الصفحات

الجمعة، 30 يونيو 2023

الطعن 68 لسنة 44 ق جلسة 10 / 5 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 241 ص 312

جلسة 10 من مايو سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عز الدين الحسيني نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: أحمد سابق، سعد العيسوي، أحمد صبري أسعد وجلال الدين أنسي.

------------------

(241)
الطعن رقم 68 لسنة 44 القضائية

(1) حكم. قوة الأمر المقضي.
أسباب الحكم المرتبطة بالمنطوق. اكتسابها حجية الشيء المحكوم فيه. وجوب تقيد المحكمة بالحجية من تلقاء نفسها. م 101 من قانون الإثبات.
(2) التزام. رهن حيازي. حكم.
حلول الدين المضمون بالرهن دون انقضائه. لا يمنع من الحكم بصحة الرهن الحيازي.
(3) رهن حيازي. بيع. بطلان.
رهن ملك الغير أو رهن المشتري بعقد عرفي للعقار المبيع. قابل للإبطال لمصلحة الدائن المرتهن. إجازة الدائن للرهن. أثره. اعتبار الرهن صحيحاً من وقت تملك المدين الراهن للمال المرهون.

-----------------
1 - إذ كان الحكم السابق قد قطع في أسبابه المرتبطة بالمنطوق بأن الدين المضمون في عقد الرهن الحيازي منبت الصلة عن الدين محل المخالصة التي تحمل ذات التاريخ، فإن هذه الأسباب تحوز حجية الشيء المحكوم فيه، وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها عملاً بالمادة 101/ 2 من قانون الإثبات. ولما كان المطعون ضده الأول قد أقام الدعوى بطلب القضاء بصحة ونفاذ عقد الرهن الحيازي المشار إليه، وتمسك الطاعنان بسداد الدين المضمون واستدلا على ذلك بتلك المخالصة، فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض هذا الدفاع استناداً إلى حجية الحكم السابق صدوره في دعوى الإفلاس دون أن يطلب المطعون عليه الأول إعمال هذه الحجية، لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو شابه القصور في التسبيب.
2 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر قيام الدين المضمون بالرهن، فلا يمنعه من القضاء بصحة الرهن الحيازي أن يكون الدين قد حل ما دام لم ينقض عملاً بالمادة 1112 من القانون المدني.
3 - إذ كان الواضح من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الأول أقام دعواه للحكم بصحة عقد الرهن الحيازي الصادر له من الطاعنين عن المنزل المبين بصحيفة الدعوى والذي اشترى الطاعنان أرضه من المطعون ضده الثاني بعقد غير مسجل وأقاما عليها مباني المنزل، وإذ كانت المادة 1033 من القانون المدني والتي أحالت إليها المادة 1098 تنص على إنه "إذا كان الراهن غير مالك للعقار المرهون فإن عقد الرهن يصبح صحيحاً إذا أقره المالك الحقيقي بورقة رسمية وإذا لم يصدر هذا الإقرار فإن حق الرهن لا يترتب على العقار إلا من الوقت الذي يصبح فيه هذا العقار مملوكاً للراهن". وكان هذا النص لا يمنع رهن ملك الغير أو رهن المشتري بعقد عرفي لما اشتراه قبل أن يشهر عقد شرائه، ولكن هذا الرهن يكون قابلاً للإبطال لمصلحة الدائن المرتهن لا لمصلحة الراهن ويجوز لهذا الدائن إجازة الرهن فيصبح الرهن ويلحق بالعقار المرهون من وقت تملك الراهن له، إذ كان ذلك، فإن عدم شهر الطاعنين لعقد شراء أرض المنزل المرهون لا يحول دون الحكم للدائن (المطعون عليه الأول) بصحة عقد الرهن الحيازي الصادر له.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول رفع الدعوى رقم 10 لسنة 1972 مدني كلي شمال القاهرة ضد الطاعنين والمطعون عليه الثاني طالباً الحكم بصحة ونفاذ عقد الرهن الحيازي المؤرخ 3/ 4/ 1965 وتسليمه المنزل المرهون المبين بالعقد وصحيفة الدعوى، واستناداً إلى أن الطاعن الأول مدين له بمبلغ 3695 ج بالتضامن مع الطاعنة الثانية، وقد رهنا له ذلك المنزل ضماناً لهذا الدين، وبتاريخ 23/ 10/ 1972 حكمت المحكمة بالطلبات. استأنف الطاعنان بالاستئناف 4473 سنة 89 ق القاهرة وبتاريخ 27/ 11/ 1973 قضت المحكمة برفض الاستئناف فطعنا بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض على المحكمة بغرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعنان بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور، وفي بيان ذلك يقولان إنه أشهر إفلاس أولهما في الدعوى 73 لسنة 1957 إفلاس بنها وكان المطعون عليه الأول قد تدخل في الإجراءات بدين مقداره 5300 ج فقدم الطاعن الأول لمأمور التفليسة مخالصة مؤرخة 3/ 4/ 1965 صادرة من المطعون عليه المذكور يقر فيها باستلامه جميع ما له من أموال وحقوق، وبتاريخ 18/ 10/ 1971 قضت المحكمة بإنهاء إجراءات التفليسة فاستأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 14 سنة 54 طنطا (مأمورية بنها) واستند إلى أنه دائن للمفلس بدين تدخل به في التفليسة وبتاريخ 3/ 4/ 1965 حرر مخالصة عن الدين مقابل رهن الطاعن الأول له المنزل المبين بصحيفة استئنافه ولكن تعذر تنفيذ الرهن لصدوره بعد شهر الإفلاس مما يدعوه لطلب بطلان عقد الرهن والمخالصة المترتبة عليه، فقضت المحكمة برفض الاستئناف تأسيساً على أن المخالصة منبتة الصلة بعقد الرهن وأن الحكم المستأنف قد تحقق من سداد جميع ديون المفلس وبذلك يكون قد أوصد في وجه المطعون عليه باب المطالبة بالدين الذي سبق أن تدخل به في التفليسة، ومع ذلك فقد عاد للمطالبة به عن طريق طلب صحة ونفاذ عقد الرهن بأن أكد في دعواه أن الدين المضمون بالرهن هو ذاته الذي كان قد تدخل به في دعوى الإفلاس، وفي هذا الإطار دفع الطاعنان دعوى صحة ونفاذ عقد الرهن ببراءة ذمتهما من أي دين للمطعون ضده الأول واستند إلى المخالصة المؤرخة 3/ 4/ 1965 والحكم الاستئنافي الصادر في دعوى الإفلاس، غير أن الحكم المطعون فيه اعتبر أن الدين المضمون بالرهن خلاف الدين محل المخالصة أخذاً بحجية الحكم الاستئنافي في دعوى الإفلاس رغم أن المطعون عليه الأول لم يتمسك بهذه الحجية مما لا يسمح قانوناً بأعمالها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن الحكم الصادر في الاستئناف رقم 14 سنة 4 ق طنطا (مأمورية بنها) قد قطع في أسبابه المرتبطة بالمنطوق بأن الدين المضمون في عقد الرهن الحيازي المؤرخ 3/ 4/ 1965 منبت الصلة عن الدين محل المخالصة التي تحمل ذات التاريخ، ومن ثم تحوز هذه الأسباب حجية الشيء المحكوم فيه، وتقضي المحكمة بهذه الحجية من تلقاء نفسها عملاً بالمادة 101/ 2 من قانون الإثبات. ولما كان المطعون ضده الأول قد أقام الدعوى بطلب القضاء بصحة ونفاذ عقد الرهن الحيازي المشار إليه وتمسك الطاعنان بسداد الدين المضمون واستدلا على ذلك بتلك المخالصة، فإن الحكم المطعون فيه إذ رفض هذا الدفاع استناداً إلى حجية الحكم السابق صدوره في دعوى الإفلاس دون أن يطلب المطعون عليه الأول أعمال هذه الحجية لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون أو شابه القصور في التسبيب.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وبياناً لذلك قالا إن الرهن الحيازي من التأمينات العينية ولا يتصور إلا ضماناً لدين ثابت ويترتب على هذا أنه لا يجوز الحكم بصحته إلا مع القضاء بثبوت الدين وصحته، وإذا كان الدين قد حل فلا يملك الدائن إلا المطالبة به وإذ خالف الحكم هذا النظر ولم يتحقق من قيام الدين وما إذا كان هو الحاصل التخالص عنه في دعوى الإفلاس فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن الحكم المطعون فيه وقد استظهر قيام الدين المضمون بالرهن على النحو المبين في الرد على سبب الطعن الأول فلا يمنعه من القضاء بصحة الرهن الحيازي أن يكون الدين قد حل ما دام لم ينقض عملاً بالمادة 1112 من القانون المدني وإذ كان ذلك فيكون النعي على غير أساس متعين رفضه.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون بأن قضى بصحة الرهن في حين أنه يشترط للحكم بذلك أن تكون ملكية العقار المرهون قد انتقلت للراهن بالتسجيل أو يقر المالك الرهن بورقة رسمية وإذ كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن عقد شراء الطاعنين لأرض المنزل لم يشهر فإن دعوى صحة الرهن تكون غير مقبولة.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن الواضح من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون عليه الأول أقام دعواه للحكم بصحة عقد الرهن الحيازي الصادر له من الطاعنين عن المنزل المبين بصحيفة الدعوى والذي اشترى الطاعنان أرضه من المطعون ضده الثاني بعقد غير مسجل وأقاما عليها مباني المنزل، وإذ كانت المادة 1033/ 1 من القانون المدني والتي أحالت إليها المادة 1098 تنص على أنه "إذا كان الراهن غير مالك للعقار المرهون فإن عقد الرهن يصبح صحيحاً إذا أقره المالك الحقيقي بورقة رسمية وإذا لم يصدر هذا الإقرار فإن حق الرهن لا يترتب على العقار إلا من الوقت الذي يصبح فيه هذا العقار مملوكاً للراهن. وكان هذا النص لا يمنع رهن ملك الغير أو رهن المشتري بعقد عرفي لما اشتراه قبل أن يشهر عقد شرائه، ولكن هذا الرهن يكون قابلاً للإبطال لمصلحة الدائن المرتهن لا لمصلحة الراهن ويجوز لهذا الدائن إجازة الرهن فيصح الرهن ويلحق بالعقار المرهون من وقت تملك الراهن له، إذ كان ذلك فإن عدم شهر الطاعنين لعقد شرائهما أرض المنزل المرهون لا يحول دون الحكم للدائن (المطعون عليه الأول) بصحة عقد الرهن الحيازي الصادر له ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان أنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بتنازل المطعون ضده الأول عن عقد الرهن بدليل ترك العين المرهونة بيدهما منذ إبرام الرهن في 3/ 4/ 1965 حتى رفع الدعوى في فبراير سنة 1972 وتمسكه في دعوى الإفلاس ببطلان المخالصة والرهن، ولكن الحكم لم يرد على هذا الدفاع الجوهري بما يعيبه بالقصور في البيان ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأن الحكم المطعون فيه قد رد على ما أثاره الطاعنان من أن المطعون عليه الأول تنازل عن عقد الرهن بأنه لم يكن قد تسلم العين المرهونة حتى يتنازل عنها وأنه في هذه الدعوى يطالب بتسليمها له لأول مرة نفاذاً لعقد الرهن وليس في الأوراق ما يمكن أن يستدل منه على قيام إحدى القرينتين اللتين ساقتهما المادة 1113 من القانون المدني والذي يمكن أن يستفاد منهما نزول المرتهن الضمني عن حيازة العين المرهونة فلا هو تخلى باختياره من الشيء المرهون إذ التخلي كما سبق القول لا يأتي إلا بعد تمام الحيازة كما أنه لم يوافق على التصرف في العين المرهونة دون تحفظ وأن القرائن الأخرى التي ساقها المستأنفان (الطاعنان) للتدليل بها على أن المستأنف عليه (المطعون عليه الأول) قد تنازل ضمناً عن حقه في الرهن لا يستفاد منها هذا التنازل "وهي تقديرات موضوعية للرد على ما تمسك به الطاعنان من تنازل المطعون عليه عن حق الرهن ويكون النعي على الحكم بهذا السبب مجرد جدل موضوعي في تقدير الدليل مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق