الصفحات

الجمعة، 3 مارس 2023

الطعن 1377 لسنة 22 ق جلسة 13/ 1/ 1953 مكتب فني 4 ج 2 ق 153 ص 396

جلسة 13 من يناير سنة 1953

برياسة حضرة رئيس المحكمة أحمد محمد حسن, وبحضور حضرات المستشارين إبراهيم خليل وإسماعيل مجدي ومصطفى حسن ومحمود إبراهيم إسماعيل.

-------------

(153)
القضية رقم 1377 سنة 22 القضائية

طلب إعادة النظر. 

الحالة الخامسة المنصوص عليها في المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية. حق طلب إعادة النظر في هذه الحالة مقصور على النائب العام وحده سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب من ذوي الشأن. رأيه في هذا لا معقب عليه. لا يجوز الطعن فيه أمام غرفة الاتهام.

-------------
إن نصوص قانون الإجراءات الجنائية صريحة وقاطعة في أن حق طلب إعادة النظر في الحالة الخامسة المنصوص عليها في المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية, وهي حالة ما "إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق ثبوت براءة المحكوم عليه" - هذا الحق إنما خول للنائب العام وحده دون أصحاب الشأن سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب يقدم إليه من أصحاب الشأن, فإن رأى له محلا رفعه إلى اللجنة المشار إليها في المادة 443 من ذلك القانون, وتقديره في ذلك نهائي لا معقب عليه, والطعن في قراره في هذا الخصوص أمام غرفة الاتهام غير جائز قانونا.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة "سعد اسكندر عبد المسيح" رافع هذا التظلم بتهمتي قتل (وزيري فام مرقص ومصطفى عبد الجواد) عمدا مع سبق الإصرار وتهمتة سرقته نفودا وأقمشة من المجني عليه الأول. وقدم لمحكمة جنايات الاسكندرية فقضت عليه بتاريخ 28 مارس سنة 1951 بالإعدام شنقا... الخ. فطعن المحكوم عليه بطريق النقض, وقضت محكمة النقض بقبوله شكلا وبرفضه موضوعا. قدم وكيل المحكوم عليه طلبا إلى النائب العام يلتمس فيه إعادة النظر في حكم محكمة الجنايات المشار إليها آنفا وبعد أن حققت النيابة فيما جاء بهذا الطلب قررت حفظه والسير في تنفيذ الحكم, فرفع المحكوم عليه إشكالا عن حكم محكمة الجنايات أمام غرفة الاتهام وبعد أن دفعت النيابة فرعيا بعدم اختصاص غرفة الاتهام بالنظر في طلب وقف التنفيذ هذا, قضت فيه بقبول هذا الدفع وعدم اختصاصها بنظر هذا الطلب.
فطعن المحكوم عليه في هذا القرار بطريق النقض... الخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن يبني طعنه على أن غرفة الاتهام بتقريرها بعدم اختصاصها بنظر الطلب المقدم من الطاعن قد أخطأت في تطبيق القانون وفي تأويله. ذلك بأن التفرقة التي ذهبت إليها بين الأربع الحالات الأولى المبينة بالمادة 441 من قانون الإجراءات وبين الحالة الخامسة منها لا تؤدي إلى ما انتهت إليه من أن النائب العام وحده هو صاحب الحق في الفصل في الطلب في الحالة الخامسة المذكورة وأن المادة 443 من قانون الإجراءات لم يرد فيها ما يفيد تخويل النائب العام حق الفصل في طلب إعادة النظر بل إنها توجب عليه الرجوع إلى اللجنة المنصوص عليها فيها ولهذه اللجنة وحدها حق الفصل في الطلب دون النائب العام, ويقول الطاعن أيضا إن نص المادة 443 قاطع بطريق المقابلة بجواز الطعن في قرار النائب العام فقد نصت هذه المادة في فقرتها الأخيرة على أنه لا يقبل الطعن في الأمر الصادر من اللجنة بقبول الطلب أو عدم قبوله, ولم يرد مقابل لهذا القيد بالنسبة لقرار النائب العام فوجب لذلك إباحة حق الطعن فيه خلافا لما ذهب إليه القرار المطعون فيه, ويقول الطاعن أيضا إنه كان يجب على غرفة الاتهام بغض النظر عن اختصاصها أو عدم اختصاصها بنظر هذا الطعن في قرار النائب العام أن تقضي بوقف تنفيذ العقوبة حتى يعتبر قرارها نهائيا وذلك عملا بالمواد 420, 421, 448 من قانون الإجراءات الجنائية.
وحيث إن قانون تحقيق الجنايات القديم كان يجيز طلب إعادة النظر في حالتين إحداهما حالة صدور حكمين على شخصين أو أكثر أسند فيهما لكل شخص الفعل المسند للآخر إذا كان بينهما تناقض (مادة 233/ 1) وحالة ما إذا حكم على متهم بجناية قتل ثم وجد المدعي قتله حيا أو إذا حكم على واحد أو أكثر من شهود الإثبات بسبب تزوير في شهادة تزويرا أثر في الحكم (مادة 334) فلما صدر قانون الإجراءات الجنائية, استبقى في المادة 441 هاتين الحالتين وزاد عليهما حالة الحكم على خبير بعقوبة شهادة الزور أو الحكم بتزوير ورقة قدمت أثناء نظر الدعوى وكان لذلك تأثير في الحكم وحالة ما إذا كان الحكم مبنيا على حكم صادر من محكمة مدنية أو من إحدى محاكم الأحوال الشخصية وألغى هذا الحكم (مادة 441/ 1, 2, 3, 4) كما استمدت حالة أخرى وهى التي نصت عليها الفقرة الخامسة بقولها "إذا حدثت أو ظهرت بعد الحكم وقائع أو إذا قدمت أوراق لم تكن معلومة وقت المحاكمة, وكان من شأن هذه الوقائع أو الأوراق ثبوت براءة المحكوم عليه" ثم فرق الشارع بين الحالات الأربع الأولى وبين الحالة الخامسة فنص في المادة 442 على أنه "في الأحوال الأربع من المادة السابقة يكون لكل من النائب العام والمحكوم عليه أو من يمثله قانونا إذا كان عديم الأهلية أو مفقودا أو لأقاربه أو زوجه بعد موته حق طلب إعادة النظر" ونص في المادة 443 على أنه "في الحالة الخامسة من المادة 441 يكون حق طلب إعادة النظر للنائب العام وحده سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أصحاب الشأن" ويبين من صراحة هذه النصوص أن الشارع خول حق طلب إعادة النظر لكل من النائب العام والمحكوم عليه أو من يمثله قانونا أو لأقاربه أو زوجته بعد موته في الأحوال الأربع الأولى, أما في الحالة الخامسة فقد قصر الشارع حق طلب إعادة النظر على النائب العام وحده, وإذا كان قد أردف ذلك بعبارة "سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أصحاب الشأن" فليس في هذا ما يدل مطلقا على أنه خول لأصحاب الشأن المشار إليهم حقا آخر غير تقديم الطلب إلى النائب العام. ذلك بأن المادة 442 بعد أن نصت على تخويل الحق في طلب إعادة النظر للنائب العام ولأصحاب الشأن, فقد نظمت الطريق الذي يكون لهؤلاء في استعمال ذلك الحق المخول لكل منهم فأوجب الشارع عليهم في الفقرة الثانية من المادة 442 أن يقدموا الطلب إلى النائب العام ثم أوجب على النائب العام في الفقرتين الثالثة والرابعة أن يرفع هذا الطلب إلى محكمة النقض في خلال الثلاثة الأشهر التالية لتقديمه مع التحقيقات التي يكون قد رأى إجراءها, واشترط في المادة 444 لقبول الطلب من المتهم أو من يحل محله أن يودع خزانة المحكمة مبلغ خمسة جنيهات كفالة تخصص لوفاء الغرامة المنصوص عليها بالمادة 449 ما لم يكن قد أعفى منها بقرار من لجنة المساعدة القضائية, كما أوجب الشارع كذلك في المادة 449 الحكم على طالب إعادة النظر إذا كان غير النائب العام بغرامة لا تزيد على خمسة جنيهات إذا لم يقبل طلبه. هذه النصوص جميعا قد رسم الشارع بها طريقة استعمال المحكوم عليه أو من يحل محله للحق الذي خوله في طلب إعادة النظر في الأحوال الأربع الأولى المنصوص عليها في المادة 441, وهى أحوال تبدو فيها بداهة وجاهة الطلب لما تدل عليه من خطأ الحكم أو تناقضه مع حكم آخر نهائي أو بنائه على حكم صدر من محكمة مدنية أو من إحدى محاكم الأحوال الشخصية ثم ألغى, أما الحالة الخامسة التي استحدثها الشارع نقلا عن نص مماثل في قانون تحقيق الجنايات الفرنسي (المادة 443 تحقيق جنايات فرنسي المعدلة بقانون 8/ 9/ 1895) فليس الأمر فيها من الوضوح بمثل الحالات الأربع السالف ذكرها وإنما هو متعلق بتقدير الوقائع أو الأوراق التي قد تظهر بعد الحكم دون أن تكون معلومة وقت المحاكمة, لمعرفة ما إذا كان من شأنها ثبوت براءة المحكوم عليه, ولذلك فان الشارع - على خلاف الأحوال الأخرى - لم يخول حق طلب إعادة النظر في هذه الحالة إلا للنائب العام وحده سواء من تلقاء نفسه أو بناء على طلب يقدم إليه من أصحاب الشأن, وقد احتاط الشارع فوق ذلك فلم يجز للنائب العام أن يرفع الطلب إلى المحكمة مباشرة كما فعل في الأحوال الأربع الأولى بل أوجب عليه - إذا رأى محلا لإعادة النظر - أن يرفع الأمر إلى لجنة مشكلة من أحد مستشاري محكمة النقض واثنين من مستشاري محكمة الاستئناف, والأمر في ذلك جلى لا إبهام فيه لتعلقه بأمور تقديرية قد يختلف فيها النظر, ومع هذا فان المذكرة الإيضاحية لقانون الإجراءات الجنائية صريحة في هذا المعنى, فقد عللت تلك المذكرة التفرقة في الحكم بين الأحوال الأربع الأولى وبين الحالة الخامسة بقولها "ويلاحظ أنه وإن كانت هذه الحالة الأخيرة يمكن أن يشمل مدلولها باقي الحالات الأربع الأخرى التي وردت بالمادة إلا أنه لوحظ أنه في هذه الحالات الأخرى يبنى وجه الطعن على أسباب واضحة لا تحتمل ما تحتمله هذه الحالة من التأويلات, من أجل ذلك نص على هذه الحالات استقلالا وميزت بإجراءات خاصة, أما في الحالة الخامسة أي الأخيرة فقد رؤى منعا من التهجم على حرمة الأحكام النهائية بغير مسوغ صحيح أن يكون طلب إعادة النظر فيها من حق النائب العام وحده وذلك منعا لاسراف أولي الشأن في تقديم طلبات لا اساس لها" وجاء بهذه المذكرة أيضا "أما في الحالة الخامسة فقد خول النائب العام حق تقدير الطلبات التي تقدم إليه, فإذا رأى بعد أن يجري فيها من التحقيقات ما يراه, أنها غير منتجة أمر بحفظها, أما إذا رأى أن الطلب منتج فانه يسير فيه, ولكن رؤى في هذه الحالة أن لا يقدم الطلب لمحكمة النقض مباشرة بل يقدم إلى لجنة من ثلاثة من المستشارين, وهذه اللجنة هى التي تقرر إحالة الطلب إلى محكمة النقض إذا رأت أن لقبولها وجها... هذا, ومن مراجعة التشريع الفرنسي في شأن طلب إعادة النظر يتضح أن بينه وبين التشريع المصري تقاربا في القواعد التي قام عليها كلا التشريعين, فوزير العدل في فرنسا هو الذي خوله القانون بمقتضى المادة 444 من قانون تحقيق الجنايات الفرنسي حق طلب إعادة النظر كما خوله للمحكوم عليه أو من يمثله ولأقاربه وذلك في الحالات الثلاث الأولى المبينة بالمادة 443 من قانون تحقيق الجنايات الفرنسي, أما في الحالة الرابعة (وهى التي تقابل الحالة الخامسة من المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية) فقد خول الشارع الفرنسي هذا الحق لوزير العدل وحده وإن كان قد أوجب عليه قبل الفصل فيه أن يأخذ رأي لجنة من مديري الإدارات لوزارة العدل ومن ثلاثة من مستشاري محكمة النقض.
وحيث إنه يبين مما تقدم أن نصوص القانون صريحة وقاطعة في أن حق طلب إعادة النظر في الحالة الخامسة المنصوص عليها في المادة 441 إنما خول للنائب العام وحده دون أصحاب الشأن, فان رأى له محلا رفعه إلى اللجنة المشار إليها في المادة 443 من قانون الإجراءات الجنائية. ولما كان ذلك, فانه لا يبقى محل لسائر ما ساقه الطاعن في طعنه من جدل. ولما كان الواضح كذلك مما سلف بيانه أن تقدير النائب العام نهائي لا معقب عليه, ولو كان الطلب مقدما من أحد أصحاب الشأن وكان الواقع حسب ما يبين من قراره الذي ورد عليه القرار المطعون فيه, أنه قد تصرف في الحدود التي رسمها له القانون. لما كان ذلك, فإن الطعن في قراره أمام غرفة الاتهام يكون غير جائز قانونا وكان يتعين عليها أن تحكم بعدم جواز الطعن بدلا من حكمها بعدم اختصاصها بنظره, إلا أنه لما كان لا مصلحة للطاعن في نقض الحكم لهذا السبب فانه يتعين القضاء برفض الطعن المقدم منه موضوعا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق