الصفحات

الأحد، 19 فبراير 2023

آثار العقد


effects of the contract
- effets du contrat
أي الآثار التي يرتبها إذا نشأ صحيحاً. وبمجرد أن ينشأ العقد صحيحاً تصبح له قوة ملزمة. وتقتصر هذه القوة من حيث المبدأ على المتعاقدين، وهذا ما يعرف بمبدأ نسبية آثار العقد
أولاًـ الاثار بين المتعاقدين :
العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون". فإذا كانت عبارة العقد واضحة في الدلالة على ما اتجهت إليه الإرادة المشتركة للمتعاقدين فلا يجوز للقاضي الانحراف عنها وحملها على خلاف معناها الظاهر بحجة تفسيرها
أما إذا كانت عبارة العقد غير واضحة أي غامضة، بحيث يمكن حملها على أكثر من معنى، فيجب على القاضي استجلاء معانيها من طريق تفسيرها للوصول إلى النية المشتركة للمتعاقدين، من دون أن يقف عند المعنى الحرفي للألفاظ، لأن العبرة في العقود، كما تقول القاعدة الفقهية المنصوص عليها في المادة (3) من المجلة، للمقاصد والمعاني لا للألفاظ والمباني.
وإذا كانت عبارة العقد غامضة تحتمل عدة وجوه في التفسير، ومن ثم تحتمل أكثر من معنى، ولم يستطع القاضي ترجيح أحد هذه المعاني، فيبقى الشك حائماً حول حقيقة دلالة عبارة العقد، ويعد ذلك قرينة على عدم توافر إرادة مشتركة للمتعاقدين. وهذه هي حالة الشك الذي لا تمكن عوامل التفسير إزالته. وقد أوجب القانون في هذه الحالة أن يفسر الشك لمصلحة المدين، ويجب أن يأخذ القاضي في تحديد مدى التزام المدين بالتفسير الضيق
ثانياً ـ آثار العقد على الغير.
القاعدة العامة هي أنه لا ينتفع من العقد ولا يضار إلا عاقداه. ولكن هذه القاعدة تطورت في القوانين الحديثة التي أصبحت تنص على أن العقد لا يجعل الغير مديناً بمقتضاه إلا في حالات استثنائية، ولكن العقد قد يوجب للغير حقاً يجعله دائناً. والغير هو كل من سوى الخلف العام والخلف الخاص ودائني المتعاقد. والأصل ألا ينصرف أي شيء من آثار العقد إلى الغير. أي إنه لا يصبح مديناً ولا دائناً بعقد غيره. وهذا هو مبدأ نسبية آثار العقد. ولكن قانوناً، هناك بعض الحالات الاستثنائية يوجب فيها منطق العدالة أو مبدأ استقرار المعاملات أن تسري فيها بعض آثار العقد على غير عاقديه. وفي بعض الحالات قد يفيد المتعاقد غيره من عقده، فلم يمنع القانون ذلك. ومن هذه الحالات الاستثنائية سريان عقد العمل الجماعي على غير أطرافه ومن هذه الحالات أيضاً سريان تصرفات الوارث الظاهر، وهو من يظن أنه وارث ثم يتبين أن الوارث الحقيقي شخص آخر سواه، في حق الوارث الحقيقي الذي هو من الغير حيال هذه التصرفات. وكذلك حالة الصلح الواقي من الإفلاس، وهو اتفاق يبرمه الدائنون مع التاجر المتوقف عن دفع ديونه تحت إشراف ورقابة المحكمة المختصة، الذي يبقى في أثناء إجراءات الصلح قائماً بإدارة أمواله ويقوم بجميع الأعمال المادية المتعلقة بتجارته، مقابل أن يتعهد بالوفاء الجزئي لديونه

أ ـ أثر العقد في الخلف العام: المبدأ هو انصراف آثار العقد إلى الخلف العام Ayant cause à titre universel. ولكن هذا المبدأ ليس مطلقاً، بل ترد عليه استثناءات عدة.

ثلاث حالات لا يسري فيها أثر العقد في حق الخلف العام، وهي اتفاق المتعاقدين وطبيعة العقد ونص القانون؛ كما يمكن أن يعد الخلف العام من الغير في بعض الحالات فلا تسري عليه آثار العقد الذي أبرمه سلفه في مثل هذه الحالات.
ـ اتفاق المتعاقدين: إذا اتفق المتعاقدان على عدم انصراف أثر العقد إلى الخلف العام، فلا يسري هذا الأثر في حقه بشرط عدم مخالفة الشرط للنظام العام أو للآداب، كأن ينص عقد البيع على أن ورثة المشتري لا يستفيدون من الأجل الذي منحه البائع للمشتري، ومن ثم إذا مات المشتري يسقط الأجل، ويتوجب على ورثته دفعه من التركة في الحال. أو كما لو نص الوعد بالعقد على أنه ينقضي بوفاة الموعود له. ويلاحظ في مثل هذه الحالة أن آثار العقد التي ترتبت قبل وفاة المتعاقد تنتقل إلى خلفه العام، لأن أثر مثل هذا الاتفاق يقتصر على المستقبل. فإذا كان الموعود له قد عبر عن إرادته قبل وفاته، فإن آثار العقد المستقبل تسري في حق الخلف العام للموعود له. وكذا في عقد التأمين ضد الحريق الذي ينص على انقضاء العقد بوفاة المؤمن له، إذا وقع الحريق قبل وفاته فيستحق مبلغ التأمين، وينتقل هذا المبلغ بعد وفاته إلى ورثته بصفتهم خلفاءه العامين.
ـ طبيعة العقد: إذا كانت طبيعة العقد تقتضي عدم سريان أثر العقد في حق الخلف العام، فلا يسري أثره في حقه، كما في العقود التي يكون فيها لشخصية المتعاقد اعتبار خاص Intuitu personae في العقد ، كالرسام الذي يلتزم برسم لوحة لشخص مقابل ثمن متفق عليه، فطبيعة الالتزام الذي يرتبه العقد على عاتق الرسام تأبى أن ينتقل إلى ورثته إذا توفي قبل الانتهاء من رسم اللوحة المتفق عليها. وكذلك الحال في الوكالة، والمزارعة، والشركة، والمرتب مدى الحياة. ويلاحظ في هذه الحالة أيضاً أن آثار العقد التي ترتبت قبل وفاة المتعاقد تنتقل إلى خلفه العام، أما آثاره المستقبلية فتنقضي بوفاة المتعاقد الذي كان لشخصيته اعتبار خاص في العقد.
ـ نص القانون: نص القانون على عدم سريان أثر العقد على الخلف العام في بعض الحالات، ولاسيما تلك التي يكون فيها لشخصية المتعاقد اعتبار خاص في العقد، كما في عقد الوكالة الذي ينقضي بموت الموكل أو الوكيل ، وعقد المزارعة الذي ينقضي بموت المزارع ، وعقد الشركة الذي ينقضي بوفاة أحد الشركاء .
ـ الخلف العام من الغير: يعد الوارث في بعض الحالات من الغير حيال المورث في العقود التي يبرمها، فلا تنفذ هذه العقود في حقه. ويكون الوارث من الغير إذا كان يتلقى حقه من القانون مباشرة لا من طريق الميراث. ويهدف القانون من وراء ذلك إلى حماية الوارث من تصرفات مورثه الضارة به. وتبدو هذه الحماية في حالتين، وهما:
الحالة الأولى: الوصية فيما يجاوز الثلث: يعد المورث حراً في التصرف بأمواله في أثناء حياته، ولكن المشرع فرض عليه بعض القيود بشأن تصرفاته المضافة إلى ما بعد الموت، إذ منعه من التصرف بأكثر من ثلث أمواله الصافية، أي بعد تنزيل الديون منها، لأنه حق للورثة بموجب القانون. ولذلك فإن الورثة يعدون من الغير حيال تصرفات المورث المضافة إلى ما بعد الموت والتي تجاوز ثلث صافي تركته، فلا تنفذ بحقهم إلا بموافقتهم، كما أن الوصية لوارث لا تنفذ في حق بقية الورثة حتى لو كانت في حدود الثلث.
الحالة الثانية: تصرفات المريض مرض الموت: لا يؤثر مرض الموت في أهلية المريض من حيث المبدأ، وإنما تقيد تصرفاته في هذه الحالة نتيجة تعلق حق الورثة بها. والتصرفات التي تقيد هي التبرعات فقط دون المعاوضات، إذ تأخذ حكم الوصية .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق