الصفحات

الأحد، 11 يونيو 2023

الطعنان 209 ، 222 لسنة 28 ق جلسة 20 / 6 / 1963 مكتب فني 14 ج 2 ق 126 ص 888

جلسة 20 من يونيه سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود القاضي، ومحمود توفيق إسماعيل، ومحمد ممتاز نصار، وحافظ محمد بدوي.

----------------

(126)
الطعنان رقما 209 و222 لسنة 28 القضائية

(أ) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه". "مناطها".
قيام رابطة التبعية متى كانت للمتبوع على تابعه سلطة فعلية ورقابة في توجيهه م 152 مدني قديم. تبعية العاملين بالمدارس الحرة لوزارة التربية والتعليم بما يجعل الوزارة مسئولة عن خطأ صاحب المدرسة وموظفيها باعتبارها متبوعاً.
(ب) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية المكلف بالرقابة". "انتفاؤها". محكمة الموضوع. "سلطتها في التقدير".
لا تنفي مسئولية المكلف بالرقابة إلا إذا أثبت أنه قام بواجب الرقابة أو أثبت أن الضرر كان لابد واقعاً ولو قام بهذا الواجب. نفي محكمة الموضوع في حدود سلطتها الموضوعية كلا الأمرين بأسباب سائغة. لا مخالفة في ذلك للقانون.
(ج) حكم "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك". مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه".
ملكية المدرسة لا تتحقق بها وحدها علاقة التبعية الموجبة لمسئولية مالكها. لا تتحقق مسئولية المتبوع إلا إذا كانت له على تابعه سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه. إغفال الحكم المطعون فيه بحث دفاع الطاعن المتضمن عدم توافر هذه السلطة له لندبه لمدرسة أخرى وهو دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى. تعييب الحكم بالقصور.

---------------
1 - مؤدى نص المادة 152 من القانون المدني الملغي أن رابطة التبعية تقوم بين المتبوع والتابع متى كانت له عليه سلطة فعلية ورقابة في توجيهه. وإذ كان مفاد ما نص عليه القانون 38 لسنة 1948 بشأن علاقة وزارة التربية والتعليم بالمدارس الحرة، أن للوزارة سلطة فعلية في رقابة وتوجيه العاملين بالمدارس الحرة إذ أنها تصدر الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته عن الخروج عليها، فإن الحكم المطعون فيه إذ التزم هذا النظر وقرر أن نصوص القانون 38 لسنة 1948 تجعل وزارة التربية مسئولة عن خطأ صاحب المدرسة وموظفيها باعتبارها متبوعاً فإنه لا يكون قد خالف القانون (1) .
2 - مسئولية المكلف بالرقابة لا تنفي إلا إذا أثبت أنه قام بواجب الرقابة أو أثبت أن الضرر كان لابد واقعاً ولو قام بهذا الواجب. وإذ نفت محكمة الموضوع في حدود سلطتها الموضوعية كلا الأمرين بأسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها فإنها لا تكون قد خالفت القانون.
3 - ملكية المدرسة لا تتحقق بها وحدها علاقة التبعية الموجبة لمسئولية مالكها إذ لا تتحقق مسئولية المتبوع إلا إذا كانت له على تابعه سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد أغفل بحث دفاع الطاعن المتضمن عدم توفر هذه السلطة له لندبه لمدرسة أخرى مع أنه دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإنه يكون معيباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقريرين الذين تلاهما السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعنين في أن علي عز العرب بصفته ولياً طبيعياً على ابنه القاصر فوزي أقام الدعوى رقم 2662 سنة 52 مدني كلي القاهرة ضد وزارتي التربية والمالية ومصطفى عبد الهادي صاحب مدرسة المعهد العلمي الابتدائية ومحمد سالم سامي بصفته ولياً طبيعياً على ابنه نظمي - طلب فيها إلزام المذكورين متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 1000 جنيه والمصاريف والأتعاب والنفاذ، وقال في بيان دعواه إنه الحق ابنه القاصر فوزي بمدرسة المعهد العلمي الابتدائية التابعة للسيد/ مصطفى عبد الهادي وأنه بتاريخ 17/ 2/ 1949 اعتدى عليه نظمي محمد سالم التلميذ بنفس المدرسة بأن ضربه في عينه اليمنى بسن الريشة "فأفقده إبصارها وقد حرر عن هذه الواقعة محضر قيد برقم 130 سنة 1949 جنايات أحداث السيدة زينب وقضي بإدانة المتهم وبتسليمه لولي أمره لحداثة سنه وأنه لذلك يقدر الأضرار التي أصابت ابنه بمبلغ 1000 جنيه طلب إلزام المدعى عليهم به متضامنين على أساس أن وزارة التربية مسئولة لما لها من رقابة فعلية على المدارس الحرة وتوجيه كامل بالقانون رقم 38 لسنة 1948 وأن صاحب المدرسة مسئول باعتباره مكلفاً بالرقابة قانوناً وأن والد المعتدي مسئول بثبوت مسئولية ابنه طبقاً لأحكام القانون. وقد وجهت وزارة التربية والتعليم دعوى ضمان فرعية قبل صاحب المدرسة طلبت فيها الحكم عليه بما عساه أن يحكم به عليها بمقولة إن المدرسة التي وقع فيها الحادث هي مدرسة حرة لا تسأل عنها الوزارة إذ ليس لها عليها سوى الإشراف الثقافي. وبتاريخ 20/ 5/ 1957 قضت محكمة الدرجة الأولى برفض الدعويين الأصلية والفرعية - فاستأنف علي عز العرب بصفته هذا الحكم بالاستئناف رقم 1026 سنة 74 ق القاهرة. وبتاريخ 17/ 5/ 1958 قضت محكمة الاستئناف حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع أولاً - في الدعوى الأصلية بإلغاء الحكم المستأنف والحكم بإلزام المستأنف عليهم متضامنين (الطاعنين والمطعون عليهما الأخيرين في الطعنين) بأن يدفعوا للمستأنف (المطعون عليه الأول في الطعنين مبلغ 1000 جنيه والمصروفات المناسبة لهذا المبلغ عن الدرجتين ومبلغ 20 جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة). وثانياً: في دعوى الضمان الفرعية بعدم قبولها لرفعها قبل الأوان مع إلزام وزارة التربية والتعليم بمصروفاتها وبتاريخ أول يوليو سنة 1958 طعن مصطفى عبد الهادي في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنه برقم 209 سنة 28 ق كما طعنت فيه وزارتا التربية والمالية بتاريخ 7 يوليو سنة 1958 بالطعن رقم 222 سنة 28 ق وقدمت النيابة مذكرة في كل من الطعنين طلبت فيهما رفضهما - وقد نظر الطعنان أمام دائرة فحص الطعون بجلسة 6 يناير سنة 1962 فقررت إحالتهما إلى الدائرة المدنية والتجارية. وبعد استيفاء الإجراءات التالية للإحالة نظر الطعنان أمام هذه المحكمة بجلسة 23/ 5/ 1963 وفيها قررت المحكمة ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد وصممت النيابة على طلبها السالف.
عن الطعن رقم 222 سنة 28 المرفوع من وزارتي التربية والمالية: وحيث إن هذا الطعن بني على سببين يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه أقام قضاءه بمسئولية وزارة التربية والتعليم على أن القانون رقم 38 لسنة 1948 جعل من وزارة التربية قوامة على المدارس الحرة تخضع لها في كثير من النواحي خضوعاً يجعلها مع صاحب المدرسة في مقام المتبوع من التابع - في حين أنه يبدو من سياق نصوص القانون المذكور والقانون رقم 583 لسنة 1955 المعدل له بشأن تنظيم المدارس الحرة أنها مؤسسات خاصة غير حكومية تقوم أصلاً وبصفة فرعية بالتربية والتعليم فلها كيانها الخاص وذمتها المالية المستقلة وكل ما هنالك أن الشارع أجاز لتلك المدارس الحرة معاونة الوزارة في إدارة مرفق عام هو مرفق الثقافة والتعليم وأنه وإن كان الأصل للدولة سلطة الهيمنة على المرفق وحسن إدارته لتحقيق النفع العام إلا أن لها كذلك أن تعهد بإدارة المرفق إلى مؤسسات وهيئات أخرى على ألا يجعل ذلك من تلك المؤسسات أو الهيئات جهات تابعة للحكومة أو أن يجعل الحكومة مسئولة عنها. وقد رسم الشارع في القانون رقم 38 لسنة 1948 الملغي مظاهر وحدود رقابة وزارة التربية والتعليم لمرفق التعليم الحر. بما يبين معه أن إشراف الوزارة لا يجعل من المدارس الحرة مدارس أميرية ولا يدخل موظفيها في عداد موظفي الدولة حتى تسأل عن تصرفاتهم وتضمن أخطاءهم على ما هو مقرر في علاقة التابع بالمتبوع.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بمسئولية الوزارة على قوله "وحيث إن مسئولية وزارة التربية والتعليم مردها نص القانون لأن الصغير في مرحلة التعليم بالمدرسة تنتقل الرقابة عليه إلى معلم الفصل ما دام فيه أو إلى رئيس المدرسة ما دام فيها، وإذا كانت المدرسة من مدارس الدولة كانت الدولة مسئولة عن المعلم أو الرئيس مسئولية المتبوع عن التابع ولا ينفي هذه المسئولية عن الوزارة استنادها إلى القانون رقم 38 لسنة 1948 باعتبار أن المدرسة التي وقع فيها الحادث من المدارس الحرة وأن علاقة الوزارة بالمدرسة المذكورة لا تصل إلى حد علاقة التابع بالمتبوع التي يوجبها القانون ذلك لأن هذا القانون وإن لم يخرج المدارس الحرة من ملكية أصحابها ولم يحرم هؤلاء من كل حق للإشراف على موظفيهم بها - إلا أنه جعل من وزارة التربية قوامة على هذه المدارس تخضع لها في كثير من النواحي خضوعاً يجعلها.... في مقام المتبوع من التابع فلها كل سلطان المتبوع فيجب إذن أن تتحمل مقابل هذا السلطان ومسئولية هذه التبعية ومظهر هذه المساءلة واضح من نص المادة 17 من القانون رقم 38 لسنة 1948 حيث نصت على (أنه يجوز أن توقع جزاءات تأديبية على القائمين بإدارة أو نظارة المدارس الحرة أو بوظائف التعليم أو بالضبط فيها.... أو بحسن سير الدارسة أو بالنظام على أن يضع وزير المعارف العمومية بقرار منه التعليمات التي تتضمن واجبات المديرين والنظار التي تكفل حسن سير الدراسة والنظام) ثم بينت المادة 18 هذه الجزاءات كما حددت المادة 19 الجزاءات التي لوزير المعارف أن يوقعها وبيان تشكيل مجلس التأديب وأن الإحالة إليه تكون بقرار من وزير المعارف وأن إثبات المخالفات أو القرارات الصادرة تتولى تنفيذها وزارة المعارف وفقاً لنص المادة 24 من ذلك القانون. وحيث إنه يبين من مطالعة نصوص القانون سالف الذكر أن وزارة المعارف لم تعد بمقتضى هذا القانون مجرد مشرفة فنية على التعليم في المدرسة الحرة بل تجعل من الوزارة المهيمنة عليها علاقة تبعية تستلزم مساءلتها عما يقع من أضرار نتيجة لخطأ صاحب المدرسة أو الموظفين فيها كما حصل في الدعوى الحالية"، وهذا الذي أورده الحكم صحيح في القانون - ذلك أن مؤدى نص المادة 152 من القانون المدني الملغي الذي يحكم واقعة الدعوى الحالية أن رابطة التبعية تقوم بين المتبوع والتابع متى كانت له عليه سلطة فعلية ورقابة في توجيهه - وكان البادي من مطالعة نصوص القانون رقم 38 لسنة 1948 المنطبق على واقعة الدعوى الحالية أن القانون المذكور جعل من وزارة التربية متبوعة في علاقتها بإدارة المدارس الحرة فقد نصت المادة الأولى منه على أن المدارس الحرة خاضعة لرقابة وزارة التربية والتعليم وتفتيشها في الحدود الواردة بذلك القانون وفي هذه الحدود توجب أحكام القانون اشتراط مؤهلات معينة فيمن يعملون بتلك المدارس كما توجب وضع لائحة لكل مدرسة تكفل انتظام ماليتها وحسن إدارة التعليم والامتحانات فيها والإشراف الصحي على التلاميذ طبقاً للقرار الذي تصدره الوزارة بتعيين القواعد الأساسية المؤدية لتحقيق تلك الأغراض كما أجاز القانون للوزارة منح الإعانات المالية لهذه المدارس ومساعدتها على الإدارة الفنية والمالية بجميع ما تراه من الوسائل وكذلك أعطى القانون لوزارة التربية السلطة في توقيع الجزاءات التأديبية على العاملين بتلك المدارس لأي أمر مخل بالشرف والأمانة أو الأخلاق أو بحسن سير الدراسة أو النظام على أن تضع التعليمات التي تتضمن واجبات المديرين والنظار التي تكفل حسن سير الدراسة والنظام كما جعل القانون لموظفي الوزارة دخول هذه المدارس وطلب جميع البيانات الخاصة بها للتحقق من تنفيذ أحكام القانون. ومفاد ذلك كله أن للوزارة سلطة فعلية في رقابة وتوجيه العاملين بالمدارس الحرة فوزارة التربية تصدر الأوامر إلى التابع في طريقة أداء عمله وفي الرقابة عليه في تنفيذ هذه الأوامر ومحاسبته عن الخروج عليها - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر تأسيساً على ما قرره من أن نصوص القانون رقم 38 لسنة 1948 تجعل وزارة التربية مسئولة عن خطأ صاحب المدرسة وموظفيها باعتبارها متبوعاً - فإن النعي عليه بالخطأ في القانون يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني. أن الحكم المطعون فيه قد انطوى على فساد في الاستدلال ومخالفة الثابت في الأوراق وفي بيان ذلك تقول الوزارتان الطاعنتان إنهما طلبتا من محكمة الموضوع من باب الاحتياط رفض الدعوى استناداً إلى أن الحادث قد وقع في فترة الاستراحة بين الدرسين والتي جرى العرف على عدم وجود المدرس أو رقيب فيها وأنه حتى ولو وجد الرقيب فإن الحادث كان واقعاً لا محالة لعدم إمكان تفاديه لوقوعه فجأة. ولكن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع بمقولة إن رقابة التلاميذ واجبة على المدرسة في كل وقت وهو تدليل غير سائغ ذلك أنه لا يمكن أن فترة انتقال المدرسين بين فصل وآخر وضع رقيب على تلاميذ كل فصل من فصول المدرسة ومراقبتهم - كما أن الحكم إذ نفى عن الحادث عنصر المفاجأة قد خالف الثابت في الأوراق ذلك أن الثابت من التحقيقات التي أجرتها النيابة أن الحادث وقع فجأة أثناء دخول التلاميذ إلى الفصل.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه أورد في خصوص ما تثيره الطاعنتان في سبب الطعن ما يأتي "وحيث إن هذا الدفاع مردود بأن رقابة التلاميذ واجبة على المدرسة في كل وقت حتى في فترة تغيير الحصص وعلى الأخص في حالة هؤلاء الصغار الذين هم في حاجة دائمة إلى الملاحظة ويمكن تحقيقها باتخاذ ما تراه إدارة المدرسة كفيلاً بالمحافظة على النظام فكلما دلت الظروف على أن الصغير الذي أخطأ كان محاطاً برقابة يقظة لم يتخللها إهمال انتفت المسئولية. وحيث إن إدارة المدرسة في الدعوى الحالية لم تتخذ شيئاً من الاحتياطات فجاءت رقابتها ناقصة فوقعت الحادثة بسبب ذلك فتكون مسئولة عن نتائجها لأن مناط المسئولية هو وجود التزام بالرقابة مصدره نص القانون وأما الاحتماء بظرف المفاجأة بمقولة إنه لم يكن في وسع إدارة المدرسة تلافي وقوع الحادث ومن ثم فهي غير مسئولة عنه فمردود بأن مسئولية المربي ترفع حقيقة إذا حصل الحادث فجأة إنما يشترط في ذلك أن تكون عدم استطاعة تلافيه غير ناتجة عن خطأ أو إهمال وبما أنه ثابت بالتحقيقات السالف ذكرها أن الحادث حصل في فترة الاستراحة وقد سبقته مشادة بين المعتدي والمجني عليه استغرقت بعض الوقت ولم يكن في الفصل رقيب ولو وجد ذلك الرقيب لما وقع الحادث - وعدم وجوده يعد نقصاً في المراقبة يترتب عليه المسئولية..... وهذا الذي أورده الحكم مطابق للقانون ولا يعيبه فساد في الاستدلال ذلك أن مسئولية المكلف بالرقابة لا تنتفي إلا إذ ثبت أنه قام بواجب الرقابة أو أثبت أن الضرر كان لابد واقعاً ولو قام بهذا الواجب وقد نفت المحكمة في حدود سلطتها الموضوعية كلا الأمرين بأسباب سائغة تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها. أما ما تدعيه الطاعنتان من أن ما ورد في تحقيقات النيابة يخالف ما استخلصه الحكم منها فإنه لما كانت الطاعنتان لم تقدما لهذه المحكمة صورة هذه التحقيقات لإثبات نعيهما في هذا الخصوص فإن هذا النعي يكون عارياً عن الدليل.

عن الطعن رقم 209 سنة 28 ق.

وحيث إن حاصل السبب الأول في هذا الطعن أن الحكم المطعون فيه قد شابه قصور - وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك في مذكرته أمام محكمة الاستئناف بدفاع جوهري مؤداه أنه وإن كان هو صاحب المدرسة التي وقع فيها الحادث إلا أنه لم يكن المكلف بالرقابة لا على تلاميذ المدرسة ولا على القائمين بإدارتها فقد كان من قبل وقوع الحادث معيناً ناظراً لمدرسة المعهد العلمي الثانوية من قبل وزارة المعارف وهي مدرسة أخرى بعيدة عن المدرسة التي وقع فيها الحادث وأنه لم يكن له أي سلطان على ناظر المدرسة الأخيرة أو مدرسيها أو القائمين بالعمل فيها فكان كل هؤلاء يتلقون التعليمات والتوجيهات من وزارة المعارف فهي التي تعينهم وتنقلهم وتندبهم وتنقدهم أجورهم وتمارس فيهم سلطة الإشراف والتأديب وأن مسئوليته بذلك تكون منعدمة سواء لانعدام رقابته في المدرسة التي وقع فيها الحادث أو لانعدام التبعية بينه وبين القائمين بإدارتها. وأن محكمة الاستئناف أغفلت هذا الدفاع ولو كانت قد عنيت به لتغير وجه الرأي الذي انتهت إليه.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن الثابت من الصورة الرسمية لمذكرة الطاعن المقدمة منه أمام محكمة الاستئناف لجلسة 13 مايو سنة 1958 والمرفقة بملف الطعن - أن الطاعن تمسك بهذا الدفاع الذي أشار إليه في سبب الطعن مقرراً أنه ليس ناظراً للمدرسة التي وقع فيها الحادث وأن للمدرسة المذكورة ناظراً عينته وزارة المعارف وأنه لم يكن له أي إشراف على إدارتها بل كان ممتنعاً عليه بحكم تعليمات الوزارة أن يتدخل في شئونها. ولما كان الحكم المطعون فيه قد بنى مسئولية الطاعن على مجرد كونه صاحب المدرسة التي وقع فيها الحادث واعتبره لذلك متبوعاً بالنسبة لإدارة المدرسة المخطئة مع أن ملكية الطاعن للمدرسة لا يتحقق بها وحدها علاقة التبعية الموجبة لمسئوليته إذ لا تتحقق مسئولية المتبوع إلا إذا كانت له على تابعه سلطة فعلية في رقابته وتوجيهه. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل بحث دفاع الطاعن المتضمن عدم توفر هذه السلطة له مع أنه دفاع جوهري من شأنه لو صح أن يتغير به وجه الرأي في الدعوى فإن الحكم يكون معيباً بالقصور بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.


(1) راجع نقض 9/ 5/ 1963 الطعن 123 سنة 28 ق العدد الحالي ونقض جنائي 28/ 4/ 1959 الطعن 168 سنة 29 ق السنة العاشرة ص 506.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق