الصفحات

الثلاثاء، 28 مارس 2023

الطعنان 290 ، 303 لسنة 35 ق جلسة 11 / 6 / 1970 مكتب فني 21 ج 2 ق 165 ص 1031

جلسة 11 من يونيه سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ إبراهيم عمر هندي، نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: السيد عبد المنعم الصراف، ومحمد صدقي البشبيشي، ومحمد سيد أحمد حماد، وعلي عبد الرحمن.

----------------

(165)
الطعنان رقما 290 و303 لسنة 35 القضائية

(أ) صلح. "الدفع بانقضاء المنازعة بالصلح". دعوى. حكم. "حجية الحكم" قوة الأمر المقضي.
الدفع بانقضاء المنازعة بالصلح. جواز التنازل عنه صراحة أو ضمناً. عدم التمسك به عند تجدد المنازعة حتى صدور حكم نهائي فيها. عدم جواز الاستناد إلى عقد الصلح بعد ذلك في دعوى مستقلة كدليل لنقض حجية هذا الحكم.
(ب) حكم. "الطعن في الأحكام". "الأحكام غير الجائز الطعن فيها". التماس إعادة النظر. نقض.
عدم اعتبار الغش سبباً لإلغاء الأحكام الانتهائية بدعوى مستقلة أو في صورة دفع لدعوى مبتدأة اعتباره سبباً لالتماس إعادة النظر فيها. عدم قبول الطعن في أحكام محكمة النقض بالتماس إعادة النظر أو بغيره من طرق الطعن.
(ج) صلح. "طبيعته". التزام. "مصادر الالتزام". دفع غير المستحق.
عقد الصلح. أثره. كاشف للحق الذي يتناوله وليس ناقلاً له. عدم صلاحيته سبباً لبقاء هذا الحق بعد زواله. لا يمنع من استرداد غير المستحق.

-----------------
1 - عقد الصلح وإن كان يحسم بين طرفيه المنازعات التي تناولها ويفرض على كل منهما التزاماً بعدم تجديد المنازعة قبل الطرف الآخر فيما تم التصالح عليه، إلا أن الدفع بانقضاء المنازعة بالصلح هو حق مقرر لمصلحة كل من الطرفين، يجوز له أن يتمسك به إذا جدد الطرف الآخر المنازعة في الحق المتصالح فيه، كما يجوز التنازل عن الدفع صراحة أو ضمنا، فإذا لم يقم أحدهما بما التزم به في عقد الصلح وجدد المنازعة في الأمر المتصالح عليه بأن استمر بعد الصلح في إجراءات الدعوى ولم يكن الطرف الآخر قد تمسك بالدفع بحسم المنازعة بالصلح حتى صدر فيها حكم حاز قوة الأمر المقضي، فإنه لا يكون في استطاعة الطرف الذي أسقط حقه في هذا الدفع الاحتجاج بعقد الصلح الذي كان يجوز له تقديمه في المنازعة التي صدر فيها الحكم، ولا يجوز الاستناد إليه في دعوى مستقلة كدليل لنقض حجية الحكم الذي حاز قوة الأمر المقضي.
2 - الغش لا يعتبر سبباً لإلغاء الأحكام الانتهائية عن طريق رفع دعوى مستقلة أو في صورة دفع لدعوى مبتدأة، وإنما هو سبب لالتماس إعادة النظر فيها وهذا الطريق لا يقبل في أحكام محكمة النقض التي لا يجوز الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن وهي نهاية المطاف في الخصومة.
3 - متى كان عقد الصلح كاشفاً للحق الذي تناوله ولا يعتبر ناقلاً له، فإنه لا يصلح سبباً لبقاء هذا الحق بعد زواله، ولا يمنع من استرداد غير المستحق فإذا كان الحكم المطعون فيه قد عول على عقد الصلح في قضائه برفض دعوى الطاعن باسترداد ما دفعه بغير حق، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين قد استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 34 سنة 1962 تجاري الجيزة ضد المطعون عليه طلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 560 ج والفوائد القانونية. وقال شرحاً لدعواه إن المطعون عليه كان قد أقام عليه الدعوى رقم 327 سنة 1952 كلي الفيوم طلب فيها الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ 603 ج و910 م باقي ثمن أقطان باعها إليه بعقد مؤرخ 15 نوفمبر سنة 1951، وأقام الطاعن من جانبه دعوى فرعية طلب فيها إلزام المطعون عليه بدفع مبلغ 287 ج، وثار الخلاف بين الطرفين حول السعر الذي يتخذ أساساً لتحديد ثمن الأقطان المبيعة، فتمسك المطعون عليه بوجوب تحديد السعر على أساس سعر إقفال البورصة يوم 12 فبراير سنة 1952، واعترض الطاعن على ذلك بحجة أن هذا السعر كان سعراً اسمياً لم يجر به تعامل في البورصة، وطلب تحديد الثمن على أساس سعر الإقفال في يوم 24 من إبريل سنة 1952 باعتباره أول يوم جرى فيه تعامل فعلي في البورصة. وقد صدر الحكم في تلك الدعوى بإلزام الطاعن بأن يدفع للمطعون عليه مبلغ 603 ج و910 م وبرفض الدعوى الفرعية المقامة من المدعى عليه. ولما استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه أمامها برقم 317 سنة 72 ق حكمت محكمة الاستئناف بتاريخ 12 يونيه سنة 1956 بتأييده. فطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض بالطعن رقم 381 سنة 26 ق وحكمت محكمة النقض في 5 يونيه سنة 1962 بنقض الحكم وبرفض الدعوى الأصلية المرفوعة من المطعون ضده وفي الدعوى الفرعية بإلزامه بأن يدفع للطاعن مبلغ 105 ج و132 م. واستطرد الطاعن قائلاً شرحاً لدعواه رقم 34 سنة 62 تجاري الجيزة إنه نظراً لأنه قد دفع إلى المطعون عليه بعد صدور الحكم لصالحه في الاستئناف آنف الذكر مبلغ 460 ج، وقد أصبح هذا المبلغ بعد نقض الحكم الصادر في الاستئناف غير مستحق له فقد أقام عليه الدعوى الحالية طالباً الحكم بإلزامه برد هذا المبلغ مضافاً إليه مبلغ 100 ج على سبيل التعويض. وطلب المطعون عليه رفض الدعوى استناداً إلى أن النزاع انتهى بين الطرفين بموجب عقد صلح مؤرخ 29 يناير سنة 1957 تنازل فيه للطاعن عن مبلغ 193 ج من المستحق له بالحكم الاستئنافي السابق الطعن فيه بالنقض مقابل نزول الطاعن عن طعنه فيه بالنقض، وإن الطاعن قام بسداد باقي المبلغ المحكوم به عليه تنفيذاً لهذا الصلح. ولكنه على الرغم من تقريره في عقد الصلح بنزوله نهائياً عن الطعن بالنقض الذي رفعه فإنه عند نظر الطعن أمام محكمة النقض لم يقرر بنزوله عنه، بل استمر فيه دون أن يقدم عقد الصلح إلى هذه المحكمة، وانتهى في دفاعه إلى أنه لا يحق للمدعي التمسك بحكم محكمة النقض لأن تقريره في عقد الصلح بنزوله عن الطعن بالنقض يستتبع نزوله عن الحكم الذي يصدر فيه، وأنه لا يحق له أن يسترد ما دفعه له لأن هذا الوفاء تم تنفيذاً لعقد الصلح. وبتاريخ 26 يناير سنة 1963 قضت محكمة الجيزة الابتدائية بإلزام المدعى عليه بأن يؤدي للمدعي مبلغ 460 ج والفوائد القانونية من تاريخ المطالبة القضائية حتى تاريخ السداد. واستأنف المدعى عليه هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وقيد هذا الاستئناف برقم 605 سنة 80 ق القاهرة، وبتاريخ 4 مارس سنة 1965 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب المبينة بالتقرير وقيد طعنه برقم 290 سنة 35 ق كما طعن فيه بطعن آخر قيد برقم 303 سنة 35 ق وبالجلسة المحددة لنظر الطعنين صمم الطاعن على طلب نقض الحكم وطلب المطعون عليه رفض الطعنين، وصممت النيابة العامة على ما أبدته بمذكرتها وطلبت رفض الطعنين. وقررت المحكمة ضم الطعنين ليصدر فيهما حكم واحد.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتد في قضائه برفض الدعوى على أن الطاعن تنازل بموجب عقد الصلح المحرر في 27 يناير سنة 1957 عن الطعن بالنقض الذي كان قد رفعه عن الحكم الصادر بتاريخ 12 يونيه سنة 1956 في الاستئناف رقم 316 سنة 73 ق القاهرة مقابل أن يترك المطعون عليه مبلغ 193 ج من مجموع المحكوم له به وأن التنازل عن الطعن يستتبع نزوله عن حكم النقض الصادر في ذلك الطعن. وهذا من الحكم مخالف للقانون، ذلك أنه طبقاً لنص المادة 405 من القانون المدني تكون الأحكام التي حازت قوة الأمر المقضي حجة بما فصلت فيه من حقوق، وما كان يجوز لمحكمة الاستئناف أن تعطل تنفيذ حكم النقض وتقبل دليلاً سابقاً على صدوره. ولا يغير من ذلك اتفاق الطاعن في عقد الصلح على التنازل عن طعنه السابق بطريق النقض لأن هذا التنازل لم يعرض على محكمة النقض أثناء نظر الطعن، وهي وحدها المختصة بنظر موضوع ترك الخصومة فيه وكان في استطاعة المطعون عليه بعد إعلانه بتقرير الطعن مؤشراً عليه بالقرار الصادر من دائرة الفحص بالإحالة، أن يتمسك بحصول التنازل في الميعاد المحدد قانوناً لتقديم دفاعه إذا هو أراد إعمال التنازل وقد أعلن بالتقرير مخاطباً مع شخصه وعرف أن خصمه تنكر لاتفاقه واستمر في الطعن، وقد أخطأ الحكم المطعون فيه إذ قرر أن الطاعن سعى في نقض ما تم من جهته وأن الغش يفسد التصرفات وأن التنازل عن الطعن بالنقض يستتبع حتماً التنازل عن الحكم الذي يصدر فيه، هذا في حين أن الغش قانوناً هو أن يتخذ أحد طرفي الخصومة إجراء لا يعلم به خصمه فلا يتمكن من إبداء دفاعه، والمطعون عليه أعلن بقرار الإحالة في الطعن السابق ولكنه فوت على نفسه الميعاد وحاول تقديم أوراقه بعد انقضاء الميعاد ورفض قلم الكتاب قبولها إعمالاً لحكم القانون، كما أن التنازل عن الطعن لا يفيد بداهة التنازل عن الحكم قبل صدوره. هذا إلى أن الحكم المطعون فيه اعتبر عقد الصلح سبباً لوفاء الطاعن بالمبلغ المطلوب استرداده بالرغم من أن حكم النقض في الطعن رقم 381 سنة 26 ق قضى بنقض الحكم الاستئنافي وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى الأصلية المرفوعة من المطعون ضده وفي الدعوى الفرعية بإلزامه بأن يدفع للطاعن مبلغ 105 ج و132 م، وبذلك لا يصلح عقد الصلح سبباً لمنع حقه في استرداد غير المستحق لأن الصلح كاشف للحق المتنازل عنه ولا يعتبر ناقلاً له بنص المادة 554 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن الحكم المطعون فيه قضى برفض دعوى الطاعن استرداد ما دفعه للمطعون عليه من المبلغ المحكوم به في الدعوى رقم 327 سنة 1952 مدني كلي الفيوم والذي تأيد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 316 سنة 72 ق استئناف القاهرة، مستنداً في ذلك إلى أن الطاعن تنازل عن الطعن بالنقض الذي كان قد رفعه عن ذلك الحكم بموجب عقد الصلح المحرر بين الطرفين في 27/ 1/ 1957 وهو ما يستتبع نزوله عن الحكم الذي صدر لصالحه من محكمة النقض وإنه إذ أخفى عقد الصلح عن محكمة النقض أثناء نظرها للطعن فلا يصح له أن يستفيد من حكمها بسبب الغش الذي وقع منه، كما أن الصلح يعتبر سبباً للوفاء بالمبلغ الذي دفعه للمطعون ضده ويمنعه من استرداده، وهذا الذي أقام عليه الحكم قضاءه غير صحيح في القانون، ذلك أن عقد الصلح وإن كان يحسم بين طرفيه المنازعات التي تناولها ويفرض على كل منهما التزاماً بعدم تجديد المنازعة قبل الطرف الآخر فيما تم التصالح عليه، إلا أن الدفع بانقضاء المنازعة بالصلح هو حق مقرر لمصلحة كل من الطرفين، يجوز له أن يتمسك به إذا جدد الطرف الآخر المنازعة في الحق المتصالح فيه، كما يجوز التنازل عن الدفع صراحة أو ضمناً فإذا لم يقم أحدهما بما التزم به في عقد الصلح وجدد المنازعة في الأمر المتصالح عليه بأن استمر بعد الصلح في إجراءات الدعوى، ولم يكن الطرف الآخر قد تمسك بالدفع بحسم المنازعة بالصلح حتى صدر فيها حكم حاز قوة الأمر المقضي، فإنه لا يكون في استطاعة الطرف الذي أسقط حقه في هذا الدفع الاحتجاج بعقد الصلح الذي كان يجوز له تقديمه في المنازعة التي صدر فيها الحكم، ولا يجوز الاستناد إليه في دعوى مستقلة كدليل لنقض حجية الحكم الذي حاز قوة الأمر المقضي، ولما كان الثابت من حكم النقض رقم 381 سنة 26 ق المودعة صورته الرسمية بالأوراق أن الطاعن كان قد قرر بذلك الطعن في 31/ 7/ 1956، وأصدرت دائرة فحص الطعون في 27/ 12/ 1960 قرارها بالإحالة إلى الدائرة المدنية، وأعلن المطعون عليه بتقرير الطعن في 1/ 1/ 1961 وحرر قلم كتاب المحكمة محضر عدم قبول أوراق المطعون عليه في 2/ 2/ 1961 ونقضت محكمة النقض في 25/ 1/ 1962 الحكم الصادر من محكمة استئناف القاهرة في الاستئناف رقم 316 سنة 72 ق، وحكمت في موضوع هذا الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى الأصلية المرفوعة من المطعون عليه وفي الدعوى الفرعية بإلزامه بأن يدفع للطاعن 105 ج و132 مليماً. وكان الثابت بعقد الصلح المحرر بين الطرفين في 27/ 1/ 1957 أن الطاعن تنازل فيه عن طعنه بالنقض الذي كان قد رفعه، وكان يبين من ذلك أن الطاعن استمر بعد الصلح في السير في طعنه السابق، ولم يقدم المطعون عليه دفاعه في الميعاد المحدد قانوناً فإنه يكون قد أسقط حقه في التمسك بالصلح، ولا يجوز له أن يعود إلى التمسك به أمام أية جهة أخرى بعد أن أصدرت محكمة النقض حكمها في الطعن، ولما كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر الصلح قائماً، وأعمل أثره بما يخول المطعون عليه حق الاحتفاظ بالمبلغ المدفوع بمقتضاه، فإنه يكون مخطئاً في القانون. ولا وجه للقول بأن إخفاء عقد الصلح عن محكمة النقض يعتبر غشاً من جانب الطاعن يحرمه من الإفادة من حكمها، لأنه فضلاً عن أن المطعون عليه هو الذي أسقط حقه في الدفع بالصلح على نحو ما تقدم، فإن الغش بفرض وقوعه لا يعتبر سبباً لإلغاء الأحكام الانتهائية عن طريق رفع دعوى مستقلة أو في صورة دفع لدعوى مبتدأة، وإنما هو سبب لالتماس إعادة النظر فيها، وهذا الطريق لا يقبل في أحكام محكمة النقض التي لا يجوز الطعن فيها بأي طريق من طرق الطعن وهي نهاية المطاف في الخصومة. لما كان ما تقدم وكان حكم النقض في الطعن المشار إليه قد فصل في الحق المتصالح فيه برفض دعوى المطعون عليه، وكان عقد الصلح كاشفاً للحق الذي تناوله ولا يعتبر ناقلاً له فإنه لا يصلح سبباً لبقاء هذا الحق بعد زواله ولا يمنع من استرداد غير المستحق ويكون الحكم المطعون فيه، إذ عول على عقد الصلح في قضائه برفض دعوى الطاعن باسترداد ما دفعه بغير حق قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي الأسباب في الطعنين.
وحيث إن الموضوع صالح للحكم فيه ولما تقدم يتعين القضاء بتأييد الحكم المستأنف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق