الصفحات

السبت، 1 أبريل 2023

الطعن 145 لسنة 36 ق جلسة 10 / 12 / 1970 مكتب فني 21 ج 3 ق 199 ص 1216

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد.

-------------------

(199)
الطعن رقم 145 لسنة 36 القضائية

(أ) نقض. "إعلان الطعن". إعلان. بنك.
بنك. استقلال شخصيته الاعتبارية عن شخصية المدير. توجيه الطعن إلى البنك باعتباره الأصيل المقصود بالخصومة دون ممثله. ذكر اسم البنك في تقرير الطعن بالنقض. كاف لصحته. لا اعتداد بالخطأ في اسم الممثل له.
(ب) دعوى. "نظر الدعوى". حكم. "تسبيب الحكم".
إشارة الحكم في أسبابه الواقعية إلى ما ورد بمذكرة الخصم المقدمة بعد الميعاد. عدم إقامة الحكم قضاءه عليها. لا عيب.
(ج) إعلان. "إعلان الشركات الأجنبية". شركات. بطلان.
جواز إعلان الشركات الأجنبية لدى فرعها أو وكيلها في مصر. لا يقصد به حرمان صاحب الشأن من أصل حقه في إجراء الإعلان في مركز الشركة الرئيسي بالخارج.
(د) نقض. "مسائل الواقع". محكمة الموضوع. شركات.
واقعة وجود فرع لشركة أجنبية في مصر من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع.
(هـ) قوة قاهرة. "مناطها". التزام. "انقضاء الالتزام". حكم. "تسبيب الحكم". استيلاء. أدوية.
القوة القاهرة. شرطها. أن تكون أمراً لا قبل للمدين بدفعه أو التحرز منه، ويترتب عليه استحالة التنفيذ استحالة مطلقة. استخلاص الحكم بأسباب سائغة عدم استحالة تنفيذ الالتزام. لا مخالفة للقانون.

------------------
1 - متى كان يبين من إعلان تقرير الطعن أنه وجه إلى بنك القاهرة بمركزه الرئيسي وأن صورة الإعلان قد تسلمها الموظف المختص بالبنك، وكان للبنك شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية المدير، وكان الإعلان موجهاً إلى البنك المطعون عليه باعتباره الأصيل المقصود بذاته في الخصومة دون ممثله، فإن ذكر اسم البنك في إعلان التقرير بالطعن يكون - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض (1) - كافياً لصحته وفقاً لما نصت عليه المادة 14/ 4 من قانون المرافعات السابق دون اعتداد بما يكون قد وقع فيه من خطأ في اسم الممثل له.
2 - متى كان يبين من الحكم أنه لم يعول في قضائه على ما ورد بالمذكرة التكميلية المقدمة من الخصم المطعون عليه - وهي المذكرة المقدمة بعد الأجل المحدد لتقديم المذكرات ودون اطلاع الطرف الآخر (الطاعن) عليها - وإنما على الوقائع والبيانات الثابتة بأوراق الدعوى التي كانت تحت نظر المحكمة والخصوم قبل حجزها للحكم وكان لا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد أشار في أسبابه الواقعية إلى ما ورد بهذه المذكرة من دفاع، طالما أن الحكم لم يقم عليها قضاءه فلا على المحكمة، إن هي رفضت طلب هذا الخصم إعادة القضية للمرافعة المرفق بهذه المذكرة ولا يكون للطاعن أن يعترض على رفض هذا الطلب.
3 - النص في المادة 14/ 6 من قانون المرافعات السابق على أنه "فيما يتعلق بالشركات الأجنبية التي لها فرع أو وكيل في مصر تسلم صورة الإعلان إلى هذا الفرع أو الوكيل". لا يقصد به حرمان صاحب الشأن من أصل حقه في إجراء الإعلان في مركز الشركة الرئيسي في الخارج، وإنما قصد به مجرد التيسير عليه في إتمام الإعلان والتعجيل بإجرائه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى صحة إعلان الاستئناف الموجه إلى مقر الشركة في الخارج لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
4 - واقعة وجود فرع للشركة الأجنبية في مصر، تعتبر من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع دون رقابة من محكمة النقض عليه في ذلك متى كان استخلاصه سائغاً ومستمداً من وقائع ثابتة في الأوراق. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص عدم وجود فرع للشركة الطاعنة في مصر من غلق هذا الفرع بعد الاستيلاء على موجوداته ومن إقرار الشركة نفسها في صحيفة افتتاح الدعوى، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً دون أن يشوبه القصور.
5 - يشترط في القوة القاهرة التي ينقضي بها التزام المدين أن تكون أمراً لا قبل للمدين بدفعه أو التحرز منه، ويترتب عليه استحالة تنفيذ الالتزام استحالة مطلقة، وإذ كان الحكم قد استخلص عدم استحالة تنفيذ التزام الشركة بدفع الفوائد مما أورده في أسبابه من أن القانون رقم 212 سنة 1960 لم يقض بتأميم مخازن الأدوية والمستلزمات الطبية، وإنما قرر الاستيلاء فقط على ما يوجد لديها من هذه المواد، وترك لأصحاب هذه المخازن حق التصرف في أموالهم الأخرى دون قيد، فإن ذلك يكون استخلاصاً سائغاً ولا مخالفة فيه للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الشركة الباريسية للتوسع الكيمائي (Specia) أقامت الدعوى رقم 237 سنة 1964 تجاري كلي القاهرة ضد بنك القاهرة تطلب الحكم بعدم مسئوليتها عن مبلغ 13688 ج و528 م قيمة الفوائد التأخيرية المعلاة على حسابها الجاري في المدة من 17/ 7/ 1963 حتى 31/ 1/ 1964 وبراءة ذمتها منه ومما قد يضيفه مستقبلاً من فوائد أخرى، وقالت الشركة بياناً للدعوى إنه بمقتضى القانون رقم 212 لسنة 1960 الصادر في 17/ 7/ 1963 استولت الحكومة على فرع تجارة الأدوية التابع لها بالقاهرة كما تم التحفظ على أموال الفرع وتجميد حساباته في البنوك، وحلت المؤسسة العامة للأدوية محله فيها طبقاً لما جاء بكتاب وزير التموين المؤرخ 13/ 9/ 1960 الموجه للبنوك وأنه لما كان الاستيلاء على أموال الفرع نتيجة للتشريع المشار إليه يعتبر من الحوادث الاستثنائية التي طرأت تحقيقاً للصالح العام، وقد نشأ ذلك عن سبب أجنبي لا يد للشركة المدعية فيه، فإنها تصبح غير ملزمة بأداء الفوائد التأخيرية المستحقة للبنك المدعى عليه لأن الفوائد إنما تترتب في ذمة المدين نتيجة انتفاعه بأصل الدين، وإذ امتنع ذلك على الشركة بقوة القانون، فإنه يمتنع تبعاً لذلك مطالبتها بالفوائد التأخيرية أو بفوائد هذه الفوائد لأن الفرع يتبع الأصل ولأنه لا فوائد على الدين المعدوم، وانتهت الشركة إلى أنه بالرغم من وضوح هذه المبادئ التي تقضي بها القواعد العامة ونصوص القانونين رقمي 269، 272 سنة 1960 بشأن تأجيل الديون المستحقة على المشتغلين بتجارة الأدوية، فقد أصر البنك المدعى عليه على المطالبة بالفوائد المشار إليها، مما أضطرها إلى إقامة هذه الدعوى بطلباتها السابقة. ودفع بنك القاهرة الدعوى بأن العلاقة بينه وبين الشركة المدعية يحكمها الاتفاق المبرم بينهما، وأن الاستيلاء الحاصل طبقاً للقانون رقم 212 لسنة 1960 لا أثر له على هذا الاتفاق لأن الحساب محل النزاع نشأ عن قرض عادي، فلا محل لإقحام قوانين تنظيم تجارة الأدوية فيه هذا فضلاً عن أن تأجيل الديون لا أثر له على استحقاق الفوائد - وفي 18/ 3/ 1965 حكمت المحكمة بطلبات الشركة المدعية - فاستأنف بنك القاهرة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والقضاء برفض الدعوى، وقيد استئنافه رقم 278 سنة 2 ق. وفيه دفعت الشركة المستأنف عليها بسقوط الحق فيه لرفعه بعد الميعاد وباعتباره كأن لم يكن، وبعد ضم هذين الدفعين للموضوع حكمت المحكمة في 11/ 1/ 1966 برفضهما وبإلغاء الحكم المستأنف ورفض دعوى الشركة المستأنف عليها. وطعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ودفع المطعون عليه بعدم قبول الطعن لبطلان إعلانه بالتقرير وبسقوط الحق فيه، وقدمت النيابة العامة مذكرتها برأيها وطلبت قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وحيث إن مبنى الدفع المبدى من البنك المطعون عليه، أن الطاعنة قد أعلنت الطعن إلى السيد/ علي محمد علوبة بصفته رئيساً لمجلس إدارة البنك، ورغم زوال صفته من قبل، وأن صورة الإعلان لم تسلم للممثل الحقيقي للبنك، وإذ لم يعلن رئيس مجلس الإدارة الجديد بهذا الطعن قبل فوات الميعاد فإن حق الشركة فيه يكون قد سقط.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أنه يبين من إعلان تقرير الطعن أنه وجه إلى بنك القاهرة (ش. م. ع) بمركزه الرئيسي 22 شارع عدلي بالقاهرة وأن صورة الإعلان قد تسلمها الموظف المختص بالبنك. لما كان ذلك وكان للبنك شخصية اعتبارية مستقلة عن شخصية المدير وكان الإعلان موجهاً إلى البنك المطعون عليه باعتباره الأصيل المقصود بذاته في الخصومة دون ممثله، فإن ذكر اسم البنك في إعلان التقرير بالطعن يكون - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - كافياً لصحته، وفقاً لما نصت عليه المادة 14/ 4 من قانون المرافعات السابق دون اعتداد بما يكون قد وقع فيه من خطأ في اسم الممثل له.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب حاصل أولها بطلان الحكم المطعون فيه، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إن الحكم أقام قضاءه برفض الدفعين بسقوط الحق في الاستئناف وباعتبار الاستئناف كأن لم يكن لعدم إعلانها به خلال ثلاثين يوماً من تقديم صحيفته لقلم المحضرين، على ما أورده البنك المطعون ضده في مذكرته التكميلية التي أرفق بها طلب إعادة القضية للمرافعة بالرغم من تقديم هذه المذكرة بعد انقضاء الأجل المحدد لتبادل المذكرات ودون اطلاع الشركة الطاعنة عليها، وهو منه مخالفة لنص المادة 340 من قانون المرافعات وإخلال بحق الدفاع إذ أن الشركة باعتبارها مستأنفاً عليها كان يتعين أن تكون آخر من يتكلم، وأن رفض المحكمة إجابة طلب البنك إلى إعادة الدعوى للمرافعة قد ترتب عليه حرمان الشركة الطاعنة من الرد على المذكرة المقدمة منه وتصويب الوقائع الواردة بها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في هذا الخصوص على أنه "بالنسبة للدفع بعدم قبول الاستئناف لرفعه بعد الميعاد، فإن الثابت من الاطلاع على صحيفة الاستئناف أن عليها عبارة صادرة من البنك تفيد تقديم هذه الصحيفة إلى قلم المحضرين في يوم 19/ 4/ 1965 وبجوارها عبارة بالمداد الأخضر تفيد تقديم هذه الصحيفة للمحضرين في يوم 19/ 4/ 1965 تحت رقم 1609، ومن ثم تكون الصحيفة قدمت للمحضرين خلال الأجل المنصوص عليه في المادة 402/ 1 مرافعات، وبما أنه بالنسبة للدفع باعتبار الاستئناف كأن لم يكن فإن الثابت من صحيفة دعوى للشركة أن وزارة التموين قد استولت على فرع تجارة الأدوية التابع لها، ومفاد ذلك أنه لم يعد للشركة المذكورة فرع في القاهرة، ولما كان موطن الشركة في الخارج فإن البنك المستأنف يكون على حق إذا قام بإعلانها بصحيفة الاستئناف في مقرها الرئيسي بباريس، طبقاً لما هو وارد في صحيفة الدعوى الابتدائية وطبقاً لنص المادة 14 فقرة عشرة من قانون المرافعات وبالتالي يكون إعلان صحيفة الاستئناف للشركة المستأنف عليها في 20/ 4/ 1965 قد وقع صحيحاً ويكون قد تم خلال الثلاثين يوماً من تاريخ تقديمها للمحضرين" ومن ذلك يبين أن الحكم لم يعول في قضائه برفض الدفعين على ما ورد بالمذكرة التكميلية المقدمة من البنك وإنما على الوقائع والبيانات الثابتة بأوراق الدعوى التي كانت تحت نظر المحكمة والخصوم قبل حجزها للحكم، ولا يغير من ذلك أن يكون الحكم قد أشار في أسبابه الواقعية إلى ما ورد بهذه المذكرة من دفاع، طالما أن الحكم لم يقم عليها قضاءه، إذ كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن البنك المطعون عليه هو الذي طلب إعادة القضية للمرافعة فإنه لا يكون للشركة الطاعنة أن تعترض على رفض هذا الطلب.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت بعدم قبول الاستئناف شكلاً، استناداً إلى أن الحكم الابتدائي صدر في 18 فبراير سنة 1965، وأن صحيفة الاستئناف قد خلت مما يفيد تقديمها لقلم المحضرين قبل يوم إعلانها للنيابة في 20/ 4/ 1965 وهو اليوم التالي لانتهاء ميعاد الاستئناف، وقضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع لوجود عبارة صادرة من البنك بالصحيفة تفيد أنها قدمت إلى قلم المحضرين يوم 19/ 4/ 1965 وبجوارها عبارة بالمداد الأخضر تدل على تقديمها للمحضرين في يوم 19/ 4/ 1965 تحت رقم 1609، وهذا من الحكم خطأ وقصور من وجوه (أولاً) أن الحكم لم يرد على ما دفعت به الشركة الطاعنة من أنه لا يوجد على الصحيفة توقيع لموظف رسمي من قلم المحضرين أو خاتم ذو تاريخ يفيد تقديم الصحيفة في 19/ 4/ 1965، ليكون حجة على ذوي الشأن (وثانياً) أنه أغفل الرد على ما ذكرته الشركة من أن توقيع البنك على العبارة الدالة على تقديم العريضة في ذلك اليوم للمحضرين لا يعتبر حجة عليها لصدوره من الخصم (وثالثاً) أن ما قرره الحكم من وجود عبارة مجاورة بالمداد الأخضر تفيد تقديم العريضة إلى قلم المحضرين في التاريخ المذكور تحت رقم 1609 لا يكشف عن محرر هذه العبارة الخالية من التوقيع وبالتالي فإنه لا ينفي أن تكون صادرة من الخصم نفسه.
وحيث إن هذا النعي مردود في جملته، ذلك أنه بالرجوع إلى الحكم المطعون فيه يبين أنه أقام قضاءه برفض الدفع بسقوط الحق في الاستئناف على ما قرره من أنه مؤشر على صحيفة الاستئناف من البنك المستأنف بتقديم هذه الصحيفة إلى قلم المحضرين في يوم 19/ 4/ 1965 وبجوار هذه العبارة تأشيرة أخرى محررة بمداد مختلف تفيد أن الصحيفة قدت للمحضرين بتاريخ 19/ 4/ 1965 تحت رقم 1609 واستخلص من ذلك تقديم الصحيفة المذكورة إلى قلم المحضرين خلال الأجل المنصوص عليه في المادة 402/ 1 من قانون المرافعات السابق، إذ كان ذلك وكان ما استخلصه الحكم في هذا الخصوص سائغاً ومما يدخل في سلطة قاضي الموضوع، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت ببطلان إعلانها بعريضة الاستئناف في مقرها الرئيسي بباريس لوجود فرع لها بالقاهرة كان يتعين إعلانها بالاستئناف فيه عملاً بالمادة 14/ 6 مرافعات، وإذ لم تعلن الشركة بالاستئناف في مواجهة هذا الفرع خلال ثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الصحيفة لقلم المحضرين، فإن الاستئناف يعتبر كأن لم يكن وقضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع استناداً إلى أن فرع الشركة قد ألغي بالاستيلاء عليه، وأن الشركة أوردت في صحيفة افتتاح الدعوى أن مركزها الرئيسي مدينة باريس، في حين أن هذا الإقرار لا ينفي أن للشركة فرعاً في القاهرة وأن هذا الفرع معروف للبنك ويجرى التعامل معه، كما أن الاستيلاء كان قاصراً على الأدوية التي يملكها الفرع وليس على الفرع نفسه، ذلك أن للشركة الطاعنة غير نشاطها التجاري نشاطاً علمياً وفنياً كانت ولا تزال تباشره بواسطة الفرع المذكور.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك بأن النص في المادة 14/ 6 من قانون المرافعات السابق على أنه "فيما يتعلق بالشركات الأجنبية التي لها فرع أو وكيل في مصر تسلم صورة الإعلان إلى هذا الفرع أو الوكيل" لا يقصد به حرمان صاحب الشأن من أصل حقه في إجراء الإعلان في مركز الشركة الرئيسي في الخارج، وإنما قصد به مجرد التيسير عليه في إتمام الإعلان والتعجيل بإجرائه، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى صحة إعلان الاستئناف الموجه إلى مقر الشركة في الخارج لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه، هذا إلى أن واقعة وجود فرع للشركة الأجنبية في مصر تعتبر من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الدعوى دون رقابة من محكمة النقض عليه في ذلك متى كان استخلاصه سائغاً ومستمداً من وقائع ثابتة في الأوراق. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص عدم وجود فرع للشركة الطاعنة في مصر من غلق هذا الفرع بعد الاستيلاء على موجوداته ومن إقرار الشركة نفسها في صحيفة افتتاح الدعوى، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً دون أن يشوبه القصور.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه خالف القانون من وجهين (أولهما) أنه جرى في قضائه على عدم اعتبار القانون رقم 212 لسنة 1960 قوة قاهرة تبرئ ذمة الطاعنة من الفوائد المطلوبة، وذلك على الرغم من أنه قد ترتب عليه الاستيلاء على كافة الأدوية المملوكة لها الموجودة في مخازنها أو مخازن البنك لحسابها، وكذلك الأدوية الواردة لها عن طريق اعتمادات مستندية مفتوحة فضلاً عن التحفظ على أموال الفرع بالقاهرة و(الثاني) أن الحكم بعد أن ذهب إلى أن القانون المشار إليه يمكن اعتباره حادثاً استثنائياً في حكم المادة 147/ 2 من القانون المدني يترتب عليه رد التزام الشركة الطاعنة إلى الحد المعقول إذا كان مرهقاً لها عاد واستبعد ظرف الإرهاق، استناداً إلى أنه لم يترتب على ذلك القانون تجميد حسابات الشركة في البنوك، وأنه كان في إمكانها تسديد الفوائد من الأموال التي تحصل عليها من ديونها لدى الغير، وهما واقعتان لا أصل لهما في الأوراق، كما قال إن الاستيلاء على أدوية فرع الشركة بالقاهرة لم يؤثر على نشاطها في فرنسا دون أن تحقق المحكمة هذه الواقعة أو يقدم الدليل عليها، كما ذهب الحكم إلى أن الشركة حصلت على التعويض المستحق لها دون أن ترد على دفاعها الخاص بأن هذا التعويض لم يصرف، وأخيراً استند الحكم في نفي ظرف الإرهاق إلى أن كشوف الحساب المقدمة من البنك تدل على أن الشركة كانت تباشر عمليات مالية قبل صدور القانون وبعده، وقد أخطأ الحكم في التعويل على النشاط السابق بفرض وجوده، أما النشاط اللاحق فقد كان مقصوراً على قيد الفوائد التأخيرية موضوع النزاع، هذا إلى أن هذه الكشوف جميعاً تدل على أن الشركة مدينة وليست دائنة، وهو ما كان يستوجب اعتبار القانون رقم 212 سنة 1960 ظرفاً مرهقاً لها، وإذ اتخذ منه الحكم دليلاً على أن الشركة كانت في حالة تمكنها من السداد، فإنه يكون قد أخطأ في الإسناد وشابه الفساد في الاستدلال.
وحيث إن النعي في شقه (الأول) مردود، ذلك بأنه يشترط في القوة القاهرة التي ينقضي بها التزام المدين أن تكون أمراً لا قبل للمدين بدفعه أو التحرز منه، ويترتب عليه استحالة تنفيذ الالتزام استحالة مطلقة، وإذ كان الحكم قد استخلص عدم استحالة تنفيذ التزام الشركة بدفع الفوائد مما أورده في أسبابه من أن القانون رقم 212 سنة 1960 لم يقض بتأميم مخازن الأدوية والمستلزمات الطبية، وإنما قرر الاستيلاء فقط على ما يوجد بها من هذه المواد وترك لأصحاب هذه المخازن حق التصرف في أموالهم الأخرى دون قيد، فإن ذلك يكون استخلاصاً سائغاً ولا مخالفة فيه للقانون، والنعي مردود في شقه (الثاني) بما قرره الحكم المطعون فيه وهو بصدد بحث مدى الإرهاق في تنفيذ التزام الشركة من أنه لم تفرض أية قيود على تعامل الشركة مع البنك ولم تمس أرصدة الشركة لديه ولا زماماتها لدى الغير، ومن أن الاستيلاء على فرع الشركة بالقاهرة لم يؤثر في نشاطها في الخارج فضلاً عن أنه بعد هذا الاستيلاء قد صدر قرر لجنة التعويضات بتقدير التعويض المستحق لها عما تم الاستيلاء عليه لديها من الأدوية، وكذلك من إقرار الشركة في 14/ 3/ 1961 بعد الاستيلاء وبعد انقضاء فترتي تأجيل الديون الصادر بهما القانون رقم 269، 272 لسنة 1960 بمديونيتها وبأحقية البنك في الحصول على أصل الدين والفوائد، وهي تقريرات موضوعية سائغة، من شأنها أن تؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها الحكم باستبعاد تطبيق المادة 147/ 2 من القانون المدني، وتكفي لحمل قضائه في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل السبب الخامس مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقول الطاعنة إنها أحالت البنك بالدين وملحقاته على الهيئة العليا للأدوية والمؤسسة العامة لتجارة وتوزيع الأدوية مقابل المستحق لها لديهما نتيجة الاستيلاء على بضائعها، وهو ما يترتب عليه حلول المحال عليهما محلها في أداء الدين مباشرة للبنك، ولم يأخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر استناداً إلى أن البنك لم يكن طرفاً في الحوالة في حين أنه قبلها وقام بإعلانها للمحال عليهما بتاريخ 16/ 4/ 1961، وإذ كانت الحوالة صحيحة ونافذة في حق الهيئة والمؤسسة المحال عليهما، فإنه كان على البنك مطالبتهما وحدهما بالدين المحال به، ولا يحق له الرجوع على الشركة المحيلة إلا في حالة عدم وجود الدين، ولم يقل الحكم المطعون فيه أن الدين المحال غير موجود.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يقوم على تفسير نصوص عقد الحوالة تفسيراً مخالفاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه، وإذ كانت الطاعنة لم تقدم ذلك العقد فإن نعيها يكون عارياً عن الدليل.
وحيث إن حاصل السبب السادس، أن الطاعنة تمسكت لدى محكمة الموضوع بأن وزير التموين أصدر قراراً إدارياً في 13/ 9/ 1960، يقضي بأن تتحمل المؤسسة العامة للأدوية حسابات أصحاب الأدوية المستولى عليها وبأن تضمن الوزارة قيمة بضائعهم، واستدلت الشركة بذلك على أن الاستيلاء على بضائعها يتضمن قوة قاهرة ولم يرد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع الجوهري، مما يعيبه بالقصور.
وحيث إن هذا النعي مردود، بأنه طالما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نفي القوة القاهرة، وذلك على ما هو ثابت في الرد على السبب الرابع، فإن إغفال المحكمة الرد على دفاع الطاعن في خصوص كتاب وزير التموين لا يعيبه بالقصور. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) نقض 17/ 1/ 1963 مجموعة المكتب الفني السنة 14 ص 136.
نقض 6/ 12/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 1820.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق