الصفحات

الأحد، 28 مايو 2023

الطعن 200 لسنة 37 ق جلسة 30 / 3 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 104 ص 1014

جلسة 30 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل - رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد أمين المهدي العباس ومحمود عبد المنعم موافي وإسماعيل عبد الحميد إبراهيم ود. محمود صفوت عثمان - المستشارين.

----------------

(104)

الطعن رقم 200 لسنة 37 القضائية

(أ) جامعات - جامعة الأزهر - استنفاد مرات الرسوب - قواعده وشروطه.
القواعد الصادرة في 27/ 2/ 1988 تخاطب فئتين من الطلاب المقيدين من الخارج خلال العام الدراسي 87/ 1988 - (الفئة الأولى) من استنفد مرتي الرسوب من الداخل ومرة من الخارج - إذا أدى الامتحان للمرة الرابعة في 87/ 1988 لا يستفيد من المرحلة الانتقالية الواردة بالقواعد المشار إليها - (الفئة الثانية): وتشمل من قيد في العام الدراسي 87/ 1988 لأداء امتحان الفرصة الأولى من الخارج بعد استنفاد مرتي الرسوب من الداخل - هذه الفئة هي المعنية بالمرحلة الانتقالية فيتاح لمن رسب في أداء الفرصة الأولى من الخارج فرصة أخرى - تطبيق (1).
(ب) جامعات - جامعة الأزهر - طلابها 

- قواعد تقديم الأعذار المرضية - سريانها لا تسرى قواعد الأعذار المرضية للطلاب إلا من تاريخ علمهم بها - صدورها في منتصف شهر مايو سنة 1988 وإبلاغها للكليات في 23/ 5/ 1988 وتوقيع البعض عليها في 24/ 5/ 1988 وعدم تقديم ما يفيد علم الطلاب بها بعد ذلك التاريخ مؤداه عدم سريانها في حق الطلاب الذين كانوا يؤدون امتحان دور مايو سنة 1988 لعدم تحقق العلم اليقيني لديهم بتلك القواعد - تطبيق.


إجراءات الطعن

بتاريخ 3/ 2/ 1990 أودع الأستاذ السيد محمد نصر الدين المحامي بصفته وكيلاً عن السيدة.... قلم كتاب المحكمة الإدارية تقريراً بالطعن قيد بجدولها العام تحت رقم 200 لسنة 32 ق. عليا ضد كل من رئيس جامعة الأزهر بصفته وعميد كلية الطب فرع البنات بصفته في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 13/ 11/ 1990 في الدعوى رقم 5248 لسنة 44 ق فيما قضى به من قبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وطلبت الطاعنة للأسباب التي ساقتها في تقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإلغائه والقضاء مجدداً بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بالمصروفات وأودع المستشار علي رضا مفوض الدولة عن هيئة مفوضي الدولة بعد تحضير الدعوى تقريراً مسبباً بالرأي القانوني خلصت في ختامه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً. وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 7/ 1/ 1991، وقد نظر الطعن فيها وفي الجلسات التالية على النحو الثابت بمحاضر الجلسات حتى قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي حددت لنظره جلسة 16/ 3/ 1991 حيث نظر الطعن فيها على النحو الثابت بمحضر الجلسة وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 30/ 3/ 1991، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية المتطلبة قانوناً.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعنة كانت قد أقامت الدعوى رقم 5248 لسنة 44 ق طالبة الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء القرار السلبي بامتناع جامعة الأزهر من إعطائها فرصتي الامتحان تعويضاً لها عن دور مايو 87/ 1988، دور مايو 88/ 1989 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقالت في شرح الدعوى إنها وصلت في دراستها إلى السنة الثالثة بكلية الطب بجامعة الأزهر، وبسبب ظروف مرضية ألمت بها لم تتمكن من دخول الامتحان في دور مايو 87/ 1988، ودور مايو 88/ 1989، ولما كانت ظروفها المرضية الثابتة هي التي حالت بينها وبين دخول هذين الامتحانين فقد تقدمت بطلب لأداء الامتحان في دور سبتمبر 88/ 1989، إلا أن الجامعة منعتها من دخول هذا الامتحان باعتبارها من الطلاب الذين استنفدوا مرات الرسوب الأمر الذي دعاها إلى التقدم بطلب إلى رئيس الجامعة تلتمس فيه أحقيتها في الحصول على فرصتين لدخول الامتحان تعويضاً لها عن عدم دخولها دوري مايو 87/ 1988، 88/ 1989 اللذين لم تدخلهما بسبب ظروف المرض، إلا أن الجامعة امتنعت عن إجابتها إلى طلبها الأمر الذي دعاها إلى إقامة دعواها المشار إليها طالبة الحكم بما سبق بيانه من طلبات.
ومن حيث إنه بجلسة 13/ 11/ 1990 حكمت محكمة القضاء الإداري بقبول الدعوى شكلاً وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إحالة الدعوى إلى هيئة مفوضي الدولة لتحضيرها موضوعاً، وأقامت المحكمة قضاءها هذا على ما ورد من حكم في المادة رقم 220 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التي يشملها الصادرة بقرار رئيس الجمهورية رقم 250 لسنة 1975 وقالت المحكمة بعد أن عرضت لتفسير هذا النص أن المشرع قد قرر منح فرصتين للتقدم للامتحان من الداخل وفرصة ثالثة للتقدم للامتحان من الخارج، وأنه لما كان الثابت من الأوراق أن المدعية دخلت امتحان عام 1986/ 1987 ورسبت ثم عام 87/ 88 ورسبت، ثم تقدمت للامتحان من الخارج عام 88/ 1989 ورسبت، فمن ثم فإنها تكون قد استنفدت مرات الرسوب المقررة قانوناً، وتبعاً لذلك يكون قرار الجامعة السلبي بالامتناع عن إعطائها فرصة أخرى لأداء الامتحان من الخارج هو ما يتفق مع صحيح حكم القانون الأمر الذي يتخلف معه ركن الجدية في طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مما يتعين معه القضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه دونما حاجة لبحث مدى توافر ركن الاستعجال.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل يقوم على أن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه هو مذهب غير سديد ذلك أن من المقرر وجود فرصتين لدخول الامتحان في كل عام دراسي على حدة، واحدة في مايو والأخرى في سبتمبر، وبذلك يكون لكل طالب الحق في دخول الامتحان أربع مرات من الداخل ومرتين من الخارج وذلك حسبما تقضي اللائحة ودون حاجة إلى ما وافق عليه رئيس الوزراء، وهو ما تقضي به مبادئ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، وجميعها مقررة بأحكام الدستور، فإذا ما منع المرض الطاعنة من دخول الامتحان في دورين من الستة أدوار فلا يصح اعتبارها ممن استنفدوا مرات الرسوب، لأنه يتبقى لها فرصتان حتى تستنفد عدد مرات الرسوب الستة، ويكون من حقها دخول الامتحان في دورين تاليين تعويضاً لها عما فاتها بعذر قهري لا يد لها فيه، كما أن الحكم المطعون فيه قد شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب والحكم على خلاف حكم سابق فقد ذهب الحكم إلى أن الطاعنة رسبت ثلاث سنوات، وتكون قد حصلت على الفرص الثلاث ومن ثم قد استنفدت مرات الرسوب، بينما ذهبت نفس الدائرة التي أصدرت الحكم في حكم سابق لها في الدعوى رقم 6484 لسنة 43 ق بجلسة 26/ 12/ 1989 إلى أن سنة 87/ 1988 هي بداية المرحلة الانتقالية التي لا تستكمل أوضاعها إلا بمنح من رسب في تلك السنة للمرة الثالثة فرصة رابعة وأخيرة عام 88/ 1989، وأن قرار رئيس الجامعة وما صدر تنفيذاً له من قرارات بعدم منح فرصة رابعة وأخيرة للامتحان من الخارج قد شابها مخالفة للقاعدة التنظيمية التي تقررت بالجامعة لتنظيم مرحلة انتقالية تمهيداً للعدول عن القواعد التي وضعتها الجامعة وجرت على تطبيقها، الأمر الذي يكون معه ركن الجدية متوافراً في طلب وقف تنفيذ قرار رئيس الجامعة، ومتى كان ذلك وكانت الدعوى في جوهرها تنصب على منح الطاعنة فرصة رابعة وأخيرة لدخول الامتحان أسوة بزملائها خصوصاً وأن المرض قد حرمها من دخول دورين سابقين، فإن حق الطاعنة يبدو واضحاً وجلياً في منحها فرصة رابعة وأخيرة تحقيقاً لمبدأ المساواة، وإذ جاء الحكم المطعون فيه على خلاف ذلك فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله مما يجعلها خليقاً بالإلغاء وخلصت الطاعنة إلى طلب الحكم بما سبق بيانه من طلبات.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن القائل بخطأ الحكم المطعون فيه فيما ذهب إليه من أن الطاعنة برسوبها ثلاث سنوات تكون قد استنفدت مرات الرسوب وأنها لا تستفيد من القواعد الانتقالية التي سارت جامعة الأزهر على تطبيقها وذلك بمنح الطلاب فرصة رابعة من الخارج فإن المستفاد من المذكرة المؤرخة في 27/ 2/ 1988 التي وافق عليها السيد رئيس الوزراء بناء على عرض صاحب الفضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر، أن المرحلة الانتقالية التي حددتها المذكرة إنما تظل فئتين من الطلاب المقيدين من الخارج خلال العام الدراسي 87/ 1988، الفئة الأولى وتشمل من كان عام 87/ 1988 هو بالنسبة لهم العام الدراسي الذي يؤدون فيه امتحان الفرصة الرابعة الاستثنائية، بمعنى أنه سبق لهم أن استنفدوا مرتي الرسوب من الداخل ومرة الرسوب من الخارج، فهؤلاء بمجرد أداء الامتحان كفرصة رابعة عام 87/ 1988 لا يكون ثمة مجال أمامهم للاستفادة من هذه المرحلة الانتقالية، والفئة الثانية هي فئة الطلاب الذين قيدوا بالكلية في العام الدراسي 87/ 1988 لأداء امتحان الفرصة الأولى من الخارج، أي بعد استنفادهم مرتي الرسوب من الداخل، فهذه الفئة تكون هي المعنية بمرحلة الانتقال فيتاح لطلابها فيما لو رسبوا في امتحان الفرصة الأولى من الخارج فرصة رابعة من الخارج أيضاً خلال العام الدراسي 88/ 1989 وبذلك يتحقق إعمال مفهوم القاعدة التي عبرت عنها الجامعة أنها مرحلة انتقالية لمدة عام واحد بمعنى أن يكون عام 87/ 1988 هو بداية المرحلة الانتقالية التي لا يتحقق استكمال أوضاعها إلا بمنح من رسب في تلك السنة للمرة الثالثة من الخارج فرصة رابعة وأخيرة من الخارج أيضاً عام 88/ 1989 ويترتب على ذلك أيضاً ومن باب اللزوم أن الطلاب الذين لم يكونوا قد استنفدوا مرتي الرسوب من الداخل أو مرة الرسوب من الخارج عند بداية المرحلة الانتقالية 87/ 1988 لا يفيدون أيضاً من ذلك لأنهم عند نهاية المرحلة الانتقالية كان ما يزال أمامهم فرصة لأداء الامتحان سواء من الداخل أو الخارج خلال عام 88/ 1989.
ومن حيث إنه بالاطلاع على بيان الحالة الدراسية للطاعنة المقدم من جامعة الأزهر فإنه يبين أنها قيدت بالفرقة الثالثة بالكلية لأول مرة حيث أدت الامتحان في عام 86/ 1987 ورسبت، وأنها بقيت للإعادة بالفرقة الثالثة وأدت الامتحان من الداخل ورسبت، وبذلك فإنها عند بداية تطبيق المرحلة الانتقالية كان ما زال أمامها فرصة لأداء الامتحان من الخارج في العام التالي 88/ 1989، وبذلك فإنها لا تفيد من القواعد التي أرستها القواعد الانتقالية لأنها تنطبق فقط على من كان خلال العام 87/ 1988 يؤدي الفرصة الثالثة من الخارج، والثابت أنها قد أدت الامتحان في عام 88/ 1989 ورسبت وبالتالي فإنها تكون قد استنفدت مرات الرسوب ولا تفيد من القواعد الانتقالية سالفة البيان.
ومن حيث إنه عن الوجه الثاني من أوجه الطعن وحاصله أن الطاعنة قد أصابها المرض الذي حال بينها وبين دخول الامتحان في دور مايو من العام الدراسي 87/ 1988 ودور مايو من العام الدراسي 88/ 1989 وأنها تقدمت بأعذار لم تقبلها الجامعة على الرغم من ثبوت مرضها، فإنه بالاطلاع على حوافظ المستندات المقدمة من جامعة الأزهر سواء أمام القضاء الإداري أو أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة أو خلال المرافعة أمام المحكمة، أن الطاعنة قد تغيبت فعلاً عن أداء دور مايو في العامين الدراسيين 87/ 1988، 88/ 1989 وأنها تقدمت بشهادات مرضية لم تقبلها الجامعة استناداً إلى أنها لم تقدم في الميعاد المقرر لتقديم الأعذار المرضية المحدد في قرار السيد رئيس جامعة الأزهر الصادر في 15 من مايو سنة 1988 والذي يقضي البند الثاني منه على أن تقدم الاعتذارات المرضية باسم السيد الدكتور عميد الكلية المختص وذلك قبل بداية الامتحان وأثناءه فقط.
ومن حيث إنه بالاطلاع على هذا النظام فإنه يبين أنه قد صدر بموجب كتاب مؤرخ في 15 من مايو سنة 1988 موجه إلى عمداء الكليات وذكر فيه السيد رئيس الجامعة أنه بمناسبة عقد امتحانات نهاية العام الجامعي 87/ 1988 نرجو الإحاطة أنه تقرر النظام التالي بشأن البت في الاعتذارات المرضية المقدمة من الطلاب والطالبات.... (2) تقدم الاعتذارات المرضية باسم الدكتور عميد الكلية المختص وذلك قبل بداية الامتحان أو أثناءه فقط....، وتوجد تأشيرة بالتنبيه على من يدعى السيد/.... لإعلان الزملاء والتوقيع بالعلم، كما يحمل الكتاب بعض التوقيعات بالعلم بتاريخ 24/ 5/ 1988 ومن حيث إنه يكشف ما تقدم أن القواعد التي رأى السيد رئيس جامعة الأزهر تطبيقها في مجال قبول الأعذار المرضية لم تصدر إلا في منتصف شهر مايو سنة 1988 وأنها لم تبلغ إلى الكليات إلا بتاريخ 23/ 5/ 1988 وتم التوقيع عليها من البعض بالعلم بتاريخ 24/ 5/ 1988، ولا يبين من صورة الكتاب الذي تضمن هذه القواعد والمودع بحافظة مستندات الجامعة المقدمة بجلسة 18/ 2/ 1991 الكلية التي تم توجيه هذا الكتاب إليها كما لم تفصح الجامعة أو تبين وسيلة إحاطة الطلاب بعد تاريخ 24 من مايو سنة 1988 علماً بصدور القواعد المذكورة، وبالتالي فإنه يكون من غير المستساغ القول بسريان هذه القواعد على الطلاب الذين كانوا يؤدون فعلاً امتحان دور مايو سنة 1988 الذين حضر منهم من حضر وتغيب منهم من كان مريضاً أو لديه عذر آخر دون أن يتوفر له العلم اليقيني بصدور مثل هذه القاعدة التي أصبحت توجب عليه التقدم بالعذر قبل أو أثناء الامتحان، ويكون من غير المقبول الامتناع عن البت في الأعذار المرضية التي تقدم من دور مايو 1988 على الأقل بحجة صدور هذه القواعد التي من المؤكد أنها لم تتصل بعلم الطلاب اليقيني عند بداية هذا الامتحان على وجه التحديد كما أن ما قدمته الجامعة المطعون ضدها من أوراق لا يبين ما إذا كانت هذه القواعد قد تم إعلانها بالوسيلة المقررة قانوناً ليحيط الطلاب علماً بصدورها ليرتبوا أمور دراستهم وحضورهم أو غيابهم عن الامتحانات على أساسها حتى بالنسبة لدور مايو سنة 1989 ومن حيث إنه وأياً ما كان وجه القول في مدى سريان هذه القواعد في حق هؤلاء الطلاب، والتي صدرت بموجب كتاب مرسل إلى عمداء الكليات واقتصر الأمر على إحاطة الأساتذة علماً بها، دون أن تثبت الجامعة المطعون ضدها ما إذا كان علم الطلاب قد اتصل بها أم أنها ظلت مجرد مكاتبات داخلية حبيسة الأضابير والمكاتب، وهو أمر يجرد هذه القواعد من قوتها الإلزامية بحيث لا يسوغ الاحتجاج بها على الطلاب الذين لم يتصل علمهم بصدورها إذا ما تقدموا بأعذار مرضية بعد المواعيد التي حددها هذا الكتاب - أياً ما كان وجه القول في شأن ذلك - فإن هذه القواعد لا تعدو أن تكون تعليمات تنفيذية لوضع بعض الأحكام المنصوص عليها في قانون الجامعة ولائحتها التنفيذية موضع التنفيذ، ذلك أن من القواعد الأساسية المنصوص عليها في شأن الامتحانات والقيد بالكليات المختلفة ما يتعلق منها بأداء الامتحان والنجاح والرسوب وحق الطالب الذي يرسب في إعادة قيده بالكلية والاستمرار في الدراسة وأداء الامتحان على أساس منحه فرصاً محددة للامتحان من الداخل وفرصاً أخرى لأداء الامتحان من الخارج، فإذا ما أدى الطالب هذه الامتحانات جميعها فعلاً ورسب يكون قد استنفد مرات الرسوب ويفصل، لقد أجازت هذه اللوائح تحقيقاً لقواعد العدالة وتقديراً لما قد يجابه الطلب في شئون حياته من ظروف واقعية أو مرضية قد يترتب عليها عدم قدرته على أداء الامتحان بقاعدة جواز التغيب عن أداء الامتحان بعذر مقبول فقد سكتت اللائحة الداخلية للجامعة عن بيان أسلوب إبدائه تاركة لإدارة الكلية والجامعة حق تقدير هذا العذر فإذا ما قبلته بموجب ما لها من سلطة تقديرية في هذا الشأن يكون للطالب أن يؤدي الامتحان في فرصة بديلة قادمة، أما إذا لم يقدم عذراً أو قدمه ورفض فإنه يكون راسباً حكماً ولا يكون له أداء الامتحان كفرصة بديلة، وقد جاءت تعليمات رئيس الجامعة لوضع مسألة التقدم بأعذار مرضية موضع التنفيذ سواء سيترتب على هذا العذر عدم التقدم للامتحان أو أداؤه في المنازل أو المستشفيات مع تحديد ما يتبع في كل حالة وبيان الأشخاص المخولين طبياً أو إدارياً بالتحقق من قيام العذر وقبوله وكيفية أداء الامتحان للطالب المريض، والمدى الزمني الذي يتعين فيه إبداء هذا العذر ومثل هذه الضوابط والقواعد نجد سندها فيما هو مخول للإدارة من سلطة تقديرية تمارسها دون أن تفلت من الرقابة القضائية ولكنها في المقام الأول تكون واجبة الاحترام ويتعين الالتزام بما ورد فيها من قواعد وضوابط ومواعيد لم تهدف الإدارة بها إلا إلى تنفيذ حكم قانوني يحقق انتظام سير الامتحانات خصوصاً والعملية التعليمية عموماً، ويحقق صالح الطلاب من أصحاب الأعذار المرضية مما لا يحرمهم من فرص أداء الامتحان إذا ما قام العذر فعلاً وأبدي بالطريق القانوني ومن حيث إنه وبالبناء على ما تقدم فإن القاعدة التي تضمنها كتاب رئيس جامعة الأزهر المشار إليه من ضرورة التقدم إلى عميد الكلية بالعذر المرضي قبل أداء الامتحان أو قبل نهايته تكون قاعدة ملزمة واجبة الاحترام ويترتب على مخالفتها عدم قبول العذر، وإذ أنه يتفق كما سلف البيان مع الغايات من تقرير قبول الأعذار المشروعة التي تمنع الطالب من دخول الامتحان وفقاً لأحكام اللائحة التنفيذية للجامعة أن يتقدم الطالب ببيان لهذا العذر قبل أداء الامتحان فإن هذا الحكم الذي يوجب ذلك ويترتب قانوناً على مخالفته عدم قبول الإخطار بالعذر وعدم بحث أثره قانوناً، فإنه في ذات الوقت يتعين أن يعمل أثر هذه القواعد التنظيمية بمراعاة القواعد العامة في النظام القانوني المصري ومن بينها أنه إذا استحال تنفيذ الالتزام بإجراء محدد وتفرضه القواعد التنظيمية التنفيذية وتثبت أن هذه الاستحالة قد تحققت لسبب قهري لا حيلة للإنسان قبله ولا مكنه له في دفعه فإنه لا يسوغ حجب الطالب عن حقه إذا ما استحال عليه إعمال واجب التبليغ بالعذر قبل الامتحان في التقدم بالعذر إلى الجهة الإدارية المختصة وإثبات الظرف القهري الذي منعه من التقدم به خلال الميعاد التنظيمي آنف الذكر فعليهما في هذه الحالة بحث الأمر والتحقق مما إذا كان ثابتاً قيام العذر فعلاً وأنه قد صاحب ذلك من أمور قهرية طارئة قد حالت بين الطالب والتقدم بالعذر في الميعاد، فإذا لم يثبت قيام مثل ما تقدم فإن العذر يكون مقدماً بعد المواعيد ويتعين عدم قبوله شكلاً والالتفات عنه، وكل ذلك تجريه الإدارة في ظل رقابة القضاء الإداري.
ومن حيث إن إدارة الجامعة قد أفصحت عن الأسباب التي استندت عليها لاتخاذ قرارها بعدم قبول أعذار الطاعنة حيث ذكرت صراحة في مذكرة دفاعها وفيما صدر عنها من كتب موجهة إلى الطاعنة أو ولي أمرها أن عدم قبول العذر يرجع إلى أنه قد قدم بعد المواعيد المقررة دون أن تنشط إلى بحث مدى جدية العذر وبحث ما إذا كانت قد قامت ظروف واقعية طارئة حالت دون تقديمه في المواعيد.
ومن حيث إن الثابت من الشهادات المرضية المقدمة من الطاعنة وأولها صادرة من الدكتور..... مستشار الطب النفسي أن الطاعنة تعاني من اضطراب نفسي وقلق واكتئاب مع أعراض وسواسية، وأنها كانت قد نصحت بالراحة الذهنية منذ أغسطس سنة 1988 وأن حالتها في نوفمبر سنة 1989 مستقرة ويمكنها العودة إلى الدراسة، وحيث إن مرض الطاعنة سالف البيان يعتبر لا شك عذراً جدياً لما هو معروف ومسلم به من أن هذا المرض لا شك يؤثر في إرادة المريض طالما استمرت حالة النشاط المرضي، الأمر الذي يعتبر ظرفاً قهرياً يحول دون إمكانية الالتزام بالمواعيد التي حددتها الجامعة للتقدم بالأعذار المرضية، لأن الأمر هنا لا يتعلق بمرض عضوي يحدث فجأة أو تجري الإصابة به من خلال تطور محسوب قد لا يؤثر على القدرات العقلية والذهنية وبالتالي لا يشوب الإرادة أو يعطلها وإنما يتعلق بحالة مرضية تختمل في النفس وقد لا تكون مصحوبة في بداية تكوينها وتطور تفاعلاتها بمظاهر خارجية يمكن ملاحظتها أو الإحساس بخطرها فإذا ما وصلت الحالة إلى النشاط المرضي المحسوس الذي يلجئ المريض أو المحيطين به إلى العلاج النفسي فإن ذلك يكون حالة مرضية تؤثر من غير شك على إرادة الطاعنة وكان يتعين على إدارة الجامعة النظر في أعذارها على هذا الأساس.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك فإن القرار السلبي الذي اتخذته الجامعة بالامتناع عن بحث وتقدير عذرها المرضي الثابت مع ما صاحبه من ظروف ترجع إلى طبيعة هذا المرض الذي أصيبت به تحول دون إمكانية الالتزام بالمواعيد المقررة في تقديم الأعذار يكون قد صدر بالمخالفة لحكم القانون وغير قائم على سببه الصحيح الأمر الذي يتعين معه الحكم بإلغائه مع ما يترتب على ذلك من آثار تتمثل في أحقية الطاعنة في دخول الامتحان بفرصتين بديلتين بحسبان أنها تغيبت عن دوري مايو 87/ 1988، 88/ 1989 بعذر مرضي مقبول.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه وقد قضى على خلاف ذلك فإنه يكون قد صدر بالمخالفة لحقيقة واقع الحال الثابت من الأوراق بالتالي يكون قد صدر بالمخالفة لصحيح حكم القانون خليقاً بالإلغاء مما يتعين معه القضاء بذلك مع ما يترتب على ذلك من أحقية الطاعنة في أداء الامتحان في حدود فرصتين على التفصيل السابق بيانه.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها إعمالاً لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار السلبي الصادر من الجهة الإدارية بعدم قبول الأعذار المقدمة من الطاعنة وبأحقيتها في أداء فرصتين بديلتين وذلك على النحو المبين في الأسباب وألزمت الجامعة المطعون ضدها بالمصروفات.


[(1)] نفس المبدأ في الطعن رقم 2281 لسنة 36 ق بجلسة 13/ 4/ 1991.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق