الصفحات

السبت، 18 مارس 2023

الطعن 498 لسنة 29 ق جلسة 7 / 7 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 144 ص 956

جلسة 7 من يوليه سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ محمود القاضي، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف مرسي، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

-------------

(144)
الطعن رقم 498 لسنة 29 القضائية

(أ) نقض "المصلحة في الطعن".
يكفي لتوافر المصلحة في الطعن قيامها وقت صدور الحكم المطعون فيه. لا يحول دون قبول الطعن زوالها بعد ذلك.
(ب) عقد. "عقد إداري". قرار إداري. اختصاص. "الاختصاص المتعلق بالولاية".
لم يعرف القانون العقود الإدارية أو القرارات الإدارية ولم يبين الخصائص المميزة لها. على المحاكم إعطاء هذه العقود والقرارات وصفها القانوني توصلاً إلى تحديد اختصاصها في الفصل في النزاع المطروح عليها أو في الإجراء الوقتي المطلوب اتخاذه.
(ج) عقد. "تكييفه". "عقد إداري".
العقود التي تبرمها الإدارة مع الأفراد. اعتبارها عقوداً إدارية. شرطه، تعلقها بتسيير مرفق عام، وإظهار الإدارة نيتها في الأخذ في شأنها بأسلوب القانون العام بتضمينها شروطاً استثنائية وغير مألوفة تنأى بها عن أسلوب القانون الخاص أو تحيل فيها على اللوائح الخاصة بها.

---------------
1 - يكفي لتحقق المصلحة في الطعن قيامها وقت صدور الحكم المطعون فيه، فلا يحول دون قبول الطعن زوالها بعد ذلك (1).
2 - إذا كان القانون لم يعرف العقود الإدارية أو القرارات الإدارية ولم يبين الخصائص التي تميزها والتي يهتدي بها في القول بتوفر الشروط اللازمة لها ولحصانتها من تعرض السلطة القضائية لها بتعطيل أو تأويل، فإن من وظيفة المحاكم أن تعطي هذه العقود وتلك القرارات وصفها القانوني على هدى حكمة التشريع ومبدأ الفصل بين السلطات وحماية الأفراد وحقوقهم وذلك توصلاً إلى تحديد اختصاصها للفصل في النزاع المطروح عليها أو في الإجراء الوقتي المطلوب اتخاذه (2).
3 - العقود التي تبرمها الإدارة مع الأفراد لا تعتبر عقوداً إدارية إلا إذا تعلقت بتسيير مرفق عام وأظهرت الإدارة نيتها في الأخذ في شأنها بأسلوب القانون العام بأن تضمن عقدها شروطاً استثنائية وغير مألوفة تنأى بها عن أسلوب القانون الخاص أو تحيل فيها الإدارة على اللوائح الخاصة بها (3).


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن وزارة الحربية والبحرية (سلاح المركبات) أعلنت عن بيع أدوات ومهمات رأت الاستغناء عنها وذلك بطريق المزاد وكان من بين هذه المهمات اللوطان رقما 2 و5 المشتملان على أصناف قطع جديدة وصالحة للاستعمال في السيارات، وحددت لبيعها يوم 28/ 1/ 1959، وتقدم المطعون عليه هو وآخرون للمزايدة فيها فرسا عليه العطاء في الصفقة المذكورة بمبلغ 7500 ج قام بدفعه كما قام بدفع رسوم الدلالة والملحقات الأخرى غير أن الوزارة امتنعت عن تسليمه مارسا مزاده عليه فوجه إنذاراً في 29/ 4/ 1959 إلى مدير السلاح يطالبه بالتسليم منها إلى الضرر الذي يلحقه بسبب تقلب الأسعار وارتباطه بشأن الصفقة مع آخرين، ثم أقام الدعوى رقم 6776 سنة 1959 مستعجل مصر ضد الطاعن وضد مدير سلاح المركبات طلب فيها الحكم بصفة مستعجلة بتسليم الأصناف التي رسا عليه مزادها في 28/ 1/ 1959 ودفعت وزارة الحربية بعدم اختصاص القضاة المستعجل لأن البيع غير معين بالذات وأصدرت محكمة الأمور المستعجلة حكمها في 26 أغسطس سنة 1959: أولاً - برفض الدفع بعدم اختصاص القضاء المستعجل وباختصاصه بنظر الدعوى. ثانياً - وبصفة مستعجلة بتسليم المدعي (المطعون عليه) البضاعة التي بالمخازن الرئيسية لسلاح المركبات بالها كستب والتي كانت موضوع مزاد يوم 28/ 1/ 1959 - استأنفت وزارة الحربية هذا الحكم أمام محكمة القاهرة الابتدائية بهيئة استئنافية وقيد استئنافها برقم 1371 سنة 1959 س القاهرة وأثارت في صحيفة الاستئناف دفعاً جديداً، بعدم اختصاص المحاكم لأن النزاع يدور حول عقد إداري يخرج عن اختصاص المحاكم المدنية وعلى فرض أن النزاع لا يتعلق بعقد إداري فثمة قرار إداري أصدره رئيس هيئة الإمدادات والتموين بإلغاء المزاد وإجراء مزايدة جديدة، وأن القضاء بالتسليم فيه تعرض لذلك القرار بالتعطيل فضلاً عن مساسه بأصل الحق - وأشارت الوزارة الطاعنة في مذكرتها إلى أن المزاد لم يتم طبقاً للائحة المنقصات والمزادات الصادر بها القرار الوزاري رقم 542 لسنة 1957 - وقد أصدرت المحكمة الاستئنافية حكمها في 9/ 11/ 1959 بتأييد الحكم المستأنف وبنت قضاءها على أن المزايدة تمت بإجراءات صحيحة ومطابقة للقانون وأن عقد البيع الذي انعقد نتيجة لهذه المزايدة هو عقد مدني ينطبق عليه حكم المادة 99 من القانون المدني وليس عقداً إدارياً فلا يقبل بعد انعقاده تدخلاً من جهة الإدارة ولا يرد عليه قرار إداري من شأنه أن يمس ملكية المنقولات التي انتقلت إلى الراسي عليه المزاد وتعلق بها حقه - طعن وزير الحربية في هذا الحكم بطريق النقض بتقرير مؤرخ في 8 من ديسمبر سنة 1959 وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وأمامها تمسكت النيابة بمذكرتها المتضمنة طلب نقض الحكم وأصدرت دائرة الفحص قرارها في 16/ 4/ 1963 بإحالة الطعن إلى هذه الدائر وبالجلسة المحددة لنظر الطعن أصرت النيابة على رأيها السابق.
وحيث إن المطعون عليه دفع بعدم قبول الطعن لانعدام المصلحة فيه - ذلك أنه بعد قضاء هذه المحكمة برفض طلب وقف التنفيذ اختار الطاعن تسليم البضاعة إليه متخلياً بذلك عن متابعة إجراءات إعادة طرحها في المزاد العلني، كما أنه - المطعون عليه - قد تصرف في البضاعة فلم يعد محل لمزايدة جديدة.
وحيث إن هذا الدفع مردود بأنه يكفي لتحقق المصلحة في الطعن قيامها وقت صدور الحكم المطعون فيه فلا يحول دون قبول الطعن زوالها بعد ذلك طبقاً لما جرى به قضاء هذه المحكمة.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد حاصله أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم الاختصاص على أن من حق القضاء المستعجل فحص الأمر الإداري لبحث ما إذا كانت شروطه متوافرة فإن تبين له أن الإدارة جاوزت سلطانها واتخذت إجراء لا يطابق القانون اعتبر العمل المترتب على هذا التصرف باطلاً ويتعين محو أثره باعتباره عملاً عدوانياً يعدم القرار الإداري، وقد سجل الحكم المطعون فيه أن إجراءات البيع وقعت صحيحة طبقاً للقوانين واللوائح ورفعت لجنة البت إجراءاتها إلى مدير سلاح المركبات للتصديق عليها وتم التصديق ورتب الحكم على ذلك أن خطاب رئيس هيئة الإمدادات والتموين في 11/ 3/ 1959 بتأجيل النظر في اعتماد إجراءات البيع بالمزاد لحين البت في إجراءات مجلس التحقيق وكذلك خطابه المؤرخ في 10 أغسطس سنة 1959 بإلغاء المزاد الأول وعمل مزايدة جديدة تراعى فيها جميع اللوائح والتعليمات بفرض انطوائهما على قرارات إدارية فهي قرارات منعدمة لأنها تناولت منقولات انتقلت ملكيتها للمطعون عليها وللقضاء المستعجل أن يدرأ الخطر الناجم عنها - ويرى الطاعن أن هذا الذي قرره الحكم خطأ في القانون ذلك أن المشرع رسم أحكام المزايدات والمناقصات في القانون رقم 236 لسنة 1954 ولائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بالقرار رقم 542 لسنة 1957 وحددت هذه اللائحة الجهات الإدارية التي تقرر إجراء المزايدة والتي تتولى إجراءاتها وتلك التي تبت في نتيجتها وتتولى إبرام العقود الخاصة بما تسفر عنه إجراءات المزايدة أو المناقصة - وتقضي المادتان 66، 151 منها بأن لجنة البت في المناقصات هي ذات لجنة البت في المزايدات وهي تشكل من موظفين معينين وفنيين في المصالح التي ترغب في البيع والشراء بحيث إذا شكلت اللجنة من غير هؤلاء كان تشكيلها باطلاً وقراراتها معدومة الأثر - وأضافت الوزارة أن المادة السابعة من القانون رقم 236 لسنة 1954 تجيز لرئيس المصلحة إلغاء قرار المفاوضة ولا شبهة في أن له هذا الحق بالنسبة للمزاد طبقاً للمادة 11 لأنه صاحب السلطة في إبرام العقود مع من يرسو عليه المزاد أو المناقصة فله بالتالي أن يلغي المناقصة وأن يمتنع عن إبرام العقد إذا شاب الإجراءات غش أو تدليس أو كانت اللجنة مشكلة تشكيلاً باطلاً ولا معقب عليه في ذلك إلا من محكمة القضاء الإداري - أما المحاكم المدنية فلا تملك التعرض لهذه القرارات بإلغاء أو تأويل - ولا يجدي الحكم ما تعلل به من أن القضاء المستعجل يمحو الأثر المترتب على تصرفات الإدارة إذا جاوزت سلطتها أو خالفت القوانين واللوائح ذلك أن المادة 8/ 6 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 تجعل المحاكم الإدارية - دون غيرها - المختصة بذلك أياً كان سبب الإلغاء - وإذ قضى الحكم المطعون فيه بإلغاء القرارين الصادرين من رئيس هيئة الإمدادات والتموين بالجيش اللذين تضمنهما خطابا 11 مارس و10 أغسطس سنة 1959 تأسيساً على أن قائد سلاح المركبات قد اعتمد إجراءات لجنة البت فانتقلت بذلك ملكية المبيعات إلى المطعون عليه ورتب على ذلك بطلان القرارين المتقدمين لمساسهما بملكية المطعون عليه - إذ جري الحكم بذلك فإنه قد جاوز اختصاصه بتأويله القرارين ووقفه تنفيذهما - ولا محل لتطبيق أحكام القانون المدني في انتقال الملكية بطريق المزاد طبقاً للمادة 99 ذلك أن القانون رقم 236 لسنة 1954 ولائحة المناقصات والمزايدات هما الواجبا التطبيق وحدهما في كافة ما تجريه الحكومة من بيع أو شراء - ولما كان الثابت من الحكم المطعون فيه أن جهة الإدارة لم توقع عقداً مع المطعون عليه ببيع الأشياء الراسي علنه مزادها وأن كل ما ينسبه الحكم إلى جهة الإدارة أن رئيس سلاح المركبات قد اعتمد إجراءات لجنة البت واتخذ الحكم من ذلك سنداً لتقرير اختصاصه بنظر الدعوى وذهب إلى مناقشة قراري رئيس هيئة الإمدادات فتأولهما بأنهما قد مسا ملكية المطعون عليه في المهمات التي رسا مزادها عليه وخلص من ذلك إلى وقف تنفيذ هذين القرارين وتسليم المهمات إلى المطعون عليه فإنه يكون قد خالف قواعد الاختصاص الوظيفي وكان يتعين عليه القضاء بعدم الاختصاص تاركاً لجهة القضاء الإداري الكلمة في هذا الشأن.
وحيث إنه يبين من مطالعة حكم قاضي الأمور المستعجلة الذي أحال الحكم المطعون فيه إلى أسبابه أنه بني قضاءه على قوله: "وحيث إن الذي تستظهره المحكمة من أوراق الدعوى ودفاع الطرفين أن سلاح المركبات أعلن عن بيع صفقات وحدد موعداً لكل صفقة ومكانها وموضوعها - ولم يضع في ذلك الإعلان أية شروط للمزايدة بل أطلقها من كل قيد وقد سدد المدعي ثمن اللوطات المبيعة في نفس اليوم بالها كستب ومصاريف الدلالة - وهذا يدل على أن مزاد ذلك اليوم قد رسا على المدعي وأنه قام بسداد ثمنه وبذلك يكون العقد قد تم بينه وبين مدير سلاح المركبات إعمالاً لحكم المادة 99 مدني ومقتضى ذلك أن البضاعة موضوع المزاد تنتقل ملكيتها إلى المدعي ويكون من حقه استلامها طالما أن تقصيراً ما لم ينسب إليه في القيام بالتزاماته - لما كان ذلك، وكان المدعى عليهما لم يثيرا أيه منازعة في إجراءات المزاد أو شروطه وكانت البضاعة المراد تسليمها معينة بذاتها من تحديد مكان وجودها وموعد بيعها فإنه يتعين القضاء بتسليمها". ولما كان القانون لم يعرف العقود الإدارية أو القرارات الإدارية ولم يبين الخصائص التي تميزها والتي يهتدي بها في القول بتوفر الشروط اللازمة لها ولحصانتها وصيانتها من تعرض السلطة القضائية لها بتعطيل أو تأويل فإن من وظيفة المحاكم أن تعطي هذه العقود وتلك القرارات وصفها القانوني على هدي حكمة التشريع ومبدأ الفصل بين السلطات وحماية الأفراد وحقوقهم وذلك توصلاً إلى تحديد اختصاصها للفصل في النزاع المطروح عليها أو في الإجراء الوقتي المطلوب اتخاذه - ولما كانت العقود التي تبرمها الإدارة مع الأفراد لا تعتبر عقوداًَ إداريه إلا إذا تعلقت بتسيير مرفق عام وأظهرت الإدارة نيتها في الأخذ في شأنها بأسلوب القانون العام بأن تضمن عقدها شروطاً استثنائية وغير مألوفة تنأى بها عن أسلوب القانون الخاص أو تحيل فيها الإدارة على اللوائح الخاصة بها - وكان واضحاً من حكم قاضي الأمور المستعجلة الذي أخذ الحكم المطعون فيه بأسبابه أن الوزارة لم تضع في نشرة البيع التي أعلنت فيها عن بيع مخلفاتها أية شروط للمزايدة بل أطلقتها من كل قيد، ولم تحل فيه الوزارة على شروط لائحة المناقصات والمزايدات رقم 542 لسنة 1956 وكانت الوزارة الطاعنة لم تقدم إلى محكمة النقض ما يفيد تقديمها إلى محكمة الموضوع الدليل على أنها ضمنت إجراءات المزايدة شروطاً غير مألوفة في القانون الخاص أو أنها اشترطت التزام المزايدين بشروط وإجراءات اللائحة المتقدمة الذكر - تلك الشروط والإجراءات التي هي في حل من التخلي عنها كلها أو بعضها إذا بدا لها عدم ملاءمتها لمصلحة المزايدة - فإن الحكم المطعون فيه وقد انتهى إلى أن علاقة المطعون عليه بالوزارة يحكمها القانون الخاص وخلص من تطبيقه لأحكام هذا القانون إلى أن العقد قد تم بإرساء المزاد والتصديق عليه من الجهة التي تملك إرساءه - ولم يعتد بالقرارين الصادرين بعد ذلك من رئيس هيئة الإمدادات والتموين بتأجيل اعتماد المزاد ثم بإلغائه فإن الحكم لا يكون مجاوزاً حدود ولايته وبالتالي يكون الطعن عليه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.


(1) راجع نقض 7/ 3/ 1963 الطعن 16 س 28 ق السنة 14 ص 288.
(2) راجع نقض 28/ 12/ 1944 الطعن رقم 28 س 14 ق مجموعة 25 سنة ص 133.
(3) راجع نقض 6/ 2/ 1964 الطعن رقم 253 س 29 ق السنة 15 ص 213.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق