الصفحات

الأربعاء، 31 مايو 2023

الطعن 677 لسنة 34 ق جلسة 26 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 136 ص 1307

جلسة 26 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو – المستشارين.

-----------------

(136)

الطعن رقم 677 لسنة 34 القضائية

دعوى - قبول الدعوى - ميعاد الستين يوماً - النشر والإعلان والعلم اليقيني.
المادة (24) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 - المعول عليه لبدء سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء هو نشر القرار الإداري في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة - المقصود بالإعلان هو إعلان صاحب الشأن به - يقوم مقام الإعلان علم صاحب الشأن علماً يقينياً بصدور القرار شاملاً جميع عناصره - ميعاد التظلم من قرار الترقية - لا يجوز الاكتفاء لبدء سريان الميعاد بمجرد نشر الجهة الإدارية إعلاناً في إحدى الصحف اليومية بحاجتها لشغل الوظيفة محل المنازعة ثم إعلانها عن ذلك أيضاً داخل الوزارة - لا يغني ذلك عن نشر القرار الإداري محل الطعن في الجريدة الرسمية أو النشرات التي تصدرها الوزارة أو إعلان صاحب الشأن به - لا يكفي كون المدعية تعمل بقطاع مكتب الوزير والذي يعمل به المدعى عليه المطعون في ترقيته لتوافر علمها بالقرار المطعون فيه - أساس ذلك: لا يرقى العلم المفترض بهذه الصورة إلى درجة العلم اليقيني الذي يغني عن النشر أو الإعلان لبدء سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق 2 من فبراير أودع الأستاذ/ حنا ناروز المحامي بصفته وكيلاً عن السيدة/ ........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 677 لسنة 34 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 10/ 12/ 1987 في الدعوى رقم 71 لسنة 39 قضائية المقامة من الطاعنة والقاضي أولاً: بقبول تدخل المطعون على ترقيته الدكتور/ ...... خصماً في الدعوى منضماً للجهة الإدارية ثانياً: بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد، وبإلزام المدعية المصروفات، وطلبت الطاعنة في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد والحكم بقبولها وفي الموضوع بإلغاء قرار ترقية الدكتور إلى الدرجة الأولى والمعتمد من وزير الصحة في 1/ 10/ 1981 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وقدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من عدم قبول الدعوى شكلاً وبقبولها وفي الموضوع بإرجاع أقدمية الطاعنة في الدرجة الأولى إلى 29/ 7/ 1981 وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 26/ 3/ 1990 والجلسات التالية حيث حضر محامي الطاعنة ومحامي هيئة قضايا الدولة وقررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته بجلسة 21/ 10/ 1990 والجلسات التالية وحضر محامي الطاعنة ومحامي هيئة قضايا الدولة ولم يحضر المطعون ضده الثاني رغم إعلانه بتقرير الطعن والميعاد المحدد لنظره وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع إيضاحات ذوي الشأن والمداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتلخص في أن المدعية الدكتورة/ ........ أقامت الدعوى رقم 71 لسنة 39 قضائية بالصحيفة المودعة قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 4/ 10/ 1984 والتي اختصمت فيها السيد وزير الصحة وطلبت في ختامها الحكم بإلغاء قرار ترقية زميلها الدكتور/ ......... إلى الدرجة الأولى والمعتمد من الوزير في 1/ 10/ 1981 فيما تضمنه من تخطيها في هذه الترقية مع ما يترتب على ذلك من آثار، وأسست المدعية دعواها على أنها علمت في أول أغسطس عام 1984 بالقرار المطعون فيه والذي وافقت عليه لجنة شئون العاملين في 10/ 10/ 1981 على أن يسري اعتباراً من 29/ 7/ 1981 وقد أخفت الجهة الإدارية هذا القرار ولم تنشره أو تصدر به قراراً تنفيذياً أسوة بباقي الترقيات فتظلمت منه المدعية بتاريخ 2/ 8/ 1984 خلال الستين يوماً التالية لعلمها به ثم أقامت دعواها الماثلة في الميعاد المقرر وتنعى المدعية على القرار المطعون فيه تخطيها في هذه الترقية رغم أنها أسبق في الأقدمية وأعلى في الكفاية من المطعون على ترقيته، كما أن الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة قد اعترض على هذه الترقية حسبما علمت مؤخراً، ومن ثم انتهت المدعية إلى طلب الحكم بطلباتها السالفة.
وبجلسة محكمة القضاء الإداري المنعقدة بتاريخ 20/ 11/ 1986 حضر محام عن المطعون على ترقيته وتدخل في الدعوى خصماً منضماً إلى الجهة الإدارية طالباً الحكم بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد المقرر قانوناً لمضي أكثر من ثلاث سنوات على ترقيته المشار إليها والتي تعلم بها المدعية، هذا فضلاً عن أحقيته في الوظيفة المشار إليها وتميزه عن المدعية مما يجعل دعواها خليقة بالرفض موضوعاً.
وبجلسة 10/ 12/ 1987 قضت محكمة القضاء الإداري أولاً: بقبول تدخل المطعون على ترقيته الدكتور/ ....... خصماً في الدعوى منضماً للجهة الإدارية، ثانياً: بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وبإلزام المدعية المصروفات، وأسست المحكمة حكمها على أن الوظيفة المشار إليها بقطاع مكتب وزير الصحة أعلن عنها بالوزارة بتاريخ 16/ 3/ 1981 طبقاً لإعلان وكيل أول الوزارة للقطاع المرفق صورته بحافظة مستندات الخصم المتدخل كما نشر الإعلان عنها بجريدة الأهرام بتاريخ 16/ 5/ 1981 وتحدد بالإعلان ميعاد قبول طلبات الترشيح للوظيفة المعلن عنها وأنه سيجرى اختبار شخصي للمتقدمين، وتقدم المطعون على ترقيته لشغل هذه الوظيفة، وبعد استكمال الإجراءات صدر قرار وزير الصحة رقم 552 لسنة 1981 بتاريخ 29/ 7/ 1981 متضمناً تعيين المطعون على ترقيته من الدرجة الثانية بمجموعة الوظائف التخصصية على وظيفة أخصائي أول طبيب بذات المجموعة بالدرجة الأولى ذات الربط (1020/ 1850 ج) برئاسة قطاع مكتب الوزير. وأضاف الحكم المطعون فيه أنه بغض النظر عن الإجراءات اللاحقة بشأن سحب ذلك القرار بتاريخ 1/ 10/ 1981 واعتباره ترقية اعتباراً من 29/ 7/ 1981 أو الخلاف بشأن التكييف القانوني لذلك الأمر أو جوازه وهما ما حسمه قرار الوزير الوارد على مذكرة المستشار القانوني المؤرخة 22/ 10/ 1981 من أن ترقية المطعون عليه بالقرار الوزاري الأول تعتبر قائمة من تاريخ اعتمادها أي اعتباراً من 29/ 7/ 1981 وهو ما يعد التكييف القانون الصحيح لما أطلق عليه تعيين في القرار المذكور، وعليه فإنه أياً كانت المطاعن الموجهة إلى القرار الصادر بهذا الخصوص فإنه جاء في علانية في ضوء الإعلان والنشر عن تلك الوظيفة الخالية سواء في نطاق قطاع مكتب الوزير الذي يعمل به كلا المتدخل والمدعية على ما ذكره الأول ولم تدحضه الثانية أو في غيرها من قطاعات الوزارة كما تم النشر بإحدى الصحف اليومية، وبعد ترقية المذكور اعتباراً من 29/ 7/ 1981 صدر القرار رقم 995 في 1/ 10/ 1981 بترقية المدعية إلى الدرجة الأولى بعد حوالي شهرين من القرار الأول وسكتت المدعية طوال ثلاث سنوات وعندما علمت باعتراض الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة على تلك الترقية تقدمت بتظلمها منها بتاريخ 2/ 8/ 1984 بزعم عدم علمها بها في تاريخ سابق إلا أن الإجراءات السالفة قاطعة في علم المدعية التي تعمل مع المطعون على ترقيته بقطاع مكتب الوزير ومن ثم تضحى دعواها غير مقبولة شكلاً لأنها مقامة بعد الميعاد القانوني المقرر ومن ثم انتهت محكمة القضاء الإداري إلى إصدار حكمها المتقدم.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل المقام من المدعية أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وخالفه، كما خالف المبادئ المستقرة في القضاء الإداري بأن ميعاد الطعن في القرارات الإدارية لا يبدأ إلا من تاريخ العلم اليقيني الشامل للقرار المطعون فيه وكافة بياناته. والحال في الواقعة المعروضة أن الجهة الإدارية تلاعبت للوصول إلى ترقية المطعون ضده الثاني بدون وجه حق وأخفت إجراءاتها المخالفة للقانون، كما أنها أصدرت قرار الترقية المشار إليه في 1/ 10/ 1981 وبأثر رجعي من 29/ 7/ 1981، ولا يفترض علم الطاعنة بهذا القرار الذي اجتهدت الجهة الإدارية في إخفائه، ولكن ما إن علمت الطاعنة به حتى بادرت إلى التظلم منه ثم رفع دعواها في الميعاد القانوني المقرر.
ومن ثم انتهت الطاعنة في ختام طعنها إلى طلب الحكم بطلباتها السالفة.
ومن حيث إن المادة 24 من قانون مجلس الدولة تقضي بأن ميعاد رفع الدعوى فيما يتعلق بطلبات الإلغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار الإداري في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة أو إعلان صاحب الشأن به، وينقطع سريان هذا الميعاد بالتظلم إلى الهيئة الإدارية التي أصدرت القرار أو الهيئات الرئاسية، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن علم صاحب الشأن الذي يقوم مقام النشر أو الإعلان في سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء هو العلم اليقيني لا الظني أو الافتراضي، وهو العلم الذي يكون شاملاً لجميع عناصر القرار التي يمكن لصاحب الشأن على أساسها تبين مركزه القانوني ويثبت هذا العلم من أية واقعة وقرينة تفيد حصوله بوجه يقيني دون التقيد في ذلك بوسيلة إثبات معينة.
ومن حيث إن النشر المعول عليه لبدء سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء طبقاً للمادة 24 من قانون مجلس الدولة هو نشر القرار الإداري في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها المصالح العامة. كما أن الإعلان المقصود هو إعلان صاحب الشأن به، ويقوم مقامها العلم اليقيني بصدور هذا القرار شاملاً جميع عناصره، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون حينما اكتفى لبدء سريان الميعاد المشار إليه بمجرد نشر الجهة الإدارية إعلاناً في إحدى الصحف اليومية بحاجتها لشغل الوظيفة محل المنازعة ثم إعلانها عن ذلك أيضاً داخل الوزارة، فذلك كله لا يغني عن نشر القرار الإداري محل الطعن في الجريدة الرسمية أو في النشرات التي تصدرها الوزارة أو إعلان صاحب الشأن به، كما أنه من ناحية أخرى فلا يكفي كون المدعية تعمل بقطاع مكتب وزير الصحة لافتراض علمها بالقرار المطعون فيه، إذ لا يرقى العلم المفترض بهذه الصورة إلى درجة العلم اليقيني الذي يغني عن النشر والإعلان لبدء سريان ميعاد رفع دعوى الإلغاء ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أخطأ حينما رتب على هذا العلم الظني الافتراضي بدء سريان ميعاد الدعوى وانتهى إلى عدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد.
ومن حيث إنه لم يثبت بوجه يقيني أن المدعية كانت تعلم بالقرار الإداري المطعون فيه قبل تاريخ تظلمها منه في 2/ 8/ 1984 وهو التظلم الذي لم تجب عنه الإدارة، فإن دعواها المقامة في 4/ 10/ 1984 تكون مقامة في الميعاد القانوني المقرر ومقبولة شكلاً.
ومن حيث إنه عن موضوع الدعوى فإن الثابت من الأوراق والمستندات وخاصة من حافظة مستندات الجهة الإدارية أن أقدمية المدعية في الدرجة الثانية ترجع إلى 31/ 12/ 1968 بينما ترجع أقدمية المطعون على ترقيته في هذه الدرجة إلى 31/ 12/ 1969 في ذات المجموعة النوعية وقد حصل كل منهما على تقدير كفاية بدرجة ممتاز في السنوات الثلاث السابقة على عام 1981 وقد أصدرت الجهة الإدارية في 29/ 7/ 1981 قراراً بتعيين الأخير بوظيفة أخصائي أول طبيب بالدرجة الأولى بذات المجموعة الوظيفية، ثم سحبت هذا القرار في 1/ 10/ 1981، وقررت بذات التاريخ. ترقيته بالاختيار إلى هذه الوظيفة اعتباراً من 29/ 7/ 1981، ثم بناء على مذكرة المستشار القانوني للوزارة وافق السيد الوزير على اعتبار قرار التعيين الأول قائماً باعتباره في حقيقته قراراً بالترقية وأن الترقية إلى وظائف الدرجة الأولى تتم بالاختيار بنسبة 100%.
ومن حيث إن المادة 37 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/ 1978 السارية على النزاع الماثل قبل تعديلها بالقانون رقم 115 لسنة 1983 تنص على أن تكون الترقية إلى الوظائف العليا بالاختيار ويستهدى في ذلك بما يبديه الرؤساء بشأن المرشحين لشغل هذه الوظائف بما ورد في ملفات خدمتهم من عناصر الامتياز وتكون الترقية إلى الوظائف الأخرى بالاختيار في حدود النسب الواردة في الجدول رقم (1) المرفق بذلك بالنسبة لكل سنة مالية على حدة ويبدأ في الجزء المخصص للترقية بالأقدمية.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأنه يبين من الرجوع إلى الجدول المشار إليه أن المشرع لم يورد قرين درجة وكيل أول وزارة نسبة للترقية بالاختيار باعتبارها أعلى درجة فلا يرقى عنها ولو كانت العبرة في تحديد هذه النسبة بالدرجة المرقى إليها لأورد في الجدول قرينها نسبة 100%، لذلك فإن المشرع نص بالنسبة لغير الوظائف العليا على أن تكون الترقية إليها في حدود النسب الواردة في الجدول رقم (1) أي تبعيضها ومن بين الوظائف الترقية من الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى ولو قصد أن تكون الترقية إليها بالاختيار المطلق لما أعوزه النص على ذلك صراحة كما فعل في المادة 33 من القانون رقم 48/ 1978 في شأن نظام العاملين بالقطاع العام عندما نص على أن تكون الترقية إلى وظائف الدرجة الأولى فما فوقها بالاختيار، ويؤكد هذا المعنى أن المشرع أصدر بعد ذلك القانون رقم 115 لسنة 1983 فنص صراحة في المادة الثالثة منه على أن نسبة الاختيار الواردة قرين كل درجة في الجدول رقم (1) هي نسبة الترقية بالاختيار من الدرجة التي وردت هذه النسبة أمامها إلى الدرجة الأعلى منها مباشرة. وعلى هذا المقتضى فإن نسبة الترقية بالاختيار من الدرجة الثانية إلى الدرجة الأولى تكون 50% فقط.
ومن حيث إن المشرع نص صراحة في المادة 37 السالفة على أنه يبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية وذلك بالنسبة للوظائف التي تكون الترقية فيها بالاختيار في حدود النسب الواردة في الجدول رقم (1) المرفق، وكانت الترقية إلى الدرجة الأولى طبقاً لهذا النص والجدول المشار إليه تكون بالاختيار في حدود نسبة 50% فقط، فإنه يتعين على الجهة الإدارية عند الترقية إلى وظائف الدرجة الأولى إعمالاً لهذا الحكم التشريعي أن تبدأ بالجزء المخصص للترقية بالأقدمية ولما كان الثابت أن الجهة الإدارية ذاتها قد استقرت على أن القرار المطعون فيه الصادر منها بتاريخ 29/ 7/ 1981 هو في حقيقته قراراً بالترقية، وهو ما يصادف التكييف الصحيح لهذا القرار، فإنه لما كانت الوظيفة الخالية بالدرجة الأولى هي وظيفة واحدة فقد كان من المتعين قانوناً أن يرقى إليها أقدم الأطباء في الدرجة الثانية بذات المجموعة النوعية دون أن يكون هناك مجالاً للاختيار ومن ثم فإن القرار المطعون فيه بترقية الدكتور........ بالاختيار لهذه الوظيفة يكون مخالفاً للقانون وغير مشروع وبالتالي خليقاً بالإلغاء، ولما كان الثابت من الأوراق تعدد الأطباء بذات المجموعة في الدرجة الثانية الذين يسبقون المطعون على ترقيته في أقدمية هذه الدرجة وعدم انفراد المدعية بسبق الأقدمية فيها على المطعون على ترقيته، وكان مقتضى إعمال حكم المادة 37 السالفة الذكر هو ترقية أقدم هؤلاء الأطباء إلى هذه الوظيفة، فإن المحكمة تقضي بإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجرداً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه. وبقبول الدعوى شكلاً، وبإلغاء القرار المطعون فيه إلغاء مجرداً وألزمت المطعون ضدهما المصروفات.

الطعن 1957 لسنة 34 ق جلسة 25 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 135 ص 1302

جلسة 25 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد الغفار فتح الله - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ يحيى السيد الغطريفي ومحمد مجدي محمد خليل وعطية الله رسلان ود. فاروق عبد البر السيد - المستشارين.

--------------------

(135)

الطعن رقم 1957 لسنة 34 القضائية

(أ) عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - الوقف عن العمل - مناطه - الحكمة منه.
المادة 83 من قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47 لسنة 1978 معدلاً بالقانون رقم 115 لسنة 1983 - وقف العامل عن العمل احتياطياً لا يكون إلا إذا أسندت إليه مخالفات - الحكمة منه الاحتياط والتصون للعمل العام الموكول إليه بكف يده عنه وإقصائه عنه ليجرى التحقيق معه في جو خال من مؤثراته وبعيداً عن سلطانه.
(ب) اختصاص - ما يدخل في اختصاص المحكمة الإدارية العليا.
القرارات التي تصدرها المحاكم التأديبية في شأن طلبات مد الوقف عن العمل وصرف نصف المرتب الموقوف صرفه بسبب الوقف عن العمل - تعتبر أحكاماً قضائية يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا في الميعاد المقررة قانوناً - أساسا ذلك: ارتباط هذه الطلبات بالدعوى التأديبية ارتباط الفرع بالأصل - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 14/ 5/ 1988 أودع الأستاذ/ سمير شوقي المحامي بصفته وكيلاً عن....... قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1957 لسنة 34 ق، ع في القرار الصادر من المحكمة التأديبية بالإسكندرية بجلسة 19/ 3/ 1988، في الطلب المقدم من النيابة الإدارية ضد الطاعن، والمقيد برقم 148 لسنة 30 ق والذي قرر مد وقف المعروض أمره على المحكمة لمدة شهرين، اعتبار من تاريخ انتهاء مدة الوقف السابق في 6/ 3/ 1988، مع عدم صرف النصف الموقوف صرفه في أجره عن مدة الوقف وذلك بصفة مؤقتة.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بصحيفة طعنه - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه على سند من مخالفته للقانون ولأسباب عدم الشرعية الواردة بعريضة الطعن، مع كل ما يترتب على ذلك من آثاره وإلزام الجهة الإدارية بالمصاريف وأتعاب المحاماة.
وبتاريخ 21/ 5/ 1988 أعلنت صحيفة الطعن للمطعون ضدهما، على النحو المبين بالأوراق.
وقد قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من مد وقف المعروض أمره (الطاعن) لمدة شهرين اعتباراً من تاريخ انتهاء مدة الوقف السابقة في 6/ 3/ 1988 مع عدم صرف النصف الموقوف صرفه من أجره عن مدة الوقف وذلك بصفة مؤقتة.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعن بهذه المحكمة جلسة 14/ 1/ 1991 قررت إحالة الطعن إلى هذه المحكمة وحددت لنظره أمامها جلسة 29/ 2/ 1991 فنظرته على النحو الوارد بمحاضر الجلسات، وجلسة 27/ 4/ 1991 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 25/ 5/ 1991، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع الموضوع، تخلص - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 6/ 1/ 1988 صدر قرار مديرية الإسكان والمرفق رقم (1) لسنة 1988 متضمناً إيقاف المهندس....، المهندس بمديرية الإسكان والمرافق بمحافظة البحيرة عن عمله مدة شهرين قابلة للتجديد، بحيث لا تزيد عن ثلاثة أشهر، لاشتراكه آخرين في ارتكاب المخالفات التي أوردها تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات رقم 2176 بتاريخ 9/ 12/ 1997، ثم أرسلت المديرية المذكورة كتابها رقم 445/ 2 المؤرخ 10/ 2/ 1988 إلى المحكمة التأديبية بالإسكندرية عن طريق إدارة الدعوى التأديبية وذلك لمدة شهرين اعتباراً من تاريخ مدة الوقف في 6/ 3/ 1988 وبجلسة 19/ 3/ 1988 أصدرت المحكمة التأديبية بالإسكندرية قرارها بمد وقف المعروض أمره لمدة شهرين اعتباراً من تاريخ انتهاء مدة الوقف السابقة في 6/ 3/ 1988، مع عدم صرف النصف الموقوف صرفه من أجره عن مدة الوقف وذلك بصفة مؤقتة.
ومن حيث إن الطاعن يقيم طعنه في قرار المحكمة على الأسباب الآتية:
1 - أن الطاعن لم يمثل أمام أية جهة إدارية أو قضائية لأي تحقيق كان بشأن ما شمله تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات من مناقضات، إضافة إلى سمعة الطاعن الحسنة والكم الهائل من الأعمال المسندة إليه والتي تجاوز قيمتها عشرة ملايين جنيه لذا فإن قرار المحكمة بالاستجابة إلى طلب جهة الإدارة بطلب مد الإيقاف معيب بعيب السبب.
2 - عدم إجراء تحقيق مع الطاعن قبل قرار الوقف، وكذا بعد مد الوقف مما جعل جهة الإدارة تستفيد من خطئها وتجاب إلى طلبها بمد إيقاف الطاعن على غير أساس صحيح من القانون أو الشرعية مما يجعل القرار معيباً بعيب الشكل.
3 - قررت المحكمة صرف النصف الموقوف صرفه من أجر المعروض أمره، اعتباراً من تاريخ وقفه عن العمل احتياطياً في 6/ 1/ 1988، وذلك بصفة مؤقتة، ولما كانت ظروف الطاعن لم تتغير عند الأمر على المحكمة التأديبية بجلسة 19/ 3/ 1988، فإن صدور القرار بعدم صرف النصف الموقوف صرفه من أجره عن مدة الوقف بصفة مؤقتة يكون على خلاف القرار السابق الذي حاز قوة الشيء المحكوم فيه دون وجود تبرير لهذا القرار.
ومن حيث إنه يبين مما سبق أنه بتاريخ 6/ 1/ 1988 صدر قرار مديرية الإسكان والمرافق بمحافظة البحيرة رقم 1 لسنة 1988 متضمناً إيقاف الطاعن عن عمله لمدة شهرين قابلة للتجديد، بحيث لا تزيد على ثلاثة شهور، لاشتراكه مع آخرين في ارتكاب المخالفات التي أوردها تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات رقم 2176 بتاريخ 9/ 12/ 1987، ولما طلبت المديرية من المحكمة مد مدة إيقافه شهرين اعتباراً من تاريخ انتهاء مدة الوقف السابقة انتهت المحكمة في 19/ 3/ 1988، إلى إصدار قرارها بمد وقف الطاعن عن العمل لمدة شهرين اعتباراً من انتهاء مدة الوقف السابقة في 6/ 3/ 1988، ومع عدم صرف النصف الموقوف صرفه من أجره عن مدة الوقف بصفة مؤقتة.
ومن حيث إن قرارات التي تصدرها المحاكم التأديبية في شأن طلبات مد الوقف عن العمل وصرف نصف المرتب الموقوف بسبب الوقف عن العمل، تعتبر أحكاماً قضائية يجوز الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا في الميعاد المقرر قانوناً، لارتباط هذه الطلبات بالدعوى التأديبية ارتباط الفرع بالأصل.
ومن حيث إن المادة 83/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بنظام العاملين المدنيين بالدولة المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 تنص على أن "لكل من السلطة المختصة ومدير النيابة الإدارية حسب الأحوال أن يوقف العامل عن عمله احتياطياً إذا اقتضت مصلحة التحقيق معه ذلك لمدة لا تزيد على ثلاثة أشهر، ولا يجوز مد هذه المدة إلا بقرار من المحكمة التأديبية المختصة للمدة التي تحددها، ويترتب على وقف العامل عن عمله وقف صرف نصف أجره ابتداء من تاريخ الوقف".
ومن حيث إن وقف العامل احتياطياً عن العمل منوط ليس فقط بإجراء تحقيق معه بل أن تقتضي مصلحة التحقيق معه هذا الوقف كذلك، أي أن وقف العامل عن العمل احتياطياً لا يكون إلا إذا أسندت إليه مخالفات، ويدعوا الأمر إلى الاحتياط والتصون للعمل العام الموكول إليه بكف يده عنه، وإقصائه عنه، ليجرى التحقيق معه في جو خال من مؤثراته وبعيد عن سلطانه.
ومن حيث إن قرار إيقاف الطاعن عن عمله، وكذا قرار مد إيقافه صدرا بمناسبة تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، ولم يتضح من الأوراق أن ثمة تحقيقاً أجري مع الطاعن اقتضت مصلحته اتخاذ قرار الإيقاف أو مده، لذا فإن قراري الوقف والمد يكونان قد اتخذا على غير ما يقضي به القانون.
ومن حيث إنه لما سبق فإن القرار المطعون فيه يكون صدر على خلاف أحكام القانون، جديراً بالإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه.

الطعن 200 لسنة 28 ق جلسة 23 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 18 ص 153

جلسة 23 من يناير سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد زكى محمد، وأحمد أحمد الشامي، وقطب عبد الحميد فراج.

-------------

(18)
الطعن رقم 200 لسنة 28 القضائية

استئناف. "إعلان صحيفة الاستئناف". إعلان. "إعلان أوراق التكليف بالحضور". بطلان. نظام عام. حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك".
إعلان صحيفة الاستئناف لمكتب المحامي المتخذ محلاً مختاراً للمستأنف عليه في ورقة إعلان الحكم الابتدائي. بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في الإعلان. عدم تعلقه بالنظام العام. تمسك المستأنف بزوال السبب الذي لحق بإعلان صحيفة الاستئناف لحضور محام عن المستأنف عليه في أول جلسة حددت لنظر الاستئناف. التفات الحكم عن هذا الدفاع الجوهري. قصور يستوجب نقضه.

------------------
بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في إعلانها لا يتعلق بالنظام العام على ما يستفاد من المادة 140 من قانون المرافعات ومذكرته التفسيرية. وإذ كان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه ومن الصورة الرسمية لمذكرة الطاعن المقدمة لمحكمة الاستئناف أنه تمسك بأن حضور محام عن المطعون عليه في أول جلسة حددت لنظر الاستئناف يزيل العيب الذي لحق إعلان صحيفة الاستئناف في مكتب محام - كان وكيلاً عنه أمام محكمة أول درجة ولم يتخذ مكتبه محلاً مختاراً لهم في ورقة إعلان الحكم الابتدائي - وكان الحكم المطعون فيه قد التفت عن هذا الدفاع الجوهري الذي قد يترتب على الأخذ به تغيير وجه الفصل في الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف فإنه يكون قد عاره قصور في التسبيب يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أنه تكونت شركة تضامن بين المطعون عليهما الأول والثالث وأخيهما مورث الباقين للاتجار في كافة أصناف المانيفاتورة مركزها الرئيسي ببندر دمنهور. وقدرت مصلحة الضرائب أرباح المنشأة ورأس مالها الحقيقي المستثمر عن سنتي 1943/ 1944 و1944/ 1945 بمبالغ معينة وأخطرت المطعون عليه الأول (محمد محمد الكاتب) بوصفه مديراً للشركة بهذه التقديرات فلما لم يقبلها أحيل الخلاف إلى لجنة تقدير ضرائب الإسكندرية التي أصدرت في 26/ 8/ 1950 قرارها بتحديد صافي أرباح المنشأة ورأس مالها الحقيقي المستثمر في سنتي النزاع بالمبالغ التي ارتأتها. وأقام المطعون عليهما الأول والثالث ومورث الباقين الدعوى رقم 27 سنة 1951 كلي أمام محكمة دمنهور الابتدائية ضد الطاعنين وطلبوا الحكم أولاً - أصلياً - ببطلان قرار لجنة التقدير سالف الذكر بالنسبة للمدعي الأول (المطعون عليه الأول) لعدم إعلانه بتقدير اللجنة بخطاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول. ثانياً - ببطلانه بالنسبة للمدعين الثاني والثالث (المطعون عليه الثالث ومورث الباقين) لعدم اتخاذ إجراءات الربط والتقدير في مواجهتهما - واحتياطياً - باعتبار أرباح الشركة في سنتي النزاع مبلغ... وأن رأس مالها الحقيقي المستثمر مبلغ... مع إلزام مصلحة الضرائب بالمصاريف ودفعت مصلحة الضرائب الدعوى - أصلياً - بعدم جواز نظرها لسبق الفصل فيها - واحتياطياً بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد وعلى سبيل الاحتياط الكلي رفض الطعن وتأييد قرار اللجنة... وبتاريخ 29/ 5/ 1957 قضت المحكمة: أولاً - بعدم قبول الطعن المقدم من الطاعن الأول (المطعون عليه الأول) شكلاً لتقديمه بعد الميعاد وألزمت الطاعن المذكور بالمصاريف. ثانياً - رفض الدفع بعدم قبول طعن الطاعنين الثاني والثالث (المطعون عليهم الثالث ومورث الباقين) شكلاً وبقبوله. ثالثاً - برفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بالنسبة للطاعنين الثاني والثالث. رابعاً - في موضوع طعن الطاعنين المذكورين ببطلان قرار لجنة التقدير الصادر بجلسة 26/ 8/ 1950 وما ترتب عليه من آثار وألزمت مصلحة الضرائب بالمصاريف ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة للطاعنين الثاني والثالث. واستأنفت مصلحة الضرائب هذا الحكم بالاستئناف رقم 107 سنة 3 ق تجاري أمام محكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاءه فيما قضى به لصالح المطعون عليهم عدا الأول... ودفع المستأنف عليهم (المطعون عليهم الأول والأخير ومورث الباقين) ببطلان إعلان صحيفة الاستئناف استناداً إلى القول بمخالفة مصلحة الضرائب في إجراءات هذا الإعلان لأحكام المواد 379 و380 و381 من قانون المرافعات. لأنها أعلنتهم بصحيفة الاستئناف في مكتب الأستاذ صالح بكتاش باعتباره المحل المختار لهم بدلاً من إعلانها لهم شخصياً أو في موطنهم الأصلي أو في محلهم المختار المبين في ورقة إعلان الحكم وهو مكتب الأستاذ بسيوني علي بشارة وبتاريخ 9/ 2/ 1958 قضت المحكمة بقبول الدفع وببطلان إعلان صحيفة الاستئناف وألزمت المستأنفة (مصلحة الضرائب) بمصاريف الاستئناف ومبلغ 500 قرش مقابل أتعاب المحاماة وطعنت الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 22/ 11/ 1961 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وعند نظره أمامها بجلسة اليوم صمم الطاعنان على طلب نقض الحكم وقدم المطعون عليهم مذكرة طلبوا فيها رفض الطعن، وأصرت النيابة على طلب نقض الحكم.
ومن حيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه أنه إذ أقام قضاءه ببطلان إعلان صحيفة الاستئناف على ما ذهب إليه من أن الطاعنين بصفتهما أعلنا تلك الصحيفة في موطن المحامي الذي باشر الدعوى أمام محكمة أول درجة مع أن موطن هذا الوكيل لا يقيد به إلا بالنسبة لدرجة التقاضي الموكل هو فيها قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور - ذلك أن الأصل المقرر في أحوال بطلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في الإعلان أو في بيان المحكمة أو تاريخ الجلسة أو عدم مراعاة مواعيد الحضور أن حضور المعلن إليه يزيل البطلان وفقاً لحكم المادة 140 مرافعات - والثابت من محضر جلسة 7/ 12/ 1957 وهي أول جلسة نظر فيها الاستئناف أنه قد حضر كل من الأستاذين بسيوني علي بشارة وصالح بكتاش عن المستأنف عليهم (المطعون عليهم) وقد تمسكت مصلحة الضرائب في دفاعها بأن هذا الحضور يزيل البطلان المدعي به على فرض حصوله ولكن الحكم المطعون فيه سكت عن الرد على هذا الدفاع الجوهري.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه بقبول الدفع ببطلان صحيفة الاستئناف على ما قرره من أن مصلحة الضرائب لم تسلك الطريق القانوني في إعلان المطعون عليهم بصحيفة الاستئناف إذ أعلنتهما لمكتب الأستاذ صالح بكتاش المحامي الذي كان وكيلاً عنهم أمام محكمة أول درجة ولم يتخذوا مكتبه محلا ًمختاراً لهم في ورقة إعلان الحكم الابتدائي ثم رتب الحكم على ذلك سقوط الاستئناف لفوات ميعاده وأن هذا الميعاد باعتباره من مواعيد السقوط يتعلق بالنظام العام ويجوز للخصم إبداء الدفوع الخاصة به في أية حالة كانت عليها الدعوى. ومؤدي هذا أن الحكم المطعون فيه اعتبر عيب الإعلان بمثابة عدم الإعلان ورتب على ذلك سقوط الاستئناف على ما بين الحالتين من اختلاف في النتيجة المترتبة على أثر كل منهما ولما كان بطلان إعلان أوراق التكليف بالحضور لعيب في إجرائه غير متعلق بالنظام العام كما هو مستفاد من نص المادة 140 من قانون المرافعات وما جاء بالمذكرة التفسيرية لهذا القانون في هذا الصدد. وكان الإجراء القابل للإبطال من الجائز قانوناً أن تلحقه الصحة فمتى زال هذا البطلان صار الإجراء معتبراً صحيحاً من وقت صدوره. وكان الثابت من بيانات الحكم المطعون فيه ومن الصورة الرسمية لمذكرة الطاعنين المقدمة بدفاعهما أمام محكمة الاستئناف أنهما تمسكا فيها بأن حضور الأستاذين بشارة علي بسيوني وصالح بكتاش عن المطعون عليهم في أول جلسة تحددت لنظر الاستئناف وهي جلسة 7/ 12/ 1957 يزيل العيب الذي لحق إعلان صحيفة الاستئناف وفقاً لحكم المادة 140 من قانون المرافعات. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه التفت عن هذا الدفاع الجوهري الذي قد يترتب على الأخذ به تغيير وجه الفصل في الدفع فإنه يكون قد عاره قصور في التسبيب يستوجب نقضه دون حاجة لما أثاره الطاعنان في السبب الثاني.

الطعن 133 لسنة 28 ق جلسة 23 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 17 ص 147

جلسة 23 من يناير سنة 1963

برياسة السيد/ محمد فؤاد جابر نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد زعفراني سالم، وأحمد زكي محمد، وأحمد أحمد الشامي، وقطب عبد الحميد فراج.

----------------

(17)
الطعن رقم 133 لسنة 28 القضائية

ضرائب. "ضريبة الأرباح الاستثنائية". "وعاء الضريبة". "تحديد الربح الاستثنائي الخاضع للضريبة". "اختيار رقم المقارنة".
تحديد الربح الاستثنائي الخاضع للضريبة. المادتان 2 و3 من القانون رقم 60 لسنة 1941 اختيار رقم المقارنة. عدم استعمال الممول حقه في اختيار رقم المقارنة حتى انتهاء الميعاد المحدد بالقرار الوزاري رقم 22 لسنة 1942 يترتب عليه سقوط حقه في الاختيار.

----------------
بينت المادة الثانية من القانون رقم 60 لسنة 1941 كيفية تحديد الربح الاستثنائي الخاضع للضريبة بإتباع إحدى الطريقتين: (1) إما ربح سنة يختارها الممول في السنوات 1937 و 1938 و1939 أو السنوات المالية للمنشأة التي انتهت خلال السنوات المذكورة. (2) وإما 12% من رأس المال الحقيقي المستثمر فإذا لم يكن للممول رأس مال أو كان رأس ماله يقل عن ثلاثة آلاف جنيه اعتبر هذا الرقم رأس مال - على أن يكون اختيار إحدى الطريقتين المذكورتين كأساس للمقارنة متروك للممول بشرط أن تكون له حسابات منتظمة وأن يبلغ اختياره إلى مصلحة الضرائب طبقاً للأوضاع وفي المواعيد التي تحدد بقرار وزاري. فإذا لم يبلغ الممول اختياره في المواعيد المحددة فيحدد الربح الاستثنائي على أساس رقم المقارنة المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون ( م 3/1و3 ق 60 لسنة 1941). وإعمالاً للمادة الثالثة من القانون رقم 60 لسنة 1941 أصدر وزير المالية القرار الوزاري رقم 242 لسنة 1941 نص فيه على أنه لإمكان استعمال الحق المخول بمقتضى هذا القانون ينبغي أن يقدم الممول إلى مأمورية الضرائب الواقع في دائرة اختصاصها مركز أعماله طلباً في ميعاد لا يجاوز آخر نوفمبر سنة 1941 موضحاً به الطريقة التي يختارها من الطريقتين المنصوص عليهما في المادة الثانية من القانون - وقد امتد هذا الأجل بقرارات متوالية كان آخرها القرار رقم 22 لسنة 1942 الذي حدد يوم 15 فبراير سنة 1942 آخر ميعاد يجوز فيه للممول تقدم طلب اختيار رقم المقارنة. ولما كان يبين من الحكم المطعون فيه أن الشركة المطعون عليها من الممولين ذوى الحسابات المنتظمة وأنها لم تتقدم بطلب اختيار رقم المقارنة إلا بعد فوات آخر موعد حدده القانون لمباشرة هذا الحق فإن الحكم إذ قضى بعدم سقوط حق الشركة في اختيار رقم رغم فوات الميعاد المقرر قانوناً يكون قد خالف القانون ويتعين نقضه, ذلك أنه متى كان القانون قد حدد ميعاداً لاتخاذ إجراء معين فإنه يترتب على عدم مباشرة هذا الإجراء خلال هذا الميعاد سقوط الحق في مباشرته. (1)


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن مراقبة الضرائب المختصة أخطرت الشركة المطعون عليها في 18 / 10 / 1950 بوصفها من الممولين الخاضعين للضريبة الخاصة على الأرباح الاستثنائية المقررة بالقانون رقم 60 لسنة 1941 بالنموذج رقم 18 ضرائب متضمناً تحديد رأس مالها الحقيقي المستثمر في أول كل سنة من السنوات من 1940 إلى 1948 بالمبالغ التي تضمنها هذا النموذج. وردت الشركة على هذا الإخطار بأنها تتمسك بحقها في اختيار أرباحها عن سنة 1938 أساساً لرقم المقارنة عند تحديد أرباحها الاستثنائية وذلك بسبب قوة قاهرة منعتها من مباشرة هذا الحق في حينه وهى اعتقال الشركاء باعتبارهم من الرعايا الإيطاليين وخضوع الشركة للحراسة في الفترة من 12/ 6/ 1940 إلى 24/ 4/ 1948. ولما صممت مصلحة الضرائب على رأيها أحيل الخلاف إلى لجنة الطعن التي أصدرت بتاريخ 17/ 3/ 1951 قرارها بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بسقوط حق الشركة في الاختيار تأسيساً على فوات ميعاد هذا الاختيار وأن اعتقال الشركاء ووضع الشركة تحت الحراسة لا يعتبران من قبيل القوة القاهرة التي تجعل مباشرة الشركة لحق الاختيار أمر مستحيلاً. طعنت الشركة على هذا القرار بالدعوى رقم 213 سنة 1951 تجارى كلي أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية وطلبت الحكم بعدم سقوط حقها في اختيار أرباح سنة 1938 كرقم للمقارنة عند تحديد الأرباح الاستثنائية وبتاريخ 16/ 11/ 1954 قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع رفضه وتأييد القرار المطعون فيه... وأقامت المحكمة قضاءها على أن المادة 3/3 من القانون رقم 60 سنة 1941 نصت على أنه إذا لم يبلغ الممول اختياره في المواعيد المحددة حدد الربح الاستثنائي على أساس رقم المقارنة المنصوص عليه في الفقرة الثانية وحدها مما يفيد سقوط حق الممول في الاختيار إذا تجاوز الميعاد المحدد - وأن الحراسة التي فرضت على الشركة لم تكن إلا إجراء تحفيظاً الغرض منه تلافي الخطر الذي يهدد كيان المنشأة ولا يفيد أكثر من حبسها في يد الحارس الذي تدخل ممارسته لحق اختيار رقم المقارنة في صميم عمله في إدارة المنشأة والمحافظة على أموالها... فاستأنفت الشركة هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 425 سنة 11 ق بمحكمة استئناف الإسكندرية طالبة إلغاء الحكم المستأنف والقضاء لها بطلباتهم أمام محكمة أول درجة. وبتاريخ 15/ 12/ 1957 قضت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم للشركة المستأنفة (المطعون عليهم) بعدم سقوط حقها في اختيار أرباحها عن سنة 1938 كأساس للمقارنة عند تحديد الأرباح الاستثنائية مع إلزام مصلحة الضرائب بالمصاريف عن الدرجتين ومبلغ 500 قرش أتعاب المحاماة. طعنت مصلحة الضرائب في هذا الحكم بطريق النقض - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 27/ 1/ 1962 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وعند نظره أمامها بجلسة اليوم صممت الطاعنة على طلب نقض الحكم للسبب المبين بتقرير الطعن كما أصرت النيابة على طلب نقض الحكم ولم تحضر المطعون عليها ولم تبد دفاعاً ما.
ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه أنه إذ أقام قضاءه بعدم سقوط حق الشركة المطعون عليها في اختيار أرباحها عن سنة 1938 كأساس للمقارنة عند تحديد أرباحها الاستثنائية استناداً إلى ما ذهب إليه أن التعديلات التي أدخلتها المصلحة على إقرارات الشركة عن رأسمالها الحقيقي المستثمر في أول كل سنة من السنوات عن 1940 إلى 148 وإن كان لا يعني إهدار نظامية حسابات الشركة عن السنوات المذكورة إلا أنه يفتح ميعاداً اختيار رقم المقارنة أمامها عند إخطارها بالتعديلات سالفة الذكر طبقاً للقواعد التي تضمنها القرار الوزاري رقم 32 لسنة 1944 وأن المواعيد المنصوص عليها في المادة الثالثة من القانون رقم 60 لسنة 1941 والقرارات الوزارية المكملة له والخاصة باختيار رقم المقارنة ليست مواعيد سقوط وإنما هي مواعيد تنظيمية لا يترتب على مخالفة الممول لها سقوط حقه في الاختيار - إذ أقام الحكم قضاءه على هذا النظر قد أخطأ في تطبيق القانون - ذلك أن الحكم المطعون فيه بعد أن قرر أن الشركة المطعون عليها من طائفة الممولين ذوي الحسابات المنتظمة عاد وطبق عليها بشأن اختيار رقم المقارنة القواعد المنصوص عليها في القرار الوزاري رقم 32 لسنة 1944 والخاصة بالممولين ذوى الحسابات غير المنتظمة مع أن المستفاد من نصوص القانون رقم 60 لسنة 1941 ولائحته التنفيذية والتعديلات الطارئة عليه والقرارات الوزارية المكملة له أنها فرقت في شأن حق الاختبار ومواعيده وشرائطه وأوضاعه بين طوائف الممولين ذوى الحسابات المنتظمة وغيرهم ممن ليست لهم حسابات منتظمة إذ يبين منها أن الشارع قصر حق الاختيار على ذوى الحسابات المنتظمة وحدهم وحددت لهم القرارات الوزارية مواعيد الاختيار وأوضاعه بحيث تنتهي في 15/ 2/ 1942 وإلا سقط حقهم وحدد ربحهم على أساس 12% من رأس المال. ومتى كان القانون قد حدد ميعاداً لاتخاذ إجراء معين فإنه يترتب على عدم مباشرة هذا الإجراء خلاله سقوط الحق في مباشرته بعد ذلك - أما الممولين الذين ليست لهم حسابات منتظمة فلم يكن لديهم وقت صدور القانون رقم 60 لسنة 1941 حق اختيار رقم المقارنة إذ كان الرقم بقدر على أساس 12% من رأس المال ثم صدر بشأنهم القانون رقم 87 لسنة 1943 فحولهم نوعاً آخر من الاختيار وذلك بما قضى به من إضافة فقرة جديدة إلى المادة الثالثة من القانون رقم 60 لسنة 1941 وذلك إما باختيار أرباح سنة 1939 كأساس للمقارنة أو سنة الممول المالية المنتهية خلالها كما قدرتها واعتبرتها مصلحة الضرائب وإما بالطريقة المنصوص عليها في الفقرة "ثانياً" من المادة الثانية وذلك طبقاً للأوضاع والمواعيد التي تحدد بقرار وزاري وإلا حدد الربح الاستثنائي على أساس رقم المقارنة المنصوص عليه في الفقرة الثانية وحدها - وقد صدر القرار الوزاري رقم 32 لسنة 1944 وحدد نهاية مارس سنة 1944 آخر ميعاد لاختيار رقم المقارنة بالنسبة لهذه الطائفة من الممولين.
وحيث إن هذا النعي في محله - ذلك أن المادة الثانية من القانون رقم 60 لسنة 1941 وعلى ما جري به قضاء هذه المحكمة بينت كيفية تحديد الربح الاستثنائي الخاضع للضريبة بإتباع إحدى الطريقتين: 1 - إما ربح سنة يختارها الممول في السنوات 1937 و1938 و1939 أو من السنوات المالية للمنشأة التي انتهت خلال السنوات المذكورة - 2 - وإما 12% من رأس المال الحقيقي المستثمر فإن لم يكن للممول رأس مال وكان رأس ماله يقل عن ثلاثة آلاف جنيه اعتبر هذا الرقم رأس مال - وقد نصت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من هذا القانون على أن يكون اختيار إحدى الطريقتين المذكورتين كأساس للمقارنة متروكاً للممول بشرط أن تكون له حسابات منتظمة وأن يبلغ اختياره إلى مصلحة الضرائب طبقاً للأوضاع وفي المواعيد التي تحدد بقرار وزاري - ونصت الفقرة الثالثة من المادة المذكورة على أن الممول إذا لم يبلغ اختياره في المواعيد فيحدد الربح الاستثنائي على أساس رقم المقارنة المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة الثانية من القانون المشار إليه - وإعمالاً للمادة الثالثة من القانون رقم 60 سنة 1941 المشار إليه أصدر وزير المالية القرار الوزاري رقم 242 سنة 1941 نص فيه على أنه لإمكان استعمال الحق المخول للمولين بمقتضى هذا القانون ينبغي أن يقدم الممول إلى مأمورية الضرائب الواقع في دائرة اختصاصها مركز أعماله طلباً في ميعاد لا يجاوز آخر نوفمبر سنة 1941 موضحاً به الطريقة التي يختارها من الطريقتين المنصوص عليهما في المادة الثانية من القانون المشار إليه - وقد امتد هذا الأجل بقرارات متوالية كان آخرها القرار رقم 22 سنة 1942 الذي حدد يوم 15 فبراير سنة 1942 آخر ميعاد يجوز فيه للممول تقديم طلب اختيار رقم المقارنة ولما كان يبين من الوقائع التي أوردها الحكم المطعون فيه أن الشركة المطعون عليها من الممولين ذوي الحسابات المنتظمة - وأنها لم تتقدم بطلب اختيار رقم المقارنة إلا بعد فوات آخر موعد حدده القانون لمباشرة هذا الحق وهو يوم 15 فبراير سنة 1942 - ومتى كان القانون قد حدد ميعاداً لاتخاذ إجراء معين فإنه يترتب على عدم مباشرة هذا الإجراء خلال هذا الميعاد سقوط الحق في مباشرته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه إذ قضى بعدم سقوط حق الشركة المطعون عليها في اختيار رقم المقارنة رغم فوات الميعاد المقرر قانوناً فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين لذلك نقضه.


(1) راجع الطعن رقم 291 لسنة 25 ق س 11 ع قاعدة 16 ص 106 جلسة 4/ 2/ 1960, الطعن رقم 349 لسنة 24 ق س 10 ع 1 قاعدة 27 جلسة 26/ 2/ 1959 ص 178.

الطعن 2343 لسنة 32 ق جلسة 25 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 134 ص 1290

جلسة 25 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ محمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ومحمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجي – المستشارين.

------------------

(134)

الطعن رقم 2343 لسنة 32 القضائية

(أ) دعوى - طلبات في الدعوى - تجهيل الطلبات - معناه
تجهيل الطلبات إنما يعني أن تكون طلبات المدعي غير محددة أو قابلة للتحديد بمعنى أن يكون المدعي قد أغفل على نحو جسيم يستحيل معه لغة وعقلاً ومنطقاً على المحكمة أن تحدد على أساس سليم حقيقة ما يستهدف المدعي تحقيقه من دعواه وما يطلب منها القضاء به من طلبات وسنده القانوني في طلبها - تطبيق.
(ب) دعوى - طلبات في الدعوى - تكييف الطلبات - 

سلطة المحكمة تحديد طلبات المدعي وتكييف حقيقة طبيعتها القانونية أمر مرجعه إلى المحكمة - على المحكمة أن تتعمق ما يحدده الخصوم في المنازعة الإدارية من طلبات وأسانيد قانونية لها لتصل إلى التكييف السليم والصحيح لحقيقة هذه الطلبات - إذا كان تكييف الطلبات يصدق بالنسبة لكل دعوى أو منازعة فإنه أولى بالالتزام والتطبيق في المنازعات المتعلقة بتسوية مرتبات أو معاشات أو المستحقات سواءً للموظفين العموميين أو لغيرهم - أساس ذلك: المركز القانوني محل المنازعة بخصوص هذه المنازعات منشأه القانون مباشرة دون أي تقدير للسلطة الإدارية المختصة - تطبيق.
(جـ) قوات مسلحة - مجندون بها - الوفاة أثناء الخدمة - الحقوق التأمينية (خدمة عسكرية ووطنية)
القانون رقم 90 لسنة 1975 بإصدار قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة.
وفاة المجند أثناء الخدمة وبسببها ترتب الحق للمستحقين عنه في الحصول على كافة مستحقات التأمينية - الاستحقاق الذي قدره القانون للمستحقين عن المجند المتوفى بسبب الخدمة إنما قدره القانون بمراعاة ظروف مخاطر الخدمة العسكرية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 29 من مايو سنة 1986 أودع الأستاذ سليم عليوه المسلمى المحامي عن كل من....... و........ قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 2343 لسنة 32 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 30 من مارس سنة 1986 في الدعوى رقم 2744 لسنة 38 القضائية القاضي بالنسبة لطلب التعويض بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً، وبالنسبة للشق من الدعوى الخاص بالمطالبة بالمستحقات القانونية ببطلان صحيفة الدعوى وإلزام المدعيين المصروفات.
وطلب الطاعنان - للأسباب الواردة بتقرير طعنهما - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بأن تدفع للطاعنين مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض مع إلزامها بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده بصفته على الوجه المبين بالأوراق.
وقدم الأستاذ المستشار عادل الشربيني مفوض الدولة تقرير هيئة مفوضي الدولة الذي ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً مع إلزام الطاعنين المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 15 من أكتوبر سنة 1990، وتداولت المحكمة نظر الطعن بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها، وبجلسة 18 مارس سنة 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة حيث نظرت الطعن بجلسة 13 من إبريل سنة 1991، وفيها قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم السبت الموافق 25 من مايو 1991، حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه فور النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، والمداولة.
من حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل في أنه في الثامن من مارس سنة 1984 أقام الطاعنان الدعوى رقم 2744 لسنة 38 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة العقود - والتعويضات) بطلب إلزام وزير الدفاع بصفته بأن يدفع لهما عشرة آلاف جنيه كتعويض مع جميع المستحقات القانونية طبقاً للقوانين والقرارات الصادرة بشأن الأفراد العسكريين مع إلزامه بالمصروفات.
وقال المدعيان شرحاً لدعواهما أنه في 11 مارس سنة 1982 أثناء تواجد ابنهما المجند مؤهلات متوسطة (أسامة عبد الفتاح) ضمن أفراد الكتيبة 417 دفاع جوي بالقوات المسلحة، عين ضمن أفراد الوحدة في مأموريات للعمل في إزالة الرمال من على الطريق المؤدي إلى الموقع الحربي للكتيبة بمنطقة خزان أسوان، وأثناء عودتهم إلى الوحدة ولإزالة الأتربة العالقة بأجسامهم وملابسهم لم يجدوا ماء بالوحدة فاستأذنوا من النقيب/ ....... أحد رؤساء الوحدة للذهاب إلى المستعمرة المجاورة للمعسكر والتي يختلط فيها العسكريون والمدنيون للاغتسال، إلا أن الرقيب المعين للإشراف عليهم تخلف عن مرافقتهم دون أن يوجد من يخلفه للإشراف على الجنود ولما وجدوا المستعمرة مزدحمة - وبناء على توجيه أحد المدنيين - توجه تسعة جنود للاغتسال إلا أن ابن المدعيين أراد الاستحمام بالنهر فغرق.
وأضاف المدعيان أن غرق ابنهما كان بخط الوحدة، إذ كان عليها أن توفر لهم ما يلزمهم من المياه، وما كان للنقيب أن يسمح لهم بالذهاب إلى المستعمرة، وما كان للرقيب المشرف عليهم أن يتركهم دون وضع مراقبة على شاطئ النيل، كما أن ابن المدعيين اضطر إلى النزول بمياه النيل لوجود ازدحام شديد على (حنفية) المستعمرة، وذلك بشهادة الشهود، ولما كان خطأ الوحدة قد استغرق خطأ المتوفى، وقد لحق بالمدعيين ضرر مادي ومعنوي من جراء وفاة ابنهم وهو في ريعان شبابه، ومن ثم يستحقان التعويض المطالب به.
وأودع المدعيان تأييداً للدعوى صورة من مذكرة قائد الكتيبة والتحقيق الذي تم بالوحدة، والتحقيق الذي تم بمكتب التحقيقات، ونموذج خدمة المتوفى بالقوات المسلحة. وطلبت جهة الإدارة الحكم برفض الدعوى لأن خطأ المدعي (الطاعن) كان هو السبب الجوهري في حدوث الوفاة، ومن ثم فلا مسئولية على المدعى ضده بصفته.
وبجلسة 30 من مارس سنة 1986 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه، برفض طلب التعويض وببطلان صحيفة الدعوى بالنسبة لطلب المستحقات القانونية.
وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة إلى بطلان صحيفة الدعوى على التجهيل والعمومية وأقامت قضاءها بالنسبة إلى رفض طلب التعويض على أن الأحداث الثابتة بالأوراق ودعوى المدعي لم تكن السبب المباشر في وفاة نجل المدعيين ذلك أن التصريح الصادر لأفراد الوحدة لم يكن بالذهاب إلى مياه نهر النيل، وإنما إلى مياه صنبور المستعمرة المجاورة وقد خالف نجل المدعيين التعليمات وانسلخ مع بعض زملائه عن باقي أفراد الوحدة وذهب إلى نهر النيل، ولم يكتف بغسل ملابسة والاغتسال، بل انفرد بالاستحمام في مجرى النهر فجرفه التيار، وكان ذلك نتيجة خطئه الذي يكون سبباً أجنبياً من تحقيق مسئولية الجهة الإدارية.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ إذ نفى خطأ جهة الإدارة، في حين أن الثابت أن نجل الطاعنين لم يسع إلى مصدر للمياه بمجرى النيل إلا بعد أن تكشف عدم وجود مياه بالمعسكر مع وجود ازدحام كبير على مصدر المياه بالمستعمرة التي وجهوا إليها، الأمر الذي كان معه مجرى النيل هو مصدر المياه المتاح الذي كان الالتجاء إليه تصرفاً طبيعياً في تلك الظروف، الأمر الذي ينفي توافر حالة القوة القاهرة، التي تفصم عري السببية بين خطأ جهة الإدارة والضرر المطالب بالتعويض عنه.
ومن حيث إن المدعيين قد أقاما دعواهما بطلبين أصليين ومحددين، أولهما أحقية المدعيين لتعويض مقداره عشرة آلاف جنيه، وثانيهما أحقيتهما في صرف مستحقات ابنهما المتوفى طبقاً لأحكام القانون رقم 90 لسنة 1975 وقرار رئيس الجمهورية رقم 433 لسنة 1981 بشأن التأمين الاجتماعي للضباط الاحتياط والمجندين بالقوات المسلحة باعتبار أن الوفاة كانت أثناء الخدمة وبسببها.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى في قضائه إلى الحكم بالنسبة لشق المطالبة بالمستحقات القانونية ببطلان صحيفة الدعوى، وقد أوردت المحكمة في حيثيات الحكم تسبيباً لهذا القضاء بقولها أن الدعوى "يشوبها التجهيل والعمومية بالنسبة للطلب الثاني فمن ثم تبطل صحيفة الدعوى بالنسبة للطلب الثاني لما يشوبه من تجهيل".
ومن حيث إن الحكم الطعين قد صدر مشوباً بخطأ بين في هذا الشق من قضائه ذلك أن تجهيل الطلبات إنما يعني أن تكون طلبات المدعي غير محددة أو قابلة للتحديد بمعنى أن يكون المدعي قد أغفل على نحو جسيم يستحيل معه لغة وعقلاً ومنطقاً على المحكمة أن تحدد على أساس سليم حقيقة ما يستهدف المدعي تحقيقه من دعواه وما يطلب منها القضاء به من طلبات، وسنده القانوني في طلبها، وذلك أن المستقر في قضاء هذه المحكمة أنه وإن كان للخصوم تحديد طلباتهم بالعبارات التي يصوغونها وفقاً لما يرونه محققاً لمصلحة كل منهم ويختارون لهذه الطلبات السند القانوني الذي يرونه أرجح في قبول القضاء لهم موضوعياً بهذه الطلبات فإن تحديد هذه الطلبات وتكييف حقيقة طبيعتها القانونية أمر مرجعه إلى المحكمة إذ عليها أن تتعمق في ما يحدده الخصوم في المنازعة الإدارية من طلبات وأسانيد قانونية لها - لتصل المحكمة إلى التكييف الصحيح لحقيقة هذه الطلبات وتنزل عليها أحكام القانون غير متقيدة بما أورده الخصم من عبارات أو ألفاظ لا تتحقق من خلال معناها الظاهر حقيقة نواياه وغاياته من المنازعة الإدارية وما صده منها ذلك أنه من المسلمات أن العبرة بالمقاصد والمعاني وليس بالألفاظ والمباني، وحيث إنه وإن كان ذلك يصدق كمبدأ عام بالنسبة لكل دعوى أو منازعة فإنه يكون الأولى بالالتزام والتطبيق في المنازعات المتعلقة بتسوية مرتبات أو معاشات أو المستحقات التأمينية سواءً للموظفين العموميين أو لغيرهم من المواطنين، حيث يكون المركز القانوني محل المنازعة منشأة أحكام القانون مباشرة دون أي تقدير للسلطة الإدارية المختصة وحيث يحدد القانون ذاته الشخص المستحق ومحل مركزه القانوني وحدوده ومداه فيكتفي لتكييف وتحديد طلبات الخصوم في مثل هذه المنازعة أن يحدد موضوع الطلب ويشير إلى سنده القانوني في القانون أو التشريع الذي يستند إليه في المطالبة به، ذلك لأن الالتزام من جهة الإدارة بتنفيذ أحكام القانون واحترامه أمر من أول واجباتها التي يلزمها به الدستور صراحة. وهو ذاته الذي تلتزم به السلطة القضائية وأحد هيئاتها مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري ويمثل منح المستحق لتسوية حقه فيها جانباً من الشرعية للنشاط الإداري يجعله من النظام العام الإداري، كما أن مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري يؤدي رسالة جليلة وعظيمة الشأن في حياة الدولة والمجتمع معاً فهو المسئول عن الشرعية والمشروعية وإقرار العدالة الإدارية، وحماية الحقوق العامة للمواطنين في إطار سيادة الدستور والقانون ويلتزم القاضي بأداء واجباته في نظر المنازعة ودراستها وتوجيه إجراءاتها بهذه الغايات الجليلة السباقة (المواد 64، 65 من الدستور) وهذا ما دعى المشرع إلى النص بصفة خاصة في المادة (68) من الدستور على حظر تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء وفي المادة (172) من الدستور أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية فلا يسوغ للقاضي الإداري أن يغفل استيفاء البيانات والمستندات واتخاذ ما يراه من إجراءات التحقق والتحقيق لو لزم الأمر لتحديد حقيقة طلبات الخصوم في المنازعة الإدارية لينزل عليها حكم القانون الصحيح وإلا كان متقاعساً عن أداء رسالته على النحو الأمثل في تحقيق المشروعية وسيادة القانون ولا شك أنه حسبما جرى قضاء هذه المحكمة واستقر ذلك فإن مجرد ذكر ما يطلبه المدعي يكفي في مجال منازعات التسويات بالذات لوضع الدعوى في حوزة العدالة حيث على المحكمة المختصة أن توجه الإجراءات لكي تفحص موضوع الدعوى وتمحصه وتحدد حقيقة الطلبات التي يهدف إليها الخصوم منها وتستجلي وقائعها وتحدد نقطة البحث القانوني التي تثيرها ومقطع النزاع فيها وتنزل حكم القانون عليها، لأن المحكمة في مجال المنازعة الإدارية والقضاء الإداري هي الأمينة على المشروعية وسيادة الدستور والقانون والمسئولة في هذا النطاق عن إرسائها وإعلائها ورفع رايتها، ومن ثم فهي ليست في حاجة إلى من يبرز أمامها تفاصيل الطلبات التي يستحقها المدعي من أحكام القانون مباشرة ولا عن التحديد التام للقاعدة القانونية الواجبة التطبيق على النزاع لأنه إذا كان المفروض في القاضي - كقاعدة عامة - العلم بالقانون، فإن المفروض في القاضي الإداري ليس فقط العلم بالقاعدة القانونية الواجبة التطبيق على الوقائع التي يستبينها بل المفروض فيه فضلاً عن ذلك أن يبادر إلى تطبيق صحيح أحكام القانون حسبما يحكمه مبدأ المشروعية ولو كان المدعي لم يحددها تحديداً دقيقاً أو إذا استند إلى قاعدة سواها لا تنطبق في شأن دعواه.
ومن حيث إن المدعيين في الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه قد حددا بوضوح تام أنهما يطلبان صرف المستحقات القانونية طبقاً لأحكام القانون رقم 90 لسنة 1975 بإصدار قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة، وهذا يعتبر تحديداً سليماً كافياً ومغنياً عن أي إيضاح من جانب المدعيين لطلبهما، ذلك أن هذه المطالبة في الصورة المقبولة أمام القضاء الإداري وفقاً لما هو مستقر في قضاء مجلس الدولة المصري منذ بداية مباشرته لرسالته لإعمال صحيح حكم القانون في أية منازعة من منازعات التسوية على وجه الخصوص ومن ثم فإن طلبات المدعيين لم تقدم إلى محكمة أول درجة على وجه يمكن أن يوصف بالتجهيل، بل إن الحكم الذي يضفي على هذا الطلب وصف التجهيل إنما ينطوي على خروج على المبادئ العامة الحاكمة لإجراءات نظر المنازعة الإدارية ودعاوى التسويات بوجه خاص أمام محاكم مجلس الدولة على غير سند من القانون وبما ينحدر إلى حد يقارب السقوط في هوة إنكار العدالة لما ينطوي عليه هذا المسلك من الحكم من تسلب من الفصل في الدعوى دون مسوغ - حيث ينطوي مسلك ومنهج الحكم الطعين على مخالفته لقاعدة دستورية نص عليها دستور جمهورية مصر العربية في المادة (68) بتقرير أن "التقاضي حق مصون ومكفول للناس كافة، لكل مواطن الالتجاء إلى قاضيه الطبيعي" بل إنه ينطوي على مخالفة للمادة الثامنة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة وأعلنته في العاشر من ديسمبر سنة 1948 والذي ينص على أن "لكل شخص الحق في أن يلجأ إلى المحاكم الوطنية لإنصافه من أعمال فيها اعتداء على الحقوق الأساسية التي يمنحها له القانون وينص في المادة العاشرة على أن "لكل إنسان الحق على قدم المساواة التامة مع الآخرين في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة ونزيهة نظراً عليناً للفصل في حقوقه والتزاماته".
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ خطأ بيناً وجسيماً إذ قضى بالنسبة لشق المطالبة بالمستحقات القانونية ببطلان صحيفة الدعوى، فإنه يكون واجب الإلغاء لهذا الشق من قضائه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد شيد قضاءه في شأن الشق الآخر من الدعوى الخاص بطلب المدعيين التعويض عن وفاة ابن المدعيين، برفض طلب التعويض تأسيساً على أنه لم يثبت الخطأ من جانب جهة الإدارة بما ينطوي على اعتبار أساس صلة جهة الإدارة بالحادث مستقاة فقط من قواعد المسئولية التقصيرية دون غيرها، حيث لم يبين الحكم أن صلة جهة الإدارة بالحادث مستقاة أيضاً من حكم القانون المنظم للعلاقة بين المجندين والقوات المسلحة أي أن مصدر التزامها عن تسوية نتائج الحادث وترتيب آثاره هو القانون كمصدر من مصادر الالتزام ويختلف هذا المصدر لا شك عن الفعل غير المشروع كمصدر آخر من مصادره.
ومن حيث إن المشرع ينص في القانون المدني (مادة 198) على أن "الالتزامات التي تنشأ مباشرة عن القانون وحده تسري عليها النصوص القانونية التي أنشأتها".
ومن حيث إنه تطبيقاً لذلك ولما كان المشرع قد حدد تشريعياً المستحقات التي تمنح للمستحقين عمن يتوفى بسبب الخدمة وذلك في قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة والصادر به القانون رقم 90 لسنة 1975 والذي نص في المادة (59) معدلة بالقانون رقم 114 لسنة 1987 على أن "يمنح المستحقون عمن يتوفى من المجندين بسبب الخدمة معاشاً مقداره عشرة جنيهات ما لم يكن المتوفى المفقود من المحتفظ لهم بوظائفهم المدنية، فيمنح المستحقون عنه معاشاً شهرياً يعادل خمسة أسداس أجره المدني".
وحيث إن مصدر التزام جهة الإدارة في مواجهة المستحقين عمن يتوفى من المجندين بسبب الخدمة هو نص القانون على النحو المتقدم، فإن مقتضى ذلك أن المشرع قد حدد التزامات جهة الإدارة في هذه الحالة بموجب القانون مباشرة ومن ثم فإنه لا يكون هناك وجه للقول بمسئولية جهة الإدارة عن ذات الحالة استناداً إلى مصدر آخر من مصادر الالتزام هو العمل غير المشروع، ما لم تكن وفاة المجند بسبب الخدمة قد نتجت عن تصرف أو عمل ينطوي على نوع من أنواع خطأ جهة الإدارة ينحدر إلى مستوى الخطأ العمدي أو الخطأ الجسيم، لأن الاستحقاق الذي قدره القانون للمستحقين عن المجند المتوفى بسبب الخدمة إنما قدره بمراعاة ظروف مخاطر الخدمة العسكرية التي يمكن أن يتعرض لها المجند بلا خطأ جسيم من جانب جهة الإدارة هو نتيجة لخطأ المرفق الممكن وقوعه في الأحوال واحتمالات الممارسة الجارية لنشاطه دون ظروف مخاطر الخدمة التي تشكل صورة الخطأ العمدي أو الخطأ الجسيم، إذ في هذه الحالة الأخيرة لا يكون التعويض وغيره من الحقوق التي قدرها وقررها المشرع كافية لتغطية الضرر الذي أصاب المستحقين عن المتوفى وإنما يكون ظرف العمد أو الخطأ الجسيم مقتضياً لتعويض مكمل لحجم الضرر الذي رتبه الخطأ الجسيم أو العمدي من جهة الإدارة إلى جانب ما قرره القانون للمستحقين من مستحقات، وذلك ما لم ينص القانون صراحة على غير ذلك.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد خالف مقتضى هذا النظر القانوني السليم ومن ثم فإنه يكون قد صدر معيباً واجباً الإلغاء.
وحيث إن الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه مهيأة للفصل فيها على مقتضى هذا النظر، ومن ثم فإنه وفقاً لما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من استهداف سرعة حسم المنازعة الإدارية وإقرار العدالة وتحقيق المشروعية وسيادة القانون، فإن هذه المحكمة العليا تتصدى للفصل في موضوعها.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق والتحقيقات المودعة ملف الدعوى أنه في يوم 2/ 5/ 1982 أراد قائد الكتيبة 417 تطهير الطريق المؤدي إلى موقع الكتيبة بعد أن غطته الرمال بطول 8.5 كيلو متر ولم يتمكن من رفع الرمال بالوسائل الميكانيكية لتتمكن السيارات من المرور به إلى الموقع فقرر تكليف مجموعة من الجنود برفع الرمال يدوياً، الأمر الذي أجهدهم ولوث ملابسهم مما جعلهم يطلبون إلى قائد الكتيبة مصدراً للمياه للاغتسال وغسل الملابس ولما كان الموقع يفتقر إلى الماء في ذلك اليوم فقد سمح لهم بالتوجه إلى مستعمرة قريبة للاغتسال من صنبور متاح وأرسل معهم لقيادتهم رقيباً متطوع إلا أن هذا الرقيب تركهم وذهب إلى المستشفى، فلما ورد الجنود ماء الصنبور وجدوا عليه زحاماً دفعهم إلى الاغتسال بشاطئ النهر وغسل ملابسهم به، وقد قام نجل الطاعنين منفرداً دون سواه بالاستحمام بالنيل دون معرفة السباحة الأمر الذي أدى إلى غرقه.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن سوء إدارة المرفق قد رتب عدم توفير وسائل ميكانيكية لإزاحة الرمال المنهالة على الطريق، وأن سوء هذه الإدارة قد رتب عدم توافر المياه اللازمة للاغتسال وغسل الملابس بعد عناء يوم طويل في إزاحة الرمال يدوياً كما أن سوء الإدارة وعدم الالتزام الصحيح بالضبط والربط قد جعل قائد المجموعة يتخلى عنها ويتركها دون رقابة قيادة مسئولة كان يمكن لها أن تحول دون اتجاه أفرادها إلى النهر، الأمر الذي يسر لابن المدعيين الانفلات إلى عرض النهر ووقوع حادث الغرق.
ومن حيث إن مؤدى ما تقدم جميعه أن ما أصاب ابن المدعيين كان بسبب الخدمة، الأمر الذي ينبغي معه أحقية المدعيين في المستحقات القانونية على هذا الأساس.
ومن حيث ما وقع من خطأ جهة الإدارة على هذا النحو لا ينحدر إلى مستوى الخطأ الجسيم الذي تنفرد به وحدها مع تابيعها لتحمل مسئوليته لأن الثابت بالأوراق أنه توجد تعليمات صريحة تحظر على الجنود الاستحمام أو الصيد أو غسل الأفرولات بالنيل، كما أن الثابت أن الإذن الممنوح لجماعة الجنود التي شملت ابن المدعيين كان للذهاب للاغتسال وغسل الملابس من مياه المستعمرة وليس بالالتجاء إلى شاطئ النهر فضلاً عن أن ابن المدعيين قد انفرد وحده دون سواه بركوب متن الشطط وبعدم الاكتفاء باستعمال مياه الشاطئ وإنما أمعن في خوض غمار الخطر والخطأ بأن نزل إلى عرض النهر فكان ما كان من وفاته غريقاً.
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم استحقاق المدعيين لما حدده القانون من حقوق ومراكز قانونية على أساس أن وفاة ابنهما المجند كانت بسبب الخدمة، وعدم استحقاقهما تعويضاً عن المسئولية التقصيرية إلى جانب ما تقدم.
ومن حيث إن من يخسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة (184) من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقية المدعيين في تسوية جميع المستحقات المعاشية والتأمينية طبقاً لأحكام قانون التقاعد والتأمين والمعاشات للقوات المسلحة رقم 90 لسنة 1975 على أساس أن وفاة ابنهما المجند كانت بسبب وأثناء الخدمة بالقوات المسلحة مع ما يترتب على ذلك من آثار على النحو المبين بالأسباب وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.

الطعن 370 لسنة 27 ق جلسة 17 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 16 ص 141

جلسة 17 من يناير سنة 1963

برياسة السيد المستشار/ الحسيني العوضي، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكري، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.

------------------

(16)
الطعن رقم 370 لسنة 27 القضائية

نزع الملكية للمنفعة العامة. تعويض."تقديره".
وجوب مراعاة قيمة الزيادة أو النقص في الجزء الذي لم تنزع ملكيته عند تقدير قيمة الجزاء المنزوعة ملكيته - على ألا يزيد المبلغ الواجب إسقاطه أو إضافته عن نصف القيمة التي يستحقها المالك (م 13 و14 ق 5 لسنة 1907). المقصود بزيادة القيمة هو ما يطرأ على قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته من تحسين بسبب أعمال المنفعة العامة سواء كان هذا التحسين قاصراً على هذا الجزء أو كان شاملاً لعقارات أخرى لم يؤخذ منها شيء للمنفعة العامة وسواء كانت هذه المنفعة مقصورة على المالك المنزوعة ملكيته وحده أم كان يشترك معه فيها آخرون.

----------------
تنص المادة 14 من قانون نزع الملكية للمنفعة العامة رقم 5 لسنة 1907 (التي يقابلها نص المادة 19 ق 577 لسنة 1954 الذي حل محل القانون السابق) على أنه إذا زادت أو نقصت قيمة الجزء الذي لم ينزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة العامة فيجب مراعاة هذه الزيادة أو النقصان على ألا يزيد المبلغ الواجب إسقاطه أو إضافته في أي حال على نصف القيمة التي يستحقها المالك. ولما كان في ورود هذا النص بصفة عامة ومطلقة تدل على أن ما قصد إليه الشارع من عبارة "زيادة القيمة" الواردة به هو ما يطرأ على قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته من تحسين بسبب أعمال المنفعة العامة سواء كان هذا التحسين قاصراً على هذا الجزء أو كان شاملاً لعقارات أخرى لم يؤخذ منها شيء لأعمال المنفعة العامة، فلا محل للقول بأن ما عناه النص هو المنفعة المقصورة على المالك المنزوعة ملكيته وحده والتي لا يشترك معه فيها آخرون إذ في هذا التفسير تخصيص للنص بما لا تحتمله عبارته. ومن ثم فالحكم المطعون فيه إذ رفض خصم ما طرأ من زيادة القيمة على الجزء الذي لم تنزع ملكيته من أرض المطعون عليه تأسيساً على أن المنفعة التي عادت من أعمال نزع الملكية كانت عامة ولم تقتصر على الجزء المذكور، يكون قد خالف القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليه أقام قبل الطاعنين الدعوى رقم 49 سنة 1951 كلي دمنهور الابتدائية طالباً إلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 880 ج ومقابل الانتفاع بالفدانين الموضحين بعريضة الدعوى من ديسمبر سنة 1949 حتى تاريخ الحكم - مع المصروفات - وبني المدعي دعواه على أن تفتيش ري البحيرة التابع لوزارة الأشغال استولى على فدانين من أطيانه عندما قام التفتيش بإنشاء المشروع المعروف باسم مسقة فاضل الجديدة وتم هذا الاستيلاء غصباً وقد ترتب على ذلك تعطيل انتفاعه بهذه الأطيان كما ترتب عليه إتلاف محصولاتها وإزالة كباس كان بها - وقدر المدعي تعويضه عن ذلك جميعه بالمبلغ المرفوعة به الدعوى - وذلك على أساس أن ثمن الفدان 400 ج وثمن المحصول التالف 40 ج وقيمة الكباس 40 ج - ومقابل الانتفاع بواقع ريع الفدان 30 ج في السنة - وطلب المدعى عليهما رفض الدعوى فيما زاد عن مبلغ 282 ج و732 م على أساس أن مساحة الأرض المستولى عليها هي 1 فدان و17 سهماً مقدرة قيمتها بواقع 250 ج للفدان وأن قيمة المحصول التالف هي 6 ج و354 م وقيمة الساقية مبلغ 19 ج وبتاريخ 1/ 4/ 1952 حكمت المحكمة: أولاً - بإلزام المدعى عليهما (الطاعنين) بأن يدفعا للمدعي (المطعون عليه) مبلغ 282 ج و732 م (وهو ما أقر به الطاعنان) والمصروفات المناسبة ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة. ثانياً - وقبل الفصل في باقي الطلبات بندب الخبير الزراعي بمكتب الخبراء لبيان القدر المستولى عليه وثمنه وقت الاستيلاء وما كان قائماً على الأطيان من زراعة وتقدير ثمنها وثمن الساقية والريع السنوي للجزء المستولى عليه بحسب أجر المثل - وقدم الخبير تقريراً انتهى فيه إلى أن مساحة المستولى عليه تبلغ فداناً و17 سهماً وقيمتها 308 ج و853 م - وقيمة التالف من الزراعة 6 ج و354 م وثمن الساقية 25 ج وقيمة الريع في السنوات من 1950 حتى 1954 مبلغ 121 ج و778 م - وأخذت المحكمة بتقرير الخبير وقضت في 13/ 10/ 1955 بإلزام المدعى عليهما متضامنين بأن يدفعا للمدعى مبلغ 179 ج و253 م والمصروفات المناسبة ومبلغ 300 قرش مقابل أتعاب المحاماة - وقد استأنف الطاعنان الحكم الأول في شقه الخاص بندب الخبير - والحكم الثاني بالاستئناف رقم 188 سنة 12 ق الإسكندرية - وبتاريخ 21/ 3/ 1957 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالنسبة للمبلغ المقتضي دفعه وإلزام المستأنفين متضامنين بأن يدفعا للمستأنف عليه (المطعون عليه) مبلغ 107 ج و582 م والمصاريف المناسبة عن الدرجتين وتأييد الحكم المستأنف فيما عدا ذلك مع المقاصة في أتعاب المحاماة عن الدرجة الاستئنافية - وقد طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للسبب المبين بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة على طلب نقض الحكم.
وحيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنين نعياً على الحكم المطعون فيه أنه رفض طلبهما الخاص باحتساب الزيادة التي عادت على باقي أرض المطعون عليه بسبب أعمال المنفعة العامة تطبيقاً للمادة 14 من القانون رقم 5 لسنة 1907 مقيماً قضاءه في ذلك على ما ذهب إليه من أن زيادة المنفعة الحاصلة للمطعون عليه هي من قبيل الزيادة العامة ذلك أن المشروع إذ أفاده من ناحية وأضره من ناحية أخرى فإن هناك آخرين قد استفادوا منه دون أن يلحق بهم ضرر ومثل هذه الزيادة للمطعون عليه - أي ما ناله من فائدة المشروع - ليست مما يجوز عدالة مساءلته عنها - واستطرد الحكم قائلاً إنه على فرض أن المطعون عليه استفاد بالمشروع في طريقة ريه الأصلية لما كفى ذلك لجواز إجراء المقاصة التي يطلبها الطاعنان وإنما كانت تلك المقاصة ممكنة لو أن المنفعة خصته وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه مخالف للقانون ذلك أنه يبين من صريح نص المادة 14 سالفة الذكر أن الشارع لم يفرق في تطبيق هذا النص بين الزيادة التي تعود على المجموع والزيادة التي تخص فرداً معيناً دون باقي الأفراد بل جاء النص عاماً - ومن المقرر أنه لا تخصيص للنص بغير مخصص - هذا فضلاً عن أن التفرقة التي قال بها الحكم تتعارض والغرض من قانون نزع الملكية (رقم 5 لسنة 1907) الذي قصد منه تحقيق المنفعة العامة للكافة حتى لو عادت المنفعة بالفعل على فئة من الأفراد أو أحدهم بالذات ممن نفذ المشروع في أرضهم.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنين طلبا أمام محكمة الاستئناف مراعاة خصم مقابل الزيادة في قيمة أرض المطعون عليه المترتبة على مشروع الري الذي نفذته الحكومة - وقد رفضت المحكمة هذا الطلب وردت عليه بقولها "إن زيادة المنفعة الحاصلة للمستأنف عليه هي من قبيل الزيادة العامة لأن المشروع إذا أفاده من ناحية وأضره من ناحية أخرى فإن هناك آخرين قد استفادوا منه فقط دون أن يلحق بهم أي ضرر ومثل هذه الزيادة للمستأنف عليه (أي ما ناله من فائدة المشروع) ليست مما يجوز عدالة في ظل ذلك القانون (قانون سنة 1907) مساءلته عنها - بل إنه لو فرض وكان هذا المستأنف عليه قد استفاد ميزة ما بالمشروع الحكومي علي طريقة ريه الأصلية لما كفي ذلك لجواز إجراء المقاصة التي يطلبها المستأنف عليه وإنما كانت تمكن تلك المقاصة لو أن المنفعة (خصته) فهذه وحدها هي ما تنطبق عليه المادة 14 من ذلك القانون" - ولما كانت المادة 14 من قانون نزع الملكية للمنافع العامة (رقم 5 لسنة 1907) - المنطبق على واقعة الدعوى - قد نصت على أنه "إذا زادت أو نقصت قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته بسبب أعمال المنفعة العمومية فيجب مراعاة هذه الزيادة أو هذا النقصان ولكن المبلغ الواجب إسقاطه أو إضافته لا يجوز أن يزيد في أي حال عن نصف القيمة التي يستحقها المالك بحسب أحكام المادة السابقة" - وقد جاء هذا النص بصيغة عامة مطلقة تدل على أن ما قصد إليه الشارع من عبارة زيادة القيمة الواردة بالنص هو ما يطرأ على قيمة الجزء الذي لم تنزع ملكيته من تحسين بسبب أعمال المنفعة العامة سواء كان هذا التحسين قاصراً على هذا الجزء أو كان شاملاً لعقارات أخرى لم يؤخذ منها شيء لأعمال المنفعة العامة - ومن ثم فلا محل للقول بأن ما عناه النص هو المنفعة المقصورة على المالك المنزوعة ملكيته وحده والتي لا يشترك معه فيها آخرون إذ في هذا التفسير تخصيص للنص بما لا تحتمله عبارته - يؤيد هذا النظر ما ورد في المذكرة الإيضاحية للقانون رقم 577 لسنة 1954 الذي حل محل القانون رقم 5 لسنة 1907 في تعليقها على المادة 19 من القانون الأول التي أوردت حكمها مماثلاً لحكم المادة 14 من القانون رقم 5 لسنة 1907 مع استثناء مشروعات التنظيم داخل المدن - إذ جاء في هذه المذكرة ما يلي "أن القانون رقم 5 لسنة 1907 قد قصر خصم مقابل التحسين الذي يعود على العقارات - نتيجة أعمال المنفعة العامة على الأجزاء الباقية من العقار الذي يؤخذ منه جزء للمشروع كما قصر ما يخصم مقابل ذلك التحسين بحيث لا يتجاوز نصف الثمن للجزء المأخوذ وفي هذا النص قصور كبير إذ أنه يخرج من تحمل مقابل التحسين للعقارات التي تستفيد من المشروعات العامة والتي لا يؤخذ منها أي جزء وبذلك يفوز ملاك هذه العقارات بالفائدة دون أن يتحملوا أي نصيب في التكاليف - كما أن الذين تؤخذ أجزاء من العقارات المملوكة لهم هم وحدهم الذين يخصهم منهم مقابل التحسين الذي يعود على باقي الملك وهذه التفرقة في المعاملة لا تتفق مع العدالة - لذا رؤى أن من العدالة التسوية بين جميع من يستفيدون من تنفيذ المشروعات العامة سواء دخلت أجزاء ممتلكاتهم في هذا التنفيذ أم لم تدخل. وقد قصرت هذه القاعدة على العقارات التي تؤخذ في مشروعات التنظيم في المدن" ومفاد ذلك أن المشرع قصد إعمال القاعدة التي نصت عليها المادة 14 من القانون رقم 5 لسنة 1907 سواء كان التحسين الذي ما عاد من تنفيذ المشروعات العامة قاصراً على العقارات التي أخذ جزء منها بسبب هذا التنفيذ أو شمل عقارات أخرى لم يؤخذ منها شيء - وإنه عند وضع القانون رقم 577 لسنة 1954 أقر المشرع هذا الوضع بالنسبة لنزع الملكية بسبب أعمال المنفعة العامة فيما عدا مشروعات التنظيم داخل المدن فقد خصها المشرع في القانون المذكور بحكم جديد يهدف إلى تحقيق المساواة بين جميع من يستفيدون من تنفيذ تلك المشروعات سواء دخلت أجزاء من ممتلكاتهم في هذا التنفيذ أم لم تدخل - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد رفض ما طلبته الطاعنة من خصم ما طرأ من زيادة القيمة على الجزء الذي لم تنزع ملكيته من أرض المطعون عليه تأسيساً على أن المنفعة التي عادت من أعمال نزع الملكية كانت عامة ولم تقتصر على الجزء المذكور فإنه يكون مخالفاً للقانون بما يستوجب نقضه في هذا الخصوص.

الطعن 3144 لسنة 36 ق جلسة 19 / 5 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 133 ص 1280

جلسة 19 من مايو سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب - نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو – المستشارين.

----------------

(133)

الطعن رقم 3144 لسنة 36 القضائية

(أ) نيابة إدارية - أعضاؤها - المعاش - (هيئات قضائية)
المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 - يعتبر نائب رئيس محكمة النقض ومن في درجته من أعضاء الهيئات القضائية في حكم الوزير ويعامل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير وذلك منذ بلوغه المرتب المقرر لرئيس محكمة النقض - يعتبر نائب رئيس محكمة الاستئناف ومن في درجته من أعضاء الهيئات القضائية في حكم درجة نائب الوزير ويعامل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير وذلك منذ بلوغه المرتب المقرر لنائب الوزير - تطبق القاعدتين المتقدمتين ولو كان بلوغ العضو المرتب المماثل إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جداول المرتبات المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976 - التعادل بين وظائف الوزراء ونواب الوزراء وبين شاغلي الوظائف القضائية يكون على أساس ما يتقاضوه من مرتبات فعلية دون الاعتداد ببداية المربوط المالي لهذه الوظائف أو بمتوسط ربطها - يؤكد ذلك: المادة (70) من قانون السلطة القضائية من تسوية معاش القاضي في جميع حالات انتهاء الخدمة على أساس آخر مربوط الوظيفة التي يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه أيهما أصلح له - نتيجة ذلك: تسوية معاش عضو الهيئة القضائية على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه ولو جاوز به نهاية مربوط الوظيفة التي كان يشغلها - تطبيق.
(ب) دعوى - قبولها - ميعاد رفعها بشأن قانون التأمين الاجتماعي.
لا يجوز رفع الدعوى بطلب تعديل الحقوق المقررة بقانون التأمين الاجتماعي بعد انقضاء سنتين من تاريخ الإخطار بربط المعاش بصفة نهائية - يستشف من هذا الحظر طلب إعادة تسوية هذه الحقوق بالزيادة نتيجة تسوية تمت بناء على قانون أو حكم قضائي نهائي.
طلب المدعي بإعادة تسوية معاش وفقاً لقرار المحكمة الدستورية العليا بالتفسير التشريعي رقم 3 لسنة 8 قضائية (تفسير) الصادر في 3/ 3/ 1990 لا يتقيد بميعاد السنتين المشار إليهما - أساس ذلك: الحجية المطلقة للتفسير الذي تصدره المحكمة الدستورية العليا بطبيعته الكاشفة العامة والمجردة وكونه ملزماً لسلطات الدولة ينزل منزلة التشريع والأحكام القضائية النهائية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 30/ 7/ 1990 أودع الأستاذ غبريال المحامي نائباً عن السيد/ ....... وكيل عام النيابة الإدارية سابقاً قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 3144 لسنة 36 قضائية طلب في ختامه الحكم بأحقيته في إعادة تسوية معاشه بأن يعامل المعاملة المالية المقررة لنائب الوزير من حيث المعاش المستحق وفقاً لقانون التأمين الاجتماعي من تاريخ بلوغه سن المعاش حتى 20/ 6/ 1980 مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
وقدم مفوض الدولة تقريراً بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بأحقية الطاعن في إعادة تسوية معاشه بأن يعامل المعاملة المالية المقررة لنائب الوزير وذلك من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير وفقاً لأحكام قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 اعتباراً من تاريخ بلوغه سن المعاش مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
ونظرت المحكمة الطعن بجلسة 31/ 3/ 1991 حيث حضر محامي الطاعن وقدم مذكرة بدفاعه كما حضر محامي الهيئة القومية للتأمين والمعاشات وقدم مذكرة بدفاعه الهيئة انتهى فيها إلى طلب الحكم أصلياً بعدم قبول الدعوى طبقاً للمادة 142 من القانون رقم 79/ 1975 لرفعها بعد انقضاء أكثر من سنتين من تاريخ الإخطار بربط المعاش، واحتياطياً الحكم برفض الطلب موضوعاً لأنه يشترط لربط المعاش المعادل لمعاش نائب وزير أن تكون وظيفة العضو وكيل أول نيابة إدارية ويتقاضى مرتباً مماثلاً لمرتب نائب الوزير وذلك طبقاً لتفسير المحكمة الدستورية العليا رقم 3 لسنة 1990، وقررت المحكمة بعد أن استمعت إلى ملاحظات ذوي الشأن إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.


المحكمة

من حيث إن الطاعن يطلب إعادة تسوية معاشه بمعاملته المعاملة التقاعدية المقررة لنائب الوزير من حيث المعاش المستحق وفقاً لقانون التأمين الاجتماعي مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية.
ومن حيث إن الطاعن يؤسس طعنه على أنه كان عضواً بهيئة النيابة الإدارية تدرج في وظائفها إلى أن رقي إلى وظيفة وكيل عام النيابة الإدارية في 17/ 7/ 1975 ووصل مرتبه في 1/ 1/ 1979 إلى مبلغ 168.750 جنيه شهرياً وهو ما يجاوز مرتب نائب الوزير في ذلك الوقت ثم زيد مرتبه إلى مبلغ 175 جنيه شهرياً من 1/ 1/ 1980، ثم أحيل إلى المعاش في 20/ 6/ 1980 لبلوغه السن المقررة لذلك وقد جاوز مرتبه مرتب الوكيل العام الأول بالنيابة الإدارية إعمالاً للقانون رقم 17 لسنة 1976 وهو ما كان مجاوز لمرتب نائب الوزير في ذلك الوقت، ومن ثم فإنه يستحق أن يعامل المعاملة المالية المقررة لنائب الوزير من حيث المعاش إعمالاً لقرار المحكمة الدستورية العليا رقم 3 لسنة 8 قضائية "تفسير"، وأضاف الطاعن أنه تقدم إلى الهيئة القومية للتأمين والمعاشات بطلب طبقاً لنص المادة 157 من قانون التأمين الاجتماعي رقم 79 لسنة 1975 لإعادة تسوية معاشه فردت الهيئة عليه بالرفض، ومن ثم انتهى الطاعن إلى طلب الحكم بطلباته السالفة.
ومن حيث إن الهيئة العامة للتأمين والمعاشات أسست دفاعها على أن الطعن مقام بعد مضي أكثر من سنتين على تاريخ الإخطار بربط المعاش الأمر الذي يكون معه غير مقبول طبقاً للمادة 142 من القانون رقم 79/ 1975 بإصدار قانون التأمين الاجتماعي، كما أن الطاعن لم يشغل منصب وكيل عام أول النيابة الإدارية المعادل لمنصب نائب الوزير طبقاً للقرار التفسيري رقم 3 لسنة 8 قضائية "تفسير" الصادر من المحكمة الدستورية العليا فلا يستحق معاملة نائب الوزير من حيث المعاش.
ومن حيث إنه عن الدفع بعدم قبول الطعن فإن المحكمة ترجى تناوله إلى ما بعد فحص الموضوع لارتباطه به.
ومن حيث إنه عن موضوع الطعن فإن المحكمة الدستورية العليا أصدرت في 3 مارس سنة 1990 القرار التفسيري رقم 3 لسنة 8 قضائية (تفسير) انتهت فيه إلى أنه "في تطبيق أحكام المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79/ 1975 يعتبر نائب رئيس محكمة النقض ومن في درجته من أعضاء الهيئات القضائية في حكم درجة الوزير ويعامل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير وذلك منذ بلوغه المرتب المقرر لرئيس محكمة النقض كما يعتبر نائب رئيس محكمة الاستئناف ومن في درجته من أعضاء الهيئات القضائية في حكم درجة نائب الوزير ويعامل معاملته من حيث المعاش المستحق عن الأجر الأساسي والمعاش المستحق عن الأجر المتغير وذلك منذ بلوغه المرتب المقرر لنائب الوزير، ولو كان بلوغ العضو المرتب المماثل في الحالتين إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جداول المرتبات المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976 بتعديل بعض أحكام قوانين الهيئات القضائية "وأشارت المحكمة الدستورية العليا في أسباب هذا القرار التفسيري أنه يبين من الاطلاع على قوانين التأمين والمعاشات - التي صدر في ظلها قانوناً السلطة القضائية السابقان رقم 56 لسنة 1959 ورقم 43 لسنة 1965 - أن المشرع عندما أراد أن يحدد الأساس الذي يقوم عليه التعادل بين وظائف الوزراء ونواب الوزراء وبين الوظائف الأخرى التي يفيد شاغلوها من الحد الأقصى للمعاش المقرر لكل من الوزراء ونواب الوزراء، قد أرسى هذا الأساس في قاعدة عامة منضبطة تعتد بالتماثل بين مرتب الوزير أو نائب الوزير والمرتب الذي يتقاضاه شاغلوا الوظائف الأخرى وقد ورد النص على هذه القاعدة في المادة 24 من القرار رقم 394 لسنة 1956 بإنشاء صندوق للتأمين والمعاشات والتي أوجبت ألا يجاوز المعاش حداً أقصى حددته بالنسبة لكل من "الوزراء ونواب الوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة" وقد حرص المشرع على ترك يد النص على هذه القاعدة في المادة 29 من قانون التأمين والمعاشات الصادر بالقرار بقانون رقم 36 لسنة 1960، كما أكد النص عليها مرة ثالثة في المادة 21 من قانون التأمين والمعاشات الصادر بالقرار بقانون رقم 50 لسنة 1963 التي حددت للمعاش حداً أقصى بالنسبة إلى "نواب الوزراء ومن يتقاضون مرتبات مماثلة" وبذلك يكون المشرع التأميني قد أفصح عن قصده في تحديد الأساس الذي يجري عليه التعادل بين وظائف الوزراء والوظائف الأخرى، وكان قصده في ذلك واضحاً صريحاً في الاعتداد بالمرتب الفعلي كأساس للتعادل بين هذه الوظائف في تطبيق أحكام قوانين المعاشات على اعتبار أن معيار المرتب المتماثل هو المعيار الأعدل الذي يحقق المساواة في المعاملة من حيث المعاش بين من يتقاضون مرتبات متماثلة وقد أطرد النص على هذه القاعدة في قوانين التأمين والمعاشات السابقة حتى غدت أمراً مسلماً وحكماً مقرراً لم يعد في حاجة إلى النص عليه وتوكيده، واستمرت قائمة ومنفذة وصدر في ظلها قانونا السلطة القضائية السابقان رقم 56 لسنة 1959 ورقم 43 لسنة 1965 اللذان كفلا لكبار رجال القضاء المعاملة "كل منهم معاملة من هو في حكم درجته في المعاش".... وإذ كانت معاملة كل من شاغلي الوظائف القضائية التي حددها النص "معاملة من هو في حكم درجته في المعاش ميزة مقررة لهم ظلت قائمة حتى صدر قانون التأمين الاجتماعي الحالي بالقانون رقم 79 لسنة 1975 واستمر العمل بها طبقاً للفقرة الأولى من المادة الرابعة من قانون إصداره على ما سلف البيان، فقد لزم إعمال التعادل وفقاً لحكمها بمفهومه الذي ثبت واستقر في قوانين المعاشات التي تقررت تلك الميزة في ظلها ما دام أن قانون التأمين الاجتماعي القائم لم يتضمن حكماً مغايراً، ومن ثم يجرى التعادل بين وظائف الوزراء ونواب الوزراء وبين شاغلي الوظائف القضائية على أساس ما يتقاضونه من مرتبات فعلية دون اعتداد ببداية المربوط المالي لهذه الوظائف أو بمتوسط مربوطها، ويؤيد ذلك أن المادة 70 من قانون السلطة القضائية الحالي تنص على تسوية معاش القاضي في جميع حالات انتهاء الخدمة على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب يتقاضاه أيهما أصلح له"..... مما مؤداه تسوية معاش عضو الهيئة القضائية على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه ولو جاوز به نهاية مربوط الوظيفة التي كان يشغلها نتيجة لانطلاقه بالمرتب في حدود مربوط الوظيفة الأعلى مباشرة إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جداول مرتبات أعضاء الهيئات القضائية المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976.... ولا يغير من ذلك أن قانون السلطة القضائية الحالي لم يخص بالمعاملة المقررة للوزير من حيث المعاش سوى رئيس محكمة النقص وكذلك رئيس محكمة استئناف القاهرة والنائب العام اللذين عوملا المعاملة المقررة لرئيس محكمة النقض من حيث المعاش طبقاً لما نص عليه جدول المرتبات الملحق بالقانون المشار إليه ذلك أن هذا القانون وإن خلا من النص على سريان تلك المعاملة الخاصة على نواب رئيس محكمة النقض ومن في درجتهم فإنه لم ينص كذلك على حرمانهم منها وإذ كانت الميزة المقررة لهم تقضي بمعاملة كل من هؤلاء من حيث المعاش معاملة من هو في حكم درجته أي من يتقاضى مرتباً مماثلاً لمرتبه، ومن ثم فكلما تحقق التماثل في المرتب بين ما هو مقرر لشاغل الوظيفة القضائية وإحدى الوظائف التي يعامل شاغلوها معاملة خاصة من حيث المعاش، حق لشاغل الوظيفة القضائية أن يعامل ذات المعاملة المقررة للوظيفة المعادلة على النحو السالف بيانه...".
ومن حيث إن مؤدى قرار المحكمة الدستورية العليا التفسيري السالف وفق ما أفصحت عنه أسبابه أنه يجري التعادل بين وظائف الوزراء ونواب الوزراء وبين شاغلي الوظائف القضائية على أساس ما يتقاضونه من مرتبات فعلية دون اعتداد ببداية المربوط المالي لهذه الوظائف أو بمتوسط ربطها يؤكد ذلك ما نصت عليه المادة 70 من قانون السلطة القضائية الحالي من تسوية معاش القاضي في جميع حالات انتهاء الخدمة على أساس آخر مربوط الوظيفة التي كان يشغلها أو آخر مرتب كان يتقاضاه أيهما أصلح له، مما مفاده تسوية معاش عضو الهيئة القضائية على أساس آخر مرتب كان يتقاضاه ولو جاوز به نهاية مربوط الوظيفة التي كان يشغلها إعمالاً لنص الفقرة الأخيرة من قواعد تطبيق جداول مرتبات أعضاء الهيئات القضائية المضافة بالقانون رقم 17 لسنة 1976، وهو ما ينطبق على الطاعن في خصوصية الواقعة المعروضة، إذ أن الثابت من المستندات وخاصة من بيان حالته الوظيفية الصادر من هيئة النيابة الإدارية أنه يشغل وظيفة وكيل عام النيابة الإدارية وقد تدرج في وظائفها حتى هذه الوظيفة وبلغ مرتبه اعتباراً من 1/ 1/ 1979 مبلغ 168.750 جنيه شهرياً ثم بلغ مرتبه اعتباراً من 1/ 1/ 1980 مبلغ 175 جنيه شهرياً وأحيل إلى المعاش اعتباراً من 20/ 6/ 1980 وعلى ذلك فإنه اعتباراً من 1/ 1/ 1979 أصبح الطاعن يتقاضى مرتباً يزيد عن نهاية ربط الوظيفة التي يشغلها ويتجاوز أيضاً الربط الثابت بوظيفة نائب الوزير والذي يبلغ 2000 جنيه سنوياً طبقاً للقانون رقم 223 لسنة 1953 وهو القانون المعمول به في الوقت الذي أحيل فيه الطاعن إلى المعاش بتاريخ 20/ 6/ 1980، ومن ثم فإنه يستحق المعاملة المالية المقررة لنائب الوزير من حيث المعاش وفق مقتضى القرار التفسيري السالف للمحكمة الدستورية العليا.
ومن حيث إنه لا يغير من ذلك أن مرتب نائب الوزير زيد بمقتضى القانون رقم 134 لسنة 1980 الصادر في 12/ 7/ 1980 إلى مبلغ 2250 جنيهاً والذي نص فيه على أن تسري هذه الزيادة اعتباراً من 1/ 7/ 1978، ذلك أن هذا القانون وقد صدر بعد إحالة الطاعن إلى المعاش فلا يؤثر سلباً في ما يستحقه الطاعن من معاش لأن العبرة هو بتاريخ تحقق الواقعة المنشئة لاستحقاق المعاش، وهو بلوغ الطاعن سن الإحالة إلى المعاش في هذا التاريخ ينبغي تحديد مستحقاته التقاعدية، فيكتسب حقاً فيها، ومركزاً قانوناً لا يجوز المساس به أو الانتقاض منه.
ومن حيث إنه وفقاً لما سلف فإن الطاعن يستحق في تاريخ إحالته إلى المعاش في 20/ 6/ 1980 المعاملة المالية المقررة لنائب الوزير من حيث المعاش تأسيساً على أن مرتبه الذي كان يتقاضاه في ذلك التاريخ كان يجاوز مرتب نائب الوزير وقتذاك، وهو مؤدى القرار التفسيري للمحكمة الدستورية العليا رقم 3 لسنة 8 قضائية (تفسير) الصادر في 3 من مارس 1990. ولما كان القرار التفسيري الذي تصدره المحكمة الدستورية العليا يصدر باسم الشعب وهو ملزم لجميع سلطات الدولة ولا يجوز الطعن عليه طبقاً للمواد 33 و44 و46 و48 و49 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا فإن هذا القرار ينزل منزلة التشريع ويضحى شأن مواده واجب التطبيق ويحوز ما للأحكام النهائية من حجية وقوة ويترتب على صدوره حتمية إعادة تسوية معاشات جميع المستفيدين به، لما له من أثر كاشف يرتد إلى تاريخ الاستحقاق، وقد قضت المادة 142، من قانون التأمين الاجتماعي المشار إليه على أنه لا يجوز رفع الدعوى بطلب تعديل الحقوق المقررة بهذا القانون بعد انقضاء سنتين من تاريخ الإخطار بربط المعاش بصفة نهائية إلا أنها استثنت من هذا الحظر طلب إعادة تسوية هذه الحقوق بالزيادة نتيجة تسوية تمت بناء على قانون أو حكم قضائي نهائي، ومن ثم فإنه وفقاً للحجية المطلقة للتفسير الذي تصدره المحكمة الدستورية العليا بطبيعته الكاشفة العامة والمجردة وكونه ملزم لسلطات الدولة ينزل منزلة التشريع والأحكام القضائية النهائية فإن طلب الطاعن بإعادة تسوية معاشه وفقاً للقرار التفسيري المشار إليه لا يتقيد بميعاد السنتين المشار إليه في المادة 142 بل أنه طبقاً لنص هذه المادة يستثنى من الحظر الذي أوردته مما يكون معه الدفع بعدم قبول الطعن لرفعه بعد الميعاد المشار إليه في هذه المادة غير مستند لأساس صحيح من القانون وخليقاً بالرفض.
ومن حيث إن المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي الصادر بالقانون رقم 79/ 1975 المعدلة بالقانون رقم 25 لسنة 1977 والقانون رقم 93 لسنة 1980 تنص على أنه "يسوى معاش المؤمن عليه الذي شغل منصب وزير أو نائب وزير على أساس آخر أجر تقاضاه بما لا يزيد على الحد الأقصى لأجر الاشتراك وفقاً للأتي:
أولاً: يستحق الوزير معاشاً مقداره 150 جنيه شهرياً ونائب الوزير معاشاً مقداره 120 جنيهاً شهرياً في الحالات الآتية:
1 - إذا بلغت مدة اشتراكه في تاريخ انتهاء خدمته كوزير أو نائب وزير عشرين سنة وكان قد قضى سنة متصلة على الأقل في أحد المنصبين أو فيهما معاً.
2 - إذا بلغت مدة اشتراكه في تاريخ انتهاء خدمته كوزير أو نائب وزير عشر سنوات وكان قد قضى سنتين متصلتين على الأقل في أحد المنصبين أو فيهما معاً.
3 - ........
ويستحق من لا تتوافر فيه المدد السابقة وكان قد قضى في أحد المنصبين أو فيهما مقامه ثلاث سنوات متصلة ثلثي المعاش المذكور.....
ثانياً: يسوى له معاش عن مدة اشتراكه في التأمين التي تزيد على المدد المنصوص عليها في (أولاً) ويضاف إلى المعاش المستحق وفقاً للبند المذكور على ألا يتجاوز مجموع المعاشين أجر الاشتراك الأخير.
ثالثاً: إذا لم تبلغ مدة الخدمة التي قضاها في هذين المنصبين أو إحداهما القدر المشار إليه بالبند (أولاً) استحق معاشاً يحسب وفقاً لمدة الاشتراك في التأمين وعلى أساس آخر أجر تقاضاه فإذا قل المعاش عن 25 جنيهاً خير بين المعاش أو تعويض الدفعة الواحدة، وتتحمل الخزانة العامة الفرق بين المعاش المحسوب وفقاً لهذه المادة والمعاش المحسوب وفقاً للنصوص الأخرى، واستثناء من المادتين (23، 27) تصرف المعاشات المستحقة وفقاً لهذا النص دون تخصيص ويستحق صرف تعويض الدفعة الواحدة فور انتهاء الخدمة في حالة اختياره".
ومن حيث إن الطاعن يستحق المعاملة المالية المقررة لنائب الوزير من حيث المعاش وفقاً لما سلف وقد توافرت بشأنه شروط انطباق المادة 31 من قانون التأمين الاجتماعي السالفة والتي كانت سارية وقت إحالته إلى المعاش في 20/ 6/ 1980، وقد بلغت مدة اشتراكه أكثر من أقصى مدة مشار إليها في هذه المادة، كما استمر يتقاضى المرتب المعادل لمرتب نائب الوزير - المقرر في هذا الوقت - قبل إحالته إلى المعاش لمدة تزيد على سنة متصلة، فإنه يتعين القضاء باستحقاقه معاش نائب الوزير المطالب به مع الفروق المالية المجمدة لمدة خمس سنوات فقط سابقة على تاريخ تظلمه إلى لجنة فض المنازعات المقدم في 12/ 4/ 1990, وذلك لسقوط الفروق المالية السابقة على الخمس سنوات المشار إليها بالتقادم الخمسي المسقط للمهايا والأجور وما في حكمها والذي استقرت أحكام هذه المحكمة على القضاء به طالما توافرت شرائطه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة: برفض الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً، وبقبوله، وفي الموضوع بأحقية المدعي في معاملته المعاملة المالية المقررة لنائب الوزير من حيث المعاش مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية اعتباراً من 12/ 4/ 1985.

الطعن 284 لسنة 27 ق جلسة 17 / 1 / 1963 مكتب فني 14 ج 1 ق 15 ص 136

جلسة 17 من يناير سنة 1963

برياسة السيد/ محمود عياد رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد الحميد السكري، ولطفي علي، وحافظ محمد بدوي.

-----------------

( 15 )
الطعن رقم 284 لسنة 27 القضائية

(أ) حكم. "الطعن في الأحكام". "القبول المانع من الطعن".
يشترط في القبول المانع من الطعن في الحكم أن يكون قاطع الدلالة على رضاء المحكوم عليه به بما لا يحتمل مجالاً للشك أو التأويل، مجرد إبداء الرغبة في تنفيذ حكم واجب التنفيذ لا يفيد الرضا به على وجه يرتفع معه الشك.
(ب) نقض. "تقرير الطعن". أشخاص اعتبارية. شركات.
الشركة المساهمة ذات شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية مديرها. توجيه الطعن إلى الشركة المساهمة باعتبارها الأصلية فيه المقصودة بذاتها في الخصومة دون ممثلها. ذكر اسمها المميز لها عن غيرها في تقرير الطعن بالنقض يكفي لصحته في هذا الخصوص.
(ج) نقض. "إعلان الطعن". بطلان.
حضور المطعون عليه في الطعن وتقديمه مذكرة بدفاعه في الميعاد. تمسكه ببطلان إعلانه بتقرير الطعن دون أن يبين وجه مصلحته في ذلك، غير مقبول.
(د) رسوم. "رسوم التسجيل". "وارد الرسوم".
عدم جواز رد رسوم التسجيل في حالة عدول ذوي الشأن عن إتمامه. سريان قانون الرسوم القضائية والتوثيق والرسوم أمام المحاكم الشرعية في مواد الشهر العقاري فيما يتعلق برد الرسوم. عدم جواز رد أي رسم إلا في الأحوال المنصوص عليها قانوناً.

--------------
1 - يشترط في القبول المانع من الطعن في الحكم أن يكون قاطع الدلالة على رضاء المحكوم عليه به بما لا يحتمل مجالاً للشك أو التأويل ومن ثم فمجرد إبداء الرغبة في تنفيذ حكم أصبح واجب التنفيذ لا يفيد الرضا بالحكم على وجه يرتفع معه الشك في ذلك.
2 - متى كان الطعن موجهاً إلى الشركة المساهمة - وهي ذات شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية مديرها - باعتبارها الأصلية فيه المقصودة بذاتها في الخصومة دون ممثلها فإن ذكر اسمها المميز لها عن غيرها في تقرير الطعن بالنقض يكون كافياً لصحته في هذا الخصوص.
3 - متى كان المطعون عليه حضر في الطعن وقدم مذكرة بدفاعه في الميعاد دون أن يبين وجه مصلحته في التمسك ببطلان إعلانه بتقرير الطعن - فإنه على فرض قيام هذا البطلان - فلا يكون الدفع به مقبولاً.
4 - أحال الشارع - بخصوص المادة 9 من القانون رقم 92 لسنة 1944 بشأن رسوم التسجيل والحفظ المعدل بالقانون رقم 63 لسنة 1948 - إلى القانونين رقمي 90 و91 لسنة 1944 (بشأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق والرسوم أمام المحاكم الشرعية) وذلك فيما يتعلق برد رسوم التسجيل. ولما كانت المادة 66 من القانون رقم 90 لسنة 1944 والمقابلة للمادة 55 من القانون رقم 91 لسنة 1944 تنص على أنه "لا يرد أي رسم حصل بالتطبيق لأحكام هذا القانون إلا في الأحوال المنصوص عليها صراحة فيه"، وقد خلا القانونان المذكوران من نص صريح يجيز رد الرسوم في حالة عدول أصحاب الشأن، فقد دل ذلك على أن المشرع لم يقر رد رسوم التسجيل في هذه الحالة. (1)


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 4443 سنة 1955 مدني كلى القاهرة ضد الطاعنة طالبة إلزامها بأن تدفع لها بلغ 354 ج و460 م وفوائده القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية حتى السداد والمصاريف وقالت المدعية شرحاً لدعواها إنها تقدمت في 16/ 12/ 1952 بمشروع عقد بيع رسمي إلى مكتب توثيق الإسكندرية يتضمن بيعها أطياناً زراعية لمن يدعى عبد اللطيف عبد الجواد أبو الخير وعبد الجواد أبو الخير بصفته ولياً - وقامت بسداد رسوم التسجيل والتوثيق وقدرها 354 ج و460 م في التاريخ المذكور ثم عدل المتعاقدان عن إتمام هذه الصفقة وتقدمت المدعية إلى مصلحة الشهر بطلب استرداد هذه الرسوم فرفضت المصلحة ذلك فأقامت المدعية هذه الدعوى بطلب استرداد تلك الرسوم بسبب عدم توقيع العقد وشهره - وبتاريخ 28/ 5/ 1956 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمدعية (المطعون عليها) مبلغ 354 ج و460 م وفوائده القانونية بواقع 4% سنوياً منذ المطالبة القضائية الحاصلة في الثاني من أكتوبر سنة 1955 حتى السداد والمصاريف، 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة - وقد استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف المقيد برقم 834 لسنة 73 ق القاهرة - وبتاريخ 28/ 2/ 1957 حكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام المستأنفة بصفتها مصروفاته، 300 قرش أتعاباً للمحاماة وقد طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى دائرة المواد المدنية والتجارية وبالجلسة المحددة لنظره صممت النيابة العامة على طلب نقض الحكم.
وحيث إن المطعون عليها دفعت بعدم جواز الطعن تأسيساً على أن الطاعنة ( مصلحة الشهر العقاري والتوثيق) قبلت الحكم المطعون فيه إذ طلبت من محامي المطعون عليها بكتابين مؤرخين في 22/ 11/ 1958 و17/ 2/ 1959 تقديم صورة الحكم التنفيذية ومشروع عقد البيع الذي عدل عنه وإيصال سداد الرسوم المقضي بها والصورة التنفيذية لأمر تقدير مصروفات الدعوى وذلك تمهيداً لصرف المبلغ المحكوم به فقدمت المطعون عليها الأوراق المطلوبة وقامت الطاعنة بدفع ذلك المبلغ إليها فعلاً مما يعتبر من الطاعنة رضاء بالحكم وتنازلاً عن هذا الطعن.
وحيث إنه لما كان قبول الحكم المانع من الطعن مشروطاً بأن يكون القبول قاطع الدلالة على رضاء المحكوم عليه به بما لا يحتمل شكاً أو تأويلاً وكان يبين من الخطأ بين المشار إليهما أنهما لا يفيدان بذاتهما هذا القبول، وإنما يفيدان مجرد الرغبة في تنفيذ حكم أصبح واجب التنفيذ مما لا يرتفع معه الشك في عدم الرضا بهذا الحكم - لما كان ذلك، فإن هذا الدفع يكون في غير محله ويتعين رفضه.
وحيث إن المطعون عليها دفعت أيضاً بعدم قبول الطعن شكلاً تأسيساً على أن تقريره خلا من ذكر اسم ممثلها كما أعلن هذا التقرير مع شخص لا صفة له قانوناً في استلام الإعلان عنها وفقاً لما تقضي به المادة 14/ 5 من قانون المرافعات.
وحيث إن هذا الدفع مردود في شقه الأول بأن الثابت من الأوراق أن الطعن وجه إلى شركة مساهمة البحيرة "شركة مساهمة مصرية" وقد ذكر بالتقرير اسم الشركة - ولما كان للشركة شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية مديريها وكان الطعن موجهاً إليها باعتبارها الأصلية فيه المقصود بذاتها في الخصومة دون ممثلها فإن ذكر اسمها المميز لها عن غيرها في طلب التقرير بالطعن يكون كافياً لصحته في هذا الخصوص - ومردود في شقه الثاني بأنه لما كان إعلان الطعن قد تم في الميعاد وكانت الشركة قد حضرت في هذا الطعن وقدمت مذكرة بدفعها في الميعاد ولم تين وجه مصلحتها في التمسك ببطلان إعلانها - فإنه على فرض قيام هذا البطلان لا يكون الدفع به مقبولاً.
وحيث إن الطعن استوفي أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون والخطأ في تطبيقه فيما ذهب إليه من أن التسجيل هو مناط استحقاق الرسم فإذا لم يتم التسجيل فلاً يكون لمصلحة الشهر العقاري اقتضاء الرسم عنه وعليها أن ترده لصاحبه إن كانت قد حصلته لأن استحقاق رسم التسجيل معلق على شرط واقف هو شهر المحرر - فإذا تخلف هذا الشرط يكون دفع الرسم دفعاً لدين لم يتحقق سببه ويجوز لصاحب الشأن استرداده عملاً بالمادة 182 من القانون المدني في حين أن استحقاق الرسم ورده والمنازعة فيه كلها أمور نظمها الشارع في المادة التاسعة من القانون رقم 92 لسنة 1944 وفي القانونين رقمي 90، 91 سنة 1944 اللذين عنيا ببيان الأحوال التي يجوز فيها رد الرسم وهي أحوال وردت على سبيل الحصر ليس من بينها حالة عدول ذوي الشأن عن السير في إجراءات التوثيق والتسجيل.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أن المادة التاسعة من القانون رقم 92 لسنة 1944 بشأن رسوم التسجيل والحفظ والمعدلة بالقانون رقم 63 لسنة 1948 تنص على أن "تطبق في مواد الشهر العقاري الأحكام الواردة في قانون الرسوم القضائية ورسوم التوثيق فيما يتعلق بتقدير الرسوم القضائية ورسوم التوثيق المدنية والرسوم الشرعية وتحصيلها وردها والمنازعة فيها". ويبين من ذلك أن المشرع أحال إلى القانونين رقمي 90، 91 لسنة 1944 في شأن رد رسوم التسجيل. ولما كانت المادة 66 من القانون رقم 90لسنة 1944 في شأن الرسوم القضائية ورسوم التوثيق والمقابلة للمادة 55 من القانون رقم 91 لسنة 1944 الخاص بالرسوم أمام المحاكم الشرعية تنص على أنه "لا يرد أي رسم حصل بالتطبيق لأحكام هذا القانون إلا في الأحوال المنصوص عليها صراحة فيه" وقد خلا القانونان المشار إليهما من نص صريح يجيز رد الرسوم في حالة عدول أصحاب الشأن فقد دل ذلك على أن المشرع أراد عدم رد رسوم التسجيل في الحالة المذكورة - لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه لم يعمل هذا النظر وقضى لصالح المطعون عليها برد الرسوم فإنه يكون قد خالف القانون مما يستوجب نقضه.
وحيث إن موضوع الدعوى صالح للفصل فيه ويتعين لأسباب المتقدمة إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى.


(1) راجع نقض 22/ 11/ 1962 في الطعن رقم 85 لسنة 27 ق مجموعة المكتب القني س 13 ص 1055. وراجع نقض 22/ 12/ 1960 مجموعة المكتب الفني س 11 ص 656 "نص المادة 66 ق 90 لسنة 1944 لا يعني الحالة التي يتم فيها إجراء الشهر المانع قانوني يستحيل معه على المصلحة إجراؤه. وجوب تطبيق أحكام القانون المدني برد الرسوم إعمالاً لقاعدة الإثراء بلا سبب" وراجع نقض 26/ 11/ 1959 مجموعة المكتب الفني س 10 ص 699 "رسم التسجيل في حقيقته ضريبة غير مباشرة تفرض على الأموال العقارية عند تداولها بمناسبة ما يقوم عنها من محررات لطلب تسجيلها. الواقعة المنشئة هي واقعة للتوثيق بالنسبة للمحررات الرسمية أو واقعة التصديق بالنسبة للمحررات العرفية. تحدد الضريبة وفقاً للقانون المعمول به وقت تحصيلها ولو صدر تشريع جديد لاحق برفعها قبل إتمام التسجيل".

الطعن رقم 57 لسنة 43 ق دستورية عليا "دستورية " جلسة 13 / 5 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث عشر مـن مايو سنة 2023م، الموافق الثالث والعشرين من شوال سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة

وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 57 لسنة 43 قضائية دستورية ، بعد أن أحالت المحكمة الإدارية العليا بحكمها الصادر بجلسة 16/ 12/ 2020، ملف الطعن رقم 57369 لسنة 66 قضائية عليا.

المقام من
مصطفى مصطفى حافظ الدري
ضد
رئيس الهيئة الوطنية للصحافــة

---------------------
" الإجـراءات "
بتاريخ العاشر من يونيه سنة 2021، ورد إلى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، ملف الطعن رقـم 57369 لسنة 66 قضائية عليا، نفاذًا لحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 16/ 12/ 2020، الذي قضى بوقف الطعن، وإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (52) من لائحة العاملين بالمجلس الأعلى للصحافة الصادرة بقرار رئيس المجلس الأعلى للصحافة رقم 5 لسنة 1987 المعدلة بالقرار رقم 5 لسنة 1993، فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما جاوز ستة أشهر.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة، وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

---------------------
" المحكمــة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من حكم الإحالة وسائر الأوراق - في أن المدعي في الدعوى الموضوعية، أقام أمام محكمة القضاء الإداري الدعــوى رقم 26734 لسنة 73 قضائية، ضد الهيئة المدعى عليها، طالبًا - من بين طلباته - الحكم بأحقيته في صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية بواقع 709 أيام على أساس أجره الأساسي الذي كان يتقاضاه، مضافًا إليه البدلات الأساسية والعلاوات بما فيها علاوة الترقية، مع ما يترتب على ذلك من آثار وفروق مالية وغيرها من الحقوق المالية. وقال شرحًا لدعواه: إنه كان يعمل بالهيئة المدعى عليها وانتهت خدمته اعتبارًا من 1/ 8/ 2018، وقد امتنعت تلك الهيئة عن صرف المقابل النقدي لرصيد إجازاته بالمخالفة لنص المادة (52) من لائحة العاملين بالمجلس الأعلى للصحافة، وبجلسة 7/ 6/ 2020، قضت المحكمة، أولاً: ..... ثانيًا: ........ ثالثًا: بأحقية المدعي في صرف المقابل النقدي لرصيده من الإجازات الاعتيادية بما لا يجاوز ستة أشهر محسوبًا على الأجر الأساسي مضافًا إليه البدلات الأساسية، ورفض ما عدا ذلك من طلبات. لم يلق هذا القضاء قبولاً لدى المدعي في الدعوى الموضوعية، فطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا بالطعن رقم 57369 لسنة 66 قضائية عليا، طالبًا الحكم، أصليًّا: بإحالة الدعوى إلى المحكمة الدستورية العليا بغير رسوم للفصل في دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (52) من لائحة العاملين بالمجلس الأعلى للصحافة المعدلة بقرار هيئة مكتب المجلس الأعلى للصحافة رقم 5 لسنة 1993، فيما تضمنته من حرمان العامل من المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما جاوز ستة أشهر. واحتياطيًّا: بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من حرمانه من الحصول على كامل رصيد إجازاته الاعتيادية. وبجلسة 16/ 12/ 2020، قضت المحكمة بوقف الطعن وإحالة الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في دستورية نص الفقرة الأخيرة من المادة (52) من لائحة العاملين بالمجلس الأعلى للصحافة الصادرة بقرار رئيس المجلس الأعلى للصحافة رقم 5 لسنة 1987 المعدلة بالقرار رقم 5 لسنة 1993، فيما تضمنه من حرمان العامل من البدل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما جاوز ستة أشهر. وأقامت حكمها استنادًا إلى أن النص المحال قد حرم العامل من حقه في اقتضاء كامل البدل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية فيما جاوز ستة أشهر، ولو كان عدم حصوله على الإجازة راجعًا إلى جهة العمل، أو لأسباب اقتضتها ظروف أدائه، يكون مشوبًا بشبهة عدم الدستورية، لمخالفة الحماية الدستورية المقررة للملكية الخاصة.
وحيث إنه عن الدفع المبدى من هيئة قضايا الدولة بعدم قبول الدعوى؛ لخلو حكم الإحالة من البيانات التي تطلبها نص المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا، الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، فمردود بأن ما تغياه نص المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا، هو ألا تكون صحيفة الدعوى الدستورية أو قرار الإحالة الصادر من محكمة الموضوع مجهلاً بالمسائل الدستورية المطروحة على هذه المحكمة، ضمانًا لتعيينها تعيينًا كافيًا، فلا تثير خفاءً في شأن مضمونها أو اضطرابًا حول نطاقها، ليتمكن ذوو الشأن جميعًا من إعداد دفاعهم، ابتداءً وردًّا وتعقيبًا، في المواعيد التي حددتها المادة (37) من ذلك القانون، ولتتولى هيئة المفوضين بعد انقضاء تلك المواعيد تحضير الدعوى، ثم إعداد تقرير يكون محددًا للمسائل الدستورية المثارة ورأيها فيها مسببًا، ومن ثم يكفي لتحقيق تلك الغاية أن يكون تعيين هذه المسائل ممكنًا، ويتحقق ذلك كلما كان بنيان عناصرها منبئًا عن حقيقتها. لما كان ذلك، وكان قرار الإحالة إلى المحكمة الدستورية العليا قد تضمن تحديد النص المحال، ونص الدستور المدعى مخالفته، ووجه المخالفة الدستورية؛ الأمر الذي تتوافر به البيانات التي تطلبتها المادة (30) من قانون المحكمة الدستورية العليا المار ذكره.
وحيث إن الفقرة الأخيرة من المادة (52) من لائحة العاملين بالمجلس الأعلى للصحافة الصادرة بقرار رئيس المجلس الأعلى للصحافة رقم 5 لسنة 1987، المستبدلة بقرار مكتب المجلس الأعلى للصحافة رقم 5 لسنة 1993 بتعديل بعض أحكام لائحـة العاملين بالمجلس الأعلى للصحافـة، تنص على أنه فإذا انتهت خدمة العامل قبل استنفاد رصيده من الإجازات الاعتيادية استحق عن هذا الرصيد أجره الأساسي الذي كان يتقاضاه عند انتهاء خدمته مضافًا إليه البدلات الأساسية وذلك بما لا يجاوز ستة أشهر.
وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة في الدعوى الدستورية - وهي شرط لقبولها - مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة في الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يؤثر الحكم في المسألة الدستورية على الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع، ويستوي في شأن توافر المصلحة أن تكون الدعوى قد اتصلت بالمحكمة عن طريق الدفع أو عن طريق الإحالة، والمحكمة الدستورية العليا هي وحدها التي تتحرى توافر شرط المصلحة في الدعاوى الدستورية للتثبت من شروط قبولها، بما مؤداه أن الإحالة من محكمة الموضوع إلى المحكمة الدستورية العليا لا تفيد بذاتها توافر المصلحة، بل يتعين أن يكون الحكم في المطاعن الدستورية لازمًا للفصل في النزاع المثار أمام محكمة الموضوع، فإذا لم يكن للفصل في دستورية النصوص التي ثارت بشأنها شبهة عدم الدستورية لدى محكمة الموضوع انعكاس على النزاع الموضوعي، فإن الدعوى الدستورية تكون غير مقبولة. متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعي المردد أمام المحكمة الإدارية العليا، قد طلب فيه الطاعن احتياطيًّا إلغاء حكم القضاء الإداري المطعون فيه فيما قضى به من حرمانه من الحصول على المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية البالغ 709 أيام، ومن ثم فإن النزاع الموضوعي يدور في شق منه حول أحقية الطاعن في الحصول على ذلك المقابل كاملاً بما يجاوز الحد الأقصى لذلك الرصيد الذي حدده النص المحال بستة أشهر. ومن ثم، فإن الفصل في دستورية هذا النص يكون ذا أثر مباشر وانعكاس أكيد على الدعوى الموضوعية، وقضاء تلك المحكمة فيها، وتكون المصلحة المباشرة متحققة في هذه الدعوى بالنسبة للنص المحال.
ولا ينال من ذلك ما دفعت به هيئة قضايا الدولة من عدم قبول الدعوى لاتحاد محل الدعويين الموضوعية والدستورية، فذلك مردود بأن المدعي وإن كان قد أقام طعنه أمام المحكمة الإدارية طالبًا إحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا لبحث دستورية النص المحال، فإنه ضمَّن صحيفة طعنه - على ما سلف ذكره - طلبًا احتياطيًّا بإلغاء الحكم المطعون عليه فيما قضى به من حرمانه من الحصول على كامل المقابل النقدي لرصيد إجازاته الاعتيادية البالغ 709 أيام، لتفصل المحكمة الإدارية العليا في هذا الطلب على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا بشأن دستورية النص المحال.
ولا ينال من ذلك أيضًا صدور قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام بالقانون رقم 92 لسنة 2016 - قبل انتهاء خدمة المدعي في 1/ 8/ 2018 - الذي ألغى المجلس الأعلى للصحافة وأحل الهيئة الوطنية للصحافة محله، وذلك بموجب نص الفقرة الأولى من المادة (82) من القانون المشار إليه، كما ألغى الباب الرابع من القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة بموجب المادة الثانية من مواد إصداره. وأُلغى الباب الرابع من لائحته التنفيذية الصادرة بقرار المجلس الأعلى للصحافة رقم 10 لسنة 1998، بموجب المادة الثالثة من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 2315 لسنة 2017 بإصدار اللائحة التنفيذية للقانون الأول، المنظمين للمجلس الأعلى للصحافة، ذلك أن الفقرة الثانية من المادة (82) من قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام المشار إليه، قد نصت على أنه ويستمر العمل بالنظـم واللوائـح الساريـة عليهم إلـى أن تصدر اللوائـح والقانـون المنظـم لشئون العاملين بالهيئة، وقد ظل العمـل باللائحـة المطعـون فيهـا إلـى أن تم إلغاؤهـا فـي 17/ 7/ 2019 - بعد انتهاء خدمة الطاعن في 1/ 8/ 2018 - بموجب المادة الثانية من مواد إصدار لائحة الموارد البشرية للعاملين بالهيئة الوطنية للصحافة الصادرة بقرار رئيس الهيئة الوطنية للصحافة رقم 11 لسنة 2019.
كما لا ينال من ذلك أخيرًا إلغاء القانون رقم 96 لسنة 1996 بشأن تنظيم الصحافة، والقانون رقم 92 لسنة 2016 بشأن التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام، بموجب المادة الثالثة من القانون رقم 180 لسنة 2018 بإصدار قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، إذ إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الإلغاء التشريعي للقانـون - الذي لم يـرتد أثره إلى الماضي - لا يحول دون النظر والفصل في الطعن بعدم الدستورية من قبل من طبق عليهم ذلك القانون، وبالتالي توافرت لهم مصلحة شخصية في الطعن بعدم دستوريته. ذلك أن الأصل في تطبيق القاعدة القانونية أنها تسري على الوقائع التي تتم في ظلها، أي خلال الفترة من تاريخ العمل بها حتى تاريخ إلغائها، فإذا أُلغيت هذه القاعدة وحلت محلها قاعدة قانونية أخرى، فإن القاعدة الجديدة تسري من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها وبذلك يتحدد النطاق الزمني لسريان كل من القاعدتين القانونيتين. ومن ثم، فإن المراكز القانونية التي نشأت وترتبت آثارها في ظل أي من القانونين - القديم أو الجديد - تخضع لحكمه، فما نشأ منها وترتبت آثاره في ظل القانون القديم يظل خاضعًا له، وما نشأ من مراكز قانونية وترتبت آثاره في ظل القانون الجديد يخضع لهذا القانون وحده.
وعلى مقتضى ما تقدم، فإنه لما كان النص المحال قد طُبق على الطاعن وأُعملت أحكامه في مواجهته، وظلت آثاره بالنسبة إليه قائمة طوال مدة نفاذه، وكانت الدعوى الموضوعية لا تزال مطروحة أمام المحكمة الإدارية العليا، وكانت طلباته ترتكز في شق منها على النص المحال. فمن ثم، فإن المصلحة المباشرة تظل قائمة في الدعوى الدستورية المعروضة.
وحيث إن الرقابة القضائية التي تباشرها هذه المحكمة في شأن دستورية النصوص التشريعية المطعون فيها لا يحول دون ردها إلى أصولها التي أنبتتها، كلما كان إبطالها يؤدي إلى زوال ما تفرع عنها، أو اتصل بها اتصال قرار. متى كان ذلك، وكان النص المحال من بين المواد التي تم تعديلها بقرار مكتب المجلس الأعلى للصحافة رقم 5 لسنة 1993 بتعديل بعض مواد لائحة العاملين بالمجلس الصادرة بقرار رئيس المجلس الأعلى للصحافة رقم 5 لسنة 1987. فمن ثم، فإن قرار رئيس المجلس الأعلى للصحافة المشار إليه، يُعد بمثابة الأصل الذي أنبت النص المحال، ويغدو بذلك مطروحًا حكمًا على هذه المحكمة ومحلاً لرقابتها الدستورية في هذه الدعوى، لارتباطه الذي لا يقبل الفصل أو التجزئة بالقرار المحال.
وحيث إنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن التحقق من استيفاء النصوص التشريعية لأوضاعها الشكلية، يعتبر أمرًا سابقًا بالضرورة على الخوض في عيوبها الموضوعية، كما أن الأوضاع الشكلية - سواء في ذلك تلك المتعلقة باقتراحها أو إقرارها أو إصدارها أو شروط نفاذها - إنما تتحدد في ضوء ما قررته في شأنها أحكام الدستور المعمول به حين صدورها، ومن ثم فإن نصوص دستور سنة 1971، الذي صدر النص المحال في ظل العمل بأحكامه، تكون واجبة التطبيق في الدعوى المعروضة .
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الدولة القانونية، وعلى ما تنص عليه المادتان (64 و65) من دستور سنة 1971، هي التي تتقيد في ممارستها لسلطاتها، أيًّا كانت وظائفها أو غاياتها، بقواعد قانونية تعلو عليها، وتردها على أعقابها إن هي جاوزتها، فلا تتحلل منها، ذلك أن سلطاتها هذه، وأيًّا كان القائمون عليها، لا تعتبر امتيازًا شخصيًّا لمن يتولونها، ولا هي من صنعهم، بل أسستها إرادة الجماهير في تجمعاتها على امتداد الوطن، وضبطتها بقواعد آمرة لا يجوز النزول عنها، ومن ثم تكون هذه القواعد قيدًا على كل أعمالها وتصرفاتها، فلا تأتيها إلا في الحدود التي رسمها الدستور، وبما يرعى مصالح مجتمعها.
وحيث إن مضمون القاعدة القانونية التي تعتبر إطارًا للدولة القانونية تسمو عليها وتقيدها، إنما يتحدد - من منظور المفاهيم الديمقراطية التي يقوم نظام الحكم عليها، على ما تقضي به المواد (1 و3 و4) من دستور سنة 1971 - على ضوء المعايير التي التزمتها الدول الديمقراطية في ممارستها لسلطاتها، واستقر العمل فيما بينها على انتهاجها باطراد في مجتمعاتها، فلا يكون الخضوع لها إلا ضمانًا لحقوق مواطنيها وحرياتهم، بما يكفل تمتعهم بها أو مباشرتهم لها دون قيود جائرة تنال من محتواها أو تعطل جوهرها.
وحيث إن إخطار المخاطبين بالقاعدة القانونية بمضمونها، يعتبر شرطًا لإنبائهم بمحتواها، وكان نفاذها، تبعًا لذلك، يفترض إعلانها من خلال نشرها، وحلول الميعاد المحدد لبدء سريانها. وكان ذلك مؤداه أن دخول هذه القاعدة مرحلة التنفيذ مرتبط بواقعتين تجريان معًا وتتكاملان - وإن كان تحقق ثانيتهما معلقًا على وقوع أولاهما - هما نشرها وانقضاء المدة التي حددها المشرع لبدء العمل بها، وكان من المقرر أن كل قاعدة قانونية، سواء تضمنها قانون أو لائحة، لا يجوز اعتبارها كذلك، إلا إذا قارنتها صفتها الإلزامية التي تمايز بينها وبين القاعدة الخلقية، فإن خاصيتها هذه تعتبر جزءًا منها، فلا تستكمل مقوماتها بفواتها.
وحيث إن ما تقدم مؤداه أن نشر القاعدة القانونية ضمان لعلانيتها وذيوع أحكامها واتصالها بمن يعنيهم أمرها، وامتناع القول بالجهل بها، وكان هذا النشر يعتبر كافلاً وقوفهم على ماهيتها ومحتواها ونطاقها، حائلاً دون تنصلهم منها، ولو لم يكن علمهم بها قد صار يقينيًّا، أو كان إدراكهم لمضمونها واهيًا . وكان حملهم قبل نشرها على النزول عليها، وهم من الأغيار في مجال تطبيقها، متضمنًا إخلالاً بحرياتهم أو بالحقوق التي كفلها الدستور، دون التقيد بالوسائل القانونية التي حدد تخومها وفصل أوضاعها، فقد تعين القول بأن القاعدة القانونية التي لا تنشر، لا تتضمن إخطارًا كافيًا بمضمونها ولا بشروط تطبيقها، فلا تتكامل مقوماتها التي اعتبر الدستور تحققها شرطًا لجواز التدخل بها لتنظيم الحقوق والحريات على اختلافها.
وحيث إنه متى كان ما تقدم، وكان الثابت بالأوراق أن لائحة العاملين بالمجلس الأعلى للصحافة الصادرة بقرار رئيس المجلس الأعلى للصحافة رقم 5 لسنة 1987، وكذا تعديلها الصادر بقرار مكتب المجلس الأعلى للصحافة رقم 5 لسنة 1993 لم يتم نشرهما في الجريدة الرسمية الوقائع المصرية، وذلك بالمخالفة للنصوص المتقدمة ونص المادة ( 188) من دستور سنة 1971، ومن ثم فإن تطبيقها على المدعي قبل نشرها، يزيل عن القواعد التي تضمنتها صفتها الإلزامية، فلا يكون لها قانونًا من وجود.
وحيث إن مؤدى ما تقدم، مخالفة أحكام اللائحة السالفة الذكر، جميعها - قبل وبعد تعديلها - لنصوص المواد (1 و3 و4 و64 و65 و188) من دستور سنة 1971، الأمر الذى يتعين معه القضاء بعدم دستوريتها برمتها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة بعدم دستورية لائحة العاملين بالمجلس الأعلى للصحافة المشار إليها، مؤداه: إبطال النصوص التي احتوتها، وكذلك سقوط ما ارتبط بها من أحكام لا تقبل التجزئة، وإذ كان مقتضى نص الفقرة الثانية من المادة (82) من قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام الصادر بالقانون رقم 92 لسنة 2016 المشار إليه، استمرار العمل بأحكام اللائحة المشار إليها، حتى تم إلغاؤها بصدور قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المار ذكره، فإن تقرير سقوط الفقرة المشار إليها لتعلقها بلائحة قُضي بعدم دستوريتها، يغدو متعينًا.
فلهـذه الأسبـاب
حكمت المحكمة:
أولاً : بعدم دستورية لائحة العاملين بالمجلس الأعلى للصحافة الصادرة بقرار رئيس المجلس الأعلى للصحافة رقم 5 لسنة 1987، وتعديلها الصادر بقرار مكتب المجلس الأعلى للصحافة رقم 5 لسنة 1993.
ثانيًا: بسقوط الفقرة الثانية من المادة (82) من قانون التنظيم المؤسسي للصحافة والإعلام الصادر بالقانون رقم 92 لسنة 2016.