الصفحات

الثلاثاء، 20 يونيو 2023

الطعن 331 لسنة 46 ق جلسة 28 / 5 / 1980 مكتب فني 31 ج 2 ق 290 ص 1551

جلسة 28 من مايو سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى كمال سليم نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سليم عبد الله سليم، محمد عبد العزيز الجندي، أمين طه أبو العلا ومحمد زغلول عبد الحميد.

--------------

(290)
الطعن رقم 331 لسنة 46 القضائية

(1) إثبات. نقل بري. مسئولية "مسئولية عقدية".
عقد نقل الأشخاص. التزام الناقل بضمان سلامة الراكب. التزام بتحقيق غاية. عدم التزام الراكب المضرور بإثبات وقوع خطأ في جانب الناقل. نفي مسئوليته. شرطه.
(2) التزام "انقضاء الالتزام". قوة قاهرة. مسئولية.
اعتبار الحادث قوة قاهرة شرطه. سقوط الأمطار وأثرها على الطريق الترابي. أمر مألوف يمكن توقعه في مثل ظروف الحادث موضوع الدعوى.

-----------------
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عقد نقل الأشخاص يلقى على عاتق الناقل التزاماً بضمان سلامة الراكب وهو التزام بتحقيق غاية فإذا أصيب الراكب بضرر أثناء تنفيذ عقد النقل تقوم مسئولية الناقل عن هذا الضرر وبغير حاجة إلى إثبات وقوع خطأ من جانبه ولا ترتفع هذه المسئولية وإلا إذا أثبت هو أن الحادث نشأ عن قوة قاهرة أو خطأ من الراكب المضرور أو خطأ من الغير، ويشترط في خطأ الغير الذي يعفي الناقل من المسئولية إعفاءاً كاملاً ألا يكون في مقدور الناقل توقعه أو تفاديه وأن يكون هذا الخطأ وحده هو الذي سبب الضرر للراكب.
2 - إذ كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعنة على أن الضرر قد نشأ عن قوة قاهرة أو عن خطأ قائد سيارة النقل، حالة أنه يشترط لاعتبار الحادث قوة قاهرة عدم إمكان توقعه واستحالة دفعه أو التحرز منه، ولما كان سقوط الأمطار وأثرها على الطريق الترابي في الظروف والملابسات التي أدت إلى وقوع الحادث في الدعوى الماثلة من الأمور المألوفة التي يمكن توقعها ولا يستحيل على قائد السيارة المتبصر التحرز منها، وكان الخطأ المنسوب لقائد سيارة النقل قد انتفى بحكم جنائي قضى ببراءته، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعنة - المضرور - بمقولة إن الحادث وقع بسبب أجبني لا يد لقائد الأتوبيس فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة عن نفسها وبصفتها وصية على ابنتيها القاصرتين أقامت الدعوى 5000 سنة 1973 مدني كلي جنوب القاهرة بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهما بصفتهما بأن يدفعا لها متضامنين مبلغ 20000 ج تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التي لحقت بها من جراء وفاة مورثهما في حادث أثناء ركوبة سيارة أوتوبيس تابعة للمطعون ضده الأول نتيجة تصادمها مع سيارة نقل. قدمت النيابة العامة قائدها إلى المحاكمة في القضية 1936 سنة 1968 جنح السنبلاوين بتهمة القتل الخطأ فقضى انتهائياً ببراءته تأسيساً على أن قائد سيارة الأوتوبيس - الذي توفي إثر الحادث - هو المخطئ، وقالت إنه لما كان المطعون ضده الأول مسئولاً عن خطأ تابعه طبقاً لقواعد المسئولية التقصيرية فضلاً عن مسئوليته العقدية كأمين للنقل، وكان المطعون ضده الثاني ملتزماً كمؤمن بتغطية المسئولية المدنية الناشئة عن الوفاة بحكم المادة الخامسة من القانون 652 سنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة من حوادث السيارات، فقد حق لها رفع هذه الدعوى بالطلبات السابقة، وبتاريخ 23/ 4/ 1974 - قضت المحكمة (أولاً) بسقوط حق الطاعنة في إقامة الدعوى قبل المطعون ضده الأول استناداً لأحكام المسئولية التقصيرية وبسقوط حقها في إقامة الدعوى المباشرة قبل المطعون ضده الثاني. (ثانياً) إلزام المطعون ضده الأول بأن يؤدي للمدعية عن نفسها مبلغ 1000 ج وأن يؤدي لها بصفتها وصية على ابنتيها القاصرتين مبلغ 5000 ج مناصفة بينهما، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف 2942 سنة 91 قضائية القاهرة، كما استأنفته الطاعنة بالاستئناف 3011 سنة 91، وقررت المحكمة ضم الأخير للأول ليصدر فيهما حكم واحد، وبتاريخ 9/ 2/ 1976 حكمت (أولاً) في الاستئناف 2942 سنة 91 ق بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. (ثانياً) في الاستئناف 3011 سنة 91 ق برفضه، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حدد جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة - بالسبب الثالث - على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون إذ أقام قضاءه على أن الحادث وقع بسبب أجنبي لا يد لقائد سيارة الأتوبيس فيه يتمثل في سقوط الأمطار التي أدت إلى لزوجة الطريق الترابي المجاور للطريق العام فاعتبرها الحكم قوة قاهرة، ومن خطأ قائد سيارة النقل بمقوله أنه تجاوز محور الطريق المسموح به وأضاء النور المبهر لسيارته، ورتب الحكم على ذلك انتفاء علاقة السببية بين الخطأ المنسوب لقائد سيارة الأوتوبيس وبين الضرر، فأسقط بذلك مسئولية الشركة الناقلة والشركة المؤمنة، حالة أن المطر لا يعتبر قوة قاهر لتوقعه وإمكان دفعه ولم يكن سبباً في تصادم السيارتين، كما انتفى خطأ قائد سيارة النقل بحكم جنائي نهائي.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك بأن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عقد نقل الأشخاص يلقي على عاتق الناقل التزاماً بضمان سلامة الراكب وهو التزام بتحقيق غاية فإذا أصيب الراكب بضرر أثناء تنفيذ عقد النقل تقوم مسئولية الناقل عن هذا الضرر بغير حاجة إلى إثبات وقوع خطأ من جانبه ولا ترتفع هذه المسئولية إلا إذا أثبت هو أن الحادث نشأ عن قوة قاهرة أو عن خطأ من الراكب المضرور أو خطأ من الغير، ويشترط في خطأ الغير الذي يعفى الناقل من المسئولية إعفاء كاملاً ألا يكون في مقدور الناقل توقعه أو تفاديه وأن يكون هذا الخطأ وحده هو الذي سبب الضرر للراكب، ولما كان الحكم المطعون فيه قد قام قضاءه برفض دعوى الطاعنة على ما قاله من أن "المحكمة ترى أن هطول الأمطار الغزيرة وقت الحادث ولزوجة الطريق الترابي المجاور للطريق العام نتيجة هطول المطر، وأن مرور سيارة النقل في الطريق المضاد بمسافة تبعد عن المسموح، وإضاءة قائدها النور المبهر يشكل القوة القاهرة لأنها أحداث تشابكت قبل الحادث وغير متوقعة ويستحيل على من كان في مثل ظروف سائق الأوتوبيس أن يدفعها مما ينفي علاقة السببية بين الخطأ والضرر...."، ومؤدى هذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه أن الضرر قد نشأ عن قوة قاهرة أو عن خطأ قائد سيارة النقل، حالة أنه يشترط لاعتبار الحادث قوة قاهرة عدم إمكان توقعه واستحالة دفعه أو التحرز منه، ولما كان سقوط الأمطار وأثرها على الطريق الترابي في الظروف وملابسات التي أدت إلى وقوع الحادث في الدعوى الماثلة من الأمور المألوفة التي يمكن توقعها ولا يستحيل على قائد السيارة المتبصر التحرز منها. وكان الخطأ المنسوب لقائد سيارة النقل قد انتفى بحكم جنائي قضى ببراءته، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض دعوى الطاعنة بمقولة إن الحادث وقع بسبب أجنبي لا يد لقائد الأتوبيس فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم، وإذ كان البين من الأوراق أن المهندس الفني الذي عاين مكان الحادث قد انتهى من تقريره إلى أنه كان يتعين على كل من قائدي السيارتين الاحتياط والتهدئة والتزام أقصى اليمين بالنسبة لخط سير كل منهما في طريقه المضاد للأخر حتى يتواجد الخلوص الكافي ما بين الجانب الأيسر لكل سيارة غير أن السائقين تخطيا محور عرض الطريق فتداخل الجانبان الأيسران لأقصى بروز بينهما بمقدار 15 سم فوقع التصادم، ومفاد ذلك أن قائد الأتوبيس التابع للشركة الناقلة قد ساهم في الخطأ الذي سبب الضرر مما يتعين معه مساءلة هذه الشركة وإلزام الشركة المؤمنة بتغطية هذه المسئولية إعمالاً لنص المادتين السادسة من القانون 449 سنة 1955 بشأن السيارات وقواعد المرور والخامسة من القانون 652 سنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن حوادث السيارات.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق