الصفحات

الأحد، 28 مايو 2023

الطعن 778 لسنة 37 ق جلسة 24 / 3 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 97 ص 934

جلسة 24 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله والطنطاوي محمد الطنطاوي وفريد نزيه حكيم تناغو - المستشارين.

----------------

(97)

الطعن رقم 778 لسنة 37 القضائية

نقابات - نقابة المحامين - معيار اختصاص مجلس الدولة بقرار نقل المحامي إلى جدول غير المشتغلين. المادتان 13 و44 من قانون المحاماة.
تختص الدائرة الجنائية بمحكمة النقض بالطعن في القرار الصادر من مجلس نقابة المحامين بنقل اسم المحامي إلى جدول غير المشتغلين إذا فقد شرطاً من شروط القيد في الجدول العام - صدور القرار بغرض عقابي يستهدف المنع من مزاولة المهنة لخلافات مع مجلس النقابة يجعل المنازعة من اختصاص القضاء الإداري - لا وجه للقول باختصاص مجلس التأديب الاستئنافي - أساس ذلك: إن مناط اختصاصه أن يكون القرار المطعون عليه صادراً من مجلس التأديب الابتدائي - تطبيق (1).


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 2 من فبراير سنة 1991 أودع الأستاذ/...... نائباً عن الأستاذ/..... بصفته وكيلاً عن الطاعنين إدارة كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 778 لسنة 37 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" بجلسة 31/ 1/ 1991 في الدعوى رقم 2015 لسنة 45 ق والقاضي بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة النقض "الدائرة الجنائية" وطلب الطاعنون - للأسباب المبينة بتقرير الطعن - الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار إحالة اثنى عشر محامياً إلى جدول المحامين غير المشتغلين وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه - للأسباب الواردة بالتقرير - قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم بإلغاء القرار المطعون فيه وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد عرض الطعن على الدائرة الأولى لفحص الطعون بجلسة 4/ 2/ 1991، التي قررت بذات الجلسة التنحي عن نظر الطعن وإحالته إلى الدائرة الثانية لفحص الطعون لنظره بجلسة 11/ 2/ 1991، وبهذه الجلسة نظرت الدائرة المذكورة الطعن، وتدوول بجلساتها على الوجه الثابت بالمحاضر، وبجلسة 25/ 2/ 1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا "الدائرة الثانية" لنظره بجلسة 3/ 3/ 1991، حيث نظرت الطعن وقررت إصدار حكمها فيه بجلسة اليوم، وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن عناصر المنازعة تخلص - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنين أقاموا بتاريخ 29/ 12/ 1990 الدعوى رقم 2015 لسنة 45 ق أمام محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" طالبين في ختامها أصلياً الحكم بصفة مستعجلة بعدم الاعتداد بالقرار المطعون عليه بوصف عقبة مادية تعترض تنفيذ أحكام مجلس الدولة الصادرة لصالحهم واحتياطياً الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون عليه وفي الموضوع بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار. وقال المدعون في بيان دعواهم إنهم فوجئوا ببيان نشرته جريدة المساء يوم الجمعة 28/ 12/ 1990 جاء به أن مجلس نقابة المحامين قد اجتمع يوم الخميس 27/ 12/ 1990 وأصدر قراراً بنقل أسماء المدعين إلى جدول غير المشتغلين استناداً إلى المادتين 13، 44 من قانون المحاماة وبحجة أن المدعين قد ارتكبوا من التصرفات والأفعال ما يخل بكرامة المحاماة وشرف المهنة، والحقيقة أن مجلس النقابة غير الشرعي أراد أن يصفي حساباته مع اللجنة المؤقتة لإدارة شئون نقابة المحامين التي يرأسها المدعي الأول بعد أن استصدر وبصفته العديد من الأحكام القضائية التي تؤكد شرعية اللجنة المؤقتة دون غيرها وأحكاماً مستعجلة قضت له - من بين ما قضت به - بتسلم مبنى النقابة، وقد حاول مجلس النقابة بشتى الوسائل عرقلة تنفيذ ذلك الحكم فاستشكل في تنفيذه ولكن المستشار رئيس الدائرة الأولى "ب" أصدر أمره - بصفته قاضي التنفيذ - بتاريخ 26/ 2/ 1990 بالاستمرار في التنفيذ، فتواطأ مجلس النقابة مع أحد المحضرين لاصطناع محضر يفيد تنفيذ الأمر وليس تنفيذ الحكم، وهو ما دعا اللجنة المؤقتة إلى إبلاغ النيابة العامة عن هذا المحضر المزور، وعلى أثر ذلك تقدمت اللجنة إلى قلم المحضرين لتنفيذ الأحكام الصادرة لصالحها مجتمعة وتحدد للتنفيذ عدة تواريخ آخرها يوم 11/ 12/ 1990 ولكنه حال دون التنفيذ بعدة وسائل أعقبها صدور قرار مجلس النقابة بنقل أسماء المدعين إلى جدول غير المشتغلين بهدف إهدار كل أثر للأحكام المذكورة.
ونعى المدعون على هذا القرار بالانعدام لصدوره بقصد الحيلولة دون تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لصالح اللجنة المؤقتة، ولأن المشرع حسبما خول مجلس النقابة السلطة الخطيرة المنصوص عليها في المادة 44 من قانون المحاماة بنقل المحامي إلى جدول غير المشتغلين افترض أن يكون مساس المحامي بكرامة المحاماة وشرف المهنة أمراً موثقاً ويقينياً لا تختلف بشأنه الآراء وهو ما تعنيه المادة 13 من ذات القانون عندما اشترطت للقيد بالجدول العام عدم سبق صدور حكم على طالب القيد في جناية أو جنحة ماسة بالشرف أو الأمانة، أو القليل بأن يضبط المحامي في ناد للقمار - مثلاً - وتجرى معه تحقيقات جنائية، أما غير ذلك من وقائع تتفاوت فيها التقديرات فإن الحكم فيها إنما يكون لمجلس التأديب، كما افترض المشرع أيضاً في مجلس النقابة الذي يمارس هذه السلطة الخطيرة أن يكون مجلساً شرعياً لا شبهة في شرعيته، لا أن يمارسها مجلس مطعون في شرعيته فضلاً عن أنه غير محايد لأن له خصومة قضائية ضد المدعين ومنهم أعضاء اللجنة المؤقتة.
وبجلسة 31/ 1/ 1991 أصدرت محكمة القضاء الإداري "دائرة منازعات الأفراد والهيئات" حكمها بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وبإحالتها إلى محكمة النقض "الدائرة الجنائية" وأبقت الفصل في المصروفات، وأقامت قضاءها على ما استبان لها من أن طلبات المدعين تتحدد - وفقاً لما أبدوه في مذكرة دفاعهم المقدمة خلال فترة حجز الدعوى للحكم - في طلب وقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر من مجلس نقابة المحامين بتاريخ 27/ 12/ 1990 بنقل أسمائهم إلى جدول المحامين غير المشتغلين. ولما كان البين من مطالعة القرار المطعون فيه أنه استند في صدوره إلى حكم المادتين 13، 44 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983، ومفادهما أن لمجلس النقابة أن يصدر قراراً بنقل اسم أحد المحامين إلى جدول المحامين غير المشتغلين، إذا فقد أحد شروط القيد في الجدول العام المشار إليها في المادة 13 من القانون والتي ورد من بينها أن يكون طالب القيد محمود السيرة حسن السمعة أهلاً للاحترام الواجب للمهنة، وقد انطوى نص المادة 44 سالفة الذكر على شروط أساسية يلتزم بها مجلس النقابة قبل إصدار قراره بنقل المحامي إلى جدول غير المشتغلين تتمثل في ضرورة سماع أقوال المحامي أو إعلانه وتخلفه عن الحضور وبيان الأسباب التي يقوم عليها هذا القرار. وضماناً لحقوق المحامي أعطى النص له حق الطعن على القرار الصادر بنقل اسمه إلى جدول غير المشتغلين أمام الدائرة الجنائية بمحكمة النقض خلال الأربعين يوماً التالية لإعلانه بهذا القرار، وكان محل الدعوى الماثلة هو الطعن على القرار الصادر من مجلس نقابة المحامين بتاريخ 27/ 12/ 1990 بنقل أسماء المدعين إلى جدول غير المشتغلين إعمالاً لنص المادة 44 من قانون المحاماة، فمن ثم فإن الجهة المختصة بنظر الطعن على هذا القرار تكون هي الدائرة الجنائية بمحكمة النقض، ولا حاجة في هذا الشأن لنص المادة 172 من الدستور ذلك أن المحكمة الدستورية العليا قضت بأن من سلطة المشرع إسناد ولاية الفصل في بعض المنازعات الإدارية التي تدخل أصلاً في اختصاص مجلس الدولة طبقاً لنص المادة 172 من الدستور إلى جهات أو هيئات قضائية أخرى متى اقتضى ذلك الصالح القومي العام وذلك إعمالاً للاختصاص التشريعي المخول للمشرع العادي بالمادة 167 من الدستور في شأن تحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها كما لا وجه أيضاً لما ذهب إليه المدعون من أن مجلس الدولة ينفرد وحده بالاختصاص بوقف تنفيذ القرارات الإدارية ومن ثم يكون لهم الحق في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه من المجلس، ذلك أن الأخذ بهذا القول من شأنه تجزئة وتبعيض الاختصاص بالطعن على القرار الواحد بين جهتي القضاء العادي والإداري بما يخل بحسن سير العدالة وسرعة حسم المنازعات باعتبارها الغاية العليا من التنظيم القضائي.
ومن حيث إن الطعن الماثل يقوم على الأسباب الآتية: -
أولاً - أغفل الحكم المطعون فيه أوجه الدفاع الجوهرية التي ساقها الطاعنون في شأن طبيعة القرار المطعون فيه وما توجبه هذه الطبيعة من انفراد مجلس الدولة - دون غيره - بفرض رقابته القضائية على هذا القرار. ذلك أن القرار المطعون عليه ليس قرار نقل إلى جدول غير المشتغلين بل هو جزاء تأديبي بالمنع من مزاولة المهنة حاول مجلس النقابة غير الشرعي إخفاءه وراء قناع النقل إلى جدول غير المشتغلين، بما يخرجه من نطاق المادتين 13، 44 من قانون المحاماة اللتين تعهدان بولاية الطعن فيه إلى محكمة النقض، إلى نطاق المادة 98 من قانون المحاماة الخاصة بولاية التأديب التي اغتصبها مجلس النقابة. وقد قصد بالقرار عرقلة تنفيذ أحكام صادرة لمصلحة اللجنة المؤقتة التي يرأسها الطاعن الأول.
ثانياً - إن النص على اختصاص جهة قضائية أخرى إلى جانب مجلس الدولة بالنسبة لمنازعات معينة لا يعني عدم اختصاص مجلس الدولة بنظر هذه المنازعة، فليس ثمة ما يمنع من مشاركة جهة قضائية أخرى لمجلس الدولة في نظر المنازعات الإدارية، فمجلس الدولة وهو قاضي القانون العام بالنسبة للقرارات الإدارية لا يجوز أن يسلب اختصاصه لحساب جهة قضائية أخرى إلا بنص صريح يحظر هذا الاختصاص أو يقصره على الجهة الأخرى وليس الأمر كذلك بالنسبة لقرارات القيد بالجدول.
على أن اختصاص المجلس بالنسبة للقرارات التي تشاركه فيها جهة قضاء أخرى يكون مؤكداً عندما لا تعرف هذه الجهة القضاء المستعجل بوقف تنفيذ القرار.
ثالثاً - اتسم القرار المطعون فيه بطابع العقاب الجماعي فشمل اثنى عشر محامياً دون بيان المنسوب لكل منهم على حدة، وذلك خلافاً لما قضت به المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 133 لسنة 36 ق عليا بتاريخ 30/ 11/ 1989 من أن النقل بجدول غير المشتغلين لا يكون إلا بقرارات فردية حسب ظروف كل حالة وملابساتها ولا يكون بقرار عام، وانحرف مجلس النقابة باختصاصه المحدود وغير العقابي في المادة 44 من قانون المحاماة بنقل المحامي إلى جدول غير المشتغلين إلى سلطة تأديب رهيبة اغتصبها من مجلس التأديب ذي التشكيل القضائي متعدد الدرجات ابتدائياً واستئنافياً بتوقيع عقوبة المنع من مزاولة المهنة وجعلها عقوبة أبدية رغم أن حدها الأقصى طبقاً للقانون ثلاث سنوات، مما يكاد يصل بها إلى عقوبة محو الاسم من جدول المحامين. وأمضى في الكيد للطاعنين فنشر قراره في الصحف والجرائد مخالفاً نص المادة 119 من القانون التي قصرت نشر القرارات التأديبية النهائية على مجلة المحاماة دون ذكر أسماء من تناولتهم القرارات، وأجازت نشر منطوق القرار الصادر بتوقيع عقوبة محو الاسم من الجدول أو المنع من مزاولة المهنة - دون أسبابه - في الوقائع المصرية.
رابعاً - نسب مجلس النقابة في بيانه المرافق لقراره المطعون فيه للطاعنين ارتكاب أفعال وتصرفات تخل بواجبات المهنة وتحط من قدرها وهو ما جعله القانون في فصله الخامس مسوغاً للمساءلة التأديبية ورغم ذلك استخدم مجلس النقابة نصاً آخر وهو نص المادة 44 الذي يتناول مسألة بعيدة كل البعد عن التأديب بزعم افتقاد الطاعنين لشرط حسن السمعة، حال أنه لا يجوز أن يحاسب المحامي عن الإخلال بهذا الشرط إلا عن طريق التأديب وإلا صار مجلس النقابة سلطة اتهام بفقد هذا الشرط وسلطة قضائية.
ومن حيث إن النص في المادة 172 من الدستور على أن "مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل في المنازعات الإدارية وفي الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى". والنص في المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 على أن "تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية: - أولاً........ رابع عشر - سائر المنازعات الإدارية - يدل على أن الدستور - ومن بعده القانون رقم 47 لسنة 1972 - قد أضفى الولاية العامة على مجلس الدولة في نظر المنازعات الإدارية فأضحى هو قاضي القانون العام والقاضي الطبيعي بالنسبة لهذه المنازعات، ومع التسليم بما قضت به المحكمة الدستورية العليا فإن هذا النص لا يعني غل يد المشرع العادي عن إسناد الفصل في بعض المنازعات الإدارية إلى جهات قضائية أخرى متى اقتضى ذلك الصالح العام وإعمالاً للتفويض المخول له بالمادة 167 من الدستور في شأن تحديد الهيئات القضائية واختصاصاتها إلا أنه يبقي اختصاص مجلس الدولة وولايته بالنسبة للمنازعات الإدارية هو الأصل العام، بحيث إذا ما عرضت على محاكمة منازعة إدارية لا تستظل بنص خاص وصريح في قانون ينيط الاختصاص بنظرها إلى جهة أو هيئة قضائية أخرى، كان الاختصاص - ولا شك - ثابتاً لمجلس الدولة بغير منازع، أما إذا ورد نص خاص من هذا القبيل، فإنه يكون على سبيل الاستثناء والخروج عن الأصل، ومن ثم يفسر بقدره ولا يتوسع فيه ولا يقاس عليه، ويلزم في هذه الحالة تحديد نطاق الاستثناء تحديداً دقيقاً لأعمال مقتضاه في حدود نطاقه وبما لا يمس بالأصل العام المقرر بالدستور.
ومن حيث إنه ولئن كان من المقرر أن الفصل في الاختصاص يسبق البحث في الموضوع - إلا أنه قد يلزم في بعض الحالات للفصل في الاختصاص التعرض لبعض جوانب الموضوع واستظهار حقيقة المنازعة وعناصرها بالقدر اللازم تبين وجه الاختصاص بنظرها، وذلك كأن يكون وجه الاختصاص فيها غير واضح أو متشعباً بين أكثر من جهة قضائية.
وقد درج القضاء العادي - في بعض المنازعات المعروضة عليه والتي تبدو في ظاهرها منازعة إدارية متعلقة بقرار أو تصرف إداري - على أن يتطرق إلى موضوع المنازعة للتعرف على طبيعة هذا القرار أو التصرف الإداري ومدى جسامة ما ينعاه عليه المدعي من عيوب، فإذا تبين للمحكمة أن القرار محل النزاع شابه غصب للاختصاص أو اعتورته مخالفة قانونية صارخة تجرده من صفته الإدارية وترديه منعدماً، اعتبرته بمثابة اعتداء مادي وقضت باختصاصها بنظر المنازعة فيه، كذلك جرى قضاء مجلس الدولة، أبان كان اختصاصه بدعاوى الموظفين العموميين محدوداً في مسائل معينة - قبل صدور القانون رقم 47 لسنة 1972 - على تكييف القرارات الإدارية الصادرة في شأن الموظفين العموميين على أساس من حقيقة القرار وما اتجهت إرادة الجهة الإدارية إلى إحداثه من آثار قانونية بصرف النظر عن العبارات المستعملة في صياغته، واطّرد قضاؤه على الاختصاص بنظر الطعون في بعض القرارات التي كانت - بحسب ظاهرها - خارجة عن اختصاصه مثل قرارات النقل المكاني أو الندب إذا تبينت المحكمة من استظهار ملابسات وظروف صدورها وما اتجهت إليه نية الإدارة أنه ينطوي في حقيقته على قرار آخر مما تختص به كأن ينطوي على جزاء تأديبي مقنع. وكذلك الحال كلما دفع أمام المحاكم بعدم الاختصاص لتعلق المنازعة بعمل من أعمال السيادة، إذ تبين للفصل في هذا الدفع تكييف القرار محل المنازعة واستظهار محله وأركانه وطبيعته وصولاً إلى تحديد ما إذا كان يعتبر في حقيقته من أعمال السيادة التي تخرج عن اختصاص القضاء أم قراراً إدارياً عادياً مما يختص بنظر المنازعة فيه.
وحيث إنه على هدي ما تقدم، فإنه لما كان الطاعنون ينعون على قرار مجلس نقابة المحامين الصادر بجلسة 27/ 12/ 1990 بنقل أسمائهم إلى جدول غير المشتغلين، أنه في حقيقته وفي ضوء الأسباب التي استند إليها، وحسبما تنم عنه الإجراءات والظروف والملابسات التي سبقت وعاصرت إصداره - يعتبر قراراً تأديبياً قصد به معاقبتهم ومنعم من مزاولة المهنة إلى أجل غير محدود وأن أحداً منهم لم يفقد شرطاً من شروط القيد بالجدول لينقل إلى جدول غير المشتغلين وأن هذا القرار استتر بعبارة النقل إلى جدول غير المشتغلين واستند في ظاهره إلى نصوص قانون المحاماة الواردة في هذا الشأن (المادتان 13، 44) للإفلات من اتباع نصوص قانون المحاماة في هذا الشأن وإذ كانت المادة 44 من هذا القانون قد أناطت الاختصاص بالفصل في الطعن في قرار مجلس النقابة بنقل المحامي إلى جدول غير المشتغلين إلى الدائرة الجنائية بمحكمة النقض، وهو ما أسس عليه المطعون ضده دفعه بعدم اختصاص محكمة القضاء الإداري بنظر الدعوى الماثلة. فمن ثم يتعين بادئ ذي بدء - للفصل في هذا الدفع، تكييف القرار المطعون عليه والتعرف على طبيعته على أساس من حقيقته في ضوء الأسباب التي قام عليها - وما اتجهت إرادة مصدره إلى إحداثه من آثار قانونية - بصرف النظر عن تسميته الظاهرة، والعبارات المستعملة في صياغته القانونية التي أوردتها هذه الصياغة، وذلك وصولاً لما إذا كان القرار يعتبر - في حقيقة أمره - نقلاً إلى جدول غير المشتغلين مما يدخل صدقاً وحقاً في نطاق المادة 44 من قانون المحاماة فتختص الدائرة الجنائية بنظر الطعن عليه، أم أنه لا يعتبر كذلك فيرتد الاختصاص بشأنه إلى قاضيه الطبيعي وهو مجلس الدولة صاحب الولاية العامة في المنازعات الإدارية بحسبانه قراراً صادراً من نقابة مهنية تعتبر من أشخاص القانون العام وقراراتها من قبيل القرارات الإدارية، ولا يستظل بنص خاص آخر بسند الاختصاص بنظر الطعن فيه إلى جهة قضائية أخرى، ولو كان الاختصاص يتوقف على ظاهر عبارات القرار وما خلص إليه مصدره من تسمية أو وصف لكان مؤدى ذلك أن تتحدد اختصاصات الجهات القضائية وفق إرادة مصدر القرار، فيوجه بمحض إرادته الاختصاص بنظر المنازعة فيه حسبما يسبغ عليه من وصف أو تسمية، وهو أمر غير مقبول في القانون ويتأبى مع كون أحكام الاختصاص الولائي من النظام العام ولا ريب أن هذه المحكمة وهي تخص مسألة الاختصاص في المنازعة الماثلة تحرص على ألا تتسلب من الاختصاصات المنوطة بمجلس الدولة في الدستور والقانون حرصها على ألا تتعدى على اختصاصات جهات قضائية أخرى، وذلك كله انطلاقاً من وجوب احترام مبادئ الدستور وأحكام القانون الذي آثره المشرع الدستوري وحده في المادة 167 دستور بتحديد اختصاصات الجهات القضائية.
ومن حيث إن المادة 13 من قانون المحاماة تنص على أنه: "يشترط فيمن يطلب قيد اسمه في الجدول العام أن يكون" 1 - متمتعاً بالجنسية المصرية. 2 - متمتعاً بالأهلية المدنية الكاملة. 3 - حائزاً على شهادة الحقوق من إحدى كليات الحقوق... 4 - ألا يكون قد سبق صدور حكم عليه في جناية أو جنحة ماسة بالشرف أو الأمانة أو الأخلاق ما لم يكن قد رد اعتباره إليه. 5 - أن يكون محمود السيرة حسن السمعة أهلاً للاحترام الواجب للمهنة، وألا تكون قد صدرت ضده أحكام جنائية أو تأديبية أو اعتزل وظيفته أو مهنته أو انقطعت صلته بها لأسباب ماسة بالشرف أو الأمانة أو الأخلاق.
6 - ألا يكون عضواً عاملاً في نقابة مهنية أخرى.
7 - أن يسدد رسم القيد والاشتراك السنوي طبقاً لأحكام هذا القانون.
8 - ألا تقوم بشأنه حالة من حالات عدم جواز الجمع الواردة في المادة التالية.
ويجب لاستمرار قيده في الجداول توافر الشروط سالفة الذكر".
وتنص المادة 44 من القانون على أن "لمجلس النقابة بعد سماع أقوال المحامي أو بعد إعلانه في حالة تخلفه عن الحضور، أن يصدر قراراً مسبباً بنقل اسمه إلى جدول المحامين غير المشتغلين إذا فقد شرطاً من شروط القيد في الجدول العام المنصوص عليها في هذا القانون، ويكون للمحامي حق الطعن أمام دائرة النقض في القرار الذي يصدر في هذا الشأن خلال الأربعين يوماً التالية لإعلانه بهذا القرار".
وحيث إنه بالاطلاع على محضر مجلس نقابة المحامين المنعقد يوم 27/ 12/ 1990 يبين أن المجلس أصدر قراراً بنقل المحامين الموضحة أسماؤهم بالمحضر - وهم الطاعنون - إلى جدول غير المشتغلين - وجاء بالمحضر أن أسباب القرار تُليت قبل تدوينه بمحضر الجلسة، ولم ترد تلك الأسباب بالمحضر، ومع التسليم - فرضاً - بأن البيان الصادر عن النقابة المؤرخ 27/ 12/ 1990 المرفق بالأوراق - يحمل أسباب القرار المشار إليه، فإن البادي من مطالعته أنه نص على ما يلي: "ومنذ التاسع عشر من يناير سنة 1989 سخر عدد من الزملاء المحامين أنفسهم للإساءة إلى نقابة المحامين وللنيل من مهنة المحاماة على نحو حط من قدرها بصورة غير مسبوقة، وقد قامت الأدلة والشواهد على ذلك واستقامت كلها في تصرفات وأعمال لحمتها وسداها الاجتراء على القانون والعدوان على الشرعية وتحقير ما أجمع عليه المحامون سواء فيما عقدوا من جمعية عمومية أو جمعية انتخاب...... وإذ تمادى هؤلاء الزملاء وظلوا سادرين في غيهم بالرغم من أن مجلس النقابة قد علل النفس بالصبر توقعاً أن يثوبوا إلى الرشد إلا أن ذلك كله قد ذهب سدى، ولما كان ما سلف واستشعاراً من مجلس النقابة المسئولة عن نقابة المحامين وعن صيانة مهنة المحاماة فوق كل ما يشين. فقد قرر نقل الأساتذة المذكورين فيما بعد إلى جدول غير المشتغلين وذلك إعمالاً لحكم المادتين 13، 44 من قانون المحاماة وذلك اعتباراً من اليوم 27/ 12/ 1990، كما قرر إخطار كل الجهات المعنية بهذا القرار".
ويبين بجلاء من هذا البيان أن الأسباب التي قام عليها القرار تحمل فيما نسبه مجلس النقابة للطاعنين - في عبارات مرسلة - من أنهم ومنذ التاسع عشر من يناير سنة 1989 سخروا أنفسهم للإساءة إلى النقابة والنيل من مهنة المحاماة وتحقير ما أجمع عليه المحامون سواء فيما عقدوا من جمعية عمومية أو جمعية انتخاب، وهو ما دعا المجلس إلى اتخاذ قرار نقلهم إلى جدول غير المشتغلين إعمالاً لحكم المادتين 13، 44 من قانون المحاماة، ولما كان البادي مما سبق أن ما نسبه مجلس النقابة إلى الطاعنين على هذا النحو، فضلاً عن وروده بعبارات مرسلة ومبهمة يعوزها التحديد والتدليل، فإن قوامه وأساسه حسبما يستشف من عبارات البيان والتاريخ المشار إليه في (19/ 1/ 1989) تاريخ انعقاد الجمعية العمومية غير العادية للنقابة برئاسة الطاعن الثاني بصفته أكبر الأعضاء سناً - التي قررت سحب الثقة من مجلس النقابة وتشكيل لجنة مؤقتة لإدارة النقابة برئاسة الطاعن الأول هو ما شجر بين أعضاء اللجنة المؤقتة ورئيسها وبين مجلس النقابة برئاسة المطعون ضده الأول من منازعات وخصومات متوالية حول شرعية اجتماع الجمعية العمومية غير العادية المشار إليه وما اتخذته من قرارات، وشرعية ما أصدره مجلس النقابة السابق من قرارات تالية على ذلك الاجتماع، وشرعية انعقاد جمعية عمومية عادية أخرى بتاريخ 26/ 5/ 1989 أسفرت عن انتخاب مجلس نقابة جديد برئاسة المطعون ضده الأول وما ترتب على ذلك كله من منازعات وخلافات وصلت إلى ساحة القضاء وصدرت فيها عدة أحكام قضائية بعضها لصالح اللجنة المؤقتة والبعض الآخر لصالح مجلس النقابة برئاسة المطعون ضده الأول، ولا يزال البعض منها معروضاً على القضاء، وكل ذلك - مما هو منسوب للطاعنين لا يمكن اعتباره من قبيل فقدهم أحد شروط القيد بالجدول العام المنصوص عليها في المادة 13 من قانون المحاماة سالفة الذكر والتي يجوز لمجلس النقابة - عند فقد أحدها - نقل اسم المحامي إلى جدول غير المشتغلين طبقاً للمادة 44 من ذات القانون، وإنما لا يعدو الأمر في حقيقته أن يكون خلافاً ونزاعاً شجر بين طائفتين من المحامين - حتى ولو كان بعضهم من أعضاء مجلس النقابة - صعد إلى ساحات القضاء وصدرت في شأنه عدة أحكام قضائية وكان لكل طائفة منهم كفل من هذه الأحكام. ولو صح - فرضاً - ما نسبه بيان مجلس النقابة للطاعنين من أنهم قد تجاوزوا في هذا الخلاف حدود الاحترام الواجب للمهنة مما أساء إليها وحط من قدرها - على ما ورد بالبيان - فإن ذلك لا يمكن أن ينهض سبباً لنقل أسمائهم إلى جدول غير المشتغلين تذرعاً بحكم المادة 44 من قانون المحاماة المشار إليها، وإنما قد يقوم مدعاة لاتخاذ الإجراءات التأديبية قبلهم وفقاً لأحكام النصوص الواردة بالفصل الخامس من الباب الثاني من القانون بخصوص المسئولية التأديبية، والتي استهلت المادة 98 منه النص على أن "كل محام يخالف أحكام هذا القانون أو النظام الداخلي للنقابة أو يخل بواجبات مهنته أو يقوم بعمل ينال من شرف المهنة أو يتصرف تصرفاً شائناً يحط من قدر المهنة يجازى بإحدى العقوبات التأديبية التالية: -
1 - الإنذار. 2 - اللوم. 3 - المنع من مزاولة المهنة. 4 - محو الاسم نهائياً من الجدول ويجب ألا تتجاوز عقوبة المنع من مزاولة المهنة ثلاث سنوات...".
ونصت المادة 99 على أنه (يجوز لمجلس النقابة لفت نظر المحامي أو توقيع عقوبة الإنذار عليه).
ونصت المادة 100 على "أنه يترتب على منع المحامي من مزاولة المهنة نقل اسمه إلى جدول المحامين غير المشتغلين... "ونصت المادة 102 على أن "ترفع النيابة الدعوى التأديبية من تلقاء نفسها أو متى طلب ذلك مجلس النقابة أو... "ونصت المادة 107 على أن "يكون تأديب المحامين من اختصاص مجلس يشكل من رئيس محكمة استئناف القاهرة أو من ينوب عنه ومن اثنين من مستشاري المحكمة المذكورة تعينهما جمعيتها العمومية كل سنة ومن عضوين من أعضاء مجلس النقابة يختار أحدهما المحامي المرفوعة عليه الدعوى التأديبية ويختار الآخر مجلس النقابة" ونصت المادة 116 على أنه "للنيابة العامة وللمحامي المحكوم عليه حق الطعن في القرارات الصادرة من مجلس التأديب المنصوص عليه في المادة 107 وذلك خلال خمسة عشر يوماً.... ويفصل في هذا الطعن مجلس يؤلف من أربعة من مستشاري محكمة النقض تعينهم جمعيتها العمومية كل سنة ومن النقيب أو وكيل النقابة وعضوين من مجلس النقابة. وللمحامي الذي رفعت عليه الدعوى التأديبية أن يختار أحد هذين العضوين...".
وحيث إنه يخلص مما تقدم أنه بإعمال هذه المحكمة لسلطتها في استظهار حقيقة القرار المطعون فيه وتكييفه تكييفاً قانونياً صحيحاً في ضوء الأسباب التي قام عليها وما تنطق به الأوراق وسائر الظروف والملابسات عن حقيقة المراس التي استهدفها القرار، يبين أنه ولئن استتر في شكل قرار نقل بنقل اسم الطاعنين إلى جدول غير المشتغلين متذرعاً بنص المادتين 13، 44 من قانون المحاماة - إلا أنه في حقيقة الأمر يخفي بين أعطافه وينطوي في حقيقته على قرار عقابي يستهدف منع الطاعنين من مزاولة المهنة نكالاً لما بدر منهم من خلافات ومنازعات قضائية مع مجلس النقابة عرضت على ساحات المحاكم وصدرت في شأنها عدة أحكام، وهي عقوبة لا يملك مجلس النقابة توقيعها طبقاً لحكم المادة 99 المشار إليها، وإنما يختص بتوقيعها مجلس التأديب المنصوص عليه في المادة 107 والمشكل في أغلبيته من رجال القضاء فضلاً عن عضو يختاره المحامي المحال إلى التأديب وعضو آخر يختاره مجلس النقابة ولا ترفع الدعوى التأديبية أمامه إلا من النيابة العامة، وكل ذلك يمثل إجراءات وضمانات جوهرية كفلها القانون للمحامي ومن شأن مخالفتها والإخلال بها انعدام القرار التأديبي الذي يتخذه مجلس النقابة في هذا الشأن. ومن المفارقات التي تكشف عنها حقائق هذه المنازعة أنه إذا كان النقل إلى جدول غير المشتغلين يقع طبقاً لحكم المادة 100 من القانون كأثر لتوقيع عقوبة المنع من مزاولة المهنة التي لا يوقعها إلا مجلس التأديب، فإن مجلس النقابة قد اختصر بقراره المطعون عليه الطريق وعصف بكل الإجراءات والضمانات التي كفلها القانون للمحامي في هذا الخصوص، فألحق بالطاعنين ذات الأثر الذي يرتبه توقيع جزاء المنع من مزاولة المهنة بل وزاد عليه فجعله منفذاً غير محدد المدة حال أن عقوبة المنع من مزاولة المهنة يحددها القانون بحد أقصى لا يجاوز ثلاث سنوات - لما كان ذلك فإن القرار المطعون فيه يخرج - ولا ريب من نطاق المادة 44 من قانون المحاماة، وبالتالي من نطاق اختصاص الدائرة الجنائية بمحكمة النقض في نظر الطعن فيه. ولا يصح - في ذات الوقت - أن يقال بالاختصاص الاستئنافي المنصوص عليه في المادة 116 من القانون بنظر الطعن في القرار المذكور بوصفه قراراً تأديبياً، ذلك أن مناط انعقاد الاختصاص إلى هذا المجلس هو أن يكون القرار المطعون عليه أمامه صادراً من مجلس التأديب الابتدائي المنصوص عليه في المادة 107 من القانون، ومتى خرج الطعن في القرار محل المنازعة الماثلة عن نطاق حكمي المادتين 44، 116 سالفتى الذكر، وكان القرار لا يستظل بنص قانوني خاص آخر ينيط الاختصاص بنظر الطعن فيه إلى جهة قضائية معنية فإن الاختصاص يرتد - والحال كذلك - إلى محاكم مجلس الدولة صاحبة الاختصاص العام والأصيل في نظر المنازعات الإدارية والقاضي الطبيعي لها، ولا ينال من صحة هذا النظر - ولا يغيره ما قضت به دائرة توحيد المبادئ المنصوص عليها في المادة 54 مكرراً من قانون مجلس الدولة في الطعن رقم 3089 لسنة 35 ق. عليا بجلسة 16/ 12/ 1990 من عدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الطعون في القرارات الصادرة من مجلس نقابة المحامين بإعداد قوائم المرشحين لمنصب نقيب المحامين أو لعضوية مجلس النقابة سواء أكان وجه الطعن على تلك القرارات أنها قضت إدراج اسم أو أسماء مرشحين ما كان يجوز قانوناً إدراج أسمائهم أم لأنها أغفلت إدراج اسم مرشح أو أكثر كان يتعين إدراج أسمائهم قانوناً - ذلك أن هذا القضاء انصب - واقتصر - على تفسير حكم المادة 134 من قانون المحاماة فيما نصت عليه من أن لمن أغفل إدراج اسمه في قائمة المرشحين لعضوية مجلس النقابة أن يطعن في قرار إغفال إدراج اسمه بالقائمة أمام محكمة استئناف القاهرة خلال عشرة أيام من تاريخ نشر كشوف المرشحين، ومن ثم فلا يجوز للمطعون ضده الاستشهاد به أو الاستناد إليه توصلاً للقول بعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر النزاع الماثل، بل إن أسباب الحكم المشار إليه تؤدي إلى عكس ما يذهب إليه المطعون ضده في هذا الصدد، وتقطع بصحة ما انتهت إليه هذه المحكمة فيما سبق، فقد ورد بأسباب الحكم المشار إليه ما نصه". وحيث إنه بناء على ذلك فإنه لا يرد النص على اختصاص جهة قضائية أخرى، غير محاكم مجلس الدولة، بنظر منازعة متعلقة بقرار صادر من تشكيلات النقابة المهنية في مجال إدارة وتسيير أمورها المتعلقة بالمرفق العام الذي تقوم عليه، انطوى الاختصاص بنظرها دون جدال تحت الولاية العامة المقررة بالدستور والقانون لمحاكم مجلس الدولة بحسبانها القاضي الطبيعي لنظرها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، ووقف عند ظاهر القرار المطعون فيه مؤسساً قضاءه بعدم الاختصاص على ما أسبغه مجلس النقابة المطعون ضده من وصف غير حقيقي للقرار، وما استند إليه من نصوص قانونية لا تحمل مضمون القرار ولا تصح سنداً له، ومن ثم يتعين إلغاؤه والقضاء باختصاص مجلس الدولة "بهيئة قضاء إداري" بنظر الدعوى الماثلة.
وحيث إن الطعن أمام هذه المحكمة يطرح عليها النزاع برمته وبجميع الطلبات المطروحة في الدعوى وذلك بما للمحكمة الإدارية العليا من هيمنة تامة على الدعوى الإدارية، ولما كان ما تعرضت له هذه المحكمة من جوانب الموضوع، وبالقدر اللازم للفصل في الاختصاص قد استبان منه أن القرار المطعون فيه اصطبغ بطابع تأديبي وأنه بذلك يكون قد اعتوره غصب لاختصاص مجلس التأديب المنصوص عليه في المادة 107 من قانون المحاماة، وانطوى على إهدار لضمانات جوهرية وفرها القانون للمحامين فشابته مخالفة جسيمة للقانون مما يرد به قراراً معدوماً فإن الدعوى برمتها والحال كذلك تكون مهيأة للفصل فيها، إذ لا طائل من إعادتها إلى محكمة القضاء الإداري.
وحيث إن الدعوى استوفت أوضاعها الشكلية، فيتعين - لما تقدم من أسباب - الحكم بإلغاء القرار المطعون عليه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المطعون ضده بصفته المصروفات عن الدرجتين.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع: -
أولاً: - بإلغاء الحكم المطعون فيه، وباختصاص مجلس الدولة "بهيئة قضاء إداري" بنظر الدعوى.
ثانياً: - بقبول الدعوى شكلاً، وفي موضوعها بإلغاء قرار مجلس نقابة المحامين الصادر في 27/ 12/ 1990 بنقل أسماء المدعين إلى جدول غير المشتغلين مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ثالثاً: - بإلزام المطعون ضده بصفته المصروفات.


(1) الحكم الصادر من دائرة توحيد المبادئ المشكلة بالمادة (54) مكرراً من قانون مجلس الدولة بجلسة 16/ 12/ 1990 في الطعن رقم 3089 لسنة 35 ق قضى بعدم اختصاص مجلس الدولة بهيئة قضاء إداري بنظر الطعون في القرارات الصادرة من مجلس نقابة المحامين بإعداد قوائم المرشحين لمنصب نقيب المحامين أو لعضوية مجلس النقابة سواء أكان وجه الطعن على تلك القرارات أنها أدرجت أسماء مرشحين ما كان يجوز قانوناً إدراجها - أم لأنها أغفلت إدراج اسم مرشح أو أكثر كان يتعين إدراج أسمائهم قانوناً - هذا الحكم يتعلق بنص المادة 134 من قانون المحاماة ولا ينطبق على الحالة المعروضة - تطبيق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق