الصفحات

الأربعاء، 12 أبريل 2023

الطعن 20 لسنة 11 ق جلسة 8 / 1 / 1942 مج عمر المدنية ج 3 ق 133 ص 395

جلسة 8 يناير سنة 1942

برياسة حضرة عبد الفتاح السيد بك وبحضور حضرات: علي حيدر حجازي بك ومحمد زكي علي بك ومحمد كامل مرسي بك ومنصور إسماعيل بك المستشارين.

------------------

(133)
القضية رقم 20 سنة 11 القضائية

(أ) وكالة. 

حضور المحامي مع موكله ولو كان من أقربائه. لا يخوّله أكثر من المدافعة عنه. محام. طلبه عن موكلته وهي أمه صرف مبلغ أودع منها على ذمة رسوّ المزاد. استنتاج المحكمة من ذلك أن الوالدة تعتبر متنازلة عن حكم مرسى المزاد. غير سليم.
(المادة 512 مدني)
(ب) مزاد. 

رسوّ المزاد. زيادة العشر. أثرها. زوال جميع الآثار المترتبة على رسوّ المزاد. الراسي عليه المزاد الأوّل. ادّعاؤه ملكية العقار. لا يجوز.
(المواد 572 و574 و580 و581 و587 و588 مرافعات والمادة 578 مدني)

---------------
1 - إن حضور المحامي بالجلسة مع موكله ولو كان من أقربائه لا يخوّله أكثر من إبداء الدفاع عنه في الدعوى. وإذن فإذا استخلصت محكمة الموضوع من علاقة المحامي بموكلته، وهو ابنها، ومن كونه تقدّم بصفته وكيلاً عنها بطلب صرف المبالغ التي أودعت منها على ذمة رسوّ المزاد، أن هذا المحامي وكيل عن والدته في طلب الصرف، وأنها بذلك تعتبر متنازلة عن حكم رسوّ المزاد، فإنها تكون قد استخلصت ذلك من وقائع لا تنتجه.
2 - يترتب على مجرّد زيادة العشر بعد رسوّ المزاد زوال جميع الآثار المترتبة على رسوّ المزاد وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل ذلك، وبالتالي لا يكون لمن رسا عليه المزاد أن يدّعي ملكية العقار الذي كان قد رسا مزاده عليه. (1)


الوقائع

تتحصل وقائع هذا الطعن - على ما يؤخذ من الحكم المطعون فيه والحكم الابتدائي وسائر الأوراق والمستندات المقدّمة والتي كانت من قبل تحت نظر محكمة الاستئناف - فيما يأتي: أقامت الطاعنة الدعوى رقم 1164 سنة 1938 على المطعون ضدّهم عدا الأخيرين أمام محكمة مصر الابتدائية، وقالت في صحيفتها المعلنة في 23 من يونيه سنة 1938 إن المطعون ضدّه الأوّل (مصطفى أحمد الجمل) كان مديناً بصفته الشخصية لوزارة الأوقاف بمبلغ 244 جنيهاً و294 مليماً فاتخذت هذه الوزارة إجراءات نزع الملكية على منزلين مملوكين له، وحكم في 20 من إبريل سنة 1937 (في دعوى البيع رقم 1179 سنة 1935 كلي مصر) بإيقاع بيع المنزلين عليها مقابل ثمن أساسي قدره 400 جنيه للمنزل الأوّل و112 جنيهاً للمنزل الثاني، وتسجل هذا الحكم في 24 من إبريل سنة 1937. وفي 29 من إبريل سنة 1937 قرّر من يدعى عبد الفتاح أحمد حسنين بزيادة العشر، وتحدّدت جلسة 21 من يونيه سنة 1937 لإعادة البيع. وفي هذه الجلسة قال وكيل المطعون ضدّهم من الثانية إلى السابع إنهم رفعوا دعوى استحقاق عن المنزلين فأجل البيع لجلسة 19 من يوليه سنة 1937. وفيها أبدى مندوب وزارة الأوقاف أن الوزارة استوفت كل دينها من المدين، ولذلك فهي تقرّر التنازل عن الإجراءات. وطلب وكيل المطعون ضدّه الأوّل شطب الدعوى للتخالص. وقضى بجلسة 30 من أغسطس سنة 1937 بشطب الدعوى. وأضافت الطاعنة إلى ذلك أنه بالرغم من أن ملكية المنزلين ثابتة لها فإن المطعون ضدّه الأوّل تصرف بالبيع في ستة قراريط على المشاع في المنزل الأوّل لمورّث المطعون ضدّهم من الثامن إلى الثانية عشرة بعقد عرفي تاريخه 14 من يونيه سنة 1937، ثم تصرف في الثمانية عشر قيراطاً الباقية منه إلى المطعون ضدّه الثالث عشر بعقد عرفي تاريخه 24 من مارس سنة 1938. كما أن بعض الخصوم استصدروا تأشيراً في دفتر التسجيلات بإلغاء شطب حكم رسوّ المزاد الصادر لها وحصلوا على شهادة من قلم الكتاب مؤرّخة في أوّل أغسطس سنة 1938 تفيد هذا الشطب. ولذلك فإنها تطلب الحكم بتثبيت ملكيتها للمنزلين ومنع تعرّض المطعون ضدّهم عدا الرابعة عشرة والخامسة عشرة والسادسة عشرة لها وتسليمها المنزلين والقضاء ببطلان ما تم وما يتم مستقبلاً من تصرفات فيهما بالبيع أو غيره من الحقوق العينية وشطب ما يكون قد توقع عليهما من تسجيلات أو حقوق للغير من تاريخ حكم رسوّ المزاد. وبإعلان تاريخه 6 من إبريل سنة 1939 أدخلت الطاعنة وزارة العدل (المطعون ضدّها السابعة عشرة) ضامنة للمطعون ضدّهم الأصليين في الطلبات السابقة. وبإعلان تاريخه 4 من يناير سنة 1940 أدخلت أيضاً قلم كتاب محكمة مصر الابتدائية (المطعون ضدّه الأخير) للحكم عليه مع باقي الخصوم الأصليين بالطلبات السابقة مضافاً إليها إلزام باشكاتب المحكمة بأن يعيد تسجيل حكم رسوّ المزاد الصادر لمصلحتها في دفاتر تسجيلات قلم كتاب المحكمة في المرتبة التي كان مسجلاً بها عقب صدوره أي بتاريخ 24 من إبريل سنة 1937 تحت رقم 720 ومحو كل ما يخالف ذلك من تأشيرات إلخ. وفي 25 من يونيه سنة 1940 قضت المحكمة الابتدائية برفض دعوى المدّعية (الطاعنة) وإلزامها بالمصاريف، وقالت في ذلك - بعد أن قرّرت أن تأثير الحكم بزيادة العشر في الملكية التي انتقلت بحكم رسوّ المزاد إلى المشتري الأوّل من المسائل المختلف عليها ولكن موضوع الدعوى يغنى عن التطرّق إلى بحث ذلك - إن الطاعنة تنازلت عن حكم رسوّ المزاد، وإن هذا التنازل يدل عليه الطلب الذي تقدّم به الأستاذ حسن عبد الحميد (ابنها ومحاميها في إجراءات البيع) إلى كاتب أوّل محكمة مصر لصرف المائة جنيه المودعة من الطاعنة على ذمة رسوّ المزاد، كما يدل عليه تحرير ابن الطاعنة ووكيلها المذكور عقد البيع الصادر من المطعون ضدّه الأوّل إلى المطعون ضدّه الثالث عشر عن ثمانية عشر قيراطاً من أحد المنزلين. فاستأنفت الطاعنة هذا الحكم أمام محكمة استئناف مصر وطلبت إلغاء الحكم المستأنف والقضاء لها بطلباتها. وفي 26 من فبراير سنة 1941 قضت محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنفة بالمصاريف لتنازل المستأنفة عن حكم رسوّ المزاد كما رأت المحكمة الابتدائية قائلة: إنه ثابت من محاضر جلسات قضية البيع أن الأستاذ حسن عبد الحميد حضر مع المستأنفة بجلسة 20 من إبريل سنة 1937 يوم رسوّ المزاد عليها، وحضر عنها بجلسة 21 من يونيه سنة 1937 عند إعادة البيع بعد زيادة العشر، ثم حضر معها بجلسة 19 من يوليه سنة 1937 التي تنازلت فيها نازعة الملكية عن إجراءات البيع وطلب فيها المدين شطب دعوى البيع. وبعد أن عارض الأستاذ في الشطب وحكم به قاضي البيوع في 30 من أغسطس سنة 1937 عاد فطلب من قلم الكتاب أن يرد إليه ما أودعته الطاعنة على ذمة رسوّ المزاد عليها مكرراً طلبه هذا في 28 من سبتمبر سنة 1937. وإن الوقائع المذكورة مضافاً إليها أوثق صلات القرابة بين الأستاذ والطاعنة مع إمساكها عن رفع الدعوى زهاء تسعة شهور بعد تكرار طلب الصرف تفيد بلا شك وكالة ضمنية منها لابنها الأستاذ في طلب الصرف.
وقد أعلن هذا الحكم إلى الطاعنة في 5 من مارس سنة 1941، فقرّرت الطعن فيه بطريق النقض في 2 من إبريل سنة 1941 إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن أوجه الطعن تتحصل في أن الحكم المطعون فيه: (أوّلاً) خالف أحكام الوكالة وقواعد الإثبات إذ استمد من مجرّد حضور المحامي مع الطاعنة بجلسات البيع، ومن كونه ابنها، ومن إمساكها عن رفع دعواها مدة من الزمن، وكالة عنها في صرف المبلغ المودع منها على ذمة رسوّ المزاد. واستنتج من الطلب المقدّم من هذا المحامي لصرفه تنازلها عن حكم رسو المزاد. (ثانياً) شابه قصور في التسبيب لأنه لم يتحدّث عما أشارت إليه الطاعنة في صحيفة الاستئناف من الأخطاء القانونية التي وقع فيها الحكم الابتدائي والتي من بينها سكوته عما كان المقام يقتضي الكلام فيه وهو التحدّث عن أثر زيادة العشر في حكم رسوّ المزاد.
وحيث إنه عن الشطر الأوّل من الطعن فإن محكمة الموضوع استخلصت تنازل الطاعنة عن حكم رسوّ المزاد الصادر لها من وقائع لا تنتجه؛ إذ مجرّد كون المحامي ابنها، وكونه حضر معها بجلسات المزايدة، لا يمكن أن تستمد منه وكالته عنها في صرف مبلغ الأمانة المودع منها بخزانة المحكمة على ذمة رسوّ المزاد عليها. لأن حضور المحامي مع موكله بالجلسة، ولو كان قريباً له، لا يخوّله أكثر من إبداء الدفاع عنه فيها. ومتى تبين ذلك كان لا محل للاحتجاج على الطاعنة بطلب الصرف آنف الذكر، وسقط تبعاً لهذا ما رتبه عليه الحكم من التنازل عن حكم رسوّ المزاد.
ومن حيث إنه عن الشطر الثاني من الطعن فإنه لما كان بيع العقار جبراّ عن مالكه بطريق المزاد قد يكون من شأنه ألا يصل الثمن فيه إلى ما يوازي قيمته الحقيقية فقد أجاز الشارع، مراعاة لمصلحة المدين والدائنين على السواء، إعادة الإجراءات بعد البيع الأوّل بناء على زيادة العشر. فأباح بالمادة 578 من قانون المرافعات لكل إنسان في مدّة عشرة أيام من يوم رسوّ المزاد أن يقرّر في قلم الكتاب أنه يقبل الشراء بزيادة العشر على أصل الثمن الذي رسا به المزاد الأوّل. ورتب على ذلك أن تعاد إجراءات المزايدة مرة أخرى على أساس أن الثمن لا يقل عن الثمن الأوّل زائداً العشر. ولقد اختلفت وجهات النظر في الأثر الذي يترتب على زيادة العشر: هل آثار البيع الأوّل تبقى حتى تتم إجراءات البيع الثاني ويرسو المزاد من جديد على غير المشتري الأوّل، باعتبار أن هناك مزادين منفصلين كلاً منهما عن الآخر، وأن مجرّد التقرير بالزيادة لا يمكن أن يكون له وحده أثر في رسوّ المزاد الأوّل، وأن هذا الأثر لا يكون إلا بصدور حكم آخر برسوّ المزاد؟ أم أن مجرّد التقرير بزيادة العشر كاف لإزالة أثر المزاد الأوّل على اعتبار أن المزايد إنما هو طالب شراء شأنه في ذلك شأن صاحب عطاء جديد يخلي بعطائه سبيل الذي تقدّمه على النحو المقرّر في المادة 572 من قانون المرافعات، وأن جميع الإجراءات المقرّرة للبيع تكون في مجموعها وحدة غير قابلة للتجزئة يتساوى فيها زيادة العشر بعد رسوّ المزاد الأوّل والزيادة التي تحصل قبل ذلك؟
ومن حيث إن هذا النظر الثاني هو الواجب العمل به. فإن المادتين 580 و581 من قانون المرافعات تفيد نصوصهما أن مقرّر الزيادة مرتبط بعطائه من وقت تقريره بها. إذ أوجبت عليه إعلان أصحاب الشأن في البيع في مدّة معينة وإلا قام قلم الكتاب بهذا الإعلان. كما أوجبت في كلتا الحالتين اشتمال الإعلان على بيان اليوم الذي عينه القاضي للمزايدة على هذه الزيادة. ومؤدّى ذلك أن البيع يتقرّر عندئذ لمن قرّر زيادة العشر إن لم يتقدّم غيره للمزايدة عليه. وقد سار القضاء الفرنسي على هذا الرأي اعتماداً على نفس العلة المتقدّم ذكرها المستفادة من المادتين 709 و710 من قانون المرافعات (الفرنسي). ولا يعترض على ما تقدّم بما نصت عليه المادة 587 من قانون المرافعات من أن حكم البيع يكون حجة للمشتري بملكية المبيع فإن المستفاد من نص هذه المادة والمادة 588 التالية لها أن حكم المزاد الذي يسلم للمشتري بعد قيامه بشروط البيع كاملة ويكون حجة له بملكية المبيع وسنداً للمدين ومن يستحق حقوقه للحصول على الثمن إنما هو حكم البيع النهائي، أي الحكم الأوّل بعد انقضاء عشرة أيام دون حصول مزايدة جديدة، أو حكم رسوّ المزاد الثاني عند حصول تلك الزيادة. إذ حكم رسوّ المزاد بهذا الوصف هو وحده الذي يستلزم الوفاء بكل شروط البيع، وأهمها وفاء الثمن كاملاً. أما قبل ذلك، أي في فترة العشرة الأيام، فالقانون لم يحتم إلا دفع جزء من الثمن عند رسوّ المزاد (المادة 574 مرافعات). وبهذا يكون مصير حكم المزاد الأوّل معلقاً على حصول أو عدم حصول المزايدة.
ومن حيث إنه متى تقرّر هذا فإنه يترتب على مجرّد زيادة العشر زوال جميع الآثار المترتبة على رسوّ المزاد الأوّل، وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل ذلك. وبالتالي لا يكون لمن رسا عليه المزاد الأوّل أن يدّعي أي حق في ملكية العقار الذي رسا مزاده عليه.
ومن حيث إنه لذلك لا يكون للطاعنة، وقد حصلت زيادة العشر، أن تستند إلى حكم رسوّ المزاد الصادر لها قبل ذلك في ملكيتها للمنزلين موضوع النزاع، ويكون الحكم المطعون فيه إذن قد أصاب في النتيجة التي انتهى إليها، وإن كان قد أخطأ في الأسباب التي أوردها تدعيماً لهذه النتيجة. وما دام الحكم سليماً متفقاً مع القانون في منطوقه فلا يؤثر في سلامته وقوع خطأ في أسبابه. ولذا يتعين رفض الطعن موضوعاً.


[(1)] سبق أن قرّرت محكمة النقض في حكم صدر في القضية رقم 15 سنة 2 القضائية بجلسة 2 يونيه سنة 1932 (التي كانت منعقدة برياسة سعادة عبد الرحمن إبراهيم سيد أحمد باشا وبحضور حضرات: مراد وهبة بك وحامد فهمي بك وعبد الفتاح السيد بك وأمين أنيس باشا) أن حكم رسوّ المزاد ينقل الملكية إلى من رسا عليه المزاد ولكنه ينقلها معلقة على شرط فاسخ. وشرط الفسخ لا يتحقق بمجرّد التقرير بزيادة العشر وإنما يتحقق بصدور حكم مرسى المزاد الثاني. فمجرّد التقرير بزيادة العشر لا يترتب عليه رجوع العقار إلى ملك المدين، بل يعتبر من رسا عليه المزاد الأوّل مالكاً إلى أن يصدر حكم بمرسى المزاد على غيره، وكل تصرف يحصل من المدين في ذلك العقار يعتبر صادراً من غير مالك لخروج العقار من ملكه بحكم مرسى المزاد الأوّل. وهذه القاعدة منشورة في الجزء الأوّل من هذه المجموعة بصفحة 119، ولمخالفتها للقاعدة التي قرّرتها المحكمة في هذا الحكم رأينا إتماماً للفائدة أن ننشر هنا أسباب الحكم الذي قرّرها وها هي: "من حيث إن الحكم المطعون فيه قد قرّر أن حكم مرسى المزاد ينقل الملكية على من رسا عليه المزاد ولكنها ملكية معلقة على شرط فاسخ، وأن التاريخ الذي يتحقق فيه الشرط الفاسخ مختلف فيه هل يكون عند مجرّد التقرير بزيادة العشر أو عند صدور حكم مرسى المزاد الثاني. وقد أخذت المحكمة بالرأي القائل بأن شرط الفسخ لا يتحقق إلا بحكم مرسى المزاد الثاني. وبناء على هذا حكمت بتثبيت ملكية المطعون ضدّه للأرض موضوع النزاع تحت شرط فاسخ يتحقق برسوّ مزاد الأطيان المذكورة على غيره عند إعادة إجراءات البيع بناء على التقرير الحاصل بزيادة العشر على الثمن الذي رسا به المزاد الأوّل عليه بتاريخ 8 مايو سنة 1911.
ومن حيث إن هذه المحكمة تقرّ محكمة الاستئناف على ما رأته في هذا الموضوع من الجهة القانونية. وإذا كانت محكمة النقض الفرنسية قد سارت في بعض أحكامها على أن مجرّد التقرير بزيادة العشر يفسخ البيع الأوّل مستندة في ذلك إلى المادتين 709 و710 من قانون المرافعات الفرنسي، وتنص أولاهما على عدم جواز العدول عن تقرير الزيادة بينما تقضي الثانية بأن مقرّر الزيادة هو الذي يرسو عليه المزاد إذا لم يتقدّم غيره للزيادة عليه في يوم البيع فإن هناك شبه إجماع من الشراح في فرنسا على غير هذا الرأي (انظر ملحق موسوعة دالوز جزء 17 تحت كلمة (Suronchére فقرة 283) إذ يذهبون إلى أن تقرير الزيادة وحده لا يكفي للفسخ بل يجب لذلك أن يرسو المزاد فعلاً ويصدر به حكم جديد. وحجتهم في ذلك أنه وإن كان التقرير بالعشر مقيداً لمن صدر منه إلا أنه لا يعتبر بيعاً نهائياً ملزماً للمدين ومقرّر الزيادة ومبطلاً للبيع الأوّل، كما أنه لا يؤدّي حتماً إلى إعادة البيع وفقدان من رسا عليه المزاد الأوّل لملكية العقار. فقد تبقى له هذه الملكية إذا كانت زيادة العشر باطلة مثلاً، أو كان هو أعلى مزايد في المزايدة الجديدة، أو كان مقرّر الزيادة قد تنازل عن حقه فيها برضاء طالب البيع والدائنين. ولذلك قالوا إن تقرير الزيادة ما هو إلا مجرّد تهديد بالفسخ، وليس من شأنه أن يعيد ملكية العقار إلى المدين بل يجب أن ينتج حكم مرسى المزاد الأوّل جميع نتائجه القانونية فيعتبر من رسا عليه هذا المزاد مالكاً إلى أن يصدر حكم آخر بمرسى المزاد على غيره.
ومن حيث إن محكمة الاستئناف المختلطة قد سارت على هذا المبدأ في أحكامها منذ سنة 1913 على الأقل (انظر على الأخص الأحكام الصادرة منها في 27 مايو سنة 1912 و14 إبريل سنة 1914 و26 إبريل سنة 1916).
ومن حيث إن الطاعن يستند إلى المادتين 580 و583 من قانون المرافعات الأهلي قائلاً إنه يستفاد منهما أن زيادة العشر ملزمة حتماً لمن قرّرها، ولا يمكنه أن يعدل عنها بحال لأنه إن لم يقم بالإجراءات التي فرضها القانون فإن قلم الكتاب يقوم بها من تلقاء نفسه.
ومن حيث إن الاستناد إلى هاتين المادتين في الموضوع الذي نحن بصدده غير مجد، لأن المراد منهما استيفاء الإجراءات المتعلقة بزيادة العشر ليس إلا، وسواء كانت هذه الزيادة ملزمة لمن قرّرها أم غير ملزمة فإنه بناء على ما تقدّم ذكره من الاعتبارات وعلى أن المادة 587 مرافعات تقضي بأن حكم البيع يكون حجة للمشتري بملكية المبيع يجب القول بأن لا تأثير لتقرير الزيادة في البيع الذي تم بصدور حكم مرسى المزاد الأوّل والذي يبقى قائماً إلى أن يسقط بصدور حكم جديد.
ومن حيث إنه مع عدم وجود نص صريح في القانون يقضي بأن مجرّد تقرير الزيادة بالعشر يفسخ حكم مرسى المزاد الأوّل فلا محل للقول بأن محكمة الاستئناف بترجيحها رأياً على رأي في هذا الموضوع قد أخطأت في تطبيق القانون. وعلى ذلك يتعين رفض الوجه الأوّل من أوجه الطعن".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق