الصفحات

الأربعاء، 14 يونيو 2023

الطعن 5496 لسنة 42 ق جلسة 4 / 4 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 50 ص 533

جلسة 4 من إبريل سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: جودة عبد المقصود فرحات، وسعيد أحمد محمد حسين برغش، وسامي أحمد محمد الصباغ، ومحمود إسماعيل رسلان مبارك - نواب رئيس مجلس الدولة.

-----------------

(50)

الطعن رقم 5496 لسنة 42 قضائية عليا

جنسية - تعريف الجنسية - شروط الانتساب للجنسية المصرية - طوائف المصريين الأصلاء. (إثباته) (دستور).
المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 بشأن الجنسية المصرية - والمادة الأولى من القانون رقم 165 لسنة 1950 - المادة الأولى من القانون رقم 391 لسنة 1956 - المادة الأولى من القانون رقم 26 لسنة 1975.
ناطت الدساتير المصرية بالقانون وحده تنظيم الجنسية المصرية وآخرها ما نصت عليه المادة السادسة من الدستور الحالي بأن الجنسية ينظمها القانون - انطلاقاً من هذا الحكم نظم الشارع المصري أحكام الجنسية بحسبانها رابطة قانونية وسياسية بين المواطن المصري والدولة - نتيجة ذلك: يعتبر انتساب المواطن المصري للدولة المصرية مركزاً تنظيمياً يكتسبه المصري حتماً من أحكام القانون مباشرة إذا ما توافرت فيه الشروط التي أوجبها القانون دون أن يكون لإرادة المواطن أو السلطة القائمة على إثبات الجنسية دخل في اكتسابها أو ثبوتها في حقه - تلتزم السلطة المختصة بالاعتراف بحقه في التمتع الجنسية المصرية متى تحققت من قيام حالة من الحالات الواردة في القانون المصري تسوغ تمتع من قامت به بالجنسية المصرية - يقوم عبء إثبات الجنسية على من يتمسك بها أو يدفع بعدم دخوله فيها - حدد الشارع المصري طوائف المصريين الأصلاء والاشتراطات الواجب توافرها في كل طائفة من الطوائف مقرراً أن الجنسية المصرية تعتبر مركزاً قانونياً يتحقق في المواطن المصري بواقعة ميلاده لأب مصري أو من خلال إقامة أصوله أو إقامته وفقا للشروط والمدد التي حددها القانون - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 25/ 7/ 1996 أودع الأستاذ/ ........ المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ ...... وشهرته........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 5496 لسنة 42 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات "أ") بجلسة 28/ 5/ 1996 في الدعوى رقم 5857 لسنة 49 ق والقاضي بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات، وانتهى تقرير الطعن - لما قام عليه من أسباب - إلى طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه إلى حين الفصل في موضوع الطعن وبإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء للطاعن بطلباته في الدعوى.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه وإلغاء القرار المطعون فيه السلبي بالامتناع عن إصدار قرارها بثبوت الجنسية المصرية للطاعن وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية بالمصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التي قررت بجلسة 16/ 6/ 1997 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا - الدائرة الأولى موضوع - لنظره بجلسة 17/ 8/ 1997 حيث نظر الطعن وتدول نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المقررة.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 5857 لسنة 49 ق بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 7/ 5/ 1995 طالباً في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف القرار السلبي الصادر من المدعى عليهما الأول والثاني بصفتيهما بالامتناع عن اعتبار المدعي مصرياً مع كل ما يترتب على ذلك من آثار وفي الموضوع بإلغاء هذا القرار وإلزام المدعى عليهما بالمصروفات وأتعاب المحاماة، وذكر المدعي - بياناً لدعواه - أنه تقدم إلى مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية بطلب إثبات جنسيته تأسيساً على أنه مصري الجنسية من مواليد غزة سنة 1942 وأن والده مصري الجنسية من مواليد دمنهور سنة 1895 وكذلك جده ويعامل بالمادة الأولى الفقرة الثانية من القانون رقم 26 لسنة 1975 أخذاً من المادة السادسة فقرة أولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 إلا أن المصلحة أخطرته بخاطبها رقم 1050 المؤرخ 11/ 3/ 1995 بضرورة تقديم المستندات الدالة على إقامة والده/ ......... بالبلاد خلال الفترة من سنة 1914 حتى 1926 أو إثبات صلته بالسيد/ ....... وبذلك تكون المصلحة قد امتنعت عن إجابة المدعي إلى طلبه، ونعى المدعي على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون استناداً إلى أن والده مصري الجنسية حيث ولد بدمنهور محافظة البحيرة بتاريخ 3/ 10/ 1895 وصادر له جواز سفر مصري بتاريخ 12/ 4/ 1962 كما أن جده المرحوم/ ....... مصري الجنسية ومحل إقامته مدينة دمنهور وقد عاش الجد ومعه جميع أبنائه ومنهم والد المدعي بتلك المدينة وكانت إقامته بها متصلة طول حياته وتملك بها وبالمدن الأخرى بمحافظة البحيرة عدة عقارات مسجلة ومكلفة باسمه وأشقاء المدعي يتمتعون جميعهم بالجنسية المصرية وكذلك أقاربه.
وبجلسة 28/ 5/ 1996 أصدرت المحكمة حكمها الطعين، وأسست حكمها على أن الثابت من أوراق النزاع أن والد المدعي وهو/ ....... قد ولد بمصر بتاريخ 30/ 10/ 1895 إلا أن الأوراق أجدبت عن أي دليل أو قرائن على توطنه بالبلاد المدة المتصلة قانوناً أو إقامته بمصر في الفترة من 1914 حتى 1929 بل إن الثابت من شهادة ميلاد المدعي أنه ولد بتاريخ 15/ 8/ 1942 ومحل ميلاده قطاع غزة كما توفى والد المدعي بغزة عام 1965 واستخرج إعلام وراثته من محكمة غزة الشرعية في 13/ 2/ 1995 فضلاً عن أن المدعي يحمل الجنسية الفلسطينية وهو ما أقر به صراحة في صحيفة دعواه وقد حضر إلى البلاد بتاريخ 7/ 8/ 1967 ولا توجد صلة بين المدعي وبين/ ......... الذي يمتلك بعض العقارات بمصر إذ ليس هو بجد المدعي وإنما جده/ ......... طبقاً لكافة المستندات الرسمية المودعة بملف الدعوى.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون فليس صحيحاً أن أوراق الدعوى قد أجدبت من دليل يفيد توطن والد الطاعن بالبلاد وإقامته بها المدة المقررة وأن الطاعن فقد كل ما كان لديه من الأوراق والمستندات أثناء العدوان الإسرائيلي عام 1967 فقد أخرج الإسرائيليون الطاعن وأسرته مع سائر المصريين من غزة مطرودين ولم يسمحوا لهم إلا بحمل ما عليهم من ملابس ولما تمكن المدعي من جمع شتات بعض تلك المستندات استعان بها على إثبات أحقيته في جنسيته المصرية وجود هذه الوثائق واجتماعها وتكامل بياناتها يرسى في اليقين أن الطاعن مصري الجنسية وهي مستندات تتضمن ثبوت الجنسية المصرية لوالد الطاعن من واقع جواز سفره المصري وأن الطاعن كان طوال حياته وحتى 5/ 6/ 1967 يعامل كمصري أصيل يحمل جواز سفر مصري ولا يسمح له بالإقامة في قطاع غزة إلا بتأشيرة إقامة وأن كل أشقاء الطاعن مصريو الجنسية مقيمون بمصر، وما تقطع به الشهادة الصادرة من إدارة الحاكم العسكري لغزة كما أن أصل أسرة الطاعن بمحافظة البحيرة حيث ولد ونشأ بها جده/ ........ الذي يطلق عليه/ ....... أحياناً أو....... أحياناًَ أخرى، وأضاف الطاعن أن الحكم المطعون فيه قد شابه الفساد في الاستدلال فقد غاب عن الحكم المطعون فيه أن الطاعن كان يتعامل طوال حياته على أنه مصري الجنسية وأن الطاعن لم يضطر إلى التعامل بالصفة الفلسطينية إلا بعد أن أفقده الغزو والاحتلال الإسرائيلي في فترة عدوان 1967 كل الوثائق والمستندات المثبتة لجنسيته المصرية وطرده مع سائر المصريين غير المرغوب فيهم من قطاع غزة ودخوله مصر مع المطرودين من ذلك القطاع بتأشيرة جماعية نسبت إليهم - بصفة عامة - الصفة الفلسطينية.
ومن حيث إن الدساتير المصرية قد ناطت بالقانون وحد تنظيم الجنسية المصرية وآخرها ما نصت عليه المادة السادسة من الدستور الحالي بأن الجنسية المصرية ينظمها القانون، وانطلاقاً من هذا الحكم فإن الشارع المصري قد نظم أحكام الجنسية - بحسبانها رابطة قانونية وسياسية بين المواطن المصري والدولة - على سنن منضبطة تجعل من انتساب المواطن المصري للدولة المصرية مركزاً تنظيمياً يكتسبه المصري حتماً من أحكام القانون مباشرة إذا ما توافرت فيه الشروط التي أوجبها القانون دون أن يكون لإرادة المواطن أو السلطة القائمة على إثبات الجنسية دخل في اكتسابها أو ثبوتها في حقه، فتلزم السلطة المختصة بالاعتراف بحقه في التمتع بالجنسية المصرية متى تحققت من قيام حالة من الحالات الواردة في القانون المصري تسوغ تمتع من قامت به بالجنسية المصرية، ويقوم عبء إثبات الجنسية على من يتمسك بها أو يدفع بعدم دخوله فيها.
وفي ضوء هذه الأصول والمبادئ القانونية صاغت القوانين المتتابعة في شأن الجنسية المصرية أحكامها فنصت المادة الأولى من المرسوم بقانون رقم 19 لسنة 1929 في شأن الجنسية المصرية على أن "يعتبر داخلاً في الجنسية المصرية بحكم القانون أولاً: ...... ثانياً: ...... ثالثاً: ...... من عدا هؤلاء من الرعايا العثمانيين الذين كانوا يقيمون عادة في الأراضي المصرية في 5 نوفمبر 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 مارس 1929 سواءً كانوا بالغين أو قصراً" كما نصت المادة الأولى من القانون رقم 165 لسنة 1950 "المصريون هم: 1 - ....... 2 - ...... 3 - ...... 4 - ...... 5 - الرعايا العثمانيون الذين يقيمون عادة في الأراضي المصرية في 5 نوفمبر 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى 10 مارس 1929 سواءً أكانوا بالغين أم قصراً" كما نصت المادة الأولى من القانون رقم 391 لسنة 1956 بأن "المصريين هم أولاً: المتوطنون في الأراضي المصرية قبل أول يناير 1900 المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ نشر هذا القانون، ولم يكونوا من رعايا الدول الأجنبية وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع وإقامة الزوج مكملة لإقامة الزوجة متى كانت لديهم نية التوطن "ونصت المادة الأولى من القانون رقم 26 لسنة 1975 بأن "المصريون هم أولاً: المتوطنون في مصر قبل 5 نوفمبر 1914 من غير رعايا الدول الأجنبية المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ العمل بهذا القانون وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع وإقامة الزوج مكملة لإقامة الزوجة" وتنص المادة الثانية من ذات القانون على أنه "يكون مصرياً: 1 - من ولد لأب مصري......".
ومن حيث إن مفاد النصوص المتقدمة أن الشارع المصري قد حدد طوائف المصريين الأصلاء والاشتراطات الواجب توافرها في كل طائفة من الطوائف وقرر أن الجنسية المصرية تعتبر مركزاً قانونياً يتحقق في المواطن المصري بواقعة ميلاده لأب مصري أو من خلال إقامة أصوله أو إقامته وفقاً للشروط والمدد التي حددها القانون.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن والد الطاعن/ ....... من مواليد دمنهور عام 1895 وثابت من شهادة ميلاده أنه ولد لأب مصري وقد أنجب بمصر أبناءه/ ....... عام 1927 بمدينة الإسماعيلية و...... بإيتاي البارود و.......... بالقنطرة شرق عام 1939 و....... بشمال سيناء عام 1946 إلا أنه أنجب ابنه....... في غزة عام 1942 حيث أثبت في شهادة ميلاده أنه مولود لأب مصري وقد كان والد المدعي يعمل بسكك حديد فلسطين السابقة ثم حول للعمل بسكك حديد مصر اعتباراً من 1/ 4/ 1948 إلى أن أحيل إلى المعاش عام 1955 وأنه كان يحمل جواز سفر مصري وأن والده (جد المدعي) كان يمتلك عدة عقارات بمصر حسبما هو ثابت بمستخرجات الضرائب العقارية المودعة ملف الدعوى والتي ترجع إلى عام 1909.
ولا وجه لما ذهبت إليه جهة الإدارة أن هذه المستخرجات لا تخص جد الطاعن على أساس أنها باسم/ ........ وليس باسم/ ......... إذ أن الثابت أن هذه المستخرجات قد ورد بها اسم والد المدعي (.....) كما أن الثابت من الأوراق الأخرى أن........ هو ....... كالشهادة المقدمة من هندسة السكك الحديدية، كما أنه ورد بجواز سفر شقيق المدعي أن اسمه/ ........ كما تعاملت إدارة التجنيد مع شقيق المدعي بالاسم الأخير، كما أن الأوراق الأخرى والشهادات الإدارية المتعددة تفيد أن والد المدعي هو/........ خاصة وأن المكلفات قد ذكرت اسم والد الطاعن وأسماء أخوته وهي أسماء تتطابق مع ما ورد في مستندات أخرى كإعلانات الوفاة بالجرائد والشهادات الإدارية.
ومن حيث إنه وإذ ثبت ميلاد والد المدعي وتوطنه بمصر قبل أول يناير 1900 وقبل 5 نوفمبر 1914 واستمر متوطناً حتى أنجب معظم أبنائه بها، وعمل بسكك حديد مصر حتى أحيل إلى المعاش عام 1955 وثابت من جواز سفره الصادر عام 1962 أن محل إقامته القنطرة، ولم يثبت من الأوراق أنه اكتسب جنسية أجنبية الأمر الذي يعتبر معه والد المدعي من أصحاب الجنسية الأصلية ويكون المدعي متمتعاً بالجنسية المصرية باعتبار ولد لأب مصري.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وإذ قضى بقبول الدعوى شكلاً ورفضها موضوعاً وإلزام المدعي المصروفات فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون، مما يتعين معه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبإثبات تمتع المدعي بالجنسية المصرية وإلزام جهة الإدارة المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإثبات تمتع المدعي بالجنسية المصرية وألزمت جهة الإدارة المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق