الصفحات

الاثنين، 12 يونيو 2023

الطعنان 227 ، 228 لسنة 28 ق جلسة 27 / 6 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 130 ص 928

جلسة 27 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وأميل جبران، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

---------------

(130)
الطعنان رقما 227 و228 لسنة 28 القضائية

(أ) دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة". "ضم دعوى لأخرى".
ضم الدعويين لا يفقد كلاً منهما استقلالها ولا يؤثر على مركز الخصوم فيها.
(ب) دعوى. "نظر الدعوى أمام المحكمة" "اختصام الغير".
اختصام الغير في الدعوى لا يتم إلا بإتباع الأوضاع المعتادة في التكليف بالحضور م 143 مرافعات. تعديل المطعون عليه لطلباته في دعواه في المذكرة المعلنة منه لأخرى الطاعن المختصمين في دعوى منضمة لا يتحقق به قانوناً اختصامهما في دعوى المطعون عليه.
(ج) التزام "انقضاء الالتزام بما يعادل الوفاء" "اتحاد الذمة". إجارة. "شراء المستأجر من الباطن العين المؤجرة".
اتحاد الذمة يقتضي وجود التزام واحد يخلف أحد طرفيه الطرف الأخر فيه، فيترتب على اجتماع صفتي الدائن والمدين في ذات الشخص انقضاء الدين. اجتماع صفتي المستأجر والمشتري للعين المؤجرة في شخص واحد لا تقوم به حالة اتحاد الذمة بالنسبة لعقد الإيجار فينقضي بها إلا إذا كان قد ترتب على الشراء حلول المشتري محل المؤجر في هذا العقد بالذات. شراء المستأجر من الباطن العين المؤجرة من المالك يترتب عليه حلوله محل المالك في الإجارة الصادرة منه إلى المستأجر الأصلي، دون حلوله محل المستأجر الأصلي في الإجارة الصادرة من الأخير إليه.

---------------
1 - ضم الدعويين لا يفقد كلاً منهما استقلالها ولا يؤثر على مركز الخصوم فيها (1).
2 - اختصام الغير في الدعوى لا يتم - على ما تقضي به المادة 143 مرافعات - إلا بإتباع الأوضاع المعتادة في التكليف بالحضور. ومن ثم فإن تعديل المطعون عليه لطلباته في دعواه على النحو الوارد في مذكرته وإعلانه هذه المذكرة إلى أخوي الطاعن - المختصمين في دعوى منضمة - لا يتحقق به قانوناً اختصامهما في دعوى المطعون عليه.
3 - اتحاد الذمة يقتضي وجود التزام واحد يخلف أحد طرفيه الطرف الأخر فيه، فيترتب على اجتماع صفتي الدائن والمدين في ذات الشخص انقضاء الدين. ومن ثم فإن اجتماع صفتي المستأجر والمشتري للعين المؤجرة في شخص واحد لا تقوم به حالة اتحاد الذمة بالنسبة لعقد الإيجار فينقضي بها إلا إذا كان قد ترتب على الشراء حلول المشتري محل المؤجر في هذا العقد بالذات، لأنه بذلك تجتمع في المشتري بالنسبة لهذا العقد صفتا المستأجر والمؤجر. أما إذا كان شراء المطعون عليه (المستأجر من الباطن) وأخوته من المالكة الأصلية العين المؤجرة منها للطاعن (المستأجر الأصلي) قد ترتب عليه حلولهم محل المالكة الأصلية في الإجارة الصادرة منه إلى المطاعن، دون حلولهم محل الطاعن في الإجارة الصادرة منه إلى المطعون عليه، فإن هذا الشراء لا تنشأ عنه حالة اتحاد ذمة تنتهي بها الإجارة الصادرة من الطاعن للمطعون عليه لأنه لم يكن من مؤداه اجتماع صفتي المستأجر والمؤجر في هذه الإجارة بذاتها في شخص المشتري. ومن أجل ذلك تبقى هذه الإجارة قائمة ولو كانت ملكية العين المؤجرة جميعها قد انتقلت إلى المستأجر من الباطن، وليس ثمة ما يمنع قانوناً من أن يكون المستأجر هو المالك. وإذا كان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر واعتبر عقد الإيجار من الباطن قد انفسخ بالنسبة إلى ثلث العين المؤجرة استناداً إلى قيام حالة اتحاد الذمة بشراء المطعون عليه ثلث للعين المؤجرة فإنه يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقريرين اللذين تلاهما السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن كلاً من الطعنين استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أنه بموجب عقد ثابت التاريخ في 13/ 3/ 1948 استأجر بول زرفوداكي بصفته من السيدة جان روز نزويج، عقاراً بأجرة سنوية قدرها 1000 ج وذلك لمدة ثمان سنين تنتهي في 15/ 3/ 1956 واتفق على جواز تجديد الإيجار بالشروط المبينة بالعقد وقد استبقى بول زرفوداكي في حوزته جزءاً من هذا العقار وأجر الجزء الباقي من باطنه إلى شفيق حلبوني وذلك بعقد إيجار ثابت التاريخ في 14/ 12/ 1948 اتفق بموجبه على أن الأجرة السنوية هي مبلغ 1250 ج وعلى أن الإجارة مدتها سنتان تنتهيان في 14/ 11/ 1950 قابلة للتجديد بالشروط المبينة في العقد - وبموجب عقد مؤرخ 28 أكتوبر سنة 1951 مشهر في السنة نفسها، اشترى شفيق حلبوني وأخواه فهمي وحمدي، كامل العقار المؤجر من السيدة روز نزويج وحلوا محلها في الإجارة الصادرة منها إلى زرفوداكي - وعلى أثر ذلك أقاموا على الأخير بصفته دعوى أمام محكمة القاهرة الابتدائية قيدت برقم 2817 سنة 1953 طلبوا فيها الحكم بإلزامه أن يدفع لهم المتأخر عليه من أجرة الجزء الذي في حوزته من هذا العقار وقدره 60 ج مع ما يستجد من هذه الأجرة بواقع 40 ج شهرياً ابتداء من شهر مايو سنة 1952. وفي 9/ 3/ 1953 أقام بول زرفوداكي بصفته أمام نفس المحكمة - على شفيق حلبوني - الدعوى رقم 1891 سنة 1953 انتهى فيها - في مذكرته - المنضمة بيان طلباته الختامية إلى طلب الحكم له بمبلغ 7500 جنيه قيمة الأجرة المتأخرة عن المدة من 15/ 11/ 1951 إلى 15/ 11/ 1956 مع ما يستجد من الأجرة بواقع 1250 جنيهاً سنوياً - واستند بول زوفوداكي في دعواه هذه إلى عقد الإيجار الصادر منه إلى شفيق حلبوني - ضمت المحكمة الدعويين وبتاريخ 6/ 4/ 1957 حكمت في الدعوى المرفوعة من شفيق حلبوني وأخويه بندب خبير لتحديد أجرة الجزء الذي يشغله زرفوداكي، بالنسبة إلى أجرة كامل العقار المؤجر إليه - ثم حكمت برفض الدعوى المرفوعة من بول زرفوداكي تأسيساً على أن ملكية العين المؤجرة جميعها قد آلت إلى شفيق حلبوني وأخويه بموجب عقد البيع الصادر إليهم من المالكة الأصلية السيدة روز نزويج وبذلك تكون قد اجتمعت صفتا مالك ومستأجر في شخص واحد وبالتالي تكون قد قامت حالة اتحاد ذمة ينقضي بها عقد الإيجار الصادر من بول زرفوداكي إلى شفيق حلبوني - استأنف بول زرفوداكي هذا الحكم بالاستئناف رقم 732 سنة 74 ق القاهرة طالباً إلغاءه فيما قضى به من رفض دعواه وطلب الحكم بإلزام شفيق حلبوني بأن يدفع له 7500 جنيه قيمة الأجرة المتأخرة من 15/ 11/ 1951 حتى 15/ 11/ 1956 مع ما يستجد من الأجرة بواقع 1250 جنيهاً سنوياً وبتاريخ 29/ 4/ 1958 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف في قضائه برفض دعوى بول زرفوداكي وبإلزام شفيق حلبوني بأن يدفع إلى زرفوداكي 3612 جنيهاً وأقامت حكمها على أنه لما كان عقد الإيجار صادراً من زرفوداكي إلى شفيق حلبوني وحده بينما بيعت العين المؤجرة إليه وإلى أخويه فهمي وحمدي مثالثة فيما بينهم فإن عقد الإيجار ينقضي باتحاد الذمة بالنسبة إلى ثلث العين المؤجرة الذي انتقلت الملكية فيه إلى شفيق حلبوني - أما بالنسبة للثلثين الباقيين من هذه العين، وهما اللذان آلت الملكية فيهما إلى فهمي وحمدي حلبوني فإن اتحاد الذمة وبالتالي انقضاء عقد الإيجار المبني على اتحاد الذمة - لا يتحقق بالنسبة لهما، وبإلزام شفيق حلبوني تبعاً لذلك بأجرة هذين الثلثين - ثم قدرت المحكمة هذه الأجرة على اعتبار أن أجرة العين المؤجرة جميعها هي 1250 جنيهاً سنوياً - كما هو وارد في عقد الإيجار - وذكرت المحكمة في أسباب حكمها أن المدة المستحقة عنها الأجرة المتأخرة تنتهي يوم 15/ 3/ 1956 بانتهاء المدة المحرر عنها عقد الإيجار الأصلي الصادر لبول زرفوداكي لأن شفيق حلبوني وأخويه بعد أن حلوا في هذا العقد محل المؤجرة الأصلية بشرائهم العين المؤجرة منها بدا منهم ما يدل على أنهم غير راغبين في تجديد هذا العقد بعد انتهاء مدته في التاريخ المذكور طعن شفيق حلبوني في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 227 سنة 28 ق كما طعن فيه بول زرفوداكي وقيد طعنه برقم 228 سنة 28 ق - تقدمت النيابة العامة في الطعن الأول بمذكرة خلصت فيها إلى طلب نقض الحكم المطعون فيه في خصوص السبب الأول من أسباب الطعن - وتقدمت في الطعن الثاني بمذكرة طلبت فيها رفضه. عرض الطعنان على دائرة فحص الطعون فقررت إحالتهما إلى دائرة المواد المدنية والتجارية، وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة حدد لنظر الطعنين أمام هذه الدائرة جلسة 16/ 5/ 1953 وفيها ضمت المحكمة الطعن الثاني للطعن الأول وصممت النيابة العامة على رأيها السابق.
عن الطعن رقم 227 سنة 28 ق المقام من شفيق حلبوني:
حيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه، في أسباب هذا الطعن الخطأ في تطبيق القانون - وفي بيان ذلك يقول إنه بعد أن قررت محكمة الدرجة الأولى ضم القضية التي رفعها المطعون عليه - بول زرفوداكي بصفته على الطاعن إلى القضية التي رفعها الطاعن وأخواه فهمي وحمدي، على المطعون عليه - تقدم الأخير بمذكرة عدل فيها طلباته الختامية في الدعوى المقامة منه على الوجه الآتي (نلتمس الحكم بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا للمدعي بصفته مبلغ 7500 جنيه وما يستجد بواقع السنة 1250 جنيهاً وإلزامهم بالمصروفات) ثم قام المطعون عليه بإعلان هذه المذكرة إلى الطاعن وأخويه حمدي وفهمي وأسس طلباته الواردة فيها على أن عقد الإيجار من الباطن صادر إليهم جميعاً، وعلى أنهم يشغلون العقار المؤجر ومتأخرون في دفع الأجرة - وإذ كان المطعون عليه لم يطلب في هذه المذكرة أن يكون إلزام المدعى عليهم بالمبلغ المبين بها، بالتضامن فيما بينهم، فإنه يكون من مؤدى تعديل طلباته على النحو المبين بتلك المذكرة أنه أصبح يطالب كلاً من الطاعن وأخويه فهمي وحمدي بثلث هذا المبلغ ولكن المطعون عليه عندما استأنف الحكم القاضي برفض دعواه اختصم الطاعن وحده في الاستئناف وطلب الحكم بإلزامه بالمبلغ جميعه لا بثلثه وبذلك يكون طلبه فيما يختص بالثلثين طلباً جديداً لا يجوز قبوله في الاستئناف طبقاً لحكم المادة 411 مرافعات - وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلزام الطاعن بهذين الثلثين فإنه يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إنه يبين من الصورة الرسمية لمذكرة المطعون عليه المقدمة لمحكمة الدرجة الأولى لجلسة 19/ 3/ 1957 ببيان أوجه دفاعه في الدعوى التي أقامها على الطاعن وفي الدعوى المقامة عليه من الطاعن وأخويه فهمي وحمدي بعد أن قررت المحكمة ضم هاتين الدعويين، أن المطعون عليه أشار فيها إلى عقد الإيجار من الباطن الصادر منه بقوله (وبموجب عقد إيجار مؤرخ 15/ 11/ 1948 استأجر السادة حلبوني من باطن بول زرفوداكي الجزء الأكبر من العقار المؤجر لبول زرفوداكي من مدام روز نزويج... وذلك لمدة سنتين تبدأ من 15/ 11/ 1948 وتنتهي في 14/ 11/ 1950 ويتجدد العقد سنة فسنة... واتفق في البند الثاني من العقد المذكور على أن الأجرة السنوية 1250 جنيهاً... وما زال السادة حلبوني مستأجرين من باطن زرفوداكي بموجب عقد 15/ 11/ 1948 وهذا العقد ما زال قائماً لم يلغ بعد وما زال السادة حلبوني يشغلون ما كان أجر لهم من الباطن زرفوداكي وينتفعون به ومع ذلك فهم لا يدفعون الأجرة التي التزموا بدفعها بحسب العقد وقدرها 1250 جنيهاً سنوياً) - ثم اختتم هذه المذكرة بقوله (ولما كان المدعى عليهم متأخرين في دفع الأجرة من 15/ 11/ 1951 إلى 15/ 11/ 1956 أي لمدة خمس سنوات بواقع السنة 1250 جنيهاً فيكون المجموع 7500 جنيه بخلاف ما يستجد من تاريخ الحكم - بناء عليه - نلتمس الحكم بإلزام المدعى عليهم بأن يدفعوا للمدعي بصفته مبلغ 7500 جنيه وما يستجد بواقع السنة 1250 جنيهاً وإلزامهم بالمصروفات) - ويبين من الحكم الابتدائي أن المحكمة أثبتت فيه أنها بعد أن قررت ضم القضيتين، تقدم المطعون عليه بمذكرته، هذه، متضمنة تعديله لطلباته على النحو سالف البيان - ولما كان الثابت من الأوراق أن دعوى المطعون عليه كانت مقامة ضد الطاعن وحده ولم يختصم فيها أخواه، وكان ضم هذه الدعوى للدعوى المقامة على المطعون عليه من الطاعن وأخويه فهمي وحمدي لا يفقد كلاً من الدعويين استقلالها ولا يؤثر على مركز الخصوم فيهما وبالتالي فليس من شأن هذا الضم أن يجعل أخوي الطاعن، خصمين في دعوى المطعون عليه لمجرد كونهما مختصمين في الدعوى الأخرى المنضمة إليها - كما أن تعديل المطعون عليه لطلباته في دعواه على النحو الوارد في مذكرته وإعلانه هذه المذكرة إلى محامي أخوي الطاعن وإن كان لا يتحقق به قانوناً اختصامهما في دعوى المطعون عليه، إذ اختصام الغير في الدعوى لا يتم - على ما تقضي به المادة 143 مرافعات إلا باتباع الأوضاع المعتادة في التكليف بالحضور وهو ما لم يتوافر في النزاع المعروض إلا أن المطعون عليه بتعديله طلباته على النحو الوارد في مذكرته الختامية يكون قد قصر طلباته - قبل الطاعن - أمام محكمة الدرجة الأولى، على ثلث مبلغ الأجرة المطالب به في ختام هذه المذكرة - وإذ كان المطعون عليه - على ما سلف بيانه - عندما استأنف الحكم الصادر من محكمة الدرجة الأولى طلب إلغاء ذلك الحكم والقضاء له على الطاعن بهذا المبلغ جميعه لا بثلثه فإن طلبه في الاستئناف بالنسبة إلى الثلثين الآخرين من هذا المبلغ يكون طلباً جديداً مما تنهي المادة 411 مرافعات عن قبوله في الاستئناف - ولما كان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض دعوى المطعون عليه بالنسبة لثلث مبلغ الأجرة المستحقة له، على أساس قيام حالة اتحاد الذمة لدى الطاعن بالنسبة إلى هذا الثلث ثم حكم بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 3612 جنيهاً قيمة الثلثين الباقيين من هذه الأجرة - فإن قضاءه على الطاعن بهذا المبلغ يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص دون حاجة إلى بحث باقي الأسباب.
وحيث إن موضوع هذا الطعن صالح للفصل فيه، ولما سلف بيانه يتعين الحكم بعدم قبول الطلبات الجديدة في الاستئناف.
عن الطعن رقم 228 سنة 28 ق المقام من بول زرفوداكي بصفته:
وحيث إن هذا الطعن بني على سبب واحد، ينعى فيه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون - وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه طبق على علاقات الطاعن بالمطعون عليه حكم المادة 370 من القانون المدني الخاصة باتحاد الذمة في حين أن هذه العلاقات لا تتوافر فيها شروط اتحاد الذمة وإنما كانت تتوافر فيها شروط المقاصة لو تمسك بها المطعون عليه في حينه، ذلك أن اتحاد الذمة يشترط فيه اجتماع صفتي الدائن والمدين في شخص واحد وفي دين واحد بعينه، في حين أن المقاصة إنما تقع عند اجتماع صفتي الدائن والمدين في كل من الطرفين في دينين مختلفين بحيث يكون الدائن في أحد الدينين مديناً في الآخر والمدين في الآخر دائناً في الأول - والطاعن في النزاع المعروض كان طرفاً في علاقتين متميزتين هما علاقة الإجارة الأصلية بينه وبين المؤجرة الأصلية وعلاقة التأجير من الباطن بينه وبين المطعون عليه ولما حل المطعون عليه محل المؤجرة الأصلية بشرائه العين المؤجرة منها، فإنه إنما يحل محلها في العلاقة الأولى التي بينها وبين الطاعن وليس من شأن هذا الحلول أن يؤثر على استقلال كل من العلاقتين، ولا أن يدمج إحداهما في الأخرى بحيث يجعلها علاقة واحدة وديناً واحداً يصح أن يتحقق فيه اتحاد الذمة - ومن ثم يكون الحكم المطعون فيه إذ اعتبر أن عقد الإيجار المبرم بين الطاعن والمطعون عليه قد انقضى باتحاد الذمة ورتب على ذلك إلزام المطعون عليه بثلثي الأجرة فقط قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، وذلك أنه كان اتحاد الذمة يقتضي وجود التزام واحد يخلف أحد طرفيه الطرف الآخر فيه فيترتب على اجتماع صفتي الدائن والمدين في ذات الشخص انقضاء الدين، فإن اجتماع صفتي المستأجر والمشتري للعين المؤجرة في شخص واحد، لا تقوم به حالة اتحاد الذمة بالنسبة لعقد الإيجار فينقضي بها، إلا إذا كان قد ترتب على الشراء حلول المشتري محل المؤجر في هذا العقد بالذات، لأنه بذلك تجتمع في المشتري بالنسبة لهذا العقد، صفتا المستأجر والمؤجر - ولما كان شراء المطعون عليه وأخويه من المالكة الأصلية، العين المؤجرة منها للطاعن قد ترتب عليه حلولهم محل المالكة الأصلية في الإجارة الصادرة منها إلى الطاعن، دون حلولهم محل الطاعن في الإجارة الصادر منه إلى المطعون عليه، فإن هذا الشراء لا تنشأ عنه حالة اتحاد ذمة تنتهي بها الإجارة الصادرة من الطاعن للمطعون عليه لأنه لم يكن من مؤداه اجتماع صفتي المستأجر والمؤجر في هذه الإجارة بذاتها، في شخص المشترين - ومن أجل ذلك تبقى هذه الإجارة قائمة ولو كانت ملكية العين المؤجرة جميعها قد انتقلت إلى المستأجر من الباطن، وليس ثمة ما يمنع قانوناً من أن يكون المستأجر هو المالك للعين المؤجرة إليه - لما كان ذلك، وكان الحكم الطعون فيه لم يلتزم هذا النظر واعتبر عقد الإيجار من الباطن "قد انفسخ" بالنسبة إلى ثلث العين المؤجرة استناداً إلى قيام حالة اتحاد الذمة بشراء المطعون عليه ثلث العين المؤجرة فإنه يكون قد خالف القانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.


(1) راجع نقض 17/ 3/ 1960 الطعن 5 س 26 ق أحوال شخصية السنة 11 ص 234.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق