الصفحات

الأحد، 4 يونيو 2023

الطعن 3099 لسنة 33 ق جلسة 6 / 7 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 156 ص 1544

جلسة 6 من يوليو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ومحمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي - نواب رئيس مجلس الدولة.

--------------------

(156)

الطعن رقم 3099 لسنة 33 القضائية

(أ) اختصاص - اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - ما يدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - المنازعات الإدارية - المنازعة في قرار ربط ضريبة على الأطيان الزراعية.
ربط الضريبة على الأطيان الزراعية يكون بإجراء تتولى بمقتضاه جهة الإدارة تنفيذ أحكام القانون دون أن تكون لها سلطة تقديرية في تحديد وعاء الضريبة وسعرها وشخص الخاضع لها - الفصل في مدى سلامة تطبيق جهة الإدارة للقانون على الحالات الفردية يعتبر فصلاً في منازعة إدارية تدخل في اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري - لم ينظم المشرع طريقاً قضائياً خاصاً للطعن على أي قرار يتعلق بمنازعات الضريبة على العقارات المبنية وضرائب الأطيان الزراعية والرسوم الجمركية والضرائب والرسوم ذات الطابع المحلي - لا سند من الدستور أو قانون مجلس الدولة أو قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 للقول باختصاص القضاء العادي بهذه المنازعات دون القضاء الإداري - تطبيق.
(ب) ضريبة - ضريبة الأطيان الزراعية - منازعات الضريبة على الأطيان الزراعية - تظلم اختياري.
القانون رقم 51 لسنة 1973 بتقرير بعض الإعفاءات لصغار الملاك من ضريبة الأطيان الزراعية والضرائب والرسوم الإضافية الملحقة.
لم يشترط المشرع التظلم الوجوبي قبل رفع الدعوى - لفظ "التظلم" الوارد بالمادة (6) من القرار الوزاري رقم 163 لسنة 1974 بتحديد قواعد تطبيق الإعفاءات لصغار الملاك - ينصرف إلى التظلم الجوازي الذي لا يحول دون لجوء صاحب الشأن إلى القاضي الإداري مباشرة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 11 من يوليو سنة 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة - نائبة عن وزير المالية بصفته - قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 21 من مايو سنة 1987 في الدعوى رقم 999 لسنة 36 القضائية المقامة من (.....) ضد وزير المالية وآخرين، والقاضي بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة - بالمصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب الموضحة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقدم السيد الأستاذ المستشار/ محمد متولي صبحي مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة الذي ارتأت فيه للأسباب التي أوردتها في هذا التقرير الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة أول عام 1990 فتداولت نظره بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة التاسع من يوليو سنة 1990 قررت - الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، وعينت لنظره أمامها جلسة 28 من يوليو سنة 1990 وبجلسة الثاني من مارس سنة 1991 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة السادس من إبريل سنة 1991 حيث تقرر مد الأجل للنطق بالحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الراهنة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 18 لسنة 1982 بتاريخ 13/ 1/ 1982 أمام محكمة أبو حمص الجزئية طالباً الحكم ببراءة ذمته من مبلغ 130 جنيهاً وإلزام المدعى عليه بالمصروفات على سند من القول بأنه ورث عن والده مساحة 16 ط، 12 ف أدى عنها لمأمورية ضرائب أبو حمص مبلغ (40) جنيهاً وأصبحت ذمته بريئة من أية مطلوبات، إلا أنه فوجئ بصراف الناحية يطالبه بمبلغ 130 جنيهاً رغم براءة ذمته.
وبجلسة 7/ 4/ 1982 حكمت محكمة أبو حمص بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، حيث قيدت بجدولها العام تحت رقم 999 لسنة 36 القضائية، وعدل المدعي طلباته بأن قرر أنه يطعن بالإلغاء على القرار الصادر بربط الضريبة على الأطيان الزراعية التي يمتلكها، وقررت جهة الإدارة أن المساحة المكلفة باسمه هي (2 س، 2 ط، 1 ف).
وبجلسة 21/ 5/ 1987 قضت المحكمة المذكورة بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن المادة الأولى من القانون رقم 51 لسنة 1973 بتقرير بعض الإعفاءات لصغار الملاك من ضريبة الأطيان الزراعية والضرائب والرسوم الإضافية الملحقة فإنه يعفى من ضريبة الأطيان الزراعية والضرائب الإضافية الملحقة بها كل مالك لا تجاوز ملكيته من الأطيان الزراعية في كافة أنحاء الجمهورية ثلاثة أفدنة، وأن الثابت من الأوراق أن الأطيان الزراعية المكلفة باسم المدعي مساحتها 2 س، 2 ط، 1 ف ولم تثبت ملكيته أو حيازته لأكثر منها، كما أنها ليست منزرعة حدائق مثمرة، وبالتالي فقد تحقق في شأنه مناط الإعفاء من ضريبة الأطيان الزراعية والضرائب الإضافية.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه صدر معيباً ومخالفاً للقانون من ناحيتين الأولى: أن الحكم قد قضى بإلغاء القرار الإداري المطعون فيه في حين أنه ليس هناك من قرار إداري مطعون عليه.
الثانية: إن الحكم قد قضى بقبول الدعوى رغم عدم سابقة التظلم من القرار المطعون فيه أمام مجلس المراجعة وهو ما كان ينبغي معه القضاء بعدم قبول الدعوى لعدم سابقة التظلم.
ومن حيث إن طلبات المدعي الختامية في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه كانت هي الحكم بإلغاء القرار الصادر بربط الضريبة على الأطيان الزراعية على الأرض التي اختص بها مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قضى بإلغاء هذا القرار.
ومن حيث إن أول ما ينعيه الطاعن على هذا الحكم أنه تجاهل أنه ليس هناك قرار إداري بالمعنى المفهوم حتى يجوز الطعن عليه.
ومن حيث إنه إذا كان محل المنازعة الصادر فيها الحكم المطعون فيه هو مدى صحة قرار ربط ضريبة على الأطيان الزراعية المملوكة للطاعن.
ومن حيث إنه وإن كان ربط الضريبة على الأطيان الزراعية ينبغي أنه يكون بموجب إجراء تتولى بمقتضاه جهة الإدارة تنفيذ أحكام القانون دون أن تكون لها سلطة تقديرية وبصفة خاصة في تحديد أركان هذه الضريبة متمثلة في تحديد شخص الخاضع ووعاء الضريبة وسعرها في هذا المجال إلا أن الفصل في مدى سلامة تطبيق جهة الإدارة للقانون على الحالات الفردية لا شك يعتبر فصلاً في منازعة إدارية مما يختص بنظره مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري وفقاً لحكم المادة (172) من الدستور ولأحكام القانون المنظمة لمجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972.
ومن حيث إن هذه المحكمة مستقرة على أن النص في الفقرة سادساً من المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقرار بقانون رقم 47 لسنة 1972 الذي يقرر ولاية محاكم مجلس الدولة بنظر الطعون في القرارات النهائية الصادرة في منازعات الضرائب والرسوم رهين بصدور القانون الذي ينظم نظر هذه المنازعات، غير مانع من اختصاص تلك المحاكم سواء بالفصل في منازعات الضرائب والرسوم التي هي بطبيعتها منازعات إدارية وذلك إذا كان لم ينظم لها المشرع طريقاً قضائياً خاصاً للطعن بالفصل قضائياً في الطعن على أي قرار يتعلق بهذه المنازعات، ومنها منازعات الضريبة على العقارات المبنية وضرائب الأطيان الزراعية والرسوم الجمركية والضرائب والرسوم ذات الطابع المحلي ولا سند من الدستور والقانون سواء قانون مجلس الدولة أو قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 للقول باختصاص القضاء العادي بهذه المنازعات دون القضاء الإداري.
ومن حيث إن المنازعة الماثلة إنما هي إحدى منازعات الضرائب حيث يدور النزاع بين طرفيها حول مدى صحة فرض ضريبة على الأطيان الزراعية المملوكة للمدعي والحائز لها وما إذا كان يحق له أن يتمتع بالإعفاء المقرر بالقانون رقم 51 لسنة 1973 بشأن تقرير بعض الإعفاءات لصغار الملاك من ضريبة الأطيان الزراعية والضرائب والرسوم الإضافية الملحقة بها وكذلك من ضريبتي الدفاع والأمن القومي، ومن حيث إن هذه المنازعة بحسب موضوعها والهدف منها والقواعد القانونية التي تنطبق عليها لا شك في أنها تندرج بين المنازعات الإدارية التي تختص محاكم مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري دون غيرها بنظرها والفصل فيها ومن ثم يغدو الوجه الأول من وجهي الطعن على الحكم المطعون فيه دون سند من القانون.
ومن حيث إن الوجه الثاني للطعن ما ينعيه الطاعن على الحكم سالف الذكر أنه قد قضى بقبول الدعوى رغم عدم سابقة التظلم من القرار المطعون فيه أمام مجلس المراجعة.
ومن حيث إن القانون رقم 51 لسنة 1973 المشار إليه قد صدر في المادة الأولى منه نطاق ومجال الإعفاء من ضريبة الأطيان الزراعية والضرائب الإضافية الملحقة بها وضريبتي الدفاع والأمن القومي، وقد عدل المشرع نطاق هذا الإعفاء بالمادة الرابعة من القانون رقم 2 لسنة 1977.
ومن حيث إن هذا القانون قد نص في المادة الثانية منه على أن يحدد وزير المالية والاقتصاد والتجارة الخارجية بالاتفاق مع وزيري العدل والزراعة قواعد تطبيق الإعفاءات وإجراءات إثبات الملكية والحيازة في مجال هذا القانون وكذلك طريقة مراجعتها وكيفية التظلم منها والمواعيد المحددة لإجراء ذلك.
ومن حيث إن ذات القانون قد نص في المادة الرابعة منه على أنه على كل ممول يمتلك أو يحوز ثلاثة أفدنة فأقل في جهة واحدة أو أكثر ولا تكون ملكيته أو حيازته منزرعة كلها حدائق مثمرة ولا يكون له دخل من أي مصدر آخر خلاف النشاط الزراعي أن يقدم إلى مأمورية الضرائب العقارية المختصة إخطاراً بذلك خلال شهرين من تاريخ نشر القانون ويلتزم كل مالك أو حائز بتقديم هذا الإخطار في ديسمبر من كل عام كلما طرأ على ملكيته أو حيازته أو مصادر دخله تغييرات يترتب عليها عدم تمتعه بالإعفاء وقد عدل القانون رقم (2) لسنة 1977 نطاق هذا الإعفاء بأن جعل المساحة المعفاة من الأطيان الزراعية ثلاثة أفدنة فأقل مملوكة لصاحبها ولو كانت منزرعة حدائق مثمرة أو لمالكها دخل ثانوي آخر غير الزراعة، ولكن أبقى على قواعد الإعفاء في حالة الحيازة.
ومن حيث إنه قد صدر القرار الوزاري رقم 163 لسنة 1974 بتحديد قواعد تطبيق الإعفاءات لصغار الملاك من ضريبة الأطيان والضرائب والرسوم الإضافية المقررة بالقانون رقم 51 لسنة 1973 وإجراءات إثبات الملكية والحيازة في مجال هذه الإعفاءات، ونص في المادة الرابعة على أن تقدم الإخطارات المنصوص عليها في المادة (4) من القانون رقم 51 لسنة 1973 - المشار إليه إلى مأموريات الضرائب العقارية ثم صدر ما يجب أن تشتمل عليه تلك الإخطارات - وطريقة إثباتها في دفاتر مأمورية الضرائب العقارية، ثم نص في المادة (5) على تشكيل لجنة في كل قرية تختص بالنظر في الطلبات والإخطارات التي تقدم إليها بشأن إثبات الملكية والحيازة الزراعية ونص على أن تجتمع في موعد أقصاه خمسة عشر يوماً من انتهاء مواعيد تقديم الإخطارات المنصوص عليها في القانون رقم 51 لسنة 1973 المشار إليه ثم بين طريقة اجتماعها وطريقة التصويت، ونص على أن تقوم اللجنة بإخطار صاحب الشأن ومأمورية الضرائب العقارية بصورة من قراراتها في موعد أقصاه أسبوع من تاريخ صدورها بكتاب مسجل بعلم الوصول، كما نص في الفقرة الأخيرة على أن للجنة من تلقاء نفسها أن تنظر في الحالات المخالفة لأحكام القانون.
ومن حيث إن المادة (6) قد تضمنت النص على أن "لكل مالك أو حائز وكذا لمأمورية الضرائب العقارية، التظلم من قرارات اللجنة المشار إليها في المادة السابقة في موعد أقصاه شهر من تاريخ الإخطار بتلك القرارات بكتاب مسجل بعلم الوصول".
ومن حيث إن هذا النص الأخير هو سند الطاعن في النعي على الحكم الطعين من مخالفته للقانون لقبوله الدعوى رغم عدم سابقة التظلم وفقاً لهذا النص.
ومن حيث إنه قد جرى قضاء هذه المحكمة على أن المشرع الدستوري قد أقام نظام الحكم في الدستور الحالي على عدة مقومات أساسية من أهمها مبدأ سيادة القانون وخضوع الدولة بجميع سلطاتها لهذا المبدأ الذي أفرد له الباب الرابع منه تحت عنوان سيادة القانون وقرره صراحة في المادة (64) منه التي نصت على أن "سيادة القانون أساس الحكم في الدولة" كما نصت في المادة (65) على أن تخضع الدولة للقانون، وهذا المبدأ الرئيسي لا يمكن أن يتحقق إلا لو تقرر دستورياً في ذات الوقت مجموعة من المبادئ والأسس الدستورية التي تكفل نفاذ سيادة القانون وعلو الإرادة الشعبية المشرعة على كل إرادة في الدولة، ومن ذلك أن - التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي "ويحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء" كذلك فإنه لا يمكن أن تتحقق سيادة القانون وخضوع الدولة لها إلا بتنظيم الرقابة القضائية على قرارات الدولة وتصرفاتها متمثلة في رقابة الإلغاء التي تكفل إزالة كل قرار أو تصرف مخالف للقانون وكل أثر له بمعرفة هيئة قضائية مستقلة هي مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري وهذا بالفعل ما قرره الدستور في المادة (172) منه وأن الأصل في نظام سيادة القانون أن تكفل المشروعية الدستورية والقانونية فيكون للمتضرر من أي قرار أو إجراء إداري أن يلجأ إلى القاضي الإداري مباشرة دون تقييد ذلك بسبق اتخاذ إجراء معين، فإن الأصل أن يكون التظلم اختيارياً للتقاضي، إذا شاء سلك سبيله قبل إقامة دعواه، وإذا شاء نحاه ولجأ إلى قاضيه مباشرة دون سبق ذلك بسلوكه سبيل التظلم، فإن مؤدى ذلك أن التظلم الوجوبي لا يتقرر إلا على سبيل الاستثناء، وحيث يرى المشرع في ذلك مصلحة عامة، ومن ثم لا يتقرر بغير نص صريح يقرر وجوب التظلم ويحظر بقبول الدعوى قبل تقديمه وانتظار مواعيد الفصل فيه من الجهة الإدارية.
ومن حيث إن هذا الوجه من أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه قد قام على الخلط بين نوعين من التظلم في مجال القانون الإداري، أولهما التظلم الوجوبي، الذي يفرض المشرع على المتضرر من القرار أو الإجراء الإداري تقديمه إلى جهة الإدارة قبل إقامة دعواه كإجراء شكلي جوهري ينبغي مراعاة اتخاذه قبل ولوج طريق الدعوى القضائية، ويترتب على عدم تقديمه قبل إقامة الدعوى وجوب الحكم بعدم قبولها شكلاً لعدم سابقة التظلم إلى الجهة الإدارية التي حددها القانون وثانيهما التظلم الجوازي أو الاختياري، وهو الذي ترك الشارع لذوي الشأن تقدير مدى تحقيق هذا التظلم لغايته من الطعن على قرار إداري قبل إقامة دعواه أمام المحكمة المختصة بمجلس الدولة، وهذا النوع من التظلمات مرده ومرجعه إلى تقدير المتظلم حيث يتقدم به اختياراً إلى الجهة الإدارية المختصة إذا ما قرر أن يلجأ إليه قبل ولوج سبيل الدعوى القضائية أي إذا وجد أن له مصلحة تحقق غاياته من تعديل أو إلغاء القرار الإداري بواسطة هذا الأسلوب من التظلم الاختياري لمصدر القرار أو إلى السلطة الرئاسية المختصة قبل انقضاء مواعيد الطعن القضائي بالإلغاء في ذات القرار المتظلم فيه وهذا التظلم الاختياري يرتب قانوناً ذات أثر التظلم الوجوبي فيما يتعلق بقطع الميعاد المحدد قانوناً لإقامة الدعوى القضائية إلا أن هذا التظلم الاختياري لا يترتب على عدم تقديمه عدم قبول الدعوى القضائية ومعنى ذلك أن كلاً من التظلم الوجوبي والتظلم الاختياري يشترك مع الآخر في الأثر الإيجابي أي أثر قطع الميعاد المقرر لرفع الدعوى، ولكنهما لا يشتركان في الأثر السلبي (أي ترتيب عدم قبول الدعوى على عدم تقديم التظلم) ذلك أن الأثر السلبي المشار إليه إنما يترتب على عدم تقديم التظلم الوجوبي دون عدم تقديم التظلم الجوازي أو الاختياري.
ومن حيث إن النص الذي يستند إليه الطاعن فيما ذهب إليه من حتمية التظلم الوجوبي بقبول دعوى المطعون ضده إنما تجرى عباراته بأنه "شكل مالك أو حائز.... التظلم...." الأمر الذي يفيد صراحة أنه من قبيل التظلم الجوازي الذي لا يحول دون حق صاحب الشأن في أن يلجأ مباشرة إلى قاضيه الطبيعي وهو في هذا المجال القاضي الإداري المختص - ليطرح عليه النزاع الإداري المثار ويطلب تطبيق صحيح حكم القانون.
ومن حيث إنه بناء على ما سلف بيانه من أسباب فإن حكم محكمة القضاء الإداري المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون فيما انتهى إليه من القضاء بقبول الدعوى الصادر فيها هذا الحكم، ومن ثم يكون هذا الطعن على غير سند من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة بالمصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق