الصفحات

الأحد، 16 أبريل 2023

الطعنان 69 لسنة 10 ق ، 70 لسنة 11 ق جلسة 21 / 5 / 1942 مج عمر المدنية ج 3 ق 163 ص 458

جلسة 21 مايو سنة 1942

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك وكيل المحكمة وبحضور حضرات: علي حيدر حجازي بك وحسن زكي محمد بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك المستشارين.

----------------

(163)
القضيتان رقم 69 سنة 10 و70 سنة 11 القضائية

وكالة:
(أ) تحديد مداها. سلطة محكمة الموضوع في ذلك. محام. إهماله تجديد قيد الرهن على الأطيان التي وكل في مباشرة إجراءات نزع ملكيتها. القضاء عليه بالتعويض تأسيساً على ما استظهرته المحكمة من عقد الوكالة ومن الظروف والملابسات التي صدر فيها.
(المادتان 515 و521 مدني)
(ب) محام. توكيله في دعوى. وفاة الموكل. استمرار المحامي في مباشرتها باعتباره وكيلاً عن الورثة. ادعاؤه بعد ذلك سقوط الوكالة عنه بوفاة الموكل. لا يقبل.
(جـ) ورثة معلومون ومعروفون شخصياً. انفراد بعضهم بتوكيل محام. إحجام الآخرين عن توكيله. موضوع النزاع حق قابل للتجزئة. الموكلون لا يمثلون الآخرين في النزاع. حضور الآخرين جلسة المعارضة في الحكم. لا تأثير له.

---------------
1 - إن لقاضي الموضوع بما له من السلطة في تعرّف حقيقة ما أراده العاقدان في العقد المبرم بينهما أن يحدّد مدى الوكالة على هدي ظروف الدعوى وملابساتها. فإذا كانت المحكمة في الدعوى المرفوعة على المحامي من موكله يطالبه بمبلغ مقابل ما أضاعه عليه بإهماله تجديد قيد الرهن على الأطيان التي وكله في مباشرة إجراءات نزع ملكيتها حتى سقط القيد وأصبح دينه عادياً قد قضت على المحامي بالتعويض مؤسسة قضاءها على ما استظهرته من عقد الوكالة المحرّر للمحامي، وما استخلصته من الظروف والملابسات التي صدر فيها من أنه وإن كان متعلقاً بدعوى معينة إلا أنه عام فيها فيشمل التزام المحامي بالعمل على تجديد قيد الرهن في الميعاد، وكان ما حصّلته المحكمة من ذلك تبرره المقدّمات التي ساقتها ولا يتعارض مع أي نص في عقد الوكالة، فلا تقبل مناقشتها لدى محكمة النقض والإبرام بدعوى أنها مسخت ذلك العقد وحرفت معناه.
2 - إذا كان الوكيل قد ظل بعد وفاة موكله يباشر الدعوى التي وكل فيها باعتباره وكيلاً عن ورثته فلا يقبل منه بعد ذلك أن يجادل في صفة الوكالة مدّعياً أنها انقضت بوفاة الموكل.
3 - متى كان الورثة معلومين ومعروفين شخصياً فإن انفراد بعضهم بإصدار التوكيل مع إحجام بعضهم الآخر لا يصح معه القول بأن الفريق الأوّل كان يمثل الفريق الثاني في الدعوى إذا لم يكن الحق المتنازع عليه غير قابل للتجزئة؛ ولا يؤثر في ذلك حضور الفريق الثاني جلسة المعارضة في الحكم الذي صدر في الدعوى، لأن مجرّد الحضور والتوكيل معدوم لا يمكن أن ينشئ عقد وكالة.


الوقائع

تتلخص وقائع هذا الطعن - على ما رواها الحكمان المطعون فيهما - في أن الشيخ يوسف علي سنبل مورّث المطعون ضدّهم رغب في شراء عشرين فداناً مملوكة للمرحوم الشيخ إبراهيم متولي عوض وتعاقد معه فعلاً في 10 من نوفمبر سنة 1929 بعقد عرفي على شراء هذا القدر، غير أنه قبل إتمام العقد ظهر له أن أطيان البائع ومقدارها 1210 فدان وكسور، ويدخل فيها القدر الذي تعاقد على مشتراه، مرهونة للبنك العقاري المصري رهناً له المرتبة الأولى ولشركة ليفي جربوعة رهناً ثانياً، وأن البنك العقاري كان سائراً في نزع ملكيتها، فرأى أن يتفق مع البنك على أن يدفع له من دينه 2000 جنيه وأن يحل محله مقابل ذلك في 27 فداناً و18 قيراطاً و16 سهماً مفروزة يدخل فيها العشرون فداناً موضوع عقده العرفي. وقد تم له ذلك بعقد رسمي تاريخه 25 من يناير سنة 1930 وتأشر بهذا في 5 فبراير سنة 1930 بقلم كتاب محكمة المنصورة المختلطة على هامش قيد الرهن الحاصل لمصلحة البنك وتسلم الشهادة الدالة على ذلك. وأعلن الحلول للمدينين بتاريخ 13 من أغسطس سنة 1930 من مكتب مقصود باشا وشركائه المحامين بالنيابة عن مورّث المطعون ضدّهم، فأصبح هذا الأخير صاحب المرتبة الأولى فيما يختص بالأطيان التي حل فيها محل البنك. ولما وقف هذا البنك إجراءات نزع الملكية بعد حصول الحلول تولى محل ليفي جربوعة وشركائه الاستمرار فيها بناء على إجازة من قاضي الأمور المستعجلة في 25 من يناير سنة 1930، وتحدّدت للبيع جلسة 26 من مايو سنة 1930، ثم تأجل البيع عدّة جلسات حتى شطبت الدعوى بجلسة 15 من ديسمبر سنة 1930، وبقيت مشطوبة حتى تحدّدت لها جلسة 9 من مايو سنة 1932 بناء على طلب مورّث المطعون ضدّهم الذي كان قد وكل مكتب مقصود باشا وشركائه في إعلان المدينين بالحلول كما سبق بيانه وفي اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو بيع الـ 27 فداناً وكسور وحصوله على دينه، وسلمه فعلاً عقد الحلول وهو سند الدين المسجل. وقد حضر الأفوكاتو مقصود عن مورّث المطعون ضدّهم بجلسة 9 من مايو سنة 1932 ثم لعدم وجود مشترين بالثمن الأساسي المعروض وهو 2735 جنيهاً تأجل البيع لجلسة 16 من يناير سنة 1933. وحدث في الفترة بين هاتين الجلستين أن توفى مورّث المطعون ضدّهم، وذلك في 24 من ديسمبر سنة 1932، فحضر الأفوكاتو مقصود عن الورثة بالجلسة التالية للوفاة، وهي جلسة 16 من يناير سنة 1933 وطلب تأجيل الدعوى بحالتها، فتأجلت إلى 13 من مارس سنة 1933، وفيها حضر الأفوكاتو سمنه عن الشيخ سنبل وطلب التأجيل إلى جلسة أوّل مايو سنة 1933 وفيها حضر الأفوكاتو مقصود عن ورثة سنبل وطلب البيع، فأمر القاضي بالبيع بثمن أساسي 2185 جنيهاً، ولعدم وجود مشترين أجلت إلى جلسة 12 من يونيه سنة 1933 مع إنقاص الثمن إلى 1745 جنيهاً، وفيها حضر الأفوكاتو سمنه عن سنبل وأجلت إلى جلسة 24 من أغسطس سنة 1933، ثم إلى جلسة 30 من أكتوبر سنة 1933، وفيها حضر الأفوكاتو سمنه عن سنبل، وبناء على طلبه تأجلت بحالتها إلى جلسة 18 من ديسمبر سنة 1933، ثم إلى 12 من فبراير سنة 1934، ثم إلى 12 من إبريل سنة 1934، وفيها حضر الأفوكاتو مقصود عن سنبل. ولما لم يتقدّم بأي طلب وكانت الدعوى من جهة أخرى لم تستكمل رسومها شطبت وفقاً للمادة 12 من لائحة الرسوم. وقد علم الورثة بعد ذلك بأن شركة ليفي جربوعة هي التي تباشر إجراءات نزع الملكية فذهبوا إلى مكتب مقصود باشا ليستعلموا منه عن الحقيقة، فلم يفوزوا بمقابلته، فاتصلوا بمحام آخر أفهمهم بعد الاطلاع على ملف دعوى البيع بالمحكمة أن قيد الرهن عن الـ 27 فداناً وكسور موضوع عقد الحلول قد سقط لعدم تجديده، مع أنه قد تجدّد قيد الأطيان المرهونة جميعها في أوّل مايو سنة 1933 بعد استبعاد الـ 27 فداناً وكسور، وذلك لمصلحة البنك العقاري بمعرفة مكتب مقصود باشا الذي تولى أيضاً بعد ذلك تجديد قيد الرهن عن الـ 27 فداناً وكسور لمصلحة شركة ليفي جربوعة. وكان آخر موعد العشر السنوات التي يجب تجديد القيد فيها بالنسبة للأطيان موضوع عقد الحلول 5 من يونيه سنة 1933. وهذا التاريخ يقع بين جلستي أوّل مايو سنة 1933 و12 من يونيه سنة 1933 التي كان مكتب مقصود باشا يحضر فيهما عن ورثة سنبل. وبعد ذلك جدّدت إجراءات البيع بمعرفة شركة ليفي جربوعة، وتحدّدت أخيراً لذلك جلسة 18 من إبريل سنة 1935 وتم فيها البيع برسوّ المزاد على الشركة المذكورة بثمن قدره 2380 جنيهاً بخلاف الرسوم وقدرها 61 جنيهاً و455 مليماً. وأعفيت الشركة من إيداع الثمن لأنها أصبحت في المرتبة الأولى، ولم يحصل المطعون ضدّهم على شيء من دينهم. فرفع فريق من الورثة هم المطعون ضدّهم عدا الثلاث الأخيرات الدعوى رقم 287 سنة 1935 أمام محكمة المنصورة الابتدائية الأهلية في 18 من سبتمبر سنة 1935 على الأفوكاتو إيلي سمنه والأفوكاتو هنري مقصود والمرحوم ألكسندر مقصود باشا (الذي أدخل ورثته في الدعوى بعد وفاته وهم الأفوكاتو جبرائيل مقصود والأفوكاتو هنري مقصود والسيدة إيديت مقصود). وقالوا إن المدّعى عليهم المذكورين لسبب مّا لم يجددوا قيد الرهن على الأطيان التي يباشرون نزع ملكيتها، وترتب على ذلك أن سقط القيد وأصبح دينهم ديناً عادياً، ولذلك طلبوا إلزامهم بمبلغ 2380 جنيهاً وهو الثمن الذي رسا به مزاد الأطيان على شركة ليفي جربوعة التي كانت تليهم مرتبة مع الفوائد باعتبار 5% سنوياً من المطالبة الرسمية للوفاء والمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وبجلسة 9 من مارس سنة 1938 رفع المدّعى عليهم دعوى فرعية بطلب 155 جنيهاً تعويضاً عن رفع تلك الدعوى على صورة تمس باعتبارهم وسمعتهم. وفي 21 من فبراير سنة 1939 قضت المحكمة برفض الدعويين الأصلية والفرعية وألزمت كلاً من المدّعين بمصاريفها مع إلزام المدّعين في الدعوى الأصلية بمبلغ 1000 قرش مقابل أتعاب المحاماة للمدعى عليهم. فاستأنف المطعون ضدّهم هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر وقيد استئنافهم برقم 667 سنة 56 قضائية وطلبوا بصحيفته إلغاء الحكم والقضاء لهم بطلباتهم. وفي 25 من يونيه سنة 1940 قضت محكمة الاستئناف غيابياً بالنسبة إلى ورثة ألكسندر مقصود باشا وحضورياً بالنسبة إلى من عداهم بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وإلزام المستأنف عليهم متضامنين بأن يدفعوا للمستأنفين (المطعون ضدّهم) مبلغ 2380 جنيهاً وفوائده بواقع 5% سنوياً من تاريخ 18 من سبتمبر سنة 1935 حتى الوفاء مع إلزامهم بمصاريف الدرجتين ومبلغ 1000 قرش مقابل أتعاب المحاماة عنهما.
وفي 18 من سبتمبر سنة 1940 أعلن هذا الحكم للأستاذ إيلي سمنه، فطعن فيه وكيله بطريق النقض في 21 من ذلك الشهر... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكمين المطعون فيهما أنهما أخطآ خطأً يعيبهما بما يستوجب نقضهما لأنهما: (أوّلاً) مسخا عقد التوكيل وأخطآ في تكييف الوكالة ونوعها. (ثانياً) خالفا أحكام القانون في شأن الوكالة والتزامات الوكيل الخاص. (ثالثاً) أخطآ في تطبيق المادتين 151 و522 من القانون المدني، وخالفا القانون في القضاء بالتضامن، وجاءا قاصري التسبيب. (رابعاً) بالنسبة للمطعون ضدّهنّ الثلاث الأخيرات (فوق ما تقدّم من أسباب) جاءا باطلين لانقطاع الصلة القانونية بينهنّ وبين الطاعنين. (خامساً) بالنسبة لهنّ أيضاً جاءا قاصري التسبيب فيما يتعلق بامتناعهنّ عن التوكيل، ثم أغفلا الفصل في طلب تحقيق هذا الامتناع.
ومن حيث إن الطاعنين يقولون في بيان الوجهين الأوّل والثاني إن وكالة المحامي لمباشرة دعوى معينة هي وكالة خاصة لا تتعدّى الإجراءات القضائية التي تستلزمها تلك الدعوى، ولا تدخل فيها الأعمال التحفظية التي ترمى إلى حفظ الحقوق، ومنها تجديد قيد الرهن التأميني. ويضيفون إلى ذلك أن تكييف محكمة الموضوع لعقد وكالة المحامي وجعله يشمل أعمالاً لا تدخل في نطاقه يعدّ مسخاً لعقد التوكيل الذي جاء فيه أنه مقصور على إجراءات نزع الملكية. هذا فضلاً عن أن الحكم جاء خاطئاً في تطبيق أحكام القانون عند تحديد مسئولية المحامي. فهو لم يعين بالذات من هو المحامي الذي صدر له التوكيل، هل هو مقصود باشا أو هنري مقصود أو إيلي سمنه. كما أنه خالف القانون بالنسبة لمدى مسئولية المحامي بعد وفاة الموكل، والمادة 191 من لائحة الإجراءات المختلطة العامة التي تحدّد مسئوليته في هذه الحالة بأربعة عشر يوماً. وكما أنه أخطأ في تأويل أحكام المواد 49 و340 من قانون المرافعات المختلط و185 و222 من لائحة الإجراءات الداخلية المختلطة الصادر بها دكريتو يونيه سنة 1887 والمادة 522 من القانون المدني الأهلي.
ومن حيث إن الثابت في الحكمين المطعون فيهما أن مورّث المطعون ضدّهم وكل مكتب إسكندر مقصود باشا في اتخاذ الإجراءات اللازمة نحو بيع 27 فدّاناً وكسور وحصوله على دينه، وأنه توفى في 24 من ديسمبر سنة 1932 فوكل فريق من ورثته هم المطعون ضدّهم عدا الثلاث الأخيرات نفس المكتب، وحرروا له توكيلاً أودع الطاعنون صورة منه لدى محكمة الموضوع.
ومن حيث إن لقاضي الموضوع كامل السلطة في تعيين مدى الوكالة، وله في سبيل ذلك، لكي يتعرّف حقيقة ما أراده العاقدان في العقد المبرم بينهما، أن يستعين بظروف أحوال الدعوى وملابساتها.
ومن حيث إن محكمة الموضوع قد حققت عقدي الوكالة المتقدّم ذكرهما، وبحثت في مداهما وهي تتحدّث عن تقصير الطاعنين. فقالت عن التوكيل الصادر من مورّث المطعون ضدّهم إنه وإن كان لم يقدّم فإنه لا يعدو التوكيل المعتاد صدروه لمحامي المحاكم المختلطة في كل دعوى، وقد ذكر المطعون ضدّهم نصه في مذكرتهم ولم يعترض عليه الطاعنون. وإنه وإن كان خاصاً بكل دعوى فإنه عام في الدعوى المقدّم فيها. فعلى المحامي بموجبه أن يقوم بالنيابة عن موكله بجميع ما تستلزمه الدعوى من إجراءات بأوسع معاني هذا الالتزام لتنفيذ التوكيل على أكمل وجه. ولذا كان لزاماً على الطاعنين، وقد تسلموا من المطعون ضدّهم عقد الحلول والشهادات الدالة على صفاتهم وحقهم في اتخاذ إجراءات البيع، أن يقوموا بإجراء التجديد في الميعاد القانوني حتى لا يسقط حق موكليهم. أما وهم لم يفعلوا فقد قصروا في أداء واجبهم تقصيراً جسيماً يجعلهم مسئولين عن الضرر الذي نشأ عنه وفقاً للمادة 521 من القانون المدني. وقالت المحكمة عن التوكيل الصادر من المطعون ضدّهم إنه لا يختلف عن التوكيل الأوّل، وإنه تبين من تلاوته أن المعارض ضدّهم قد وكلوا إسكندر مقصود باشا بالحضور وعمل كل ما يراه لصالحهم...... ويعمل كل ما يراه نافعاً لنفاذ التوكيل. وإنه أمام هذا النص تبين أن لا وجاهة لما يتمسك به الطاعنون من أن حدود التوكيل كانت مقصورة على مجرّد السير في إجراءات دعوى نزع الملكية دون اتخاذ الإجراء الذي يحفظ حق الموكلين من السقوط. وإنه من غير الميسور قبول مثل هذا الدفاع من محام أوّل واجبه في دعوى مثل الدعوى الحالية أن يبحث مستنداتها ويعرف النتيجة التي يمكن أن تعود على موكله من السير فيها. وإن طلب التوكيل من الورثة والحصول عليه منهم في أوّل فبراير سنة 1933 كان جديراً بأن ينبههم إلى إعادة البحث في ميعاد التجديد وإجرائه. وأضافت المحكمة إلى ما تقدّم أنه لا يعفى الطاعنين من واجب القيام بالتجديد ما يقولونه من عدم تسلمهم قائمة الرهن، وخصوصاً أنه قد ذكر في صحيفة المعارضة أنه يمكن إجراء التجديد بمقتضى صورة من تلك القائمة، وقد كان من الميسور عليهم الحصول على تلك الصورة إذ كان لدى المكتب عقد الحلول والشهادة العقارية وفيهما ما يبين موعد التجديد. وإنه مما يدل على الإهمال فوق ما تقدّم أنه بعد سقوط القيد في 5 من يونيه سنة 1933 وضياع المرتبة التي كانت للمطعون ضدّهم ظل الطاعنون بصفتهم يباشرون الإجراءات الموصلة للبيع ويستولون من الموكلين على نقود لهذا الغرض، في حين أنه كان من العبث بعد سقوط القيد الاستمرار في تلك الإجراءات. وإنه وإن كان المطعون ضدّهم ذهبوا إلى أن مكتب الطاعنين لم يكن حسن النية في تصرفاته، وأنه قصد عمداً عدم تجديد القيد، فإن المحكمة ترى أنه وإن لم يثبت لديها سوء النية فإن ما وقع هو إهمال جسيم أضر بالمطعون ضدّهم ضرراً فاحشاً يستحقون عنه تعويضاً.
ومن حيث إنه يبين مما تقدّم أن محكمة الموضوع، بعد أن حققت عقد الوكالة، وتبينت مضمونه ومداه، استخلصت من ذلك، وعلى ضوء الظروف والملابسات التي صدر فيها هذا التوكيل، أنه وإن كان خاصاً بدعوى معينة إلا أنه عام فيها، ويشمل التزام الوكيل بملاحظة عدم سقوط قيد الرهن والعمل على تجديد القيد في الميعاد. ومتى كان الأمر كذلك، وكان استخلاص المحكمة على الصورة المتقدّمة تبرره المقدّمات التي ساقتها، ولا يتعارض مع أي نص في عقد الوكالة، فلا تصح مناقشتها فيه لدى محكمة النقض والإبرام بدعوى أنها مسخت ذلك العقد وحرفت معناه. أما ما يثيره الطاعنون عن مدى مسئولية الوكيل بعد وفاة الموكل فمردود بأنه فضلاً عن صدور توكيل من المطعون ضدّهم عدا الثلاث الأخيرات ظل الطاعنون يباشرون الدعوى ويسيرون فيها باعتبارهم وكلاء عن المورّث وعن ورثته من بعده، قبل سقوط القيد وبعد سقوطه، فلا يحق لهم أن يجادلوا بأنه لم يكن لهم في تلك المدّة صفة الوكيل، وأن هذه الصفة سقطت عنهم بوفاة مورّث المطعون ضدّهم. وأما ما يقولونه عن قصور الحكم في بيان اسم من صدر إليه التوكيل منهم فمردود بأن المحكمة أسست حكمها على أن التوكيل صادر لمكتب مقصود باشا الذي كان يباشر فيه مهنته مع زميليه إيلي سمنه وهنري مقصود اللذين لم يبد منهما في جميع إجراءات الدعوى أي اعتراض على ذلك.
ومن حيث إنه لكل ما تقدّم يكون الوجهان الأوّل والثاني من الطعن على غير أساس.
ومن حيث إنه عن الوجه الثالث يقول الطاعنون إن المادة 151 من القانون المدني تشترط إثبات حصول خطأ وضرر متسبب عن الخطأ. وبما أن مسئولية المحامي تبعية بمعنى أنه لا يسأل إلا إذا ثبت في النهاية أن خصم الموكل معسر يستحيل الرجوع عليه، فكان لزاماً على المحكمة أن تبين كل ذلك في حكمها. وخصوصاً أن الثابت من الأوراق التي كانت أمام محكمة الموضوع أن ضياع الأولوية على المطعون ضدّهم - أياً كان المسئول عنه - لم يضع عليهم حق الرجوع على المدين في أمواله الأخرى التي لهم عليها حقوق مسجلة والتي اعترفوا بكفايتها للوفاء بحقهم، إذ أن حقهم لا يزال باقياً على 94 فداناً لهم عليها حق الأولوية قبل جربوعة. ولذا جاء الحكم خاطئاً قاصر التسبيب. يضاف إلى ذلك أن المحكمة لم تبين نوع المسئولية التي أسست عليها قضاءها، ولم تبين سبباً لحكمها بالتضامن على الطاعنين.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد عنى كما تقدّم - خلافاً لما يزعمه الطاعنون - بإثبات التقصير عليهم، كما بيّن أن هذا التقصير نتج عنه ضرر للمطعون ضدّهم، وقال إن تقدير التعويض بالثمن الذي رسا به مزاد الأطيان وفوائده هو ما كان يحصل عليه المطعون ضدّهم لو لم يقع الإهمال الذي نجم عنه الضرر. أما ما يتمسك به الطاعنون من أن حق المطعون ضدّهم لا يزال مكفولاً بالرهن على الـ 94 فداناً الباقية للبنك، وأن لهم عليها حق الأولوية قبل شركة ليفي جربوعة فغير صحيح، لأن عقد الحلول الصادر من البنك لمورّث المطعون ضدّهم صريح في أن المورّث لم يحل محل البنك، أي قبل شركة جربوعة، إلا فيما يختص بالـ 27 فداناً وكسور التي سقط قيد رهنه عليها. وأما عن التضامن فإن المحكمة قد بينت في حكمها أن التعويض إنما هو عن الفعل الضار الذي وقع بتقصير الطاعنين، وهذا يستوجب قانوناً أن تكون مساءلتهم عن التعويضات بطريق التضامن وفقاً للمادة 150 من القانون المدني. وقد قالت المحكمة إن المسئولية ناشئة عن إهمال الأفوكاتو سمنه والأفوكاتو مقصود ومورّث باقي الطاعنين فيكونون مسئولين عن التعويض بالتضامن بين الأوّلين شخصياً والباقين بصفتهم ورثة لإسكندر مقصود باشا. وفي ذلك ما يكفي لبيان نوع المسئولية وسبب القضاء بالتضامن.
ومن حيث إن الطاعنين يقولون، في صدد الوجهين الرابع والخامس، إن التوكيل سقط بوفاة مورّث المطعون ضدّهم، وقد امتنع المطعون ضدّهن الثلاث الأخيرات عن إصدار توكيل، وقامت خصومة بينهن وبين باقي الورثة حتى اقتضى الأمر إنذارهن ليصدرن توكيلاً لمقصود باشا. وقيام الخلاف بين الورثة ينفي كل فكرة في تمثيل بعضهم للبعض الآخر. ومع ذلك افترضت المحكمة قيام وكالة نيابية انتحلتها من غير مصدر، وأسندتها إلى ما يخالفها في الأوراق. وفوق هذا فقد طلبوا إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات قيام الخلاف بين الورثة، وقدّموا شهادة تثبت الإنذار الحاصل للمطعون ضدّهن الأخيرات من باقي الورثة، والمحكمة لم تشر إلى ذلك في حكمها، مع أنه طلب مستقل يتعين الفصل فيه.
ومن حيث إنه يبين مما أثبته الحكم المطعون فيه أن الطاعنين بعد وفاة مورّث المطعون ضدّهم طلبوا من ورثته توكيلهم للاستمرار في الإجراءات، فوكلوهم ما عدا المطعون ضدّهنّ الثلاث الأخيرات كما سلف الذكر، وقد طولبن عدّة مرات لعمل التوكيل فلم يفعلن، ولهذا لا يحق لهنّ قانوناً مطالبة الطاعنين بتعويض عن تقصيرهنّ في تجديد القيد، بدعوى أنهم كانوا وكلاء عنهم. أما ما جاء بالحكم من تمثيل ورثة الموكل الأصلي بعضهم لبعض واعتبار من أصدروا التوكيل نائبين عن المطعون ضدّهنّ الأخيرات، فغير سليم، ولا يتفق مع أحكام الوكالة، صريحة كانت أو ضمنية. وذلك لأن الورثة كانوا معلومين ومعروفين شخصياً، فاستقلال بعضهم بإصدار توكيل، وإحجام البعض الآخر عن ذلك، لا يصح القول فيه بأن فريقاً منهم كان يمثل الآخر ما دام الحق المتنازع عليه قابلاً للتجزئة. ولا يؤثر في ذلك حضور المطعون ضدّهنّ بجلسة المعارضة في الحكم الاستئنافي، لأن حضورهنّ على تلك الصورة، والتوكيل معدوم، لا يمكن أن ينشئ عقد وكالة. ومتى تقرّر ذلك كان القضاء بالتعويض للمطعون ضدّهنّ الثلاث الأخيرات قد جاء على غير أساس. ولهذا يتعين نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً فيما قضى به من تعويض لهنّ. ولما كانت الدعوى صالحة للحكم في موضوعها بالنسبة لهذا الجزء المنقوض لانتفاء رابطة الوكالة بين الطاعنين والمطعون ضدّهن المذكورات فلذا يتعين رفض دعواهنّ قبل الطاعنين وذلك بنسبة نصيبهنّ الشرعي كورثة للمرحوم يوسف سنبل في التعويض المقضى به.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق