الصفحات

الاثنين، 12 يونيو 2023

الطعن 286 لسنة 28 ق جلسة 27 / 6 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 133 ص 956

جلسة 27 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمود توفيق إسماعيل، ولطفي علي، ومحمد ممتاز نصار.

---------------

(133)
الطعن رقم 286 لسنة 28 القضائية

التزام "الحق في الحبس". وديعة. "التزام المودع لديه بالرد".
لا يكفي في تقرير حق الحبس وجود دينين متقابلين، وإنما يشترط أيضاً قيام ارتباط بينهما. ليس للمودع لديه حق حبس الشيء المودع إلا مقابل استيفاء المصروفات الضرورية أو النافعة التي يكون قد أنفقها على ذات الشيء. أجرة سائق السيارة التي دفعها المودع لديه عن المودع وبتكليف منه لا تدخل في نطاق المصروفات التي تجيز للمودع لديه حق حبس السيارة لاستيفائها.

--------------
مفاد نص المادة 246 من القانون المدني أن المشرع لا يكتفي في تقرير حق الحبس بوجود دينين متقابلين، وإنما يشترط أيضاً قيام ارتباط بينهما. وفي الوديعة لا يكون للمودع لديه أن يحبس الشيء المودع إلا مقابل استيفائه المصروفات الضرورية أو النافعة التي يكون قد أنفقها على ذات هذا الشيء. أما المصروفات التي لا تنفق على ذات الشيء المودع فإن التزام المودع بها لا يكون مرتبطاً بالتزام المودع لديه برد الوديعة وبالتالي لا يسوغ للمودع لديه أن يمتنع عن رد الوديعة عند طلبها بحجة اقتضاء مثل هذه المصروفات. فإذا كان الدين الذي اعتبر الحكم المطعون فيه أن للطاعن الحق في حبس السيارة حتى يستوفيه بتمثل في قيمة أجرة السائق التي قام المطعون عليه بدفعها عن المودع وبتكليف منه فإن هذه الأجرة لا تدخل في نطاق المصروفات التي تجيز للمودع لديه حق الحبس لاستيفائها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعن أقام أمام محكمة قنا الابتدائية الدعوى رقم 44 لسنة 1951 قبل المطعون ضده طلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 778 جنيهاً و415 مليماً وما يستجد حتى يتم تسليم سيارة نقل مملوكة للطاعن حبسها المطعون ضده بغير وجه حق، وقال الطاعن في بيان دعواه إنه بتاريخ 20 إبريل سنة 1950 اشترى من فوزي متياس محارب وآخرين سيارة النقل رقم 21577 نقل مصر وأودعها جراج المطعون ضده ريثما يجد لها سائقاً وعندما أراد استلامها منه رفض تسليمها إليه وحبسها بغير حق، وأنه لما كان قد أصابه ضرر بسبب هذا التصرف الخاطئ فقد رفع الدعوى مطالباً بالتعويض عنه. دفع المطعون عليه الدعوى بحقه في حبس السيارة لاقتضاء دين له في ذمة الشركة التي باعتها للطاعن عبارة عن مبلغ 49 جنيهاً من ذلك مبلغ 27 جنيهاً أجرة حراسة وإيواء السيارة في المدة من 3 مايو سنة 1950 إلى 2 فبراير سنة 1951 ومبلغ 22 جنيهاً كان قد سلمه إلى سائق سيارة الشركة البائعة بناء على تكليفه بذلك من فوزي متياس محارب بكتاب مؤرخ 3/ 5/ 1950 وأقام المطعون عليه دعواه أمام محكمة قنا الجزئية طلب فيها إلزام الطاعن والشركة البائعة له بالمبلغ المشار إليه وقد أحيلت هذه الدعوى إلى محكمة قنا الابتدائية وقيدت برقم 47 سنة 1952 وقد ضمت إلى الدعوى السابقة للارتباط، ومحكمة الدرجة الأولى بعد أن أحالت النزاع إلى التحقيق وبعد أن ندبت خبيرين قضت في 29 نوفمبر سنة 1956 في الدعوى رقم 44 سنة 51 بإلزام المطعون ضده بأن يدفع للطاعن مبلغ 720 جنيهاً وما يستجد حتى يوم 29/ 12/ 1950 بواقع ثلاثة جنيهات يومياً وفي الدعوى 47 سنة 1952 قضت بإلزام فوزي متياس محارب بمبلغ 22 جنيهاً قيمة أجرة السائق ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. استأنف المطعون عليه الحكم الصادر ضده بالاستئناف رقم 108 سنة 32 ق أسيوط وقضت محكمة الاستئناف في 17 مايو سنة 1958 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى مستندة في ذلك إلى أن المطعون عليه لم يخطئ عندما امتنع عن رد السيارة إذ كان يحق له قانوناً حبسها حتى يقتضي دينه المحكوم له به في الدعوى رقم 47 سنة 1952. وفي 3 سبتمبر سنة 1958 طعن الطاعن في الحكم المذكور بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة برأيها المتضمن طلب رفض الطعن. ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 25/ 6/ 1961 فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة نظر الطعن أمام هذه المحكمة بجلسة 30/ 5/ 1963 وفيها صممت النيابة على طلبها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن في السببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق القانون وتأويله - وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه ما كان يجوز قانوناً للمطعون عليه أن يمتنع عن رد السيارة المودعة لدية عندما طالبه الطاعن بردها لأن الدين الذي يدعيه المودع لديه المذكور قبل فوزي محارب وهو أجرة سائق السيارة التي قام بدفعها بتكليف من الأخير باعتباره مودعاً لا يرتبط بالتزام المطعون عليه برد الوديعة ومن ثم لا يكون له طبقاً للمادة 246 من القانون المدني الحق في حبس السيارة حتى يوفى هذه الأجرة - ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر وقرر حق المطعون عليه في حبس السيارة في هذه الحالة رغم عدم وجود الارتباط بين التزامه برد السيارة والتزام المودع بالوفاء بالدين الذي في ذمته للمطعون عليه فإنه يكون قد خالف المادة 246 مدني وأخطأ في تطبيقها.
وحيث إن هذا النعي صحيح - ذلك أن المادة 246 من القانون المدني تنص على أن "لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام مترتب عليه بسبب التزام المدين ومرتبط به أو ما دام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كاف للوفاء بالتزامه هذا ويكون ذلك بوجه خاص لحائز الشيء أو محرزه إذا هو أنفق عليه مصروفات ضرورية أو نافعة فإن له أن يمتنع عن رد هذا الشيء حتى يستوفي ما هو مستحق له إلا أن يكون الالتزام بالرد ناشئاً عن عمل غير مشروع" ويبين من ذلك أن المشرع لا يكتفي في تقرير حق الحبس بوجود دينين متقابلين وإنما يشترط أيضاً قيام ارتباط بين هذين الدينين - وفي الوديعة لا يكون للمودع لديه أن يحبس الشيء المودع إلا مقابل استيفائه المصروفات الضرورية أو النافعة التي يكون قد أنفقها على ذات هذا الشيء - أما المصروفات التي لا تنفق على ذات الشيء المودع فإن التزام المودع بها لا يكون مرتبطاً بالتزام المودع لديه برد الوديعة وبالتالي فلا يسوغ للمودع لديه أن يمتنع عن رد الوديعة عند طلبها بحجة اقتضاء مثل هذه المصروفات - لما كان ذلك، وكان الدين الذي اعتبر الحكم المطعون فيه أن للطاعن الحق في حبس السيارة حتى يستوفيه يتمثل في قيمة أجرة السائق التي قام المطعون عليه بدفعها عن المودع وبتكليف منه فإن هذه الأجرة لا تدخل في نطاق المصروفات التي تجيز للمودع لديه حق الحبس لاستيفائها. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى تقرير حق الحبس للمطعون عليه حتى يقضي هذا الدين يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق