الصفحات

الجمعة، 3 مارس 2023

الطعن 518 لسنة 22 ق جلسة 11/ 11/ 1952 مكتب فني 4 ج 1 ق 44 ص 105

جلسة 10 من نوفمبر سنة 1952

برياسة حضرة الأستاذ أحمد محمد حسن رئيس المحكمة وبحضور حضرات الأساتذة إبراهيم خليل ومحمد أحمد غنيم وإسماعيل مجدي ومصطفى حسن المستشارين.

----------------

(44)
القضية رقم 518 سنة 22 القضائية

(أ) تفتيش. 

إذن صدر على وفق قانون تحقيق الجنايات. الدفع ببطلانه لمخالفته قانون الإجراءات الجنائية. لا يقبل. كل إجراء تم صحيحا على وفق القانون الذي حصل في ظله يظل صحيحا.
(ب) تفتيش. 

أنثى. متى يكون تفتيشها بمعرفة أنثى واجبا؟
(ج) اختصاص. 

دفع ببطلان القبض والتفتيش على أساس أن الضابط الذي قام به لم يكن مختصا به على حسب المكان. المحكمة غير ملزمة بتحري حقيقة هذا الدفع. على الطاعن تقديم دليله.

---------------
1 - ليس في قانون الإجراءات الجنائية ما يقضى ببطلان إجراء تم وانتهى وقوعه صحيحا وفقا لأحكام التشريع الذي حصل في ظله. والمشرع لم يقصد من إباحة سريان قانون الإجراءات الجنائية على القضايا التي لم يتم الفصل فيها إلا أن يتبع في كل ما يستجد فيها من الإجراءات أحكام القانون الجديد ولو كان الحادث وقع قبل ابتداء سريانه. وإذن فإذا كان إذن التفتيش قد صدر من النيابة على وفق أحكام قانون تحقيق الجنايات الذي كان قائما وقتئذ فإنه يكون إذنا صحيحا ولا يصح الطعن عليه بما جاء في قانون الإجراءات الذي صدر بعد ذلك.
2 - إن اشتراط تفتيش الأنثى بمعرفة أنثى المراد به أن يكون مكان التفتيش من المواضع الجسمانية التي لا يجوز لرجل الضبطية القضائية الإطلاع عليها ومشاهدتها.
3 - إذا كان المتهم قد دفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش على أساس أن الضابط الذي قام بها لم يكن مختصا بها بحسب المكان, ولم يقدم دليلا على ذلك فإنه لا يكون على المحكمة أن تتحرى حقيقة الاختصاص بتحقيق تجريه لمجرد قول المتهم ذلك, فإن الأصل أن ضابط البوليس إنما يباشر أعماله في دائرة اختصاصه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنة بأنها مع آخر حكم ببراءته - أحرزا جواهر مخدرة (حشيشا وأفيونا) بدون مسوغ قانوني, وطلبت عقابهما بالمواد 1و2و35/ 6ب و40و41و45 من القانون رقم 21 لسنة 1928. ولدى نظر الدعوى أمام محكمة المخدرات دفع المتهمان ببطلان إذن التفتيش وإجراءات التحريز. والمحكمة المذكورة قضت فيها حضوريا عملا بمواد الاتهام برفض الدفع وبصحة الإجراءات وحبس كل من المتهمين سنة مع الشغل والنفاذ وغرامة 200 جنيه مع مصادرة المضبوطات بلا مصروفات جنائية. فاستأنفت المتهمة ومحكمة اسكندرية الابتدائية بهيئة استئنافية قضت فيها حضوريا بتأييد الحكم المستأنف. فطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعنة تقول في الوجه الأول من طعنها إنها دفعت ببطلان إذن التفتيش وببطلان إجراءات التفتيش والتحريز وذلك بالتطبيق لأحكام المواد 91و56و57و58و46 من قانون الإجراءات الجنائية, وقالت إن هذا القانون ولو كان صدوره لاحقا لتاريخ الواقعة إلا أنه من القوانين التي لا تخضع لقاعدة عدم انطباق القوانين الجنائية على الماضي, كما أن النصوص التي اعتمدت عليها الطاعنة من هذا القانون لم تكن بمستحدثة وإنما هى نصوص مفسرة لما كان غامضا من نصوص قانون تحقيق الجنايات, تقول الطاعنة إنها دفعت بما تقدم ولكن الحكم المطعون فيه قضى برفض هذه الدفوع وبصحة الإجراءات يورد عليها برد غير سليم في القانون.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفوع المشار إليها بوجه الطعن وبصحة الإجراءات قال في ذلك: "إنه ليس في أحكام قانون الإجراءات الجنائية ولا في غيره من القوانين نصا وروحا ما يقضى ببطلان إجراء تم وانتهى وقوعه صحيحا وفقا لأحكام التشريع الذي حصل في ظله وأن المشرع ما قصد من إباحة سريان قانون الإجراءات الجنائية على القضايا التي لم يتم الفصل فيها إلا إلى أن يتبع في كل ما يستجد من الإجراءات في هذه القضايا أحكام القانون الجديد ولو أن الحادث وقع قبل ابتداء سريانه ومتى تقرر ذلك وتبين أن إذن التفتيش صدر من النيابة مطابقا لأحكام قانون تحقيق الجنايات وما استقر قضاء محكمة النقض عليه فقد أضحى بذلك الإذن صحيحا والدفع لذلك منهارا متعينا رفضه.... وإذ كان المخدر قد ضبط بيد المتهمة الأولى (الطاعنة) فيكون الضابط قد اتبع الإجراء القانوني السليم بقيامه بضبط المخدر من يدها دون ما حاجة إلى الاستعانة بأنثى, إذ أن المراد باشتراط تفتيش الأنثى بمعرفة أنثى أن يكون مكان التفتيش من المواضع الجسمانية التي لا يجوز لرجل الضبطية القضائية الإطلاع عليها ومشاهدتها وفضلا عن ذلك فقد انتدب الضابط أنثى لتفتيش المتهمة الأولى إثر عثوره على المخدر في يدها ولم يسفر التفتيش عن العثور معها على ممنوعات أخرى" ولما كان ما قاله الحكم من ذلك هو رد صحيح في القانون على هذه الدفوع فإن ما تثيره في هذا الوجه من طعنها يكون على غير أساس.
وحيث إن الوجه الثاني يتحصل في قول الطاعنة إنها دفعت كذلك ببطلان إجراءات القبض والتفتيش على أساس أن الضابط الذي قام بها لم يكن مختصا بإجرائها بحسب المكان إذ هو ضابط بقسم المنتزه في حين يقع مسكن الطاعنة الذي حصل فيه القبض والتفتيش بدائرة قسم الرمل. وقد قضى الحكم المطعون فيه برفض هذا الدفع بدوره دون أن يقوم بتحقيقه ورد عليه برد غير سديد.
وحيث إن الحكم المطعون فيه تعرض لهذا الدفع ورد عليه بقوله: "وإذ لم يشرح الحاضر عن المتهمين هذا الدفع تفصيلا ولم يبين دليله على أن المنزل المأذون بتفتيشه يقع بدائرة قسم الرمل وليس بقسم المنتزه ولم يناقش ما طلبت المحكمة تفصيله من أن المتهمين قررا عند سؤالهما في محضر الضبط من أن منزلهما يقع بدائرة قسم المنتزه وما جاء على لسان شاهدي النفي اللذين قررا بسكنهما مع المتهمة الأولى (الطاعنة) ولم يطلب سماع شهود نفي تأييدا لوجهة نظره فيكون الدفع غير مستأهل ردا منها ومتعينا رفضه" ولما كان الأصل أن ضابط البوليس إنما يباشر أعماله في دائرة اختصاصه, وقد صدر في عمله كما جرت المحاكمة على هذا الأساس, وكانت الطاعنة لم تثر شيئا في شأن الاختصاص إلا أمام المحكمة الاستئنافية ودون تقديم دليل على ما اثارته - فإن ما قاله الحكم يكون صحيحا وكافيا للرد على ما أثارته, ولا يكون صحيحا ما تقوله الطاعنة من أن المحكمة كان عليها أن تتحرى هى حقيقة الاختصاص بتحقيق تجريه لمجرد قولها إنها لا تقيم في دائرة قسم المنتزه.
وحيث إن الطاعنة تقول في الوجه الثالث إنها ذكرت في دفاعها أمام المحكمة أن المخدرات لم تضبط في حيازتها كما زعم الضابط وإنما ضبطت في حجرة بالمسكن الذي تقيم فيه مع زوجها الذي صدر الإذن بتفتيشه وأنها استدلت على صحة هذا الدفاع بالأسئلة التي وجهها إليها الضابط المحقق حيث سألها مرة "قرر حضرة ضابط المباحث ورجاله أنهم عثروا في الحجرة التي كنت بها على منديل قذر يحتوي على ثلاث قطع من الأفيون؟" وسألها أخرى "ولمن المنديل القذر الذي كان به الأفيون؟" وأنها انتهت من دفاعها إلى القول بأن مفاد هذه الأسئلة إما أن يكون الضابط المحقق قد أطلع على محضر آخر حرره ضابط المباحث وأثبت به أنه عثر على المخدر في الحجرة لا في حيازة الطاعنة, ثم مزق هذا المحضر واستبدل به غيره, وإما أن يكون المحقق قد علم من ضابط المباحث ورجاله قبل تحرير هذا الضابط لمحضره بالعثور على الأفيون في الحجرة لا في حيازة الطاعنة وأنه على كلا الحالين فقد قطعت أسئلة المحقق بأن المخدر إنما ضبط في الحجرة ولم يضبط في يد الطاعنة, وتقول الطاعنة إنه على الرغم من أهمية هذا الدفاع فإن المحكمة قد التفتت عنه وردت عليه بما لا يفنده.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى والأدلة التي استخلص منها ثبوتها قبل الطاعنة وقد أثبت في حقها أنها ما أن وقع بصرها على ضابط المباحث حتى دست يدها في صدرها وأخرجتها بسرعة إلا أن الضابط المذكور تمكن من الإمساك بيدها وضبط بها منديلا بداخله ثلاث قطع من الأفيون مغلفة بورق من السلفان الأبيض, ثم فتش الغرفة فلم يجد بها مخدرات, ثم تعرض لما تثيره الطاعنة من احتمال تمزيق ضابط المباحث لمحضر الضبط والتفتيش وتحريره آخر بدلا عنه ورد عليه بأن اختلاف أرقام القسائم لا يدل على وجود محاضر حررت ثم مزقت, ذلك أن اختلاف القسائم بلغ حوالي الخمسمائة فلا يعقل أن يكون التمزيق قد حصل في هذه القسائم كلها بعد تحريرها وأن الخلاف إنما يرجع إلى اختلاف مجموعات القسائم باختلاف الضباط القائمين بالتحقيق. ولما كان ذلك, وكان ما تثيره الطاعنة من ضبط المخدر بالغرفة لا في يدها قد بنته على تمزيق محضر الضبط واستبدال غيره به, وقد رد الحكم على هذا الاحتمال بما يفنده, وكان ما تقوله من احتمال علم الضابط المحقق من ضابط المباحث بعثوره على المخدر في الغرفة مردودا بما أورده الحكم من أدلة الثبوت على الطاعنة. لما كان كل ذلك, فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الوجه لا يكون في واقعة إلا جدلا موضوعيا, ومناقشة في أدلة الدعوى مما لا تقبل إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لكل ما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق