الصفحات

الخميس، 2 فبراير 2023

الطعن 26 لسنة 38 ق جلسة 17 / 11 / 1971 مكتب فني 22 ج 3 أحوال شخصية ق 153 ص 917

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1971

برياسة السيد المستشار/ أحمد حسن هيكل، وعضوية السادة المستشارين: جودة أحمد غيث، وحامد وصفي، ومحمد عادل مرزوق، وإبراهيم السعيد ذكرى.

---------------

(153)
الطعن رقم 26 لسنة 38 ق "أحوال شخصية"

(أ) إثبات. "الإثبات بالبينة". استئناف. "تسبيب الحكم".
لمحكمة الاستئناف استخلاص ما تطمئن إليه من أقوال الشهود ولو كان مخالفاً لما استخلصته محكمة الدرجة الأولى.
(ب) حكم. "تسبيب الحكم". أحوال شخصية.
إقامة الحكم على دعامة كافية لحمل قضائه. النعي عليه فيما تزيد فيه. غير منتج. مثال في دعوى تطليق للضرر.
(ج) أحوال شخصية. "المسائل الخاصة بالمصريين المسلمين". حكم. "حجية الحكم".
اختلاف دعوى الطاعة عن دعوى التطليق للضرر سبباً وموضوعاً. الحكم في الدعوى الأولى يمنع من نظر الدعوى الثانية.

---------------
1 - للمحكمة الاستئنافية أن تستخلص من أقوال الشهود ما تطمئن إليه ولو كان مخالفاً لما استخلصته محكمة الدرجة الأولى التي سمعتهم.
2 - متى كان الحكم المطعون فيه - الذي قضى بتطليق المطعون عليها من الطاعن - قد أقام قضاءه على ثبوت الضرر الحاصل من الضرب والإيذاء، وكانت هذه الدعامة قد استقامت وتكفي وحدها لحمل الحكم، فإن النعي على الحكم فيما أورده من أن شك الزوج في زوجته لعلاقتها بابن عمها يعتبر ضرراً يجيز تطليقها - هذا النعي، على فرض صحته، يكون غير منتج.
3 - دعوى الطاعة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة  (1) - تختلف في موضوعها وفي سببها عن دعوى التطليق للضرر، إذ تقوم الأولى على الهجر وإخلال الزوجة بواجب الإقامة المشتركة والاستقرار في منزل الزوجية، بينما تقوم الثانية على ادعاء الزوجة إضرار الزوج بها بما لا يستطاع معه دوام العشرة، ومن ثم فإن الحكم الصادر في دعوى الطاعة لا يمنع من دعوى التطليق وجواز نظرها لاختلاف المناط في كل منهما.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 177 سنة 1966 طنطا الابتدائية للأحوال الشخصية ضد الطاعن طالبة الحكم بتطليقها منه طلقة بائنة استناداً إلى أنها زوجة له بموجب عقد شرعي صحيح مؤرخ في 6/ 12/ 1962 وأنه بعد زواجها بشهرين أساء إليها إساءات بالغة ورماها بأفحش الألفاظ، واعتدى عليها بالضرب أكثر من مرة، وتحرر عن هذه الاعتداءات محضر الجنحة رقم 3193 سنة 1965 قسم ثان طنطا، ثم بدد جهازها وقيدت الواقعة برقم 1004 سنة 1966 جنح قسم ثان طنطا، وقد اتسع الخلاف بينهما مما أدى إلى إقامة دعاوى نفقة وطاعة، وإذ أصبحت العشرة بينها مستحيلة فقد أقامت دعواها للحكم لها بطلباتها. وبتاريخ 16/ 5/ 1967 حكمت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق لتثبت المطعون عليها أنها في طاعة وعلى عصمة زوجها، وأنه أساء إليها إساءات بالغة ورماها بأفحش الألفاظ واعتدى عليها بالسب والضرب، وأنها تتضرر من كل ذلك، وبعد سماع شهود الطرفين، عادت بتاريخ 16/ 1/ 1968 فحكمت برفض الدعوى. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 4 سنة 18 ق أحوال شخصية طنطا، وبتاريخ 3/ 6/ 1968 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وتطليق المطعون عليها من زوجها الطاعن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وبالجلسة المحددة لنظره التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل السببين الثاني والثالث أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إن الحكم استند في قضائه بتطليق المطعون عليها إلى ما ادعته من اتساع هوة الخلاف بين الزوجين وتعدد نواحي الخصومة بينهما أمام البوليس والقضاء، في حين أنه حكم ببراءته في قضيتي الضرب والتبديد، هذا إلى أن الزوجة عجزت عن إثبات ما ادعته من اعتدائه عليها بالضرب، بل لقد ثبت من الأوراق أن الزوج لم يرتكب أي فعل يعتبر إساءة لزوجته يبيح لها طلب التطليق. أما عما قرره شاهداها من أنهما شاهدا آثار الضرب بادية عليها فإن محكمة أول درجة لم تأخذ بأقوالهما، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتطليق المطعون عليها رغم عدم ثبوت الضرر فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور.
وحيث إن هذا النعي مردود في سببيه، ذلك أنه لما كان يبين من الحكم المطعون فيه أنه أثبت إضرار الطاعن بالمطعون عليها إضراراً لا يستطاع معه دوام العشرة، واستدلت المحكمة على ذلك بأن المطعون عليها سبق أن شكت زوجها في البوليس لاعتدائه عليها بالضرب، وتحرر عن ذلك محضر الجنحة رقم 3193 سنة 1965 قسم ثان طنطا، وأمرت النيابة العامة بحفظ هذا المحضر لعدم الأهمية لتنازل الزوجة، وبما حصلته من مناقشة الطرفين بالجلسة من أن الطاعن كان يعتدي بالضرب على المطعون عليها وأحدث بها إصابات أثبتتها المحكمة بمحضر الجلسة، وبما استخلصته مما قرره شاهدا المطعون عليها في التحقيق الذي أجرته محكمة أول درجة، وبما خلصت إليه في قولها "إن الخلاف قد احتدم بين الطرفين واتسعت هوة الخلاف بينهما وتعددت نواحي الخصومة أمام النيابة وأمام البوليس والقضاء، ولا شك أن هذا الحال ضرب من الإضرار الذي لا يستطاع معه دوام العشرة، وإذ كان هذا هو مقدار ما وصلت إليه العلاقة بين الزوجين فإن استدامة العشرة بينهما غير مستطاعه إذ أن الزوجة لا يمكن أن تسكن إليه بعد ذلك، ولا يمكن بعد هذا الشقاق المستمر والنزاع المستحكم أن تقوم بينهما علاقة زوجية صالحة يرجى منها خير، ومن الخير في مثل هذه الحال فصم عرى الزوجية قطعاً لدابر ما قد يقوم بين الزوجين من شرور وتعد للحدود مما يتعذر معه بل قد يستحيل إصلاحه". ولما كانت هذه الأدلة التي أوردها الحكم سائغة ومما يستقل بتقديره قاضي الموضوع وتكفي لحمل الحكم في قضائه، وكان للمحكمة الاستئنافية أن تستخلص من أقوال الشهود ما تطمئن إليه ولو كان مخالفاً لما استخلصته محكمة الدرجة الأولى التي سمعتهم، لما كان ذلك فإن هذا النعي يكون على غير أساس ويتعين رفضه.
وحيث إن السبب الأول يتحصل في مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ في تطبيقه، ويقول الطاعن في بيان ذلك إن الحكم استند في قضائه بتطليق المطعون عليها إلى شك الطاعن في زوجته لاتصالها بابن عمها وتردده عليها في منزل الزوجية دون إذن الزوج وفي غيبته وأن هذا أمر أشد إيلاماً للزوجة من وقوع الأذى بالضرب، في حين أن شك الزوج في زوجته لعلاقتها بابن عمها لا يعتبر ضرراً يجيز تطليقها طبقاً لما تنص عليه المادة السادسة من القانون رقم 25 لسنة 1929، لأن تردد ابن العم على ابنة عمه في منزل زوجها دون إذنه هو أمر منهي عنه شرعاً.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان الحكم المطعون فيه إذ قضى بتطليق المطعون عليها من الطاعن أقام قضاءه على ثبوت الضرر الحاصل من الضرب والإيذاء، وكانت هذه الدعامة قد استقامت وتكفي وحدها لحمل الحكم وذلك على ما سلف بيانه في الرد على السبب الثاني والثالث، فإن النعي على الحكم فيما أورده من أن شك الزوج في زوجته لعلاقتها بابن عمها يعتبر ضرراً يجيز تطليقها، هذا النعي على فرض صحته يكون غير منتج.
وحيث إن حاصل السبب الرابع مخالفة الحكم المطعون فيه لحكم سابق حائز لقوة الأمر المقضي فيه صدر بين الخصوم أنفسهم، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه سبق أن رفع الدعوى رقم 1065 سنة 1964 بندر طنطا للأحوال الشخصية ضد المطعون عليها بطلب الحكم عليها بدخولها في طاعته، وقضى فيها لصالحه وأصبح هذا الحكم نهائياً، وهو يحوز قوة الأمر المقضي في دعوى الطلاق، إذ لا يحكم بدخول الزوجة في طاعة زوجها إلا إذا ثبتت للمحكمة أمانته عليها وعدم الإضرار بها، وإذ قضى الحكم المطعون فيه بتطليق المطعون عليها استناداً إلى أن الطاعن غير أمين عليها وضار بها، فإنه يكون قد فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر صدر بين الخصوم أنفسهم حائز قوة الشيء المحكوم به وهو ما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن دعوى الطاعة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تختلف في موضوعها وفي سببها عن دعوى التطليق للضرر، إذ تقوم الأولى على الهجر وإخلال الزوجة بواجب الإقامة المشتركة والقرار في منزل الزوجية، بينما تقوم الثانية على ادعاء الزوجة إضرار الزوج بها لما لا يستطاع معه دوام العشرة، ومن ثم فإن الحكم الصادر في دعوى الطاعة لا يمنع من دعوى التطليق وجواز نظرها لاختلاف المناط في كل منهما، لما كان ذلك فإن هذا النعي يكون في غير محله ويتعين رفضه.
وحيث إنه لكل ما تقدم يتعين رفض الطعن.


 (1) نقض 29/ 3/ 1967 مجموعة المكتب الفني السنة 18 ص 697.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق