الصفحات

الاثنين، 20 مارس 2023

الطعن 531 لسنة 35 ق جلسة 3 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 37 ص 232

جلسة 3 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: بطرس زغلول، ومحمد نور الدين عويس، وحسين زاكي، ومحمد أسعد محمود.

----------------

(37)
الطعن رقم 531 لسنة 35 القضائية

(أ) إثبات. "الإقرار غير القضائي". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير الإقرار غير القضائي".
الإقرار الوارد بمحضر الشكوى الإدارية. إقرار غير قضائي. للقاضي مطلق الحرية في تقدير قوته في الإثبات أو تجزئته.
(ب) إثبات. "البينة". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير شهادة الشهود".
تقدير الشهادة متروك لقاضي الموضوع حسبما يطمئن إليه وجدانه.

------------------
1 - الإقرار الوارد بإحدى الشكاوى الإدارية، يعد إقراراً غير قضائي، ويخضع بهذه المثابة لتقدير القاضي، الذي له مطلق الحرية في تقدير قوته في الإثبات، وفي أن يجزئه فيأخذ ببعضه دون البعض الآخر، تأسيساً على أن الأمر بشأنه متروك للقواعد العامة، إذ لم يعرض له القانون المدني بنص يعين حجيته في الإثبات، أسوة بما أوردته المادة 409 منه في شأن الإقرار القضائي.
2 - تقدير الشهادة من المسائل التي تترك لقاضي الموضوع، حسبما يطمئن إليه وجدانه، ما دام لم يخرج عن مدلولها أو ينحرف بها عن مفهومها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 93 لسنة 1964 مدني أمام محكمة أسوان الابتدائية ضد الطاعن والمطعون عليهما الثاني والثالث، وقال شرحاً لها إن الطاعن أوقع حجزاً تنفيذياً على المحصول القائم بأطيانه البالغ مساحتها 13 ط و7 س والموضحة الحدود والمعالم والكائنة بمركز كوم أمبو بمحافظة أسوان، على أساس أنها مملوكة لمدينه المطعون عليه الثالث في حين أنها في الحقيقة مملوكة له، وطلب الحكم بأحقيته للمحصول وإلغاء الحجز التنفيذي الموقع عليه. ومحكمة أول درجة حكمت في 3 من ديسمبر سنة 1964 بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المطعون عليه الأول بكافة طرق الإثبات ملكيته للزراعة المحجوز عليها. وبعد سماع أقوال شهود الطاعن حكمت في 28 من يناير سنة 1965 برفض الدعوى. استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 12 لسنة 40 ق أسيوط، ومحكمة الاستئناف حكمت في 15 من يونيه سنة 1965 بإلغاء الحكم المستأنف وبأحقية المطعون عليه الأول للزراعة المحجوزة وإلغاء الحجز. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب، ينعى الطاعن بالسبب الأول وبالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون بمخالفة قواعد الإثبات والخطأ في الإسناد، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم استند في قضائه إلى أن الطاعن أقر في الشكوى رقم 990 لسنة 1964 إداري كوم أمبو بأن الزراعة المحجوز عليها مملوكة للمسترد المطعون عليه الأول، وبأن مدينه المطعون عليه الثالث ليس إلا وكيلاً عنه، حالة أن ما جاء على لسان الطاعن من طلب تحقيق ما إذا كان المدين وكيلاً على المسترد يتنافر مع ما استخلصه الحكم منها. هذا إلى أن الحكم عمد إلى تجزئة هذا الأقوال معتداً بما تضمنته من إقرار بوكالة المدين للمسترد في إدارة أمواله، ومغفلاً مقصد الطاعن من الرغبة في التحقيق من قيام هذه الوكالة. وإذ كان الإقرار الموصوف مما لا تجوز تجزئته فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف قواعد الإثبات علاوة على خطئه في الإسناد.
وحيث إن هذا النعي مردود، دلك أن الحكم المطعون فيه دلل على إقرار الطاعن في الشكوى المقدمة منه بملكية المطعون عليه الأول للزراعة المحجوز عليها بقوله: "..... بالاطلاع على الصورة الرسمية للشكوى رقم 990 لسنة 1964 إداري كوم أمبو يبين أنها مقدمة من المستأنف عليه الأول - الطاعن - (الدائن الحاجز) يعترف فيها صراحة بأن الزراعة المحجوزة موضوع الدعوى مملوكة للمستأنف - المطعون عليه الأول - (المسترد) وأن المستأنف عليه الثالث - المطعون عليه الثالث - ليس إلا وكيلاً عنه. وقد قرر فيها أن المشكو في حقه المستأنف يملك حوالي خمسين فداناً من الأطيان الزراعية وقد وكل المذكور أحد أقاربه بتوكيل رسمي لإدارة أطيانه..." ولما كان هذا الذي أورده الحكم، له سنده في الشكوى المقدمة من الطاعن إذ جاء في البلاغ المقدم منه وفي الأقوال المثبتة على لسانه في التحقيق، أنه يعلم أن المطعون عليه الأول يمتلك خمسين فداناً بكوم أمبو وأن المحصولات الموجودة بهذه الأطيان مملوكة له لا لمدينه المطعون عليه الثالث، وأنه استصدر ضد هذا الأخير أمر الأداء الموقع الحجز على تلك المحصولات بمقتضاه رغم علمه بأنه لم يكن إلا مجرد وكيل عن المطعون عليه الأول في إدارة أطيانه، وكان لا يقدح في مطابقة ما أورده الحكم على النحو السالف بيانه للثابت بالشكوى المشار إليها، أن طلب الطاعن في ختام هذه الأقوال - وبعد إقراره بملكية المطعون عليه الأول للمحصولات الزراعية المحجوز عليها - التحقق من وكالة المطعون عليه الثالث للمطعون عليه الأول. لما كان ذلك وكان الإقرار الذي يرد بإحدى الشكاوى الإدارية، يعد إقراراً غير قضائي، يخضع بهذه المثابة لتقدير القاضي الذي له مطلق الحرية في تقدير قوته في الإثبات، وفي أن يجزئه فيأخذ ببعضه دون البعض الآخر، تأسيساً على أن الأمر بشأنه متروك للقواعد العامة إذ لم يعرض له القانون المدني بنص يعين حجيته في الإثبات أسوة بما أوردته المادة 409 منه في شأن الإقرار القضائي، وكان ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من اعتداد بإقرار الطاعن في النطاق السالف بيانه هو استخلاص موضوعي سائغ، فإن الحكم لا يكون قد خالف قواعد الإثبات، إذ قضى بأحقية المطعون عليه الأول للزراعة المحجوز عليها استناداً إلى إقرار الطاعن بأنها مملوكة له، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالسبب الثالث وبالوجه الثاني من السبب الثاني مخالفة القانون وفساد الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أطرح أقوال شهوده التي أخذت بها محكمة أول درجة، بحجة أن اثنين منهم لم يقطعا بملكية المدين للمحجوزات وأن الثالث لم يستطع تحديد الأرض القائم عليها الزراعة، في حين أن أقوال هؤلاء الشهود تخالف في واقعها ومفهومها ما استخلصه الحكم منها وهو مما يعيبه بفساد الاستدلال. هذا إلى أن الحكم بمناقشته أقوال شهود النقي واستبعاده لها رغم عجز المطعون عليه الأول (المسترد) عن إثبات مدعاه تبعاً لعدم استعانته بشهود يؤيدونه، يكون قد خالف القانون بإعفائه ذلك الأخير من عبء الإثبات الواقع على عاتقه.
وحيث إن هذا النعي بشقيه في غير محله، ذلك أن الثابت من مدونات الحكم الذي أصدرته محكمة أول درجة بتاريخ 28 من يناير سنة 1965 ومن الصورة الرسمية لمحضر جلسة 21 من يناير سنة 1965، أن تلك المحكمة أتاحت الفرصة للمطعون عليه الأول ليثبت دعواه بكافة طرق الإثبات القانونية، وأن ذلك الأخير اكتفى في مجال إثبات ملكيته للمحصولات الزراعية المحجوز عليها بالمستندات التي قدمها، ومن بينها محضر الشكوى الإدارية سالفة البيان، الأمر الذي لا يمكن معه القول بأنه عجز عن إثبات دعواه في حدود الرخصة المخولة له. ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند إلى ما ورد بتلك الشكوى من إقرار الطاعن بأن الزراعة مملوكة للمطعون عليه الأول، وكان ذلك كافياً بمجرده لحمل قضائه بأحقيته لتلك المحصولات، وكان تقدير الشهادة من المسائل التي تترك لقاضي الموضوع حسبما يطمئن إليه وجدانه، ما دام لم يخرج عن مدلولها أو ينحرف بها عن مفهومها، وكان تحصيل الحكم لأقوال شهود النفي بما أدى إلى إطراحها يتفق وما ورد بهذه الأقوال، إذ ليس في أقوال الشاهدين الأولين ما يقطع بأن الزراعة كانت مملوكة للمطعون عليه الثالث، كما أن الشاهد الأخير لم يستطع الإدلاء ببيان حقيقي مقنع لحدود الأرض المحجوز عليها، فإن النعي على الحكم بمخالفة القانون أو بالفساد في الاستدلال لهذا السبب يكون على غير أساس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق