الصفحات

الأحد، 28 مايو 2023

الطعن 1205 لسنة 34 ق جلسة 30 / 3 / 1991 إدارية عليا مكتب فني 36 ج 2 ق 103 ص 1001

جلسة 30 من مارس سنة 1991

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد الغفار فتح الله - نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ يحيى السيد الغطريفي ومحمد مجدي محمد خليل وعطية الله رسلان ود. فاروق عبد البر السيد - المستشارين.

-------------------

(103)

الطعن رقم 1205 لسنة 34 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - الواجبات الوظيفية والمخالفات التأديبية - (عقد إداري) 

مفاد نص المادتين 12 و16 من قانون المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 استقلال عمل لجنة الممارسة عن لجنة البت وعن لجنة الفحص والاستلام - قيام العامل برئاسة لجنة الممارسة ثم لجنة البت ثم لجنتي الفحص والاستلام يشكل مخالفة لحكم القانون تستوجب المساءلة التأديبية - أساس ذلك: يجب على العامل أن يبتعد عن ما من شأنه أن يسيء إلى سمعته أو يضعه مواطن الريب والشبهات - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الخميس الموافق 17/ 3/ 1988، أودع الأستاذ/ عاطف زكي المحامي، بصفته وكيلاً عن الطاعن..... قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1205 لسنة 34 ق في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والإسكان بجلسة 28/ 2/ 1988 في الدعوى رقم 155 لسنة 29 ق المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن وآخرين، والقاضي بمجازاته بالإحالة إلى المعاش.
وطلب الطاعن - للأسباب الواردة بتقرير الطعن - قبول الطعن شكلاً، ووقف تنفيذ الحكم المطعون فيه لحين الفصل في موضوع الطعن. والحكم في موضوع الطعن: أصلياً - بإلغاء الحكم المطعون فيه والقاضي بإحالة الطاعن إلى المعاش والحكم ببراءته من التهم المسندة إليه، مع ما يترتب على ذلك من آثار، واحتياطياً - إعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المختصة للفصل فيها مجدداً بمعرفة هيئة أخرى.
وبتاريخ 24/ 3/ 1988، أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً انتهت فيه إلى طلب قبول الطعن شكلاً، ورفض طلب وقف التنفيذ، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، فيما قضى به من مجازاة الطاعن بعقوبة الإحالة إلى المعاش والحكم عليه بالجزاء الذي تراه المحكمة مناسباً.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 27/ 4/ 1988، وتدوول بجلساتها على النحو المبين بمحاضرها، وحتى انتهت بجلسة 3/ 7/ 1989 إلى وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، فيما قضى به من إحالة الطاعن إلى المعاش، وإحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته على النحو الوارد بمحاضر الجلسات، وبجلسة 23/ 2/ 1991، قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 30/ 3/ 1991، وفيها صدر الحكم، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع الموضوع، تخلص - حسبما يبين من الأوراق - فيما أبلغ به مدير عام الشئون القانونية بالهيئة العامة لمرفق الصرف الصحي للقاهرة الكبرى، بكتابة رقم 680 المؤرخ 9/ 3/ 1986، النيابة الإدارية، من ورود شكوى ممهورة بتوقيع مجهول ضد......، مدير إدارة الأمن الصناعي بالهيئة، بشأن المخالفات التي شابت عملية توريد مهمات الأمن الصناعي من شركة......
وقد أجرت الإدارة القانونية تحقيقاً في الواقعة، انتهت فيه إلى إحالة الموضوع إلى النيابة الإدارية للاختصاص. وبتاريخ 4/ 4/ 1987 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 155 لسنة 29 ق، بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارتي الصحة والإسكان متضمنة تقريراً باتهام الطاعن، ويعمل مدير إدارة الأمن الصناعي بالهيئة العامة لمرفق الصرف الصحي بالقاهرة درجة أولى بأنه خلال المدة من 12/ 2/ 1985 حتى سبتمبر 1985 خرج على مقتضى الواجب الوظيفي بأنه بوصفه رئيس لجان الممارسة والمعاينة والفحص والاستلام:
1 - قعد عن إرسال عينة من الأصناف موضوع التعاقد إلى المعمل الفني الحكومي للفحص بالمخالفة للتعليمات، مما أدى إلى استلام أصناف مخالفة للمواصفات الفنية.
2 - تسلم عدد 1000 بدلة صيانة وعدد 500 فانوس إشارة من شركة..... مباشرة بنفسه وعلى نحو منفرد وبادر بتسليم الشيك للمورد بقيمة الأصناف بالمخالفة للقرار الصادر بتشكيل لجنة الفحص والاستلام، والذي خلا من اسمه ضمن أعضائها.
3 - جمع بين رئاسة لجنة الممارسة ولجنتي فحص واستلام عدد 350 بدلة صيانة و500 فانوس إشارة وعدد 30 زوج أحذية عازل للكهرباء وبالمخالفة للتعليمات المالية مما سهل توريد أصناف مخالفة للمواصفات الفنية.
وبجلسة 28/ 2/ 1988 أصدرت المحكمة حكمها بمجازاة الطاعن بالإحالة إلى المعاش وأقامت قضاءها على أن المخالفات المسندة إليه ثابتة في حقه حسبما ورد بتقرير لجنة مصلحة الكيمياء وهيئة التوحيد القياسي، وما ورد بأقوال كل من...... و....... و.......، ....... و.......
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه ما يلي:
1 - الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب: فقد طلب الطاعن وقف الدعوى التأديبية حتى ينتهي الفصل في الدعوى الجنائية، ولكن الحكم المطعون فيه لم يستجب للطلب ولم يورد الأسانيد القانونية التي تدحض طلب الطاعن، فإن ذلك الحكم يكون فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون، قاصر التسبيب إذ لم يرد على طلب الطاعن رداً كافياً.
2 - الخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال والقصور في البيان والتسبيب فقد طلب عضو الرقابة الإدارية بالنسبة لبدلة الصيانة بيان ما إذا كانت منفذة للمياه في الوسط الحمضي والقلوي أم لا. دون أن يتبع تماماً المواصفات لبدلة الصيانة وفق ما جاء بكراسة الشروط التي جاء بها عن مواصفات تلك البدلة إنها بدلة مشمع غير منفذة للمياه قطعة واحدة، لا تتأثر بالأحماض والقلويات مقاسات مختلفة، إلا أن تقرير مصلحة الكيمياء اختلط عليه الأمر عندما أثبت أن العينة غير مطابقة للشروط والمواصفات من حيث نفاذية العينة للمياه في الوسط الحمضي والقلوي.
وعن مواصفات فانوس الإشارة، جاء بتقرير الهيئة المصرية للتوحيد والقياس، أنه لا يعمل طبقاً للمواصفات والشروط المطلوبة من حيث الوميض المتقطع - عدد الومضات، وأنه يعمل بالبطارية السائلة 6 فولت، في حين أن المطلوب توريده، يعمل بالحجارة الجافة. وقد وقع التقرير في خطأ فادح فعلى الرغم من أن مصدر الطاقة هو بطارية سائلة وأنها أرسلت مع الفانوس في 13/ 1/ 1986 فقد تحرر التقرير في 16/ 2/ 1986 وتوقف الفانوس عن إعطاء الومضات لا يفسره إلا نفاذ البطارية من كامل شحنتها من الكهرباء.
لذلك فإن الأساس الذي أجريت عليه اختبارات بدلة الصيانة وفانوس الإشارة كان غير سليم، ولا يمكن أن يؤاخذ الطاعن عن نتيجته من أن العينة غير مطابقة للمواصفات.
3 - الإخلال بحق الدفاع والفساد في الاستدلال: طلب الطاعن التصريح له بتقديم صورة رسمية من تحقيقات النيابة العامة في الموضوع، إلا أن المحكمة رفضت الطلب، مما يشكل إخلالاً بحق الدفاع، إلى جانب أن تقرير الهيئة المصرية العامة للتوحيد والقياسي عن فانوس الإشارة جاء في عبارات مرسلة لا يمكن الاطمئنان إليها.
4 - القصور في البيان والتسبيب: اتضح للطاعن من الاختبارات التي أجراها مع باقي أعضاء اللجنة على بدلة الصيانة بوضعها في مياه الصرف، أنها لا تتأثر بها وتأكد من مطابقتها للمواصفات المطلوبة، وعن الاتهام الثاني المسند للطاعن أوضح أن السبب في رئاسته لجنة الفحص والاستلام، هو تخلف رئيس اللجنة المهندس....... بسبب استدعائه للقوات المسلحة، كما قال الطاعن رداً على الاتهام الثالث أن اللوائح والقوانين لا تمنع من الجمع بين رئاسة أكثر من لجنة وأن المحظور هو الجمع بين رئاسته اللجان وسلطة الاعتماد ولم تفطن المحكمة لكل هذا الدفاع ولم ترد عليه بأي رد مما يصم الحكم بالبطلان للقصور في التسبيب.
5 - الخروج عن نطاق المشروعية: الجزاء الموقع على الطاعن في الشدة لا يتلاءم مع الاتهامات الموجهة إليه، إذ لم يترتب أي ضرر للجهة الإدارية ذلك أن بدل الصيانة والفوانيس لا زالت تستعمل ومطلوب توريد المزيد منها، الأمر الذي يتعين مع إلغاء الحكم المطعون فيه لبطلان الجزاء وإنزال الحكم الصحيح للقانون.
ومن حيث إن....... مدير إدارة العقود والمشتريات بالهيئة ذكر في التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية، وأن........ مدير إدارة الأمن الصناعي السابق تقدم بمذكرة لشراء مهمات أمن صناعي، وقد وافق رئيس مجلس الإدارة في 9/ 10/ 1984 على الطلب، على أن يتم الشراء بمناقصة عامة، وعليه قامت إدارة العقود في 20/ 10/ 1984 بإعلان عن مناقصة تقدم لها ستة عشر مورداً بكراسات الشروط والمواصفات وتشكلت لجنة لفتح المظاريف برئاسة الطاعن وقامت بفتح العروض المقدمة من الشركات المتقدمة للمناقصة، ثم اجتمعت لجنة البت المشكلة برئاسة الطاعن بجلسة 20/ 1/ 1985 وقررت إلغاء المناقصة، وذلك لعدم اقتران بعض العروض بالتأمينات الابتدائية كاملة أو تقديم عينات، واعتمد رئيس مجلس إدارة الهيئة قرار اللجنة في 21/ 1/ 1985 على أن يعاد طرحها في ممارسة بين ذات الموردين. وشكلت لجنة الممارسة برئاسة الطاعن وتحددت جلسة الممارسة يوم 12/ 2/ 1985 وتقدمت بعض الشركات لها، وتأجلت الممارسة إلى يوم 26/ 2/ 1985 لعدم حضور مندوب شركة الأزياء الحديثة وشركة يحى للتوريدات. وأعيد إخطار أصحاب العروض الثمانية ووردت خمسة عروض منها شركة ف - العرابي، ومؤسسة الأطباء والأمن الصناعي دون شركة يحيى نظراً لعدم تقدم الممارسين لعينات الأصناف فقد تأجلت إلى يوم 5/ 3/ 1985 ووقع الموردون بما يفيد العلم. وفي تلك الجلسة رأت اللجنة إرجاء البت وتكليف الطاعن و..... و..... بإجراء التحليلات للعينات. وحررت اللجنة المذكورة تقريراً أوضحت فيه أن فانوس الإشارة وبدل الصيانة والأحذية مطابقة للمواصفات الفنية، وعليه انتهت اللجنة بجلسة 26/ 3/ 1985 إلى قبول العرض المقدم من عشماوي جروب عن فانوس الإشارة وبدل الصيانة، وتحرر لها أمر توريد رقم 66 في 3/ 4/ 1985. وتشكلت لجنة برئاسة الطاعن تسلمت 350 بدلة صيانة. كما شكلت لجنة أخرى برئاسة الطاعن تسلمت 500 فانوس إشارة. وأضاف أنه بتاريخ 21/ 10/ 1985 ورد كتاب إدارة المخازن رقم 1491 مرفقاً به تقرير حرف ( أ ) يفيد أن شركة عشماوي جروب قامت بتوريد الأصناف على الوجه الأكمل ولا مانع من رد التأمين، وأحيل التقرير إلى إدارة الحسابات.
ومن حيث إن....... المهندس الزراعي بإدارة الأمن الصناعي ذكر أن الطاعن تعهد بإرسال عينة من بدل الصيانة إلى مصلحة الكيمياء، إلا أنه اكتفى وعلى مسئوليته بوضعها في مياه المجاري لمدة 15 يوماً، وأن الطاعن استلم بمفرده الأصناف الموردة وأدخلها إلى المخازن واستلم الشيكات ووردها إلى المورد دون علم اللجنة، ثم طلب منه بعد ذلك التوقيع على محاضر الفحص باعتباره إجراء شكلياً، وأن الطاعن هو المسئول فنياً عن سلامة الأصناف. وأضاف أن الطاعن استغل عدم خبرته في مجال الأمن الصناعي والمهمات الموردة وأدرج اسمه ضمن أعضاء لجنة الفحص والاستلام بدعوى أنه (أي الطاعن) سيكون مسئولاً عن كافة الإجراءات باعتباره رئيس اللجنة. وبناء على ذلك وقع المحاضر. وأنهى أقواله بأن الطاعن هو المسئول عن إرسال العينات إلى مصلحة الكيمياء للفحص باعتباره رئيس اللجنة والمختص بأعمال الأمن الصناعي.
ومن حيث إن...... المهندس بإدارة الأمن الصناعي، ذكر أن الطاعن أبلغه أنه قام بإرسال عينة من الفوانيس وبدل الصيانة والأحذية إلى مصلحة الكيمياء، وتأكد من صلاحيتها وطلب منه التوقيع على محضري الفحص والاستلام لعدد 350 و650 بدلة صيانة التي سبق أن تسلمها بنفسه من المورد وأدخلها في عهدة...... أمين المخزن وعليه فقد اكتفى بالتأكد من سلامة هذه الأصناف ظاهرياً، وأن الطاعن تسلم منه الشيك الصادر للمورد وقام بتسليمه بنفسه. وأضاف أنه عندما شاهد الأصناف على الطبيعة تلاحظ له أنها غير مألوفة وكأنها مصنعة خصيصاً لهذه المناقصة ورفض استلامها، وبادر الطاعن بإحضار نموذج عينة عنده موقع عليه من أعضاء لجنة الممارسة، وأفهمه أن الأصناف مطابقة للعينة، وأن امتناعه عن الاستلام يعرضه للمساءلة القانونية، وهدده بأن صاحب الشركة له نفوذ بالهيئة، فوقع على محضر الاستلام باعتباره عضواً ووقع الطاعن رئيساً للجنة ومن حيث إن...... وكيل إدارة المخازن بالهيئة، ذكر أن قرار تشكيل لجنة فحص واستلام مهمات الأمن الصناعي خلت من اسم.....، وأن اشتراكه في استلام المهمات بمفرده من شركة عشماوي جروب وف - العرابي يخالف القواعد المالية لعدم جواز جمعه بين رئاسة لجنة الممارسة ولجنة الفحص والاستلام.
ومن حيث إن الطاعن....... مدير إدارة الأمن الصناعي، قرر أنه رأس لجنة ممارسة العروض المقدمة من الموردين لتوريد مهمات الأمن الصناعي، وعرض للظروف التي أحاطت بأعمال اللجنة حتى رسو العطاء على شركة عشماوي جروب لتوريد عدد 1000 بدلة صيانة، و500 فانوس إشارة، وعلى شركة ف - العرابي لتوريد 30 حذاء عازل. وأضاف أنه نظراً إلى أن بدل الصيانة مخصصة في الأصل لعمليات التسليك على سطح الأرض، ومن ثم لا يضطر العامل للغطس بها فإنه اكتفى بوضعها في مياه المجاري لمدة خمسة عشر يوماً، وتأكد له عدم نفاذيتها للمياه في أي الأحوال، وبالتالي لم يرسلها إلى مصلحة الكيمياء للفحص. أما عن فانوس الإشارة فإن الوارد بكراسة الشروط أن يعمل بالبطارية الجافة ويعطي وميضاً متقطعاً حتى 120 ومضة في الدقيقة، وأثناء الممارسة عرض فانوس يعمل بالبطارية السائلة ونظراً إلى أنه يمكن إعادة شحنها أكثر من مرة فقد أصدر أمر التوريد ببطارية سائلة محله - وقد روعي في ذلك المصلحة العامة. وأنه باعتبار أن هذه هي المرة الأولى التي تورد فيها مثل هذه الأصناف فلم يقم بإرسال عينة منها إلى مصلحة الكيمياء، فضلاً عن عدم إلمامه بالتعليمات المالية واستطرد قائلاً أنه صدر قرار رئيس مجلس الإدارة بتشكيل لجنة برئاسة المهندس..... لاستلام مهمات أمري التوريد رقمي 65 و66 ولظروف استدعاء المذكور إلى الاحتياط في المدة من 20/ 4/ 1985 حتى 11/ 5/ 1985 قام بنفسه باستلام الأصناف من شركتي عشماوي جروب وف - العرابي وترأس لجنتي تسلم عدد 350 بدلة صيانة إلى مخزن الوحدات الثقيلة، وتسلم عدد 500 فانوس إشارة.
ومن حيث إنه جاء بتقرير مصلحة الكيمياء أن بدل الصيانة الموردة مخالفة للمواصفات الموضوعة من قبل الهيئة العامة للصرف الصحي، إذ أنها منفذة للقلويات والأحماض، كما أن الهيئة العامة للتوحيد والقياس رأت أن فانوس الإشارة المورد مخالف للمواصفات، فهو لا يعطي سوى 30 ومضة في المرة الأولى للتشغيل، ولم يعط إلا عدد قليلاً في الثانية، وأن الفانوس لا يتحمل ظروف التشغيل لوجود بطارية سائلة، وقرر..... المهندس بالهيئة العامة للصرف الصحي أنه قام بفحص البطارية السائلة المورد بها فانوس الإشارة محل الفحص، فتبين له أن البطارية الجافة تفضل البطارية السائلة حيث يمكن شحنها عدة مرات. وتمتاز بسهولة الحمل وصغر الحجم، وأنه تبين له أن الجهاز المورد غير ملائم لظروف التشغيل بالبطارية السائلة وأن قيمته لا تتجاوز ثلاثين جنيهاً.
ومن حيث إن لجنة مشكلة من أساتذة كلية الهندسة جامعة القاهرة أودعت تقريراً انتهت فيه إلى أن الفانوس المسلم كعينة عشوائية من مخازن هيئة الصرف الصحي، مطابق لما هو مطلوب في أمر التوريد رقم 66 لسنة 1985 وأن سعر الفانوس مناسب، وأن اختيار البطارية السائلة لتشغيل الفانوس هو لرخص ثمنها، وأن عدم إمكان تشغيله كان نتيجة جهل في استخدامه. وأنه بفحص عينه البدل يبين أن قماش البدلة مقاوم لنفاذية المادة الحمضية والقلوية ذات الرقم الايدروجيني الذي يتراوح بين 8 و7 وحتى 4 وذلك لمدة ثلاث ساعات وهي المدة المعقولة لتنفيذ أعمال الصيانة العادية للصرف الصحي، وأنه ليس بالمناقصة ما يدل على حمضية أو قلوية مياه المجاري المصرية، وأن قماش البدلة محل الفحص مقاوم لنفاذية مياه المجاري العادية لمدة ثلاث ساعات. وإن هذه المدة كافية لإجراء الصيانة العادية بشبكة المجاري. وإن البدلة بذلك تكون صالحة للاستعمال في أعمال الصيانة ومطابقة للمواصفات والشروط الواردة في أمر التوريد.
ومن حيث إن محكمة أمن الدولة العليا اعتدت بنتيجة تقرير اللجنة المشكلة من أساتذة كلية الهندسة. وذلك لبناء هذه النتيجة على مقومات وأسس فنية صحيحة وموصلة إلى النتيجة التي انتهى إليها التقرير، والتي ثبت منها أن فوانيس الإشارة وبدل الصيانة مطابقة للشروط الواردة في أمر التوريد رقم 66 لسنة 1985 وأن السعر مناسب، ولذلك أطرحت كافة أدلة الثبوت التي ركنت إليها النيابة العامة في القول بثبوت الوقائع المسندة إلى المتهمين، وترتيباً على ذلك قضت ببراءة المتهمين، ومنهم الطاعن في قضية النيابة العامة رقم 6290 لسنة 86 الأزبكية ورقم 2550 لسنة 86 كلي.
ومن حيث إن الحكم الجنائي سالف الذكر ينفي واقعة مخالفة فوانيس الإشارة وبدل الصيانة للمواصفات، وينتهي إلى مطابقتها للمواصفات والشروط الواردة في أمر التوريد، لذا لا يسع هذه المحكمة إلا التسليم بصحة هذه الواقعة، باعتبار أن الحكم الجنائي له حجية فيما يثبته من وجود أو نفي واقعة معينة.
ومن حيث إنه على الرغم مما سبق، يبقى أن الطاعن قد أتى من المخالفات التأديبية ما يجب مؤاخذته عنها، فقد رأت لجنة الممارسة في 5/ 3/ 1985 تكليف الطاعن و...... و...... بإجراء التحليلات للعينات المقدمة، فقد جاء بتوصيات اللجنة "توصي اللجنة بعدم الترسية إلا بعد إجراء معاينة على الطبيعة... وكذا إرسال عينة بدل الصيانة إلى مصلحة الكيمياء لمعرفة مدى تأثرها بالأحماض والقلويات بمعرفة لجنة تشكل من.... وإعداد تقرير معاينة يقدم إلى لجنة البت لهذه العملية للوقوف على مدى مطابقة الشروط والمواصفات الفنية للعينات المقدمة المراد معاينتها على الطبيعة وذلك حفاظاً على أمن وسلامة العاملين الذين سيستخدمون هذه المهمات، وعلى أن يراعى في الاعتبار تقديم تقرير المعانية ونتيجة التحليل خلال مدة سريان العروض للبت في العملية وسوف تجتمع اللجنة للبت في نتيجة الممارسة فور تقديم تقرير المعاينة ونتيجة التحليل الكميائي وفي 26/ 3/ 1985 أقر رئيس اللجنة (الطاعن) والأعضاء بأن فانوس الإشارة وبدلة الصيانة المقدمة من عشماوي جروب مطابقة للمواصفات دون تنفيذ التوصية بإرسال العينة إلى مصلحة الكيمياء.
ومن حيث إنه فضلاً عما أتاه الطاعن من مخالفة لتوصية لجنة الممارسة، بعدم إرسال العينات للتحليل أو للجهات الفنية المختصة، فإن ما أتاه يخالف ما أوجبه القانون كذلك. فقد نصت المادة 22 من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير المالية رقم 157 لسنة 1983 على أن "تتولى إدارة المشتريات أو القسم المختص فرز عينات كل صنف وقيدها بالسجل الخاص بالعينات، ويجب أن يبين بهذا السجل تاريخ المناقصة ونوعها. وعلى مدير المشتريات، ورئيس القسم أن يرسل فوراً أو في خلال اليومين التاليين على الأكثر لتاريخ فتح المظاريف ما يقتضي إرساله منها إلى المعمل الفني الحكومي أو إلى الجهة الفنية المختصة حتى يتسنى إجراء التحليل المطلوب على وجه السرعة. وعند ورود التقارير الخاصة بها تدون جميع البيانات بالسجل المذكور أمام كل عينة ليعرض على لجنة البت "كما نصت المادة 23 على أن "العينات المقدمة مع العطاءات التي لا يمكن بحسب طبيعتها التحقق من مطابقتها للمواصفات أو العينات النموذجية - بالمعاينة البسيطة - يجب إرسالها إلى المعمل الفني الحكومي المختص أو إلى الجهة الفنية المختصة لفحصها واختيارها إذا كانت قيمة الصنف الواحد تزيد على ألفي جنيه...".
ومن حيث إن قراراً صدر من رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمرفق الصرف الصحي في 16/ 4/ 1985 بتعيين أعضاء لجنة فحص واستلام مهمات الأمن الصناعي الخاص بأمري التوريد رقمي 65 و66 من السادة..... و..... و..... و.....، غير أن الطاعن نصب من نفسه رئيساً للجنتي الفحص والاستلام ضارباً بعرض الحائط قرار رئيس مجلس الإدارة سالف الذكر، كما قام بتسليم الأصناف دون مراعاة منه لحكم المادة 99/ 1 من لائحة المناقصات والمزايدات التي نصت على أنه "عند ورود أصناف للمخازن من صفقات تزيد قيمتها على ألفي جنيه ويكون قد سبق إرسال عينات عنها عند تقديم العطاءات للمعمل الفني الحكومي المختص أو تم التعاقد عليها على أساس شروط ومواصفات جهة الإدارة، فتؤخذ عينة منها وتقسم إن أمكن قسمتها إلى قسمين وإلا فتختار عينتان من هذه الأصناف بحضور لجنة الفحص والمتعهد أو مندوبه أما العينة الأخرى فتختم بخاتم رئيس اللجنة ويوقعها عضوان من أعضائها ويعمل محضر توقعه لجنة الفحص والمتعهد أو مندوبه بأن هذه العينة مطابقة للعينة المحفوظة لدى رئيس لجنة الفحص، ثم ترسل للمعمل الكيميائي بعد إعطائها رقماً سرياً مع ذكر رقم وتاريخ شهادة تحليل المعمل للعينة الأصلية للاسترشاد بها عند الفحص، وترافق شهادة التحليل مستندات الصرف".
ومن حيث إن المادة 16 من القانون رقم 9 لسنة 1983 بتنظيم المناقصات والمزايدات تنص على أن "تسري على الممارسة الأحكام الخاصة بالمناقصات فيما لم يرد بشأنه نص خاص بها في هذا القانون". وتنص المادة 12 من القانون المذكور على أن "يكون البت في المناقصات بأنواعها عن طريق لجنتين تقوم إحداهما بفتح المظاريف والأخرى بالبت في المناقصة. على أنه بالنسبة للمناقصات التي تقل قيمتها عن 5000 جنيه فيكون فتح مظاريفها والبت فيها عن طريق لجنة واحدة".
ومن حيث إنه لا يجوز وفقاً للنصين سالفي الذكر، أن تكون لجنة فتح المظاريف هي لجنة البت هي لجنة الفحص والاستلام في المناقصات، فإنه لا يجوز أن تكون لجنة الممارسة هي لجنة البت هي لجنة الفحص والاستلام. وإذا كان الأمر كذلك وكان الطاعن قد قام برئاسة لجنة الممارسة ثم لجنة البت ثم لجنتي الفحص والاستلام، فإنه يكون قد خالف القانون ومن حيث إن المخالفات سالفة الذكر والتي ارتكبها الطاعن، تضعه موضع الشك والريب، من أنه بما أتاه حاول تسهيل قبول أصناف من موردين معينين، بما يمثل ذلك من إخلال جسيم بواجباته الوظيفية التي تفرض عليه أن يعمل كل ما من شأنه تحقيق المصلحة العامة، وأن يكون أميناً في أداء واجباته الوظيفية، وأن يبتعد عن كل ما من شأنه أن يسيء إلى سمعته كموظف عام.
ومن حيث إنه على الرغم من ثبوت المخالفات سالفة الذكر في حق الطاعن، إلا أنها لا تستأهل أن يكون جزاؤها الإحالة إلى المعاش، ذلك أنه يتعين أن يكون الجزاء متناسباً مع الذنب الإداري وإلا أضحى غير مشروع. وإذا كان الجزاء سالف الذكر يتسم بالشدة والقسوة، ولم يثبت من الأوراق أن الطاعن سبق وأن ارتكب ذنباً جسيماً يمكن أن يقال معه أنه لم يعد صالحاً لشغل الوظيفة، لذا فإن المحكمة تقضي بإلغاء الحكم المطعون فيه، فيما تضمنه من مجازاة الطاعن بالإحالة إلى المعاش، وترى أن الجزاء المناسب لما أتاه هو الخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بالإحالة إلى المعاش، وبمجازاته بالخفض إلى وظيفة في الدرجة الأدنى مباشرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق