الصفحات

الثلاثاء، 11 أبريل 2023

الطعن 1466 لسنة 48 ق جلسة 23 / 1 / 1980 مكتب فني 31 ج 1 ق 53 ص 255

جلسة 23 من يناير سنة 1980

برئاسة السيد المستشار مصطفى كمال سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سليم عبد الله سليم، ومحمد عبد العزيز الجندي، ومحمد زغلول عبد الحميد، والدكتور منصور وجيه.

----------------

(53)
الطعن رقم 1466 لسنة 48 القضائية

(1، 2) إثبات. التزام. مسئولية.
(1) الالتزام التعاقدي. اتساعه ليشمل ما لم يتفق عليه صراحة مما تقتضيه طبيعته. التزام صاحب الفندق قبل النزيل. شموله فضلاً عن تقديم المكان اتخاذ الحيطة واصطناع الحذر مما قد يهدد سلامته من مخاطر ويحفظ عليه أمنه وراحته.
(2) التزام صاحب الفندق بالمحافظة على سلامة نزلائه. التزام ببذل عناية كفاية إثبات الدائن قيام العقد دون حاجة لإثبات الخطأ. للمدين نفي مسئوليته بإثبات أنه بذل عناية الشخص العادي في تنفيذ التزامه.
(3) إرث. تعويض. مسئولية.
موت المضرور في الحال نتيجة الاعتداء عليه. ضرر مادي. انتقال الحق في التعويض عنه إلى ورثته.

--------------
1 - مفاد النص في الفقرة الثانية من المادة 148 من القانون المدني على أن "لا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يتناول أيضاً ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام". إن الالتزام التعاقدي قد يتسع ليشمل ما لم يتفق عليه صراحة مما تقتضيه طبيعته، فإذا اتفق على نزول مسافر في فندق فإن العقد لا يقتصر على إلزام صاحب الفندق بتقديم مكان النزول وإنما يلزمه أيضاً بما تقتضيه طبيعة الالتزام بالإيواء، ومن هذا القبيل وفق ما جرى به العرف بين الناس اتخاذ الحيطة واصطناع الحذر بما يرد على النزيل عائلة ما يتهدد سلامته من مخاطر ويحفظ عليه أمنه وراحته فيعصمه من الضرر على نحو ما يعصمه إيواؤه إلى مسكنه.
2 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أساس من أن التزام مورثة الطاعنين بالمحافظة على سلامة مورث المطعون ضدهم إبان جلوسه في حجرته المخصصة له بفندقها هو التزام ببذل عناية تتمثل في اتخاذ الاحتياطيات المتعارف عليها التي تكفل المحافظة على سلامة النزلاء ويكفي الدائن فيه إثبات قيامه ليقع على عاتق المدين به إثبات أنه قد بدل عناية الشخص العادي في شأنه، ثم بين أن الدليل قد قام من الأوراق على أن صاحبة الفندق لم تبذل ليلة الحادث أية عناية في اتخاذ إجراءات الاحتياط المتعارف عليها وأهمها مراقبة المترددين على الفندق بحيث بات من الممكن لأي شخص أن يدخل إليه وأن يخرج منه دون أن يشعر به أحد فأصبح النزيل سهل المنال، كما بين أن ما قال به الطاعنان من أن مورثتهما كانت قد اتخذت كافة الوسائل المألوفة التي تكفل أمن النزيل، وقدما الدليل عليه مما ثبت في الأوراق من أنه كان ينفرد بغرفة في الدور الرابع وجد بابها سليماً وله مفتاح يمكن استعماله من الداخل، لا ينفي عنها أنها قصرت في بذل العناية اللازمة فانتفت الحاجة إلى تكليف المطعون ضدهم بإثبات الخطأ العقدي من قبل صاحبة الفندق كما انتفت الحاجة إلى تكليف الطاعنين بنفيه بعد ما اكتفت المحكمة بما قام في الدعوى من عناصر وقدم فيها من أدلة. لما كان ذلك، فإن الحكم لا يكون قد ناقض نفسه في طبيعة التزام صاحبة الفندق إذ كيفه بأنه التزام ببذل عناية، ولا يكون قد خالف قواعد الإثبات إذ عالج عبء إثبات الخطأ العقدي ونفيه على أساس من طبيعة الالتزام الذي أخل به المدين فيه، ويكون قد صادف في الأمرين صحيح القانون.
3 - إذا كان الضرر المادي الذي أصاب المضرور هو الموت بأن اعتدى شخص على حياته فمات في الحال فإنه يكون قد حاق به عند وفاته متمثلاً في حرمانه من الحياة وينتقل الحق في جبره تعويضاً إلى ورثته (1).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 788 سنة 1976 مدني كلي شمال القاهرة على مورثة الطاعنين السيدة.... بطلب إلزامها بأن تدفع لهم ثلاثين ألف جنيه تعويضاً عن قتل مورثهم المرحوم.... بأسفكسيا الخنق أثناء نزوله في غرفة بالفندق التي تملكه وتديره وبتاريخ 16/ 6/ 1977 قضت المحكمة بإلزام مورثة الطاعنين بأن تؤدي للمطعون ضدهم مبلغ أربعة آلاف جنيه منه ألفان من الجنيهات تقسم بينهم بالفريضة الشرعية وألفان آخران تقسم بينهم بالتساوي. استأنف الطاعنان هذا الحكم بعد وفاة مورثتهما بالاستئناف رقم 3606/ 94 قضائية القاهرة، طالبين إلغاءه وبتاريخ 31/ 5/ 1978 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى إلزام الطاعنين بأن يدفعا من تركة مورثتهما إلى المطعون ضدهم مبلغ ألف ومائتي جنيه تقسم بينهم حسب الفريضة الشرعية طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وطلبا وقف تنفيذه مؤقتاً حتى يفصل في الطعن وبجلسة 7/ 11/ 1978 أمرت المحكمة بوقف تنفيذ الحكم وحددت جلسة لنظر الطعن وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه. وبالجلسة صممت على رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب ينعى الطاعنان بالأول والثاني والثالث منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ومخالفة قواعد الإثبات وحاصلها أنه ذهب إلى القول بأن العقد الذي يبرم بين صاحب الفندق والنزيل يرتب على عاتق أولهما التزاماً بضمان سلامة الثاني وهو التزام بنتيجته لا يتم الوفاء به إلا بتحقيق غاية هي تمام السلامة ولا يكلف الدائن لإثبات الإخلاء به إلا بتقديم الدليل على قيامه وعدم تحقق غايته، ورغم أنه عمد بعد ذلك إلى تكليف هذا الالتزام بأنه التزام ببذل عناية يتم الوفاء به بمجرد بذلها دون نظر إلى تخلف الغاية منها ويتعين على من يدعي الإخلال به أن يقدم الدليل على أن ما كان يجب بذله من عناية لم يبذل، فإنه لم يكلف المطعون ضدهم بإثبات أنه كان ينبغي على صاحبة الفندق أن تتخذ احتياطيات معينة ولكنها لم تتخذها فأخلت بالتزامها وترتب على ذلك وقوع الضرر، فناقض بذلك نفسه في طبيعة الالتزام وقلب العبء في إثبات الإخلاء به بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أن البين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن تحدث عن سكوت التشريع عن التزام صاحب الفندق بالمحافظة على سلامة النزيل وعرض لأراء الفقه بشأنه فنبذ الرأي القائل بعدم وجود أي التزام على صاحب الفندق يتعلق بسلامة النزيل كما رفض مسايرة الرأي القائل بالتزام صاحب الفندق بضمان سلامة النزيل ضماناً مطلقاً لا يتم الوفاء به إلا بتحقيق غايته انتهى إلى أن التزام بذل العناية للمحافظة على سلامة النزيل أمر تفرضه طبيعة عقد الإيواء وصادف هذا صحيح القانون إذ مفاد النص في الفقرة الثانية من المادة 148 من القانون المدني على أن "لا يقتصر العقد على إلزام المتعاقد بما ورد فيه ولكن يتناول أيضاً ما هو من مستلزماته وفقاً للقانون والعرف والعدالة بحسب طبيعة الالتزام" أن الالتزام التعاقدي قد يتسع ليشمل ما لم يتفق عليه صراحة مما تقتضيه طبيعته فإذا اتفق على نزول مسافر في فندق فإن العقد لا يقتصر على إلزام صاحب الفندق بتقديم مكان النزول وإنما يلزمه أيضاً بما تقتضيه طبيعة الالتزام بالإيواء. ومن هذا القبيل وفق ما جرى به العرف بين الناس اتخاذ الحيطة واصطناع الحذر بما يرد عن النزيل غائلة ما يتهدد سلامته من مخاطر ويحفظ عليه أمنه وراحته فيعصمه من الضرر على نحو ما يعصمه إيواؤه إلى مسكنه لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على أساس من أن التزام مورثة الطاعنين بالمحافظة على سلامة مورث المطعون ضدهم إبان جلوسه في حجرته المخصصة له بفندقها هو التزام ببذل عناية تتمثل في اتخاذ الاحتياطيات المتعارف عليها التي تكفل المحافظة على سلامة النزلاء ويكفي الدائن فيه إثبات قيامه ليقع على عاتق المدين به إثبات أنه قد بذل عناية الشخص العادي في شأنه ثم بين أن الدليل قد قام من الأوراق على أن صاحبة الفندق لم تبذل ليلة الحادث أية عناية في اتخاذ إجراءات الاحتياط المتعارف عليها وأهمها مراقبة المترددين على الفندق بحيث بات من الممكن لأي شخص أن يدخل إليه وأن يخرج منه دون أن يشعر به أحد فأصبح النزيل سهل المنال. كما بين أن ما قال به الطاعنان من أن مورثتهما كانت قد اتخذت كافة الوسائل المألوفة التي تكفل أمن النزيل وقدما الدليل عليه مما ثبت في الأوراق من أنه كان ينفرد بغرفة في الدور الرابع وجد بابها سليماً وله مفتاح يمكن استعماله من الداخل، لا ينفي عنها أنها قصرت في بذل العناية اللازمة، فانتفت الحاجة إلى تكليف المطعون ضدهم بإثبات الخطأ العقدي من قبل صاحبة الفندق كما انتفت الحاجة إلى تكليف الطاعنين بنفيه بعد ما اكتفت المحكمة بما قام في الدعوى من عناصر وقدم فيها من أدلة، فإن الحكم لا يكون قد ناقض نفسه في طبيعة التزام صاحبة الفندق إذ كيفه بأنه التزام ببذل عناية، ولا يكون قد خالف قواعد الإثبات إذ عالج عبء إثبات الخطأ العقدي ونفيه على أساس من طبيعة الالتزام الذي أخل به المدين فيه، ويكون قد صادف في الأمرين صحيح القانون.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه بالسبب الرابع من أسباب الطعن القصور في التسبيب وحاصله أن ما ساقه توصلاً إلى مسئولية صاحبة الفندق - من تدرج في الاستنباط من إحلال صاحب الفندق محل المضيف في التزامه نحو ضيفه بالمحافظة على سلامته ومن واجب مراقبة المترددين على الفندق وعدم السماح للزائر بأن يجوس طليقاً في شتى أنحائه بغير ملاحظة - غير مستساغ فضلاً عن أنه قد خلق التزامات غير محددة ليس لها معيار يمكن التعرف به على مدى مسئولية أصحاب الفنادق نشأ به القصور بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك بأنه وارد على ما استطرد إليه الحكم تزيدا تأييداً لما انتهى إليه من قيام التزام صاحب الفندق بالمحافظة على سلامة النزلاء فيه ولم يكن لازماً لإقامة قضائه بعد ما ساق من الأسباب ما يكفي لحمله على نحو ما سلف البيان.
وحيث إن الطاعنين ينعيان على الحكم المطعون فيه بالسبب الخامس من أسباب الطعن الخطأ في القانون والقصور في التسبيب وفي بيانه يقولان إن الحكم قضى بتعويض المطعون ضدهم عن الضرر المادي مع أنه لم يثبت أن مورثهم القتيل هو الذي كان يقوم بإعالتهم وأنهم حرموا بذلك من عائلهم الوحيد. هذا فضلاً عن عدم تحقق أي ضرر لمورثهم لأنه توفى أثر الحادث ولم تمنح له الفرصة للمطالبة بالتعويض حتى يورث عنه حق المطالبة به.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول غير صحيح ذلك بأن البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قضى بالتعويض عن الضرر المادي الذي لحق بمورث المطعون ضدهم وليس عن الضرر الذي أصابهم هم ومردود في شقه الثاني بما هو مقرر منه أنه إذا كان الضرر المادي الذي أصاب المضرور هو الموت بأن اعتدى شخص على حياته فمات في الحال فإن الضرر المادي يكون قد حاق به عند الموت متمثلاً في حرمانه من الحياة وينتقل الحق في جبره تعويضاً إلى ورثته.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 7/ 3/ 1974 مجموعة المكتب الفني السنة 25 ص 60.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق