الصفحات

الأربعاء، 24 مايو 2023

الطعن 16 لسنة 34 ق جلسة 30 / 3 / 1966 مكتب فني 17 ج 2 أحوال شخصية ق 104 ص 772

جلسة 30 من مارس سنة 1966

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: عبد المجيد يوسف الغايش، وإبراهيم عمر هندي، وصبري أحمد فرحات، ومحمد شبل عبد المقصود.

-----------------

(104)
الطعن رقم 16 لسنة 34 ق أحوال شخصية

(أ وب) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين المسلمين". "نسب". دعوى. "دعوى النسب". "سماع الدعوى".
( أ ) نسب. ثبوت.
(ب) دعوى النسب. سماعها مجردة. شرطه. أن يكون المدعى عليه بالنسب حياً وليس فيها تحميل النسب على الغير.
(ج) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين المسلمين". "نسب". "ثبوت النسب".
نسب. ثبوته في جانب المرأة. ثبوته في جانب الرجل.
(د) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين المسلمين". "انقضاء العدة". "سن اليأس". "مدته".
سن اليأس. مناطه. معرفته بالاجتهاد والمماثلة في تركيب البدن.

-----------------
1 - ثبوت نسب الولد حق أصلي للأم كحق الولد لأنها تعير بولد ليس له أب معروف.
2 - الأصل في دعوى النسب أنها تسمع ولو كانت مجردة وليست ضمن حق آخر متى كان المدعى عليه بالنسب حياً وليس فيها تحميل النسب على الغير.
3 - النسب في جانب المرأة يثبت بالولادة ولا مرد لها وهو إذا ثبت يلزم ولا يحتمل النفي أصلاً، وفي جانب الرجل يثبت بالفراش وبالإقرار وبالبينة وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي لأن النفي يكون إنكاراً بعد الإقرار فلا يسمع.
4 - اختلف فقهاء الحنفية في الإياس وهو عند الجمهور خمس وخمسون سنة وعليه الفتوى وقيل الفتوى على خمسين وفي ظاهر الرواية لا تقدير فيه بل أن تبلغ المرأة من السن ما لا يحيض مثلها فيه وذلك يعرف بالاجتهاد والمماثلة في تركيب البدن والسمن والهزال (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن فاطمة الشهيرة بعزيزة إبراهيم ريحان أقامت الدعوى رقم 103 سنة 1956 بورسعيد الجزئية للأحوال الشخصية ضد علي إبراهيم شراره تطلب الحكم عليه بفرض نفقة لابنها منه إبراهيم المولود في 12/ 9/ 1954 وأنكر المدعى عليه نسب هذا الولد إليه وقررت المحكمة وقف السير فيها حتى تستصدر المدعية حكماً بثبوت النسب ومن ثم فقد أقامت الدعوى رقم 24 سنة 1957 بورسعيد الابتدائية للأحوال الشخصية تطلب الحكم عليه بثبوت نسب الولد المذكور إليه وأمره بعدم التعرض لها في ذلك مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. ودفع المدعى عليه بعدم قبول الدعوى (أولاً) لأن المدعية لا صفة لها فيها وعلى فرض أن لها صفة فهي دعوى مجردة. (ثانياً) لأن الظاهر يكذبها إذ هي عقيم لا تلد وجاوزت سن اليأس المقررة شرعاً. وبتاريخ 3/ 4/ 1958 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) برفض ما دفع به المدعى عليه الدعوى (ثانياً) وفي الموضوع للمدعية على المدعى عليه بثبوت نسب الولد إبراهيم المذكور منه وبنوته له منها وأمرت بعدم التعرض للمدعية في ذلك وألزمته بمصاريف الدعوى وبعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. واستأنف المدعى عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة طالباً إلغاءه والحكم بعدم قبول الدعوى ومن باب الاحتياط رفضها وقيد استئنافه برقم 18 سنة 1958 وبتاريخ 8/ 2/ 1959 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بالمصاريف وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وطعن علي إبراهيم شراره في هذا الحكم بطريق النقض وقيد هذا الطعن برقم 11 سنة 29 قضائية. وبتاريخ 22/ 11/ 1961 نقضت المحكمة الحكم المطعون فيه لإغفاله ذكر اسم عضو النيابة الذي أبدى الرأي في القضية وأحالتها على محكمة استئناف المنصورة وعجل المستأنف نظر الاستئناف وقيد برقم 1 سنة 1962 مأمورية بورسعيد. وبتاريخ 7/ 6/ 1962 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) بقبول الاستئناف شكلاً. (ثانياً) ببطلان الحكم المستأنف لإغفاله الإشارة إلى رأي النيابة العامة في الدعوى. (ثالثاً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المؤسس على أنها دعوى نسب مجرد وبقبولها (رابعاً) وقبل الفصل في الموضوع بندب السيد الدكتور صلاح الدين حفني ناصف مدير عام الطب الشرعي بوصفه نائباً لكبير الأطباء الشرعيين بالإدارة العامة بمصلحة الطب الشرعي بالقاهرة خبيراً في الدعوى لتوقيع الكشف الطبي على كل من المستأنف عليها والمستأنف والطفل إبراهيم بعد التحقق من شخصيتهم بالبصمات والصور الشمسية لهم وذلك لبيان ما إذا كانت ثمة دلائل علمية أو مادية في المستأنف عليها تقطع بأنه سبق لها أو لم يسبق لها الحمل المكتمل لأشهره الرحمية والذي انتهى بوضع هذا الطفل إبراهيم في التاريخ الذي قررته وهو 12/ 9/ 1954 أو أنه لا توجد بها ما يثبت أو ينفي الحمل والوضع لذلك الطفل في هذا التاريخ وهل يوجد ما يثبت أو ينفي نسب هذا الطفل بالذات إلى المستأنف عليها والمستأنف وبجلسة 6 أكتوبر سنة 1963 قرر الحاضر عن المستأنف أنه توفى وحضر عنه ورثته قدرية علي إبراهيم شرارة وإبراهيم إبراهيم شرارة. وبعد أن باشر الخبير مأموريته وبتاريخ 9/ 3/ 1964 حكمت المحكمة حضورياً: (أولاً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى المؤسس على أن الظاهر يكذب دعوى المستأنف عليها لأنها عجوز عاقر لا تلد وبقبولها. (ثانياً) وفي الموضوع بثبوت نسب الولد إبراهيم من المرحوم علي إبراهيم شرارة وبثبوته له من المستأنف عليها وأمرت المستأنفين بعدم التعرض للمستأنف عليها في ذلك وألزمتهما مصروفات الدعوى عن الدرجتين وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وطعن الطاعنان في هذا الحكم وفي الحكم الصادر بتاريخ 7/ 6/ 1962 بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته على هذه الدائرة حيث أصر الطاعنان على طلب نقض الحكمين وطلبت المطعون عليها رفض الطعن - وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها على مذكرتها الأولى وطلبت رفض الطعن. وحيث إن حاصل السبب الأول والشق الأول من السبب الثاني أن الحكم الصادر في 7/ 6/ 1962 قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى لأنها دعوى نسب مجردة مخالفاً بذلك أرجح الأقوال في مذهب أبي حنيفة ومقتضاها والأصل فيها أنه ليس للحاضنة حق المخاصمة عن الصغير فيما يرجع إلى نفسه أو ماله واستثنوا من ذلك حقها في طلب نفقة الصغير بجميع أنواعها وإنفاقها عليه لما لها من ولاية اليد والإنفاق كما استثنوا منه أن تدعي الحاضنة بحق له ضمن دعوى تملكها كأن تدعي النسب ضمن دعوى النفقة أو الحضانة لأن النسب سبب لا محالة للحق الذي تدعيه وليس لها أن تخاصم في ميراثه ولا في إثبات نسبه في دعوى نسب مجرد ليست ضمن دعوى تملكها وكان عليها أن تلجأ إلى المحكمة المختصة لتقيمها وصي خصومة عن الصغير ومن ذلك تكون دعواها غير مقبولة شرعاً. والقول من الحكم بأن دعوى المطعون عليها تشتمل على حق آخر هو النفقة فساد في الاستدلال مردود بما هو ثابت من أن المطلوب فيها ثبوت نسب الولد إبراهيم للمدعى عليه وأمره بعدم التعرض لها في ذلك وما أورده الحكم من أن هناك دعوى نفقة رفعت أمام محكمة بورسعيد الجزئية قيدت برقم 103 سنة 1956 وتقرر وقف السير فيها لا يبرر السير في دعوى النسب المجرد أمام المحكمة الابتدائية إذ هي ليست مختصة بالنظر فيها وكان واجباً على المحكمة وقد دفع أمامها بعدم سماعها أن تطالب المدعية بما يثبت صفتها في الخصومة عن الصغير.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن ثبوت نسب الولد حق أصلي للأم كحق الولد لأنها تعير بولد ليس له أب معروف والأصل في دعوى النسب أنها تسمع ولو كانت مجردة وليست ضمن حق آخر متى كان المدعى عليه بالنسب حياً وليس فيها تحميل النسب على الغير - وإذ كان ذلك، وكان الثابت أن المطعون عليها وهي أم الصغير قد طلبت في دعواها إثبات نسب الصغير لأبيه المدعى عليه وقضى الحكم الصادر في 7 من يونيه سنة 1962 برفض الدفع بعدم قبولها المؤسس على أنها دعوى نسب مجرد فإنه يكون صحيحاً فيما انتهى إليه من رفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها ممن لا تملك الخصومة فيها.
وحيث إن حاصل الشق الثاني من السبب الثاني أن المحكمة بحكمها الصادر في 7 يونيه سنة 1962 ندبت الدكتور صلاح الدين حفني مدير عام الطب الشرعي خبيراً في الدعوى لتوقيع الكشف الطبي على كل من المستأنف عليها والمستأنف والطفل إبراهيم ولبيان ما إذا كانت ثمة دلائل علمية أو مادية في المستأنف عليها تقطع بأنها سبق لها أو لم يسبق لها الحمل المكتمل لأشهره الرحمية والذي انتهى بوضع الطفل أو أنه لا يوجد ما يثبت أو ينفي الحمل والوضع وباشر الدكتور مأموريته وقدم تقريراً انتهى فيه إلى أن الدلائل الفنية التي وجدت بالمستأنف عليها تشير في مجموعها إلى سبق حملها ولم يقطع بعدد الأشهر التي صارت لهذا الحمل على وجه التحديد ولا يوجد فنياً ما ينفي أن تكون أشهره الرحمية قد كانت مكتملة ولا ما ينفي أن يكون قد انتهى بوضع مثل الطفل إبراهيم في التاريخ المقول به وأن إثبات أو نفي نسب الولد يتوقف على فحص الدم، وجاء في تقرير الدكتور بشرى عبد الحميد "أن نتيجة الفحص المعملي تسمح بجواز نسب الطفل إلى المدعوة فاطمة إبراهيم ريحان وتقطع بعدم جواز بنوته لعلي إبراهيم شرارة" ومع ذلك فقد أهدر الحكم الموضوعي الصادر في 9 مارس سنة 1964 هذا التقرير كما أهدر تقرير الطب الشرعي بالزقازيق وقضى بثبوت النسب مستنداً إلى تقرير الدكتور صلاح الدين حفني وهو بذلك يكون قد بني على غير دليل.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن لقاضي الموضوع السلطة التامة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة له تقديماً صحيحاً وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجيح ما تطمئن نفسه إلى ترجيحه منها وفي استخلاص ما يرى أنه هو واقعة الدعوى دون أن يكون لمحكمة النقض أية رقابة عليه في ذلك أو أن تستأنف النظر بالموازنة والترجيح بين ما قدمه الخصوم من الدلائل والبيانات وقرائن الأحوال إثباتاً ونفياً ولا يستثنى من هذه القاعدة إلا صورة واحدة هي أن يثبت القاضي مصدراً للواقعة التي يستخلصها يكون وهمياً لا وجود له أو يكون موجوداً ولكنه متناقض لما أثبته أو غير متناقض ولكن يستحيل عقلاً استخلاص الواقعة منه كما فعل هو، وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في خصوص التقارير الطبية المقدمة والترجيح بينها على أن "المحكمة ترى الأخذ بتقرير الدكتور صلاح الدين حفني ناصف كبير الأطباء الشرعيين المؤرخ 19 من ديسمبر سنة 1962 والثابت به بعد الكشف على المستأنف عليها وللأسباب الواردة به أن الدلائل الفنية التي وجدت بالمستأنف عليها السيدة/ فاطمة إبراهيم ريحان تشير في مجموعها إلى سبق حملها على ما سلف بيانه ومع كفاية هذا التقرير في الرد على ما ذهب إليه المستأنف ومن بعده وارثاه السالفا الذكر من أن المستأنف عليها عجوز عقيم لا تلد وتضيف المحكمة أن نفس هذه النتيجة انتهى إليها كبير الأطباء الشرعيين في تقريره المؤرخ 12 يوليه سنة 1955 حيث قرر أن المستأنف عليها سبق لها الحمل الذي امتد إلى الأشهر الأخيرة والذي انتهى في الراجح بالولادة في تاريخ قد يتفق وتاريخ ميلاد الطفل في 12 من سبتمبر سنة 1954. هذا علاوة على ما جاء بالتقرير الاستشاري المؤرخ 2 من إبريل سنة 1955 وأنه "بالنسبة لتقرير تحليل الفصائل فإنه فضلاً عن تناقضه في ما أثبت من أن فصيلة دم المستأنف عليها؟ A وفصيلة دم المستأنف أصلاً B فقد أجاز التقرير أن تكون فصيلة دم الولد منهما O وأثبت التقرير أن فصيلة دم الصغير إبراهيم O ثم عاد التقرير ونفى نسبة الصغير إلى والده المذكور - فضلاً عن ذلك فإن تحاليل فصائل الدماء تختلف على نتيجتها بين العلماء وطرق إجراءات تجاربها أكثر من واحدة يناقض بعضها بعضاً في نتائجها ومن ثم فلم ترق بعد هذه التجارب إلى درجة اليقين والدليل متى تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال"، فإنه بذلك يكون قد أقام قضاءه في الدعوى على ما اطمأنت إليه نفسه من أدلة وبما له من سلطة تامة في تقديرها والترجيح بينها ولم يحكم فيها بغير دليل.
وحيث إن حاصل السبب الثالث أن الحكم المطعون فيه قضى بثبوت النسب استناداً إلى أن الثابت من أوراق الدعوى أن المستأنف عليها تزوجت بالمرحوم علي إبراهيم شرارة بصحيح العقد الشرعي المؤرخ 14 من ديسمبر سنة 1947 ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج إلى تاريخ ولادتها الطفل إبراهيم ولم يغب عنها مدة سنة سابقة على الوضع وأن ثمرة الزواج هي الأولاد وأول ما يثبت لهم من حقوق هو حق ثبوت النسب وقد اعترف الزوج بحمل زوجته ووضعها على فراش الزوجية الصحيحة ونسبة الولد إليه من محضر التحقيقات الإدارية وتبليغه بدفتر المواليد فلا يقبل منه شرعاً إنكاره بعد هذا الإقرار وغاية ما يحدثه الرجوع فيه وجود شبهة في ثبوت النسب والنسب من الحقوق التي تثبت مع الشبهة. وهذه الأسباب لا صلة لها بموضوع النزاع لأنه لم يكن يدور حول الزواج وثمرته وحقوق الأولاد وما يلزمهم وهل غاب الزوج عن زوجته سنة فأكثر أم لا - ومحضر التحقيق الذي استند إليه الحكم ليس إلا محضر جمع استدلالات حرره ضابط في خلوة مع زوج أخت المدعية وهو ضابط بوليس مثله وحملوا المورث على التوقيع عليه ولو سلم جدلاً بأنه أقر في هذا المحضر بما نسب إليه فإن المنصوص عليه شرعاً وقانوناً أن الإقرار الصحيح هو الذي لا يكذبه الحس والواقع وقد ثبت من تقرير الطبيب الشرعي بالزقازيق ومن تقرير فحص الدم الأخير بأن هذا الولد ليس ابناً له وهو إذن إقرار باطل لم تعول عليه المحكمة في حكمها التمهيدي ثم عولت عليه في حكمها القطعي وجعلته دليلاً وبهذا يكون الحكم قد بني على غير دليل.
وحيث إن هذا النعي في غير محله ذلك أن النسب في جانب المرأة يثبت بالولادة ولا مرد لها وهو إذا ثبت يلزم ولا يحتمل النفي أصلاً وفي جانب الرجل يثبت بالفراش وبالإقرار وبالبينة وهو بعد الإقرار به لا يحتمل النفي لأن النفي يكون إنكاراً بعد الإقرار فلا يسمع، وبالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه بثبوت النسب على جملة دعامات منها "أن المستأنف عليها - المطعون عليها - تزوجت بالمرحوم علي إبراهيم شراره بصحيح العقد الشرعي المؤرخ 14 من ديسمبر سنة 1947 ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج إلى تاريخ ولادتها الطفل إبراهيم ولم يغب عنها مدة سنة سابقة على الوضع" وأن "ثمرة الزواج هي الأولاد وأول ما يثبت لهم من حقوق هو حق ثبوت النسب وقد اعترف الزوج المذكور بحمل زوجته ووضعها على فراش الزوجية الصحيحة ونسبة الولد إليه في محضر التحقيقات الإدارية وكذا في تبليغه بدفتر المواليد فلا يقبل منه شرعاً بعدئذ إنكاره لهذا الإقرار أو رجوعه عنه أو عدوله إلى غيره". وأن "شروط النسب حال قيام الزوجية الصحيحة إذا أتت به الزوجة لستة أشهر فأكثر من وقت الزوج كما هو الحال في خصوصية هذه الدعوى ثلاث (أولها) أن يولد مثل الولد لمثل من ينسب إليه والثابت من أوراق الدعوى إقرار المرحوم علي إبراهيم شراره بأنه كان يتلاقى مع المستأنف عليها إلى وقت الوضع وأن مثل الصغير يولد لمثله. (وثانيها) ألا ينفي نسبه بشرط ألا يسبق منه ما يدل على الإقرار الصحيح أو الضمني والثابت من أوراق الدعوى أن الزوج المذكور اعترف وأقر بصحة نسب الصغير إليه في التحقيقات الإدارية المشار إليها وفي دفتر المواليد كما تقبل التهاني بالمولود كما هو ثابت من مستندات المستأنف عليها في البرقيات المقدمة منها" وأن "من المقرر شرعاً أن إقرار الرجل بأن فلاناً ابنه ملزم له ويثبت به النسب إذا كان يولد مثله لمثله وكان الصغير مجهول النسب ولم يذكر المقر بأنه ولد من زنا ولا شك أن واقعة هذه الدعوى أكبر درجة من هذه الصورة التي ذكرها الشرع في باب أولى يثبت نسب الصغير إبراهيم من المرحوم علي إبراهيم شرارة والمستأنف عليها المعروفة حيث ولد على فراش الزوجية الصحيحة لأكثر من ستة أشهر حال قيام المعاشرة الزوجية الصحيحة وبعد إقراره في المحضر الرسمي المشار إليه ودفتر المواليد المنصوص عليه شرعاً أن الولد للفراش ولم يستثن من ذلك إلا ما نص عليه في المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 من أنه لا تسمع عند الإنكار دعوى نسب لولد زوجة ثبت عدم التلاقي بينها وبين زوجها من حين العقد ولا لولد زوجة أتت به بعد سنة من غيبة الزوج عنها ولا لولد المطلقة والمتوفى عنها زوجها إذا أتت به لأكثر من سنة من وقت الطلاق أو الوفاة. وهذه الحالات الثلاث لا تدخل تحت إحداها واقعة الدعوى" ثم أضاف الحكم أنه يرى الأخذ بتقرير الدكتور صلاح الدين حفني ناصف كبير الأطباء الشرعيين على ما سبق بيانه. ولا وجه بعد ذلك للقول بأن الحكم بني على غير دليل.
وحيث إن حاصل السبب الرابع - أن الحكم المطعون فيه أهدر القرائن والأدلة القاطعة التي ساقها الطاعنان ومورثهما للاستدلال على أن الدعوى يكذبها الظاهر وهي: 1 - أن المطعون عليها تزوجت الطاعن وسنها تزيد عن 42 سنة ومكثت على عصمته تسع سنوات لم تحمل فيها فلما بلغت الخمسين وانتهى سن إخصابها مثلت تلك الرواية بالحمل والولادة. 2 - وأنها كانت متزوجة قبل المستأنف بمحمد غزى وبقيت على عصمته 18 سنة ولم ينجب منها وأنجب من غيرها. 3 - وأن الطاعن لم يرزق إلا ببنت واحدة ولا يتصور أن تكون سنه ستين عاماً وينعم الله عليه بولد فيجحده. 4 - ومن غير المعقول أن تتم الولادة في كابينة للتصييف لا في منزل الزوجية. 5 - وأن تكون المطعون عليها ولدت ولا تعرف من ولدها.
وحيث إن هذا النعي مردود (أولاً) بأن فقهاء الحنفية اختلفوا في الإياس "وهو عند الجمهور خمس وخمسون سنة وعليه الفتوى وقيل الفتوى على خمسين وفي ظاهر الرواية لا تقدير فيه بل أن تبلغ المرأة من السن ما لا يحيض مثلها فيه وذلك يعرف بالاجتهاد والمماثلة في تركيب البدن والسمن والهزال" وقد رد الحكم المطعون فيه على دفاع الطاعنين في هذا الخصوص بقوله إنه "يبين من الاطلاع على شهادة ميلاد المستأنف عليها التي قدمها مطلقها أنها من مواليد 2 سبتمبر سنة 1905 وأن التاريخ الذي وضعت فيه هو 12 سبتمبر سنة 1954 فإذا كانت مدة الحمل تسعة أشهر أخذا بالغالب من أمر الناس لأن الأحكام الشرعية كأحكام القوانين عامة تبنى على الغالب تكون سنها وقت الحمل أقل من خمسين سنة قمرية ورأى الجمهور وعليه الفتوى الأيسة من بلغت الخمس والخمسين سنة" وقد أثبت نائب كبير الأطباء الشرعيين في تقريره أن الدلائل التي وجدت بالمطعون عليها تشير في مجموعها إلى سبق حملها ومردود. (ثانياً) بما سبق بيانه من أن الحكم المطعون فيه قضى بثبوت النسب للأسباب التي أوردها وفيها الرد الكافي والضمني على ما تمسك به الطاعنان من قرائن وأدلة على نفيه وجرى قضاء هذه المحكمة على أنه بحسب قاضي الموضوع أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يذكر دليلها وأن يقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله وما عليه بعد ذلك أن يتتبع الخصوم في مناحي أقوالهم ومختلف حججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه في مرافعاتهم ما دام قيام الحقيقة التي اقتنع بها - وأورد دليلها فيه التعليل الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات.
وحيث إن حاصل السبب الخامس أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وفي الموضوع بثبوت نسب الطفل إبراهيم من المرحوم علي إبراهيم شرارة وبنوته له من المستأنف عليها، وهذا من الحكم مخالفة للقانون وقضاء بما لم يطلبه الخصوم، وإذ طلب الطاعنان إلغاء الحكم المستأنف وطلبت المطعون عليها تأييده وكان يتعين على المحكمة التزام هذه الطلبات لا أن تحكم بما لا يطلب منها.
وحيث إن هذا السبب في غير محله ذلك أن الحكم الصادر في 7/ 6/ 1962 قضى بقبول الاستئناف شكلاً وببطلان الحكم المستأنف لإغفاله ذكر اسم عضو النيابة الذي أبدى الرأي في القضية فكان على الحكم الموضوعي الصادر في 9/ 3/ 1964 أن ينشئ حكماً بالوراثة بدلاً من الحكم الابتدائي الذي أبطل - ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 23/ 5/ 1962. الطعن رقم 39 لسنة 29 ق "أحوال شخصية". السنة 13 ص 662.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق