الصفحات

السبت، 17 يونيو 2023

الطعن 1257 لسنة 41 ق جلسة 11 / 4 / 1999 إدارية عليا مكتب فني 44 ق 58 ص 619

جلسة 11 من إبريل سنة 1999

برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة المستشارين: رائد جعفر النفراوي، وجودة عبد المقصود فرحات، وسامي أحمد محمد الصباغ، ومحمود إسماعيل رسلان مبارك - نواب رئيس مجلس الدولة.

------------------

(58)

الطعن رقم 1257 لسنة 41 قضائية عليا

ترخيص - الترخيص في إشغال الطريق العام - الترخيص الضمني - (أموال الدولة العامة).
المواد أرقام (2)، (6)، (8)، (9)، (13) من القانون رقم 140 لسنة 1956 في شأن إشغال الطرق العامة.
القانون لا يعرف فكرة التجديد الضمني للترخيص وأن مضي خمسة عشر يوماً على التقدم بطلب الترخيص أو تجديده دون استجابة الجهة الإدارية يعتبر رفضاً للطلب يوجب التظلم منه والطعن عليه قضائياً - أساس ذلك: لا يعتبر سكوت جهة الإدارة في هذه الحالة موقفاً سلبياً بالامتناع عن التجديد يجوز الطعن عليه في أي وقت وإنما ينبغي الالتزام بالمواعيد التي نص عليها القانون رقم 140 لسنة 1956 وكذلك ما ينص عليه قانون مجلس الدولة بشأن رفع دعوى الإلغاء - الأملاك العامة ومنها الطرق مخصصة بحسب الأصل للمنفعة العامة لذا فإن شغلها لا يكون إلا بمقتضى ترخيص طبقاً للقانون - لا يستفاد تجديد الترخيص من مجرد الاستمرار في شغل الطريق العام بعد انتهاء مدته حيث لا وجود لمبدأ التجديد الضمني مهما استطالت مدة هذا الإشغال بل يعد في هذه الحالة تعدياً على الأملاك العامة ويحق لجهة الإدارة بل من واجبها التصدي له في كل وقت بطريق الإزالة الإدارية تحقيقاً لمقتضيات الصالح العام - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 9/ 2/ 1995 أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً قيد بجدولها تحت رقم 1257 لسنة 41 ق. ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة في الدعوى رقم 7022 لسنة 47 ق بجلسة 15/ 12/ 1994 القاضي بقبول الدعوى شكلاً، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان للأسباب الواردة بتقرير الطعن إلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً بعدم قبول الدعوى لانتفاء القرار الإداري السلبي واحتياطياً برفض طلب وقف تنفيذ القرار الطعين وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وجرى إعلان المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني ارتأت فيه إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض طلب وقف تنفيذ قرار الطعين وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وتحددت جلسة 16/ 2/ 1998 لنطر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة حيث نظرته ثم قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الأولى/ موضوع" لتنظره بجلسة 5/ 7/ 1998 وقد تداولت المحكمة نظره بالجلسات التالية على النحو المبين بمحاضرها إلى أن قررت حجزه ليصدر فيه الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية المقررة قانوناً.
ومن حيث إن عناصر هذا النزاع تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 7022 لسنة 47 ق أمام محكمة القضاء الإداري بالقاهرة طالباً في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي بعدم تجديد الترخيص رقم 3231/ 30/ 77 الصادر من حي عابدين، وفي الموضوع بإلغاء القرار وإلزام جهة الإدارة المصروفات.
وقال المدعي شارحاً دعواه بأنه بموجب عقد إيجار مؤرخ في 28/ 10/ 1985 استأجر فاترينة بجوار شربتلي العتبة ولها واجهة بعرض مترين على شارع الجوهري وواجهة أخرى بعرض مترين أيضاً على الممر المشترك مع العمارة رقم 2، وبتاريخ 1/ 7/ 1993 فوجئ بصدور قرار حي عابدين بإزالة هذه الفاترينة رغم سداده للضرائب والتأمينات والعوائد ورسوم الغرفة التجارية ووجود سجل تجاري معه، فتقدم إلى محافظ القاهرة بتظلم أشر عليه باتخاذ إجراءات الترخيص طبقاً للقانون ولكن حي عابدين تقاعس عن ذلك وتعسف معه في عملية التجديد مما يجعل امتناعه مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة.
وبتاريخ 15/ 12/ 1994 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وأقامت المحكمة قضاءها على أساس أن الفاترينة كانت مرخصة طبقاً لما هو ثابت بالأوراق وأنه إزاء عدم تجديد الترخيص في حينه تم اعتباره ملغياً، لذا أصدر رئيس حي عابدين القرار رقم 47 لسنة 1993 بإزالتها، وإذ تقدم المدعي بطلب لمحافظ القاهرة بالترخيص بالفاترينة مرة أخرى وافق على ذلك ما لم تكن ضمن إزالات سوق الجوهري، وحيث إن الأوراق المقدمة لا تفيد بأن الفاترينة المشار إليها تدخل ضمن إزالات السوق وإنما استند قرار إزالتها إلى عدم تجديد ترخيصها، كما أن امتناع جهة الإدارة عن الترخيص لم يكن لأحد الأسباب التي تتعلق بالمساس بمقتضيات التنظيم أو الأمن العام أو الصحة العامة أو حركة المرور أو الآداب العامة أو جمال تنسيق المدينة، لذا يكون قرار الامتناع عن التجديد جاء مخالفاً للقانون ويتحقق بذلك ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار إلى جانب توافر ركن الاستعجال لما يترتب على التنفيذ من مساس برزق المدعي.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على أساس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه لأسباب حاصلها:
أولاً: أن الحكم الطعين انتهى إلى تكييف الدعوى على أنها طعن على قرار سلبي بامتناع جهة الإدارة عن تجديد الترخيص بوضع الفاترينة في مكانها المشار إليه رغم عدم انطباق هذا التكييف على الواقع ذلك لأن تجديد الترخيص هو من الأمور التي تستقل بها الجهة الإدارية طبقاً لما تراه محققاً للصالح العام وأن القانون لم يلزمها بإصدار قرار في هذا الشأن حتى يمكن القول بأن سكوتها يمثل حالة امتناع يجوز الطعن عليها.
ثانياً: أن الحكم المطعون فيه أخطأ حين أوقف تنفيذ القرار الطعين على زعم من عدم توافر إحدى الحالات التي نصت عليها المادة (6) من القانون رقم 140 لسنة 1956 التي تبرر امتناع جهة الإدارة عن إصدار الترخيص إذ إن هذه الحالات التي حددتها المادة المذكورة حصراً ليس من شأنها إهدار الأصل العام وهو تمتع الجهة الإدارية بسلطة تقديرية إزاء الترخيص بإشغالات الطرق العامة دون توقف على تواجد حالة من الحالات المذكورة، وإذ لم يقدم المدعي ما يثبت أن القرار قام على غير سبب صحيح من القانون فإن القرار يبقى صحيحاً بمنأى عن الإلغاء.
وخلص الطاعنان من ذلك إلى الحكم لهما بطلباتهما السابقة.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة جرى على أن سلطة وقف تنفيذ القرارات الإدارية مشتقة من سلطة الإلغاء وفرع منها مردها إلى الرقابة القانونية التي يسلطها القضاء الإداري على القرار على أساس وزنه بميزان القانون وزناً مناطه مبدأ المشروعية، فوجب على القضاء الإداري ألا يوقف قراراً إدارياً إلا إذا تبين له على حسب الظاهر من الأوراق ومع عدم المساس بأصل طلب الإلغاء عند الفصل فيه أن طلب وقف التنفيذ يقوم على ركنين: الأول: قيام الاستعجال بأن كان يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها والثاني: يتصل بمبدأ المشروعية بأن يكون ادعاء الطالب في هذا الشأن قائماً على أسباب جدية يتعذر تداركها وكلا الركنين من الحدود القانونية التي تحد سلطة القضاء الإداري وتخضع لرقابة المحكمة الإدارية العليا.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بركن الجدية فإن المادة (2) من القانون رقم 140 لسنة 1956 في شأن إشغال الطرق العامة تنص على أنه "لا يجوز بغير ترخيص من السلطة المختصة إشغال الطريق العام في اتجاه أفقي أو رأسي وعلى الأخص بما يأتي:
1 - ....... 2 - ........ 3 - ........
4 - وضع بضائع ومبيعات وفترينات ومقاعد ومناضد وصناديق وأكشاك وتخاشيب وما شابه ذلك......"
وتنص المادة (6) على أنه على السلطة المختصة أن تبدي رأيها في الطلب في ميعاد لا يجاوز خمسة عشر يوماً من تاريخ تقديمه وإلا اعتبر الطلب مرفوضاً".
كما تنص المادة (8) على أنه "يبين في الترخيص مدته والشروط التي يجب على المرخص له اتباعها....... ويجوز للمرخص له أن يطلب تجديد الترخيص قبل انتهاء مدته وتتبع في شأن هذا الطلب أحكام المواد 5، 6، 7".
وتنص المادة (9) من القانون المذكور على أن للسلطة المختصة وفقاً لمقتضيات التنظيم أو الأمن العام أو الصحة أو حركة المرور أو الآداب العامة أو جمال تنسيق المدينة أن تصدر قراراً بإلغاء الترخيص أو إنقاص مدته أو المساحة المرخص في إشغالها على أن يرد رسم الإشغال كله أو جزءً منه بنسبة ما انقضى من مدة الترخيص أو مساحة الإشغال حسب الأحوال......"
وتنص المادة (10) على أنه "يجوز لذوي الشأن التظلم من القرارات التي تصدرها السلطة المختصة فيما يتعلق بتراخيص الإشغال خلال الثلاثين يوماً من تاريخ إبلاغهم بها أو من تاريخ انتهاء الأجل المنصوص عليه في المادة (6)".
كما تنص المادة (13) على أنه "إذا حدث إشغال بغير ترخيص جاز للسلطة المختصة إزالته بالطريق الإداري على نفقة المخالف إذا كان هذا الإشغال مخلاً بمقتضيات التنظيم أو الأمن العام أو الصحة أو حركة المرور أو الآداب العامة أو جمال تنسيق المدينة......".
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن الترخيص في إشغال الطريق هو رخصة مؤقتة محددة المدة يجرى تجديدها وفقاً للضوابط والشروط التي حددها القانون وذلك باعتبار أن الترخيص بشغل الطريق العام إنما هو انتفاع غير عادي بالمال العام لأن هذا الانتفاع لا يتفق مع الغرض الأصلي الذي خصص له هذا المال، وتتمتع الإدارة بالنسبة لهذا النوع من الانتفاع بسلطة تقديرية واسعة بحيث يكون لها إلغاء الترخيص في أي وقت بحسب ما تراه متفقاً مع المصلحة العامة.
كما أن القانون سالف البيان قد حدد الحالات التي يجوز فيها للإدارة عدم تجديد الترخيص بإشغال الطريق العام أو حتى بإلغائه إذا كان في وجود الإشغال مخالفة لمقتضيات التنظيم أو الأمن العام أو الصحة العامة أو حركة المرور أو الآداب العامة أو جمال تنسيق المدينة، إلى جانب أن القانون لا يعرف فكرة التجديد الضمني للترخيص وأن مضي خمسة عشر يوماً على التقدم بطلب الترخيص أو تجديده دون استجابة الجهة الإدارية يعتبر رفضاً للطلب يوجب التظلم منه والطعن قضائياً عليه، ولا يعتبر سكوت جهة الإدارة في هذه الحالة موقفاً سلبياً بالامتناع عن التجديد يجوز الطعن عليه في أي وقت وإنما ينبغي الالتزام بالمواعيد التي نص عليها القانون رقم 140 لسنة 1956 وكذلك ما ينص عليه قانون مجلس الدولة بشأن رفع دعوى الإلغاء فالأملاك العامة ومنها الطرق مخصصة في الأصل للمنفعة العامة لذا فإن شغلها لا يكون إلا بمقتضى ترخيص طبقاً للقانون، وهو أمر لا يستفاد أيضاً من مجرد الاستمرار في شغل الطريق العام بعد انتهاء مدته حيث لا وجود لمبدأ التجديد الضمني للترخيص مهما استطالت مدة هذا الإشغال بل يعد في هذه الحالة تعدياً على الأملاك العامة ويحق لجهة الإدارة بل من واجبها التصدي له في كل وقت بطريق الإزالة الإدارية تحقيقاً لمقتضيات الصالح العام.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على وقائع هذا الطعن يتبين أنه كان مرخصاً للطاعن بتعليق فاترينة على شارع الجوهري والممر المشترك مع العمارة رقم 2 بذات الشارع بميدان العتبة وفقاً لملف الترخيص رقم (77/ 30/ 3231) وكان يقوم بسداد الرسوم المستحقة عليه لسنوات عديدة تالية إلى أن انتهت مدة الترخيص فقام بتوجيه إنذار رسمي على يد محضر للسيد رئيس حي غرب القاهرة في 28/ 8/ 1991 يطلب فيه تجديد ترخيص الفاترينة خلال أسبوع من تاريخه وإلا اضطر للجوء إلى القضاء ولم يقم الحي بتجديد الترخيص ولم يسلك الطاعن طريقاً للتظلم أو الطعن على القرار واستمر الأمر على هذا الحال إلى أن فوجئ بقرار رئيس حي عابدين رقم 47 لسنة 1993 بإزالة الفاترينة فبدأ في معاودة إرسال شكواه للمسئولين بشأن طلب التجديد منها الطلب الموجه إلى محافظ القاهرة في 5/ 7/ 1993 والذي اتخذ منه ومن غيره من الشكاوى سنداً لإقامة الدعوى طعناً على قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن تجديد الترخيص.
ومن حيث إن القانون رقم 140 لسنة 1956 في شأن إشغال الطرق العامة بين الإجراءات اللازمة لتجديد الترخيص واشترط أن يتقدم صاحب المصلحة بطلبه قبل انتهاء المدة. واعتبر مضي خمسة عشر يوماً على تقديم الطلب دون موافقة الجهة يعتبر رفضاً صريحاً للطلب وأجاز لصاحب الشأن أن يتظلم من القرار خلال الثلاثين يوماً التالية لانقضاء المدة المذكورة أو يكون له الحق في اللجوء إلى القضاء مباشرة خلال الستين يوماً التالية لانقضاء ذات المدة وإلا فاتت مواعيد الطعن بالإلغاء لأن رفض الجهة الإدارية الصريح لتجديد الترخيص المبني على سلطتها التقديرية لا يستقيم معه القول بوجود قرار سلبي بالامتناع قابل للطعن عليه بالإلغاء طالما أن حالة الامتناع قائمة، وحيث إن هذه المدد قد انقضت تبعاً لتاريخ الإنذار الموجه للحي في 28/ 8/ 1991 فإن إقامة المدعي لهذه الدعوى في 15/ 7/ 1993 يجعلها غير مقبولة شكلاً.
وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير هذا النظر فإنه يكون خالف الثابت بالأوراق ومن ثم خالف القانون ويتعين الحكم بإلغائه والقضاء بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وإلزام رافعها المصروفات عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبعدم قبول الدعوى شكلاً وإلزام المطعون ضده المصروفات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق