الصفحات

الخميس، 29 يونيو 2023

الطعن 100 لسنة 45 ق جلسة 28 / 4 / 1979 مكتب فني 30 ج 2 ق 225 ص 217

جلسة 28 من أبريل سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: أحمد صلاح الدين زغو، محمود حسن رمضان، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل وحسن عثمان حسن عمار.

---------------

(225)
الطعن رقم 100 لسنة 45 القضائية

(1) إيجار. "إيجار الأماكن". محكمة الموضوع.
حق المؤجر في طلب إخلاء العين لإحداث المستأجر تغييراً فيها. شرطه. أن يلحق بالمؤجر ضرر. بقاء هذا الحق له ولو أزال المستأجر المخالفة. استخلاص ثبوت الضرر. من سلطة محكمة الموضوع.
(2) إيجار "إيجار الأماكن". إثبات "عبء الإثبات".
حق المؤجر في طلب إخلاء العين لإحداث المستأجر تغييراً فيها. جواز التنازل عنه صراحة أو ضمناً. مجرد السكوت عن استعمال الحق فترة من الزمن. لا يعد نزولاً ضمنياً عنه. عبء إثبات التنازل. وقوعه على من يدعيه.

----------------
1 - مؤدى نص المادة 23/ جـ من القانون رقم 52 لسنة 1969 - أن المشرع بعد أن سلب المؤجر الحق الذي تخوله إياه القواعد العامة في مطالبة المستأجر بإخلاء المكان المؤجر عند انتهاء مدة العقد مقرراً مبدأ امتداد عقود الإيجار امتداداً تلقائياً، أجاز للمؤجر طلب الإخلاء إذا أخل المستأجر بالتزاماته المتعلقة باستعمال العين المؤجرة ومنها ما نصت عليه المادة 580/ 1 من القانون المدني من أنه "لا يجوز للمستأجر أن يحدث بالعين المؤجرة تغييراً بدون إذن المؤجر إلا إذا كان التغير لا ينشأ عنه أي ضرر للمؤجر" مما مؤداه أن المحظور على المستأجر هو التغيير الذي ينشأ عنه ضرر للمؤجر، والمقرر في قضاء هذه المحكمة كذلك أن حق المؤجر في الإخلاء ينشأ بمجرد وقوع المخالفة ولا ينقضي بإزالتها، فيبقى له هذا الحق ولو أزال المستأجر المخالفة بعد وقوعها، واستخلاص ثبوت الضرر من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع، ما دام الدليل الذي أخذت به في حكمها مقبولاً قانوناً.
2 - وإن كان يجوز للمؤجر أن ينزل عن حقه في طلب إخلاء المستأجر بسبب استعماله للمكان المؤجر بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة، وكان لا يلزم أن يكون هذا التنازل صريحاً بل يجوز أن يكون ضمنياً، وذلك باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على قصد التنازل حسبما تقضي به المادة 90 من القانون المدني، إلا أن مجرد علم المؤجر بحصول المخالفة وعدم اعتراضه عليها لا يعتبر بذاته تنازلاً ضمنياً عن الحق في طلب الإخلاء لانقضاء التلازم بين هذا الموقف السلبي وبين التعبير الإيجابي عن الإرادة، لما كان ذلك. وكان عبء إثبات التنازل صريحاًَ كان أو ضمنياً يقع على عاتق مدعيه، وكان الطاعن لم يقدم ما يثبت أنه قد أقام الدليل لدى محكمة الموضوع على أن المطعون عليه الأول قد اتخذ موقفاً إيجابياً يقطع في الدلالة على قصد التنازل عن حقه في طلب الإخلاء أو أنه طلب إلى محكمة الموضوع تمكينه من إقامة الدليل على ذلك. لما كان ما تقدم وكان مجرد السكوت عن استعمال الحق في طلب الإخلاء فترة من الزمن رغم العلم بقيام المخالفة لا يعتبر تنازلاً عن الحق، فإن النعي يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 401 لسنة 1974 مدني كلي جنوب القاهرة ضد الطاعن للحكم بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 7/ 4/ 1965 عن العين المبينة بصحيفة الدعوى، وقال بياناً لدعواه أنه بموجب عقد الإيجار سالف البيان استأجر منه الطاعن شقة ونص في العقد على منع المستأجرين إجراء أي تغييرات بالعين المؤجرة إلا بتصريح كتابي من المالك، إلا أنه أخل بذلك الشرط إذ أقام دورة مياه بإحدى الحجرات دون إذن كتابي منه مما أصابه بضرر على النحو الثابت بتقرير الخبير المودع في القضية رقم 8551 لسنة 1971 مستعجل القاهرة. قضت له المحكمة بطلباته. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 4448 لسنة 91 ق القاهرة، وبتاريخ 22/ 1/ 1975 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة دفعت فيها بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثاني لرفعه على غير ذي صفة، وأبدت الرأي برفض الطعن بالنسبة للمطعون عليه الأول.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون عليه الثاني، أنه ليست له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه لأنه لم يكن طرفاً حقيقياً في الخصومة التي صدر فيها ذلك الحكم.
وحيث إن الدفع في محله، لما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون طرفاً في الخصومة التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم حين صدوره. لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الطاعن اختصم المطعون عليه الثاني أمام محكمة الاستئناف للتنبيه عليه بعدم تنفيذ الحكم المستأنف إلا بعد الفصل في الاستئناف، وأنه وقف من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يحكم عليه بشيء ما، فإنه لا يقبل اختصام المطعون عليه الثاني في الطعن ويتعين لذلك الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة إليه.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون عليه الأول.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد من وجهين، ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم ذهب إلى أن أسباب الإخلاء المنصوص عليها في القانون رقم 52 لسنة 1969 من النظام العام وأن المحكمة لا تملك إزاءها سلطة التقدير، بل تلتزم بفسخ العقد وإخلاء العين المؤجرة بمجرد ثبوت أحد تلك الأسباب، في حين أنه وإن كانت المادة 23/ ج من القانون آنف الذكر تجيز للمؤجر طلب فسخ الإيجار وإخلاء العين المؤجرة إذا خالف المستأجر شروط الإيجار المعقولة أو أساء استعمال العين، إلا أن ذلك مشروط بأن تتحقق المحكمة من أن ضرراً أصاب المؤجر من جراء تلك المخالفة، وإذ ثبت لديها إمكان تدارك هذا الضرر أو أنه أزيل بعد وقوعه امتنع عليها الحكم بالإخلاء. هذا إلى أن الحكم أخطأ فيما ذهب إليه من أن مجرد قيام المستأجر بتغيير استعمال العين المؤجرة على خلاف العقد يفترض معه توافر الضرر للمؤجر، إذ يكون الحكم بذلك قد أنشأ قرينة قانونية، في حين أن هذه القرائن مصدرها القانون وقد وردت فيه على سبيل الحصر، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بما جرى به قضاء هذه المحكمة من أن النص في المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969 على أنه "في غير الأماكن المؤجرة مفروشة لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان ولو انتهت المدة المتفق عليها في العقد إلا لأحد الأسباب الآتية...... (ج) إذا استعمل المكان المؤجر أو سمح باستعماله بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة أو تضر بمصلحة المؤجر" - يدل على أن المشرع بعد أن سلب المؤجر الحق الذي تخوله إياه القواعد العامة في مطالبة المستأجر بإخلاء المكان المؤجر عند انتهاء مدة العقد مقرراً مبدأ امتداد عقود الإيجار امتداداً تلقائياً، أجاز للمؤجر طلب الإخلاء إذا أخل المستأجر بالتزاماته المتعلقة باستعمال العين المؤجرة ومنها ما نصت عليه المادة 280/ 1 من القانون المدني من أنه "لا يجوز للمستأجر أن يحدث بالعين المؤجرة تغييراً بدون إذن المؤجر إلا إذا كان التغير لا ينشأ عنه أي ضرر للمؤجر" مما مؤداه أن المحظور على المستأجر هو التغيير الذي ينشأ عنه ضرر للمؤجر، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة كذلك أن حق المؤجر في الإخلاء ينشأ بمجرد وقوع المخالفة ولا ينقض بإزالتها، فيبقى له هذا الحق ولو أزال المستأجر المخالفة بعد وقوعها، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه - أن المؤجر قد حظر على الطاعن - حسبما جاء بالبند السابع من عقد الإيجار - إجراء أي تعديلات في العين المؤجرة إلا بتصريح كتابي منه، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على قوله "أن الثابت من تقرير الخبير المنتدب في الدعوى أن المستأنف - الطاعن - قد أقام دورة مياه بإحدى غرف الشقة وكان من شأن ذلك إلحاق ضرر بالعقار سواء بالنسبة للشقة المجاورة أو واجهة هذا العقار أو حوائطه من جراء تسرب المياه إليها طبقاً للتفصيل المشار إليه في هذا التقرير مما يعتبر إساءة استعمال العين المؤجرة ألحق ضرراً بالمؤجر الأمر الذي يستوجب الحكم بفسخ العقد والإخلاء حتى لو أعاد المستأنف الحال إلى ما كانت عليه" - وهو ما يدل على أن الحكم المطعون فيه قد استخلص من أوراق الدعوى، وفي حدود سلطته الموضوعية، أن الطاعن أحدث تغييراً مادياً في العين المؤجرة وخالف بذلك شروط الإيجار المعقولة، بغير موافقة المؤجر، وأنه ترتب على هذا التغيير ضرر، مستنداً في ذلك إلى تقرير الخبير المنتدب في دعوى إثبات الحالة رقم 8551 لسنة 1971 مستعجل القاهرة - المودعة صورة رسمية منه ملف الطعن - وليس إلى مجرد وجود نص في العقد يحظر على الطاعن إجراء أي تعديل في العين المؤجرة بغير موافقة المؤجر، وكان استخلاص ثبوت الضرر من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع، ما دام الدليل الذي أخذت به في حكمها مقبولاً قانوناً، وإذ كان ما حصله الحكم في ذلك سائغاً وله أصله الثابت في الأوراق، وكان لا خطأ فيما قرره الحكم الابتدائي في أسبابه التي اعتنقها الحكم المطعون فيه - من أنه يتحقق أسباب الفسخ المنصوص عليها في المادة 23 من القانون رقم 52 لسنة 1969، فإن المحكمة لا تملك إزاءها سلطة تقديرية، وكان لا يؤثر في الحكم ما اشتمل عليه من تقريرات قانونية خاطئة في شأن بطلان الاتفاق على ما يخالف أسباب الإخلاء المنصوص عليها في المادة 23 آنفة الذكر لتعلقها بالنظام العام، وافتراض توافر الضرر للمؤجر بمجرد قيام المستأجر بتغيير استعمال العين المؤجرة - على خلاف العقد - بما يتحقق معه وقوع المخالفة الموجبة للفسخ والإخلاء، وإذ تملك محكمة النقض تصحيح هذا الخطأ، ما دامت النتيجة الموضوعية التي انتهى إليها الحكم صائبة ولها سندها من صحيح حكم القانون، ومن ثم يضحى النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون في غير محله.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك في مذكرة دفاعه المقدمة إلى محكمة الاستئناف بأن المطعون عليه الأول قد علم بالتغييرات التي أحدثها بالعين المؤجرة منذ سنة 1967 - على نحو ما جاء بالمحضر رقم 2460 لسنة 1971 إداري قصر النيل - إلا أنه لم يتخذ إجراء قبله إلا في سنة 1971 عندما أقام ضده دعوى إثبات الحالة، مما يدل على تنازله عن حقه في طلب فسخ عقد الإيجار بسبب تلك التغييرات والتي أزيلت فعلاً قبل رفع الدعوى الماثلة بما ينتفي معه حصول ضرر للمؤجر إلا أن الحكم رد على هذا الدفاع بما لا يصلح لمواجهته، إذا استند في قضائه - وقد صدر في سنة 1975 - إلى ما كان قد أورده خبير إثبات الحالة في تقريره المقدم في سنة 1971، مما يعيبه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وإن كان يجوز للمؤجر أن ينزل عن حقه في طلب إخلاء المستأجر بسبب استعماله للمكان المؤجر بطريقة تخالف شروط الإيجار المعقولة، وكان لا يلزم أن يكون هذا التنازل صريحاً بل يجوز أن يكون ضمنياً، وذلك باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على قصد التنازل، حسبما تقضي به المادة 90 من القانون المدني، إلا أن مجرد علم المؤجر بحصول المخالفة وعدم اعتراضه عليها لا يعتبر بذاته تنازلاً ضمنياً عن الحق في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي وبين التعبير الإيجابي عن الإرادة. لما كان ذلك وكان عبء إثبات التنازل صريحاً كان أو ضمنياً يقع على عاتق مدعيه وكان الحكم المطعون فيه قد رد على دفاع الطاعن بقوله "إنه لا صحة لقول المستأنف - الطاعن - بعلم المستأنف ضده - المطعون عليه الأول - بالمخالفة ورضائه بها فالثابت من أوراق الدعوى أنه اتخذ السبيل القانوني بإقامة الدعوى رقم 8551 لسنة 1971 مستعجل القاهرة بإثبات حالة العين وندب خبير فيها أثبت قيام هذه المخالفة". وكان الطاعن لم يقدم ما لا يثبت أنه قد أقام الدليل لدى محكمة الموضوع على أن المطعون عليه الأول قد اتخذ موقفاً إيجابياً يقطع في الدلالة على قصد التنازل عن حقه في طلب الإخلاء أو أنه طلب إلى محكمة الموضوع تمكنه من إقامة الدليل على ذلك. لما كان ما تقدم، وكان مجرد السكوت عن استعمال الحق في طلب الإخلاء فترة من الزمن رغم العلم بقيام المخالفة لا يعتبر تنازلاً عن الحق على ما سلف بيانه، فإن النعي على الحكم بهذا الوجه يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق