الصفحات

الجمعة، 17 مارس 2023

الطعن 484 لسنة 29 ق جلسة 28 / 5 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 119 ص 758

جلسة 28 من مايو سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف مرسي، ولطفي علي، وإبراهيم الجافي، وصبري فرحات.

-----------------

(119)
الطعن رقم 484 لسنة 29 القضائية

(أ) ارتفاق. "حقوق الارتفاق". "التنازل عنها". محكمة الموضوع. حقوق عينية.
التنازل عن حقوق الارتفاق كما يكون صريحاً يجوز أن يكون ضمنياً. استخلاص التنازل الضمني مسألة موضوعية تستقل بها محكمة الموضوع.
(ب) ارتفاق. "حقوق الارتفاق". "التنازل عنها". حق. حقوق عينية. تسجيل.
التنازل عن حقوق الارتفاق صراحة أو ضمناً. أثره، إلزامه المتنازل بما يمنعه من توجيه طلبات إلى المتنازل إليه تنطوي على إنكار لهذا التنازل. لا يمنع من ذلك عدم تسجيل التنازل.

----------------
1 - التنازل عن حقوق الارتفاق كما يكون صريحاً يجوز أن يكون ضمنياً إذ القانون لم يشترط لتحققه صورة معينة. فمتى كانت المحكمة قد استخلصت هذا التنازل الضمني استخلاصاً سائغاً من مقدمات تؤدى إلى النتيجة التي انتهت إليها فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بتقدير موضوعي من سلطتها المطلقة.
2 - التنازل سواء كان صريحاً أو ضمنياً يعتبر ملزماً للمتنازل بما يمنعه من توجيه طلبات إلى المتنازل إليه تنطوي على إنكار لهذا التنازل. ولا يغير من ذلك أن يكون التنازل مما يجب تسجيله إذ لا يترتب على عدم التسجيل سوى تراخي زوال الحق العيني المتنازل عنه. فإذا كان الطاعنان قد أقاما دعواهما بطلب تعويض مخالفة المطعون عليه لقيود البناء وذلك بعد أن كانا قد تنازلا عن هذه القيود ضمنياً - على ما حصله الحكم المطعون فيه - مما يعتبر معه هذا الطلب إنكاراً منهما للتنازل الصادر من جانبهما، فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتد بهذا التنازل ورتب عليه آثاره لا يكون مخالفاً للقانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الأوراق - في أن الطاعنين أقاما ضد المطعون عليه الدعوى رقم 3731 سنة 1949 مدني كلي القاهرة طالبين القضاء بإلزامه أن يدفع لهما على سبيل التعويض مبلغ 2000 ج وقالا بياناً لدعواهما إنه بعقد مسجل تاريخه 8 من إبريل سنة 1920 اشتري مورثهما المرحوم حبيب لطف الله من شركة الفنادق المصرية ما كانت تملكه من أرض في منطقة الجزيرة بالقاهرة ونص في العقد على أن الشركة البائعة تحول له كل ما لها من حقوق قبل المشترين منها وبتاريخ 6 من يونيو سنة 1933 اشتري المطعون عليه قطعة من تلك الأرض وقد اشترطت الشركة البائعة في عقد البيع الصادر للمشترية منها مباشرة - السيدة عديلة نبراوى ألا تبني على الأرض التي اشترتها سوى منزلاً واحداً لا تقام فيه محال للتجارة ولا يقام البناء على مسافة تقل عن متر عن حافة الطريق وألا تزيد مساحة ما يبني على ثلثي مساحة الأرض وألا يتجاوز ارتفاعه خمسة عشر متراً ولما كان المطعون عليه قد خالف هذه القيود التي وضعتها المالكة الأصلية فقد قام الطاعنان بإنذاره بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1938 بالتزام تلك القيود ولكنه لم يفعل مما حدا بالطاعنين إلى مطالبته بالتعويض بالدعوى الحالية، دفع المطعون عليه الدعوى بأنه أقام بناءه بحالته في سنة 1937 وبأن أفراد أسرة لطف الله ومنهم الطاعنان - قد تصرفوا بالبيع في قطع كثيرة من أراضي منطقة الجزيرة ولم يراع المشترون منهم قيود البناء التي فرضتها شركة الفنادق - ولم يعترض الطاعنان أو أفراد أسرتهما على تلك المخالفة مما يفيد تنازلهما عن تلك القيود كما أن شركة الفنادق نفسها قد تنازلت عن هذا الحق بدليل إقامتها أبنية لم تلتزم فيها تلك القيود وتصريحها لبعض المشترين منها بمخالفتها. وبجلسة 11 من مارس سنة 1954. حكمت المحكمة بندب مكتب الخبراء بوزارة العدل لمعاينة العقار المملوك للمطعون عليه وبيان ما فيه من مخالفات لقيود البناء وما إذا كانت تلك المخالفات قائمة في عقارات أخرى من عدمه. وبعد أن قدم مكتب الخبراء تقريره حكمت محكمة الدرجة الأولى بجلسة 28 من يناير سنة 1957 برفض الدعوى. استأنف الطاعنان هذا الحكم بالاستئناف رقم 764 سنة 75 ق القاهرة وبجلسة 24 من أكتوبر سنة 1959 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض ورأت النيابة في مذكرتها رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 30 من ديسمبر سنة 1962 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين يتحصل الوجه الأول من السبب الأول في مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون وقصوره في التسبيب. وفي بيان ذلك يقول الطاعنان إن الحكم أقام قضاءه برفض دعواهما على أنهما تنازلا تنازلاً ضمنياً عن حقوق الارتفاق المقررة على البناء الذي أقامه المطعون عليه بينما لم يصدر منهما تنازل عن هذه الحقوق لا صراحة ولا ضمناً ولا يستفاد التنازل الضمني إلا من أعمال تدل عليه دلالة قاطعة ولا يعد السكوت عن مباشرة الحق نزولاً ضمنياً عنه لأن الحق لا يسقط إلا بعدم الاستعمال خمس عشرة سنة وقد أنذر الطاعنان المطعون عليه في 31 من ديسمبر سنة 1938 بوجوب مراعاة قيود البناء التي وضعتها شركة الفنادق التي حل محلها ولم يذكر الحكم المطعون فيه الأعمال التي قاما بها والتي تدل دلالة قاطعة على نزولهما عن حقوق الارتفاق، ويقول الطاعنان في بيان السبب الثاني إن الحكم المطعون فيه إذ قرر أن للمطعون عليه عذراً في عدم التقيد بحقوق الارتفاق دون أن يفصح عن هذا العذر فإنه يكون قاصر البيان.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن كيف القيود والاشتراطات المقررة على عقار المطعون عليه بأنها حقوق ارتفاق روعي في التزامها منفعة جميع العقارات الكائنة بمنطقة الجزيرة والتي كان مملوكة أصلاً لشركة الفنادق المصرية، بعد أن كيف الحكم تلك القيود والاشتراطات بهذا التكييف لم يؤسس قضاءه برفض دعوى الطاعنين على إهمالهما لحقهما وعدم استعمالهما إياه بما يؤدى إلى سقوطه بل أسسه على أنهما تنازلا عن هذا الحق وعلى أن المطعون عليه كان معذوراً إذا ما اعتقد - للمخالفات التي ارتكبها الطاعنان وسلفهما - شركة الفنادق المصرية - وغالبية المشترين منها قيام هذا التنازل وزوال تلك الحقوق وأنه أقام قضاءه في هذا الخصوص على ما قرره من أن "الأصل أن سكوت صاحب العقار المرتفق عن إخلال صاحب العقار المرتفق به بالتزامه لا يفيد معنى التنازل الضمني عن الارتفاق، ولكن الأمر في الدعوى الحالية ليس مجرد سكوت من مالك عقار مرتفق على إخلال ملتزم بمقتضى ارتفاق على عقاره ولكن الأمر في الدعوى الحالية إخلال متبادل بهذا الارتفاق المقرر لمصلحة جميع العقارات وقد شمل الإخلال به معظم هذه العقارات وصار طرازاً غالباً يبدو معه الأمر كأن الإخلال بذلك الالتزام المقرر لإقامة المباني سيما المستحدثه في ذلك الحي بحيث فقد طابعه الذي أريد له لفرض تلك القيود على مبانيه - حالة مسوغة للاعتقاد بسقوط هذه القيود عن تلك المباني. ولا شك أن ذلك الإخلال بالارتفاق على تلك الصورة المتبادلة بين معظم الملاك المتواترة على مدى الزمن يكفي للدلالة القاطعة على معنى نزول أصحاب حق الارتفاق عنه كما يكفي ذلك الإخلال الغالب بمقتضى الارتفاق لجعل التقيد به فاقد السبب وما كان هذا السبب إلا لتقييد جميع الملاك به سعياً وراء تكوين حي ذي طابع خاص وهو ما فقده منذ أصبحت مخالفة تلك القيود طرازاً غالباً في مبانيه سيما الحديثة منها وهذا عندما كانت عليه الحال عندما أقام المستأنف عليه - المطعون عليه - عمارته وقد جاء بالتقرير المقدم في الدعوى أنه خالف القيود المفروضة بعقد الشراء الأصلي للأرض التي أقيم عليها والصادر أصلاً بتاريخ 13 فبراير سنة 1902 من شركة الفنادق المصرية إلى السيدة عديلة النبراوى غير أن العقارات المجاورة مباشرة لذلك العقار وكذلك الواقعة في نفس المنطقة فقد تم أغلبها مخالفاً للقيود الموجودة في العقود وقد شملت هذه المخالفة أغلب العقارات المقامة على قطع من الأراضي كانت مملوكة في الماضي للمدعيين - الطاعنين أو لمورثهما أو لشركة الفنادق المصرية وأن مجموع قطع الأراضي في حي الجزيرة هو 117 قطعة ما زال ثلاث منها فضاء وبني منها 68 قطعة تمثل 58% من مجموعها وهي جميعاً مخالفة للقيود المفروضة في عقود البيع وأن المباني التي روعيت فيها تلك القيود تمثل 39.5% من المجموع كما أن أغلبها مبان قديمة وقد أنهى الخبيران تقريرهما بالقول بأنه تبين من ذلك أن المباني المخالفة للاشتراطات هي المباني الغالبة في المنطقة التي كانت مملوكة في الماضي للمدعين أو لمورثيهما أو لشركة الفنادق المصرية...." إلى أن قال - "وترى هذه المحكمة ما رأته محكمة الدرجة الأولى أن تلك الملابسات مجتمعة تفيد التنازل الضمني عن ذلك الارتفاق المتبادل بين سكان الحي محل النزاع مما يقيم للمستأنف عليه العذر في مخالفته وينفي عنه الخطأ والمسئولية" وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه لا مخالفة فيه للقانون، ذلك أن التنازل عن حقوق الارتفاق كما يكون صريحاً يجوز أن يكون ضمنياً إذ القانون لم يشترط لتحققه صورة معينة. ومتى كان ذلك، وكانت المحكمة قد استخلصت هذا التنازل الضمني وعذر المطعون عليه في عدم التزام قيود البناء التي كانت مقررة على عقاره استخلاصاً سائغاً من مقدمات تؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها ولا معقب عليها في ذلك لتعلقه بتقدير موضوعي من سلطتها المطلقة، متى كان ذلك، فإن هذا النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل الوجه الثاني من السبب الأول الخطأ في القانون، ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى برفض الدعوى تأسيساً على صدور تنازل ضمني من الطاعنين عن حق الارتفاق في حين أن حق الارتفاق من الحقوق العينية العقارية والنزول عنه يجب أن يكون صادراً ممن يملكه وأن يكون مسجلاً إذ من شأن النزول عنه زاوله والحقوق العينية العقارية لا تزول طبقاً للمادة التاسعة من قانون الشهر العقاري المقابلة للمادة الأولى من قانون التسجيل الصادر في سنة 1923 إلا بالتسجيل.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن التنازل سواء كان صريحاً أو ضمنياً يعتبر ملزماً للمتنازل بما يمنعه من توجيه طلبات إلى المتنازل إليه تنطوي على إنكار لهذا التنازل. ولا يغير من ذلك أن يكون التنازل مما يجب تسجيله إذ لا يترتب على عدم التسجيل سوى تراخي زوال الحق العيني المتنازل عنه. ولما كان الطاعنان قد أقاما دعواهما بطلب تعويض عن مخالفة المطعون عليه لقيود البناء وذلك بعد أن كانا قد تنازلا عن هذه القيود ضمنياً - على ما حصله الحكم المطعون فيه - مما يعتبر معه هذا الطلب إنكاراً منهما للتنازل الصادر من جانبهما فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتد بهذا التنازل ورتب عليه آثاره لا يكون مخالفاً للقانون.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق