الصفحات

الجمعة، 26 مايو 2023

الطعن رقم 17 لسنة 43 ق دستورية عليا " تنازع " جلسة 13 / 5 / 2023

باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت الثالث عشر من مايو سنة 2023م، الموافق الثالث والعشرين من شوال سنة 1444 هـ.
برئاسة السيد المستشار / بولس فهمي إسكندر رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: رجب عبد الحكيم سليم والدكتور محمد عماد النجار والدكتور طارق عبد الجواد شبل وخالد أحمد رأفت دسوقي والدكتورة فاطمة محمد أحمد الرزاز ومحمد أيمن سعد الدين عباس نواب رئيس المحكمة وحضور السيد المستشار الدكتور/ عماد طارق البشري رئيس هيئة المفوضين وحضور السيد/ محمـد ناجي عبد السميع أمين السر

أصدرت الحكم الآتي
في الدعوى المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 17 لسنة 43 قضائية تنازع

المقامة من
1- محافظ المنوفية
2- رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة أشمون
ضد
الجمعية التعاونية الاستهلاكية بمحافظة المنوفية

---------------

" الإجراءات "

بتاريخ التاسع والعشرين من مايو سنة 2021، أودع المدعيان صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة الدستورية العليا، طالبين الحكم، بصفة مستعجلة: بوقف تنفيذ حكمي محكمة القضاء الإداري بالمنوفية، الصادر أولهما بجلسة 4/ 9/ 2012، في الدعوى رقم 6048 لسنة 7 قضائية، والصادر ثانيهما بجلسة 23/ 6/ 2018، في الدعوى رقم 5688 لسنة 8 قضائية. وفي الموضوع: بعدم الاعتداد بهذين الحكمين، والاعتداد بحكمي محكمة شبين الكوم الابتدائية الصادر أولهما بجلسة 29/ 2/ 2004، في الدعوى رقم 2526 لسنة 2000 مدني كلي حكومة، المؤيد بحكم محكمة استئناف طنطا مأمورية شبين الكوم، الصادر بجلسة 7/ 3/ 2005، في الاستئناف رقم 712 لسنة 37 قضائية ، والصادر ثانيهما من محكمة شبين الكوم الابتدائية بجلسة 28/ 5/ 2006، في الدعوى رقم 660 لسنة 2005 مدني كلي حكومة، والمؤيد بحكم محكمة استئناف طنطا مأمورية شبين الكوم الصادر بجلسة 26/ 11/ 2008، في الاستئناف رقم 1706 لسنة 39 قضائية.
وقدمت الجمعية المدعى عليها مذكرة طلبت فيها الحكم، أولاً: بعدم قبول الدعوى. ثانيًا: بصفة مستعجلة: بتنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري بالمنوفية الصادر في الدعوى رقم 5688 لسنة 8 قضائية. ثالثًا: بعدم الاعتداد بالأحكام الصادرة من جهة القضاء العادي المتقدم ذكرها.
وبعد تحضير الدعوى، أودعت هيئة المفوضين تقريرًا برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر جلسة 11/ 3/ 2023، وفيها قررت المحكمة حجز الدعوى للحكم بجلسة اليوم، مع التصريح للجمعية المدعى عليها بالاطلاع وتقديم مذكرات خلال أسبوعين، وخلال الأجل أودعت مذكرة طلبت في ختامها الحكم، أولاً: برفض الدعوى، ثانيًا: بالاعتداد بحكمي محكمة القضاء الإداري بالمنوفية، دون حكمي محكمة شبين الكوم الابتدائية السالفي البيان.
وبتاريخ 2/ 4/ 2023، قدَّمت هيئة قضايا الدولة طلبًا بإعادة الدعوى للمرافعة، أُرفِق به صورة من حكم محكمة القضاء الإداري بالمنوفية الصادر بجلسة 13/ 8/ 2022، في الدعوى رقم 25236 لسنة 17 قضائية.
----------------

" المحكمة "
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة.
حيث إن الوقائـع تتحصل - على ما يتبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - في أنه بتاريخ 12/ 6/ 1970، وافق رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة أشمون، على تخصيص قطعة أرض فضاء من الأراضي المملوكة للدولة للجمعية التعاونية الاستهلاكية بمحافظة المنوفية، لبناء مجمع استهلاكي عليها مقابل مبلغ 5500 جنيه، بيد أن الجهة الإدارية رفضت تنفيذ قرار التخصيص، فأقامت الجمعية المدعى عليها أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية الدعوى رقم 2526 لسنة 2000 مدني كلي، طالبة الحكم بتثبيت ملكيتها لقطعة الأرض السابق تخصيصها لها، ومنع تعرض رئيس الوحدة المحلية لمركز ومدينة أشمون لها، وبجلسة 29/ 2/ 2004، حكمت المحكمة برفض الدعوى، وتأيد قضاؤها بالحكم الصادر من محكمة استئناف طنطا مأمورية شبين الكوم بجلسة 7/ 3/ 2005، في الاستئناف رقم 712 لسنة 37 قضائية. كما أقامت الجمعية المدعى عليها أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية الدعوى رقم 660 لسنة 2005 مدني كلي حكومة، طلبًا للحكم ببراءة ذمتها من مقابل الانتفاع بالأرض محل النزاع حتى ديسمبر عام 2004، وبجلسة 28/ 5/ 2006، حكمت المحكمة برفض الدعوى بحالتها، وتأيد قضاؤها بالحكم الصادر من محكمة استئناف طنطا مأمورية شبين الكوم، بجلسة 26/ 11/ 2008، في الاستئناف رقم 1706 لسنة 39 قضائية، الذي قضى برفض الاستئناف موضوعًا. وقد تساندت تلك الأحكام إلى أن الأرض محل النزاع لا تزال مملوكة للدولة، ولا يجوز تملكها بالتقادم، أو إلزام الدولة ببيعها للشركة المدعى عليها، ومن ثم تكون طلبات الشركة بتثبيت ملكيتها لتلك الأرض وبراءة ذمتها من مقابل الانتفاع بها غير قائمة على سند صحيح.
ومن ناحية أخرى، أقامت الجمعية المدعى عليها أمام محكمة القضاء الإداري بالمنوفية الدعوى رقم 6048 لسنة 7 قضائية، طالبة الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار الإخلاء الإداري رقم 55 لسنة 2006 لمبنى الجمعية المشار إليها، وبجلسة 4/ 9/ 2012، حكمت المحكمة بإلغاء القرار المطعون فيه، وتأيد قضاؤها بالحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا بجلسة 5/ 2/ 2020، في الطعن رقم 1257 لسنة 59 قضائية عليا. كما أقامت أمام محكمة القضاء الإداري بالمنوفية الدعوى رقم 5688 لسنة 8 قضائية، طلبًا للحكم - وفقًا لتكييف محكمة الموضوع - بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن إتمام إجراءات التخصيص لقطعة الأرض محل النزاع، وما يترتب على ذلك من آثار، أهمها عدم مطالبة الجمعية بأية مبالغ مقابل استغلالها لتلك الأرض. وبجلسة 23/ 6/ 2018، حكمت المحكمة بإلغاء قرار جهة الإدارة السلبي بالامتناع عن إتمام إجراءات التخصيص لقطعة الأرض محل النزاع، مع ما يترتب على ذلك من آثار، أهمها عدم مطالبة الجمعية المدعية بأية مبالغ مقابل استغلال هذه القطعة. وذلك على سند من سبق صدور قرار من الجهة الإدارية بتخصيص الأرض محل النزاع للجمعية المدعى عليها، تم التصديق عليه في 12/ 1/ 1971، ولم تقدم الجهة الإدارية ما يفيد زوال سبب التخصيص أو إلغائه. وقد تأيد قضاؤها بحكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بجلسة 20/ 1/ 2021، في الطعن رقم 85405 لسنة 64 قضائية عليا.
وإذ يرى المدعيان أن حكمي محكمة القضاء الإداري بالمنوفية الصادر أولهما بجلسة 4/ 9/ 2012، في الدعوى رقم 6048 لسنة 7 قضائية، والصادر ثانيهما بجلسة 23/ 6/ 2018، في الدعوى رقم 5688 لسنة 8 قضائية ، وحكمي محكمة شبين الكوم الابتدائية الصادر أولهما بجلسة 29/ 2/ 2004، في الدعوى رقم 2526 لسنة 2000 مدني كلي، المؤيد بحكم محكمة استئناف طنطا مأمورية شبين الكوم، الصادر بجلسة 7/ 3/ 2005، في الاستئناف رقم 712 لسنة 37 قضائية، والصادر ثانيهما بجلسة 28/ 5/ 2006، في الدعوى رقم 660 لسنة 2005 مدني كلي شبين الكوم، المؤيد بالحكم الصادر من محكمة استئناف طنطا مأمورية شبين الكوم بجلسة 26/ 11/ 2008، في الاستئناف رقم 1706 لسنة 39 قضائية، قد تعامدت جميعها على محل واحد، هو نقل ملكية أرض النزاع إلى الجمعية المدعى عليها، وتناقضت على نحو يتعذر معه تنفيذها معًا. ولما كانت جهة القضاء العادي هي الجهة القضائية صاحبة الولاية بالفصل في مسألة الملكية، وهي المسألة الأولية المثارة في الأحكام المتناقضة، فقد أقاما الدعوى المعروضة، بطلباتهما المتقدم بيانها.
وحيث إنه عن طلب هيئة قضايا الدولة إعادة الدعوى للمرافعة، فإن هذه المحكمة تلتفت عنه، لتقديمه بعد أن تهيأت الدعوى للحكم في موضوعها.
وحيث إن من المقرر في قضاء المحكمة الدستورية العليا أن مناط قبول طلب الفصل ‏في النزاع الذي يقوم بشأن تنفيذ حكمين نهائيين متناقضين طبقًــا للبند ثالثًــا من ‏المادة (25) من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة ‏‏1979، أن يكون أحد الحكمين صادرًا من أية جهة من جهات القضاء أو هيئة ‏ذات اختصاص قضائي، والآخر من جهة أخرى منها، وأن يكونا قد تعامدا على ‏محل واحد، وحسما النزاع في موضوعه، وتناقضا بحيث يتعذر تنفيذهما معًا.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أنها لا تعتبر جهة طعن في الأحكام محل طلب فض التناقض، ولا اختصاص لها بمراقبة التزامها حكم القانون أو مخالفتها لقواعده، بل يقتصر بحثها على المفاضلة بينها على أساس من قواعد الاختصاص الولائي، لتحدد على ضوئها أيهما صدر من الجهة التي لها ولاية الفصل فيه، وأحقهما من ثم بالتنفيذ.
وحيث إن الأحكام الصادرة من جهة القضاء العادي في الدعاوى السالف بيانها، قد حسمت أمر ملكية قطعة الأرض محل النزاع الموضوعي بين طرفي الخصومة، منتهية في قضائها إلى بقاء ملكية الأرض على ذمة الجهة الإدارية ورفض نقل ملكيتها إلى الجمعية المدعى عليها، في حين نحت الأحكام الصادرة من جهة القضاء الإداري المتصلة بالشأن ذاته إلى نحو مغاير، إذ خلصت إلى أن أرض النزاع قد تم التنازل عنها إلى الجمعية المدعى عليها، وأن هذا التنازل كافٍ لنقل الملكية إليها، مما يتعين معه إلزام الجهة الإدارية بإتمام إجراءات التخصيص، ولا يجوز إخلاء الجمعية أو مطالبتها بمقابل الانتفاع. ومن ثم، فإن تلك الأحكام تكون قد تعامدت على محل واحد، هو الفصل في مسألة أولية تتصل بملكية الأرض محل التداعي، وفصلت فيه بقضاء حاسم، وتناقضت الأحكام الصادرة من جهة القضاء العادي مع الأحكام الصادرة من جهة القضاء الإداري، على نحو يتعذر تنفيذها معًا، مما يستنهض ولاية المحكمة الدستورية العليا لفض هذا التناقض، وتحديد الأحق من بينها بالتنفيذ.
وحيث إن من المقرر في قضاء هذه المحكمة، أن المنازعات المتعلقة بالملكية تختص بنظرها والفصل فيها محاكم جهة القضاء العادي، دون غيرها، لتعلقها بجوهر الحق في الملكية، وهي بهذه المثابة أدخل إلى اختصاص جهة القضاء العادي، صاحبة الولاية العامة في المنازعات الناشئة عن روابط القانون الخاص، طبقًــا لنص المادة (15) من قانون السلطة القضائية الصادر بقرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 46 لسنة 1972، حتى ولو نشأت هذه المنازعات عن تدخلات من جهة الإدارة في صورة اكتملت لها مقومات القرارات الإدارية.
متي كان ما تقدم، وكان النزاع الذي قضت فيه أحكام جهتي القضاء العادي والإداري في الطلب المعروض، قد انصب على الفصل في مسألة أولية، هى ملكية الأرض محل النزاع، وكان التنظيم القانوني للتصرف في أملاك الدولة الخاصة بالبيع أو غيره من صور التعامل الأخرى - بحسب الأصل - لا تظهر فيه جهة الإدارة بمظهر السلطة العامة، وألا يتصل هذا التنظيم بتسيير مرفق عام، بالنظر إلى أن هذه الأموال تُشبه في خصائصها ونظامها القانوني الملكية الخاصة، وتدار بأساليب القانون الخاص التي تلائم أغراض استخدامها واستثمارها، وكان مقتضى ما تقدم أن المنازعة بشأن قبول جهة الإدارة تخصيص العقار محل النزاع إلى الجمعية المدعى عليها - غير المقترن بشروط استثنائية غير مألوفة في روابط القانون الخاص - تعد من قبيل المنازعات التي تدور رحاها حول التصرف في أملاك الدولة الخاصة، والتي تختص جهة القضاء العادي بنظرها، بحسبانها صاحبة الولاية العامة في نظر المنازعات المتعلقة بالملكية، ومن ثم يكون حكما جهة القضاء العادي السالف بيانهما، هما اللذان تعتد بهما هذه المحكمة، ويكونان الأحق بالتنفيذ، دون حكمي جهة القضاء الإداري الفائت الإشارة إليهما.
وحيث إنه عن الطلب العاجل بوقف التنفيذ، فإنه يُعد فرعًــا من أصل النزاع المعروض. وإذ انتهت ‏المحكمة فيما تقدم إلى الفصل في موضوع الدعوى، فإن مباشرة رئيس المحكمة ‏الدستورية العليا اختصاص البت في هذا الطلب، إعمالاً لنص المادة (32) من ‏قانونها المشار إليه، يكون قد بات غير ذي موضوع.‏
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بالاعتداد بحكمي محكمة شبين الكوم الابتدائية الصادر أولهما بجلسة 29/ 2/ 2004، في الدعوى رقم 2526 لسنة 2000 مدني كلي، المؤيد بحكم محكمة استئناف طنطا مأمورية شبين الكوم بجلسة 7/ 3/ 2005، في الاستئناف رقم 712 لسنة 37 قضائية، والصادر ثانيهما بجلسة 28/ 5/ 2006، في الدعوى رقم 660 لسنة 2005 مدني كلي، المؤيد بحكم محكمة استئناف طنطا مأمورية شبين الكوم بجلسة 26/ 11/ 2008، في الاستئناف رقم 1706 لسنة 39 قضائية، دون حكمي محكمة القضاء الإداري بالمنوفيـة الصـادر أولهمـا بجلسة 4/ 9/ 2012، في الدعـوى رقـم 6048 لسنة 7 قضائية، والصادر ثانيهما بجلسة 23/ 6/ 2018، في الدعوى رقم 5688 لسنة 8 قضائية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق