الصفحات

الأحد، 19 مارس 2023

الطعن 516 لسنة 29 ق جلسة 12 / 11 / 1964 مكتب فني 15 ج 3 ق 152 ص 1022

جلسة 12 من نوفمبر سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود توفيق إسماعيل، وبحضور السادة المستشارين: لطفي علي، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف.

--------------

(152)
الطعن رقم 516 لسنة 29 القضائية

(أ) عقد. آثار العقد". خلف. غير.
لا ينصرف أثر العقد إلى غير عاقديه وخلفائهم، ولا يمكن أن يرتب التزاماً في ذمة الغير ولو كان تابعاً لأحد المتعاقدين.
(ب) مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية المتبوع من أعمال تابعة".
مسئولية المتبوع من أعمال تابعة. قوامها تحقق مسئولية التابع بناء على خطأ واجب إثباته أو بناء على خطأ مفترض.
(جـ) التزام. "أوصاف الالتزام". تضامن. تعويض. مسئولية. "مسئولية تقصيرية". "مسئولية المتبوع من أعمال تابعة".
تضامن المسئولين في الالتزام بتعويض الضرر. مناطه أن تكون مسئوليتهم عن عمل غير مشروع. مثال.

---------------
1 - لا ينصرف أثر العقد إلى غير عاقديه وخلفائهم ولا يمكن أن يرتب التزاماً في ذمة الغير ولو كان تابعاًً لأحد المتعاقدين.
2 - لا يعرف القانون مسئولية التابع عن المتبوع وإنما هو قد قرر في المادة 174 من القانون المدني مسئولية المتبوع من أعمال تابعة غير المشروعة وهذه المسئولية مصدرها العمل غير المشروع وهي لا تقوم في حق المتبوع إلا حيث تتحقق مسئولية التابع بناء على خطأ واجب إثباته أو بناء على خطأ مفترض (1).
3 - لم يقرر القانون التضامن في الالتزام بتعويض الضرر إذا تعدد المسئولون عنه إلا عندما تكون مسئوليتهم عن عمل غير مشروع. وإذن فمتى كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بمساءلة الطاعنين "التابعين" عن الضرر الذي لحق المضرور على أن الوزارة التي يتبعها الطاعنان مسئولة عن الضرر مسئولية تعاقدية كما أنها مسئولة عن أعمالها بوصفهما تابعين لها مسئولية وصفها الحكم بأنها مسئولية التابع للمتبوع وأن من شأن هذه المسئولية أن تلتزم الوزارة والطاعنان بالتضامن بتعويض ذلك الضرر، فان الحكم المطعون فيه إذ رتب مسئولية الطاعنين على مجرد وجود تعاقد بين متبوعهما - وزارة التربية والتعليم - وبين المضرور وولي أمره يجعل الوزارة ملتزمة بتعويض الضرر الذي أصاب المضرور، ولم يكن الطاعنان طرفاً في هذا التعاقد، وعلى قيام التضامن بين الطاعنين وبين الوزارة دون أن يسجل عليهما وقوع أي خطأ شخصي من جانبهما ويبين ماهيته ونوعه، فإن هذا الحكم يكون قد بنى قضاءه بمسئولية الطاعنين على أساس فاسد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام بصفته ولياً شرعياً على ولده القاصر كمال الدعوى رقم 293 سنة 1957 مدني كلي شبين الكوم ضد الطاعنين ووزارة التربية والتعليم المطعون ضدها الثانية وطلب فيها إلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ 3000 ج على سبيل التعويض وقال في بيان هذه الدعوى أن مدرسة المساعي الإعدادية بشبين الكوم التي يدرس فيها ولده المذكور نظمت في يوم 5/ 4/ 1956 رحلة لتلاميذها لزيارة المحلة الكبرى وأشركت فيها ابنه هذا بغير علمه وقد عهدت إدارة المدرسة إلى الطاعنين المدرسين فيها بمهمة مصاحبة الطلبة والإشراف عليهم أثناء الرحلة غير أنهما قصرا في هذا الواجب ولم يلقيا بالاً لما تفرضه التعليمات ولوائح الوزارة على المشرفين على الرحلات من واجب المحافظة على الطلبة محافظة تامة فتركا ابنه الصغير السن يعبر من عربة إلى أخرى في القطار الذي كان يقل أفراد الرحلة في طريق عودتهم من المحلة إلى شبين الكوم مما نتج عن سقوطه تحت عجلات القطار وإصابته بإصابات جسيمة أدت إلى بتر ساعده وساقه اليسريين - ولهذا فقد أقام المطعون ضده بصفته الدعوى بطلب تعويضه عن الضرر الذي أصاب ولده وأسس مسئولية المدعى عليهم على وقوع خطأ شخصي من الطاعنين تسأل عنه الوزارة معهما بطريق التضامن مسئولية المتبوع من أعمال تابعه - دفع الطاعنان الدعوى بانتفاء الخطأ من جانبهما. كما دفعت الوزارة بأن مسئوليتها لا تقوم إلا حيث يثبت وقوع الخطأ من جانب تابعيها وأن هذا الخطأ منتف في الدعوى الحالية - وبتاريخ 31/ 3/ 1958 حكمت المحكمة الابتدائية بإلزام الطاعنين ووزارة التربية والتعليم (المطعون ضدها الثانية) متضامنين بأن يدفعوا للمطعون ضده الأول مبلغ ألف جنيه على سبيل التعويض. فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق الاستئناف أمام محكمة استئناف طنطا وقيد استئناف الوزارة برقم 196 سنة 8 ق واستئناف الطاعنين برقم 90 سنة 9 ق وبتاريخ 26/ 11/ 1959 حكمت المحكمة المذكورة برفض هذين الاستئنافين وبتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها رأيها بنقض الحكم - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 24/ 3/ 1963 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون، ذلك أنه أقام قضاءه بمساءلتهما عن الضرر الذي أصاب ابن المطعون ضده الأول على أساس المسئولية العقدية التي بناها على افتراض قيام عقد بين ولي أمر الطالب وبين المدرسة التي يدرس فيها يفرض على المدرسة التزاماً بأن ترد إليه ولده سالماً في نهاية الرحلة مع أن تطبيق أحكام المسئولية العقدية كان يقتضي بأنه إذا وقع إخلال بهذا الالتزام التعاقدي فلا يسأل عنه إلا الوزارة التي تتبعها المدرسة وذلك بوصفها المتعاقد مع ولي أمر الطالب. ولهذه الوزارة إذا شاءت أن ترجع بعد ذلك على الطاعنين بما يحكم به عليها من تعويض إذا ثبت إخلالهما بواجباتهما أثناء الرحلة وتقصيرهما في الإشراف على الطلبة المشتركين فيها. أما رجوع المضرور على الطاعنين اللذين لم تربطهما أية علاقة تعاقدية ولم يكونا طرفاً في العقد الذي افترض الحكم قيامه بينه وبين الوزارة. هذا الرجوع لا يكون إلا على أساس المسئولية التقصيرية والتي يلزم لتحققها أن يثبت المضرور وقوع الخطأ من جانب الطاعنين فإن فعل جاز مساءلة الوزارة عن خطأ الطاعنين مسئولية المتبوع من أعمال تابعة - لكن الحكم المطعون فيه بعد أن غير الأساس الذي أقام عليه المطعون ضده بصفته دعواه من المسئولية التقصيرية إلى المسئولية التعاقدية لم يتمشى مع أحكام هذه المسئولية إلى النهاية بل خلط بين أحكامها وأحكام المسئولية التقصيرية ولم يقصر قضاءه بالتعويض على الوزارة بوصفها المتعاقد مع ولي أمر المضرور بل جاوز ذلك إلى إلزام الطاعنين معها بالتضامن مع أن تضامن المسئولين عن الضرر لا يقوم إلا حيث تكون المسئولية عن عمل غير مشروع. ومن ثم فلم يكن للحكم أن يعتبر الطاعنين متضامنين مع الوزارة في التعويض ما دام قد انتهى إلى اعتبار المسئولية تعاقدية.
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أقام قضاءه بمساءلة الوزارة والطاعنين عن الضرر الذي لحق ابن المطعون ضده الأول على قوله "وبما أنه كان يمكن القول بعدم مسئولية الوزارة عن الحادث موضوع الدعوى لو أنه لم يحصل أثناء الرحلة. أما وقد حصل أثناء الرحلة فإن المسئولية في هذه الحالة تعتبر مسئولية تعاقدية ذلك لأن المدرسة بموجب ترتيبها أمر الرحلة لتلاميذها تكون قد التزمت قبلهم وقبل أهليتهم برعايتهم. وعلى ذلك فهي ضامنة سلامتهم وردهم إلى أهلهم سالمين ومن ثم فهي مسئولة عن كل ما يصيبهم في هذه الرحلة مسئولية تعاقدية تترتب عليها بمجرد إصابتهم وعليها هي يقع عبء إثبات عذرها من أن الحادث الذي حصل للتلميذ كان نتيجة لسبب أجنبي أي بقوة قاهرة أو بفعل التلميذ نفسه" وبعد أن نفي الحكم قيام القوة القاهرة ووقوع خطأ من المضرور مضى قائلاً "وبما أنه ترتيباً على ما تقدم تكون الوزارة مسئولة عن تعويض الضرر الحاصل للتلميذ بسبب إصابته......" ثم ختم الحكم أسبابه بقوله "أن طلب التضامن في محله لأن الوزارة مسئولة مسئولية تعاقدية قبل المدعي بصفته (المطعون ضده الأول) ومسئولة عن أعمال المدعى عليهما الأولين (الطاعنين) مسئولية المتبوع عن التابع" ولما استأنف الطاعنان هذا الحكم وتمسكا بانتفاء الخطأ من جانبهما وبأنه لا محل للقضاء عليهما بالتضامن ما دام الحكم قد اعتبر مسئولية الوزارة مسئولية عقدية وليست تقصيرية. رد الحكم المطعون فيه على هذا الدفاع بقوله "إنه يبين من أوراق الدعوى أن المسئولية التي أسست عليها محكمة أول درجة قضاءها هي المسئولية التعاقدية. كما أن الوزارة مسئولة عن أعمال المشرفين مسئولية التابع للمتبوع (كذا) ومن شأن هذه المسئولية أن يحكم على الوزارة وتابعها بالتعويض إذ أنه من المقرر في المسئولية عن الغير افتراض خطأ المسئول ابتداء لأن هذا الافتراض ملحوظ فيه فائدة المصاب وتهوين الأمر عليه في رجوعه على المسئول بالتعويض وهذا الافتراض بمثابة قرينة تكفي طالب التعويض مؤونة التعرض لنوع المراقبة التي أجراها المسئول عن سبب الضرر وبيان ما شابها من عيب أو نقص وتقوم رابطة التبعية ولو لم يكن المتبوع حراً في اختيار تابعه متى كانت عليه سلطة مطلقة في رقابته وتوجيهه" ثم أحال الحكم المطعون فيه بعد ذلك إلى أسباب الحكم الابتدائي في خصوص الاستئناف المرفوع من الطاعنين. ويبين من ذلك أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بمساءلة الطاعنين عن الضرر الذي لحق ابن المطعون ضده الأول على أن الوزارة التي يتبعها الطاعنان مسئولة عن هذا الضرر مسئولية تعاقدية كما أنها مسئولة عن أعمال الطاعنين بوصفهما تابعين لها مسئولية وصفها الحكم بأنها مسئولية التابع للمتبوع وأن من شأن هذه المسئولية أن تلتزم الوزارة والطاعنان بالتضامن بتعويض ذلك الضرر - ولما كان العقد الذي قرر الحكم قيامه بين الوزارة من جهة وبين المضرور وولي أمره لا ينصرف أثره إلى غير عاقديه وخلفائهم ولا يمكن أن يرتب التزاماً في ذمة الغير ولو كان تابعاً لأحد المتعاقدين. وكان القانون لا يعرف مسئولية التابع عن المتبوع وإنما هو قد قرر في المادة 174 من القانون المدني مسئولية المتبوع عن أعمال تابعة غير المشروعة وهذه المسئولية مصدرها العمل غير المشروع وهي لا تقوم في حق المتبوع إلا حيث تتحقق مسئولية التابع بناء على خطأ واجب إثباته أو بناء على خطأ مفترض. وكان القانون أيضاً لم يقرر التضامن في الالتزام بتعويض الضرر إذا ما تعدد المسئولون عنه إلا عندما تكون مسئوليتهم عن عمل غير مشروع - لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه إذ رتب مسئولية الطاعنين على مجرد وجود تعاقد بين متبوعهما - وزارة التربية والتعليم - وبين المضرور وولي أمره يجعل الوزارة ملتزمة بتعويض الضرر الذي أصاب المضرور، ولم يكن الطاعنان طرفاً في هذا التعاقد، وعلى قيام التضامن بين الطاعنين وبين الوزارة دون أن يسجل عليهما وقوع أي خطأ شخصي من جانبهما ويبين ماهيته ونوعه، فإن هذا الحكم يكون قد بنى قضاءه بمسئولية الطاعنين على أساس فاسد. ويتعين لذلك نقضه بالنسبة لهما دون حاجة لبحث باقي ما تضمنته أسباب الطعن.


(1) راجع نقض 16/ 5/ 1963 طعن 178 س 28 ق السنة 14 ص 689.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق