الصفحات

الجمعة، 17 مارس 2023

الطعن 345 لسنة 29 ق جلسة 11 / 6 / 1964 مكتب فني 15 ج 2 ق 128 ص 814

جلسة 11 من يونيه سنة 1964

برياسة السيد المستشار/ الدكتور عبد السلام بلبع، وبحضور السادة المستشارين: محمود توفيق إسماعيل، ومحمد عبد اللطيف مرسي، وحافظ محمد بدوي، وصبري فرحات.

-----------------

(128)
الطعن رقم 345 لسنة 29 القضائية

بيع. "التزامات البائع". "ضمان الاستحقاق". تعويض. تسجيل.
حق المشتري حسن النية في التعويض عن إبطال البيع لعدم ملكية البائع البيع. المادة 468 مدني. مناط حسن نية المشتري هو جهله بأن المبيع غير مملوك للبائع. عدم انتفاء حسن النية لمجرد علم المشتري بأن سند البائع له عقد بيع غير مسجل.

----------------
المقصود من المادة 468 من القانون المدني التي تقضي بأنه "إذا حكم للمشتري بإبطال البيع وكان يجهل أن المبيع غير مملوك للبائع فله أن يطالب بتعويض ولو كان البائع حسن النية" هو تقرير حق المشتري الذي حكم له بإبطال البيع في التعويض متى كان حسن النية، وإذ جعل المشرع مناط حسن نية المشتري هو جهله بأن المبيع غير مملوك للبائع له فهو يعني ألا يكون هذه المشتري عالماً وقت شرائه بأن البائع له لا يملك المبيع وبأنه يستحيل عليه لذلك نقل الملكية إليه، ومن ثم فلا ينتفي حسن النية عن المشتري لمجرد علمه بأن سند البائع له عقد بيع ابتدائي لما يسجل إذ في هذه الحالة لا يستحيل على البائع نقل الملكية إليه بل إن انتقالها يكون ممكناً بمجرد تسجيل البائع عقد تمليكه ولا يعني عدم تسجيل العقد عيباً فيه، ذلك أم عقد البيع غير المسجل عقد منتج لجميع آثاره ومنها التزام البائع بنقل الملكية للمشتري وبتسجيله تنتقل إليه الملكية فعلاً متى كان البائع مالكاً للمبيع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي الأوراق - في أن الطاعن أقام ضد المطعون عليهما الدعوى رقم 5384 سنة 1955 مدني كلي القاهرة طالباً القضاء بفسخ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 2 نوفمبر سنة 1951 المتضمن بيعهما له قطعة الأرض الموضحة في صحيفة افتتاح الدعوى وإلزامها متضامنين بأن يدفعا له مبلغ 825 جنيهاً وقال بيانا لدعواه إنه بعقد بيع ابتدائي تاريخه 2/ 11/ 1951 اشترى منها متضامنين قطعة أرض فضاء لقاء ثمن إجمالي دفع وقت العقد مقداره 275 ج ونص في عقد البيع على ضمان البائعين خلو المبيع من كافة الحقوق العينية وعلى التزامهما بالتوقيع له على عقد البيع النهائي بمجرد تسجيل عقد شرائهما لنفس العين من مالكها - عبد الحافظ حسن شاهين - وأنه أقام على الأرض بناء ولكن ولم يكد يمضي على إقامته زمن طويل حتى قامت بلدية القاهرة بهدمه وبالاستيلاء على الأرض نفسها لأنها هي المالكة لها وأنه بذلك يكون المطعون عليهما قد باعاه أرضاً غير مملوكة لهما مما يخوله طلب فسخ عقد البيع واسترداد ثمن البيع وقدره 275 ج وقيمة المباني التي أنشأها ومقدارها 250 ج وتعويضاً قدره مبلغ 300 ج، دفع المطعون عليهما الدعوى بأن البائع لهما يملك أرض النزاع ميراثاً عن والده الذي حكم بملكيته لها بحكم صادر من محكمة القاهرة الابتدائية المختلطة. وبجلسة 24 فبراير سنة 1958 حكمت محكمة أول درجة بفسخ عقد البيع المؤرخ 2 من نوفمبر سنة 1951 وبإلزام المطعون عليهما أن يدفعا للطاعن مبلغ 529 ج و360 م مقيمة قضاءها على ما قررته من أنها حكمت في نفس الجلسة في الدعوى رقم 2367 سنة 1949 مدني كلي القاهرة برفض دعوى عبد الحافظ حسن شاهين - البائع المطعون عليهما - ضد الحكومة بطلب تثبيت ملكيته لأرض النزاع لما ثبت لها من ملكية الحكومة لهذه الأرض وأنه بذلك يكون المطعون عليهما قد باعا الطاعن ما لا يملكان فيحق له فسخ العقد - كذا - واسترداد ما ثبت تعجيله من الثمن وقدره 243 ج وقيمة ما شيده على الأرض المبيعة من بناء ومقدارها 236 ج و360 م تعويضاً قدرته مبلغ 50 ج، استأنف المطعون عليهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 567 سنة 75 ق القاهرة وبجلسة 14 من إبريل سنة 1959 حكمت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف وإلزام المستأنفين - المطعون عليهما - بأن يدفعا للمستأنف عليه - الطاعن - مبلغ 243 ج فقط وهو قيمة المعجل من الثمن. طعن الطاعن في هذا العقد بطريق النقض وأبدت النيابة الرأي بطلب نقض الحكم وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 13 نوفمبر سنة 1962 وفيها قررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها السابق.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون والقصور في التسبيب. ذلك أن الحكم أسس قضاءه برفض طلبه التعويض على أنه - الطاعن - لم يكن يجهل أن المطعون عليهما لم يكونا بعد مالكين للأرض المبيعة منهما بل كان يعلم أنهما مشتريان مثله بعقد ابتدائي، مما مفاده أن الحكم اعتبر علة عدم استحقاقه التعويض علمه بأن البائعين له لم يسجلا عقد شرائهما لأرض النزاع الصادر لهما من عبد الحافظ حسن شاهين، وهذا من الحكم خطأ في القانون وقصور في التسبيب ذلك أن علم الطاعن بعدم تسجيل عقد البائع له لا يمنع قانوناً من الحكم له بالتعويض طبقاً للمادة 468 مدني إذ أن البائع الذي لم يسجل العقد الذي اشترى به المبيع لا يعتبر بائعاً ملك غيره فللمشتري منه أن يطالبه بتنفيذ أخص التزاماته وهو التزامه بنقل الملكية التي تنتقل إليه بتسجيل التصرفات التي توالت على المبيع حتى المشتري الأخير، والثابت في النزاع الحالي أن الطاعن لم يكن يعلم وقت الشراء بسبب الاستحقاق وهو أن الأرض التي اشتراها من المطعون عليهما مملوكة للحكومة إذ نص في عقد شرائه المؤرخ 2/ 11/ 1951 على أن البائعين له يملكان قطعة الأرض المبيعة بموجب عقد بيع ابتدائي صادر لهما من عبد الحافظ حسن شاهين بتاريخ 18/ 2/ 1947 وأن هذا الأخير يملكها بالميراث عن والده المرحوم حسن إبراهيم شاهين الذي يملكها بدوره بحكم صادر من محكمة القاهرة المختلطة في 23/ 6/ 1945 في الدعوى رقم 2024 سنة 69 ق كما نص في ذات العقد على أن المبيع خال من كافة الحقوق العينية أياً كان نوعها وهو ما ينتفي معه علمه بأن البائعين له لم يكونا وقت البيع مالكين للعقار المبيع.
وحيث إنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن خلص إلى أن المطعون عليهما قد باعا الطاعن ما لا يملكان وبعد أن قرر أحقية الطاعن في استرداد ما عجله من ثمن المبيع أقام قضاءه برفض طلب التعويض على قوله ومن حيث إنه بالنسبة لطلبي التعويض وتلك التكاليف التي أشار إليها المستأنف عليه - الطاعن - مقرراً أن تكبدها في سبيل إنشاء مبانيه بالاشتراك مع المستأنفين - المطعون عليهما - على قطعتي الأرض فمما لا نزاع فيه وفقاً للعقد المحرر بين الطرفين أن المستأنف عليه لم يكن يجهل أن المستأنفين البائعين له لم يكونا بعد مالكين للأرض المبيعة بل كان يعلم أنهما متفقان مثله وبموجب عقد بيع ابتدائي مع من يدعى عبد الحافظ حسن شاهين قيل في ورقة العقد أنه المالك الأصلي دون تقديم أي مستند ينبئ عن ملكيته للعقار موضوع النزاع فإذا ما سعى أي المستأنف عليه باعتباره مشترياً ووضع يده وأنشأ مبان على عقار لم تستقر ملكيته بعد سواء له أو لمن تعاقد معه طبقاً للإجراءات التي رسمها القانون فإنه وحده يعد مسئولاً عن عمله ويضحى سعيه مردوداً عليه فمتى ثبت أنه كان يعلم وقت شرائه بالعيب اللاحق بسند المتعاقدين معه أي المستأنفين وأنه أقدم على الشراء مجازفاً وتحت مسئوليته فإنه لا يكون له الحق في طلب أية تضمينات طبقاً لنص المادة 468 من القانون المدني. ولما كانت المادة 468 من القانون المدني تنص على أنه "إذا حكم للمشتري بإبطال البيع وكان يجهل أن البيع غير مملوك للبائع فله أن يطالب بتعويض ولو كان البائع حسن النية" وكان ما يقصده المشرع من هذا النص هو تقرير حق المشتري الذي حكم له بإبطال البيع في التعويض متى كان حسن النية، ولما كان المشرع إذ جعل مناط حسن نية المشتري وهو جهله بأن المبيع غير مملوك للبائع له إنما يعني ألا يكون هذا المشتري عالماً وقت شرائه بأن البائع له لا يملك المبيع وأنه يستحيل عليه لذلك نقل الملكية إليه ومن ثم فلا ينتفي حسن النية عن المشتري لمجرد علمه بأن سند البائع له عقد بيع ابتدائي لما يسجل إذ في هذه الحالة لا يستحيل على البائع نقل الملكية إليه بل إن انتقالها يكون ممكناً بمجرد تسجيل البائع عقد تمليكه ولا يعني عدم تسجيل العقد عيباً فيه خلافاً لما قرره الحكم المطعون فيه ذلك أن عقد البيع غير المسجل عقد منتج لجميع آثاره ومنها التزام البائع بنقل الملكية للمشتري وبتسجيله تنتقل إليه الملكية فعلاً متى كان البائع مالكاً للمبيع. لما كان ما تقدم، وكان الحكم قد أقام قضاءه برفض طلب التعويض على مجرد علم الطاعن بأن المطعون عليهما - البائعين له - مشتريان بعقد بيع لم يسجل مع أن علمه بذلك لا يتحقق به - على ما تقدم ذكره - سوء النية المانع من استحقاق المشتري للتعويض فإن الحكم يكون معيباً بما يستوجب نقضه بغير حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق