الصفحات

الثلاثاء، 20 يونيو 2023

الطعن 763 لسنة 49 ق جلسة 29 / 5 / 1980 مكتب فني 31 ج 2 ق 299 ص 1605

جلسة 29 من مايو سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ حافظ رفقي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: يوسف أبو زيد، مصطفى صالح سليم، درويش عبد الحميد وعزت حنورة.

--------------

(299)
الطعن رقم 763 لسنة 49 القضائية

شفعة. ملكية.
النزول الضمني عن الحق في طلب الأخذ بالشفعة. شرطه. صدور تصرف من الشفيع ينطوي على اعتبار المشتري مالكاً نهائياً للمبيع. مجرد قبول الشفيعة للعلاقة الإيجارية بين زوجها والمشفوع منه. لا يفيد ذلك.

---------------
النزول الضمني عن الحق في طلب الأخذ بالشفعة يستلزم صدور عمل أو تصرف من الشفيع يفيد حتماً رغبته عن استعمال هذه الرخصة بأن ينطوي على اعتبار المشتري مالكاً نهائياً للمبيع. لما كان ذلك، وكان مجرد قبول المطعون ضدها الأولى - بفرض ثبوته - لتعامل زوجها بوصفه مستأجراً مع الطاعن بوصفة مؤجراً محولاً إليه عقد الإيجار، سواء بالنسبة لاستمرار العلاقة الإيجارية أو بالنسبة لعرض إنهائها مقابل مبلغ نقدي، لا يفيد حتماً أنها اعتبرت الطاعن مالكاً نهائياً لهذه الأطيان المؤجرة ونزلت بذلك عن حقها في طلب الشفعة.


المحكمةً

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى 1223 لسنة 1975 مدني كلي المنيا ضد الطاعن (المشتري) والمطعون ضده الثاني (البائع) بطلب الحكم بأحقيتها في أخذ الفدان محل التداعي بالشفعة تأسيساً على أنها مالكة على الشيوع في الأطيان التي بيع منها القدر المشفوع فيه. فرفع الطاعن الدعوى بانتفاء حالة الشيوع وبسقوط حق طلب الشفعة عن المطعون ضدها الأولى لسبق نزولها عن هذه الرخصة. ندبت محكمة أول درجة خبيراً في الدعوى لتحقيق قيام حالة الشيوع. وإذ قدم هذا الخبير تقريره مؤيداً أن المطعون ضدها الأولى شريكة على الشيوع في الأطيان المشفوع فيها، قضت المحكمة بتاريخ 17/ 12/ 1977 بأحقيتها في الشفعة. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف "مأمورية المنيا" بالاستئناف رقم 37 سنة 14 ق بطلب إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. بتاريخ 11/ 2/ 1979 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأولين منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم الواقع وفي تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمتي الموضوع بأنه وإن كانت ملكية المطعون ضدها الأولى لما تشفع به قد وصفت في عقد شرائها المسجل في 19/ 2/ 1967 بأنها على الشيوع إلا أن الحقيقة أن القدر الذي اشترته كان محدداً مفرزاً في وضع يد البائع لها منذ سنة 1954 بمقتضى قسمة مهايأة بينه وبين إخوته الشركاء معه وأنها استمرت وفي وضع اليد على هذا القدر المفرز بعد شرائها فانقلبت المهايأة إلى قسمة نهائية في سنة 1969 بانقضاء خمس عشرة سنة على قسمة المهايأة. ومن ثم لم تكن المطعون ضدها الأولى مالكة على الشيوع حتى تشفع في القدر مشتري الطاعن. وبما أن الحكم المطعون فيه قد رفض هذا الدفاع على سند من القول بأن الطاعن اشترى العين المشفوع فيها شائعة في 18/ 11/ 1972 فتكون مدة حيازته لها مفرزة دون المدة القانونية ولا يجوز له ضم مدة حيازة سلفه لأن حيازة هذا السلف كانت شائعة على النحو الوارد بعقد البيع الصادر إلى الطاعن، وأنه لا يملك من تلقي حصة شائعة أن يغير بإرادته المنفردة موضوع حقه فيجعله مفرزاً، فإنه يكون معيباً بالخطأ في فهم الواقع وفي تطبيق القانون بما يستوجب نقضه. كما أنه إذ عول الحكم المطعون فيه على تقرير الخبير الذي انتهى إلى أن المطعون ضدها الأولى شريكة على الشيوع في الأرض المشفوع فيها استناداً إلى عقد شرائها المسجل، ورفض الاستجابة إلى طلب الطاعن إعادة المأمورية إلى الخبير للتحقق من قيام قسمة المهايأة أصلاً بين الشركاء ووضع كل منهم يده على نصيبه مفرزاً إلى أن انقلبت إلى قسمة نهائية، فإنه يكون معيباً بالإخلال بحق الدفاع بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي بشقيه مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لمحكمة الموضوع السلطة التامة في تقدير عمل الخبير والموازنة بين الأدلة التي تقدم في الدعوى للأخذ بما تطمئن له وإطراح ما عداه منها ما دامت تقيم قضاءها على أسباب سائغة ومن ثم فمتى اطمأنت إلى رأي الخبير المنتدب ورأت فيه وفي باقي أوراق الدعوى ما يكفي لتكوين عقيدتها فليس عليها أن تجيب من يطلب إعادة المأمورية إلى الخبير أو ندب غيره. كما أنه إذا أقيم على دعامتين مستقلتين وكانت إحداهما كافية وحدها لحمله فإن النعي عليه في الدعامة الأخرى - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج. لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على مذكرة الطاعن إلى محكمة الاستئناف - المقدم صورة رسمية منها - أن الطاعن استند في دفاعه إلى إنكار قيام حالة الشيوع سواء في ملكية المطعون ضدها الأولي للعقار المشفوع به أو ملكيته هو للعقار المشفوع فيه مقرراً أن كلاً منهما قد اشترى قدراً محدداً مفرزاً. وكان سند المطعون ضدها الأولى في طلب الشفعة هو الادعاء بأن المبيع المشفوع فيه عبارة عن حصة شائعة في الأرض التي تملك هي فيها قدراً شائعاً أيضاً، فإن الحكم المطعون إذ بحث البيع المشفوع فيه الصادر للطاعن للتحقيق مما إذا كان شائعاً أو مفرزاً وما إذا كانت المطعون ضدها الأولى تملك قدراً شائعاً في المبيع، يكون قد أصاب فهم الواقع للقانون ويكون النعي عليه في هذا الخصوص على غير أساس. ولما كان الحكم المطعون فيه قد أورد في مدوناته أن يطمئن إلى تقرير الخبير ويأخذ به لأنه قد بني تقريره على أسس فنية سليمة وعلى ما استبان له من المعاينة ومن تطبيق المستندات والمناقشة التي أجراها في محضر أعماله المرفق بتقريره ولم يقدم للطاعن صورة من محضري المعاينة والمناقشة المذكورين للنيل من صحة الاستدلال منهما على النتيجة التي انتهى إليها التقرير. وكانت هذه النتيجة قد خلصت إلى أن المطعون ضدها الأولى شريكة على الشيوع في الأرض المشفوع فيها وهو ما يكفي وحده لحمل الحكم بصدد المنازعة حول الإفراز والشيوع. لما كان ذلك، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالإخلال بحق الدفاع لعدم إجابته الطاعن بإعادة المأمورية للخبير يكون على غير أساس. كما أن النعي عليه فيما قرره من أن الطاعن لا يستطيع ضم مدة حيازة سلفه إلى مدة حيازته - أياً كان وجه الرأي فيه - يكون غير منتج.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب ومخالفة الثالث في الأوراق، وفي بيان ذلك يقول إنه دفع أمام كل من محكمة أول درجة ومحكمة الاستئناف بسقوط حق المطعون ضدها الأولى في أخذ العقار المبيع بالشفعة لنزولها عن هذا الحق ذلك أن زوجها كان يستأجر قطعة الأرض المشفوع فيها من البائع المطعون ضده الثاني بموجب عقد إيجار قام المؤجر (المطعون ضده الثاني) بتحويله إلى الطاعن إثر شرائه هذه الأطيان بتاريخ 18/ 11/ 1972 فقبلت المطعون ضدها الأولى أن تستمر العلاقة الإيجارية بين زوجها وبين الطاعن كما أنها عرضت على الطاعن التنازل له عن عقد استئجار زوجها الأرض مقابل أن يدفع لها الطاعن مبلغ مائتي جنيه ولكنه رفض. وأن الطاعن طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات هذه الوقائع ولكن الحكم الابتدائي والحكم المطعون فيه المؤيد له رفضا هذا الدفاع على سند من القول بأن استئجار زوج المطعون ضدها الأولى الأرض المشفوع فيها لا ينسحب أثره عليها هي وأن الطاعن لم يورد وقائعاً يستفاد منها التنازل، مما لا محل معه لإحالة الدعوى إلى التحقيق. ولما كان الطاعن قد ركن إلى قبول المطعون ضدها الأولى - وليس زوجها فقط - استمرار العلاقة الإيجارية بين زوجها وبين الطاعن، كما ركن الطاعن إلى واقعة أخري هي أن المطعون ضدها الأولى عرضت اقتضاء مبلغ مائتي جنيه من الطاعن مقابل التنازل له عن استئجار الأرض، فإن الحكم المطعون يكون معيباً بالقصور ومخالفاً الثابت بالأوراق مما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن لمحكمة الموضوع سلطة تقدير دلالة الوقائع التي يطلب الخصوم إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثباتها ولها رفض الطلب إذا رأت أن ثبوت هذه الوقائع غير منتج في النزاع متى بنت رفضها على أسباب سائغة. ومع ذلك إذا كانت واقعة ما ظاهرة عدم الجدوى من إثباتها فإنها لا تلزم ببيان أسباب رفض تحقيقها، لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة بأن الدفاع ظاهر الفساد لا يستأهل رداً. ولما كان النزول الضمني عن الحق في طلب الأخذ بالشفعة يستلزم صدور عمل أو تصرف من الشفيع يفيد حتماً رغبته عن استعمال هذه الرخصة بأن ينطوي علي اعتبار المشتري مالكاً نهائياً للمبيع. لما كان ذلك، وكان مجرد قبول المطعون ضدها الأولى - بفرض ثبوته - لتعامل - زوجها بوصفه مستأجراً مع الطاعن بوصفة مؤجراً محولاً إليه عقد الإيجار، سواء بالنسبة لاستمرار العلاقة الايجارية أو بالنسبة لعرض إنهائها مقابل مبلغ نقدي، لا يفيد حتماً أنها اعتبرت الطاعن مالكاً نهائياً لهذه الأطيان المؤجرة ونزلت بذلك عن حقها في طلب الشفعة، فإن النعي على الحكم المطعون فيه بالقصور ومخالفة الثابت في الأوراق لرفضه طلب التحقيق على سند من أن الطاعن لم يورد وقائع يمكن أن يستفاد منها هذا التنازل، يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق