الصفحات

الثلاثاء، 28 فبراير 2023

الطعن 345 لسنة 20 ق جلسة 24/ 4/ 1950 مكتب فني 1 ق 175 ص 536

جلسة 24 من ابريل سنة 1950

برياسة حضرة صاحب السعادة أحمد محمد حسن باشا رئيس المحكمة وحضور حضرات أصحاب العزة: أحمد فهمي إبراهيم بك وكيل المحكمة وأحمد حسني بك وفهيم عوض بك ومحمد غنيم بك المستشارين.

----------------

(175)
القضية رقم 345 سنة 20 القضائية

إثبات. 

شهود نفي. للمحكمة ما دامت ترى لزوما لسماعهم ومناقشتهم في أقوالهم بالتحقيقات أن تستدعيهم يقطع النظر عن إعلان المتهم إياهم أو تمسكه بحضورهم. قضاؤها في الدعوى دون سماعهم. خطأ.

--------------
إذا كانت المحكمة قد أوردت في أسباب الحكم من أقوال شهود النفي الذي استشهد بهم في التحقيقات ما يفيد أنها لم تكن قد أتمت تكوين عقيدتها في الدعوى، وأن الواقعة لم تكن قد وضحت لديها وضوحا كافيا، بل كانت في حاجة إلى أن تستزيد من الأدلة حتى تقول كلمتها فيها، وأنه لم يمنعها من ذلك سوى أن المتهم لم يقم بإعلان شهود النفي حتى تتمكن من المناقشة التي تطمئن إليها، ومع ذلك أدانت المتهم فإنها تكون قد خالفت القانون، إذ للقاضي الجنائي بمقتضى المادة 46 من قانون تشكيل محاكم الجنايات أن يستدعي ويسمع قول أي شخص يرى لزوما لسماع أقواله ليكشف وجه الحق في الدعوى، بقطع النظر عن إعلانه بمعرفة من يرى المصلحة في حضوره أو عدم إعلانه، وبقطع النظر عن التمسك بطلبه أو عدم التمسك به. ولا يؤثر في ذلك النظر ما يكون قد استطردت إليه المحكمة من الحكم على الشهادة كما هي واردة بالتحقيقات ما دامت هي قد أوردت في حكمها عن مناقشة شهود النفي ما ذكرته عن تبين الحقيقة والاطمئنان إليها مما قد يفيد احتمال تغيير رأيها في حالة سماعها إياهم.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين المذكورين بأنهم شرعوا في قتل عبد الحميد إسماعيل ناصر ومحمود إبراهيم أحمد مع سبق الإصرار والترصد بأن أجمعوا أمرهم وعقدوا العزم على قتلهما وأعدوا عدتهم فحملوا بنادق محشوة بالرصاص وتربصوا للمجني عليهما ولما مرا بهم أطلق المتهمون النار عليهما قاصدين قتلهما فأصاب المتهم الأول المجني عليه الأول بالإصابات المبينة بالتقرير الطبي وقد خاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادة المتهمين فيه وهو إسعاف المجني عليه الأول بالعلاج وعدم إحكام الرماية بالنسبة للمجني عليه الثاني.
وطلبت من قاضي الإحالة إحالتهم إلى محكمة الجنايات لمعاقبتهم بالمواد 45، 46، 230، 231، 232 من قانون العقوبات.
فقرر بتاريخ 13/1/1948 إحالتهم إليها لمعاقبتهم طبقا للمواد سالفة الذكر.
وقد ادعى عبد الحميد إسماعيل ناصر بحق مدني قدره 100 جنيه على سبيل التعويض قبل المتهمين.
سمعت محكمة جنايات أسيوط هذه الدعوى وقضت فيها حضوريا عملا بمواد الاتهام بالنسبة لتهمة الشروع في قتل عبد الحميد إسماعيل ناصر والمادة 50/2 من قانون تشكيل محاكم الجنايات بالنسبة لتهمة الشروع في قتل محمود إبراهيم أحمد (أولا) بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنين عن تهمة الشروع في قتل عبد الحميد إسماعيل ناصر عمدا مع سبق الإصرار والترصد (ثانيا) بتبرئة المتهمين من تهمة الشروع في قتل محمود إبراهيم أحمد عمدا (ثالثا) بإلزام المتهمين المذكورين متضامنين بأن يدفعوا للمدعي بالحق المدني عبد الحميد إسماعيل ناصر على سبيل التعويض مبلغ مائة جنيه مصري والمصروفات المدنية و50 قرش مقابل أتعاب المحاماة.
فطعن المحكوم عليهم في هذا الحكم بطريق النقض في أول فبراير سنة 1950 الخ.


المحكمة

وحيث إن وجه الطعن يتلخص في أن المحكمة حين التفتت عن شهود النفي بمقولة إن الطاعنين لم يقوموا بإعلانهم حتى كانت تتولى مناقشتهم المناقشة التي تطمئن إليها في ظهور الحقيقة تكون قد أفسدت منطق الاستدلال في قضائها، لأن ما ذكرته لا يستند إلى أساس من القانون، كما أنه لا يصححه ما استطردت إليه عن تكذيب هؤلاء الشهود، لأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة متكاتفة تسقط كلها إذا ما سقط أحدها، ولا يرد على هذا الأمر أن الشهود شهود نفي، إذ أن للقاضي الهيمنة على أدلة الدعوى كافة وكل ما يفيد في كشف حقيقتها، فله أن يستدعي أي شخص يرى لزوما لسماع أقواله بغض النظر عما إذا كان هذا الشخص من شهود الإثبات أو شهود النفي مادامت أقواله تتصل بكشف الحقيقة سواء من ناحية الإدانة أو من ناحية البراءة، وبغض النظر أيضا عن مسلك المتهم نفسه في دفاعه، سواء أقام بإعلان هذا الشاهد أم لم يقم. وإنه وإن أوجب القانون على المتهم إعلان شهوده إن رأى له مصلحة في سماعهم إلا أن ذلك ليس معناه أن المحكمة في حل من صرف النظر عن سماعهم إذا شاطرت الدفاع رأيه في فائدة ذلك لكشف الحقيقة في الدعوى، أما إذا كانت لم تشاطره الرأي فأنها تكون على حق إذا هي أغفلته والتفتت عنه، ويقول الطاعنون إن المحكمة إذ التفتت عن سماع شهود النفي ودانتهم للأسباب السالفة الإشارة إليها قد جاء حكمها معيبا متعينا نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه إذ تعرض لدفاع الطاعنين قد قال في ذلك: "إن المتهمين أنكروا التهمة وادعى كل منهم إنه كان متغيبا عن البلدة في وقت الحادثة وأشهد شهود نفي صادقوه في التحقيقات عدا أحمد مرعي الشاهد الثالث... وإنه بما أن المحكمة لا تعول على أقوال من صادق المتهمين من شهود النفي لأن المتهمين لم يعلنوهم كشهود نفي حتى تتمكن المحكمة من مناقشتهم المناقشة التي تطمئن إليها من استظهار الحقيقة ولأن معظمهم يمت إلى المتهمين بصلة قربى أو مصلحة وكان من الميسور للمتهمين في فترة اختفائهم بعد الحادث أن يدبر كل منهم لنفسه دفاعا مهد له الشهود اللازمين سيما وأن أقوال المجني عليه وشاهد الرؤية قد أيدها الطبيب الكشاف والطبيب الشرعي..." ولما كان ما أوردته المحكمة في مطلع الأسباب عن شهود النفي يفيد أنها لم تكن قد أتمت تكوين عقيدتها في الدعوى ولم تكن الواقعة قد وضحت لديها وضوحا كافيا بل كانت في حاجة إلى أن تستزيد من الأدلة حتى تقول كلمتها فيها، وأنه لم يمنعها منه سوى أن الطاعنين لم يقوموا بإعلانهم كشهود نفي حتى تتمكن عندها من المناقشة التي تطمئن إليها- لما كان الأمر كذلك وكان للقاضي الجنائي بمقتضى المادة 46 من قانون تشكيل محاكم الجنايات أن يستدعي ويسمع قول أي شخص يرى لزوما لسماع أقواله ليكشف وجه الحق في الدعوى، وذلك بقطع النظر عن إعلانه بمعرفة من يرى المصلحة في حضوره أو عدم إعلانه، وبقطع النظر عن التمسك بطلبه أو عدم التمسك به، فإن المحكمة إذ تركت ذلك وقضت بالإدانة تكون قد خالفت القانون، ولا يؤثر في هذا النظر ما استطردت إليه بعدها من الحكم على الشهادة كما وردت بالتحقيقات ما دامت هي قد أوردت في حكمها عن مناقشة شهود النفي ما ذكرته عن تبين الحقيقة والاطمئنان إليها مما قد يفيد احتمال تغيير رأيها في حالة سماعها إياهم.
وحيث إنه لما تقدم يتعين قبول الطعن ونقض الحكم المطعون فيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق