الصفحات

الثلاثاء، 6 يونيو 2023

الطعن 260 لسنة 27 ق جلسة 18 / 4 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 77 ص 543

جلسة 18 من أبريل سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي, وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

------------------

(77)
الطعن رقم 260 لسنة 27 القضائية

(أ) معارضة "ميعادها". قانون "قانون المرافعات الملغي".
المعول عليه في انفتاح ميعاد المعارضة في الحكم الغيابي في ظل قانون المرافعات الملغي هو تنفيذه أو الشروع في تنفيذه، لا يغني عن ذلك علم المحكوم عليه بالحكم بطريق آخر.
(ب) إثبات. "الإثبات بالكتابة". "تقدير الدليل". محكمة الموضوع.
استقلال محكمة الموضوع بتقدير الدليل، لا رقابة عليها في ذلك من محكمة النقض متى كانت الأسباب تؤدي إلى ما انتهت إليه في شأن الدليل. عدم اعتبار الشهادة المقدمة أصلاً أو صورة لورقة رسمية حتى يكون لها حجية معينة في الإثبات. تقدير الدليل المستمد منها خاضع لسلطان قاضي الموضوع.

---------------
1 - المعول عليه في انفتاح ميعاد الطعن بالمعارضة في الحكم الغيابي في ظل قانون المرافعات الملغي على ما نصت عليه المادتان 329 و330 منه هو تنفيذه أو الشروع في تنفيذه إذ بذلك يسقط عذر المحكوم عليه في الجهل به ويعتبر أنه علم به ويبدأ في حقه ميعاد المعارضة فيه، ولا يغني عن ذلك علم المحكوم عليه بالحكم بطريق آخر ذلك أنه متى رتب القانون بدء سريان ميعاد على إجراء معين فإنه لا يجوز الاستعاضة عن هذا الإجراء بإجراء آخر.
2 - تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع ولا سبيل للمجادلة فيه أمام محكمة النقض متى كانت الأسباب التي ساقها لإطراح الدليل الذي لم تأخذ به أسباباً سائغة تؤدي إلى ما انتهت إليه. فإذا كان الثابت من الشهادة المستخرجة من سجلات المحكمة الشرعية من واقع حجة بيع أنها ليست أصلاً أو صورة لورقة رسمية حتى يكون لها حجية معينة في الإثبات وإنما هي لا تعدو أن تكون ملخصاً مستخرجاً من شروط عقد بيع فقد انحسرت عنها الحجية المقررة في القانون لأصل الورقة الرسمية أو صورتها لينبسط عليها سلطان قاضي الموضوع في تقدير الدليل المستمد منها. (1)


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن وزارة الأوقاف بصفتها ناظرة على وقف شرف الدين الكردي الجندي (الطاعنة) رفعت الدعوى رقم 4629 سنة 1940 مدني الموسكي على نفيسة أحمد عقدة طالبة الحكم بإلزامها بمبلغ تسعمائة مليم قيمة الحكر من سنة 1930 وما بعدها وجعل الحكر السنوي مبلغ 4.842 جنيهات ابتداء من سنة 1940 وفسخ عقد الحكر وإزالة ما على العين المحكرة من مبان مع التسليم - وإلزامها بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة قائلة في تبيان دعواها إن وقف شرف الدين الكردي المشمول بنظارتها يملك قطعة أرض مساحتها 707.20 أمتار مربعاً مبينة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى وأن منفعتها آلت بطريق الحكر إلى عبد الرحمن الخرزاتي ثم لورثته من بعده ثم آل من هذا القدر 89.5 متراً إلى المدعى عليها بطريق التحكير أيضاً ولكنها لم تدفع أجرة الحكر منذ سنة 1930 ولما كانت أجرة الحكر تتغير تبعاً للزمان والمكان فقد قدر قومسيون الوزارة قيمة الحكر السنوي بمبلغ 4.832 جنيهات. وإذا كان التأخير في دفع قيمة الحكر موجباً للفسخ فقد رفعت هذه الدعوى طالبة الحكم بالطلبات المنوه عنها آنفاً ومحكمة الموسكي الجزئية قضت غيابياً في 29 ديسمبر سنة 1940 بطلبات الطاعنة فعارضت المحكوم عليها في هذا الحكم قبل إعلانه ولم تحضر فحكم في 4/ 11/ 1945 بإبطال المرافعة ثم أقامت معارضة ثانية تأسيساً على أن الأرض غير محكرة وأدخلت كلاً من درويش محمد مصطفى البائع لها ومحمد مصطفي الهجين البائع للبائع لها ضامنين في الدعوى - كما رفعت الطاعنة الدعوى رقم 3341 سنة 1941 مدني الموسكي على أحمد محمود عبد الرحمن وفاطمة إبراهيم حسنين طالبة الحكم بتثبيت ملكية وقف شرف الدين الكردي الخيري إلى قطعة الأرض البالغ مساحتها 62.54 متراً مربعاً وإلزام المدعى عليهما بدفع قيمة الحكر وقدره 620 مليماً سنوياً من سنة 1930 حتى سنة 1939 وجعل أجرة الحكر مبلغ جنيهين و605 مليمات ابتداء من سنة 1940 وفسخ عقد الحكر وإزالة ما على العين المحكرة من مبان وغيرها مع التسليم وإلزامهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة قائلة إن المدعى عليهما ينتفعان بطريق الحكر بالمساحة المنوه عنها والمملوكة لوقف شرف الدين الكردي الخيري المشمول بنظارتها وأنهما تأخرا في سداد أجرة الحكر وبتاريخ 10، 21 ديسمبر سنة 1941 أدخل أحمد محمود عبد الرحمن كلاً من فاطمة إبراهيم حسنين وعلي الشهير بيوسف أحمد مصطفى الجندي ضامنين في الدعوى باعتبارهما بائعين له كما أدخلت فاطمة حسنين محمد مصطفى الهجين ضامناً باعتباره البائع الأصلي - كما رفعت وزارة الأوقاف ( الطاعنة) الدعوى رقم 700 سنة 1944 مدني الموسكي على محمد مصطفى الهجين طالبة الحكم بإلزامه بدفع مبلغ جنيه و188 مليماً قيمة متأخر الحكر حتى سنة 1942 عن مساحة قدرها 97.80 متراً مربعاً من الوقف نظارتها وجعل أجرة الحكر مبلغ 4 جنيهات و890 مليماً ابتداء من سنة 1943 والحكم بما يستجد على هذا الأساس حتى التسليم وفسخ عقد الحكر وإزالة ما على العين المحكرة من مبان ثم عدلت الوزارة طلباتها بجعل أجرة الحكر 5 جنيهات و280 مليماً سنوياً ابتداء من سنة 1944 - وقد قررت المحكمة ضم القضيتين السابقتين إلى هذه القضية - ولما كانت السيدة روز موسي قد رفعت الدعوى رقم 996 سنة 1946 مدني كلي مصر على (حسن خليل) طالبة الحكم بإلزامه بمبلغ 957 جنيهاً و580 مليماً بناء على أنها كانت قد اشترت منه منزلاً وإذ باعته اتضح أن الأرض المقام عليها محكرة من وقف شرف الدين الجندي فقررت محكمة الموسكي إحالة القضايا الثلاثة إلى محكمة القاهرة لنظرها مع هذه القضية للارتباط وبتاريخ 27 من يناير سنة 1949 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية بندب خبير هندسي لأداء المأمورية المبينة بمنطوق ذلك الحكم ثم قضت في 14 من يناير سنة 1954 أولاً - في الدعوى رقم 4629 سنة 1940 مدني الموسكي بقبول المعارضة شكلاً وفي موضوعها بإلغاء الحكم المعارض فيه وبرفض الدعوى. ثانياً - في الدعويين رقمي 3341 سنة 1941، 700 سنة 1944 مدني الموسكي برفضهما. ثالثاً - بإلزام وزارة الأوقاف بمصروفات هذه الدعاوى الثلاث ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. رابعاً - في الدعوى رقم 966 سنة 1946 مدني كلي مصر برفضها وإلزام المدعية روز موسى بمصروفاتها ومبلغ خمسمائة قرش مقابل أتعاب المحاماة. خامساً - برفض جميع دعاوى الضمان وإلزام رافعيها بمصروفاتها رفعت وزارة الأوقاف استئنافاً عن هذا الحكم قيد برقم 948 سنة 71 قضائية ومحكمة استئناف القاهرة قضت في 28/ 2/ 1957 بتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنفة بالمصاريف وبمبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة لمحمد مصطفى الهجين وبتاريخ 4 يوليو سنة 1957 طعنت وزارة الأوقاف في هذا الحكم بطريق النقض وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها رفض الطعن - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على رأيها السابق.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك أنه قضى بقبول المعارضة الثانية المرفوعة من السيدة نفيسة أحمد محمد عقدة شكلاً رغم فوات ميعادها تأسيساً على أن ميعاد المعارضة لا يسري إلا من تاريخ العلم بالتنفيذ وإذ لم يحصل هذا التنفيذ فإن ميعاد المعارضة يظل مفتوحاً - مع أن السيدة/ نفيسة أحمد عقدة رفعت المعارضة الأولى قبل تنفيذ الحكم الغيابي وبذلك تأكد علمها به ولما كان المقصود من تنفيذ الحكم الغيابي هو إعلام المحكوم عليه بصدوره حتى يسري في حقه ميعاد المعارضة فإن رفع المعارضة الأولى - وقد حقق المقصود من التنفيذ - يبدأ منه سريان ميعاد المعارضة الثانية دون حاجة إلى التنفيذ وإذ حكم بإبطال المرافعة في المعارضة الأولى ورفعت المعارضة الثانية بعد فوات ميعادها محسوباً من تاريخ رفع المعارضة الأولى فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بقبولها يكون مخالفاً للقانون.
ومن حيث إن المادة 329 من قانون المرافعات الملغي المنطبقة على واقعة الدعوى إذ نصت على أنه "تقبل المعارضة في الأحكام الصادرة في الغيبة إلى الوقت الذي علم فيه الغائب بتنفيذها" ونصت المادة 330 من هذا القانون على أنه "يعتبر علم الخصم بتنفيذ الحكم الصادر عليه في غيبته بمضي أربع وعشرين ساعة بعد وصول ورقة متعلقة بالتنفيذ لشخصه أو لمحله الأصلي أو وصول ورقة مذكورة فيها حصول شيء من التنفيذ" فإن مفاد هذين النصين أن المعول عليه في انفتاح ميعاد الطعن بالمعارضة في الحكم الغيابي هو تنفيذه أو الشروع في تنفيذه إذ بذلك يسقط عذر المحكوم عليه في الجهل به ويعتبر أنه علم به ويبدأ في حقه ميعاد المعارضة فيه ولا يغني عن ذلك علم المحكوم عليه بالحكم بطريق آخر إذ متى رتب القانون بدء سريان ميعاد على إجراء معين فإنه لا يجوز الاستعاضة عن هذا الإجراء بإجراء أخر ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر ميعاد المعارضة مفتوحاً لعدم حصول التنفيذ أو الشروع فيه وقضى بناء على ذلك بقبول المعارضة شكلاً لا يكون مخالفاً للقانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول إنها قدمت لمحكمة الاستئناف شهادة رسمية بالحكر مستخرجة من محكمة القاهرة الشرعية وموقعاً عليها من الموظف المختص بتحريرها والمراجع المختص ومختومة بخاتم المحكمة ثابت بها أنه بموجب الحجة المؤرخة 8 جماد آخر سنة 1308 والمقيدة بسجل الباب العالي بمصر نمرة 231 مسلسلة مادة 6 صحيفة 5 اشترى عبد الرحمن محمد الخرزاتي من الخواجة سعيد نقاش جميع بناء حوش كائن بمصر بخط الحسينية بدرب الجيزة محدود بحدود أربعة موضحة بالشهادة المذكورة ومسطح أرضه 707.20 أمتار وأن على المشتري المذكور القيام بما على ذلك من الحكر لجهة وقف سيدي شرف الدين الكردي وقدره في كل سنة ثلاثون قرشاً صاغاً ديوانية ومع ذلك فإن الحكم المطعون فيه أهدر حجية هذه الورقة الرسمية التي تعتبر حجة على الناس كافة ما لم يتبين تزويرها بالطرق المبينة قانوناً مخالفاً بذلك نص المادة 226 من القانون المدني الملغي والمادتين 391 و392 من القانون المدني الجديد.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه حين أطرح هذه الشهادة قرر "ومن حيث إنه في خصوص الشهادة المستخرجة من سجلات المحكمة الشرعية من واقع حجة البيع الصادرة من الخواجة سعيد نقاش إلى الخرزائي فإن هذه الشهادة في ذاتها لا تصلح سنداً لإثبات الحكر.... وهي فضلاً عن ذلك لا تعدو أن تكون تلخيصاً لموظف من الموظفين انزعه من عقد نقاش ذلك العقد الذي لم يقدم للمحكمة حتى تستبين موضوعه وتستبين كذلك ما إذا كان هذا التلخيص يتفق مع نصوص العقد أو لا يتفق وأخيراً لتقول كلمتها في العقد المذكور وما إذا كان نقاش يملك القول في خصوص الحكر أو لا يملك - أضف إلى ذلك أن الوزارة تقدمت بشهادتين لا بشهادة واحدة وهناك خلاف بين الاثنين في التلخيص ومهما كان هذا الخلاف ضئيلاً فإنه يدل على عدم دقة الملخصين وما كانت هذه الشهادة لتقوم مقام حجة البيع المذكورة وخصوصاً وأن الحجة المذكورة قد لا تكون في ذاتها قرينة لحكر ما" ولما كان يبين من الاطلاع على الشهادة المذكورة أنها ليست أصلاً أو صورة لورقة رسمية حتى يكون لها حجية معينة في الإثبات وإنما هي لا تعدو أن تكون ملخصاً مستخرجاً من شروط عقد بيع ومن ثم فقد انحسرت عنها الحجية المقررة في القانون لأصل الورقة الرسمية أو صورتها لينبسط عليها سلطان قاضي الموضوع في تقدير الدليل المستمد منها - لما كان ذلك، وكانت الأسباب التي ساقتها محكمة الموضوع لإطراح هذه الشهادة هي أسباب سائغة تؤدي إلى ما انتهت إليه فلا سبيل إلى المجادلة في هذا التقدير أمام محكمة النقض لتعلقه بأمر تستقل به محكمة الموضوع أما صورة عقد البيع المستخرجة منه الشهادة والتي قدمتها الطاعنة لهذه المحكمة فلا يجوز للتحدي بها إذ لم يسبق تقديمها أمام محكمة الموضوع.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون حين قرر أن ورثة الخرزاتي ومن جاء بعدهم كانوا يضعون اليد على تلك الأعيان بصفتهم ملاكاً وضع يد هادئ ظاهر مستمر مدة تربو على ثلاث وثلاثين سنة ميلادية مع أن عبد الرحمن الخرزاتي أقر في عقد شرائه أن الأرض تابعة لوقف شرف الدين الكردي وتعهد بدفع أجرة الحكر المربوطة عليها ومثل هذا الإقرار ملزم لورثنه وخلفائهم في أنهم يضعوا اليد بطريق التحكير الذي يتنافى والتملك - كما أنها (الطاعنة) رفعت الدعوى رقم 54 سنة 1918 على هانم الغربية بطلب أجرة الحكر المتأخرة فدفعتها بأن رفع الدعوى يقطع التقادم كما أن دفع أجرة الحكر اعتراف بوضع اليد بطريق التحكير مما لا يصلح سبباً للتملك.
ومن حيث إن هذا النعي غير منتج ذلك أن ما جاء بأسباب الحكم المطعون فيه على التملك بالتقادم كان تزيداً منه يستقيم الحكر بدونه إذ أنه لما كان قد أقام قضاءه أساساً على عدم توافر الدليل لديه على عدم تبعية الأعيان محل الدعوى للوقف المشمول بنظارته فإن ذلك كان حسبه للقضاء برفض الدعوى دون حاجة للتعرض للتملك بالتقادم.
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.


(1) راجع نقض 3/ 11/ 1955 طعن 62 س 22 ق، 1/ 2/ 1951 طعن 191 س 18 ق مجموعة 25 سنة ص 86.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق