الصفحات

الاثنين، 5 يونيو 2023

الطعن 5436 لسنة 86 ق جلسة 30 / 5 / 2022 مكتب فنى 73 هيئة عامة ق 3 ص 36

جلسة ٣٠ من مايو سنة ٢٠٢٣
برئاسة السيد القاضي/ محمد عيد محجوب " رئيس محكمة النقض " وعضوية السادة القضاة/ محمود سعيد محمود، عبد العزيز إبراهيم الطنطاوي، عاطف عبد الجليل الأعصر، رفعت أحمد فهمي العزب، نبيل أحمد صادق، محمد أحمد أبو الليل، سمير حسن حسين، صلاح الدين محمود مجاهد، د. مصطفى محمد سالمان ود. محمد عصام الترساوي " نواب رئيس المحكمة ".
----------------------
(3)
الطعن رقم ٥٤٣٦ لسنة ٨٦ القضائية " هيئة عامة "
( 1 ) قانون " القوانين الموضوعية والإجرائية ".
التشريعات الموضوعية والإجرائية. ماهيتهما. قانون المرافعات. تميز نصوصه بالدقة والشمول والمرونة دون الإغراق في الشكليات بما يتيح للقاضي تغليب موجبات صحة الإجراءات على غيرها من المعايير.
( 2 ) دعوى " شروط اختصام ورثة المتوفى قبل رفع الدعوى ".
الخصومة. انعقادها فقط بين الأحياء وإلا كانت معدومة. المتوفى قبل رفع الدعوى. جواز تصحيح شكل الدعوى باختصام ورثته بإجراءات جديدة تتحقق بها المواجهة في الخصومة. شرطه. اتخاذ تلك الإجراءات في ذات درجة التقاضي ومراعاة المواعيد المقررة للخصومة الجديدة المستقلة بذاتها والمرتبة لكافة آثارها من تاريخ انعقادها. انتهاء الهيئة العامة إلى ما تقدم والعدول عن المبدأ المخالف لذلك.
------------------
1- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن التشريعات الموضوعية هي موطن العدل بمضمونه وفحواه فإن سبيل تحقيقه يكون من خلال التشريعات الإجرائية؛ إذ إنها الأداة والطريق للوصول إليه، ذلك أن الرسالة الأولى والأخيرة للتشريعات الإجرائية أن تكون أداة طيعة لعدل سهل المنال مأمون الطريق لا يغرق في الشكليات، وإذ كان قانون المرافعات هو حجر الأساس في بناء القوانين الإجرائية، وتمتاز نصوصه بالدقة والشمول والمرونة، لذلك فقد حرص المشرع فيه على الأخذ بالمعايير التي تتيح للقاضي تغليب موجبات صحة الإجراءات على غيرها من المعايير.
2- المقرر - في قضاء محكمة النقض - أن الخصومة لا تقوم ابتداءً إلا بين طرفين من الأحياء فلا تنعقد أصلًا إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وإلا كانت معدومة إلا أنه وتيسيرًا على الخصوم وتحقيقًا لموجبات سير العدالة وهو ما يستتبع معه جواز اختصام ورثة المتوفى بإجراءات جديدة بموجب صحيفة مستوفية لكافة شرائطها القانونية إيداعًا وإعلانًا يتحقق به مبدأ المواجهة في الخصومة، على أن يكون في ذات درجة التقاضي ومرعية فيها المواعيد المقررة للخصومة الجديدة التي تكون مستقلة بذاتها ومرتبة لكافة آثارها من تاريخ انعقادها. لما كان ما تقدم، وكانت بعض أحكام دوائر المحكمة قد ذهبت إلى عدم جواز تصحيح شكل الخصومة وتجديد الإجراء الباطل باختصام ورثة المتوفى واعتبار الخصومة منعدمة لوفاة مورثه، فقد رأت الهيئة وبالأغلبية المنصوص عليها في الفِقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية المشار إليه آنفًا؛ العدول عن هذا المبدأ والاعتداد بالمبدأ الذي ورد بأحكام الاتجاه الثاني (بجواز تصحيح الإجراء المتعلق بتصحيح شكل الخصومة باختصام ورثة المتوفى قبل رفع الدعوى وأمام ذات الدرجة الواحدة) وفقًا للأسباب الواردة سلفًا.
------------------
الهيئة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن البنك الطاعن أقام على مورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع وباقي المطعون ضدهم الدعوى رقم.... لسنة.... ق القاهرة الاقتصادية الاستئنافية بطلب الحكم بإلزامهم بالتضامن بأداء مبلغ 14,695,801 " أربعة عشر مليونًا وستمائة وخمسة وتسعين ألفًا وثمانمائة وجنيه واحد "، ومبلغ 24,697,739,98 " أربعة وعشرين مليونًا وستمائة وسبعة وتسعين ألفًا وسبعمائة وتسعة وثلاثين جنيهًا وثمانية وتسعين قرشًا " حتى 30/8/2015 بخلاف ما يستجد من عائد مركب بواقع 12,25% سنويًا، وعمولة 1,5% تحتسب على الحد الأعلى للرصيد المدين خلال كل شهر حتى تمام السداد والمصاريف، وعائد تأخير بواقع 14,25% من تاريخ المطالبة القضائية وحتى تمام السداد، على سند من أن الشركة المطعون ضدها الأولى حصلت بموجب عقدي اعتماد بحساب جارٍ من البنك الطاعن على مبلغ أربعة ملايين جنيه بضمان باقي المطعون ضدهم، والتي نشأت عنها المديونية المطالب بها. بتاريخ 9/2/2016 قضت المحكمة أولًا: بانعدام الخصومة بالنسبة لمورثي المطعون ضدهم الثاني والثالث والسابع، ثانيًا: بإلزام باقي المطعون ضدهم بالتضامن بأداء مبلغ 3,083,240,11 "ثلاثة ملايين جنيه وثلاثة وثمانين ألفًا ومائتين وأربعين جنيهًا وأحد عشر قرشًا" سنويًّا من تاريخ 13/10/2015 وحتى تمام السداد بما لا يجاوز أصل الدين المحكوم به. طعن البنك الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عُرِضَ الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية في غرفة مشورة والتي رأت أنه جدير بالنظر فأحالته إلى هذه المحكمة والتي حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وإذ تباينت الأحكام الصادرة من محكمة النقض حول مسألة قبول أو رفض طلب تصحيح شكل الدعوى باختصام ورثة المتوفى الذي ثبتت وفاته قبل رفعها، والتحقق من انعدام الخصومة من عدمه لا سيما إذا ما كانت أمام ذات درجة التقاضي الواحدة وتعذر علم المدعي أو جهله بحالة الوفاة قبل رفعها.
وذهبت بعض دوائر هذه المحكمة في أحكامها إلى عدم جواز تصحيح شكل الخصومة أو إدخال ورثة المتوفى قبل رفع الدعوى؛ لأن الخصومة ولدت منعدمة.
واستندت في ذلك إلى أن الأصل أن تقوم الخصومة بين طرفيها من الأحياء مدَّعٍ أو مدعى عليه، فلا تنعقد إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وإلا كانت معدومة ولا ترتب أثرًا ولا يصححها إجراء لاحق، وعلى من يريد عقد خصومة أن يراقب ما يطرأ على خصومه من وفاة أو تغيير في الصفة قبل اختصامهم حتى تأخذ الخصومة مجراها القانوني الصحيح.
كما ذهبت بعض الدوائر الأخرى في أحكامها إلى عدم إعمال أحكام الانعدام، وذلك بقبول طلب تصحيح شكل الدعوى واختصام ورثة الخصم المتوفى – أمام ذات درجة التقاضي الواحدة - الذي ثبتت وفاته قبل رفع الدعوى بموجب صحيفة جديدة مستوفية كافة شرائطها القانونية وفي الميعاد المقرر قانونًا وتحقق الغاية من الإجراء بهذا التصحيح والتقليل من دواعي البطلان بتغليب موجبات صحة الإجراءات واكتمالها على أسباب بطلانها.
وإزاء هذا الاختلاف قررت الدائرة التجارية والاقتصادية المختصة بجلستها المنعقدة بتاريخ 3 من مايو سنة 2023 إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها عملًا بالفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم 46 لسنة 1972 المعدل للفصل في هذا الاختلاف وإقرار المبدأ الذي قررته أحكام الاتجاه الثاني والعدول عن المبدأ الذي قررته أحكام الاتجاه الأول.
وإذ حددت الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية ومواد الأحوال الشخصية وغيرها جلسة 23 من مايو سنة 2023 لنظر الطعن، وأودعت النيابة العامة لدى محكمة النقض مذكرة برأيها انتهت فيها إلى الأخذ بالمبدأ الذي قررته أحكام الاتجاه الثاني بجواز تصحيح الإجراء المتعلق بتصحيح شكل الخصومة باختصام ورثة المتوفى قبل رفع الدعوى وأمام ذات الدرجة الواحدة، وقد تداولت الهيئة في المسألة المعروضة عليها من الدائرة المُحِيلَة، وقد التزمت النيابة رأيها، وقررت الهيئة إصدار الحكم بجلسة اليوم.
لما كانت التشريعات الموضوعية هي موطن العدل بمضمونه وفحواه؛ فإن سبيل تحقيقه يكون من خلال التشريعات الإجرائية؛ إذ إنها الأداة والطريق للوصول إليه؛ ذلك أن الرسالة الأولى والأخيرة للتشريعات الإجرائية أن تكون أداة طيعة لعدل سهل المنال مأمون الطريق لا يغرق في الشكليات، وإذ كان قانون المرافعات هو حجر الأساس في بناء القوانين الإجرائية، وتمتاز نصوصه بالدقة والشمول والمرونة، لذلك فقد حرص المشرع فيه على الأخذ بالمعايير التي تتيح للقاضي تغليب موجبات صحة الإجراءات على غيرها من المعايير، ولما كان من المقرر أن الخصومة لا تقوم ابتداءً إلا بين طرفين من الأحياء فلا تنعقد أصلًا إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وإلا كانت معدومة إلا أنه وتيسيرًا على الخصوم وتحقيقًا لموجبات سير العدالة وهو ما يستتبع معه جواز اختصام ورثة المتوفى بإجراءات جديدة بموجب صحيفة مستوفية لكافة شرائطها القانونية إيداعًا وإعلانًا يتحقق به مبدأ المواجهة في الخصومة، على أن يكون في ذات درجة التقاضي ومرعية فيها المواعيد المقررة للخصومة الجديدة التي تكون مستقلة بذاتها ومرتبة لكافة آثارها من تاريخ انعقادها. لما كان ما تقدم، وكانت بعض أحكام دوائر المحكمة قد ذهبت إلى عدم جواز تصحيح شكل الخصومة وتجديد الإجراء الباطل باختصام ورثة المتوفى واعتبار الخصومة منعدمة لوفاة مورثه فقد رأت الهيئة - وبالأغلبية المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة الرابعة من قانون السلطة القضائية المشار إليه آنفًا - العدول عن هذا المبدأ والاعتداد بالمبدأ الذي ورد بأحكام الاتجاه الثاني وفقًا للأسباب الواردة سلفًا، ومن ثم فإن الهيئة وبعد الفصل في المسألة المعروضة عليها تُعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه وفقًا لما سبق وطبقًا لأحكام القانون.

هناك تعليق واحد: