الصفحات

الجمعة، 31 مارس 2023

الطعن 354 لسنة 30 ق جلسة 9 / 11 / 1965 مكتب فني 16 ج 3 ق 155 ص 986

جلسة 9 من نوفمبر سنة 1965

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة المستشارين: محمد عبد اللطيف، وإميل جبران، وأمين فتح الله، والسيد عبد المنعم الصراف.

---------------

(155)
الطعن رقم 354 لسنة 30 القضائية

(أ) نقض. "الخصوم في الطعن". حكم. "الطعن في الأحكام".
عدم جواز الطعن في الحكم إلا من المحكوم عليه. عدم القضاء على الطاعن بشيء مما أقيم الطعن من أجله. عدم جواز الطعن.
(ب) عقد. "انعقاده". "الإيجاب والقبول". "فسخ العقد". "الفسخ الاتفاقي". محكمة الموضوع.
مناط انعقاد الاتفاق وتمامه أن يكون القبول مطابقاً للإيجاب لا يختلف عنه زيادة أو نقصاً أو تعديلاً وإلا كان هذا القبول المخالف رفضاًًً يتضمن إيجاباً جديداً.
استخلاص محكمة الموضوع بأسباب سائغة عدم حصول الاتفاق على الفسخ لعدم مطابقة الإيجاب للقبول أمر موضوعي تستقل به محكمة الموضوع دون رقابة لمحكمة النقض في ذلك.
(ج) شركات. "شركة التضامن". "بطلان الشركة". "شركة فعلية".
عدم استيفاء شركة التضامن إجراءات الشهر والنشر لا يترتب عليه بطلانها فيما بين الشركاء إلا إذا طلب ذلك أحدهم وحكم به. اعتبار العقد صحيحاً طوال الفترة السابقة على القضاء بالبطلان وتظل الشركة في هذه الفترة قائمة باعتبارها "شركة فعلية".
قضاء الحكم بمساءلة أحد الشركاء لعدم تنفيذه التزامه بنقل ملكية ما باعه من أرض للشركة - التي لم تستوف إجراءات شهرها - وبيعه ذات الأرض لشركة أخرى. لا مخالفة فيه للقانون.
(د) شركات. "شهر الشركة".
استيفاء إجراءات شهر ونشر الشركة ليس منوطاً بمدير الشركة وحده بل يجوز لكل من الشركاء القيام به.
(هـ) شركات. "طلب إبطال الشركة". بطلان. "أثره".
طلب إبطال الشركة في مواجهة الشركاء حق لكل شريك في شركة التضامن. القضاء ببطلان الشركة ليس له أثر رجعي. بقاء الشركة - في الفترة السابقة على القضاء بالبطلان - تستمد وجودها من العقد ولها شخصيتها الاعتبارية.

---------------
1 - لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه فإذا كان لم يقض على الطاعن الثاني بشيء مما أقيم الطعن من أجله فإن الطعن يكو غير جائز منه.
2 - يجب لتمام الاتفاق وانعقاده أن يكون القبول مطابقاً للإيجاب أما إذا اختلف عنه زيادة أو نقصاً أو تعديلاً فإن العقد لا يتم ويعتبر مثل هذا القبول رفضاً يتضمن إيجاباً جديداً. فإذا كانت محكمة الموضوع قد استندت فيما قررته من انتفاء حصول الاتفاق على الفسخ لعدم مطابقة الإيجاب بالفسخ للقبول إلى ما استخلصته استخلاصاً سائغاً من العبارات المتبادلة بين طرفي الخصومة في مجلس القضاء وكان لا رقابة في ذلك لمحكمة النقض إذ أن استخلاص حصول الاتفاق على الفسخ من عدمه هو مما تستقل به محكمة الموضوع فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ تطبيقه.
3 - جرى قضاء محكمة النقض على أن عدم استيفاء شركة التضامن إجراءات الشهر والنشر لا يترتب عليه بطلانها فيما بين الشركاء إلا إذا طلب ذلك أحدهم وحكم به وعندئذ يعتبر العقد موجوداً وصحيحاً طوال الفترة السابقة على القضاء بالبطلان فيرجع إليه في تنظيم العلاقة بين الشركاء وتسوية حقوقهم والتزاماتهم، ذلك أن البطلان الناشئ عن عدم اتخاذ إجراءات الشهر والنشر لا يقع بحكم القانون بل تظل الشركة قائمة باعتبارها "شركة فعلية" ويسري عقدها في مواجهة الشركاء حتى يطلب بطلانها ويقضى به. وإذ رتب الحكم على قيام الشركة الفعلية مساءلة أحد الشركاء لعدم تنفيذه التزامه لنقل ملكية ما باعه من أرض لها وبيعه ذات الأرض لشركة أخرى قبلما يقضي ببطلان الشركة الأولى، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.
4 - مفاد نص المادة 49 من قانون التجارة أن استيفاء الإجراءات المتعلقة بشهر ونشر الشركة (شركة التضامن) ليس منوطاً بمدير الشركة وحده بل يجوز لكل من الشركاء القيام به. فإذا كان الحكم المطعون فيه قد قرر وهو بصدد مؤاخذة الطاعن على عدم قيامه بإجراءات الشهر والنشر بصفته شريكاً أنه لا يفيد من إهماله للتخلص من التزامه قبل باقي الشركاء بنقل ملكية ما باعه من أرض إلى الشركة ومن مسئوليته عن التعويض بعد أن جعل تنفيذ الالتزام عيناً متعذراً بتصرفه في ذات الأرض لشركة أخرى بعقد مسجل، فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون.
5 - لئن كان لكل شريك في شركة التضامن الحق في أن يطلب بطلان الشركة في مواجهة الشركاء لعدم اتخاذ إجراءات الشهر والنشر حتى لا يبقى في شركة مهددة بالانقضاء في أي وقت قبل الأجل المحدد لها بعقد تكوينها إلا أنه ليس لهذا البطلان أثر رجعي بل تظل الشركة موجودة وجوداً صحيحاً طوال الفترة السابقة على القضاء به رغم عدم اتخاذ إجراءات الشهر والنشر وذلك باعتبارها شركة فعلية لها شخصيتها الاعتبارية التي تستمد وجودها من العقد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أقاموا الدعوى رقم 26 سنة 1955 تجاري كلي الإسماعيلية ضد الطاعنين وقالوا شرحاً لها إنهم اتفقوا مع الطاعنين بموجب عقد مؤرخ 1/ 6/ 1952 على تكوين شركة تضامن لاستغلال الجبس والمصيص مركزها مدينة الإسماعيلية ومدتها خمس عشرة سنة قابلة للتجديد برأس مال قدره 45 ألف جنيه يدفع مناصفة بين الطرفين. ونص بالعقد على أن إدارة الشركة منوطة بالمطعون ضده الثالث وأمانة صندوقها منوطة بالطاعن الثاني وأن لهما حق التوقيع عن الشركة مجتمعين لدى البنوك، كما اتفق الطرفان بذات العقد على أن يشتريا لحساب الشركة مساحة قدرها 246 فداناً مملوكة للطاعن الأول بها جبس وعليها مصنع لاستغلال الجبس والمصيص لقاء مبلغ 33625 جنيهاً، دفع المطعون ضدهم الثلاثة الأول نصفه إلى الطاعن الأول، كما اتفقا على أن يقوم الأخير بتحرير العقد الابتدائي الخاص بشراء الأرض والمصنع المملوكين له تمهيداً لتسجيله باسم الشركة بعد إتمام إجراءات شهرها وأن يقوم الشركاء بعد تمام عقدي الشركة والبيع بتكملة رأس المال كل حسب حصته فيه - واستطرد المطعون ضدهم الثلاثة الأول قائلين إنه تنفيذاً لهذا الاتفاق أبرم عقد الشركة بين الطرفين في 15/ 6/ 1952 وأعد الطاعن الأول عقد البيع الخاص بنقل الأطيان والمصنع من ملكيته إلى ملكية الشركة وقدمه إلى مصلحة الشهر العقاري في 10 يوليه سنة 1952 وحصل على رقم أسبقية في نفس التاريخ ولكنه وقف عند هذا وعمد إلى تكوين شركة مع آخرين لاستغلال ذات منطقة الجبس موضوع العقد الذي أبرمه مع المطعون ضدهم الثلاثة الأول وأخذ يسوف في إجراءات تسجيل عقد البيع المحرر عن الأرض والمصنع مما حدا بهم إلى إنذار الطاعنين بضرورة تنفيذ ما اتفق عليه وإلا التزما برد المبلغ الذي تسلماه وقدره 16812 جنيهاً و500 مليم مع فسخ عقدي الاتفاق والشركة، وأنه إذ لم يستجب الطاعنان لما جاء بإنذارهم فقد أقاموا الدعوى الحالية - وبعد تعديل طلباتهم أكثر من مرة انتهوا في مذكرتهم الختامية إلى طلب الحكم بصفة أصلية بصحة ونفاذ العقد المؤرخ أول يونيه سنة 1952 والمتضمن بيع الطاعن الأول 246 فداناً موضحة بصحيفة تعديل الطلبات وباستمرار نفاذ عقد الشركة المؤرخ 15/ 6/ 1952 عن المدة الواردة به والتي تنتهي في 14/ 6/ 1967 وما يتبع ذلك من إلزام الطاعنين بأن يودعا أحد البنوك بالإسماعيلية باقي حصتهما في رأس مال الشركة وقدرها 5687 جنيهاًً و200 مليم وبإلزام الطاعن الأول بأن يضع موجودات الشركة من آلات ومبان وعقارات وجبس تحت تصرف مدير الشركة المطعون ضده الثالث وبإلزام الطاعنين بأن يدفعا متضامنين للمطعون ضدهم الثلاثة الأول تعويضاً قدره عشرون ألفاً من الجنيهات وببطلان عقد الشركة المعقود بين الطاعن الأول والمطعون ضده الرابع بصفته مديراً للشركة الأهلية للجبس والمصيص، وطلبوا احتياطياً فسخ الاتفاق المؤرخ 1/ 6/ 1952 وحل الشركة ورد المبلغ المدفوع منهم ومقداره 9512 جنيهاً و500 مليم مع الفوائد بواقع 5% بعد خصم قيمة السندات الإذنية وبإلزام الطاعنين بتعويض قدره 20000 جنيه - دفع الطاعنان الدعوى بأن أولهما لم يتسلم من المطعون ضدهم كامل نصيبهم في ثمن الأرض والمصنع وقدره 16812 جنيهاً و500 مليم وإنما تسلم 9512 جنيهاً و500 مليم نقداً والباقي سندات إذنية لم يتسن له صرفها وأنه إزاء قعودهم عن الوفاء بالتزاماتهم سواء بالنسبة لباقي ثمن الأرض أم باقي حصتهم في الشركة فقد وافقا منذ الجلسة الأولى على طلبهم الفسخ باعتبارهم المقصرين وأقاما دعوى فرعية ضدهم بتعويض قدره 10000 جنيه وأودعا خزانة المحكمة مبلغ 9512 جنيهاً و500 مليم الذي سبق أن تسلمه أولهما من ثمن الأرض والمصنع - وبتاريخ 22/ 5/ 1956 قضت محكمة أول درجة في الدعوى الأصلية بفسخ عقد الاتفاق المؤرخ 1/ 6/ 1952 وببطلان عقد شركة التضامن المؤرخ 15/ 6/ 1952 وبإلزام الطاعن الأول أن يدفع للمطعون ضدهم الثلاثة الأول 9512 جنيهاً و500 مليم والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 4/ 1/ 1954 حتى السداد، وفي الدعوى الفرعية برفضها - استأنف المطعون ضدهم الثلاثة الأول هذا الحكم أمام محكمة استئناف المنصورة وقيد الاستئناف برقم 23 سنة 9 ق تجاري استئناف المنصورة وبتاريخ 29/ 5/ 1960 حكمت تلك المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي موضوعه (أولاً) برفض طلب صحة ونفاذ الاتفاق التمهيدي المؤرخ أول يونيه سنة 1952 (ثانياً) برفض طلب نفاذ عقد الشركة المؤرخ 15/ 6/ 1952 (ثالثاً) برفض طلب إلزام الطاعنين أن يودعا أحد المصارف باقي حصتهما في رأس مال الشركة (رابعاً) رفض طلب إلزام الطاعن الأول أن يضع موجودات الشركة تحت تصرف المطعون ضده الثالث (خامساً) إلزام الطاعن الأول أن يدفع للمطعون ضدهم الثلاثة الأول مبلغ 5000 جنيه على سبيل التعويض (سادساً) تأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام الطاعن الأول أن يدفع للمطعون ضدهم الثلاثة الأول مبلغ 9512 جنيهاً و500 مليم والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 4/ 1/ 1954 حتى السداد على أن يستوفى المطعون ضدهم الثلاثة الأول هذا المبلغ من المبلغ المودع خزانة محكمة بور سعيد الابتدائية بتاريخ 26 من ديسمبر سنة 1954 ومع تسليمهم السندات الإذنية الأربعة عشر المقدمة بحافظة الطاعنين (سابعاً) بعدم قبول طلب الحكم ببطلان الشركة التي يمثلها المطعون ضده الرابع - طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وذلك بالنسبة لما قضى به في البند الخامس منه وما قضى به من فوائد في البند السادس منه وقدمت النيابة مذكرة انتهت فيها إلى طلب رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فصممت النيابة على رأيها الذي أبدته بالمذكرة المقدمة منها وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إنه لما كان الطعن قاصراً على طلب نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لما قضى به في بنده الخامس من إلزام الطاعن الأول أن يدفع للمطعون ضدهم الثلاثة الأول مبلغ 5000 جنيه وما قضى به في بنده السادس من تأييد الحكم المستأنف فيما حكم به من فوائد ضد الطاعن الأول عن المبلغ المحكوم عليه به، وكان لا يجوز الطعن في الأحكام إلا من المحكوم عليه وكان لم يحكم على الطاعن الثاني بشيء مما أقيم الطعن من أجله فإن الطعن يكون غير جائز منه.
وحيث إنه عن طلب الطاعن الأول نقض الحكم المطعون فيه بالنسبة لما قضى به ضده من فوائد عن المبلغ المحكوم به عليه وقدره 9512 ج و500 م بواقع 5% من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 4/ 1/ 1954 حتى السداد مستنداً في ذلك إلى ما أورده بالوجه الرابع من السبب الأول للطعن من أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون إذ قضى بهذه الفوائد ولم يعتد بما قام به الطاعن الأول - بتاريخ 26/ 2/ 1954 من إيداع المبلغ المحكوم به لذمة المطعون ضدهم الثلاثة الأول فإن الثابت من مطالعة أوراق الدعوى أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول كانوا قد طلبوا أصلياً الحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع والشركة واحتياطياً إلزام الطاعن الأول بأن يدفع لهم مبلغ 16882 ج و500 م بعد خصم قيمة السندات الإذنية وفوائده بواقع 5%، وقد قضت محكمة أول درجة في طلبهم الأصلي برفضه وفي طلبهم الاحتياطي بإلزام الطاعن الأول بأن يدفع لهم مبلغ 9512 ج و500 م والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 4/ 1/ 1954 حتى السداد، ولم يطعن الطاعن المذكور في هذا الحكم بالاستئناف بل استأنفه المطعون ضدهم الثلاثة الأول وتمسكوا بطلبيهم الأول والاحتياطي سالفي البيان وظل الاستئناف مطروحاً منهم وحدهم دون أن يقابله استئناف من الطاعن الأول حتى قضت محكمة الاستئناف في الشق السادس من حكمها بتأييد الحكم المستأنف فيما قضى به من إلزام الطاعن الأول بأن يدفع للمطعون ضدهم الثلاثة الأول مبلغ 9512 ج و500 م والفوائد بواقع 5% من تاريخ المطالبة القضائية الحاصلة في 4/ 1/ 1954 - وإذ كان الحكم الابتدائي الذي قضى بالفوائد ضد الطاعن الأول نهائياً قبله بعدم طعنه عليه بالاستئناف وكان الحكم المطعون فيه لم يقض في الاستئناف المقام على الطاعن بفوائد أكثر مما قضى به الحكم الابتدائي وإنما حكم بتأييده فيما قضى به ضده من فوائد عن المبلغ المحكوم به ابتدائياً وبذات السعر وعن المدة عينها - فإنه لا يجوز للطاعن الطعن في هذا الحكم بالنقض في خصوص قضائه عن الفوائد.
وحيث إن الطعن فيما عدا ذلك قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعن الأول ينعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من عدة وجوه أولها أن الحكم استند في مساءلته عن التعويض إلى تكوينه شركة مع آخرين غرضها ذات غرض الشركة التي كونت بينه وبين المطعون ضدهم الثلاثة الأول وإلى بيعه للشركة الجديدة ذات الأرض التي كان قد تعاقد على بيعها للشركة الأولى وإلى أن هذا قد تم منه دون أن يحصل تقايل من العقد المبرم مع المطعون ضدهم الثلاثة الأول لأن الإيجاب الصادر منهم بالفسخ لم يطابقه القبول الصادر من الطاعنين، وهذا النظر من الحكم المطعون فيه ينطوي على مخالفة القانون لأن الثابت من الأوراق أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول أعلنوا عن رغبتهم في فسخ عقد الشركة بكل الوسائل القانونية وقد وافقهم الطاعنان على هذا الفسخ بجلسة 25/ 1/ 1954 فتلاقى بذلك الإيجاب والقبول وأصبح العقد مفسوخاً باتفاق الطرفين من ذاك التاريخ أي قبل تكوين الشركة الجديدة بين الطاعن الأول وآخرين وقبل تصرفه في الأرض إليها في 29/ 1/ 1954.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم الطعون فيه قرر في خصوص انتفاء حصول التفاسخ ما يلي... "أن المستأنفين (المطعون ضدهم الثلاثة الأول) رفعوا الدعوى طالبين في صحيفة افتتاحها فسخ عقد الاتفاق وحل الشركة مع رد المبلغ المدفوع وقدره 16812 ج و500 م وتعويض قدره خمسة آلاف جنيه وقد حدد لنظر الدعوى جلسة 25/ 1/ 1954 وفيها قرر الحاضر عن المستأنف عليهما (الطاعنين) أنه يوافق على طلب فسخ العقد وفض الشركة وذلك لتقصير المدعين (المطعون ضدهم الثلاثة الأول) عن الوفاء بالتزاماتهم وترى المحكمة أن هذا القبول من جانبهما لا يعتبر مطابقاً للإيجاب الصادر من المستأنفين (المطعون ضدهم الثلاثة الأول) إذ أن هذا الإيجاب كما تضمنته صحيفة الدعوى كان قائماً على أساس إخلال المستأنف عليهما (الطاعنين) بالتزاماتهما فإذا ما جاء القبول مغايراً للإيجاب أو محدداً بتغيير أساسه فلا يعتبر أن هنالك تطابقاً بين الإيجاب والقبول وخاصة أن المستأنفين (المطعون ضدهم الثلاثة الأول) قد اتخذوا أساس إيجابهم بالفسخ وهو تقصير المستأنف عليهما (الطاعنين) في التزاماتهما سبباً يقوم عليه هذا الإيجاب وسبباً أيضاً للمطالبة بالرد والتعويض. ومن ثم فقد انعدم التطابق بين الإيجاب والقبول ولا محل للقول بحصول التفاسخ" - وهذا الذي قرره الحكم صحيح في القانون ذلك أنه يجب لتمام الاتفاق وانعقاده أن يكون القبول مطابقاً للإيجاب، أما إذا اختلف عنه زيادة أو نقصاً أو تعديلاً فإن العقد لا يتم ويعتبر مثل هذا القبول رفضاً يتضمن إيجاباً جديداً - ولما كانت محكمة الموضوع قد استندت فيما قررته من انتفاء حصول التفاسخ لعدم مطابقة الإيجاب للقبول إلى ما استخلصته استخلاصاً سائغاً من العبارات المتبادلة بين طرفي الخصومة في مجلس القضاء، لما تفيده هذه العبارات من أن قبول الطاعنين جاء مشروطاً باعتبار المطعون عليهم الثلاثة الأول هم المقصرون في التزاماتهم، بينما كان أساس دعوى هؤلاء هو تقصير الطاعنين - وكان لا رقابة في ذلك من محكمة النقض لأن استخلاص حصول التفاسخ من عدمه هو مما يستقل به قاضي الموضوع - لما كان ذلك، فإن النعي بهذا الوجه يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله ذلك أنه اعتبر شركة التضامن التجارية التي عقدت بين الطاعن وباقي الشركاء ومنهم المطعون ضدهم الثلاثة الأول والتي لم تستوف إجراءات الشهر والنشر قائمة حتى يحكم ببطلانها ورتب على ذلك مسئولية الطاعن عن التعويض لعدم نقله للشركة ملكية أطيانه المشار إليها باتفاق 1/ 6/ 1952، في حين أن من المقرر قانوناً أن الشركات التجارية التي لم تستوف إجراءات الشهر والنشر لا تكتسب الشخصية المعنوية، ويجوز للشركاء الاحتجاج بعضهم على بعض بالبطلان الناشئ من عدم شهرها أو النشر عنها، ويضيف الطاعن أن الشركة كانت قد انقضت منذ 25/ 1/ 1954 بالتفاسخ وانحل بذلك العقد المبرم بشأنها والاتفاق التمهيدي المؤرخ 1/ 6/ 1952 المتضمن تعهده ببيع أطيان لها، وأن هذا كله ينفي التزامه بنقل ملكية هذه الأطيان إليها ولا يبقى للمطعون ضدهم الثلاثة الأول سوى استرداد ما دفعوه من ثمنها دون أي تعويض.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه من المقرر وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن عدم استيفاء شركة التضامن إجراءات الشهر والنشر لا يترتب عليه بطلانها فيما بين الشركاء إلا إذا طلب ذلك أحدهم وحكم به، وعندئذ يعتبر العقد موجوداً وصحيحاً طوال الفترة السابقة على القضاء بالبطلان فيرجع إليه في تنظيم العلاقة بين الشركاء وتسوية حقوقهم والتزاماتهم - ذلك أن البطلان الناشئ عن عدم اتخاذ إجراءات الشهر والنشر لا يقع بحكم القانون بل تظل الشركة قائمة باعتبارها شركة فعلية ويسري عقدها في مواجهة الشركاء حتى يطلب بطلانها ويقضى به - لما كان ذلك، وكان الحكم الطعون فيه قد قرر أن بطلان الشركة لعدم استيفاء - إجراءات الشهر والنشر لا ينتج أثره إلا بعد الحكم به وأنها تكون قائمة في الفترة بين تكوينها والحكم ببطلانها ورتب على ذلك مساءلة الطاعن عن التعويض لعدم تنفيذه التزامه بنقل ملكية ما باعه من أرض لها أثناء قيامها وبيعه ذات الأرض لشركة أخرى قبلما يقضى ببطلان الشركة الأولى، فإن الحكم المطعون فيه يكون بذلك قد توخى صحيح حكم القانون - وما يقوله الطاعن من أن تصرفه في الأرض بالبيع لشركة أخرى قد حصل في 29/ 1/ 1954 بعد أن كان التفاسخ قد تم في 25/ 1/ 1954 وانحلت الشركة تبعاً لذلك - هذا القول مردود بما سلف بيانه في الرد على الوجه الأول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه قرر أن إجراءات شهر الشركة تقع على عاتق كل شريك ومنهم الطاعن باعتباره أحد الشركاء، وأنه كان يتعين عليه إتمام الشهر والنشر ونقل ملكية الأرض إلى الشركة في حين أن الثابت بالاتفاق التمهيدي المؤرخ أول يونيه سنة 1952 وعقد الشركة المؤرخ 15 يونيه سنة 1952 أن المطعون ضده الثالث هو مدير الشركة، وهو بهذه الصفة المسئول وحده عن شهر الشركة والنشر عنها، وإذ لم يقم بذلك فإنه يكون مسئولاً عن عدم استطاعة الطاعن نقل ملكية الأرض للشركة قبلما تستكمل كيانها ووجودها القانوني، مما تنتفي معه مساءلة الطاعن عن التعويض.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الحكم المطعون فيه أورد في هذا الخصوص ما يلي "إن ما يقوله المستأنف عليه الأول (الطاعن) من أنه لم يستطع القيام بنقل الملكية إلى الشركة ما دامت إجراءات شهرها لم تتم وبالتالي فلم يكن لها الشخصية الاعتبارية التي تستطيع معها تلقي هذا الحق، فإن هذا القول مردود بما سبق ذكره من أن إتمام إجراءات الشهر لا يحرمها شخصيتها الاعتبارية إذ أن هذه الشخصية تترتب للشركة بمجرد تكوين عقدها، فإن الشخص المعنوي يستند في وجوده إلى وجود العقد حتى يحكم ببطلانه، وقد ثبت من وقائع هذه الدعوى أن عقد الشركة قد أبرم. على أنه من ناحية أخرى فإن إجراءات شهر الشركة تقع على عاتق كل شريك والمستأنف عليه الأول (الطاعن) هو أحد الشركاء فلا يجوز له أن يستفيد من إهماله - وأنه متى ثبت أن المستأنف عليه (الطاعن) قعد عن القيام بنقل ملكية الأطيان المبيعة منه إلى الشركة وقام ببيعها إلى الشركة المستأنف عليها الثالثة (المطعون ضدها الرابعة) بموجب تصرف مسجل حرم به المستأنفون (المطعون ضدهم الثلاثة الأول) من تنفيذ التزامه جبراً. وحتى هذا فضلاً عما فيه من إخلال المستأنف عليه الأول (الطاعن) بالتزامه بموجب العقد الابتدائي المؤرخ أول يونيه سنة 1952 فإنه أيضاً مخالف للالتزام الوارد بعقد الشركة المبرم في 15 من يونيه سنة 1952 حيث جاء بهذا العقد في البند العاشر منه أنه لا يحق لأحد الشركاء أن يبيع حصته أو يتنازل عن جزء منها إلا بموافقة الشركاء كتابة" - وهذا الذي قرره الحكم المطعون فيه لا مخالفة فيه للقانون. ذلك أن المستفاد من نص المادة 49 من قانون التجارة أن استيفاء الإجراءات المتعلقة بشهر ونشر الشركة ليس منوطاً بمدير الشركة وحده بل يجوز لكل من الشركاء القيام به, ومتى كان الطاعن هو أحد الشركاء وفي مكنته القيام بهذه الإجراءات فإن الحكم المطعون فيه إذ قرر - وهو بصدد مؤاخذته على عدم قيامه بإجراءات الشهر والنشر بصفته شريكاً - أنه لا يفيد من إهماله للتخلص من التزامه قبل باقي الشركاء بنقل ملكية ما باعه من أرض إلى الشركة ومن مسئوليته عن التعويض بعد أن جعل تنفيذ الالتزام عيناً متعذراً بتصرفه في ذات الأرض لشركة أخرى بعقد مسجل - إذ قرر الحكم ذلك لا يكون قد خالف القانون.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه تناقض أسبابه. فبينما ذهب إلى أن عدم إتمام إجراءات الشهر والنشر يترتب عليه البطلان الذي يجوز معه للشركاء أن يتمسكوا به في مواجهة بعضهم البعض، إذ به يقرر في موضع آخر أن الشركة موضوع عقد 15/ 6/ 1952 قد اكتسبت شخصيتها الاعتبارية بمجرد تحرير عقدها ويجوز للشركاء التمسك في مواجهة بعضهم البعض بهذه الشخصية، وهذان التقريران من جانب الحكم ينطويان على تناقض ظاهر في خصوص تكييف الشركة والقواعد القانونية التي تحكمها.
وحيث إن هذا النعي مردود بما سلف بيانه في الرد على الوجهين الثاني والثالث من السبب الأول من أسباب الطعن وبما هو مقرر من أنه وإن كان لكل شريك في شركة تضامن الحق في أن يطلب بطلان الشركة في مواجهة الشركاء لعدم اتخاذ إجراءات الشهر والنشر حتى لا يبقى في شركة مهددة بالانقضاء في أي وقت قبل الأجل المحدد لها بعقد تكوينها، إلا أنه ليس لهذا البطلان أثر رجعي, بل تظل الشركة الموجودة وجوداً صحيحاً طوال الفترة السابقة على القضاء به رغم عدم اتخاذ إجراءات الشهر والنشر وذلك باعتبارها شركة فعلية لها شخصيتها الاعتبارية التي تستمد وجودها من العقد. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذه التقريرات القانونية الصحيحة وحدد على هداها طبيعة البطلان الناشئ من عدم اتخاذ إجراءات الشهر والنشر في شركات التضامن فإن النعي عليه بالتناقض في هذا الخصوص على النحو الذي يثيره الطاعن يكون على غير أساس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق