الصفحات

الجمعة، 3 مارس 2023

الطعن 293 لسنة 21 ق جلسة 14/ 10/ 1952 مكتب فني 4 ج 1 ق 9 ص 18

جلسة 14 من أكتوبر سنة 1952

برياسة حضرة السيد أحمد محمد حسن رئيس المحكمة وبحضور حضرات السادة: إبراهيم خليل ومحمد أحمد غنيم وإسماعيل مجدى ومصطفى حسن المستشارين.

---------------

(9)
القضية رقم 293 سنة 21 القضائية

تقطير. 

كحول محول. نزع كل أو بعض المواد المحولة منه محظور.

-------------
إن المادة الثالثة من مرسوم 9 سبتمبر سنة 1934 قد نصت فى الشطر الأول من فقرتها الثانية على حظر نزع كل أو بعض المواد المحولة من الحكول المحول. فإذا كان الثابت فنيا أن عملية ترشيح الكحول المحول خلال الفحم النباتى أو الفحم الحيواني - وهي الطريقة التى اتبعها المتهم فى الكحول المستعمل بمصنعه - تفقده جزءا من مواد التحويل, فإن هذا المتهم يكون قد استعمل وسائل كيماوية فى نزع المواد المحولة من كمية الكحول المستعملة كان من نتيجتها انتاج كحول لم يدفع عنه رسم إنتاج, ويكون عليه أن يؤدى عن ذلك ما تستحقه مصلحة الانتاج من رسوم وتعويض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة هذين المتهمين بأنهما استعملا وسائل كيمائية فى نزع المواد المحولة من كمية كحول استعمل بالورش المذكورة لتلميع الأثاث وسائل كان من نتيجتها انتاج كحول لم يدفع عنه رسوم الانتاج, وطلبت عقابهما بالمواد 1و3و9و11و12و14 من المرسوم المؤرخ فى 9 سبتمبر سنة 1934 والقرار رقم 105 لسنة 1934 الخاص برسوم الانتاج على الكحول والقانون رقم واحد لسنة 1939 الخاص بتحديد العقوبات فى جرائم الانتاج. وقد ادعت مصلحة الانتاج بحق مدنى قبل المتهمين وطلبت الحكم لها بالرسوم والتضمينات المستحقة لمصلحة الجمارك. سمعت محكمة المخالفات المختلطة بالاسكندرية الدعوى وقضت أولا بإحالة مصلحة الانتاج المدعية بالحقوق المدنية لرفع دعواها أمام المحكمة المدنية المختصة. وثانيا بإلزام المتهمين بأن يدفع كل منهما غرامة قدرها خمسة جنيهات مع إلزامهما أيضا بالتضامن بالمصاريف, وأمرت بمصادرة المواد المنتجة والأدوات المضبوطة وأمرت أيضا بغلق المحل لمدة شهر واحد. فاستأنف الحكم كل من المحكوم عليهما والمدعية بالحقوق المدنية والمحكمة الاستئنافية قضت فى 5 مايو سنة 1949 بقبولهما شكلا وفى الموضوع قررت أن الاستئناف الأول يقوم على أساس والثانى على غير أساس ورفضته, كما قضت بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة المتهمين مما هو منسوب إليهما. فطعنت مصلحة الانتاج فى هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنها برقم 407 سنة 20 القضائية ورقم (302 سنة 50 نيابة) ومحكمة النقض قضت بتاريخ 23 مايو سنة 1950 بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بنقض الحكم المطعون فيه وإحالة الدعوى إلى محكمة الاسكندرية الابتدائية لتقضى فيها من جديد دائرة استئنافية أخرى وإلزام المطعون ضدهما بالمصاريف. سمعت محكمة اسكندرية الابتدائية من جديد بهيئة استئنافية هذه الدعوى وقضت فيها بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به فى الدعوى المدنية وإلزام المتهمين نسيم بنتريمولى وألكسندر بيرونا بأن يدفعا بالتضامن لمصلحة الانتاج مبلغ 170ج و720م مائة وسبعين جنيها وسبعمائة وعشرين مليما والمصاريف المدنية الاستئنافية المناسبة ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. فطعن الطاعنان فى هذا الحكم بطريق النقض... ألخ.


المحكمة

حيث إن واقعه الدعوى على ما يبين من التحقيقات التى أجريت فى شتى مراحلها وما دار منها بجلسة المحاكمة, تتحصل فى أنه اتصل بمصلحة الانتاج أن مصنع أثاث المدعى عليه الأول الذى يديره الثانى يستعمل كحولا محولا منزوع اللون فى أعمال التلميع فانتقل بعض رجالها فى 27 مارس سنة 1947 إلى المصنع المذكور, بناء على أمر صدر إليهم بتفتيشة من وكيل إدارة الرسوم حيث قابلوا مديره المدعى عليه الثانى وسألوه عما يتبع فى تلميع المصنوعات فأجابهم بأنه يشترى الكحول المحول ويعيد تكريره بوضع مادة الفحم النباتى عليه وتصفيته بواسطة ورق الترشيح وعلى أثر ذلك أجروا عملية تفتيش أسفرت عن ضبط زجاجة من سعة نصف أقة عليها قمع من الصفيح من داخله آخر من ورق الترشيح به كحول محول مخلوط بفحم نباتى وعملية الترشيح جارية, وزجاجة أخرى من نفس السعة تحتوى مقدارا من الكحول المنزوع اللون, وثالثة مماثلة ومملوءة بهذا الكحول مضافة إليه مادة "الجومالكة البيضاء" وقال المدير إنه يتبع طريقة تبييض الكحول منذ ثلاث سنين وهى المدة التى قضاها فى خدمة المصنع إذ كلما كان رئيس الورشة يطلب كحولا أبيض فلا يجده فى الصيدليات فإنه كان يتبع هذه الطريقة فى الحصول عليه, وذكر أنه كان يلزم لتلميع الغرفة الواحدة من هذا الكحول من ثلاث إلى أربع زجاجات كما قرر أن المسئول عما تطلبه الحكومة من رسوم وتعويضات عن هذه العملية هى إدارة المصنع حيث كانت هى تقوم بهذه العملية من قبل تعيينه وأنه ما جرى فى ذلك إلا على خطتها ولقد شهد حسن على الكعكى رئيس ورشة التلميع بمحضر التحقيق بأنهم منذ ثلاث سنوات يضطرون إلى تكرير الكحول كلما كانت لديهم غرف بيضاء ولم جدوا الكحول الأبيض فى السوق وأن هذه الغرف كانت قليلة بحيث لا تتجاوز الواحدة فى السنة, وأن هذا التكرير كان يحصل عن طريق خلط الكحول بفحم الكربون وتركه مدة أربع وعشرين ساعة ليختمر وتصفيته بعد ذلك بورق الترشيح. وقرر هذا الشاهد أن هذه العملية كانت تجرى بأمر الإدارة وذلك من عهد الخواجه بخور صاحب المحل المتوفى, ثم جرى العمل بها من بعده وبعلم ولده المدعى عليه الأول الذى يحضر المواد اللازمة لها من كحول وفحم وأوراق الترشيح وقد سئل المدعى عليه المذكور فى التحقيق مواجها بما قاله كل من مدير مصنعه ورئيس ورشة التلميع فأقرهما على ما قالا ولكنه قال إنه ما كان يحسب أن العملية ممنوعة إذ يجرى العمل بها فى سائر الورش كما قال إن ورشته لا تستهلك من هذا الكحول أكثر من ثلاث أو أربع زجاجات فى السنة" ثم أحال فى كافة البيانات المطلوبه إلى دفاتر محلاته وذكر أنه مستعد لأداء ما تفرضه عليه مصلحة الجمارك من الرسوم والحقوق المدنية عما استعملته الورشة من ذلك الكحول وما ضبط منه وكذلك فقد أوفد مدير محله المدعى عليه الثانى فى 25 سبتمبر سنة 1947 إلى إدارة رسوم الانتاج حيث قال هذا الأخير إن المصنع مستعد لدفع الرسوم والتعويضات المستحقة فى هذه القضية إلا أنه يعترض على تقديره على أساس خمس لترات من الكحول لكل غرفة إذ هى لا تحتاج فى الواقع لأكثر من مقدار يتراوح بين اللترين والثلاثة وذلك حسب نوع الخشب. ولما كان قد تبين من اطلاع مندوب المصلحة على دفاتر المصنع أن عدد الغرف التى لمعت فى المدة السابقة على الضبط تسعة وخمسون اعترض المدير بأن هذا هو عدد الغرف البيضاء والحمراء معا دون تمييز وأن الغرف البيضاء منها هى وحدها التى كانت تستخدم الكحول المرشح. ووعد بتقديم بيان مفصل بها من واقع الدفاتر ولكنه لم يقدم شيئا.
وحيث إنه وإن كان قد ورد بالتقرير الكيمائى الاستشارى والمقدم من المدعى عليهما أن عملية ترشيح الكحول لا يترتب عليها نزع المواد المحولة كليا أو جزئيا بل أن هذا الكحول يظل محتفظا بخواص المواد التى أضيفت إليه قبل ترشيحه مما معناه أن تلك المواد لا تنتزع من الكحول المحول بالترشيح بالفحم النباتى. إلا أن الثابت من تقرير المعمل الكيمائى الذى ندبته المحكمة للاطلاع على الأوراق وإبداء رأيه فى المسألة الفنية أن عملية ترشيح الكحول المحول خلال الفحم النباتى أو الفحم الحيوانى تفقده جزءا من مواد التحويل, ولو أن الثابت أن إزالتها كلية بهذه الطريقة غير مجد. وتطمئن المحكمة إلى ما جاء بهذا التقرير وتأخذ به فى ثبوت أن الكحول الذى استعمله المدعى عليهما باعترافهما قد حول فى سبيل تغيير لونه وذلك عن طريق نزع المواد المحولة منه دون أن يؤثر فى هذا الثبوت أن تكون هذه المواد قد نزع بعضها دون باقيها مادامت المادة الثالثة من مرسوم 9 سبتمبر سنة 1934 فى الشطر الأول من فقرتها الثانية قد نصت على حظر نزع كل أو بعض المواد المحولة من الكحول المحول.
وحيث إنه لما تقدم يكون قد ثبت لدى المحكمة أن المدعى عليهما قد استعملا وسائل كيمائية فى نزع المواد المحولة من كمية كحول استعمل بمصنع المدعى عليه الأول فكان من نتيجة تلك الوسائل إنتاج كحول لم تدفع عنه رسوم إنتاج, وبثبوت هذه الواقعة على المدعى عليهما يكون طلب الرسوم والتعويض قد أصبح قائما على ما يبرره فى القانون ولا يبقى بعد ذلك إلا بحث عناصر الطلب المذكور.
وحيث إن مصلحة الإنتاج تقدر الرسوم المطلوبة على أساس خمسة لترات عن كل غرفة وباعتبار عدد الغرف 59 خلافا فى ذلك لما اعترض به المدعى عليهما على ما سبق بيانه. ولما كان المدعى عليهما لم يقفا فى تقديرهما لما يحتاج إليه تلميع الغرفة الواحدة من الكحول عند قول ثابت إذ ذكرا فى أقوال لهما بالتحقيقات أن هذا المقدار يتراوح بين ثلاث وأربع زجاجات, ثم انتهيا إلى القول بأنه إنما يتراوح بين اللترين والثلاثة وكان المستفاد من تقريرات مدير محل المدعى عليه بفرع القاهرة أن الكحول المرشح يستعمل فى تلميع جميع الغرف عامة دون تمييز بين البيضاء منها وغيرها ولم يقدم المدعى عليهما من جانبهما ما ينفى ذلك, لما كان ذلك, فترى المحكمة أن يكون التقدير باعتبار أن الغرفة الواحدة تستهلك فى التلميع أربعة لترات أخذا فى ذلك برقم متوسط وباعتبار أن عدد الغرف التى استخدم لها هذا الكحول هو 59 غرفة وبذلك فيكون جملة ما استخدمه المدعى عليهما من الكحول المنزوع دون دفع رسم عنه هو 236 لترا يستحق عليها رسم بواقع 440 مليما وذلك على الأساس الذى دفع بمقتضاه المدعى عليهما المبالغ الموردة منهما إلى المصلحة طبقاً للكشف المرافق للأوراق, ويكون إذن ما تستحقه المصلحة من الرسوم عن ذلك المقدار هو 103 جنيه و840 مليما مضاف إليه مبلغ مماثل مقابل التعويض الذى ترى المحكمة القضاء للمصلحة به وتكون الجملة 207 جنيه و680 مليما فإذا ما استنزل من ذلك ما سبق أن سدده المدعى عليهما وقدره 36 جنيها و960 مليما باعتبار رسم اللتر الواحد 440 مليما كان ما يتعين أن تحكم به المحكمة لمصلحة الإنتاج بصفة رسوم وتعويض هو 170 جنيها و 720 مليما وذلك مع المصاريف المناسبة ومقابل أتعاب المحاماة الذى تقدره المحكمة بعشرة جنيهات.
وحيث إن المدعى عليهما فى خصوص الدعوى المدنية قدما إلى هذه المحكمة مذكرة لجلسة 27 أكتوبر سنة 1951 تناولا فيها وجه الطعن الذى قبلته المحكمة ثم احتفظا بأوجه الطعن الأخرى التى لم تتعرض محكمة النقض لها, ولكنهما لم يقدما بعد ذلك شيئا تأييدا لتلك الأوجه. هذا إلى ما يبين من عناصر الدعوى من أن المدعى عليهما وحدهما هما المسئولان الظاهران عن أعمال المصنع وقد أجابا فى التحقيق بهذه الصفة ولم يعترضا بشئ مما يثيرانه فى تلك الأوجه المشار إليها, كما لم يقدما دليلا على أن عدد الغرف الذى احتسبت الرسوم على أساسه قد استصنع شئ منه قبل عهدهما أو قبل تقرير سعر الرسوم التى دفعا جزءا منها على أساسه. وكذلك فإنه لم يكن ثمت محل لما دفعا به من سقوط الرسوم بمضى المدة بعد ما أبدياه من استعداد لدفع ما يثبت فى ذمتهما منها مما لا يصح معه التمسك بالتقادم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق