الصفحات

الأربعاء، 24 مايو 2023

الطعن رقم 2 لسنة 43 ق دستورية عليا " منازعة تنفيذ " جلسة 13 / 5 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث عشر من مايو سنة 2023م، الموافق الثالث والعشرين من شوال سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 2 لسنة 43 قضائية منازعة تنفيذ

المقامة من
1- عبد الحليم فهمي عبد الحليم رابـــــع
2- سامي فهمي عبد الحليم رابــع
3- مجدي فهمي عبد الحليم رابع
4- فتحية فهمي عبد الحليم رابــع
5- أحمد فتحي فهمي عبد الحليم رابـع عن نفسيهما وبصفتيهما وريثي
6- نيفين فتحي فهمي عبد الحليم رابـع حنان زهدي عبد الغني كيالي
ضد
1- رئيس الجمهورية
2- رئيس مجلس الوزراء
3- وزيـر العـــــدل
4- وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانيـــــــة الجديـــدة
5- مدير إدارة تنفيذ الأحكام القضائية بمحكمة القاهرة الجديدة
6- رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية
7- رئيس هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة
8- رئيس الإدارة المركزية للشئون التجارية والعقارية بهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة
9- المدير التنفيذي والعضو المنتدب لشركة مصر الجديدة للإسكان والتعمير

-------------------

" الإجراءات "
بتاريخ التاسع من يناير سنة 2021، أودع المدعون صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم بالاستمرار في تنفيذ حكمي المحكمة الدستورية العليا الصادر أولهما بجلسة 1/ 10/ 1994، في الدعوى رقم 20 لسنة 15 قضائية دستورية، والصادر ثانيهما بجلسة 5/ 5/ 2018، في الدعوى رقم 36 لسنة 38 قضائية تنازع، وعدم الاعتداد بالحكمين الصادرين من محكمة شمال القاهرة الابتدائية بجلسة 30/ 4/ 2017، في الدعوى رقم 5629 لسنة 1997 مدني كلي، ومحكمة استئناف القاهرة بجلسة 13/ 1/ 2019، في الاستئنافين رقمي 6684، 7549 لسنة 21 قضائية، وقرار محكمة النقض - في غرفة مشورة - بجلسة 14/ 7/ 2020، في الطعن رقم 4864 لسنة 89 قضائية.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى.
وقدمت الشركة المدعى عليها التاسعة مذكرة، طلبت فيها أصليًّا: الحكم بعدم قبول الدعوى، واحتياطيًّا: برفضها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 11/ 3/ 2023، وفيها أودع المدعون مذكرة صمموا فيها على الطلبات، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم.

--------------------
" المحكمـــة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعـوى وسائر الأوراق - في أن الشركة المدعى عليها التاسعة أقامت أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية الدعوى رقم 5629 لسنة 1997 مدني كلي، ضد المدعين الخمسة الأولين، طلبًا للحكم بطردهم من قطعتي الأرض المبينتين بصحيفة الدعوى وتسليم الأرض خالية من الشواغل، على سند من أنه بموجب القرار الجمهوري رقم 193 لسنة 1995، تملكت الشركة المذكورة مساحة 22 كيلو متر مربع بالأراضي الصحراوية داخل كردون مدينة بدر شرق الحزام الأخضر، لامتداد التجمع العمراني - الشروق، وأن المدعين يضعون أيديهم على أجزاء من هذه الأرض، دون سند من القانون وأن يدهم عليها يد غاصب تستوجب ردها. وإبان نظر تلك الدعوى قدم المدعون طلبًا عارضًا بإلزام الهيئة المدعى عليها السادسة (الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية)، بوصفها البائع لقطعة الأرض الأولى، بتعويضهم بما يعادل قيمة ما تم سداده من قيمتها وقت الاستحقاق والفوائد القانونية وتعويضهم عما لحقهم من خسارة وما فاتهم من كسب في هذا الشأن. وبجلسة 30/ 4/ 2017، أصدرت محكمة شمال القاهرة الابتدائية حكمًا بطرد المدعين من قطعتي الأرض محل التداعي وتسليمهما إلى الشركة المدعى عليها التاسعة خالية من الأشخاص والشواغل، وتضمنت أسباب الحكم رفضًا للطلب العارض المقدم من المدعين. وإذ لم يرتض المدعون ذلك الحكم، طعنوا عليه أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئنافين رقـــمي 6684 و7549 لسنة 21 قضائية. ضمت المحكمة الاستئنافين ليصدر فيهما حكم واحد، وقضت بجلســـة 13/ 1/ 2019، بتعديل الحكم المستأنف وذلك بإلغاء ما قضى به بأسبابه من رفض الطلب العارض، والقضاء بعدم اختصاص المحكمة ولائيًا بنظر الدعوى بشأنه وإحالته إلى محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للاختصاص، وتأييد الحكم في الدعوى الأصلية. طعن المدعون على الحكم الاستئنافي أمام محكمة النقض بالطعن رقم 4864 لسنة 89 قضائية، فقررت المحكمة بجلسة 14/ 7/ 2020 - في غرفة مشورة - عدم قبول الطعن. وإذ تراءى للمدعين أن الحكم الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية، المؤيد استئنافيًّا، وقرار محكمة النقض - في غرفة مشورة - وقد تغاضى عما شاب القرار الجمهوري رقم 193 لسنة 1995 من عوار، لعدم نشر خريطة تحدد النطاق المكاني للأرض التي يسري عليها، إنما يُعد عقبة في تنفيذ حكمي المحكمة الدستورية العليا، الصادر أولهما بجلسة 1/ 10/ 1994، في الدعـوى رقــم 20 لسنة 15 قضائية دستورية، والآخر بجلسة 5/ 5/ 2018، في الدعوى رقم 36 لسنة 38 قضائية تنازع، فيما تضمناه من أن عدم نشر خريطة تعيين الحدود التي تبين النطاق المكاني المرفقة بالقرار تفقده محل التنفيذ، وأن الاختصاص الولائي في المنازعات المتعلقة بالقانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية، ينعقد لمحاكم مجلس الدولة وليس للمحاكم المدنية، مما تكون معه الأحكام الصادرة في النزاع الموضوعي عقبة تحول دون جريان آثار حكمي المحكمة الدستورية العليا السالف بيانهما، فقد فأقاموا الدعوى المعروضة.
وحيث إن منازعة التنفيذ - على ما جرى به قضاء هذه المحكمة - قوامها أن التنفيذ لم يتم وفقًا لطبيعته، وعلى ضوء الأصل فيه، بل اعترضته عوائق تحول قانونًا- بمضمونها أو أبعادها- دون اكتمال مداه، وتعطل، تبعًا لذلك، أو تقيد اتصال حلقاته وتضاممها، بما يعرقل جريان آثاره كاملة دون نقصان. فمن ثم، تكون عوائق التنفيذ القانونية هي ذاتها موضوع منازعة التنفيذ أو محلها، تلك المنازعــة التي تتوخـى فـي ختام مطافها إنهـاء الآثار المصاحبة لتلك العوائق، أو الناشئة عنها، أو المترتبة عليها، ولا يكون ذلك إلا بإسقاط مسبباتها وإعدام وجودها، لضمان العودة بالتنفيذ إلى حالته السابقة على نشوئها. وكلما كان التنفيذ متعلقًا بحكم صدر عن المحكمة الدستورية العليا، بعدم دستورية نص تشريعي، فإن حقيقة مضمونه، ونطاق القواعد القانونية التي يضمها، والآثار المتولدة عنها في سياقها، وعلى ضوء الصلة الحتمية التي تقوم بينها، هي التي تحدد جميعها شكل التنفيذ وصورته الإجمالية، وما يكون لازمًا لضمان فعاليته. بيد أن تدخل المحكمة الدستورية العليا - وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 - لهدم عوائق التنفيذ التي تعترض أحكامها، وتنال من جريان آثارها كاملة، في مواجهة الأشخاص الاعتباريين والطبيعيين جميعهم، دون تمييز، بلوغًا للغاية المبتغاة منها في تأمين حقوق الأفراد وصون حرياتهم، يفترض ثلاثة أمور، أولها: أن تكون هذه العوائق
- سواء بطبيعتها أو بالنظر إلى نتائجها- قد حالت فعلاً أو من شأنها أن تحول دون تنفيذ أحكامها تنفيذًا صحيحًا مكتملاً، أو مقيدة لنطاقها. ثانيها: أن يكون إسناد هذه العوائق إلى تلك الأحكام، وربطها منطقيًّا بها ممكنًا، فإذا لم تكن لها بها من صلة، فإن خصومة التنفيذ لا تقوم بتلك العوائق، بل تعتبر غريبة عنها، منافية لحقيقتها وموضوعها. ثالثها: أن منازعة التنفيذ لا تُعد طريقًا للطعن في الأحكام القضائية، وهو ما لا تمتد إليه ولاية هذه المحكمة.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الخصومة في الدعوى الدستورية، وهي بطبيعتها من الدعاوى العينية، قوامها مقابلة النصوص التشريعية المطعون عليها بأحكام الدستور، تحريًّا لتطابقها معها إعلاءً للشرعية الدستورية، ومن ثم تكون هذه النصوص ذاتها هي موضوع الدعوى الدستورية أو هي بالأحرى محلها، وإهدارها بقدر تهاترها مع أحكام الدستور هي الغاية التي تبتغيها هذه الخصومة، ويقتصر نطاق الحجية المطلقة للأحكام الصادرة في تلك الدعوى على النصوص التشريعية التي كانت مثارًا للمنازعة حول دستوريتها، وفصلت فيها المحكمة فصلاً حاسمًا بقضائها، ولا تمتد إلى غير تلك النصـوص، حتـى لــو تطابقت في مضمونهـا، كمـا أن قــوة الأمـر المقضي لا تلحق سوى منطوق الحكم وما يتصل به من الأسباب اتصالاً حتميًّا بحيث لا تقوم له قائمة إلا بها.
وحيث كان ما تقدم، وكانت هذه المحكمة قد قضت بجلسة 1/ 10/ 1994، في الدعوى رقم 20 لسنة 15 قضائية دستورية بعدم دستورية المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 450 لسنة 1986 بإنشاء محميات طبيعية بمنطقة جبل علبة بالبحر الأحمر، وذلك فيما تضمنته من عدم تعيين الحدود التي تبين النطاق المكاني لتلك المحميات، ونُشر ذلك الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم (42) بتاريخ 20/ 10/ 1994. وكان حكما محكمة شمال القاهرة الابتدائية، ومحكمة استئناف القاهرة، وقرار محكمة النقض المشار إليها-، قد خلصت إلى أن أطيان النزاع تقع ضمن أملاك الشركة المدعى عليها التاسعة، المخصصة لها بموجب القرار الجمهوري رقم 193 لسنة 1995، وأن وضع يد المدعين على قطعة الأرض الأولى منها لم يقترن باستصلاحها واستزراعها حتى صدور القانون رقم 143 لسنة 1981 المشار إليه، وأن قطعة الأرض الثانية قد نص عقد بيعها - في البند السابع منه - على انتهائه خلال خمس سنوات إذا ما لزم أي جهة حكومية تلك الأطيان، وهو ما تحقق بالقرار الجمهوري السالف البيان، مما مؤداه أن أيَّا من تلك الأحكام الثلاثة، لم يستند في قضائه إلى قرار مجلس الوزراء رقم 450 لسنة 1986 المشار إليه، المقضي بعدم دستوريته في الدعوى رقم 20 لسنة 15 قضائية دستورية، وبهذه المثابة لا تُعد تلك الأحكام مصادمة لحكم المحكمة الدستورية العليا المار ذكره، لكونها منبتة الصلة به، ومن ثم لا تشكل عقبة في تنفيذه، وهو ما لا يستنهض ولاية هذه المحكمة للفصل فيه، الأمر الذى تضحى معه الدعوى المعروضة في هذا الشق منها قمينة بعدم القبول.
وحيث إن ما أثاره المدعون من مناعٍ بشأن ما قضى به حكم محكمة استئناف القاهرة - المصور عقبة في التنفيذ - في أسبابه من التفاته عن دفعهم بعدم دستورية القرار الجمهوري رقم 193 لسنة 1995، أو مخالفته وحكم محكمة شمال القاهرة الابتدائية وقرار محكمة النقض - في غرفة مشورة - لنصوص القانون رقم 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري ولائحته التنفيذية، والقانون رقم 59 لسنة 1979 في شأن إنشاء المجتمعات العمرانية الجديدة، والقانون رقم 143 لسنة 1981 في شأن الأراضي الصحراوية، إنما ينحل - في حقيقته - إلى طعن في تلك الأحكام، تنحسر عنه ولاية هذه المحكمة، التي تباشرها وفقًا لنص المادة (50) من قانونها الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979.
وحيث إن الحجية المطلقة لأحكام المحكمة الدستورية العليا في دعاوى التنازع ومنازعات التنفيذ، على ما جرى به نص المـادة (195) من الدستور، إنما تلحَق - نطاقًـا - بما قد تتضمنه هذه الأحكام، من تقريرات دستورية، تعرض لنصوص - بذاتها - من الوثيقة الدستورية، لها محل من الإعمال على وقائع النزاع الموضوعي، ومؤدية - لزومًا - إلى الفصل في موضوعه، بما يعكس بيان هذه المحكمة لمؤدى تلك النصوص الدستورية، وإفصاحها عن دلالتها، فيكون إلزامها للكافة وجميع سلطات الدولة، بما أقرته في شأنها مـن مفاهيم متعينًا. ولا كذلك الحال بالنسبة لغيرها من عناصر الحكم في دعاوى التنازع ومنازعات التنفيذ، التي تقضي المحكمة الدستورية العليا في أولاها بوصفها محكمة تنازع، وفى الأخرى باعتبارها قضاء تنفيذ، وذلك دون إخلال بثبوت قوة الأمر المقضي فيه لمنطوق الحكم الصادر في أي من تلك الدعاوى، والأسباب المرتبطة به ارتباطًــا حتميًّــا، قِبل أطراف خصومة الموضوع، وفى مواجهة جميع المخاطبين بتنفيذه وإعمال آثاره.
وحيث إن المحكمة الدستورية العليا قضت بجلسة 5/ 5/ 2018، في الدعوى رقم 36 لسنة 38 قضائية تنازع، بالاعتداد بالحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، دون الحكم الصادر من جهة القضاء العادي، طبقًا لقواعد توزيع الاختصاص الولائي بين جهات القضاء المختلفة، وذلك على سند من اعتبار العقد محل دعوى التنازع المشار إليها من العقود الإدارية التي يدخل الفصل في المنازعات المتعلقة بها في الاختصاص الولائي المقرر لجهة القضاء الإداري، وقد نُشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 19 مكرر ( ب ) بتاريخ 13/ 5/ 2018.
وحيث إن البين من مطالعـة مدونـات حكـم هـذه المحكمـة المشـار إليــه - والمنازع في تنفيذه - عدم انطوائها على تقرير دستوري توافرت في شأنه شرائط الاحتجاج به في غير دعوى التنازع التي صدر فيها، وكانت الخصومة القضائية في الأحكام المصورة عقبة في التنفيذ تستقل بموضوعها وأطرافها عن الحكم المنازع في تنفيذه، ولا تتعدى إلى سواه، وتبعًــا لذلك فإن الأحكام الموضوعية الثلاثة المتقدم بيانها، لا تُعد عقبة في تنفيذ حكم المحكمة الدستورية العليا المار ذكره. الأمر الذى يتعين معه، لما تقدم جميعه، القضاء بعدم قبول الدعوى برمتها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى، وألزمت المدعين المصروفات ومبلغ مائتي جنيه مقابل أتعاب المحاماة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق