الصفحات

السبت، 17 يونيو 2023

الطعن 348 لسنة 28 ق جلسة 12 / 12 / 1963 مكتب فني 14 ج 3 ق 163 ص 1139

جلسة 12 من ديسمبر سنة 1963

برياسة السيد/ الحسيني العوضي نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات، وبطرس زغلول.

-----------------

(163)
الطعن رقم 348 لسنة 28 القضائية

(أ) تموين. استيلاء. "الاستيلاء المقصود في معنى المواد 44 و45 وما بعدها من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945".
الاستيلاء المقصود في معنى المواد 44 و45 وما بعدها من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 هو الاستيلاء الفعلي المقترن بالتسليم للمواد المستولى عليها وبعد جردها جرداً وصفياً في حضور ذوي الشأن أو بعد دعوتهم للحضور. لا يتحقق ذلك بمجرد صدور قرار الاستيلاء في ذاته.
(ب) تموين. استيلاء. ملكية. "القيود الواردة على حق الملكية".
الاستيلاء المجرد لا يعدو أن يكون إجراءاً تنظيمياً قصد به تحقيق العدالة في التوزيع وتنظيم تداول السلعة ومنع المضاربة فيها. وليس من شأن هذا الاستيلاء نقل ملكية السلعة أو حيازتها إلى الحكومة. تقييد حق الملكية بقيود قانونية نتضمنها تشريعات خاصة مراعاة للمصلحة العامة أمر جائز.
(ج) تموين. تسعيرة جبرية. قانون. "سريان القانون من حيث الزمان".
تطبيق القرارات المحددة للأسعار الجبرية بأثر فوري. سريانها على ما لم يكن قد تم بيعه من السلع قبل صدورها.
(د) فوائد. "بدء سريان الفوائد". تعويض. مسئولية. "مسئولية تقصيرية".
عدم سريان الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية على المبالغ التي لا تكون معلومة المقدار وقت رفع الدعوى. مثال ذلك. التعويض عن العمل غير المشروع. القضاء بالفوائد من تاريخ صدور الحكم.

--------------
1 - الاستيلاء المقصود في معنى المواد 44 و45 وما بعدها من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 بحسب مفهوم نصوصها إنما هو الاستيلاء الفعلي المقترن بالتسليم للمواد المستولى عليها وبعد جردها جرداً وصفياً في حضور ذوي الشأن أو بعد دعوتهم للحضور بخطاب مسجل وليس هو مجرد صدور قرار الاستيلاء في ذاته (1).
2 - متى كان قرار وزير التموين رقم 504 لسنة 1945 المعدل بالقرار رقم 519 لسنة 1946 والصادر تنفيذاً للمرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 قد تضمن الاستيلاء استيلاءاً عاماً على جميع ما يوجد من بذرة القطن وكذلك على جميع ما ينتج أو ما يرد منها في المستقبل سواء أكانت تجارية أم للتقاوي وسواء أكانت في المحالج أو في شون البنوك أو في المحال التجارية أو في حيازة الأفراد أو الهيئات بأية صفة كانت، فإن تقرير الاستيلاء مجرداً على هذا النحو لا يعدو أن يكون إجراءاً تنظيمياً قصد به تحقيق العدالة في التوزيع وتنظيم تداول البذرة ومنع المضاربة فيها بعد تحديد سعرها والكميات الواجب صرفها وليس من شأن هذا الاستيلاء أن ينقل ملكية البذرة أو حيازتها إلى الحكومة، يؤكد ذلك صدور قرارات بعد ذلك القرار بتنظيم تداول هذه البذرة وبيان كيفية التصرف فيها وتحديد أسعارها، وفرض مثل هذه القيود على التصرف في البذرة وتحديد سعر جبري لها لا ينفيان ملكية صاحبها لها إذ أن تقييد حق الملكية بقيود قانونية تتضمنها تشريعات خاصة مراعاة للمصلحة العامة أمر جائز وقد أقرت ذلك المادة 806 من القانون المدني (1).
3 - القرارات المحددة للأسعار الجبرية تطبق بأثر فوري بحيث تسري الأسعار المحددة فيها على ما لم يكن قد تم بيعه من السلع قبل صدورها دون اعتبار لما قد يلحق أصحاب هذه السلع من خسارة نتيجة فرض تلك الأسعار.
4 - يبين من الأعمال التحضيرية للمادة 226 من القانون المدني أن المشرع قصد من إيراد عبارة "وكان معلوم المقدار وقت الطلب" المذكورة في هذه المادة منع سريان الفوائد المنصوص عليها فيها على التعويض عن العمل غير المشروع من تاريخ المطالبة القضائية بها. وإذ كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى بالمبلغ المحكوم به للطاعنة على أساس أنه تعويض تستحقه عن الخسارة التي لحقت بها بسبب تقصير المطعون عليهما لعدم استلامهما بذرة التقاوي التي كانت لدى الطاعنة في الميعاد المناسب - فإنه يكون قد أقام التزام المطعون عليهما بذلك المبلغ على أساس المسئولية عن العمل غير المشروع وهو الأساس الصحيح الواجب إقامة مسئوليتهما عليه، ويكون قضاؤه بالفوائد من تاريخ صدوره غير مخالف للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن وقائعه - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أن الشركة الطاعنة أقامت في 11 من يونيه سنة 1950 الدعوى رقم 2751 سنة 1950 كلي القاهرة ضد وزارتي التموين والزراعة (المطعون عليهما) وضمنت صحفيتها أن وزير التموين أصدر في 23 نوفمبر سنة 1949 قراراً بالاستيلاء على بذرة القطن التقاوي والتجاري من صنف جيزة 30 موسم 1949/ 1950 وبحظر التصرف في كميات البذرة الموجودة في تاريخ العمل بهذا القرار وما ينتج منها مستقبلاً وأنه تنفيذاً للقرار المذكور قامت الطاعنة بإخطار وزارة التموين بكميات البذرة الموجودة لحسابها في المحالج ثم طلبت من هذه الوزارة بكتاب موصى عليه أرسلته إليها في 10 ديسمبر سنة 1949 - وأبلغت وزارة الزراعة بصورة منه - سرعة استلام هذه البذرة وحملتها في حالة التأخير مصاريف التخزين والفرق بين ثمن البذرة التقاوي والتجاري عن كمية التقاوي التي تتخلف الوزارة عن استلامها حتى نهاية مدة البذرة وفي 27 نوفمبر سنة 1949 صدر القانون 168 سنة 1949 بمنع حلج أقطان من صنف جيزة 30 من رتبة جود فما فوق إلا لاستخراج تقاوي منها. كما صدر قرار برقم 189 لسنة 1949 بتحديد سعر شراء الحكومة لبذرة القطن التقاوي من محصول 1949 - 1950 بمبلغ 1 جنيه و495 مليماً وقد اعتمدت الطاعنة على هذا القرار وأدخلت سعر البذرة المحدد فيه في حسبانها عند احتسابها ثمن الأقطان التي اشترتها في هذا الموسم غير أنه صدر بعد ذلك وبتاريخ 24/ 1/ 1950 قرار آخر برقم 22 لسنة 1950 يقضى بتخفيض سعر شراء بذرة القطن التقاوي من صنف جيزة 30 إلى 1 جنيه و405 مليمات وقد ترتب على هذا التخفيض خسارة لها (للطاعنة) قدرها تسعة قروش في كل أردب من كمية التقاوي الناتجة من أقطانها وأنه لما كان مقدار البذرة الناتجة من هذه الأقطان في موسم 1949/ 1950 هو 12185 أردباً منها 5072 تجاري تم تسليمه للحكومة بعد مضي أكثر من 45 يوماً وهو الميعاد المسموح به قانوناً مما تسبب عنه عجز في الوزن يتجاوز العجز المسموح به بمقدار 92 أردباً تسأل عنه وزارة التموين كما تسأل عن مصاريف تخزين كمية البذرة التجاري التي تسلمتها وذلك عن المدة الزائدة على الخمسة وأربعين يوماً المحددة للاستلام - ومنها 7113 من البذرة التقاوي تسلم بنك التسليف لحساب وزارة الزراعة 5988 أردباً منها ولم يتسلم الباقي حتى مضت مواعيد البذرة وحتى صدر في 20 مايو سنة 1950 قرار وزير التموين رقم 129 لسنة 50 بإلغاء القرار رقم 175 لسنة 1949 وأنه لما كان هذا الباقي يشمل 110 أرادب تبين من فحصها أنها لا تصلح للتقاوي فيحتسب سعرها بسعر التجاري و1015 أردباً كانت صالحة كتقاوي فيجب احتساب سعرها بسعر البذرة التقاوي وهو 1 جنيه و495 مليماً لهذا طلبت الشركة الطاعنة في صحيفة دعواها إلزام الوزارتين المدعى عليهما بالمبالغ الآتية:

مليمجنيه 
4251517ثمن 1015 أردباً من البذرة التقاوي لم يتم تسليمها وذلك على أساس ثمن الأردب 1 جنيه و495 مليماً.
920538قيمة فرق سعر البذرة التقاوي بواقع 9 قروش في الأردب عن 5988 أردباً التي تم تسليمها تقاوي.
510103ثمن 110 أردب من البذور التقاوي لم تقبل كتقاوي ويحتسب ثمنها بالسعر التجاري وهو 94.1 قرشاً.
337440مصاريف تخزين 5072 أردباً من البذرة التجاري في المدة الزائدة على 45 يوماً المسموح بها.
57286قيمة العجز في البذرة التجاري الناتج عن التأخير في الاستلام وقدره 92 أردباً بواقع ثمن الأردب 94.1 قرشاً.
7642686 

وهو ما طلبت الشركة المدعية إلزام الوزارتين المدعى عليهما به مع فوائده القانونية اعتباراً من يوم رفع الدعوى والمصاريف والأتعاب ولقيام الوزارتين بعد رفع الدعوى باستلام ما لم تكن قد تسلمتاه من البذرة التقاوي وأداء ثمنه بسعر البذور التجاري عدلت المدعية المبلغ المطالب به إلى مبلغ 1712 جنيهاً و231 مليماً وذلك في مذكرة قدمتها إلى المحكمة ولم تقدم صورة منها بملف الطعن كما لم يبين الحكم الابتدائي أو الأحكام الاستئنافية مفردات هذا المبلغ وكل ما قاله عنها الحكم الابتدائي إن المدعية انتهت فيها إلى تعديل طلباتها إلى مبلغ 1712 جنيهاً و231 مليماً مع باقي الطلبات على التفصيل الوارد بتلك المذكرة - وقد دفعت المطعون عليهما بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل الالتجاء إلى التحكيم المنصوص عليه في القرار الوزاري رقم 504 لسنة 1945 وقبل عرض الأمر على لجان تحديد الأثمان والتعويضات المترتبة على الاستيلاء وفقاً لما يقضي به نص المادتين 44 و47 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 وطلبتا في الموضوع رفض الدعوى - وبتاريخ 28/ 1/ 1951 حكمت المحكمة الابتدائية بعدم قبول الدعوى لرفعها قبل عرض الأمر على اللجان سالفة الذكر - فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافها برقم 685 سنة 71 ق وطلبت أصلياً الحكم ببطلان الحكم المستأنف وإعادة القضية إلى محكمة أول درجة للحكم فيها من جديد استناداً إلى وقوع إخلال بحقها في الدفاع لعدم إعلانها بالمذكرة التي أبدت فيها المطعون عليهما الدفع الذي أخذت به المحكمة - وطلبت احتياطياً إلغاء الحكم وقبول الدعوى والقضاء لها بطلباتها الختامية التي طلبتها أمام محكمة الدرجة الأولى وبتاريخ 10/ 3/ 1956 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وبرفض طلب بطلان الحكم المستأنف وطلبت إعادة القضية إلى محكمة أول درجة ثم حكمت بتاريخ 22/ 12/ 1956 بإلغاء الحكم المستأنف برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها وبتحديد جلسة لنظر الموضوع وبتاريخ 23 مارس سنة 1957 حكمت بإلزام المستأنف عليهما (المطعون عليهما) بأن يدفعا للمستأنفة (الطاعنة) مبلغ 490 جنيهاً و209 مليمات وفوائده بواقع 4% من تاريخ هذا الحكم حتى الوفاء والمصاريف المناسبة عن الدرجتين ومبلغ ألف قرش أتعاباً للمحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات وقد أقامت المحكمة قضاءها بالمبلغ الذي ألزمت المطعون عليهما به على وقوع تقصير منهما فيما يختص بكمية البذرة البالغ مقدارها 1015 أردباً التي رفضتا استلامها كتقاوي واضطرت الطاعنة لتسليمها بسعر البذرة التجاري وهذا التقصير يتمثل في تباطئهما بغير مبرر في استلام هذه الكمية حتى مضت المواعيد المعتادة لاستعمال البذرة التقاوي وحتى صدر قرار وزير التموين بإلغاء قراره رقم 175 لسنة 1949 وقال الحكم إن المبلغ الذي قضى به على المطعون عليهما عبارة عن فرق السعر ما بين البذرة التقاوي والتجاري وهو مقدار الخسارة التي لحقت الطاعنة. وبتاريخ 2 ديسمبر سنة 1958 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض طالبة نقضه فيما قضى به من رفض باقي طلباتها وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 31 ديسمبر سنة 1961 وفيها صممت النيابة على الرأي الذي أبدته في مذكرتها والمتضمن نقض الحكم نقضاً جزئياً فيما قضى به من رفض طلبي مصاريف التخزين ومقابل العجز في الوزن - وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على خمسة أسباب تنعى الطاعنة في الوجه الثاني من السبب الأول وفي السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أنه استند في قضائه برفض ما رفضه من طلباتها إلى أن الأمر فيما يتعلق بالبذرة ليس استيلاءاً وإنما مجرد فرض قيود على تداولها وضعها قرار وزير التموين رقم 175 لسنة 1949 وتقول الطاعنة إن تكييف الحكم لطبيعة العملية موضوع الدعوى على هذا النحو هو تكييف خاطئ وقد وقع الحكم في هذا الخطأ بسبب قصوره في بحث القوانين والقرارات التي تحكم النزاع إذ اقتصر بحثه على القرار الوزاري رقم 175 لسنة 1949 وقال عنه إنه لم يتضمن أية إشارة إلى أن الحكومة اعتزمت شراء البذرة والتصرف فيها باعتبارها مالكة وأن القرار الصادر في 8 يونيه سنة 1949 حدد سعر البيع والشراء على أساس أن سعر البيع يزيد مائة مليم عن سعر الشراء وهذه الزيادة قصد بها أن تكون عمولة لصاحب البذرة هذا في حين أن القرار الوزاري رقم 175 لسنة 1949 على ما تفيده ديباجته ونصوصه إن هو إلا مجرد قرار تنفيذي صدر لتنظيم تداول البذرة من صنف جيزة 30 في موسم 1949/ 1950 وهذه البذرة كان مستولى عليها فعلاً بموجب المادة 32 من القرار الوزاري رقم 504 لسنة 1945 المعدل بالقرار رقم 519 لسنة 1946 وقد أصدر وزير التموين هذين القرارين بالاستناد إلى السلطة المخولة له في المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 ومن ثم فإنه لمعرفة ما إذا كانت البذرة محل النزاع مستولى عليها أو غير مستولى عليها يجب الرجوع إلى هذا المرسوم بقانون والقرار الوزاري رقم 504 لسنة 1945 ولما كانت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 قد خولت وزير التموين حق الاستيلاء على كافة مواد الحاجيات الأولية لتموين البلاد وعملاً بهذا الحق أصدر الوزير قراره رقم 504 لسنة 1945 وأمر في المادة 32 منه بالاستيلاء على كافة بذور القطن الموجودة وقت العمل به أو التي تنتج في المستقبل فإن الاستيلاء على البذرة يكون قائماً من قبل صدور القرار الوزاري رقم 175 لسنة 1949 ولم يكن القصد من إصدار هذا القرار إلا تنظيم تداول نوع معين من البذرة المستولى عليها فعلاً هو بذرة قطن جيزة 30 وفي موسم معين هو موسم 1949/ 1950 فوجود البذرة في حيازة الطاعنة لم يكن بوصفها مالكة لها لأن الملكية قد انتقلت إلى الحكومة منذ تاريخ الاستيلاء عليها وإنما كان تنفيذاً لنص المادة 46 من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 التي أجازت إبقاء الأشياء موضوع الاستيلاء في المكان المحفوظة فيه بحراسة الحائزين لها وتحت مسئوليتهم حتى يتم الاستيلاء عليها أو توزيعها وتضيف الطاعنة أن استدلال الحكم بتقرير سعر لشراء البذرة يزيد على سعر البيع وأن الفرق بين السعرين يعتبر عمولة للمنتج وبأن الحكومة لم تحصل على أية فائدة مادية من عملية الاستيلاء على البذرة في موسم 1949/ 1950 هذا الاستدلال فاسد إذ لو كانت الطاعنة مالكة لما استحقت عمولة ما عن بيع شيء تملكه كما أن الهدف من الاستيلاء إنما هو تحقيق الصالح العام دون نظر إلى أي ربح.
وحيث إن الاستيلاء المقصود في معنى المواد 44 و45 وما بعدها من المرسوم بقانون 95 لسنة 1945 بحسب مفهوم نصوصها إنما هو الاستيلاء الفعلي المقترن بالتسليم للمواد المستولى عليها وبعد جردها جرداً وصفياً في حضور ذوي الشأن أو بعد دعوتهم للحضور بخطاب مسجل وليس هو مجرد صدور قرار بالاستيلاء في ذاته - ولما كان قرار وزير التموين رقم 504 لسنة 1945 المعدل بالقرار رقم 519 لسنة 1946 والصادر تنفيذاً للمرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 قد تضمن الاستيلاء استيلاءاً عاماً على جميع ما يوجد من بذرة القطن وكذلك على جميع ما ينتج أو ما يرد منها في المستقبل سواء أكانت تجارية أم للتقاوي وسواء أكانت في المحالج أو في شون البنوك أو في المحال التجارية أو في حيازة الأفراد أو الهيئات بأية صفة كانت (م 32) فإن تقرير الاستيلاء مجرداً على هذا النحو لا يعدو أن يكون إجراءاً تنظيمياً قصد به تحقيق العدالة في التوزيع وتنظيم تداول البذرة ومنع المضاربة فيها بعد تحديد سعرها والكميات الواجب صرفها وليس من شأن هذا الاستيلاء أن ينقل ملكية البذرة أو حيازتها إلى الحكومة يؤكد ذلك صدور قرارات بعد ذلك القرار بتنظيم تداول هذه البذرة وبيان كيفية التصرف فيها وتحديد أسعارها ومن بين هذه القرارات القرار رقم 175 لسنة 1949 الذي عرض له الحكم المطعون فيه والذي فرض قيوداً على تداول بذرة القطن التقاوي والتجاري من صنف جيزة 30 فحظر على أصحاب المحالج والمسئولين عن إدارتها أن يتصرفوا على أي وجه كان بغير ترخيص من وزارة الزراعة في كميات هذا النوع من البذرة الموجودة في حيازتهم في تاريخ العمل بهذا القرار وما ينتج منها مستقبلاً كما حظر نقل أية كمية منها بغير ترخيص خاص من وزارة الزراعة - وفرض مثل هذه القيود على التصرف في البذرة وتحديد سعر جبري لها لا ينفيان ملكية الطاعنة للبذرة محل النزاع إذ أن تقييد حق الملكية بقيود قانونية تتضمنها تشريعات خاصة مراعاة للمصلحة العامة أم جائز وقد أقرت ذلك المادة 806 من القانون المدني - ولما كانت الطاعنة لم تدع أن الاستيلاء على بذرتها قد أقترن بالتسليم على الوجه الذي يتطلبه القانون وكل ما ادعته أن الاستيلاء قد ترتب على مجرد صدور القرار الوزاري رقم 504 لسنة 1945 فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أنه لم يحصل استيلاء بالمعنى القانوني على بذرة الطاعنة لا يكون مخالفاً للقانون ولا يعيبه ما تضمنته أسبابه من اعتباره الفرق بين السعر المحدد لشراء البذرة وبين سعر بيعها هو عمولة للمنتج ذلك أنه وقد انتهى إلى نتيجة صحيحة فلا يبطله ما تكون قد اشتملت عليه أسبابه من تقريرات قانونية غير صحيحة.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه أخطأ في القانون برفضه القضاء للطاعنة بالفرق ما بين السعر الذي كان مقرراً بالقرار الوزاري رقم 189 لسنة 1949 للاستيلاء على البذرة التقاوي وهو 1 ج و495 م وبين السعر الذي حدده بعد ذلك القرار رقم 22 لسنة 1950 وهو 1 ج و405 م وهو السعر الذي حوسبت الطاعنة على أساسه ذلك أن الحكم قد استند في رفض هذا الطلب إلى وجوب تطبيق القرار الأخير على بذرة الطاعنة وبذلك يكون قد طبق هذا القرار بأثر رجعي على البذرة التقاوي الناتجة من أقطانها والتي كان مستولى عليها قبل صدوره بمقتضى تشريعات سابقة عليه وهذه الرجعية لا يقرها القانون - ولقد ترتب على تخفيض السعر إلحاق الضرر بالطاعنة بمقدار هذا التخفيض لأنها كانت قد أخذت في حسبانها عند احتسابها أثمان القطن الذي اشترته سعر البذرة الذي كان مقرراً وقت الشراء وهو 1 ج و495 م.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وإن كان قرار وزير التموين رقم 189 لسنة 1949 الصادر في 8 ديسمبر سنة 1949 قد حدد سعر شراء بذرة القطن التقاوي عامة عن محصول موسم 1949/ 1950 بمبلغ 1 ج و495 م للأردب ثم صدر القرار رقم 22 لسنة 1950 في 24 يناير سنة 1950 محدداً سعر شراء بذرة التقاوي من صنف جيزة 30 بالذات عن موسم 1949/ 1950 بمبلغ 1 ج و405 م إلا أنه لما كانت القرارات المحددة للأسعار الجبرية تطبق بأثر فوري بحيث تسري الأسعار المحددة فيها على ما لم يكن قد تم بيعه من السلع قبل صدورها دون اعتبار لما قد يلحق أصحاب هذه السلع من خسارة نتيجة فرض تلك الأسعار لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بسريان السعر المحدد بالقرار رقم 22 سنة 1950 على البذرة التقاوي التي كانت لدى الطاعنة وما زالت على مالكها في تاريخ العمل بذلك القرار - ولم تكن هذه البذرة - على ما سلف القول وخلافاً لما تقول الطاعنة مستولى عليها قبل هذا التاريخ - إذ فعل الحكم ذلك فإنه لا يكون قد طبق القرار رقم 22 لسنة 1950 بأثر رجعي وإنما أعمل أثره المباشر ومن ثم لم يخطئ في القانون.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الرابع وفي الوجه الأول من السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والخطأ في تطبيق القانون وفي بيان القصور تقول إنها طلبت بدعواها الحكم لها بمصاريف تخزين البذرة التجاري عن المدة الزائدة على الخمسة وأربعين يوماً المسموح بها كما طالبت بقيمة العجز في وزن هذه البذرة (التجاري) الناتج عن تراخي المطعون عليهما في استلامها خلال هذه المدة وكذلك بمصاريف التداول والوزن - وقد أغفل الحكم المطعون فيه الطلبات الخاصة بقيمة العجز ومصاريف التداول والوزن فلم يشر إليها في أسبابه ولم يبين سبب رفضه لها أما عن الطلب الخاص بمصاريف التخزين فإن الحكم وإن عرض له إلا أنه رفضه بناء على أسباب غير صحيحة في القانون ذلك أنه استند في هذا الرفض إلى أن تلك المصاريف تقع على عاتق الطاعنة باعتبارها مالكة للبذرة وليس على عاتق الحكومة هذا في حين أنه وقد تقرر الاستيلاء على هذه البذرة بمقتضى القرار الوزاري رقم 504 لسنة 1945 على ما سلف بيانه في السبب الثاني فإنه يترتب على ذلك أن تصبح هذه البذرة منذ إنتاجها مملوكة ملكية خالصة للحكومة ويفقد المنتج من هذا الوقت حقوق المالك عليها فلا يستطيع استعمال شيء منها أو التصرف فيه إلا بناء على ما تصدره الوزارة من تراخيص بالسعر الذي تحدده الحكومة - وتضيف الطاعنة أن الوضع لا يختلف حتى إذا أخذ بالنظر الذي ذهب إليه الحكم من أن الأمر لم يكن متعلقاً باستيلاء وإنما هو مجرد فرض قيود على تداول البذرة إذ في هذه الحالة أيضاً لا يجوز للوزارة إذا ما تباطأت في استلام البذرة التجاري أن تحمل الشركة الطاعنة بوصفها حائزة لهذه البذرة مصاريف تخزينها في المدة الزائدة عن الخمسة والأربعين يوماً المسموح بها إذ لم تكن البذرة مودعة في مخازن الطاعنة وإنما في مخازن المحالج التي حلجت فيها أقطانها وقد قامت هي بسداد تلك المصاريف لهذه المحالج. كذلك فإنه بالنسبة لقيمة العجز في وزن كمية البذرة التجاري ومصاريف التداول والوزن فإن سببها جميعاً ذات السبب وهو تباطؤ الحكومة في التصرف في هذه البذرة وعدم سحبها في الميعاد المحدد لذلك.
وحيث إنه لما كان الحكمان الابتدائي والمطعون فيه خاليين مما يدل على أن الطاعنة طلبت الحكم لها بمصاريف التداول والوزن وكانت الطاعنة من جانبها لم تقدم ما يفيد أن المبلغ الذي انتهت إلى طلبه في طلباتها الختامية يشمل تلك المصاريف فإن نعيها على الحكم المطعون فيه إغفاله الفصل فيها يكون على غير أساس - أما عن مصاريف تخزين البذرة وقيمة العجز في الوزن فيلاحظ أنهما - كما تقول الطاعنة - خاصان بالبذرة التجاري وليس بالبذرة التقاوي التي أثبت الحكم المطعون فيه وقوع تقصير من المطعون عليهما في استلامها ومن ثم يكون غير صحيح ما رأته النيابة من وجوب امتداد أثر هذا القضاء إلى مصاريف تخزين البذرة وقيمة العجز في الوزن اللتين طالبت بهما الطاعنة عن البذرة التجاري ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض طلب الطاعنة لمصاريف التخزين على ما قاله من أن صيانة البذرة وتخزينها واجب على الطاعنة باعتبارها مالكة وليس على الحكومة ولما كانت الطاعنة - على ما تقدم ذكره في الرد على السبب الثاني - تعتبر مالكة للبذرة إلى أن تقوم بالتصرف فيها على الوجه المبين في القرار الوزاري رقم 175 لسنة 1949 وكان هذا القرار والقرارات الأخرى التي صدرت بتنظيم تداول البذرة وبتحديد أسعار شرائها في المواسم المختلفة لم يتضمن التزام الحكومة بمصاريف تخزين البذرة في المدة السابقة على استلامها من المنتجين أو تحديد ميعاد معين يجب أن يتم فيه هذا الاستلام كما أن الطاعنة من جانبها لم تبين مصدر التزام المطعون عليهما بوجوب استلام البذرة التجاري في ميعاد الخمسة وأربعين يوماً الذي تقول عنه إنه المسموح به ولا يجوز تجاوزه - لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون مخالفاً للقانون في هذا الخصوص كذلك فإنه بالنسبة لقيمة العجز المدعى بحصوله في وزن البذرة التجاري فإن الحكم المطعون فيه وإن كان لم يفرد أسباباً مستقلة للرد على طلب هذه القيمة إلا أن ما قاله في شأن مصاريف التخزين يصدق على قيمة العجز في الوزن والقضاء برفض أحد الطلبين يستتبع حتماً رفض الطلب الآخر إذ أن مبنى الطلبين كما تقول الطاعنة نفسها واحد هو - على حد قولها - أن البذرة خرجت من ملكيتها بالاستيلاء عليها وأن الحكومة تأخرت في استلامها عن ميعاد الخمسة وأربعين يوماً المسموح بها - وقد تبين على ما تقدم ذكره فساد هذا الأساس.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون بقضائه بالفوائد عن المبلغ المحكوم به للطاعنة اعتباراً من تاريخ صدوره وليس من تاريخ المطالبة القضائية بها كما طلبت الطاعنة، ذلك أنها لم تطالب بالمبالغ التي طلبتها بدعواها على أساس أن هذه المبالغ تعويض وإنما باعتبارها نتيجة لإخلال الوزارتين المطعون عليهما بالتزاماتهما الناشئة عن الاستيلاء ومن ثم فقد كان لزاماً على الحكم المطعون فيه وقد قضى للطاعنة بأحد هذه الطلبات وهو فرق الثمن بين سعر البذرة التقاوي والبذرة التجاري عن كمية التقاوي التي لم تتسلمها الحكومة - أن يقضي بالفوائد عن المبلغ المحكوم به من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 11 يونيه سنة 1950 لأن هذا المبلغ كان معين المقدار وقت الطلب وتستحق عنه الفوائد من تاريخ المطالبة بها قضائياً وفقاً للمادة 226 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه قضى بالمبلغ المحكوم به للطاعنة على أساس أنه تعويض تستحقه عن الخسارة التي لحقت بها بسبب تقصير المطعون عليهما لعدم استلامهما بذرة التقاوي التي كانت لدى الطاعنة في الميعاد المناسب - وبذلك يكون قد أقام التزام المطعون عليهما بذلك المبلغ على أساس المسئولية عن العمل غير المشروع وهو الأساس الصحيح الواجب إقامة مسئوليتهما عليه ولما كان يبين من الأعمال التحضيرية للمادة 226 من القانون المدني أن المشرع قصد من إيراد عبارة" وكان معلوم المقدار وقت الطلب" المذكورة في هذه المادة منع سريان الفوائد المنصوص عليها فيها على التعويض عن العمل غير المشروع من تاريخ المطالبة القضائية بها فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بالفوائد من تاريخ صدوره لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إنه لما تقدم جميعه يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.


(1) راجع نقض 2/ 1/ 1958 طعن 334 س 23 ق السنة التاسعة ص 35 و21/ 12/ 1961 طعن 446 س 25 ق السنة 12 ص 810 و13/ 12/ 1962 طعن 253 س 27 ق السنة 13 ص 113.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق