الصفحات

السبت، 17 يونيو 2023

الطعن 1720 لسنة 41 ق جلسة 20 / 4 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 67 ص 711

جلسة 20 من إبريل سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ شفيق محمد سليم مصطفى - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: سعد الله محمد عبد الرحمن حنتيرة، وأحمد إبراهيم عبد العزيز تاج الدين، ود/ أحمد محمود جمعة، وسالم عبد الهادي محروس جمعة - نواب رئيس مجلس الدولة.

----------------

(67)

الطعن رقم 1720 لسنة 41 قضائية عليا

عقد إداري - فسخ العقد ومصادرة التأمين - الجمع بينهما وبين طلب التعويض.
فسخ العقد - أياً كان هذا العقد - يخضع لقاعدة عامة مؤداها أن الدائن له أن يرجع بالتعويض عما أصابه من ضرر على المدين - لا تثريب إن اجتمع في حالة فسح العقد الإداري مع مصادرة التأمين النهائي استحقاق التعويض - لا يعتبر هذا ازدواجاً للتعويض - أساس ذلك - اختلاف طبيعة كل منهما - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق الأول من مارس سنة 1995 أودعت الأستاذة/ ..... بصفتها وكيلاً عن السيد/ رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون بصفته قم كتاب المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) تقرير طعن ضد السيد/ رئيس مجلس إدارة شركة المهندس الوطنية للمعلومات بصفته، في الحكم الصادر بجلسة 1/ 1/ 1995 من محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود والتعويضات) في الدعوى رقم 6585 لسنة 44 قضائية المرفوعة من الطاعن بصفته ضد المطعون ضده بصفته، والذي قضى برفض طلب التعويض.
وطلب الطاعن بصفته للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى فيه برفض طلب التعويض والقضاء بإلزام المطعون ضده بأن يؤدي للطاعن بصفته مبلغاً مقداره 65.000 جنيه على سبيل التعويض، والمصروفات وأتعاب المحاماة.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً، وبرفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بصفته المصروفات.
ونظرت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) الطعن بجلسة 4/ 6/ 1997 وعلى النحو الوارد بمحاضر الجلسات وبجلسة 17/ 12/ 1997 قررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة - موضوع) لنظره بجلسة 3/ 3/ 1998 حيث نظرته المحكمة بهذه الجلسة والجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضرها، وبجلسة 23/ 3/ 1999 قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قدم في الميعاد القانوني واستوفى باقي أوضاعه الشكلية، فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن، فإن وقائعه تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها كانت قد أقامت ضد الطاعن بصفته الدعوى رقم 17025 لسنة 43 قضائية بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود والتعويضات) بطلب الحكم بإلزام الطاعن بصفته بأن يدفع لها مبلغاً مقداره 33655.045 قيمة الأعمال التي قامت بتنفيذها، ومبلغ 50.000 جنيه على سبيل التعويض عن الأضرار التي لحقتها نتيجة إخلال المدعى عليه (الطاعن بصفته) بالتزاماته التعاقدية، مع المصروفات وأتعاب المحاماة، كما أقام الطاعن بصفته (رئيس مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون) ضد الشركة المطعون ضدها الدعوى رقم 6585 لسنة 44 قضائية بطلب الحكم أولاً: بفسخ العقدين المؤرخين 9/ 4/ 1984، 17/ 4/ 1985، وثانياً: إلزام الشركة المدعى عليها (المطعون ضدها) بأن تؤدي إليه مبلغاً مقداره 65.000 جنيه على سبيل التعويض عن الأضرار التي لحقت بالاتحاد نتيجة عدم قيام الشركة بتنفيذ التزاماته التعاقدية، والمصروفات وأتعاب المحاماة، وشرحاً للدعوى قال المدعي (الطاعن بصفته) إنه بتاريخ 9/ 4/ 1984 تعاقد اتحاد الإذاعة والتليفزيون مع الشركة المدعى عليها لإنشاء قاعدة بيانات خاصة بمكتبات التليفزيون الأربع (مكتبة الأفلام العربية ومكتبة الأفلام الأجنبية ومكتبة التسجيلات الصوتية ومكتبة أفلام الفيديو)، واتفق على الانتهاء من الأعمال في 30/ 11/ 1986 إلا أن الشركة لم تقم بتنفيذ التزاماتها إلا في حدود 23.000 شريط/ فيلم من جملة الأعمال ومقدارها 65.000 شريط/ فيلم كما لم تقم بتنفيذ نظام البرمجة المتعلق بإنشاء قاعدة البيانات ولم تقم بالتدريب اللازم ولم توفر المكينات على الرغم من منحها مهلة للتنفيذ لأكثر من مرة دون جدوى، وبجلسة 6/ 3/ 1994 قررت المحكمة ضم الدعويين رقمي 1702 لسنة 34 قضائية ورقم 6585 لسنة 44 قضائية ليصدر فيهما حكم واحد، وبجلسة 1/ 1/ 1995 حكمت المحكمة أولاً: بقبول الدعوى رقم 1702 لسنة 43 قضائية شكلاً، وبرفضها موضوعاً، وألزمت الشركة المدعية المصروفات، وثانياً: بقبول الدعوى رقم 6585 لسنة 44 قضائية شكلاً، وفي الموضوع بفسخ العقدين المؤرخين 19/ 4/ 1984 و17/ 4/ 1985، ورفض ما عدا ذلك من طلبات، وألزمت المدعي والشركة المدعى عليها المصروفات مناصفة، وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 9/ 4/ 1984 تعاقد اتحاد الإذاعة والتليفزيون مع شركة المهندس الوطنية للمعلومات على إنشاء قاعدة بيانات خاصة بالمكتبات التليفزيونية بمبلغ إجمالي مقداره 65.000 جنيه واتفق على تنفيذ الأعمال خلال عشرة شهور تبدأ من تاريخ استلام نظام إدارة قاعدة البيانات من الشركة واختبار مدى صلاحيتها لأجهزة الحواسب بمعرفة الاتحاد، وبأن تلتزم الشركة بتقديم خطة متكاملة، ثم بتاريخ 17/ 4/ 1985 أبرم بين الطرفين عقد تكميلي بزيادة عدد الأفلام والشرائط بالمكتبات التليفزيونية بحوالي 23.000 شريط وبأن تزاد المدة الإجمالية لتنفيذ العقد بمدة أربعة أشهر تحسب من نهاية تنفيذ العقد الأصلي، غير أنه بتاريخ 2/ 12/ 1986 طلبت الشركة منحها مهلة مقدارها سنة لاستكمال كافة الأعمال، وبتاريخ 11/ 1/ 1987 تم مد مدة العقد فيما يخص إدخال البيانات للفترة التي يحددها الاتحاد حسب معدلات لجان الاستماع والمشاهدة، وبتاريخ 10/ 6/ 1987 طلبت الشركة من الاتحاد الموافقة على إعداد مكتبة أو أكثر بنظام الملفات بدلاً من قواعد البيانات، وبأنها ستقوم في المرحلة الأولى بمعالجة الملاحظات الغير متعلقة بإعادة التحميل وتقوم بحصر كافة الملاحظات الباقية ومراجعتها من اللجنة الفنية، وأنها ستقدم دورة في مقدمة الحاسبات وأخرى في تطبيق النظم المتعاقد عليها للمسئولين بالمكتبات، وبتاريخ 28/ 10/ 1987 أخطرت الشركة الاتحاد بأنها نفذت الملاحظات المتفق على الانتهاء منها في 31/ 10/ 1987 ثم بتاريخ 4/ 6/ 1988 أنذرت الشركة الاتحاد بدفع مبلغ مقداره 33655.045 قيمة ما نفذته من أعمال، وبتاريخ 6/ 6/ 1988 انتهت اللجنة المشكلة لفحص واستلام وتقييم البرامج المنفذة، إلى أن الشركة لم تنجز كل أعمالها ولم يكتمل إدخال الشرائط والأفلام فضلاً عن عدم كفاية النظام الذي نفذته الشركة وعدم قيامها بتدريب العاملين بالاتحاد، وأشار الحكم المطعون فيه إلى الحكم التأديبي الصادر ضد السيد/ ........ المسئول عن تنفيذ العملية في الدعوى التأديبية المقامة ضده، والذي قضى بجلسة 3/ 2/ 1993 بمجازاته بعقوبة اللوم لما هو منسوب إليه من إخلاله بواجبات وظيفته في الفترة من 9/ 4/ 1984 وحتى 18/ 12/ 1986 فيما يتعلق بتنفيذ العقد المبرم مع الشركة المشار إليها مما أدى إلى عدم إنهاء الشركة للعملية المسندة إليها خلال المدة المحددة بالعقد، وخلصت المحكمة من ذلك إلى أن العقدين الأصلي والتكميلي المؤرخين 9/ 4/ 1984 و17/ 4/ 1985 قد حددا مدة تنفيذ العملية بأربعة عشر شهراً تبدأ من تاريخ استلام نظام إدارة قاعدة البيانات وتنتهي في ميعاد أقصاه شهر نوفمبر سنة 1986، وأنه بتاريخ 6/ 6/ 1988 لم تقم الشركة بتنفيذ جملة ما تعاقدت عليه ومقداره 65.000 شريط/ فيلم، بل أنجزت فقط 23.000 شريط/ فيلم، كما لم تقم بتدريب العاملين بالاتحاد طبقاً لما التزمت به بموجب العقدين المشار إليهما، وأنها بذلك تكون قد أخلت بالتزاماتها العقدية، ويكون من مقتضى ذلك ولازمه انتفاء حقها في التعويض الذي تطالب به، فضلاً عن عدم تقديمها ما يدل على استحقاقها لمبلغ 33655.045 جنيه قيمة ما زعمت تنفيذه من أعمال، وأنه من ثم تكون المدعي المرفوعة منها ضد الاتحاد رقم 1702 لسنة 43 قضائية على غير سند حقيقة بالرفض.
وفيما يتعلق بالدعوى رقم 6585 لسنة 44 قضائية المقامة من الاتحاد ضد الشركة، فقد أقامت المحكمة قضاءها على أنه لما كانت الشركة لم تقم بتنفيذ كامل التزاماتها العقدية، فإنه يحق للاتحاد طلب فسخ العقد عملاً بحكم المادة (157) من القانون المدني والمادة (28) من قانون المناقصات والمزايدات الصادر بالقانون رقم 9 لسنة 1983، وأنه طبقاً للمادة (29) من هذا القانون يكون للجهة المتعاقدة في حالة فسخ العقد أو تنفيذه على حساب المتعاقد الحق في مصادرة التأمين النهائي والحصول على جميع ما تستحقه من غرامات مما يكون مستحقاً للمتعاقد لديها، وأن الجهة الإدارية (الاتحاد) لم تنكر أو تقدم دليلاً يناهض ما ذكرته الشركة من قيام بنك المهندس - بناءً على طلب الجهة الإدارية - من تسييل خطاب الضمان رقم 8827/ ع ش بمبلغ 22490.74 وهو ما يشمل التأمين النهائي، فإن الجهة الإدارية تكون قد استوفت حقها في هذا الخصوص.
وأنه بالنسبة لطلب التعويض - وهو الشق محل الطعن الماثل - فقد استندت المحكمة في قضائها برفض هذا الطلب إلى أنه ولئن كان حق الجهة الإدارية في التعويض عن الفسخ مقرر قانوناً، إلا أنه يتعين للقضاء به أن تحدد الجهة الإدارية تحديداً قاطعاً - لا قولاً مرسلاً - ماهية الأضرار التي لحقتها من جراء فسخ العقد وعناصرها، وأن الجهة الإدارية (الاتحاد) قد عجزت عن تحديد هذه الأضرار، وأنه من ثم يتعين رفض طلب التعويض.
ومن حيث إن الجهة الإدارية الطاعنة (الاتحاد) تنعى على الحكم المطعون فيه بأنه أخطأ في تطبيق القانون فيما قضى به برفض طلب التعويض استناداً إلى أنها قد عجزت عن تحديد الأضرار التي لحقتها نتيجة قيامها بفسخ العقد المبرم مع الشركة المطعون ضدها، على حين أن هذه الأضرار تتحدد فيما يلي: -
1 - عدم استخدام الأجهزة التي تم شراؤها من شركة........ في عام 1983 بمبلغ 187500 جنيه والتي قامت الشركة بوضع أنظمة ميكنة المكينات وإدخال بيانات الشرائط والأفلام بها، وتقاعست عن تنفيذ التزاماتها مما اضطر الاتحاد للجوء للقضاء وانتظار صدور الحكم في الدعوى المقامة منه ضد الشركة مما يعتبر إهداراً لأموال الاتحاد في أصول مالية معطلة لا تعود على الاتحاد بأي فائدة فضلاً عن توقف ميكنة أعمال مكتبات التليفزيون وعدم تنفيذ الخطة الموضوعة لتطويرها بالرغم أن الأمر كان يستدعي الميكنة بصفة ملحة لملاحقة الزيادة المضطرة في حجم الشرائط والأفلام بهذه المكتبات طوال العشر السنوات السابقة وذلك بسبب زيادة عدد ساعات الإرسال وعدد القنوات (محلية وفضائية).
2 - أن الاتحاد يدفع مبلغاً مقداره 22 ألف جنيه سنوياً إلى شركة..... مقابل قيامها بصيانة أجهزة الحاسبات الآلية بمكتبات التليفزيون وذلك للحفاظ على بيانات الشرائط والأفلام ونظم تشغيل المكتبات الموضوعة على هذه الأجهزة بمعرفة شركة المهندس وذلك لحين تسوية النزاع مع الشركة.
3 - إن قاعدة البيانات التي قامت الشركة بإدخالها غير معبرة عن البيانات الحقيقية للشرائط والأفلام وغير دقيقة، فضلاً عن أن هذه البيانات أصبحت غير ذي جدوى للاستخدام مرة أخرى، لأن هذه الشرائط/ الأفلام غير مملوكة للاتحاد وتم إرجاع عدد كبير منها إلى الشركات الموردة، وبالتالي فإن عدم وفاء الشركة بالتزامها أدى إلى تعطيل أجهزة مسجل عليها بيانات ليس لها أي قيمة ولن تستغل رغم المبالغ التي تم صرفها عليها مقابل قيامها بإدخال هذه البيانات والمبالغ التي ما يزال يتكبدها الاتحاد لصيانة هذه الأجهزة والبيانات المدونة عليها تحسباً لأن تندب المحكمة خبيراً لتحديد مسئولية الشركة.
4 - أنه نظراً للتطور التكنولوجي في مجال الحاسبات، فإن الأجهزة التي تم شراؤها في عام 1983 لكي تقوم الشركة المطعون ضدها بميكنة نشاط المكتبات عليها، أصبحت بمرور السنوات غير صالحة للتنفيذ وأنه لو كانت الشركة قد قامت بتنفيذ التزاماتها في حينه، لكان الاتحاد استغل هذه الأجهزة أقصى استغلال لها، إلا أن الاتحاد سوف يتكلف مبالغ طائلة لشراء أجهزة جديدة لتواكب التطور مع تكهين الأجهزة الموجودة حالياً والتي لم تستغل منذ شرائها في عام 1983 بمبلغ مقداره 1875000 جنيه، فضلاً عن تكليف شركة أخرى للقيام بميكنة المكتبات على هذه الأجهزة مما يكلف الاتحاد مبالغ طائلة، وخلصت الجهة الإدارية الطاعنة في نعيها على الحكم المطعون فيه بهذا الوجه من النعي إلى طلب إلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به برفض طلب التعويض، والقضاء بأحقيتها في هذا التعويض بمبلغ مقداره 65.000 جنيه.
ومن حيث أنه إذا كان فسخ العقد. أيا كان هذا العقد. يخضع لقاعدة قانونية عامة مؤداها أن للدائن في حالة فسخ العقد أن يرجع بالتعويض عما أصابه من ضرر على المدين إذا كان عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته راجعاً إلى خطئه وترتب على هذا الخطأ ضرر للدائن، وهذه القاعدة بحكم عموميتها تطبق في حالة فسخ العقد الإداري، كما تطبق في حالة فسخ العقد المدني على حد سواءً، ومن ثم كان هذا التعويض - والذي مرده إلى القواعد العامة مختلف في طبيعته وغايته عن شروط مصادرة التأمين النهائي وهو أحد الجزاءات المالية التي جرى العرف الإداري على اشتراطها في العقد الإداري والتي مردها إلى ما يتميز به العقد الإداري عن العقد المدني من طابع خاص مناطه احتياجات المرفق العام الذي يستهدف العقد الإداري تسييره وتغليب وجه المصلحة العامة في شأنه، وهذا الطابع الخاص هو الذي يترتب عليه تمتع الإدارة في العقد الإداري بسلطات متعددة منها سلطة توقيع الجزاءات المالية ومنها مصادرة التأمين، فإنه إذا كان ذلك، فلا تثريب إن اجتمع في حالة فسخ العقد الإداري مع مصادرة التأمين استحقاق التعويض، ما دامت طبيعة كل من مصادرة التأمين والتعويض مختلفة، إذ لا يعتبر الجمع بينهما ازدواجاً للتعويض محظوراً حتى ولو لم ينص في العقد الإداري على استحقاق التعويض، لأن الاستحقاق هو تطبيق للقواعد العامة، ما لم يحظر العقد الإداري هذا الجمع ويشترط أن يكون الضرر مجاوزاً قيمة التأمين المصادر، أما إذا كانت مصادرة التأمين قد جبرت الضرر كله، فلا محل للتعويض ما لم يتفق على غير ذلك.
ومن حيث إنه متى كان ذلك، وكانت القاعدة في مجال عبء إثبات الضرر في العقد الإداري، أن الضرر يفترض بمجرد عدم قيام المتعاقد مع الإدارة بتنفيذ التزامه أو تأخره في تنفيذه، وعلى المدين إثبات نفى هذا الضرر، فإذا ما استقر الإخلال بالالتزام العقدي فيفترض وقوع الضرر بالجهة الإدارية دون أن تلتزم بإثبات وقوع الضرر، وهذا هو مناط الخلاف بين علاقات القانون العام والقانون الخاص في نطاق العقد، فيفترض الضرر على أن يسمح للمتعاقد مع الجهة الإدارية إثبات انعدام الضرر.
(حكم هذه المحكمة في الطعن 245 لسنة 27 ق جلسة 12/ 12/ 1987).
ومن حيث إنه تأسيساً على ما تقدم، وكان الثابت أن الشركة المطعون ضدها لم تقم بما التزمت به بمقتضى العقدين المؤرخين في 9/ 4/ 1984 و17/ 4/ 1985 إذ قامت بتنفيذ العملية المسندة إليها في حدود 23.000 شريط/ فيلم بينما التزمت بمقتضى هذين العقدين بتنفيذ هذه العملية في حدود 65.000 شريط/ فيلم، وعلى الرغم من منحها مهلة إضافية للتنفيذ لأكثر من مرة، فإن الشركة المطعون ضدها تكون على هذا الوجه قد أخلت بالتزاماتها العقدية بما يفترض وقوع ضرر بالجهة الإدارية المتعاقد معها دون أن تلتزم هذه الجهة بإثبات هذا الضرر، إلا أن الثابت أن الجهة الإدارية الطاعنة قامت بمصادرة التأمين النهائي المقدم من الشركة المطعون ضدها وتبلغ قيمته 22490.74 وتجد المحكمة أن الأضرار التي تكون قد لحقت بالجهة الإدارية الطاعنة لا تجاوز قيمة التأمين النهائي المصادر وأنها تجبر كل هذه الأضرار، ومن ثم فلا محل للقضاء بتعويض فيما جاوز هذه القيمة.
ومن حيث إنه بناءً على ذلك، فإنه يتعين الحكم برفض الطعن موضوعاً، وإلزام الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً، وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق