الصفحات

الثلاثاء، 21 مارس 2023

الطعن 489 لسنة 35 ق جلسة 26 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 ق 53 ص 329

جلسة 26 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: الدكتور محمد حافظ هريدي، والسيد عبد المنعم الصراف، وسليم راشد أبو زيد، وعلي عبد الرحمن.

---------------

(53)
الطعن رقم 489 لسنة 35 القضائية

وكالة. "تعديل الأجر المتفق عليه". محكمة الموضوع. "سلطتها في تقدير أجر الوكالة". حكم. "عيوب التدليل". "قصور". "ما يعد كذلك". عقد.
سلطة قاضي الموضوع في تعديل أجر الوكالة المتفق عليه. استثناء من قاعدة الاتفاق شريعة المتعاقدين. مناط استعمال هذه السلطة. وجوب أن يعرض القاضي عند تعديل الأجر المتفق عليه للظروف والمؤثرات التي اقتضت ذلك.

---------------
إنه وإن كان لقاضي الموضوع بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 709 من القانون المدني الحق في تعديل أجر الوكالة المتفق عليه سواء بتخفيضه أو بالزيادة عليه إلى الحد الذي يجعله مناسباً، إلا أنه لما كان هذا الحق هو استثناء من القاعدة العامة التي تقضي بأن الاتفاق شريعة المتعاقدين فإنه يشترط لاستعماله أن تكون هناك ظروف قد أثرت في الموكل تأثيراً حمله على التعهد للوكيل بمقابل يزيد كثيراً عما يقتضيه الحال أو أثرت في الوكيل فجعلته يقبل أجراً بخساً لا يتناسب مع العمل الذي أسند إليه أو كان الطرفان قد أخطأ في تقدير قيمة العمل موضوع الوكالة قبل تنفيذه، بحيث إذا انتفت هذه الاعتبارات تعين احترام إرادة المتعاقدين واتباع القاعدة العامة التي تقضي بأن ما اتفق عليه الخصوم يكون ملزماً لهم، وهو ما يوجب على القاضي إذا ما رأى تعديل الأجر المتفق عليه بالزيادة أو النقص أن يعرض في حكمه للظروف والمؤثرات التي أحاطت بالتعاقد وأدت إلى الخطأ في الاتفاق على مقابل غير مناسب حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة ما إذا كان إطراحه لإرادة المتعاقدين يستند إلى اعتبارات مقبولة أم لا، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد خفض مقدار أجر الوكالة دون أن يبين وجه الخطأ في مقدار الأتعاب المتفق عليها فإنه يكون مشوباً بالقصور ويستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الأستاذين أحمد محسن المحاسب وعبد السلام محمد إسماعيل المحامي أقاما الدعوى رقم 3326 سنة 1962 مدني كلي القاهرة ضد الأستاذ عمر عبد الحكيم مرزوق وآخرين، يطلبان الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا لهما متضامنين خمسة آلاف جنيهاً، تأسيساً على أنه عقب وفاة المرحومة منيرة شعراوي التي قدرت تركتها بمبلغ 170321 ج و440 م تعاقد معهما ورثتها المدعى عليهم في أول مارس سنة 1961 على أن يباشرا أمام لجنة طعن ضرائب القاهرة طعنهم على تقدير مأمورية ضرائب الجيزة لضريبة التركات ورسم الأيلولة على التركة التي آلت إليهم، مقابل أتعاب قدرها سبعة آلاف جنيهاً يدفعونها بالتضامن فيما بينهم منها خمسة آلاف جنيه تدفع عند صدور قرار لجنة الطعن بشرط ألا تتجاوز الضريبة التي تفرض على التركة مبلغ عشرة آلاف جنيهاً أما الباقي وقدره ألفا جنيه فتدفع عندما يصبح قرار اللجنة نهائياً، وأنهما باشرا مهمتهما وبذلا جهدهما حتى صدر قرار لجنة الطعن بتقدير خصوم التركة بما يزيد على أصولها بمبلغ 41958 ج و830 م وهو ما يعني عدم خضوع التركة لأية ضريبة، وإذ طالبا الورثة بتنفيذ اتفاقهم والوفاء لهما بمبلغ الخمسة آلاف جنيه وامتنعوا، فقد أقاما الدعوى بطلباتهما سالفة البيان، ورد الورثة بأن مصلحة الضرائب قد طعنت على قرار لجنة الطعن ولم يفصل في هذا الطعن بعد وأن المدعيين لم يبذلا جهداً يذكر وهما من الناشئين في مهنتهما وأنه لما كانت أتعاب الوكيل تخضع لتقدير القاضي فإنهم يرون أن مبلغ مائة جنيه لكل من الوكيلين فيه الكفاية وطلبا رفض دعواهما. وبتاريخ 2 مايو سنة 1964 حكمت المحكمة بإلزام الورثة المذكورين بأن يدفعوا للمدعين ألف جنيه ورفضت الدعوى فيما عدا ذلك. استأنف الورثة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى كما استأنفه المحكوم لهما طالبين تعديله والقضاء لهما بقيمة ما ورد بالاتفاق وقدره خمسة آلاف جنيه وقيد الاستئناف الأول برقم 1303 سنة 81 ق وقيد الثاني برقم 1611 سنة 81 ق وبعد أن أمرت المحكمة بضم الاستئنافين حكمت بتاريخ 17 مايو سنة 1965 في الاستئناف الأول رقم 1303 سنة 81 ق بتعديل ما قضى به الحكم المستأنف من أتعاب للوكيلين إلى مبلغ خمسين جنيهاً وفي الاستئناف الثاني رقم 1611 سنة 81 ق برفضه، وطعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث صمم الطاعنان على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون ضدهم ولم يبدوا دفاعاً. وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت رفض الطعن.
وحيث إن مما ينعاه الطاعنان في السبب الأول على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولان إنهما تمسكا لدى محكمة أول درجة بالاتفاق المعقود بينهما وبين المطعون عليهم، غير أن محكمة أول درجة هبطت بمقدار مبلغ الأتعاب المتفق عليه من خمسة آلاف جنيه إلى ألف جنيه قولاً منها في حكمها أنها استظهرت مقدار الجهد الذي بذله الوكيلان سواء بحضورهما جلسات لجنة طعن الضرائب أو تقديمهما مذكرتين بدفاع موكليهما مراعية في ذلك أيضاً مركز الموكلين وثروتهم ومركز الوكيلين وسط مهنتهما فلما استأنفا هذا الحكم لدى محكمة الاستئناف عابا على هذا الحكم قصوره في بيان أسباب خروجه على الاتفاق، غير أن محكمة الاستئناف عدلت الحكم الابتدائي إلى مبلغ خمسين جنيهاً دون أن تذكر أسباب عدولها عن الاتفاق فشاب بذلك حكمها القصور.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كان لقاضي الموضوع بمقتضى الفقرة الثانية من المادة 709 من القانون المدني الحق في تعديل أجر الوكالة المتفق عليه سواء بتخفيضه أو بالزيادة عليه إلى الحد الذي يجعله مناسباً، إلا أنه لما كان هذا الحق هو استثناء من القاعدة العامة التي تقضي بأن الاتفاق شريعة المتعاقدين فإنه يشترط لاستعماله أن تكون هناك ظروف قد أثرت في الموكل تأثيراً حمله على التعهد للوكيل بمقابل يزيد كثيراً عما يقتضيه الحال، أو أثرت في الوكيل فجعلته يقبل أجراً بخساً لا يتناسب مع العمل الذي أسند إليه، أو كان الطرفان قد أخطأ في تقدير قيمة العمل موضوع الوكالة قبل تنفيذه، بحيث إذا انتفت هذه الاعتبارات تعين احترام إرادة المتعاقدين واتباع القاعدة العامة التي تقضي بأن ما اتفق عليه الخصوم يكون ملزماً لهم، وهو ما يوجب على القاضي إذا ما رأى تعديل الأجر المتفق عليه بالزيادة أو بالنقص، أن يعرض في حكمه للظروف والمؤثرات التي أحاطت بالتعاقد وأدت إلى الخطأ في الاتفاق على مقابل غير مناسب، حتى يتسنى لمحكمة النقض مراقبة ما إذا كان إطراحه لإرادة المتعاقدين يستند إلى اعتبارات مقبولة أم لا. إذ كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن المطعون عليهم قد اتفقوا مع الطاعنين على مبلغ خمسة آلاف جنيه كأجر للوكالة وكان الحكم المطعون فيه قد هبط بهذا الأجر إلى خمسين جنيهاً، دون أن يبين وجه الخطأ في مقدار الأتعاب المتفق عليها فإنه يكون مشوباً بقصور يبطله ويستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي الأوجه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق