الصفحات

الجمعة، 24 مارس 2023

الطعن 37 لسنة 32 ق جلسة 21 / 4 / 1965 مكتب فني 16 ج 2 أحوال شخصية ق 80 ص 496

جلسة 21 من إبريل سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ أحمد زكي محمد، وبحضور السادة المستشارين: محمد ممتاز نصار، وصبري أحمد فرحات، وأحمد حسن هيكل, ومحمود عباس العمراوي.

---------------

(80)
الطعن رقم 37 لسنة 32 ق "أحوال شخصية"

أحوال شخصية. "ديانة". "ردة".
ردة. استتابة المرتد وأمره بالرجوع إلى الإسلام. إقرار بأنه مسلم. أثره. بواعثه ودواعيه. لا تهم.

--------------
المرتد - وهو الراجع عن دين الإسلام - لا ملة له وهو لا يقر على ردته ولا على ما اختاره ديناً له، بل يستتاب ويؤمر بالرجوع إلى الإسلام، فإن هو عاد إسلامه عاد ملكه إلى ماله بعد أن كان قد زال عنه بردته زوالاً موقوفاً. وإذ كان الثابت في الدعوى أن الطاعن أقر في طلب استخراج جواز سفره بأنه "مسلم"، وإقراره هذا مفاده أنه تاب وعاد إلى إسلامه وهي أمور تتصل بالعقيدة الدينية التي تبنى الأحكام فيها "على الإقرار بظاهر اللسان" ولا يجوز لقاضي الدعوى أن يبحث في بواعثها ودواعيها، وكان الحكم المطعون فيه لم يعول على هذا الإقرار وجرى في قضائه وراء البحث في علته والأسباب التي دعت إليه، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن محمد محمود جبر أقام الدعوى رقم 455 لسنة 1958 القاهرة الابتدائية ضد محمد محمود جبر الشهير برشاد وآخرين بطلب الحكم بوفاة والده المرحوم محمود محمد جبر واستحقاقه لحصة قدرها 1 ط و18 س من 24 ط تنقسم إليها تركته وتسلميها ومنع معارضة المدعى عليهم له فيها مع إلزامهم بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقال شرحاً لدعواه إن والده المرحوم محمود محمد جبر توفى في 3/ 12/ 1954 وانحصر إرثه فيه وفي زوجتيه وباقي أولاده المدعى عليهم من غير شريك ولا وارث له سواهم وليس له من يستحق وصية واجبة، ويستحق في تركته حصة قدرها 1 ط 18 س، وإذ نازعه بعض المدعى عليهم في استحقاقه لهذه الحصة فقد انتهى إلى طلب الحكم له بها. وبتاريخ 25/ 1/ 1959 حكمت المحكمة حضورياً بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي دعواه بكافة الطرق القانونية بما فيها البينة ولينفيها المدعى عليهم عدا الخامسة والسادسة والسابعة بذات الطرق. وبعد تنفيذ حكم التحقيق وسماع شاهدي المدعي وبجلسة 31/ 5/ 1959 دفع وكيل المدعى عليهما الأول والثاني بأن المدعي ليس ابناً للمتوفى وبفرض بنوته فهو لا يرثه لأنه يهودي والمتوفى مسلم ولا توارث مع اختلاف الدين. وبتاريخ 15/ 1/ 1961 حكمت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصاريف وأربعة جنيهات مصرية للمدعى عليهما الأول والثاني مقابل أجر المحاماة حضورياً بالنسبة للمدعى عليهما الأول والثاني وغيابياً بالنسبة للمدعى عليهما الثالثة والرابعة ومعتبراً حضورياً بالنسبة للمدعى عليهن الخامسة والسادسة والسابعة. وأسست قضاءها على أن المدعي وإن كان ابناً للمتوفى إلا أنه ارتد عن دين الإسلام واستمر على ردته إلى تاريخ وفاة والده فلا يرثه. واستأنف المدعي هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم له بطلباته وقيد هذا الاستئناف برقم 29 سنة 78 ق. وبتاريخ 23/ 6/ 1962 حكمت المحكمة حضورياً للمستأنف عليهم الأربعة الأول وغيابياً للباقين بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بالمصروفات وبمبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة للمستأنف عليهم الحاضرين - وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى هذه الدائرة حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليهم الأربعة الأول رفض الطعن ولم يحضر باقي المطعون عليهم ولم يبدوا دفاعاً. وقدمت النيابة العامة مذكرة أحالت فيها إلى مذكرتها الأولى وطلبت قبول الطعن في خصوص السببين الثالث والرابع.
وحيث إن حاصل السبب الرابع أن الحكم المطعون فيه لم يعول على إقرار الطاعن في جواز سفره الذي استخرجه قبل وفاة والده بأنه "مسلم" مستنداً في ذلك إلى أن الطاعن لم يكن يستهدف من استخراجه إثبات ديانته وإنما كان يقصد السفر به لأعماله التجارية، وهو خطأ ومخالفة لفقه الحنفية في هذا الخصوص ومقتضاه أن من أقر بأنه "مسلم" اعتبر مسلماً لأن الدين عقيدة بين الإنسان وربه وقد أمرنا أن نحكم في ذلك بالظاهر، وإذ أقر الطاعن بإسلامه قبل وفاة والده بأكثر من ستة شهور وجب اعتباره مسلماً من هذا التاريخ حتى وإن فرض جدلاً أنه كان مرتداً قبله ويستمر اعتباره مسلماً إلى وقت وفاة والده فيكون من ورثته ولا يصح أن يقال أن الباعث على الإقرار أمر دنيوي لا ديني لما في ذلك من مخالفة صريحة للأحكام الشرعية.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن المرتد - وهو الراجع عن دين الإسلام - لا ملة له, وهو لا يقر على ردته ولا على ما اختاره ديناً له، بل يستتاب ويؤمر بالرجوع إلى الإسلام، فإن هو عاد إسلامه عاد ملكه إلى ماله بعد أن كان قد زال عنه بردته زوالاً موقوفاً، وبفرض ردة الطاعن فالثابت في الدعوى أنه أقر في طلب استخراج جواز سفره بتاريخ 31/ 5/ 1954 - وهو سابق على وفاة والده في 3/ 12/ 1954 بأنه "مسلم" وإقراره هذا مفاده أنه تاب وعاد إلى إسلامه وهي أمور تتصل بالعقيدة الدينية التي تبنى الأحكام فيها "على الإقرار بظاهر اللسان" ولا يجوز لقاضي الدعوى - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يبحث في بواعثها ودواعيها - وإذ كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد قضى برفض دعوى الطاعن لأنه مرتد ولم يعول على إقراره أنه "مسلم" الثابت في طلب استخراج جواز السفر وهو سابق على تاريخ وفاة والده وجرى في قضائه وراء البحث في علته والأسباب التي دعت إليه بقوله إنه "لم يكن يستهدف من استخراج الجواز إثبات ديانته وإنما كان يقصد السفر به في سبيل أعماله التجارية وحتى يسهل استخراجه دون عقبات"، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب وبما لا جدوى معه من بحث باقي الأسباب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق