الصفحات

الأربعاء، 26 أبريل 2023

الطعن 214 لسنة 46 ق جلسة 23 / 4 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 227 ص 1181

جلسة 23 من إبريل سنة 1980

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى كمال سليم نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: سليم عبد الله سليم، محمد عبد العزيز الجندي، أمين طه أبو العلا ومحمد زغلول عبد الحميد زغلول.

---------------

(227)
الطعن رقم 214 لسنة 46 القضائية

(1، 2) مسئولية "مسئولية تقصيرية". تعويض. حكم "حجية الحكم".
(1) مسئولية حارس الأشياء. مسئولية تقصيرية. افتراض مسئولية الحارس. قاصر على المسئولية المدنية. علة ذلك.
(2) الحكم نهائياً ببراءة المتهم لانتفاء الخطأ ورفض الدعوى المدنية قبله والهيئة المسئولة بالحق المدني. استناده إلى ثبوت السبب الأجنبي وهو خطأ الغير. أثره. عدم جواز إقامة المضرور دعواه بالتعويض أمام القضاء المدني قبل الهيئة على أساس المسئولية الشيئية.

-----------------
1 - إن مسئولية حارس الأشياء المنصوص عليها في المادة 178 من القانون هي مسئولية تقصيرية قوامها خطأ يتمثل في تقصير حارس الشيء في بذل ما تقتضيه الحراسة عليه من عناية خاصة تحول دون أن يفلت زمامه من يده فيحدث الضرر، وهو خطأ يمكن أن يكون محلاً للمساءلة الجنائية متى تحدد نوعه وقام الدليل على نسبته إلى الحارس، أما افتراض مسئولية الحارس على الشيء فإنه قاصر على المسئولية المدنية وحدها ينصرف الغرض فيها إلى علاقة السببية دون الخطأ، يؤكد ذلك ما نصت عليه المادة المشار إليها من قابلية افتراضها لإثبات العكس متى أثبت الحارس وجود السبب الأجنبي الذي تنتفي به السببية.
2 - إذ كان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن الاتهام في قضية الجنحة قد وجه إلى معاون المستشفى عن واقعتي القتل والإصابة الخطأ بوصف أنهما كانتا ناشئتين عن إهماله وعدم احتياطه وإخلاله إخلالاً جسيماً بما تفرضه عليه واجبات وظيفته بأن لم يقم بوضع تحذير على باب المصعد بعدم استعماله رغم علمه بتعطله فاستقله المجني عليهم وسقط بهم... وهو اتهام يقوم على الإخلال بواجب من صميم ما تقتضيه الحراسة على المصعد كآلة ميكانيكية من بذل عناية خاصة لا سبيل لمساءلة الهيئة المطعون ضدها - هيئة التأمين الصحي - كشخص معنوي عنه إلا من خلال شخص طبيعي يمثلها في مباشرة الحراسة على المصعد المملوك لها فإن المسئولية عن حراسة المصعد تكون قد طرحت على المحكمة الجنائية فيما وجه لمعاون المستشفى من اتهام وفي الدعوى المدنية التي أقيمت عليه هو والهيئة المطعون ضدها تبعاً للدعوى الجنائية. وإذ قضت تلك المحكمة برفضها قبلهما يعد أن تثبت لديها وجود السبب الأجنبي متمثلاً في خطأ المتهم الآخر وهو المقاول الذي عهد إليه إصلاح المصعد فإن حكمها هذا يحوز قوة الأمر المقضي ويحول دون معاودة رفع الدعوى قبل الهيئة المطعون ضدها لمطالبتها بالتعويض وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن مصعد مستشفى مملوك للهيئة المطعون ضدها سقط بمن فيه ونتج عن ذلك وفاة مورثة الطاعنين وإصابة الأخيرين منهم، وأقيمت الدعوى الجنائية عن تهمتي القتل والإصابة الخطأ قبل معاون المستشفى وآخر في الجنحة 7457 سنة 1968 الدقي، ادعى الطاعنون فيها مدنياً قبل المتهمين والهيئة المطعون ضدها طلباً للحكم بالتعويض عن القتل والإصابة، وقضت محكمة الجنح بحبس المتهمين وإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة، استأنف الخصوم عدا النيابة الحكم بالقضية 3294 سنة 1972 جنح مستأنفة الجيزة، قضت محكمة الجنح المستأنفة في 21/ 3/ 1973 ببراءة معاون المستشفى ورفض الدعوى المدنية قبله والهيئة المطعون ضدها كمسئولة بالحقوق المدنية وبتعديل الحكم بالنسبة للمتهم الآخر وبتغريمه وإحالة الدعوى المدنية بالنسبة له إلى المحكمة المدنية المختصة، أقام الطاعنون الدعوى 3464 سنة 1972 مدني كلي شمال القاهرة قبله والهيئة المطعون ضدها طلباً للحكم بإلزامهما بالتضامن بأن يدفعا للورثة وللطاعنين الأخيرين التعويض المقرر واستندوا في دعواهم قبل الهيئة إلى مسئولية حارس الأشياء المقررة بالمادة 178 من القانون المدني، دفعت المطعون ضدها بعدم جواز نظر الدعوى قبلها لسبق الفصل فيها في قضية الجنحة، قضت محكمة أول درجة في 30/ 6/ 1974 بعدم جواز نظر الدعوى بالنسبة للمطعون ضدها لسبق الفصل فيها في الجنحة 7457 سنة 1968 الدقي واستئنافها، استأنف الطاعنون الحكم بالاستئناف 4145 سنة 91 قضائية القاهرة، قضت محكمة الاستئناف في 19/ 10/ 1976 بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من عدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، عرض الطعن على المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره التزمت فيها النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد هو الخطأ في تطبيق القانون وقال الطاعنون في بيانه أن الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أن سبب دعوى التعويض هو العمل الذي تتولد عنه المسئولية عقدية كانت أم تقصيرية بخطأ ثابت أم مفترض وأن أنواع الخطأ تعتبر من وسائل الدفاع في الدعوى فإذا رفضت دعوى تعويض استناداً إلى أية وسيلة من وسائلها لخطأ ثابت أمام القضاء الجنائي حاز هذا الحكم قوة الأمر المقضي، فأخطأ في تطبيق المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادتين 101، 102 من قانون الإثبات ذلك أن المحكمة الجنائية لا تختص إلا بالدعوى المدنية عن المسئولية عن الأعمال الشخصية أو عمل الغير المعتبرين جريمة وهو اختصاص استثنائي لا يجوز التوسع فيه، أما المسئولية المترتبة على حراسة الأشياء فهي شخصية تقع على عاتق الحارس وحده لا يجوز تحريكها أمام القاضي الجنائي من قبل المضرور كما لا يملك القاضي إثارتها من تلقاء نفسه، ومن ثم فلم تكن المسئولية عن الحراسة مطروحة على المحكمة ولا يمكن طرحها عليها، فلا يكون للحكم القاضي بالبراءة ورفض الدعوى المدنية تأسيساً على عدم ثبوت الفعل الجنائي قوة الشيء المحكوم به أمام المحكمة المدنية في دعوى المسئولية المدنية المبنية على حراسة الشيء بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن مسئولية حارس الأشياء المنصوص عليها في المادة 178 من القانون المدني هي مسئولية تقصيرية قوامها خطأ يتمثل في تقصير حارس الشيء في بذل ما تقتضيه الحراسة عليه من عناية خاصة تحول دون أن يفلت زمامه من يده فيحدث الضرر، وهو خطأ يمكن أن يكون محلاً للمساءلة الجنائية متى تحدد نوعه وقام الدليل على نسبته إلى الحارس، أما افتراض مسئولية الحارس على الشيء فإنه قاصر على المسئولية المدنية وحدها ينصرف الغرض فيها إلى علاقة السببية دون الخطأ، يؤكد ذلك ما نصت عليه المادة المشار إليها من قابلية افتراضها لإثبات العكس متى أثبت الحارس وجود السبب الأجنبي الذي تنتفي به السببية، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أن الاتهام في قضية الجنحة 7457 سنة 1968 الدقي قد وجه إلى معاون المستشفى عن واقعتي القتل والإصابة الخطأ بوصف أنهما كانتا ناشئتين عن إهماله وعدم احتياطه وإخلاله إخلالاً جسيماً - بما تفرضه عليه واجبات وظيفته بأن لم يقم بوضع تحذير على باب المصعد بعدم استعماله رغم علمه بتعطله فاستقله المجني عليهم وسقط بهم... وهو اتهام يقوم على الإخلال بواجب من صميم ما تقتضيه الحراسة على المصعد كآلة ميكانيكية من بذل عناية خاصة لا سبيل لمساءلة الهيئة المطعون ضدها - كشخص معنوي - عنه إلا من خلال شخص طبيعي يمثلها في مباشرة الحراسة على المصعد المملوك لها. فإن المسئولية عن حراسة المصعد تكون قد طرحت على المحكمة الجنائية فيما وجه لمعاون المستشفى من اتهام وفي الدعوى المدنية التي أقيمت عليه هو والهيئة المطعون ضدها تبعاً للدعوى الجنائية وإذ قضت تلك المحكمة برفضها قبلهما بعد أن ثبت لديها وجود السبب الأجنبي متمثلاً في خطأ المتهم الآخر وهو المقاول الذي عهد إليه بإصلاح المصعد فإن حكمها هذا يحوز قوة الأمر المقضي ويحول دون معاودة رفع الدعوى قبل الهيئة المطعون ضدها - لمطالبتها بالتعويض، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويتعين لذلك رفض الطعن.


(1) قارن نقض 25/ 4/ 1978 مجموعة أحكام المكتب الفني السنة 29 ص 1094.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق