الصفحات

الثلاثاء، 25 أبريل 2023

الطعن 293 لسنة 49 ق جلسة 12 / 4 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 210 ص 1093

جلسة 12 من إبريل سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: د. إبراهيم علي صالح، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل، حسن عثمان عمار ورابح لطفي جمعه.

---------------

(210)
الطعن رقم 293 لسنة 49 القضائية

(1 - 4) إيجار "بيع الجدك". عقد. نقض.
(1) بيع المستأجر للمتجر أو المصنع. وجوب توافر الصفة التجارية للنشاط الذي يزاوله البائع وقت البيع. م 594 مدني. المحل المستغل في نشاط حرفي لا يعد محلاً تجارياً. عدم سريان حكم النص المذكور ولو وجد في المحل بعض الأدوات والبضائع.
(2) تكييف بيع المستأجر للجدك بوروده على محل تجاري خضوعه لرقابة محكمة النقض، لا عبرة بالوصف الوارد في العقد.
(3) استغلال المستأجر للمحل المؤجر له في نشاط الحياكة أثره. اعتبار المستأجر حرفياً وليس تاجراً. عدم سريان حكم المادة 594 مدني على تنازله عن العين للغير.
(4) تنازل المستأجر عن العين المؤجرة للغير دون موافقة المالك. أثره. عدم نفاذه في حقه. موافقته عن التنازل لشخص آخر وتأجيره العين له. أثره. اعتبار الأخير هو وحده صاحب الحق في الإيجار. علة ذلك.
(5) بيع "بيع المنقول". ملكية. حيازة.
ملكية المنقول المعين بذاته. انتقالها للمشتري بمجرد التعاقد. تصرف البائع بالبيع مرة ثانية لمشتر آخر تسلم المبيع وهو حسن النية. انتقال الملكية إليه دون المشتري الأول بالحيازة وليس بالعقد.

---------------
1 - النص في الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني على أنه "إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار"، يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة (1) - على أن المشرع أجاز التجاوز عن الشرط المانع وأباح للمستأجر التنازل عن الإيجار على خلافه متى كان الشيء المؤجر عقاراً مملوكاً لشخص وأنشأ فيه المستأجر محلاً تجارياً سواء كان متجراً أو مصنعاً بشرط أن تثبت الصفة التجارية للنشاط الذي كان يزاوله المتنازل وقت إتمام بيع المتجر أو المصنع، مما مفاده أنه يجب لاعتبار المحل تجارياً في معنى المادة 594 سالفة الذكر أن يكون مستغلاً في نشاط تجاري قوامه الاشتغال بأعمال وأغراض تجارية، فإذا كان غير ذلك بأن انتفت عن نشاط مستغله الصفة التجارية فإنه يخرج من مجال إعمال تلك المادة، ومؤدى هذا أنه إذا كان المحل مستغلاً في نشاط حرفي قوامه الاعتماد وبصفة رئيسية - على استغلال المواهب الشخصية والخبرات العملية والمهارات الفنية، فإنه لا يعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - محلاً تجارياً، ذلك أن الحرفي يتخذ من العمل اليدوي سواء باشره بنفسه أو بمعاونة الغير أساساً لنشاطه ومصدراً لرزقه، لا تكون له صفة التاجر ولا يتسم نشاطه بالصفة التجارية ومن ثم فلا يعتبر المكان الذي يزاوله فيه محلاً تجارياً حتى لو وجدت فيه بعض الأدوات والمهمات والبضائع أو كان له عملاء، وبالتالي فلا ينطبق في شأنه حكم المادة 594/ 2 من القانون المدني.
2 - العبرة في تكييف بيع المستأجر للجدك هي بكونه وارداً على محل تجاري بالمعنى والشروط التي أوردتها المادة سالفة الذكر دون التعويل على الوصف المعطى له بالعقد، وكان المقرر أن هذا التكييف مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض التي يكون لها أن تراقب مدى صحة ما استخلصته محكمة الموضوع في هذا الصدد من وجود أو عدم وجود المحل التجاري، إذ يتوقف على هذا التكييف تطبيق قواعد بيع المحل التجاري في الحالة الأولى والقواعد العامة في القانون المدني وما يتصل به من قوانين تنظيم العلاقات بين المؤجرين والمستأجرين في الحالة الثانية.
3 - المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن المناط في جواز إثارة الدفاع المتعلق بسبب قانوني أمام محكمة النقض لأول مرة أن تكون عناصره الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع، لما كان ما تقدم، وكان الثابت بعقد البيع موضوع التداعي والذي أورده الحكم المطعون مؤداه واستند إليه في قضائه، أن المحل الوارد به مؤجراً أصلاً بغرض استغلاله في نشاط الحياكة (....) وأنه كان مستغلاً فعلاً في هذه الحرفة وأنه لا يحمل اسماً ولا عنواناً تجارياً وأن التصرف الصادر عنه لا يشمل سوى المنقولات الموجودة فيه والمبينة به وكذا حق الإيجار، مما مفاده أن المحل مخصص لاستغلاله في النشاط الحرفي ومن ثم فإنه مستأجره - المطعون عليه الثاني - لا يعتبر تاجراً بل حرفياً وأن المحل موضوع التصرف لا يعتبر بذلك محلاً تجارياً وبالتالي لا ينصرف إليه حكم البيع المنصوص عليه بالفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني ولا يعدو التصرف الحاصل عنه - من المطعون عليه الثاني إلى المطعون عليه الأول - أن يكون مجرد تنازل عن حق إيجار المكان.
4 - الأحكام المتعلقة بالتنازل عن الإيجار تنظمها القواعد المقررة في قانون إيجار الأماكن رقم 52 لسنة 1969 والتي تقضي بعدم نفاذ التنازل الصادر من المستأجر إلى الغير إلا بموافقة المالك، وإذ كانت المالكة المؤجرة لم توافق على التنازل الصادر من المطعون عليه الثاني إلى المطعون عليه الأول، فإنه يكون غير نافذ في حقها مما مفاده بقاء العلاقة الإيجارية بشأن المحل على حالها الذي كانت عليه من قبل بين المطعون عليه الثاني والمالكة حتى إذا ما عاود المطعون عليه الثاني بعد ذلك التنازل، عن إيجار المحل إلى الطاعنة بموجب العقد المؤرخ... ووافقت المالكة على هذا التنازل انتهت علاقة المطعون عليه الثاني بالعين وانقضى تبعاً لذلك عقد إيجاره لها مما حدا بالمالكة بعد هذا وعلى أساسه بتأجير العين إلى الطاعنة بموجب عقد الإيجار المؤرخ.... لما كان ذلك، فإن الطاعنة تكون هي وحدها صاحبة الحق في الإيجار.
5 - المقرر بحكم المادتين 204 و932 من القانون المدني أن ملكية المنقول المعين بذاته تنتقل إلى المشتري بمجرد التعاقد ودون توقف على تسليمه إليه، مما مؤداه وعلى نحو ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للمادة 932 أنه إذا قام بائع هذا المنقول بعد ذلك ببيعه مرة أخرى إلى مشتريان فإن الملكية تبقى مع هذا للمشتري الأول إلا أن يكون البائع قد قام بتسليم المنقول إلى المشتري الثاني، وكان هذا الأخير حسن النية ولا يعلم بسبق التصرف في المنقول إلى المشتري الأول، فإن الملكية تنتقل في هذه الحالة إلى المشتري الثاني لا عن طريق العقد بل عن طريق الحيازة وهي في المنقول سند ملكية الحائز، لما كان ذلك، وكان الثابت بالعقد موضوع التداعي أن المطعون عليه الثاني باع المنقولات المبينة به إلى المطعون عليه الأول على أن يتم تسليمها إليه عند دفع باقي الثمن في موعد غايته 1/ 4/ 1976 وكان الثابت بالعقد الصادر من المطعون عليه الثاني ذاته إلى الطاعنة بتاريخ 28/ 1/ 1976 أنه باع إليها المنقولات عينها وأقر بقبض ثمنها وقام بتسليمها إليها، وإذ خلت الأوراق مما يدل على علم الطاعنة بالتصرف السابق الحاصل للمطعون عليه الأول، فإنها تكون قد اكتسبت ملكية هذه المنقولات عن طريق الحيازة المقترنة بحسن النية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 1335 سنة 1976 مدني كلى شمال القاهرة ضد الطاعنة والمطعون عليه الثاني للحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 16/ 10/ 1975 الصادر له من الأخير عن محل بالجدك (ترزي للسيدات) مبين به وبصحيفة الدعوى مع تسليمه إليه بمشتملاته. وقال في بيان ذلك إن المطعون عليه الثاني بعد أن باع إليه المحل المذكور عاد وباعه مرة أخرى إلى الطاعنة في 28/ 1/ 1976، وإذ كان عقده أسبق تاريخاً فقد أقام عليهما دعواه. قضت له المحكمة بطلباته. استأنفت الطاعنة الحكم بالاستئناف رقم 253 سنة 94 ق القاهرة، وبتاريخ 19/ 12/ 1978 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف - نعياً على الحكم المستأنف - بأن العقد موضوع التداعي لا ينصب على بيع محل تجاري بالجدك بل هو مجرد تنازل عن عقد إيجار مكان وإذ لم تصدر موافقة من مالك العقار على هذا التنازل، وكان المطعون عليه الثاني قد تنازل لها أيضاً عن إجارة ذلك المكان وأقر المالك هذا التنازل وحرر لها على أساسه عقد إيجار، ووضعت يدها على المكان تنفيذاً لذلك، فإن الأفضلية تكون لها فيه على المطعون عليه الأول، غير أن الحكم المطعون فيه رد على هذا الدفاع بمقولة إن الثابت من عقد شراء المحل التجاري موضوع التداعي أنه لم ينصب على حق الإجارة في المرتبة الأولى وإنما انصب على سائر مقومات المحل كمنشأة تجارية لها سمعتها ووزنها فيكون بيعاً لمحل تجاري وليس مجرد تنازل عن حق إجارة وهو ما رتب عليه الحكم قوله بانتقال ملكية المحل إلى المشتري - المطعون عليه الأول - بمجرد التعاقد دون أن يحاج بالتصرف الصادر بشأنه من ذات البائع إلى الطاعنة أو بموافقة المالك عليه أو بعقد الإيجار الذي حرره لها عنه، منتهياً من ذلك إلى تأييد الحكم المستأنف، واستطردت الطاعنة قائلة إنه لما كان من المتعين لاعتبار المحل تجارياً أن يكون مستغلاً في نشاط تجارى وأن تثبت لمستغله صفة التاجر فإذا ما استغل في نشاط حرفي يعتمد أساساً على مواهب من يستغله أو قدراته في حرفته، فإنه لا يعتبر كذلك حتى ولو كانت به أدوات أو تردد عليه عملاء، علاوة على أن المراد بالجدك هو ما يشمل جميع عناصر المتجر أو المصنع من ثابت ومنقول ومن مقومات مادية ومعنوية كالاسم التجاري وحق الاتصال بالعملاء والسمعة التجارية، وكان الثابت بالعقد موضوع التداعي أن المحل المبيع مخصص أصلاً لاستغلال حرفي وأنه لا يحمل اسماً ولا عنواناً ولا يتعلق بأي عنصر من العناصر المعنوية فإنه لا يعتبر محلاً تجارياً ولا يعدو التصرف فيه عن كونه مجرد تنازل عن إيجار مكان، وإذ لم يفطن الحكم المطعون فيه إلى ما تقدم وأغفل مع هذا بيان الأساس الذي بني عليه وصفة للمحل بأنه محل تجارى له زنته وسمعته - رغم انتفاء سند ذلك من الأوراق - فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما أدى به إلى الالتفات عن دفاع الطاعنة السالف وإعمال مقتضاه فجاء بذلك مشوباً بالقصور.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كان النص في الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني على أنه "... إذا كان الأمر خاصاً بإيجار عقار أنشئ به مصنع أو متجر واقتضت الضرورة أن يبيع المستأجر هذا المصنع أو المتجر جاز للمحكمة بالرغم من وجود الشرط المانع أن تقضي بإبقاء الإيجار" يدل - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - على أن المشرع أجاز التجاوز عن الشرط المانع وأباح للمستأجر التنازل عن الإيجار على خلافه متى كان الشيء المؤجر عقاراً مملوكاً لشخص وأنشأ فيه المستأجر محلاً تجارياً سواء كان متجراً أو مصنعاً بشرط أن تثبت الصفة التجارية للنشاط الذي كان يزاوله المتنازل وقت إتمام بيع المتجر أو المصنع، مما مفاده أنه يجب لاعتبار المحل تجارياً - في معنى المادة 594 سالفة الذكر - أن يكون مستغلاً في نشاط تجاري قوامه الاشتغال بأعمال وأغراض تجارية، فإذا كان غير ذلك بأن انتفت عن نشاط مستغله الصفة التجارية فإنه يخرج عن مجال إعمال تلك المادة، ومؤدى هذا أنه إذا كان المحل مستغلاً في نشاط حرفي قوامه الاعتماد - وبصفة رئيسية - على استغلال المواهب الشخصية والخبرات العملية والمهارات الفنية، فإنه لا يعتبر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - محلاً تجارياً، ذلك أن الحرفي الذي يتخذ من العمل اليدوي - سواء باشره بنفسه أو بمعاونة الغير - أساساً لنشاطه ومصدراً لرزقه، لا تكون له صفة التاجر ولا يتسم نشاطه بالصفة التجارية ومن ثم فلا يعتبر المكان الذي يزاوله فيه محلاً تجارياً حتى لو وجدت فيه بعض الأدوات والمهمات والبضائع أو كان له عملاء، وبالتالي فلا ينطبق في شأنه حكم المادة 594 ف 2 من القانون المدني. لما كان ذلك، وكانت العبرة في تكييف بيع المستأجر للجدك، هي بكونه وارداً على محل تجاري بالمعنى والشروط التي أوردتها المادة سالفة الذكر دون التعويل على الوصف المعطى له بالعقد، وكان المقرر أن هذا التكييف مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض التي يكون لها أن تراقب مدى صحة ما استخلصته محكمة الموضوع في هذا الصدد من وجود أو عدم وجود المحل التجاري إذ يتوقف على هذا التكييف تطبيق قواعد بيع المحل التجاري في الحالة الأولى، والقواعد العامة في القانون المدني - وما يتصل به من قوانين تنظيم العلاقات بين المؤجرين والمستأجرين - في الحالة الثانية، وكان الثابت بصحيفة الاستئناف أن الطاعنة تمسكت في دفاعها بأن البيع موضوع التداعي لا ينصب على محل تجاري بل هو مجرد تنازل عن عقد إيجار مكان وهو ما يتسع له سبب النعي الماثل، وكان المقرر مع ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المناط في جواز إثارة الدفاع المتعلق بسبب قانوني أمام محكمة النقض لأول مرة أن تكون عناصره الموضوعية مطروحة على محكمة الموضوع. لما كان ما تقدم، وكان الثابت بعقد البيع موضوع التداعي - والذي أورده الحكم المطعون مؤداه واستند إليه في قضائه - أن المحل الوارد به مؤجراً أصلاً بغرض استغلاله في نشاط الحياكة (ترزي للسيدات) وأنه كان مستغلاً فعلاً في هذه الحرفة وأنه لا يحمل اسماً ولا عنواناً تجارياً وأن التصرف الصادر عنه لا يشمل سوى المنقولات الموجودة فيه والمبينة به وكذا حق الإيجار مما مفاده أن المحل مخصص لاستغلاله في النشاط الحرفي ومن ثم فإن مستأجرة - المطعون عليه الثاني - لا يعتبر تاجراً بل حرفياً، وأن المحل موضوع التصرف - لا يعتبر بذلك محلاً تجارياً وبالتالي لا ينصرف إليه حكم البيع المنصوص عليه بالفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني ولا يعدو التصرف الحاصل عنه - من المطعون عليه الثاني إلى المطعون عليه الأول - أن يكون مجرد تنازل عن حق إيجار المكان وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورتب عليه قضاءه بصحة ونفاذ عقد البيع الصادر من المطعون عليه الثاني إلى المطعون عليه الأول مهدراً بذلك حق الطاعنة، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة للتعرض لباقي أسباب الطعن.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه.
وحيث إن موضوع الدعوى صالح للفصل فيه، لما كانت هذه المحكمة قد انتهت فيما سلف إلى اعتبار أن ما تضمنه العقد موضوع التداعي - بالنسبة لحق إجارة المحل - إن هو في حقيقته إلا تنازلاً من مستأجرة - المطعون عليه الثاني - إلى المطعون عليه الأول عن إجارة المكان، فإن في ذلك ما يقتضي إعمال ذات الحكم على التنازل المماثل الصادر من المطعون عليه الثاني إلى الطاعنة بتاريخ 28/ 1/ 1976، ولما كانت الأحكام المتعلقة بالتنازل عن الإيجار تنظمها القواعد المقررة في قانون إيجار الأماكن رقم 52 لسنة 1969 والتي تقضي بعدم نفاذ التنازل الصادر من المستأجر إلى الغير إلا بموافقة المالك، وكانت المالكة المؤجرة لم توافق على التنازل الصادر من المطعون عليه الثاني إلى المطعون عليه الأول، فإنه يكون غير نافذ في حقها مما مفاده بقاء العلاقة الإيجارية بشأن المحل على حالتها التي كانت عليه من قبل بين المطعون عليه الثاني والمالكة، حتى إذا ما عاود المطعون عليه الثاني بعد ذلك التنازل عن إيجار المحل إلى الطاعنة بموجب العقد المؤرخ 28/ 1/ 1976 ووافقت المالكة على هذا التنازل انتهت علاقة المطعون عليه الثاني بالعين وانقضى تبعاً لذلك عقد إيجاره لها مما حدا بالمالكة بعد هذا وعلى أساسه بتأجير العين إلى الطاعنة بموجب عقد الإيجار المؤرخ 1/ 11/ 1976، لما كان ذلك فإن الطاعنة تكون هي وحدها صاحبة الحق في الإيجار.
وحيث إنه بالنسبة لما تضمنه العقد موضوع التداعي من بيع المنقولات المبينة به إلى المطعون عليه الأول، فإنه لما كان المقرر بحكم المادتين 204، 932 من القانون المدني أن ملكية المنقول المعين بذاته تنتقل إلى المشتري بمجرد التعاقد ودون توقف على تسليمه إليه، مما مؤداه - وعلى نحو ما ورد بالمذكرة الإيضاحية للمادة 932 - أنه إذا قام بائع هذا المنقول بعد ذلك ببيعه مرة أخرى إلى مشتريان فإن الملكية تبقى مع هذا للمشتري الأول، إلا أن يكون البائع قد قام بتسليم المنقول إلى المشتري الثاني وكان هذا الأخير حسن النية ولا يعلم بسبق التصرف في المنقول إلى المشتري الأول، فإن الملكية تنتقل في هذه الحالة إلى المشتري الثاني لا عن طريق العقد بل عن طريق الحيازة - وهي في المنقول سند ملكية الحائز، لما كان ذلك وكان الثابت بالعقد موضوع التداعي أن المطعون عليه الثاني باع المنقولات المبينة به إلى المطعون عليه الأول على أن يتم تسليمها إليه عند دفع باقي الثمن في موعد غايته 1/ 4/ 1976، وكان الثابت بالعقد الصادر من المطعون عليه الثاني ذاته إلى الطاعنة بتاريخ 28/ 1/ 1976، أنه باع إليها المنقولات عينها وأقرت بقبض ثمنها وقام بتسليمها إليها، وإذ خلت الأوراق مما يدل على علم الطاعنة بالتصرف السابق الحاصل للمطعون عليه الأول، فإنها تكون قد اكتسبت ملكية هذه المنقولات عن طريق الحيازة المقترنة بحسن النية.
وحيث إنه وبالبناء على ما سلف، فإن ما طلبه المطعون عليه الأول في دعواه - من الحكم بنفاذ عقد البيع موضوع التداعي والتسليم، يكون على غير أساس حقيقاً من أجل ذلك بالرفض، وإذ خالف الحكم المستأنف هذا النظر وقضى بنفاذ ذلك العقد والتسليم، فإنه يكون - في هذا الشق منه - واجب الإلغاء.
وحيث إنه بالنسبة لما طلبه المطعون عليه الأول من الحكم له بصحة العقد موضوع التداعي، فإنه لما كان المقرر أن العقود قاصرة في أثرها على عاقديها، وكان البين من العقد المذكور أنه مبرم بين المطعون عليهما الأول والثاني وقد توافرت له أركان انعقاده وشروط صحته وكان المطعون عليه الثاني لم يجحد صدوره منه أو يطعن عليه بما ينال من صحته أو ينازع المطعون عليه الأول فيما طلبه بهذا الشأن، فإن في ذلك ما يستوجب قبول هذا الشق من طلبات المطعون عليه الأول والذي لا تعارض بينه وبين ما انتهت إليه المحكمة فيما سلف بالنسبة لباقي الطلبات، وإذ قضى الحكم المستأنف بصحة العقد موضوع التداعي فإنه يكون قد صادف الصواب بما يقتضي تأييده في هذا الشق منه.


(1) نقض 17/ 2/ 1979 مجموعة أحكام المكتب الفني السنة 30 ج 1 ص 549.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق