الصفحات

الخميس، 2 فبراير 2023

الطعن 4 لسنة 36 ق جلسة 11 / 2 / 1970 مكتب فني 21 ج 1 أحوال شخصية ق 47 ص 290

جلسة 11 من فبراير سنة 1970

برياسة السيد المستشار/ حسين صفوت السركي نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين: صبري أحمد فرحات، ومحمد أبو حمزة مندور، وحسن أبو الفتوح الشربيني، وأحمد طوسون حسين.

---------------

(47)
الطعن رقم 4 لسنة 36 ق "أحوال شخصية"

(أ) أحوال شخصية. "نسب". دعوى. "دعوى النسب".
من الأصول المقررة أن الولد للفراش. مناط صيرورة الزوجة فراشاً هو العقد مع مجرد إمكان الوطء بصرف النظر عن تحقق الدخول أو عدم تحققه.
(ب) إثبات. "البينة". أحوال شخصية. "البينة الشرعية".
الشهادة عند فقهاء الحنفية يشترط فيها أن تكون موافقة الدعوى. مخالفة الشهادة للدعوى مؤد لعدم قبولها إلا إذا وفق المدعي بينهما. لا محل لهذا الشرط إذا كان تكذيب المدعي لشهوده في شيء زائد عن الدعوى.

---------------
1 - من الأصول المقررة عند فقهاء الشريعة الإسلامية أن "الولد للفراش". واختلفوا فيما تصير به الزوجة فراشاً على ثلاثة أقوال أحدها أنه نفس العقد وإن لم يجتمع بها، بل لو طلقها عقيبة في المجلس، والثاني أنه العقد مع إمكان الوطء والثالث أنه العقد مع الدخول المحقق لا إمكانه المشكوك فيه، وقد اختار الشارع بالمرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الرأي الثاني على ما يؤدي إليه نص المادة 15 منه... وهذا يدل على أن المناط فيما تصير به الزوجة فراشاً إنما هو العقد مع مجرد إمكان الوطء بصرف النظر عن تحقق الدخول أو عدم تحققه (1).
2 - من المتفق عليه عند فقهاء الحنفية أنه يشترط في الشهادة أن تكون موافقة للدعوى - فيما تشترط فيه الدعوى - فإن خالفتها لا تقبل، إلا إذا وفق المدعي بين الدعوى وبين الشهادة عند إمكان التوفيق. إلا أن هذا الشرط وعند الحنفية كذلك لا يجد محلاً يرد عليه إذا كان تكذيب المدعي لشهوده في شيء زائد عن موضوع الدعوى.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن...... أقامت الدعوى رقم 75 لسنة 1963 المنصورة الابتدائية للأحوال الشخصية ضد..... بطلب الحكم بثبوت نسب الولد "محمد" المولود لها بتاريخ 20/ 5/ 1961 من المدعى عليه ثبوتاً شرعياً وأمره بعدم التعرض لها في ذلك وإلزامه بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة. وقالت شرحاً لها إنه خلال شهر يونيو سنة 1960 تقدم المدعى عليه إلى أسرتها طالباً الزواج منها وتمت الموافقة على قبوله زوجاً لها وعلى الصداق، وفي ظل رابطة الخطبة وللثقة فيه لمركزه الأدبي والاجتماعي تبادلا الزيارة حسبما تقضي به العادة في مثل هذه الحالة، حتى إذ اطمأنت هي وأسرتها لهذا الزوج المنتظر، خدعها وغدر بها في غفلة منها، فلما حملت منه طلبت إليه التعجيل بإتمام زواجهما، ولكنه تنكر لها ولحملها منه بعد أن تكررت وعوده بإتمام الزواج. وقد وضعت مولودها بتاريخ 20/ 5/ 1961 وسمته "محمداً" وقيدته بدفتر المواليد باسم المدعى عليه وأبلغته بهذا القيد فلم يعترض، وإذ طالبته بثبوت نسب هذا الولد إليه وامتنع بدون وجه حق فقد انتهت إلى طلب الحكم لها بطلباتها. ودفع المدعى عليه بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى وطلب في الموضوع الحكم برفضها. وبتاريخ 7/ 1/ 1963 حكمت المحكمة حضورياً (أولاً) برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى وباختصاصها (وثانياً) وقبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المدعية بكافة طرق الإثبات القانونية بما فيها البينة، أنها رزقت من المدعى عليه بمولود اسمه "محمد" بتاريخ 20 مايو سنة 1961 حال قيام زوجية صحيحة، وصرحت للمدعى عليه بالنفي بذات الطرق. وبعد سماع شهود الطرفين عادت وبتاريخ 20/ 5/ 1963 فحكمت حضورياً برفض الدعوى وألزمت المدعية بالمصروفات وبمبلغ 200 قرش مقابل أتعاب المحاماة. واستأنفت المدعية هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة طالبة إلغاءه والحكم لها بطلباتها، وقيد هذا الاستئناف برقم 44 سنة 1963 المنصورة. وبتاريخ 26/ 3/ 1964 حكمت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وقبل الفصل في الموضوع بندب مكتب الطب الشرعي بالمنصورة لتوقيع الكشف الطبي على الطفل "محمد" المنسوب للمستأنف عليه وإجراء ما يراه لازماً من الناحية الطبية والفنية نحو إثبات مدى صحة الادعاء بثبوت نسبه للمستأنف عليه، على أن يكون له في سبيل ذلك توقيع الكشف الطبي على كل من الطفل والمستأنفة والمستأنف عليه، وإجراء الفحص على ما يرى أخذه من عينات دم كل منهم أو عينات أخرى لازمة، وقد امتنع المستأنف عليه وحده عن تنفيذ هذا الحكم، وبتاريخ 1/ 12/ 1965 عادت المحكمة فحكمت حضورياً برفض الاستئناف موضوعاً وألزمت المستأنفة بالمصروفات. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض للأسباب الواردة في التقرير وعرض الطعن على هذه الدائرة حيث أصرت الطاعنة على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليه ولم يبد دفاعاً، وقدمت النيابة العامة مذكرة وطلبت قبول الطعن.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة أن دعواها أمام محكمة أول درجة وأمام محكمة الاستئناف، كانت تقوم على أن الولد (محمد) إنما هو ثمرة معاشرة زوجية تمت بينها وبين المطعون عليه وقد أحالت محكمة أول درجة الدعوى إلى التحقيق لإثبات المعاشرة الزوجية الصحيحة التي كان ثمرتها الولد (محمد) المولود في 20/ 5/ 1961، وأما واقعة فض بكارتها بالقوة أو بالرضا وكونها في طنطا أو في المنصورة فلم تكن من وقائع الدعوى المطلوب إثباتها، وقد شهد شاهداها بحصول الهبة الشرعية الصادرة منها في نفسها للمطعون عليه وبأن المدة بين تاريخ الزواج وبين تاريخ وضع الحمل في 20/ 5/ 1961 تزيد على ستة أشهر وهي تكفي شرعاً لإثبات نسب الولد (محمد) إلى المطعون عليه، ولكن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى على التناقض بين أقوال الشاهدين وبين أقوال الطاعنة، وهو منه خطأ ومخالفة للقانون، لأنه لم ينسب إلى الطاعنة - لا في عريضة الدعوى ولا في التحقيقات التي تولتها النيابة العامة - إقرار بان الولد المطلوب إثبات نسبه ولد من سفاح ولم يولد من نكاح، كما لم ينسب إليها إقرار بأن معاشرتها للمطعون عليه كانت بدون عقد زواج بصيغة الوهب أو بغيرها من صيغ النكاح الصحيح، وهو ما ينتفي معه التناقض بين دعواها بالنسب المترتب على الزوجية وبين ما شهد به شاهداها في هذا الخصوص.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه من الأصول المقررة عند فقهاء الشريعة الإسلامية أن (الولد للفراش) واختلفوا فيما تصير به الزوجة فراشاً على ثلاثة أقوال، أحدها أنه نفس العقد وإن لم يجتمع بها بل لو طلقها عقيبة في المجلس، والثاني أنه العقد مع إمكان الوطء، والثالث أنه العقد مع الدخول المحقق لا إمكانه المشكوك فيه، وقد اختار الشارع بالمرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 الرأي الثاني بما نص عليه في المادة 15 منه على أنه "لا تسمع عند الإنكار دعوى النسب لولد زوجة ثبت عدم التلاقي بينها وبين زوجها من حين العقد ولا لولد زوجة أتت به بعد سنة من غيبة الزوج عنها، ولا لولد المطلقة والمتوفى عنها زوجها إذا أتت به لأكثر من سنة من وقت الطلاق أو الوفاة" وهذا يدل على أن المناط فيما تصير به الزوجة فراشاً إنما هو العقد، مع مجرد إمكان الوطء بصرف النظر عن تحقق الدخول أو عدم تحققه، كذلك ومن المتفق عليه عند فقهاء الحنفية، أنه يشترط في الشهادة أن تكون موافقة للدعوى فيما تشترط فيه الدعوى، فإن خالفتها لا تقبل إلا إذا وفق المدعي بين الدعوى وبين الشهادة عند إمكان التوفيق، إلا أن هذا الشرط وعند الحنفية كذلك لا يجد محل يرد عليه إذا كان تكذيب المدعي لشهوده في شيء زائد عن موضوع الدعوى، وإذ كان ذلك، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنة أسست دعواها بنسب ولدها إلى المطعون عليه على أنه "تقدم لأسرتها طالباً الزواج منها وتمت الموافقة على ذلك في شهر يونيو سنة 1960 وبناء على هذه الخطبة أخذ المدعى عليه يتردد على منزل أسرتها بالمنصورة من وقت لآخر متبادلاً معها الزيارات وزادت بينهما المودة وذلك طبقاً للعادة التي جرت بذلك بعد الخطبة وقد قامت المستأنفة وأهلها باحترامه وتقديره دون أية مخاوف أو شك وذلك لما له من منزلة أدبية واجتماعية بصفته من رجال الأمن حتى استسلمت المدعية وأسرتها إليه ولكن القدر خان آمالها وآمال أسرتها فكانت فريسة له وتحول إلى ذئب ضال خدعها وسلب عفافها في غفلة منها ونتيجة لذلك حملت منه بالولد "محمد" المذكور والذي وضعته في 20/ 5/ 1961، وقد طالبته مراراً بتعجيل إتمام الزواج خوفاً من استكشاف أمرها فتنكر لها ولحملها" كذلك وبالرجوع إلى ذات الحكم يبين أنه أقام قضاءه برفض الدعوى على ما أورده من أنه بتطبيق النصوص الشرعية على الدعوى "يرى في الواقع أنه ليس فيها تناقض ولم يصدر من المستأنفة كلام يفيد التناقض. لأنها بقيت مصممة على دعواها إلى ما بعد انتهاء التحقيق ثم لما قدمت مذكرتها المؤرخة 6/ 4/ 1963 رددت فيها ما جاء على لسان شاهديها من أنها وهبت نفسها له وهذا لا يعتبر تناقضاً لأن هذا الكلام جاء بعد إتمام التحقيق. وأن ما جاء على لسان شاهديها هو الذي يتناقض مع موضوع الدعوى لأنهما شهدا على وقائع لم تذكرها المستأنفة في دعواها.... وظاهر منها الكذب والتلفيق لأنها تقول أن المواقعة كانت بطنطا ولم تحصل إلا مرة واحدة وهما يقولان أنه عاشرها في منزل الزوجية بالمنصورة" وهذا الذي قرره الحكم يدل على أن الطاعنة أسست دعواها بنسب ولدها "محمد" إلى المطعون عليه على أنه كان ثمرة عقد زواج انعقد بينهما صحيحاً أو فاسداً، كما يدل على أنه أقام قضاءه برفض الدعوى على مجرد التناقض بين الشهادة وبين الدعوى في واقعة الدخول ومكانه، وإذ كان ذلك، وكانت واقعة الدخول ومكانه، زائدة عن موضوع الدعوى، والتناقض فيها لا يضر الشهادة، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه.


 (1) نقض 15 مارس 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 655 القاعدة 102.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق