الصفحات

الجمعة، 24 مارس 2023

الطعن 369 لسنة 30 ق جلسة 8 / 4 / 1965 مكتب فني 16 ج 2 ق 74 ص 459

جلسة 8 من إبريل سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، وحافظ محمد بدوي، ومحمد صادق الرشيدي، والسيد عبد المنعم الصراف.

---------------

(74)
الطعن رقم 369 لسنة 30 القضائية (1)

(أ) تسوية الديون العقارية "اختصاص لجنة التسوية" "طبيعة قرار لجنة التسوية وأثره".
اختصاص لجنة تسوية الديون العقارية اختصاص نهائي. عدم جواز الطعن فيها أمام أية جهة قضائية. حجية قرارات اللجنة قبل المدين والدائنين السابقة ديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية. لقرار اللجنة الصادر بالتسوية في حدود اختصاصها - طبيعة الأحكام الانتهائية.
(ب) تسوية الديون العقارية "أثر قرار التسوية" تنفيذ.
قرار لجنة التسوية مبرئ لذمة المدين من كافة الديون التي لم يحدد لأصحابها نصيب في التوزيع. إنهاؤه كل علاقة بين المدين ودائنيه السابقة ديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية بحيث يمتنع عليهم التنفيذ بديونهم تلك بأي طريق من طرق التنفيذ سواء على عقارات المدين المنتفعة بالتسوية أو ما تؤول ملكيته إليه بعد صدور قرار التسوية.
(ج) تسوية الديون العقارية "سلطة لجنة التسوية عند المنازعة في الدين" "حجية قرار اللجنة باستبعاد الدين من التوزيع".
إحالة اللجنة النزاع في وجود الدين إلى المحكمة الابتدائية أمر جوازي. عدم استعمالها هذه الرخصة وتحديدها مقدار الدين ثم تقريرها استبعاده من التوزيع ومضى ميعاد التظلم في هذا القرار. صيرورة القرار نهائياً لا يجوز الطعن فيه أمام أية جهة قضائية وتكون له قوة الأحكام الانتهائية مانعاً المحاكم من نظر أي نزاع بشأن تحديد الدين أو انشغال ذمة المدين به.

---------------
1 - جرى قضاء محكمة النقض بأن للجنة تسوية الديون العقارية - وفقاًًً لأحكام القانون رقم 12 لسنة 1942 المعدل بالقانون 143 لسنة 1944 اختصاصاً نهائياً في حصر ديون طالب التسوية وتقدير قيمة العقارات التي يملكها وإعمال حكم القانون في تخفيض بعض الديون واستبعاد البعض الآخر وتقدير نسبة ما يختص به كل دائن من أصحاب الديون المخفضة في التوزيع وشروط سدادها. والقرارات التي تصدرها اللجنة في ذلك كله لها حجية تلزم المدين والدائنين السابقة ديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية فلا يجوز الطعن فيها أمام أية جهة من جهات القضاء إذ بالتسوية تتحدد علاقة المدين بدائنيه المذكورين تحديداً نهائياً فتبرأ ذمته من كافة هذه الديون إلا بالقدر الذي خصص لهم وهذا الأثر الذي يترتب على التسوية في علاقة المدين بدائنيه والحجية التي تلحقها يسبغان على قرار اللجنة الصادر بهذه التسوية - وفي حدود اختصاص اللجنة - طبيعة الأحكام الانتهائية ويجعلان لهذا القرار آثارها القانونية.
2 - يبين من مراحل التشريع التي مر بها تعديل المادة 26 من القانون رقم 12 لسنة 1942 - المعدل بالقانون رقم 143 لسنة 1944 أنه قد قصد بهذا التعديل أن يكون قرار لجنة تسوية الديون العقارية مبرئاً لذمة المدين من كافة الديون التي لم يحدد لأصحابها نصيب في التوزيع ومنهياً لكل علاقة بين المدين ودائنيه السابقة ديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية بحيث يمتنع عليهم التنفيذ بديونهم تلك بأي طريق من طرق التنفيذ ليس فقط على عقارات المدين التي انتفعت بالتسوية بل وعلى كل مال آخر تؤول ملكيته إليه بعد صدور قرار اللجنة.
3 - إذ تنص المادة 15 من القانون رقم 12 لسنة 1942 على أنه "إذا نازع أحد الدائنين أو المدينين في وجود الدين أو صحته ورأت اللجنة إحالة النزاع إلى المحكمة توقف النظر في الطلب "طلب التسوية" وتحيل اللجنة القضية إلى المحكمة الابتدائية المختصة..." فإن مفاد ذلك أن إحالة النزاع إلى المحكمة في حالة المنازعة في وجود الدين أو صحته ليس واجباً على اللجنة وإنما هو أمر جوازي متروك لتقديرها فإذا لم تر اللجنة استعمال هذه الرخصة وحددت مقدار الدين ثم قررت استبعاده من التوزيع لأن صاحبه لم يصبه نصيب في هذا التوزيع طبقاً لأحكام القانون ومضى ميعاد التظلم في قرارها هذا - وفقاً للمادة 24 من القانون 12 لسنة 1942 - فإن هذا القرار يكون نهائياً لا يجوز الطعن فيه أمام أية جهة من جهات القضاء وتكون له قوة الأحكام الانتهائية وبالتالي يكون مانعاً للحاكم من نظر أي نزاع بشأن تحديد الدين أو انشغال ذمة المدين به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن مورثة المطعون ضدهم المرحومة السيدة جلسن شريف أقامت في 25/ 11/ 1936 على مورث الطاعنين المرحوم الأستاذ فيليب ناصيف المحامي الدعوى رقم 320 سنة 1937 كلي القاهرة وضمنت صحيفتها أنها بسبب كثرة سفرها إلى الخارج أصدرت في 9 من يونيه سنة 1924 توكيلاً إلى المدعى عليه المذكور لإدارة جميع شئون أملاكها والأوقاف المشمولة بنظارتها واستمر قائماً بهذه الإدارة إلى أن عزلته من الوكالة في 14 من أغسطس سنة 1926 بعد أن تبين لها تقصيره وتجاوزه حدود وكالته في بعض تصرفاته واختلاسه مبالغ عن طريق إدراجها بغير حق في كشوف الحساب ضمن المصروفات كما أنه تمكن بوسائل الغش والخداع والإكراه الأدبي من الحصول على عقد صوري منها ببيع فدان له بحي العجوزة إذ أوهمها أن الغرض من هذا البيع هو تهريب الفدان من دائنيها وذكر في العقد أنه دفع جميع الثمن وقدره 2100 ج في حين أنه لم يدفع منه شيئاً وسجل هذا العقد في 9/ 1/ 1926 ولكنه ما لبث أن تنكر لاتفاقهما واستأثر بالفدان لنفسه وتصرف فيه بالبيع على أنه ملكه وقبض من المشتري بعض ثمنه وقد انتهت مورثة المطعون ضدهم في دعواها إلى طلب الحكم بإلزامه بأن يدفع لها (أولاً) مبلغ 2713 ج و920 م قيمة ما أدرجه في أقلام الحساب ضمن المصروفات واستولى عليه بغير حق (ثانياً) مبلغ 3675 ج قيمة التضمينات المستحقة لها عن الأضرار التي لحقتها بسبب أعمال أجراها أثناء مدة وكالته عنها وتجاوز في بعضها حدود هذه الوكالة وقصر في البعض الآخر (ثالثاً) مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضاً لها عن الضرر الذي لحقها بسبب ضياع الفدان آنف الذكر عليها - وبتاريخ 5 من يونيه سنة 1945 حكمت محكمة القاهرة الابتدائية في هذه الدعوى بإلزام مورث - الطاعنين بأن يدفع لمورثة المطعون ضدهم مبلغ 6926 ج و284 م والمصاريف المناسبة ومبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف مورث الطاعنين هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه بجدولها برقم 239 سنة 24 ق كما رفعت مورثة المطعون ضدهم بدورها استئنافاً فرعياً قيد برقم 364 سنة 73 ق طالبة الحكم لها بما رفضته محكمة أول درجة من طلباتها وأثناء نظر الاستئنافين توفى رافعاهما وحل محل كل منهما ورثته وكان من بين ما تمسك به الطاعنون في استئنافهم براءة ذمة مورثهم من المبلغ المحكوم عليه به ابتدائياً وذلك طبقاً لأحكام القانون رقم 12 لسنة 1942 المعدل بالقانون رقم 143 لسنة 1944 بتسوية الديون العقارية وقدموا تأييداً لدفاعهم هذا قرار لجنة تسوية الديون العقارية الصادر في 18/ 5/ 1948 بالتصديق على قائمة التوزيع المؤقت الصادر في طلب التسوية المقدم من مورثهم والذي قضى باستبعاد دين مورثة المطعون ضدهم المحكوم به ابتدائياً بسبب أنه يزيد على 95% من قيمة عقارات المدين - وبتاريخ 11 من يونيه سنة 1960 حكمت محكمة الاستئناف بقبول الاستئنافين شكلاً وفي موضوع الاستئناف الفرعي المرفوع من مورثة المطعون ضدهم برفضه وفي موضوع الاستئناف الأصلي بتعديل الحكم المستأنف الصادر في الدعوى رقم 320 لسنة 1937 المرفوعة من هذه المورثة وإلزام المستأنفين (الطاعنين) بأن يدفعوا للمستأنف عليهم (المطعون ضدهم) مبلغ 2709 ج و318 م والمصاريف المناسبة عن الدرجتين ومبلغ أربعين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة عنهما. وقد طعن الطاعنون المحكوم عليهم بطريق النقض في هذا الحكم وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم للسبب الأول وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت بجلسة 19/ 11/ 1963 إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره تمسكت النيابة برأيها السابق.
وحيث إن الطعن بني على سببين ينعى الطاعنون في أولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تأويله وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا أمام محكمة الاستئناف ببراءة ذمة مورثهم من دين مورثة المطعون ضدهم المحكوم به ابتدائياً تأسيساً على أن لجنة تسوية الديون العقارية قررت في 18/ 5/ 1948 التصديق على قائمة التوزيع المؤقت في طلب التسوية المقدم من مورثهم والذي قبل نهائياً وموضوعاً في 19/ 2/ 1946 وقد استبعد من التوزيع دين مورثة المطعون ضدهم البالغ قدره 7036 ج و554 م قيمة المحكوم به ابتدائياً مضافاً إليه مصاريف الدعوى - ضمن ما استبعد من ديون لأنها تزيد على 95% من قيمة عقارات المدين (مورث الطاعنين) وذلك وفقاً للمادة الخامسة من القانون رقم 12 لسنة 1942 الخاص بتسوية الديون العقارية - وقدم الطاعنون إلى محكمة الاستئناف تأييداً لدفاعهم هذا هذه القائمة وعليها تصديق اللجنة، لكن الحكم المطعون فيه أطرح هذا الدفاع بمقولة إن دين مورثة المطعون ضدهم لم يكن نهائياً وقت التقدم به إلى لجنة تسوية الديون العقارية وإنما كان ديناً صدر به حكم ابتدائي مستأنف ولما يصبح نهائياً بما يجعل هذا الدين متنازعاً عليه وقتئذ كما قرر الحكم أن التقدم إلى تلك اللجنة لا يمنع القضاء من الفصل في النزاع لتحديد ثبوت الدين ومقداره وأن قرار اللجنة باستبعاد دين مؤقت لا يعتبر إبراء لذمة المدين منه ولا يحول بين القضاء وبين الفصل في المنازعة فيه - ويرى الطاعنون أن هذا الذي قرره الحكم واستند إليه في رفض دفاعهم ببراءة ذمة مورثهم من دين مورثة المطعون ضدهم - ينطوي على مخالفة للقانون ذلك أن قرار لجنة تسوية الديون العقارية وفقاً لأحكام القانون رقم 12 لسنة 1942 المعدل بالقانون رقم 143 لسنة 1944 - وعلى ما استقر عليه قضاء محكمة النقض - له حجية تلزم المدين والدائنين السابقة ديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية، وبهذه التسوية تتحدد علاقة المدين بدائنيه المذكورين تحديداً نهائياً وتبرأ ذمته من كافة الديون إلا من القدر الذي خصص للدائنين في قائمة التوزيع، والحجية التي تلحق قرار اللجنة تسبغ عليه طبيعة الأحكام وبالتالي لا يجوز للمحاكم مخالفته - وأنه إذ كان دين مورثة المطعون ضدهم الذي في ذمة مورث الطاعن سابقاً على تقديم هذا المورث طلب التسوية ولم يكن الحكم بهذا الدين إلا كاشفاً له وقد قررت اللجنة قبول هذا الطلب نهائياً وموضوعاً ثم صدقت في 18 من مايو سنة 1948 على قائمة التوزيع المؤقت التي استبعد فيها ذلك الدين بأكمله لأنه يزيد على 95% من قيمة عقارات المدين وذلك وفقاً لنص المادة الخامسة من القانون رقم 12 لسنة 1942 فإن مقتضى ذلك أن تبرأ ذمة مورث الطاعنين نهائياً من جميع دين مورثة المطعون ضدهم ولم يكن لمحكمة الاستئناف أن تحكم على الطاعنين بشيء من هذا الدين لمخالفة القضاء بذلك للحجية المستفادة من قرار لجنة تسوية الديون العقارية آنف الذكر.
وحيث إن هذا النعي صحيح ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه سجل في تقريراته أن الطاعنين تمسكوا في مذكرتهم ببراءة ذمة مورثهم من الدين المرفوعة به الدعوى واستندوا في ذلك إلى أحكام القانون رقم 12 لسنة 1942 المعدل بالقانون رقم 143 لسنة 1944 بتسوية الديون العقارية كما يبين من الأوراق المقدمة بملف الطعن والتي سبق عرضها على محكمة الموضوع أن الطاعنين قدموا إلى محكمة الاستئناف تأييداً لدفاعهم هذا صورة رسمية من قائمة التوزيع المؤقت في الطلب رقم 873 باسم الأستاذ فيليب ناصيف المقبول موضوعاً ونهائياً بتاريخ 19/ 2/ 1946 ومؤشر على هذه القائمة بأن اللجنة صدقت على التوزيع نهائياً بجلسة 18/ 5/ 1948 ونشر القرار بالجريدة الرسمية بالعدد رقم 177 الصادر في 18/ 11/ 1948 وثابت بهذه القائمة أن دين السيدة جلسن شريف (مورثة المطعون ضدهم) وقدره 7036 ج و554 م - قيمة المحكوم لها به ابتدائياً والمصاريف - كان من بين الديون التي عرضت على اللجنة وأنها قررت استبعاده مع ديون لآخرين لأنها تزيد على 95% من قيمة العقارات وفقاً لنص المادة الخامسة من القانون رقم 12 لسنة 1942 - وقد رد الحكم المطعون فيه على دفاع الطاعنين آنف الذكر بقوله "وحيث إن ما دفع به أخيراً ورثة المرحوم فيليب ناصيف من براءة ذمتهم من دين المرحومة السيدة جلسن شريف استناداً إلى قرار لجنة التسوية العقارية الصادر بقائمة التوزيع المؤقتة والتي استبعد فيها دين السيدة جلسن لأنه يزيد على 95% من قيمة العقارات وفقاً لنص المادة الخامسة من القانون رقم 12 لسنة 1942 - هذا الدفع مردود بأن هذا الدين وقت التقدم به للجنة لم يكن ديناً نهائياً وإنما كان ديناً صدر به حكم ابتدائي مستأنف ولما يصبح نهائياً أي أنه كان ديناً متنازعاً فيه وقتئذ فضلاً عن أن التقدم للجنة تسوية الديون العقارية لا يمنع القضاء من الفصل في النزاع في الدعوى لتحديد ثبوته ومقداره، وثبوت الدين أمر مستقل تماماً عن التنفيذ به وسابق عليه ونفس القانون 12 لسنة 1942 نص في المادة 19 منه على وجوب إحالة النزاع بين الدائن والمدين في وجود الدين أو صحته إلى المحكمة لتفصل في المنازعة ومن ذلك يبين أن التقدم للجنة التسوية العقارية وقرار اللجنة لا يحول بين القضاء وبين الفصل في المنازعة في الدين ومن باب أولى لا يعتبر قرار اللجنة باستبعاد دين مؤقت إبراء لذمة المدين من ذلك الدين ما دام أنه كان لا يزال محل نزاع أمام القضاء وقت صدور قرار اللجنة ولم يكن قد ثبت وجوده وصحته ومقداره وقتئذ". وهذا الذي قرره الحكم وأقام عليه قضاءه برفض دفاع الطاعنين ببراءة ذمة مورثهم من الدين المطالب به غير صحيح في القانون، ذلك أن قضاء هذه المحكمة قد جرى بأن للجنة تسوية الديون العقارية - وفقاً لأحكام القانون رقم 12 لسنة 1942 المعدل بالقانون 143 لسنة 1944 - اختصاصاً نهائياً في حصر ديون طالب التسوية وتقدير قيمة العقارات التي يملكها، وإعمال حكم القانون في تخفيض بعض الديون واستبعاد البعض الآخر وتقدير نسبة ما يختص به كل دائن من أصحاب الديون المخفضة في التوزيع وشروط سدادها. والقرارات التي تصدرها اللجنة في ذلك كله لها حجية تلزم المدين والدائنين السابقة ديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية فلا يجوز الطعن فيها أمام أية جهة من جهات القضاء، إذ بالتسوية تتحدد علاقة المدين بدائنيه المذكورين تحديداً نهائياً فتبرأ ذمته من كافة هذه الديون إلا بالقدر الذي خصص لهم - وهذا الأثر الذي يترتب على التسوية في علاقة المدين بدائنيه والحجية التي تلحقها يسبغان على قرار اللجنة الصادر بهذه التسوية - وفي حدود اختصاص اللجنة - طبيعة الأحكام الانتهائية ويجعلان لهذا القرار آثارها القانونية كما أنه يبين من مراحل التشريع التي مر بها تعديل المادة 26 على الوجه الذين صدرت به في القانون رقم 143 لسنة 1944 والمخالف لما كان عليه هذا النص في المشروع المقدم من الحكومة للبرلمان ومن المناقشات التي دارت في مجلسي النواب والشيوخ بشأن هذا التعديل أنه قصد به أن يكون قرار اللجنة مبرئاً لذمة المدين من كافة الديون التي لم يحدد لأصحابها نصيب في التوزيع ومنهياً لكل علاقة بين المدين ودائنيه السابقة ديونهم على تاريخ تقديم طلب التسوية بحيث يمتنع عليهم التنفيذ بديونهم تلك بأي طريق من طرق التنفيذ ليس فقط على عقارات المدين التي انتفعت بالتسوية بل وعلى كل مال آخر تؤول ملكيته إليه بعد صدور قرار اللجنة - ولما كان دين مورثة المطعون ضدهم قد نشأ بحسب إقرارها في مدة وكالة مورث الطاعنين عنها أي في الفترة من 9 يوليه سنة 1924 حتى 14 أغسطس سنة 1926 وهو تاريخ سابق على تقديم طلب التسوية من المورث الأخير - وكانت لجنة تسوية الديون العقارية قد قررت بجلسة 18/ 5/ 1948 التصديق على التوزيع نهائياً ونشر قرارها بالجريدة الرسمية في 18/ 11/ 1948 ويبين من قائمة هذا التوزيع أن دين مورثة المطعون ضدهم في ذمة مورث الطاعنين كان من بين الديون التي عرضت على اللجنة وأنها حددته بمبلغ 7036 ج و554 م - وهو ما يوازي المحكوم به على هذا المدين ابتدائياً مع مصروفات الدعوى الابتدائية وقررت استبعاده من التوزيع مع ديون أخرى مثله عادية لأنها تزيد على 95% من قيمة عقارات المدين وذلك وفقاً لنص المادة الخامسة من القانون 12 لسنة 1942 كما يبين من قائمة هذا التوزيع أن ال70% من قيمة عقارات هذا المدين قد استغرقته ديون الدائنين أصحاب الرهون الرسمية ولم يفض منها شيء لأصحاب الديون العادية ومن بينهم مورثة المطعون ضدهم - لما كان ذلك، فإن مقتضى قرار لجنة تسوية الديون العقارية باستبعاد دين هذه المورثة للسبب الذي استبعد من أجله أن تبرأ ذمة مورث الطاعنين من هذا الدين وتصبح علاقته بمورثة الطاعنين بشأنه منتهية وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض الدفع الذي أبداه الطاعنون ببراءة ذمة مورثهم من الدين المذكور فإنه يكون مخالفاً للقانون ولا يبرئه من هذه المخالفة ما قرره من أن هذا الدين كان عند صدور قرار اللجنة ما زال محل نزاع أمام القضاء وأن المادة 19 من القانون رقم 12 لسنة 1942 توجب إحالة النزاع بين الدائن والمدين في وجود الدين أو صحته إلى المحكمة لتفصل فيه ذلك أن نص هذه المادة يجري كالآتي "إذا نازع أحد الدائنين أو المدينين في وجود الدين أو صحته ورأت اللجنة إحالة النزاع إلى المحكمة بوقف النظر في الطلب وتحيل اللجنة القضية إلى المحكمة الابتدائية المختصة للسير فيها وفقاً لأحكام المادتين العشرين والحادية والعشرين". ومفاد ذلك أن إحالة النزاع إلى المحكمة في حالة المنازعة في وجود الدين أو صحته ليس واجباً على اللجنة وإنما هو أمر جوازي متروك لتقديرها - فإذا لم تر اللجنة استعمال هذه الرخصة وحددت مقدار الدين ثم قررت استبعاده من التوزيع لأن صاحبه لم يصبه نصيب في هذا التوزيع طبقاً لأحكام القانون ومضى ميعاد التظلم في قرارها هذا - وهو الميعاد المنصوص عليه في المادة 24 من القانون 12 لسنة 1942 - فإن هذا القرار يكون وفقاً لهذه المادة نهائياً ولا يجوز الطعن فيه أمام أية جهة من جهات القضاء وتكون له - على ما تقدم ذكره - قوة الأحكام الانتهائية وبالتالي يكون مانعاً للمحاكم من نظر أي نزاع بشأن تحديد الدين أو انشغال ذمة المدين به. هذا إلى أنه وقد تبين من قائمة التوزيع النهائي أنه لم يفض من ال70% من قيمة عقارات مورث الطاعنين شيء على الإطلاق لأصحاب الديون العادية فإن تحديد دين مورثة المطعون ضدهم بأي مقدار يكون عديم الجدوى ما دام أن ذمة المدين قد برأت منه على أي حال ومهما بلغ مقداره عملاً بالمادة 26 من القانون آنف الذكر.
وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث السبب الآخر من سببي الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه ولما سلف بيانه يتعين إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى لبراءة ذمة المدعى عليه من الدين المطالب به وفقاً لأحكام القانون رقم 12 لسنة 1942 المعدل بالقانون رقم 143 لسنة 1944 ولما كانت ذمة المدعى عليه قد برئت لسبب طرأ بعد رفع الدعوى الابتدائية فإنه يتعين إلزام ورثته بمصروفات هذه الدعوى أما مصروفات الاستئناف فيلتزم بها ورثة الدائن.


(1) نقض مدني 23/ 5/ 1963 في الطعن رقم 330 لسنة 27 ق بمجموعة المكتب الفني س 14 ص 719.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق