتراه البطلان النسبي لمجاوزة الولي حدود ولايته لعدم حصوله على إذن محكمة الأحوال الشخصية بإبرامه، هذا فضلاً عن انطواء عقد البيع المشار إليه على غبن فاحش جاوز الخمس إذ باع الولي بمقتضاه أطيان النزاع بسعر الفدان الواحد 3000 ج بينما قدر الخبير الذي انتدبته محكمة الأحوال الشخصية سعر الفدان بخمسة آلاف جنيه، وبلغ سعره في المزاد الذي أمرت به تلك المحكمة 5030 ج، ورغم تمسك الولي الشرعي والطاعنين ببطلان عقد البيع المشار إليه، إلا أن الحكم المطعون فيه قضى بصحته ونفاذه وأغفل الرد على دفاعهم الجوهري فجاء الحكم مخالفاً للقانون ومشوباً بالخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة 13 من المرسوم بقانون رقم 119 لسنة 1952 الخاص بأحكام الولاية على المال إذ نصت على أنه "لا تسري القيود المنصوص عليها في هذا القانون على ما آل إلى القاصر من مال بطريق التبرع من أبيه صريحاً كان التبرع أو مستتراً، ولا يلزم الأب بتقديم حساب عن هذا المال". فقد دلت على إعفاء الولي الشرعي من كافة القيود الواردة في القانون سواء كانت قيود حظر موضوعية، أو قيوداً متعلقة بالإدارة أو التصرف بالنسبة للمال الذي آل منه للقاصر بطريق التبرع فيعفى من إجراءات الحصول على إذن من المحكمة حيث يشترط الإذن لجواز التصرف، كما يعفى من الأحكام الخاصة بالالتزام بالجرد وبتقديم الحساب، وإذ كان الحكم بصحته ونفاذه قد آلت إلى القاصر من والده تبرعاً فإن للأخير حق التصرف فيها بجميع أنواع التصرفات دون قيد على سلطته فلا يلزم باستصدار إذن من محكمة الأحوال الشخصية بالتصرف. لما كان ذلك وكانت المادة السابعة من المرسوم بقانون 119 لسنة 1952 في فقرتها الثانية على "أنه لا يجوز للمحكمة أن ترفض الإذن إلا إذا كان التصرف من شأنه جعل أموال القاصر في خطر، أو كان فيه غبن يزيد على خمس القيمة". فإن مفاد ذلك أن اشتراط خلو التصرف من الغبن الذي يزيد على خمس القيمة قاصر على التصرفات الخاصة لاستئذان المحكمة، وإذ كان عقد البيع الصادر من الولي الشرعي ببيع أطيان النزاع إلى المطعون ضدها الأولى غير مقيد بصدور إذن من المحكمة بإبرامه، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بصحته ونفاذه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ولا يعيبه التفاته عن الرد على دفاع الطاعنين بوجود غبن يزيد عن الخمس في عقد البيع المشار إليه لأنه غير منتج أو مؤثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم، ومن ثم يكون النعي بهذين السببين في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الخامس والسادس على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون أنهم قدموا لمحكمة الاستئناف - وبعد سماع أقوال شهود الطرفين - ثلاث مذكرات ضمنوها دفاعهم المبني على تناقض أقوال الشاهد الأول للمطعون ضدها الأولى إذ قرر بجلسة التحقيق المنعقدة في 6/ 2/ 1987 أن عمة القاصر دفعت ثمن الأرض تبرعاً من مالها، ثم عدل عن ذلك بجلسة 7/ 3/ 1978 إلى القول بأنها لم تدفع شيئاً من مالها، وتمسك الطاعنون بدلالة أقوال شاهدي المطعون ضدها الأولى التي تفيد التبرع بالثمن، إلا أن الحكم المطعون فيه لم يعرض بالإشارة أو الرد إلى دفاعهم فجاء مشوباً بالقصور في أسبابه الواقعية، هذا فضلاً عما شابه من فساد في الاستدلال حين استدل على علم الطاعنين بأن التصرف الصادر للقاصر من أبيه كان تبرعاً من وجود علاقات سابقة بينهم وبين المطعون ضده الثاني وعمة القاصر المتبرعة بالثمن في حين أن ذلك لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها المحكمة.
وحيث إن هذا النعي مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن تقدير أقوال الشهود والقرائن واستخلاص الواقع منها هو مما يستقل به قاضي الموضوع ولا معقب عليه في تكوين عقيدته ما يدلي به شهود أحد الطرفين ما دام لم يخرج في ذلك عما تحتمله أقوالهم، ولما كان الثابت بالأوراق أن محكمة الاستئناف بعد أن استمعت إلى أقوال الشاهد الأول للمطعون ضدها الأولى بجلسة 6/ 2/ 1978 رأت عدم المضي في التحقيق لعدم إعلان بعض الخصوم بتلك الجلسة فإنه لا يسوغ للطاعنين التمسك بأقوال هذا الشاهد بالجلسة المذكورة لأن المحكمة لم تعول عليها لابتنائها على إجراء باطل. وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن أطيان النزاع قد آلت للقاصر من أبيه بطريق التبرع وأقام قضاءه على ما حصله من أقوال شاهدي المطعون ضدها الأولى التي اطمأن إليها وعلى القرائن التي استخلصها من وقائع الدعوى،
وكانت هذه الأدلة وتلك القرائن سائغة ولها أصلها الثابت في الأوراق وتكفي لحمل قضاء الحكم المطعون فيه، فإنه لا يعيب الحكم عدم تناوله بالرد على دفاع الطاعنين في شأن مناقشة أقوال الشهود الذين استمعت إليهم المحكمة لأنه من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن محكمة الموضوع غير ملزمة بتتبع الخصوم في مناحي أقوالهم وحججهم والرد عليها استغلالاً طالما أنها أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله، كما لا يعيب الحكم المطعون فيه ما استطرد إليه في أسبابه تزيداً من أن الطاعنين كانوا على علم بأن التصرف الصادر من الولي لابنه القاصر كان تبرعاً مستدلاً على ذلك بوجود علاقات سابقة بينهم وبين الولي والعمة، ذلك أن علم الطاعنين أو جهلهم لا يغير من طبيعة التصرف وحقيقة الواقع فيه، ومن ثم فإن هذا الاستطراد الزائد غير مؤثر على النتيجة التي انتهى إليها الحكم المطعون فيه الذي يستقيم بدونه ويكون النعي عليه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق