الصفحات

الاثنين، 1 مايو 2023

الطعن 149 لسنة 44 ق جلسة 25 / 4 / 1978 مكتب فني 29 ج 1 ق 215 ص 1094

جلسة 25 من إبريل سنة 1978

برياسة السيد المستشار صلاح الدين حبيب نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: زكي الصاوي صالح، جمال الدين عبد اللطيف، عبد الحميد المرصفاوي ومحمد طه سنجر.

---------------

(215)
الطعن رقم 149 لسنة 44 القضائية

(1) مسئولية "المسئولية الشيئية" قوة قاهرة.
مسئولية حارس الشيء. أساسها. قيامها على خطأ مفترض لا يقبل إثبات العكس جواز نفيها بإثبات وقوع الضرر بسبب أجنبي. وجوب غيب في الشيء ولو كان خفياً لا يعد سبباً أجنبياً.
(2، 3) حكم "حجية الحكم الجنائي". مسئولية "المسئولية الشيئية. تعويض.
(2) حجية الحكم الجنائي أمام المحكمة المدنية. نطاقها. القضاء ببراءة التابع لانتفاء الخطأ في جانبه لا يمنع المحكمة من إلزام المتبوع بالتعويض على أساس المسئولية الشيئية. علة ذلك
(3) القضاء ببراءة التابع لانتفاء الخطأ في جانبه. تطرق الحكم الجنائي إلى بحث خطأ المجني عليه. تزيد لا يجوز حجيته أمام المحاكم المدنية.

---------------
1 - النص في المادة 178 من القانون المدني على أن "كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستها عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولاً عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر، ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه"، يدل على أن الحارس الذي يفترض الخطأ في جانبه على مقتضى هذا النص هو ذلك الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي تكون له السيطرة الفعلية على الشيء قصداً واستقلالاً، ولا تنتقل منه إلى تابعه المنوط به رقابته لأنه وأن كان للتابع السيطرة المادية على الشيء إلا أنه إذ يعمل لحساب متبوعة ولمصلحته ويأتمر بأوامره ويتلقى تعليماته فإنه يكون خاضعاً للمتبوع مما يفقده العنصر المعنوي للحراسة ويجعل المتبوع وحده هو الحارس على الشيء، لأن العبرة في قيام الحراسة الموجبة للمسئولية في هذه الحالة هي بسيطرة الشخص على الشيء سيطرة فعلية لحساب نفسه وتقوم المسئولية على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء افتراضاً لا يقبل إثبات العكس، ومن ثم فإن هذه المسئولية لا تدرأ عن هذا الحارس بإثبات أنه لم يرتكب خطأ ما وأنه قام بما ينبغي من العناية والحيطة حتى لا يقع الضرر من الشيء الذي في حراسته، وإنما ترتفع هذه المسئولية إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه بأن يكون الفعل خارجاً عن الشيء فلا يكون متصلاً بداخليته أو تكوينه فإذا كان الضرر راجعاً إلى عيب في الشيء فإنه لا يعتبر ناشئاً عن سبب أجنبي ولو كان هذا العيب خفياً، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير.
2 - مفاد نصوص المادتان 456 من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون الإثبات - وعلى ما جرى له قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الجنائي تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له، ولما كان الثابت من الحكم الصادر في قضية الجنحة رقم 4245 سنة 1970 قصر النيل أن الدعوى أقيمت ضد تابع الطاعنين لأنه تسبب بإهماله في قتل ولد المطعون عليهما بأن تركه يستعمل المصعد رغم ما به من خلل وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمادة 238 من قانون العقوبات، وقد حكمت محكمة الجنح ببراءته مما أسند إليه، فإن مؤدى ذلك أن المحكمة الجنائية لم تفصل في الأساس المشترك بين الدعوى المدنية الحالية لأن قوام الأولى خطأ جنائي واجب الإثبات ومنسوب إلى التابع في حين أن قوام الثانية خطأ مفترض في حق الطاعنين باعتبارهم حراساً للمصعد، فمسئوليتهم تتحقق ولو لم يقع منهم أي خطأ لأنها مسئولية ناشئة عن الشيء ذاته وليست ناشئة عن الجريمة.
3 - حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية مقصورة على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو بالبراءة وعلى أسبابه المؤدية إليه بالنسبة لما كان موضع المحاكمة ودون أن تلحق الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية بهذه البراءة أو تلك الإدانة وإذ يبين من الحكم الصادر في قضية الجنحة أنه وقد قضى ببراءة المتهم من تهمة القتل الخطأ لانتفاء الخطأ في جانبه فذلك حسبه ويكون ما تطرق إليه عن خطأ المجني عليه تزيداً لم يكن ضرورياً في قضائه وبالتالي فلا حجية له أمام المحاكم المدنية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليهما أقاما الدعوى رقم 3757 لسنة 1971 مدني شمال القاهرة الابتدائية ضد الطاعنة الأولى عن نفسها وبصفتها وصية على ولديها..... قاصري المرحوم....... - الطاعنان الثاني والثالثة اللذان بلغا سن الرشد فيما بعد - طلبا فيها الحكم بإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 2000 جنيه، وقالا بياناً للدعوى إن ولدهما المرحوم........ لقي مصرعه في مصعد العمارة المملوكة للطاعنين بسبب خلل في جهاز فصل التيار الكهربائي الخاص به، وحرر عن الحادث محضر الجنحة رقم 4245 لسنة 1970 قصر النيل ضد بواب العمارة وقضى نهائياً ببراءته، وإذ أصابهما بوفاة ولدهما ضرر مادي وأدبي يقدران التعويض عنه بالمبلغ سالف الذكر ويسأل عنه الطاعنون بوصفهم متبوعين وباعتبارهم حراساً للمصعد الذي أحدث الضرر طبقاً للمادة 178 من القانون المدني، فقد أقاما الدعوى بطلباتهما السابقة وبتاريخ 30/ 5/ 1972 حكمت المحكمة بإلزام الطاعنين متضامنين بأن يدفعوا للمطعون عليها مبلغ 800 جنيه استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 2457 سنة 89 ق مدني القاهرة وفي 17/ 12/ 1973 حكمت المحكمة بتخفيض التعويض إلى مبلغ 500 جنيه طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في الإسناد والتناقض وفي بيان ذلك يقولون إنهم دفعوا أمام محكمة الموضوع بانتفاء مسئوليتهم عن الحادث لأن الحراسة المصعد الذي أحدث الضرر انتقلت إلى البواب الذي عينوه للعمارة، إلا أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع وألزمهم بالتعويض على أساس أن المصعد في حراستهم وإنهم أهملوا إصلاحه رغم أن تابعهم أخبرهم بوجود خلل به، وأن النزاع القائم بينهم وبين هذا التابع لا يحول دون مساءلتهم عن الحادث مسئولية مفترضة في حين أن ما ذكره تابعهم في تحقيق النيابة عن إبلاغهم بعطل المصعد هو مجرد ادعاء لا يسانده الواقع ويدحضه وجود نزاع بينهم وبينه انتهى باستصدارهم حكماً بطرده من مسكنه بالعمارة وقد تعذر عليهم بسبب امتناعه عن تنفيذه تعيين بواب آخر بدلاً عنه، هذا إلى أن الحكم لم يأخذ بما قرره التابع المذكور من أنه أبلغ شركة المصاعد بوجود خلل في المصعد، مما يكون معه الحكم معيباً بمخالفة القانون والخطأ في الإسناد والتناقض.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 178 من القانون المدني على أن "كل من تولى حراسة أشياء تتطلب حراستهما عناية خاصة أو حراسة آلات ميكانيكية يكون مسئولاً عما تحدثه هذه الأشياء من ضرر؛ ما لم يثبت أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه."؛ يدل على أن الحارس الذي يفترض الخطأ في جانبه على مقتضى هذا النص هو ذلك الشخص الطبيعي أو المعنوي الذي تكون له السيطرة الفعلية على الشيء قصداً واستغلالاً، ولا تنتقل منه إلى تابعه المنوط به رقابته لأنه وإن كان للتابع السيطرة المادية على الشيء إلا أنه إذ يعمل لحساب متبوعه ولمصلحته ويأتمر بأوامره ويتلقى تعليماته. فإنه يكون خاضعاً للمتبوع مما يفقده العنصر المعنوي للحراسة ويجعل المتبوع وحده هو الحارس على الشيء لأن العبرة في قيام الحراسة الموجبة للمسئولية في هذه الحالة هي بسيطرة الشخص على الشيء سيطرة فعلية لحساب نفسه، وتقوم المسئولية على أساس خطأ مفترض وقوعه من حارس الشيء افتراضاً لا يقبل إثبات العكس، ومن ثم فإن هذه المسئولية لا تدرأ عن هذا الحارس بإثبات أنه لم يرتكب خطأ ما وأنه قام بما ينبغي من العناية والحيطة حتى لا يقع الضرر من الشيء الذي في حراسته، وإنما ترتفع هذه المسئولية إذا أثبت الحارس أن وقوع الضرر كان بسبب أجنبي لا يد له فيه بأن يكون الفعل خارجاً عن الشيء فلا يكون متصلاً بداخليته أو تكوينه، فإذا كان الضرر راجعاً إلى عيب في الشيء فإنه لا يعتبر ناشئاً عن سبب أجنبي ولو كان هذا العيب خفياً، وهذا السبب لا يكون إلا قوة قاهرة أو خطأ المضرور أو خطأ الغير، لما كان ذلك وكان الثابت أن المصعد مملوك للطاعنين ووقع الحادث نتيجة خلل به وكان الحكم المطعون فيه بعد أن عرض لدفاع الطاعنين الوارد بسبب النعي أقام قضاءه بإلزامهم بالتعويض على أساس ما استخلصه من أن حراسة المصعد وقت وقوع الحادث كانت معقودة لهم باعتبارهم أصحاب السيطرة الفعلية عليه ولم تنتقل منهم إلى تابعهم، وأن النزاع القائم بينهم وبينه لا يرفع المسئولية المفترضة عن كاهلهم، وكان ما استخلصه الحكم سائغاً ويقوم على أسباب موضوعية قدرها مشتقة من ظروف الدعوى وملابساتها فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون وفي بيان ذلك يقولون إن تابعهم وقد قضى ببراءته في قضية الجنحة رقم 4245 سنة 1970 قصر النيل التي اتهم فيها بقتل ولد المطعون عليهما خطأ بأن تركه يستعمل المصعد مع وجود خلل به ونفى الحكم الجنائي الخطأ عن المتهم ونسبه إلى المجني عليه فإن هذا الحكم تكون له قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعوى المطروحة وتنتفي تبعاً لذلك مسئوليتهم عن الحادث، غير أن الحكم المطعون فيه أهدر هذه الحجية وقضى بإلزامهم بالتعويض استناداً إلى مسئوليتهم المفترضة طبقاًَ للمادة 178 من القانون المدني وهو ما يعيبه بمخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كانت المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه "يكون للحكم الجنائي الصادر من المحكمة الجنائية في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة أو بالإدانة قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها نهائياً فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها إلى فاعلها ويكون للحكم بالبراءة هذه القوة سواء بني على انتفاء التهمة أو على عدم كفاية الأدلة. ولا تكون له هذه القوة إذا كان مبنياً على أن الفعل لا يعاقب عليه القانون." وكانت المادة 102 من قانون الإثبات تنص على أن لا يرتبط القاضي المدني بالحكم الجنائي إلا في الوقائع التي فصل فيها هذا الحكم وكان فصله فيها ضرورياً.، فإن مفاد ذلك وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الحكم الجنائي تكون له حجيته في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فضلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله، فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها ويتعين عليها أن تعتبرها وتلتزمها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له، ولما كان الثابت من الحكم الصادر في قضية الجنحة رقم 4245 سنة 1970 قصر النيل أن الدعوى أقيمت ضد تابع الطاعنين لأنه تسبب بإهماله في قتل ولد المطعون عليهما بأن تركه يستعمل المصعد رغم ما به من خلل وطلبت النيابة العامة معاقبته بالمادة 238 من قانون العقوبات، وقد حكمت محكمة الجنح ببراءته مما أسند إليه، فإن مؤدى ذلك أن المحكمة الجنائية لم تفصل في الأساس المشترك بين الدعوى الجنائية والدعوى المدنية الحالية لأن قوام الأولى خطأ جنائي واجب الإثبات ومنسوب إلى التابع في حين أن قوام الثانية خطأ مفترض في حق الطاعنين باعتبارهم حراساً للمصعد، فمسئوليتهم تتحقق ولو لم يقع منهم أي خطأ لأنها مسئولية ناشئة عن الشيء ذاته وليست ناشئة عن الجريمة، إذ كان ذلك، وكانت حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية مقصورة على منطوق الحكم الصادر بالإدانة أو بالبراءة وعلى أسبابه المؤدية إليه بالنسبة لما كان موضع المحاكمة ودون أن تلحق الحجية الأسباب التي لم تكن ضرورية للحكم بهذه البراءة أو تلك الإدانة، ولما كان يبين من الحكم الصادر في قضية الجنحة المشار إليها أنه وقد قضى ببراءة المتهم من تهمة القتل الخطأ لانتفاء الخطأ في جانبه فذالك حسبه ويكون ما تطرق إليه عن خطأ المجني عليه تزيداً لم يكن ضرورياً في لقضائه وبالتالي فلا حجية له أمام المحاكم المدنية، وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر ولم يعتد بحجية الحكم الجنائي في هذا الخصوص وناقش مسئولية الطاعنين المفترضة طبقاً للمادة 178 من القانون المدني وانتهى إلى قيامها للأسباب الصحيحة التي أوردها فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث أن تابعهم (الطاعنين) قرر في تحقيق النيابة أن السكان منعوه من إيقاف المصعد حتى يتم إصلاحه وأرغموه على تشغيله مع وجود خلل به، مما مفاده إن السكان ساهموا في وقوع الحادث وهو ما يتحقق به السبب الأجنبي وينفي مسئوليتهم المفترضة طبقاً للمادة 178 من القانون المدني، وإذ غفل الحكم عن ذلك وألزمهم بالتعويض فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول لأنه يتضمن دفاعاً لم يتمسك به الطاعنون أمام محكمة الموضوع فلا يجوز لهم إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض لأن تحقيقه يخالطه واقع كان يجب عرضه على محكمة الموضوع.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق